وكأن سركون بولص كان نائماً في مركب نوح، وكأن قصائده تلك هي النائمة في ذاك المركب ثم استيقظت معه في لحظة الانبعاث، لحظة الولادة هي قيامة من حضن الموت. جمع قصائده التي داراها الإحباط في خط شعري عربي جديد، فغدت متألقة على هذه الصفحات مع إصرار على حق الشعر النثري في الحياة.
وُلد سركون بولص عام 1944في مدينة الحبانية التي تبعد 70 كم إلى الغرب من بغداد.
عاش طفولته ومراهقته في مدينة كركوك الشمالية. هناك جايل مجموعة من الشعراء والكتاب الشباب المتمردين والمتطلعين إلى حياة جديدة وفن جديد، ليشكلوا تلقائياً مجموعة عرفت في ما بعد باسم "جماعة كركوك"، وكان لها أثرها العميق في التطورات الشعرية والأدبية التي شهدها العراق في العقود الأربعة الماضية. أنتقل في منتصف الستينيات إلى العاصمة بغداد، ونشر عدداً من القصائد الحديثة، وترجمات عديدة من الشعر الأمريكي في بغداد وبيروت. انتقل أواخر الستينيات إلى بيروت، ليغادرها في ما بعد إلى الولايات المتحدة. عاش منذ ذلك الوقت في مدينة سان فرانسيسكو التي عشقها واعتبرها وطنه الجديد. في السنوات الأخيرة، كان كثير الإقامة في أوربا، خاصة في لندن وألمانيا.
صدرت له المجاميع الشعرية التالية: الوصول إلى مدينة أين 1985، الحياة قرب الأكروبول، الأول والتالي، حامل الفانوس في ليل الذئاب، إذا كنت نائماً في مركب نوح ، توفي سنة 2007م ، في العاصمة الألمانية برلين، عن عمر يناهز الثالثة والستين، بعد صراع مع المرض.
وأحيانا يكون الفرق الوحيد بين الحياة والنوم هو هذه العلاقة الزجاجية بين المصادفة والقصد بين ان تستقيط بنفسك ،أو ان توقظ بواسطة حذاء . عن حقائبي التي تربطني بفكرة الوصول إلي مكان لم أكن أريد الوصول إليه رغم انني في طريقي إليه ورغم وصولي أليه في نفس الوقت يبدو الآن مستحيلا كالعوده وكذلك بالقطار ..
لعلك أدركت قصدي، من الواضح كما ترى أنني أهدف إلى شيء غامض قليلا لأنه لم يكتمل بعد وأقول هذا بمنتهى البساطة أيها الصديق لا أريدك أن تسيء" فهمي هذه كلمات بسيطة مكتوبة بالعربية بالمناسبة أذكر هذا لكي لا تتهمني بأنني تأثرت في كتابتها، بشاعر "عالمي!" أي شاعر يخاطر بالكتابة على هذا النحو لن يكون حتى محليا! وسيقضى سنواته الباقية بعيني نسر محموم أو رجل ينتظر زيارة صاحب البيت الشهرية وهذا يعرف جيدا أن الرجل الفقير لا يستطيع أن يدفع الإيجار لكنه مع ذلك وللتسلية، أو إشباعا لنزعة غريبة في الإرهاب، أو ربما لأن الكلب يعرف أن شرطة العالم والتاريخ كلها تقف من ورائه يقرع الباب بحذائه، وخصوصا بالكعب المليء بالمسامير...
سيقضي سنواته الباقية إذن بانتظار الجلاد الذي سيأتي متنكرا ببدلة ممرض رسمي طيب القلب يخفي وراء ظهره سلسلة حديدية وسترة للمجانين.
متأخراً ينشرُ سركون قديمَ قصائده، لكنها ستعيشُ طويلاً بلا شك.
بدأتُ قراءته متشككةً بعد أن "طفّشتني" المحاولات السيريالية الهزيلة، لكنّ هذا الهذيان السيرياليّ الذي يتدفق في وحشيةٍ متعبة أذهلني. قد يبدو قولي هذا مفارقةً غبية، لكن سيرياليته وجنونه does make sense !
من مركب نوح أقتبسُ، لا لأنّ ما يلي أنموذجيٌّ عن كتابته، لكنه يعبر عن موقفه:
لعلكَ أدركتَ قصدي، من الواضح كما ترى أنني أهدف إلى شئ غامض قليلاً لأنه لم يكتمل بعد وأقول هذا بمنتهى البساطة أيّها الصديق لا أريدكَ أن تسئَ فهمي هذه كلمات بسيطة مكتوبية بالعربيّة بالمناسبة أذكر هذا لكي لا تتهمني بأنني تأثرت في كتابتها بشاعرٍ "عالمي" ! أيُّ شاعرٍ يخاطر بالكتابة على هذا النحو لن يكونَ حتى محليّاً ! وسيقضي سنواته الباقية بعيني نسرٍ محموم أو رجلٍ ينتظر زيارة صاحب البيت الشهرية وهذا يعرف جيداً أن الرجل الفقير لا يستطيع أن يدفع الإيجار لكنه مع ذلك وللتسلية، أو إشباعاً لنزعةٍ غريبةٍ في الإرهاب، أو ربما لأن الكلب يعرفُ أن شرطة العالم والتاريخ كلها تقف من ورائه يقرع الباب بحذائه، وخصوصاً بالكعب الملئ بالمسامير ... سيقضي سنواته الباقية إذن بانتظار الجلاد الذي سيأتي متنكراً ببدلة ممرضٍ رسمي طيب القلب يخفي وراء ظهره سلسلةً حديديةً وسترةً للمجانين.
ابتسامتهُ الكاذبة ستملأ الأرضَ بموضوعِ هذه القصيدة.
يقول سركون: سأمضي في مديحي العالم معلق من شعره الطيني في أبراج القصائد والشاعر محاصر يحرق وثائق الليلة الماضية بنظرة ختامية لا تعرف الصلح. سأمضي في مديحي حتي في الحدود الشعرية، التي لا يعرف أحد ما هي.
سركون شاعر مجنون، يعيش بقصائده علي الحافة من هذا العالم، عند النقطة الفاصلة بين الظلمة والنور، بين مغرب العالم ومشرقه، بين النور والنار، بين الشعر والنثر.. لم أفهم سوي القليل هنا، لكني كنت مثارا، لدرجة غير عادية. تلك القصائد فجرت في لاواعيّ، كهوفا مظلمة لم يعرف النور من قبل طريقا إليها. فأنا أحب الغموض. وأحب متعة انتظار قراءة ثانية..
هذا آخر ديوان لي مع سركون، شاعري المفضل والأقرب لقلبي وروحي، ديوان علقته كثيرا ليس لسبب سوى العشوائية التي بدأت بها قراءة سركون أصلا، حاولت مرة مع هذا الديوان في أيام الحجر الأولى، لكنني لم أجد حماسة كافية لأكمله، فقلت لأعيد قراءته ولأكتشف آخر ما تبقى من شعر سركون بالنسبة لي، لكن الديوان لا يكتمل، أحاول بشدة وأنهيه، لكن لا أشعر بنفس قدر البهجة والنشوة التي يعطيها سركون لي، هناك ثمة نقص ما، في الشعر ربما أو لأن طرقنا -أنا وسركون- اختلف وتباعدت، لكن ركزت أكثر مع القصائد لأن حكما كهذا سيكون قاسيا علي بشدة، لأني أحب شعر بولص وأود أن يكون معي ولو لعشر سنوات بعد (لا أعرف لماذا، لكن علاقة تمتد لعقد من الزمان فهي علاقة صلبة وخالدة حتى لو انتهت) فركزت مع زمن القصائد، فوجدتها قديمة نسبيا، كان فيها سركون يبحث عن نفسه، روحه المترحلة تريد خلق قصيدة تحتوي على كل شيء، السندباد داخله لم يصل للحكمة، والمفتاح الذي بحث عنه كثيرا وجد في النهاية أنه لا يصلح لبابه كما يقول بنفسه في قصيدة إرشا.
هذه القصائد والنصوص النثرية التي نُشرت في مجلات وجرائد مختلفة، جمعت في هذا الكتاب لتشكّل توثيقًا مهمًا لبدايات الشاعر ساركون بولص الإبداعية. رغم أهمية المجموعة في تتبع انطلاقته الشعرية، إلا أن القصائد لا تزال في مرحلة التكوين ولم تنضج بعد، فهي تحتاج إلى مزيد من التطوير والتبلور لتصل إلى كامل عمقها الفني، حسب اعتقادي أو تصوري المتواضع.
للآسف كتاب أنهيته بصعوبة بالغة، قصائد بتفاصيل كثيرة غير مترابطة و تفتقد للتماسك، أفكار غير مرتبة و طائشة و تجري باتجهات شتى، قلما التقطت خلال قراءته فكرة أو معنى دون عناء أو محاولة مضنية لتفكيك الرموز الغريبة، هذا فضلا عن اللغة التي يشوبها نوع من الركاكة و الأعجمية.
الخارطة صابرة كوجه عابد لا يتوقع منا وافرًا من السماء اللحظة تأتي مواربة كالباب الذي تفتحه لنا في آخر الرواق، امرأة لقيناها ذات مرة في حلم سابق لم نستيقظ منه إلى الآن.
مقطع~ كل ما كنته، لن أكونه ثانية. ما سأكونه لا علاقة له بما كنته. حياتي، لا أكثر ولا أقل. حياتي المحتواة بين ملابسي. الجرح القديم في أسفل ذقني. شكل أصابعي، أنفي، وجميع الأخطاء التي تحدث حولي وتتسرب إلى داخلي دون أن أدعوها، من خلالي. البقية غير مهمة. هذه القبضة المتشنجة على مفتاح فندق، غير مهمة. #شهر_و5كتب
لم أحب القصائد النثرية سوى من سركون هذا الآشوري الذي ما تعب من الترحال هذا المسكون بشبح قصيدة وبقايا وطن يقول: أجنة الحرب تولد و أصابع الشعراء في مقاهي العالم للمنفيين تشعل نهاية الحلم الجافة ، سيجارة في الفجر ساحبين عباءة الجنوب البرتقالية الى حريق هائل يقام في قصيدة تكتب على شكل قبضة **** القادة يشربون نخبا مطولا على شرف الليل و الشعراء في الثكنات البعيدة يسحرون قامة التمرد بالقصائد ****** الحقيقة في داخلي و هي مليئة بالأخطاء ... سترى ، سيرثيك حجر" ، ستأويك زنزانة اذا حلمت أحلامك في العراء ، و أتيت .. ... و انا الهارب من بيت الى بيت أرجم أسوارها بوابل من الأوهام لأراها عارية في حديقة الملك و رسغها وحده يمارس الإشارة السرية التي تأمر أبوابا بعيدة بالانفتاح ...
من مجموع ماقرأت له، هذا أردى ما كتبه بولص، أفهم أن تكون بدايات أي كاتب ركيكة لكن لا أفهم الداعي لنشرها لاحقا في وقت تجاوزها هو شخصيا، طوال صفحات الكتاب تحس أن الكاتب يقسر نفسه على الكتابة، ربما تدوينا لتجربة يمر بها أو استشعارا لأهمية نجهلها أو ربما لمجرد تزجية الوقت، مصلت كسيف، أفعى السياسة، تشبيهات واستعارات كثيرة مبتذلة ومثيرة للشفقة لا أدري كيف سمح لنفسه كتابتها، سركون له دور تأسيسي لقصيدة النثر العربية لكنه متساهل كثيرا، تنتهي أحيانا من ديوانه ولا يمر بك إلا التماعات قليلة دون أن تجد قصيدة كاملة تستحق، أما هذا الكتاب تحديدا لاشيء على الإطلاق
العنوان وحده عوالم كاملة من التفكّر ماذا لو حقا كنت نائماً في مركب نوح؟ ومن بعدها تجيء حالات من الدخول في الزمن الذي يكتبه سركون بفداحة وإعترافات تعبر جسده ورأسه كل ليلة يشبه كل هذا أن تكون أنت ذاته الإنسان قبل ألف سنة وبطريقة أحدث كانت هذه القصائد مخطوطات كما أرى واللعنة الحقيقة على خالد المعالي الذي جاء وأنهى عزلة سركون بإصرار على إكمال النصوص ونشرها كانت ربما ستكون أعظم من كل هذا وهي التي لم تصل هكذا إلى عظمة أخرى لكل القبيلة .
السؤال الذي يطرح نفسه بعد انتهائي من هذه الخربشات التي لا تصنيف لها .. من بحق السماء أطلق على هذا الشخص مسمى شاعر .. من أهان الشعر لهذا الحد .. كل الذي شعرت به و أنا أقرأ هذا اللاشيء اللا مصنف اللامعنى له هو رغبة في التقيؤ و تمزيق الكتاب فوق رأس كل من قال أن هذا شعر .. اللعنة .. مازلت أرغب بالتقيؤ
"النهر يجري ، والأدلاء يختفون في الأحراش . أنا يوم واحد يجر خلفه قيامة من الأيام . كتائب تشم الهواء المحترق بالدم اليابس في الأنف . لأن مدينة الماء لم تعد بعيدة .. انها هناك "