لغة الأشياء / رائحة التانغو

| باسمة العنزي |


المتابع لعامود الزميلة دلع المفتي في الزميلة «القبس» بامكانه تكوين فكرة واضحة عنها، فهي شخصية جريئة... صريحة... ساخرة، مقالاتها من النوع الذي له صوت! يقرأ وفي الخلفية صوت دلع بنبرة انفعال معينة، تتحدث من قلبها فتصل كلماتها لقارئ يجزم أنه يعرفها حق المعرفة.

في روايتها (رائحة التانغو) الصادرة حديثا عن (دار مدارك) تمارس دلع نفس تكنيكها في كتابة المقال، لغة سهلة ومباشرة، مفعمة بالمشاعر الحية، شخصية جريئة لا تعرف أنصاف الحلول، ولسعات نقد للمجتمع في أكثر من موضع.

البطلة «زهرة» امرأة دموعها حارة، زوجة تعاني من جفاء وتعالي الزوج، أم لولدين تفتقدهما حيث يدرسان في الخارج، مختلفة بتحررها عن وسطها العائلي المتشدد، مكسورة وصلبة في الوقت نفسه، تقرر أن تنتقم من زوجها الذي يحتقر كل ما هو عربي، وفي طريقها لبث شيء من النكهة الجديدة لحياتها وانعاش روحها الآخذة في الشحوب، تكتشف ذاتها وحقيقة «عادل» المفجعة، فالزوج بارد المشاعر المنفصل عن عروبته، مساهم في انتزاع الحياة من أرواح أخرى.

الرواية حفلت بالتفاصيل النسوية، من أزياء وطهي وحفلات، ومشاعر مرهفة لامرأة جميلة وواعية تمر بأزمة منتصف العمر، نجحت الرواية في نقل نمط حياة «الطبقة المخملية» بمقاربات ذكية تم توظيفها لصالح العمل.

تعددت الشخصيات في العمل إلا أن الأكثر رسوخا بالنسبة لي كقارئة البطلة «زهرة» وزوجها «عادل» والطفل السوري «علي» شخصيات نجحت الكاتبة في ايصالها للمتلقي بأقل قدر من الشرح. الشخصيات الأخرى بدت هامشية، صديقات البطلة لم يضفن للسرد، وجدتهن متشابهات، كأنهن وصيفات لها خاصة في مشهد العرس الكويتي في بيروت.

الرواية تستند على جرأة استحضار الواقع الاجتماعي المحلي ونقده، لكن لأن المواضيع كثيرة ومتشعبة وجدت أن الكاتبة تناولت الكثير منها دفعة واحدة، وهو أمر أبعدها عن التركيز، فبدت الرواية وكأنها استعراض بانورامي لمشاكل المجتمع خاصة المستتر منها تحت غلالة النخبوية. عبر طرح نموذجي «عادل» التاجر، والكاتب المعروف «خليفة أحمد». الجناة كانوا جميعا رجالا بينما بدت النساء داخل مربع الضحية!

الرواية مشوقة جدا بخط أحداث متصاعد ووتيرة سريعة، بعض المشاهد مؤثرة خاصة تجوال «زهرة» فجرا مع «علي» عند شاطئ البحر في بيروت، النهاية غير متوقعة وفيها اشارة قاتمة لموت الخير والبراءة في عالمنا الضاج بالعنف والقسوة.


نشر في 12/01/2015
http://www.alraimedia.com/Articles.as...
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 12, 2015 03:10
No comments have been added yet.


لكلٍ هويته

دلع المفتي
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
Follow دلع المفتي's blog with rss.