المستشار القاضي حسن إسماعيل الهضيبي هو المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمون ويصفه أعضاء الجماعة الذين عاصروه والذين لحقوه بأنه المرشد الممتحن نظرا لأنه تولي إرشاد الجماعة في أثناء فترة الخلاف مع رجال الثورة وعلي رأسهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهي الفترة التي قتل فيها مئات من شباب الإخوان في معتقلات الواحات والسجن الحربي من جراء التعذيب حيث كان النظام يأمل في ذلك الوقت أن يصفي جماعة الإخوان المسلمين بالقوة.
من الكتب المهمة في تاريخ الحركة الاسلامية في مصر في فترة المعترك الاسلامي و الامال الاسلامية الثورية التي تنافست فيها التيارات الاسلامية. اتت تلك الفترة بعد انحسار التيار الناصري من السلطة و تشجيع النظام السياسي للتيار الاسلامي. و مع خلفية الهزيمة القاسية في 67 كان طبيعيا جدا ان يعزو الناس فشلهم الي الابتعاد عن سبيل الله و انتشار الضلال.
و بادرت الجماعات الاسلامية في تحليل المجتمع و معرفة اسباب الخلل فيه و انتهي كثير منها الي تكفير النظام ومؤسساته و تكفير المجتمع بالجملة وان نطقوا بالشهادتين و ادوا الفرائض فهناك كما يقولون فريضة غائبة و شريعة لا تطبق و حكم للطاغوت وجب ازالته
في هذا الجو المخيف كانت جماعة الاخوان تفقد شعبيتها وسط الجماهير البسيطة التي عادة تتبع صاحب الصوت الاعلي , و كان كثيرون من داخل الجماعة في حوار مع الشباب الثائر من الجماعات الاسلامية و كان الكثير من داخل الجماعة متعاطف او متأثر او ساخط علي التزام موقف الجماعة بالإصلاح
اتي كتاب حسن الهضيبي ليفند حجج المزايدين و يرد الشباب الثائر (من داخل الجماعة خاصة) الي رشدهم و يرسم الطريق للجماعة
اري انه احد الكتب المهمة و خطوة جيدة من جماعة الاخوان المسلمين لتقبل فكر الاخر و الحوار معه. المشكلة في رأيي ان جماعة الاخوان عبارة عن تيار عريض يضم الوان مختلفة من الافكار تتباين علي مدي الطيف من الثورة و حاكمية الله الي الاصلاح و حتي الشكل الليبرالي
القيمة الحقيقية للكتاب تكمن في الموقف الذي يحدده للإخوان و يميزها عن غيرها من الجماعات في حين ان محتوي الكتاب محتوي (تقني) و ليس سياسي اتت كمجموعة من الابحاث تصب في الجدل الدائر وقتها (والان) حول نقاط الخلاف
ارهقني هذا الكتاب بشده لا ادري هل لسوء حال النسخه التي كنت أقرأ منها ام ان السبب هو أسلوب الكاتب ..اعتقد ان السبب هو الاثنان معا الكاتب يقدم الفكر الوسطي والنظره المعتدله للدين ويرد علي بعض الافكار المبنيه علي كلام الامام المودودي وغيره واهم هذه الافكار مثلا ان من نطق الشهادتين في عصرنا هذا ليس بالضروره مسلم وانه يجب ان يعمل بهما وان يكون مدركا لمعاني الالفاظ تمام الادراك ان المسلم يكفر ويخرج من المله بارتكابه بعض المعاصي وغيرها من مثل هذه الافكار الشائعه عند الكثيرين استوقفني الحديث عن حرمه دم المسلم لعل اكثر مااستوقفني فيه هو ربطي بما يحدث الان واستهانه البعض بهذه الحرمه العظيمه ثم يتحدث عن موضوع الكفر والايمان وهل هم درجات وهل من لم يحكم بم انزل الله هو كافر لفظ الحاكميه هل له اثر في الكتاب والسنه هل لم يقبل الرسول عليه الصلاه والسلام ايمان من يأتيه مؤمنا قبل ان يتأكد من انه مدرك لمعني الشهادتين الكتاب من وجهه نظري يضاد ويعاكس كتاب معالم في الطريق لسيد قطب ...اختلاف وتباين واضح جدا في نوعيه الافكار هنا وهنا الغريب ان هناك اشخاصا يستخدمون الكتابين لخدمه ارائهم وتوجهاتهم ولكن حسب الحال ان كان في موقف الضعيف اظهر كتاب دعاه لا قضاه وان كان قويا متمكنا ظهرت افكار سيد قطب جليه واضحه...فهل هو مقتنع بالشئ وعكسه في نفس اللحظه؟ام ان الافكار بالنسبه له هي مطيه يمتطيها ليصل الي مبتغاه؟اعتقد ان الاجابه واضحه
كتاب عظيم .. كامل متكامل بكل ما تحتويه الكلمة من معنى .. يرد شبهات التكفير ودعاوِ خوارج هذا الزمان ... ويعرض الفكرة الإسلامية نقية غير مشوبة صريحة صحيحة سليمة بلسان القوة والحكمة والبيان الفصيح بلا ارتياب ولا مواربة ولا استخفاء من أحد وبلا تخوُّفٍ من أحد
أرى -عكس ما أُشيع- أن هذا الكتاب يُكمِل منهج سيد قطب بشكل عظيم .. بل ويتطابقان في الأصل إلا أن أسلوب العرض اختلف .. سيد قطب هاجم فكرة التكفير بشدة في كتابه (لماذا أعدموني؟) وعرض فكرة الدولة الإسلامية والمنهج الإسلامي في (معالم على الطريق) .. و(دُعاة لا قُضاة) هو المزيج بين الاثنين بالإضافة إلى مناقشة قائمة على الحجة الشرعية والدليل والمنطق مستندًا إلى مصادر التشريع من قرآن وسنة وإجماع
هاكم بعض المقتطفات الطوال من الكتاب والتي أظن أنها تلخص محتوى الكتاب:
- ونحن نقول بما أجمع عليه المسلمون مِنْ أنَّ مَنْ اعتقد – بعد أن بلغه الحق وقامت عليه الحجة – أن شخصًا ما أو هيئة ما أو جماعة ما، أو كائنًا من كان له الحق أن يحل ما حرم الله وثبت حكم تحريمه الأبدي بانقطاع الوحي بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، أو ويحرم ما أحله الله وثبت حكم حله الأبدي الوحي ووفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، أو يحد حدًا لم يكن واجبًا حين موته عليه الصلاة والسلام، أو يشرع شريعة لم تكن في حياته عليه الصلاة والسلام – من اعتقد ذلك بعد أن بلغه الحق وقامت عليه الحجة، ولم يكن متأولاً لنص من كتاب الله أو من سنة رسوله عليه الصلاة والسلام: فهو كافر مشرك خارج عن الإسلام ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ﴾ (الشورى: من الآية 11).
- إلا أنه ينبغي التنبه الكامل للفرق بين تلك العقيدة الفاسدة التي توجب الشرك بالله تعالى، وبين جهل المرء بمجموع من الشرائع التي فرضها الله وعلمه ببعضها الآخر واعتقاده بناءً على ذلك أن شريعة الله تعالى تحكم جوانب محددة من حياته وأعماله وعلاقاته بالناس، وأن الله تعالى قد ترك له وللجماعة التي يعيش فيها حرية تنظيم باقي جوانب حياته وعلاقاته بغيره من الناس. فهذا الاعتقاد الأخير ليس فيه شبه الكفر والشرك بل هو قد يصدر عن معتقد بتوحيد الله عز وجل ووجوب طاعته، وصاحبه كما سبق أن قدمنا الدليل من كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام معذور بجهله لا هو وكافر ولا هو فاسق ولا هو عاصٍ.
-فالمعتقد أن بعض أحكام الشريعة مما يجوز أن يتغير أو يتبدل متأولاً في ذلك بعض النصوص ليس بكافر ولا مشرك، فهو لا يجعل نفسه ندًا لله تعالى، وإنما هو ويقول ويفعل ما يعتقد أن الله تعالى قد أباحه له وأذن فيه، وهو معذور بخطئه لقول الله تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ (الأحزاب: من الآية 5)، ولقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" [المحلى: جـ2 ص 334]، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "إذ اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد وأصاب فله أجران" [الأحكام: جـ8 ص 137]، وكل قائل في دين الله ممن تتوافر فيه شروط الاجتهاد حاكم في المسألة التي قال قوله فيها.
-وبدهي أنه لا يكون متأولاً من لا علم له بالشريعة ولا باللغة التي نزل بها القرآن فذلك إن قال في دين الله بجهله وهو عالم بجهله وأن لا قدرة له على فهم النصوص واستنباط الأحكام من مختلف الآيات والأحاديث، فإنه يكون خائضًا في دين الله بغير علم وقائلا على الله تعالى بما لا يعلم، مستخفًا بدين الله تعالى. وبدهي أيضًا أن التأويل الذي يعضر من قال به، ما يكون له وجه تسمح به لغة القرآن – وفيما هو خارج عما وقع فيه الإجماع وبات بعيدًا عن موضع الاجتهاد واحتمال الخطأ والتأويل. وهذا المتأول ينبغي إقامة الحجة عليه أولا وإظهار خطئه وإعلامه بالحق، فإذا قامت عليه الحجة اللائحة الظاهرة التي لا محل للجدل بعدها، فإن تمادى على معتقده فإنه يكون جاحدًا لما افترض الله تعالى عليه الإيمان به فهو كافر مشرك.
-والإجماع الذي لا شك فيه أيضًا المبني على نصوص ثابتة كقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به. ." إلخ.. إن من لم ينطق بالشهادتين ليس مسلمًا، وهو في هذه الدنيا في عداد الكافرين المشركين. أما المسلم – وكل من نطق بالشهادتين وقال إنه آمن بما جاء به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جملة وعلى الغيب، وبرئ من كل دين غير الإسلام فهو ومسلم، فهو إما مكلف أو غير مكلف. وغير المكلف، المجنون أو غير البالغ، مرفوعة عنه الأحكام. أما المكلف، فهو العاقل، ولابد للعاقل من قدر من الفهم والتمييز والعلم مهما قل، وعلى قدر فهمه وتميزه وعلمه يكون إدراكه لمعنى الشهادتين ومضمونهما، والنقص في فهمه معنى الشهادتين ومضمونهما لا يقدح في إسلامه ووجوب حرمة دمه وماله، وعلى القادرين تعليمه، فما أبلغ به من الحق وقامت عليه به الحجة وجب عليه اعتقاده، فإن عاند فهو مرتد كافر ومشرك، وهو قبل ذلك مسلم معصوم الدم والمال مهما اعتور فهمه معنى الشهادتين ومضمونهما من نقص بسب جهله أو بسبب خطئه في تفهم النصوص، وهو معذور بجهله وخطئه، وقد سبق إيضاح ذلك.
-وإذ كان المسلمون يتلون من القرآن الكريم قول الله عز وجلّ لرسوله ونبيه أكرم خلقه: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ﴾ (آل عمران: من الآية 128)، وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ (الكهف: من الآية 110)، فإنه لا يكون ثمة مجال لأن يختلط الأمر على إنسان ما فيظن في إمام المسلمين أن يكون سوى بشر كسائر البشر مثله مثلهم، مخلوق عادي كسائر خلق الله، مأمور بما أمر الله به كافة عباده، متوعَّد بما توعد الله به كافة عباده إن عصوا، وموعود بما وعد اله به كافة عباده إن أطاعوا، لا يتميز عن أحد غيره من سائر البشر على اختلاف أجناسهم إلا بما يجوز أن يتميز به غيره من سائر البشر من كرامة عند الله لا على الناس، لمن وفق للطاعة والشكر ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13). وإذ هذه صفة إمام المسلمين وأنه بشر محض بشر. وإذ ليس بعد المعصوم عليه الصلاة والسلام معصوم. فإن احتمالات انحراف إمام المسلمين قائمة كاحتمالات استقامته ولا فرق. وإذ ليس الغرض من إقامة الإمام إلا الذود عن الدين وتنفيذ أحكام الشريعة، فليس من المستغرب إذن أن تجد جميع النصوص تقريبًا الآمرة بالسمع والطاعة قد تضمنت النص الصريح والبيان الواضح الذي لا شبهة ولا إشكال فيه على أن السمع والطاعة إنما هما في المعروف وأنه لا سمع ولا طاعة في معصية، وأوجب على الإمام والرعية أن يردا الأمر دائمًا وعند وقوع التنازع بينهما أن يتحاكما شأنهما شأن غيرهما إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ويسلما بما قضى به عليه السلام تسليمًا، وطاعة الله ورسوله وتنفيذ ما أمر به مفروضة على الراعي والرعية على سواء وبلا أدنى تمييز، قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾ (النساء: من الآية 59)، ثم وصل قوله هذا بقوله: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ﴾ (النساء: من الآية 59)، وبقدر ما حذرنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ من الخروج عن الطاعة فقد حذرنا من الطاعة في المعصية قال عليه الصلاة والسلام: "لا طاعة لبشر في معصية الله" [أخرجه مسلم المحلى: جـ9 ص361]، كما قال عليه الصلاة والسلام: "من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية" [أخرجه مسلم]، وقال عليه الصلاة والسلام أيضًا: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" [رواه أبو داود المحلى: جـ9 ص361]، وأيضًا قال: "السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" [رواه البخاري المحلى: جـ7 ص292].
-وقال بعضهم إن في القيام إباحة الحريم وسفك الدماء وأخذ الأموال وهتك الأستار وانتشار الأمر، فقال لهم الآخرون: كلا لأنه لا يحل لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن يهتك حريمًا، ولا أن يأخذ مالاً بغير حق ولا أن يتعرض لمن لا يقاتله فإن فعل شيئًا من هذا فهو الذي ينبغي أن يُغَيَّر عليه،ن إما قتله أهل المنكر قَلُّوا أو كثروا، فهو فرض عليه، ولو كان خوف ما ذكروا مانعًا من تغيير المنكر، ومن الأمر بالمعروف لكان هذا بعينه مانعًا من جهاد أهل الحرب، وهذا ما لا يقوله مسلم. والواجب أن دفع شيء من الجور، وإن قل، أن يُكَلَّم الإمام في ذلك ويمنع منه، فإن امتنع وراجع الحق وأضعن للقَوَدْ من البشرة أو من الأعضاء ولإقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه فقد نفذ أمر الله، وامتثل لحكمه تعالى، فإن امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه، وجب خلعه وإقامة غيره ممن يقوم بالحق، لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: من الآية 2)، ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرع وبالله تعالى التوفيق" انتهى.
- وقلنا إنه لا يجوز أن نطلق اسم الكفر أو الشرك على من ليست هذه صفته في دين الله كما لا يجوز أن نطلق اسم الإيمان أو الإسلام على من ليست هذه صفته في شريعة الله تعالى. وأوضحنا أن هذه معانٍ شرعية يلزمنا الوقوف عندها واعتقادها والعمل بها، وإلا حرفنا الكلام عن مواضعه، وابتدعنا أسماء وصفات ما أنزل الله بها من سلطان.
عنوان الكتاب وفكرته بالأساس مهمّان جدًا في عصرنا، ولكنه لا يتناول مهارات الدعوة أو شروطها كما قد يتوقع البعض، بل يركّز على نقد ظاهرة موجودة في بعض الأوساط الدعوية، حيث تحوّلت مناصب الدعوة إلى منصات للحكم على الناس بالكفر أو البدعة أو الفسق او المعاصي، بدل أن تكون منصات لنصحهم ودعوتهم.
أعجبني في بدايته اعتراضه على تقسيم التوحيد إلى “ألوهية” و”ربوبية”، وأرى أن هذا التقسيم كان سببًا في تكفير كثير من المسلمين في عصرنا. وهنا اشير الي كتاب “بيان خطأ التقسيم الثلاثي للتوحيد” لعمر كامل، الذي يعالج نفس الفكرة. وأرى من المهم أن يطّلع الدعاة على هذه الإشكاليات في الخطاب المنتشر، لا أن يترك الأمر مقتصرًا على علماء الأزهر أو المتخصصين في الرواقات.
أعجبني تركيزه على أن الإيمان والاعتقاد هو الأصل، وأن العمل تابع له، مستشهدًا بأمثلة مثل الإكراه، والجهل، والتأويل.. وبيّن أن مجرد الاعتقاد بحِلّ أمرٍ محرّم بالإجماع يُعد كفرًا ولو لم يقع الفعل، ما وضع العمل في حجمه الصحيح.
وتطرّق المؤلف أيضًا إلى مشكلة احتكار الحق، حيث يرى بعض من ينتقدهم أن فهمهم وحده هو الصواب، وأن مخالفيهم لم يفهموا الشرع، و يصل الأمر إلى التكفير مع إغلاق باب التأويل والخلاف الفقهي.
ومن الفصول المهمة – برأيي – ما ذكره في آخر الكتاب عن التعامل المباشر مع القرآن دون الرجوع للفقهاء والعلوم الشريعة لفهم الأحكام، وأرى أن كثيرًا من الملتزمين صاروا يستنبطون الأحكام بأنفسهم، مما أدّى إلى جرأة في تكفير الناس والحكم عليهم بالمعصية والبدعة بغير علم.
مع ذلك، وجدت أن الكاتب منحاز بشدة إلى فكرة لزوم الانضمام لجماعة أو عمل دعوي كالتزام شرعي، وأنا أوافقه على أهمية الجماعات الدعوية وتعددها، لكن لا أرى أن هذا يصل إلى درجة اللزوم الشرعي.
ما لم يعجبني في الكتاب هو ضعف تنظيمه، وتكراره للأمثلة والأدلة حول نفس النقطة، وكثرة ردوده على نوايا كلام الآخرين لا عن ماصرحوا به، بالإضافة إلى استرساله في المواضيع وإعادتها بشكل زائد، وإن كان هذا قد يكون مبرَّرًا في زمنه لحاجة الناس للتفصيل
طيب، الكتاب خد مني وقت طويل نسبياً، ولسه فاضل رد الهضيبي على التساؤلات على بحثه. مبدأياً معظم ما ذُكر في الكتاب كان مما أعتبره "بدهياً" في الفكر الإخواني على الأقل أو في الفكر الإسلامي كما عرفته، وحسيت إن فيه تكرار كتير. والفصول الأولى كان فيها تفصيل كتير مما يبيّن أن فيه فئات فعلاً كانت بتبالغ أو بتتطرف في استعمال المفردات دي (الشرك/الكفر/الردة/الجحود/النفاق/المعصية). ومعرفة نشأة الفئات دي غالباً هيكون محط بحثي التالي لأن يبدو أنها ظاهرة متأخرة عن حسن البنا على سبيل المثال. أكثر الفصول التي كنت أترقبها هي فصول الحاكمية، و"إن الحكمُ إلا لله"، والطاعة، والحكومة الإسلامية؛ ولكن لأصدق القول فبعض ما ذُكر ونُصَّ عليه في الكتاب كان مما يستحق الوقوف والاستعياب أن يصدر هذا من المرجعية العليا في حركة إسلامية كبيرة كالإخوان (مثل تعليقه على آية "ومن لم يحكم بما أنزل الله" التي يستمد منها الكثيرون دعواهم لوجوب "الحكم بالشريعة" أو الحكم الإسلامي"). والذي "يزن" في رأسي حالياً أنني لا أشعر أني بالفعل قد وقفتُ على معنى صلب لما يسمونه "الشريعة" فهي حتى الآن مجرد أحكام فقهية كالربا والزنا والخمر، فأتساءل: هل هناك شيء آخر؟ التساؤل الآخر الذي لديّ: هل يُعلم (أو كانَ يُعلِّم) الإخوان أو الإسلاميون ما نُشر في هذا الكتاب؟ هل لديهم وعي بما ذُكرَ فيه؟ أحسب أنه في مجمله الفكر الشائع لدى الإخوان لكن بعض النقاط كانت تستوجب التذكير بها! ويبدو لي أيضاً -والله أعلم- أن الكتاب لم يكن بالمقام الأول رداً على سيّد قطب بل رداً على الجماعات على شاكلة "التكفير والهجرة" ولأكن صادقاً فقد وقعت على العديد من كتابات من يدّعون رفضهم للعلمانية وقد كان في ما قالوا ما يردُّ عليهِ الهضيبي (مثل رفض البعض لوجود المؤسسات التشريعية وأن التشريع صفة خاصة بالله وحده، مما انبنى عليه حكمهم بأن ما يُدعى بمجلس الشعب أو الأمة شرك!). وأعتقد أن الخلاف بين الإخوان والسلفيين أو الجهاديين قد بدأ يتضح بالنسبة لي.
بشكل عام يغلب على الكتاب الأسلوب الحذر -كي لا أقول الملتوي-، ففي العديد من النقاط الشائكة كان يتجنب التصريح ويُسرد في التعريفات بشكل قد يبدو مملاً للوهلة الأولى، لكن أخذاً في الاعتبار ظروف الفترة التي كُتب فيها وأيضاً شخصية الهضيبي المعروفة بالمراوغة والحذر بصفته قانونياً فلا عجب. الأمر الذي يستوجب الذكر أيضاً أن الكتاب ليس اجتهاداً فقهياً بل هو أشبه بمسودة إعلان فكري، فهو إنما يبني على ما قد سلف، ويغيب عنه التنظير السياسي طبعاً.
في الغالب سيكون لي تعقيب بعد قراءة رد الهضيبي على التساؤلات على الكتاب.