طالما كانت حكايات الحب وشعر الغزل مقياساً للحضارة العربية في صعودها وهبوطها، والغزل تاج الشعر العربي وذروته، والعرب شعراء وعشاقاً، الرجل والمرأة، الكبير والصغير، الأمير والفقير، وهم أصحاب الحب العذري، وجنون الحب، والحب عن بعد، والحب من الصوت، والحب من طرف واحد...
وهذا الكتاب يروي أخبار العشاقين والمتمين العرب وحكاياهم وخبايا أفئدتهم الخافقة بمسرات الحب والحبيب حيناً، وبأشواق الملوعين الذين شطت بهم الديار وفارقهم الأحباب أحياناً أخرى حتى قضوا في نهاية الأمر وجداً وحسرات.
تحدث الكتاب عن الهائمون والمتيمون العرب ابتداءً من العصر الجاهلي إلى عصرنا الحديث ( والذي بدأ من مي زيادة وانتهى بأم كلثوم ).
الكتاب جيد ولكنه لم يشبع فضولي بسبب الإختصار الشديد بالقصص وهو ما استفزني كثيراً، فما ان تتهيأ لتعيش أحداث القصة تكتشف انها انتهت، لن يرضيك إن كنت تبحث عن التفاصيل والأحداث الكاملة.
في مواضع كثيرة اتجه لسيرة الشاعر أو الأديب الذاتيه أكثر من ما تطرق لموضوع الكتاب، وهو ما حدث غالباً في الفصل الأخير من الكتاب.
اعتمد على النقل والإقتباس كثيراً دون الإلتفات للشرح خصوصاً بالجزء الذي يسبق العصر الحديث والذي يمثل غالبية الكتاب، فهناك العديد من المعاني والقصص التي قد تخفى بعض جزئياتها للقاريء نظراً لإختلاف الزمان وصعوبة المفردات.
النقطة الإيجابية والتي تحتسب للكاتب هي الأشعار التي اقتبسها للشعراء فلم يكتفي بسرد قصصهم بل اقتبس بعضاً مما قالوه في محبوباتهم.
جميل وعميق وفاخر بإنتقائه القصص والأشعار.. ولغته بسيطة وفريدة بنفس الوقت. يخبرك إلى جانب قصص العشاق والمتيمين بملامح الدول الإسلامية السابقة وأسلوب حياتهم بشكل عام.
أسوأ الحكايات كانت قصص العصر الحديث. يبدو لي من وجهة نظري أنها راجعة لنمط العلاقات في العصر الحديث.. سريع و ممل وغير صادق وغير واضح في أحيان كثيرة.
أعترف أني كنت سابقا أنظر للعشاق نظرة استحقار و ازدراء إذا كيف يضيعون حياتهم بمثل هذه الترهات ! , لكني الآن و بعد قراءتي لهذا الكتاب و للفصول الأخيرة من كتاب الجواب الكافي لابن القيم أصبحت أنظر لهم نظرة شفقة على حالهم ! تحدث هذا الكتاب عن الداء و تحدث ابن القيم عن الدواء و وضع النقاط على الحروف , و توصلت إلى قناعة منصفة بشأنهم .. اممممم بعد أن أغلقت هذا الكتاب كنت أقول " الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به "