كوني أنت
اسمها «أنتِ ايتها المرأة اينما كنتِ.. اشرقي بروحك على احبابك لكن كوني انتِ».
(علي شريعتي)
ام عمار، دائما ما أطلب منهم مناداتها باسمها الأصلي، لكنهم تعودوا، وهي تعودت، إلى أن نسي الناس، وربما هي أيضا، اسمها الحقيقي، وأصبح اسم ابنها هو اسمها.
حال ام عمار هي حال معظم نساء العرب، فالمرأة قبل الزواج تكون إما بنت فلان أو أخت فلان، أمّا بعد الزواج فهي زوجة فلان، وبعد الإنجاب هي أمّ فلان. يحشرون المرأة دائما تحت ظل رجل ما، ويمنعونها من أن تكون كما خلقها ربها كائنا بشريا مستقلا.
في بعض المجتمعات يعتبر اسم الأم، الأخت، الزوجة، من الأمور الخاصة جداً، ومن المعيب التصريح بها علناً، فتجدهم يستعملون كلمات مبهمة للإشارة لهن كـ«الأهل» «العائلة» «العيال». تفتح جريدة فتجد صفحة لحفل زفاف، وصور العريس تزين صدر الصفحة يكتب تحتها اسمه واسم أبيه وجده وجد جده، وقد عقد قرانه على «كريمة» احدى الأسر..! تصلك بطاقة دعوة، فتجدها إما باسم «السيد فلان وحرمه»، أو إن كانت دعوة نسائية فقط فتكون باسم «حرم فلان الفلاني». تخرج امرأة تريد أن تفتخر بنفسها فتقول أنا بنت فلان، أو زوجة فلان، أو أم فلان.
طيب ما مشكلة الفلانة نفسها؟ لماذا عليها أن تتباهى بغيرها من «الذكور»؟ لماذا الاحتماء بظل الرجل لتكوني؟ المرأة العربية تفقد اسمها ومعه شخصيتها وروحها، وتقبل بمنتهى السهولة أن تكون ظلاً، وقد آن الأوان ان نعي وننشر الوعي، فالمرأة ليست من «أملاك» الرجل، ولا هي من «حريمه»، وصلتها به لا تحدد قيمتها سلبا أو إيجابا. هي كائن بشري مستقل كامل واعٍ قادر.. وله اسم ينادى به.
يضحكني الشخص الذي يريد أن يمدح امرأة فلا يجد وصفاً يعلي شأنها وقيمتها إلا قول «أخت رجال» أو «بنت أبوها». أفهم تماما ان كل قصده المدح، لكن الذي لا أفهمه هو من قرر أن الذكورة مقياس جودة وعليها نقيس باقي الكائنات؟
إن مناداة الشخص باسمه به خاصية حميمة، يحرك داخل الإنسان شيئا جميلا. فعندما ينادي أحد بحروف اسمك الصريح تشعر انك مميز، خاصة عند المنادي.
أما أم عمار، التي حكيت لكم عنها في بداية المقال، فهي سيدة «زي القمر»، واسمها الحقيقي هو بالفعل «قمر»، فهل أجمل من ان تنادى أنثى باسم قمر؟ هو الحال نفسه مع أم بدر، التي هي في الأصل سعاد، وأم خالد واسمها خديجة، وأم سعود هي فاطمة، وأم فهد هي دلع!
***
اليوم أول أيام العام الجديد، أعاده الله عليكم بالخير والصحة والحب والسلام.
دلع المفتي
نشر في 01/01/2015
http://www.alqabas.com.kw/node/924602
(علي شريعتي)
ام عمار، دائما ما أطلب منهم مناداتها باسمها الأصلي، لكنهم تعودوا، وهي تعودت، إلى أن نسي الناس، وربما هي أيضا، اسمها الحقيقي، وأصبح اسم ابنها هو اسمها.
حال ام عمار هي حال معظم نساء العرب، فالمرأة قبل الزواج تكون إما بنت فلان أو أخت فلان، أمّا بعد الزواج فهي زوجة فلان، وبعد الإنجاب هي أمّ فلان. يحشرون المرأة دائما تحت ظل رجل ما، ويمنعونها من أن تكون كما خلقها ربها كائنا بشريا مستقلا.
في بعض المجتمعات يعتبر اسم الأم، الأخت، الزوجة، من الأمور الخاصة جداً، ومن المعيب التصريح بها علناً، فتجدهم يستعملون كلمات مبهمة للإشارة لهن كـ«الأهل» «العائلة» «العيال». تفتح جريدة فتجد صفحة لحفل زفاف، وصور العريس تزين صدر الصفحة يكتب تحتها اسمه واسم أبيه وجده وجد جده، وقد عقد قرانه على «كريمة» احدى الأسر..! تصلك بطاقة دعوة، فتجدها إما باسم «السيد فلان وحرمه»، أو إن كانت دعوة نسائية فقط فتكون باسم «حرم فلان الفلاني». تخرج امرأة تريد أن تفتخر بنفسها فتقول أنا بنت فلان، أو زوجة فلان، أو أم فلان.
طيب ما مشكلة الفلانة نفسها؟ لماذا عليها أن تتباهى بغيرها من «الذكور»؟ لماذا الاحتماء بظل الرجل لتكوني؟ المرأة العربية تفقد اسمها ومعه شخصيتها وروحها، وتقبل بمنتهى السهولة أن تكون ظلاً، وقد آن الأوان ان نعي وننشر الوعي، فالمرأة ليست من «أملاك» الرجل، ولا هي من «حريمه»، وصلتها به لا تحدد قيمتها سلبا أو إيجابا. هي كائن بشري مستقل كامل واعٍ قادر.. وله اسم ينادى به.
يضحكني الشخص الذي يريد أن يمدح امرأة فلا يجد وصفاً يعلي شأنها وقيمتها إلا قول «أخت رجال» أو «بنت أبوها». أفهم تماما ان كل قصده المدح، لكن الذي لا أفهمه هو من قرر أن الذكورة مقياس جودة وعليها نقيس باقي الكائنات؟
إن مناداة الشخص باسمه به خاصية حميمة، يحرك داخل الإنسان شيئا جميلا. فعندما ينادي أحد بحروف اسمك الصريح تشعر انك مميز، خاصة عند المنادي.
أما أم عمار، التي حكيت لكم عنها في بداية المقال، فهي سيدة «زي القمر»، واسمها الحقيقي هو بالفعل «قمر»، فهل أجمل من ان تنادى أنثى باسم قمر؟ هو الحال نفسه مع أم بدر، التي هي في الأصل سعاد، وأم خالد واسمها خديجة، وأم سعود هي فاطمة، وأم فهد هي دلع!
***
اليوم أول أيام العام الجديد، أعاده الله عليكم بالخير والصحة والحب والسلام.
دلع المفتي
نشر في 01/01/2015
http://www.alqabas.com.kw/node/924602
Published on December 31, 2014 13:12
No comments have been added yet.
لكلٍ هويته
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
- دلع المفتي's profile
- 138 followers

