قسم المؤلف الكتاب الى عشرة كتب صغيرة الأول: كتاب السلطان، ويتناول: السلطان وسيرته وسياسته، واختيار العمال، وصحبة السلطان وآدابها، والمشاورة والرأي، والسر وكتمانه واعلانه، والكتابة والكتاب والأحكام والتلطف. وهذا الكتاب الجامع لشتى العلوم، أملته طبيعتان: طبيعة العصر وطبيعة المؤلف، فلقد كان العصر جامعا لعلوم مختلفة وثقافات متعددة، فاذا بذلك معترك يشارك فيه الكثير من مختلف الطبقات والثقافات والأجناس. ويعد «ابن قتيبة» في كتابه «عيون الاخبار» الاول من نوعه الذي التزم اسلوبا جديدا من حيث الاختيار، ثم التبويب ثم الترتيب، وكان صاحب رسالة في تأليفه هذا الكتاب، فلقد كان حريصا على ان يجمع للمتعلم المتأدب، هذا العلم وذاك الادب. والكتاب ثمرة جهد طويل، وحين اجتمعت له تلك الحصيلة الكبيرة من اخبار واشعار، اخذ في تقسيمها وتصنيفها، ليكون في اختياراته وتبويبه ثم بفهرسته، مبتدعا قريبا فيما ابتدع من اصحاب المدرسة الحديثة وبذلك يكون كتاب «عيون الاخبار» جامعا لقاح العقول، ونتاج افكار الحكماء ونبذة الاشياء وحيلة الادب. ثم هو قد اودعه كما يقول: طرقا من محاسن كلام الزهاد في الدنيا، كما انه لم يخل من نادرة طريفة، وفطنة لطيفة حتي لا يشعر القارئ بالتعب ويعرض عن الكتاب
أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدِّينورِي. عالم وفقيه وأديب وناقد ولغوي، موسوعيُّ المعرفة، ويعد من أعلام القرن الثالث للهجرة. ولد بالكوفة، ثم انتقل إلى بغداد، حيث استقر علماء البصرة والكوفة، فأخذ عنهم الحديث والتفسير والفقه واللغة والنحو والكلام والأدب والتاريخ، مثل أبي حاتم السجستاني وإسحاق بن راهويه وأبي الفضل الرياشي وأبي إسحاق الزيادي والقاضي يحيى ابن أكثم والجاحظ، ولهذا اعتبر ابن قتيبة إمام مدرسة بغدادية في النَّحو وفَّقت بين آراء المدرستين البصرية والكوفية. كما عاصر قوة الدولة العباسية، وصراع الثقافات العربية والفارسية والأجناس العربية وغير العربية، وما أسفر عنه من ظهور الحركة الشعوبية ومعاداة كل ما هو عربي. كما عاصر صعود الفكر الاعتزالي وسقوطه. فكان لكل ذلك تأثيره في معالم تفكيره، وتجديد موضوعات كتبه كما يظهر في مؤلفاته. اختير قاضيًا لمدينة الدينور، ومن ثم لقب بالدينوري. وفي عهد الخليفة المتوكل العباسي، الذي أزال هيمنة فكر المعتزلة، عاد ابن قتيبة إلى بغداد، وشهر قلمه وسخره لإعلاء السنة وتفنيد حجج خصومها، وبذلك استحق أن يقال: إنه في أهل السنة بمنزلة الجاحظ عند المعتزلة. وفي بغداد اشتغل بالتدريس، فتتلمذ عليه خلق كثيرون، رووا كتبه، ونقلوا إلينا علمه مثل: ابن درستويه، وعبد الرحمن السكري، وأحمد بن مروان المالكي، وأبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان وغيرهم. وأهل السنة يحبونه ويثنون عليه، ويعدونه إمامًا من أئمتهم كما فعل الخطيب البغدادي والحافظ الذهبي وابن تيمية. مؤلفاته متعددة، وتشمل موضوعاتها المعارف الدينية والتاريخية واللغوية والأدبية، ومن أشهر مؤلفاته: تأويل مشكل القرآن؛ تأويل مختلف الحديث؛ كتاب الاختلاف في اللفظ؛ الرد على الجهمية والمشبهة؛ كتاب الصيام؛ دلالة النبوة؛ إعراب القرآن؛ تفسير غريب القرآن. ومن كتبه في تاريخ العرب وحضارتهم، كتاب الأنواء؛ عيون الأخبار؛ الميسر والقداح؛ كتاب المعارف. ومن كتبه الأدبية واللغوية: أدب الكاتب؛ الشعر والشعراء؛ صناعة الكتابة؛ آلة الكاتب؛ المسائل والأجوبة؛ الألفاظ المغربة بالألفاظ المعربة؛ كتاب المعاني الكبير؛ عيون الشعر؛ كتاب التقفية وغيرها. ولتعدد اهتمامات ابن قتيبة وتنوع موضوعات كتبه، يُعدُّ عالمًا موسوعيًا، فهو العالم اللغوي الناقد المتكلم الفقيه النحوي. وتعود شهرته في التاريخ والأدب إلى كتابه الشعر والشعراء، وبوجه خاصّ إلى مقدمة هذا الكتاب، وما أثار فيها من قضايا نقدية.
الحمد للّه على نعمة التمام.. رحلة ماتعة -قاربت الشهرين- قضيتها مع هذا الكتاب العظيم، الذي يحكي طرفًا من أخبار العرب؛ أهل الفصاحة والبيان والظرف، في شتى مناحي الحياة.. هؤلاء القوم الذين كلما قرأت من أخبارهم؛ قلت: سبحان الله؛ معلّم الإنسان البيان!، وعرفت بعضًا من حكمة الله أن اختار هؤلاء القوم لحمل الرسالة.. فالحمد للّه على نعمة الإسلام، والحمد للّه على نعمة العربية.
أنهيت المجلد الأول منه.. كنزٌ عظيم لأهل الأدب! وقد رأيت أحد كبار العلم والثقافة في زماننا يوصي أهل الأدب بقراءة كتب ابن قتيبة والجاحظ من التراث والأدب القديم لما فيها من غزير الفوائد وجمّ المنافع. أخذته من مكتبة والدي، ولكن لم أجد إلا المجلد الأول منه؛ فطفقت أبحث عن المجلد الثاني في المنزل حتى يئست من العثور عليه وكِدت أنسى أمره .. إلى أن جاء يومٌ دخلت فيه إلى غرفة أخي الأكبر ووجدته بالصدفة معروضًا على الرفّ الوحيد في الغرفة وبجانبه بضعٌ من الكتب فتعجّبت؛ لأني أعرف بأن أخي ليس من أهل الكتب والقراءة، فما الذي جاء بهذا الكتاب الكبير الثقيل عنده !! أظن أنها "الموضة" التي درج عليها البعض في زمننا هذا بتزيين الغرف بواجهات الكتب والله المستعان :) .
هذا الكتاب له من اسمه نصيب :(عيون الأخبار) فهو عيونٌ تحدج كلَّ الأخبار الشاردة والواردة والمعروفة والخاملة في كل الفنون والمجالات فتدونها وتنشرها.. ما يميز هذا الكتاب هو التنوع بالمواضيع والأشخاص والأزمنة والعهود؛ فالأديب والمؤرخ والفقيه والنحوي والمحدث وغيرهم يستطيع الإفادة منه.. فائدته على الجميع عامة وعلى الأديب خاصة. ومن أراد أن يقتبس علمًا وحكمًا وفائدةً وفنًا أو أي حديث سيجد في هذا الكتاب ضالّته؛ بل سيتوه فيه أكثر؛ وسيتحيّر فيما يقتبس وفيما يحفظ؛ بحرٌ زاخر يفيض بالدرر والكنوز والجواهر؛ لن يعدم فيه الغوّاص خيرًا..
لن أطيل، الكتاب غنيٌ عن التعريف؛ لكن سأنوّه أمرًا فيما يتعلق بالأحاديث النبوية الواردة في الكتاب؛ فالكثير من هذه الأحاديث هي أحاديث ضعيفة، وبعضها أحاديث موقوفة هي بالأصل عن الصحابة، أو أحاديث مرويّة عن التابعين فرويت على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم-، والحقيقة أن كثرة الاحاديث الضعيفة في الكتاب أثار استغرابي! فمؤلف الكتاب ابن قتيبة -رحمه الله- يُعدّ عالمًا محدّثًا فقيهًا، وقد عاش في القرن الثالث الهجري..أي لم يتباعد زمنه عن زمان النبوة، فكيف يغشى الضعف الأحاديث التي يجريها في كتابه؟! فأدركت أنه لا علاقة لعلمه أو للقرن الذي وُجد فيه بوثوق الأحاديث أو ضعفها، وإنما الميزان والفيصل في هذا الأمر هو التحقق من الأحاديث وتتبعها، فقد يكون المؤلف-رحمه الله- يسمع بالحديث ولا يخطر على باله ضعفه أو كذبه.. ولا يخطر على بال أهل زمانه كذلك؛ لشهرته ربما أو لغير ذلك! ولكن حين جاء الإمام البخاري -رحمه الله- وتتبع الأحاديث النبوية وتحققها وانتقى صحيحها من ضعيفها ووضع كتابًا جامعًا للصحيح منها وعُرف هذا الكتاب يموثوقيته وصدقه؛ أصبح ذلك حجةً على أهل الحديث وعذرًا بعد بلاغ.. رغم أن ابن قتيبة عاش في قرن البخاري وتوفي بعده بعشرين عامًا إلا أن شهرة كتاب صحيح البخاري وموثوقيته لم تُعرف ربما إلا بعد ذلك الزمان بكثير .. وكذلك الأمر بالنسبة لباقي الأخبار الواردة في الكتاب؛ فليست كلها صحيحة ربما، ولكن أهمية صحتها بالطبع لا تُقارن بأهمية صحة أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
باختصار هو كتابٌ جميلٌ رائع لا تملّ من قراءته ولا تأنف من صحبته، ممتعٌ للروح مقومٌ للسان مريحٌ للقلوب والأفهام من وصَب الهمّ والألام.. من أراد الإمتاع والاعتبار فليلزم عيون الأخبار
كتاب هو أشبه بتذكرة سفر كونية زمنية، تحلّق بك في عوالم لم تكن لتعرف عنها،وتطوف بك إلى حيث تريد ومع من تريد..
في هذا الكتاب ستجالس الأمراء والوزراء والحكماء والرجال والنساء والحمقى والسفهاء والشعراء والأدباء والصالحين والأولياء..
كتابٌ ستضيف قراءته إلى عمرك ألف سنة، وألف فكرة، وألف قصيدة ، والف عبرة .. قسمه مؤلفه إلى فصول، فلا يكاد الملل يتسرب إلى قلبك حتى يبدأ فصل جديد مختلف ومميز و أخبار جديدة .. أنصح باقتنائه
كلما بدأت بكتابة بعض السطور أقوم بمسحها؛ ذلك لأنني رأيت بأنني لم أحسن ما كتبت بحق هذا الكتاب!
هو من روائع الأدب العربي وأكثرها تنوعا في موضوعاتها ، فقد تكلم الكاتب في الصداقة والمعاشرة، الحب والنساء، والآداب والاخلاق، الجاه والسلطان، الطعام والشراب، والسفر والترحال، العلم وأهله، الحرب ، الغضب والحلم، الجمال والقبح.... وغيرها الكثير .
فعند استذكار ما قرأت، وما حوى كل موضوع من هذه المواضيع من نكات وأمثال وحكم وشعر وطرفة... تجد نفسك عاجزا عن كتابة مراجعة لمثل هذا التنوع ... وفي كل موضوع منها.
ولكن على العموم لو سأل سائل عن هذا الكتاب لقلنا انه كتاب شامل، لا يحتاج إلى متخصص او لغوي لكي يعي ويستوعب ما فيه، بالإضافة إلى أنه حوى ما حوى من المواضيع بحيث أنك لو شعرت بملل في جانب ستجد نفسك متحمس في جانب آخر!
وستلاحظ مدى إطلاع الكاتب وسعة علمه ، فقد قرأ في كتب الفرس والهند الشيء الكثير، ونقل عنهم وعلق على أقوالهم وهو الذي يقول: " واعلم أنا لم نزل نتلقط هذه الأحاديث في الحداثة والاكتهال عمن هو فوقنا في السن والمعرفة، وعن جلسائنا وإخواننا، ومن كتب الأعاجم وسيرهم، وبلاغات الكتاب في فصول من كتبهم، وعمن هو دوننا غير مستنكفين أن نأخذ عن الحديث سناً لحداثته ولا عن الصغير قدراً لخساسته ولا عن الأمة الوَكْعَاء لجهلها فضلاً عن غيرها فإن العلم ضالة المؤمن من حيث أخذه نفعه، ولن يُزْري بالحق أن تسمعه من المشركين، ولا بالنصيحة أن تستنبط من الكاشحين... "
إلا أن ما يعيب ( إن صح التعبير) الكتاب – في نسختي- هو خلوه من التحقيق فيما يخص الأحاديث النبوية وبعض الروايات المتعلقة بأمور الدين ! فقد اكتفى محقق الكتاب – مشكورا- بتوضيح بعض المفردات او التعريف ببعض الأسماء .... فيا حبذا لو تمت قرأته محققا لأختصر الكثير من الوقت والجهد.
عيون الأخبار هو من عيون الكتب إن صح التعبير ولا غنى عنه في أي مكتبة جادة أو غير ذلك. . مخزون أدبي وتاريخي وثقافي رائع معروض بفصول مرتبة وبأسلوب شديد البلاغة والوضوح في نفس الوقت.
لغة الكتاب وطريقة تقسيمه لا تترك فرصة للملل ، وبين صفحاته من المواعظ والحكم والعبر ما لا تكاد تجده بهذه السلاسة في التعبير والترتيب في غيره من الكتب المشابهة.
فهذه تحفة أدبية، وجوهرة نفيسة في تاريخ العربية، فليس في فنون الأدب، ما هو أرسخ أصلا من كتاب ((عيون الأخبار). وليس في المكتبة الأدبية ما هو أسبق فرعا، وأحلى جني، وأعذب وردا، وأكرم نتاجا، وأنور سراجا من کتاب «عيون الأخبار». وقد حاول ابن قتيبة – رحمه الله – هذا الكتاب أن يجمع شتات العربية، تأصيلا وتاريخا، وسياسة، وزهدا، وورعا. فهذا الكتاب حلية الأدباء، ونتاج أفكار الحكماء، وعبقرية العلماء، وسير الملوك والخلفاء، وأخبار الزهاد والأطباء. وفي نفس الوقت يحتوي على الأخلاق الممدوحة، والمذمومة، والطبائع والصفات، بل وطبائع وغرائب عالم النبات والحيوان، والجماد. إنه كتاب جدير بأن يكون في كل مكتبة. إنه كتاب حقيق بألا يستغني عنه عربي.
أولي قراءاتي لمقتنيات معرض الكتاب هذه السنه كتاب أدبي قيم يحوى الكثير من أخبار العرب وكلامهم وعلمهم وأدبهم حتي نوادرهم وهو مقسم الي عشره كتب او اقسام:كتاب السلطان الحرب السؤدد الطبائع العلم الزهد الحوائج الطعام النساء يسرد في كل منهم مستندا علي الاحاديث وكلام الصحابه والسلف والحكماء والشعراء والحكماء والاعراب وحتي العامه بالاضافه الي المترجمات الهنديه والفارسيه المتضمنه للمعني الذي يريد الكاتب ايصاله
وهي فعلا عيون الأخبار بل والأشعار ، فهذا أهم كتب الادب واصدقها واوثقها ، لان الكثير ما شابه من شوائب بسبب عقائد الكتاب ، وتحريفهم بعض النصوص الحديثيه والاقوال ، بل وحتى في الابيات نجد الفاظ مختلفه ، لكن هذا الكتاب يعتبر الأفضل من باقي الكتب كالامالي والعقد الفريد والمستطرف والاغاني .