What do you think?
Rate this book


ان جيل الشباب العربي المعاصر جيل غاضب غضبا شاملا. غاضب من الاجيال التي سبقته، والمجتمع الذي ينتمي إليه. يجمع أفراده تخاصم عنيف مع الواقع الذي يعيشون فيه وحتى مع أنفسهم، ويسري الغضب في اتجاهاتهم وأحاديثهم وتصرفاتهم "كنغمة دالة"، وان اختلفت بمستواها من فئة إلى فئة ومن موقف إلى آخر.
وغضبهم غضب موضوعي في بعض جوانبه على الاقل. فهم يرون ان الاشياء تهتز امامهم، وانه لاشيء يسير كما ينبغي أن يسير عليه. ويعتقدون ان الحياة قد تصدعت إلى حد ما. وهم يعيشون في عصر تمزق تسقط فيه الاحلام صريعة واحدا بعد الاخر، وينبت الشك واليأس محل الثقة والامل.ومما يزيد القسوة عليهم انهم ولدوا مقطوعي الصلة مع الجيل الذي سبقهم. ويعتقد كثيرون منهم انهم خدعوا، ويذهب البعض الى ان كل ما حولهم باطل وزيف. وهم يرفضون هذا القصور في الحياة ، ويحرصون ان يوصلوا رفضهم له للاخرين.
يختلف موقفنا من ازمة الشباب وتعاملنا معها باختلاف التحليل الذي نختاره لها.
فاذا نحن رأيناها في ضوء الحتمية البيولوجية، فليس ثمة ما يلزم ان نفعله بازائها سوى ان نحتمل وننتظر حتى تمر العاصفة.
واذا تبنينا نظرية فرويد والتحليل النفسي فان الحل يتمثل في العمل مع الشباب كافراد، وبتبصيرهم بدوافعهم وكوامن اللاشعور عندهم ومساعدتهم في فهم مشكلاتهم.
اما اذا اخذنا بوجهة نظر علماء الاجتماع والانثروبولوجيين فان الامر يتطلب منا ان نبذل جهدا جادا لتغير الواقع الموضوعي: البيئة الاجتماعية والانساق الحضارية، اي تعديل السياق الذي تظهر فيه الازمة.
ولقد ترتب على هذا التباين الشديد انه لم يتحقق تقدم يذكر في مجال الوصول الى تحليل مقنع لكل من يتعاملون معها .
وهذه اولى العقبات في طريق وضع برامج لحل ازمة الشباب ومشكلاتها.