إن كتاب ابن رشد وفلسفته لفرح انطون يمثّل واحداً منأهم الأعمال التي صدرت في العالم العربي على امتداد منتصف القرن التاسع عشر ومقتبل القرن العشرين . كان صدوره عام 1903 في الاسكندرية, أي في وقت كان التراكم الثقافي العربي التنويري قد حقق أصداء ملحوظة في الحياة الثقافية, وذلك بعد سقوط مدوٍ للمشاريع النهضوية البرجوازية في مصر وسوريا والعراق والمغرب العربي وتصاعد هيمنة القبضة الأوروبية الرأسمالية على هذه البلدان وغيرها إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. ومن هنا, يمكن النظر إليه على أنه شاهد حي على تلك المشاريع عموماً, وفي مصر وسوريا على نحوٍ خاص .
فرح أنطون (1291 هـ/1874 - 1340 هـ/1922) من أعلام النهضة العلمانيّة العربية. هاجر من طرابلس لبنان إلى القاهرة عام 1897، اشتهر بدراساته عن حياة وفلسفة الفيلسوف العقلاني ابن رشد، متأثرا في ذلك بأعمال اللغوي والمؤرخ الفرنسي أرنست رينان.
فرح بن أنطون بن الياس أنطون (1874-1922م)، صحافي وروائي ومسرحي وكاتب سياسي واجتماعي. ولد وتعلم في طرابلس لبنان، وانتقل إلى الإسكندرية في مصر هربا من الاضطهاد العثماني عام 1897م، فأصدر مجلة "الجامعة" وتولى تحرير "صدى الأهرام" ستة أشهر، وأنشأ لشقيقته روز أنطون حداد مجلة السيدات وكان يكتب فيها بتواقيع مستعارة. رحل إلى أمريكا سنة 1907م، فأصدر مجلة وجريدة باسم "الجامعة"، وعاد إلى مصر، فشارك في تحرير عدة جرائد، وكتب عدة روايات تمثيلية، وعاود إصدار مجلته، فاستمر إلى أن توفي في القاهرة.
لنتخيل أن أحداً ما زعم أنه يعلم يقيناً كيف سيكون شكل العالم بعد ١٠٠ سنة من الآن، كيف سيكون رد الناس؟ سيقولون أنه مشعوذ طبعاً، فماذا لو رد عليهم أنه توصل لهذه المعرفة باستخدام عقله، وإذا سألوه عن الدليل، قال أنه لا حاجة لدليل لأنه استخدم عقله، ألا تمجدون العقل؟ هل يمكن لأحد أن يزعم أن عدم تصديق الرجل هو انتقاص للعقل؟ بالطبع لا، لأن المستقبل خارج حدود المعرفة العقلية، لأنه ببساطة "غيب".
دائما ما يتم الترويج لفلسفة ابن رشد وغيره من فلاسفة المسلمين مثل ابن سينا والفارابي بأنها فلسفة العقل والأنوار، وأن المسلمين ما تخلفوا إلا بعد أن طلّقوا فلاسفتهم المسلمين الذين مجدوا العقل. يرددون هذا الكلام ولا يشرحون لك ما هذه الفلسفة، ولا يقولون لك ما مفهوم "العقل" عند هؤلاء الفلاسفة، بل والأهم لا يذكرون أنهم جميعاً داروا في فلك أرسطو وفلسفته المشائية التي كنسها الغرب كنساً، والتي كانت قطيعته معها من أسباب نهضته الحديثة. هذا الكتاب مثال آخر لمحاولات التمجيد، فيه شرح لفلسفة ابن رشد وتأثره بأرسطو، وبدا حنق الكاتب واضحاً وهو يورد كيف غلبت الفلسفة الحديثة المبنية على التجريب فلسفة ابن رشد والفلسفة اليونانية.
القاعدة الشهيرة تقول الحكم على الشيء فرع عن تصوره، أي لابد من فهم الشيء حتى نحكم عليه، ولنبدأ بأهم مفهوم عند ابن رشد الذي قصه ولصقه من أرسطو وهو العقل: خلق الله العقل الأول وهو في قلب دوائر المخلوقات، وبالتالي فهذا العقل هو القوة المحركة لهذا الكون، فالله لا يدبر الأمر بنفسه لأنه منزه عن الاتصال بالكون! فالسماء والكواكب لها عقل تعرف به طريقها، كما للإنسان عقل بعرف به طريقه، وباستخدام العقل يمكن للإنسان أن يتوصل للحقيقة عندما يفيض عليه العقل الأول. ونتيجة لذلك شبهوا الله عز وجل بملك في مدينة ما يعطي الاستقلال في التصرف في المدينة لمن تحته لأنه لا دخل مباشر له في كل شؤونها. لأن لو أن الله هو الذي يدير العام مباشرة لكان "الشر" في العالم صادرا منه، أما وهو مفارق له بهذا الشكل فكل شر في العالم يكون صادرا من المادة التي خالفت سننه. ما الدليل على هذا التصور؟ لا دليل! وبالمناسبة، كان لابن رشد بعدها إسهامه الخاص في مفهوم العقل وأيضاً بلا دليل. "كان جوهر الخلاف بين الغزالي والمشائين معرفياً، فالمعرفة عند هؤلاء لا تأتي بالتجربة بل أصلها: إشراق الصور العقلية من العقل الفعال (الأول) على العقل الإنساني. ولذلك اعتبروا العقل قوة مطلقة قادرة على النفاذ إلى كل شيء، وفهم كل حقيقة، فلا حاجة لوحي، ولا رسالة، ولا حتى تجربة، إذ يكفي التأمل" - كتاب الغيب والعقل كانت هذه مشكلة الفلسفة المشائية التي أخذ عنها الفلاسفة المسلمون؛ منتجاتها مجرد تصورات عقلية بلا دليل. فلماذا يجب تمجيد تصورات كهذه خاصة وأن الوحي جاء ليصححها جميعاً، لأن حسم هذه الغيبيات مثل علاقة الخالق بمخلوقاته وقيوميته، والبعث، والخلود فيه ترشيد لطاقة العقل حتى لا يشتغل العقل في غير ميدانه، وليس في ذلك انتقاص للعقل، فمن ينتقصون منه هم هؤلاء الذين يحملونه فوق طاقته، ويدفعون به خارج نطاقه. توصل الفيلسوف كانط إلى نتيجة مشابهة عندما سعى لفهم "الحدود الحقيقية" للعقل ولم أمكن لنا أن نحصل اليقين في معارفنا الرياضية والفيزيائية دون أفكارنا الميتافيزيقية (التي تبحث في الغيبيات). وقبل كانط قال الغزالي: "إن العقل بطبيعته عاجز عن إدراك حقائق الأمور في الإلهيات، وليس هذا ميدانه، بل ميدانه هو العالم المشاهد، والسبيل في فهمه ومعرفته هو التجربة والملاحظة، لا العقل بمجرده".
وإذا كان الغرب الحديث قد كنس هذه الفلسفة على حد تعبير مؤلف الكتاب، لأن أرسطو عجز عن تفسير الواقع الملاصق له والتوصل لنواميس الطبيعة، لاعتماد فلسفته على "تصورات خيالية" (يظهَر تناقض الكاتب إذ يمجد إسهامات الفلسفة المشائية والرشدية ثم يصفها هنا بالتصورات الخيالية)، عِوضاً عن التجريب. إذا كان الأمر كذلك، فالأَولى ألا نحاول التمسك بتلابيبها في المجال الغيبي، خاصة وأن الوحي قد أجاب بالفعل على الأسئلة التي أرَّقت العقل الإنساني منذ فجر التاريخ. لماذا إذا ينسب البعض ريادة الفكر التنويري لابن رشد، مثل مؤلف هذا الكتاب، وهم يعلمون أن كثيراً من العلوم الواردة في كتبه تعد من العلوم البائدة التي يجزم العلم الحديث بخطئها؟ لأن غرضهم تمجيد كل فكر متحرر من حقائق الوحي إلى المجازات والتأويل، حتى وإن كانت حقائق غيبية لا سبيل للعقل إلى معرفتها.
الكتاب يحتوي على الكثير من الأفكار التي تحتاج لمراجعات لمناقشتها إلا أن الكاتب أثار اهتمامي عندما استدل على أزلية المادة (أي أنها موجودة منذ القدم ولا بداية لوجودها) بالعلم الحديث، وللعلم هذا الكتاب صدر في ١٩٠٣، فلنر ماذا يقول العلم الحديث في عام ١٩٠٣: "وقد مر الآن على فلسفة اليونان والعرب عشرات القرون ولا يزال الفلاسفة والعلماء يعتمدون على هذا الافتراض حتى في هذا العصر لتعليل خلق الكون، لأن هذا الافتراض أقرب إلى العقل من قول القائلين بأن الكون مخلوق من عدم". بعد ذلك بنحو ستين عاماً تم إثبات نظرية الانفجار العظيم التي تؤكد أن الزمان والمكان (المادة) انبثقا إلى الوجود من العدم في لحظة ولادة الكون منذ نحو ١٣ مليار عام.
فرح أنطون، من أعلام النهضة العلمانيّة العربية. عرف عنه تأثره الكبير في الفيلسوف ابن رشد. الكتاب تحدث بشكل خاص عن فلسفة ابن رشد بإجمال وتبسيط. الكتاب مكون من عدة فقرات يتكلم فيها، اولا، عن تاريخ فلسفة ابن رشد ثانيا، مقامها عند اليهود في تلك الحقبة ثالثا، مكانة فلسفة ابن رشد في تاريخ اوروبا بين المؤيد والمعارض رابعا، انتصار الفلسفة الرشدية.
طبعا الكاتب مؤيد جدا للفيلسوف اب رشد فلذلك ترى الكاتب دائما يبرر لابن رشد ويؤيده دوما. وفي نظري هذا الكاتب غير موضوعي في بعض الاحيان. خصوصا عند عرضه قضية الخلود وقدم العالم
كتاب رائع يوضح فيه فرح انطون أهم آراء وتعاليم ابن رشد (وبيان مذهبه المبني على مذهب ارسطو) سأضع بعض ما شدني في فلسفته أولاً رأيه في الكون والعقل . فيرى أن العقل نوعان نوع فاعل عام ونوع منفعل . فالعقل الفاعل العام جوهر منفصل عن الانسان وهو غير قابل للفناء ولا الامتزاج بالمادة. بل هو هو الشمس الذي تستمد منه كل العقول. والعقل المنفعل هو هو عقل في الانسان مستمد من العقل العام الفاعل الذي تقدم ذكره . وبما ان العقل مستمد من العقل الفاعل فهو ميال دائماً(للاتصال) به والانضمام اليه .
ثانياً رأيه في الحرية :برأي فرح انطون أن ابن رشد يذهب مذهبا معتدلا في الحرية. حيث يقول ابن رشد :ان الانسان غير مطلق الحرية تماماً ولا مقيدها تماماً .وذالك انه اذا نظر اليه من جهة نفسه وباطنه فهو حر مطلق لأن نفسه مطلقة الحرية في جسمه ولكن إذا نظر اليه من جهة حوادث الحياة الخارجية كان مقيداً بها لما لها من التأثير على أعمالة .
ويرى ابن رشد ان بالعلم يقف الانسان على كل شيء ويصير عارفاً كالبارئ بكل شيء . فطريق الاتصال بالله إذا وطريق السعادة في هذه الدنيا سوى تغليب الفكر والعقل على الحواس والأهواء والشهوات . ومتى استطاع الانسان هذا الامر الصعب فقد ادرك السعادة والجنة في هذه الارض أيا كان مذهبة ودينه.
ثالثاً رأيه في التسامح وتساهله بشأن باقي الاديان فيقول ابن رشد:أن الذي يطعن في أحد الاديان ليثني على دين آخر سواء كان ذالك حق أو من غير حق يكون كمن يطعن على جميع المبادئ الدينية العامة المشتركة بين جميع الملل وبذالك يخرج عن دائرة الفضيلة الدينية والمبادئ الادبية
رابعاً فلسفته السياسية فهي مبنية على فلسفة افلاطون وقد بسطها في شرحه (جمهورية). وخلاصتها انه يجب القاء زمام الاحكام إلى الشيوخ والفلاسفة ليديروها بقسط وعدل . ويجب حث الناس على الفضائل بتعليمهم البيان والعلوم التي تثقف العقل . اما الشعر وخصوصا الشعر العربي فانه مضر . ويرى فرح انطون ان ابن رشد رأى ان الشعر العربي مضر لما يكون فيه احياناً من الغزل الذي يجر الى التهتك ورغبته في افنا روح الجاهلية .
خامساً رأيه في النساء كما يوضح لنا فرح انطوان فإنه منطبق كل الانطباق على رأي قاسم بك امين مؤلف كتاب تحرير المرأة والمرأة الجديدة . فأن ابن رشد يرى ان الاختلاف بين النساء والرجال انما هو اختلاف في الكم لا في الطبع . أي ان النساء طبيعتهن شبيهة بطبيعة الرجال , ولكنهم أضعف منهم في الاعمال . والدليل على ذالك مقدرتهن على جميع اعمال الرجال كالحرب والفلسفة وغيرهما ،ولكنهن اضعف من الرجال فيها . على انهن قد يفقن الرجال في بعض الامور كفن الموسيقى مثلا ولذالك كان الفيلسوف يرى ان كمال هذا الفن في ان يكون الواضع او المؤلف رجلاً والموقع أو المنشد امرأة. وقد دلت حالة بعض البلاد في المغرب على ان النساء قادرات كل القدرة على الحرب ولذالك لا خوف على المملكة من قبضتهن على ازمة الاحكام فيها .
ويرى ابن رشد إن معيشتنا الاجتماعية الحاضرة لا تدعنا ننظر ما في النساء من قوى الكامنة . فهي عندنا كأنها لم تخلق إلا للولادة وإرضاع الاطفال ولذالك تفنى هذه العبودية كل ما فيها من القوة على الأعمال العظيمة. وهذا هو السبب في عدم وجود نساء رفيعات الشأن عندنا ,وفضلاً عن ذالك فإن حياتهن أشبه بحياة النبات وهن عالة على رجالهن ولذالك كان الفقر عظيماً في مدننا لأن عدد النساء فيها مضاعف من عدد الرجال وهن عاجزات عن كسب رزقهن الضروري .
سادساً رأيه في الحاكم الظالم يقول إن ذالك الذي يحكم الشعب من أجل نفسه لا من اجل الشعب ,وان شر الظلم ظلم رجال الدين. وان احوال العرب في عهد الخلفاء الراشدين كانت على غاية من الصلاح ,فكأنما وصف افلاطون حكومتهم لما وصف (جمهوريته)الحكومة الجمهورية الصحيحة التي يجب ان تكون مثالاً لجميع الحكومات . ولكن معاوية هدم ذالك البناء الجليل القديم وأقام مكانه دولة بني أمية وسلطانها الشديد . ففتح بذالك باباً للفتن التي لا تزال الى الآن قائمة قاعدة حتى في بلادنا هذه .
اولا : يجب التاويل ل تطبيق الدين على العلم ، لا العلم على الدين فكل شي لا يقبله العقل يجب تاويله ثانيا : اما الامام الغزالي فانه كان يجيز التاويل لا بوجبه.. One of my top three books.
لا يجد أنطون تناقضاً بين العلم والدين، فإذا اختلفا في الطرق يتفقان في الغرض لأن غرضهما واحد وهو تحسين حال الإنسانية وترقية شؤون البشر، إلا أنه لكل من العلم والإيمان قواعد عمله وطرق إثبات حقائقه، الأمر الذي يستدعي الفصل بين السلطتين الدينية والزمنية، فغرض الدين الاشتراع للآخرة وغرض الحكومات الاشتراع لهذا العالم، وهذا يتطلب احترام الأديان تأكيداً للمساواة المطلقة بين أبناء الأمة بقطع النظر عن معتقداتهم ليكونوا أمة واحدة، وصوناً للوطن من النزاع والشقاق المفضيين إلى الضعف والانحطاط. استحضار ابن رشد
من هذا المنظور كان استحضار فرح أنطون لابن رشد، فما جذبه إلى هذا الفيلسوف هو ما جذب رينان، أي تأكيده أن الحقيقة واحدة يختلف تفهمها بين الخاصة والعامة، إلا أن أنطون كان يتوخى أمراً آخر هو التأسيس لدولة علمانية، دولة حرية ومساواة تامة، لأنه كما يقول "لا مدنية ولا عدل ولا ألفة ولا حرية ولا تقدم ولا علم ولا سلامة للدول ولا عز إلا بفصل السلطة المدنية عن السلطة الدينية".
فرححححححح.jpg نص أدبي (نيل وفرات) وعلى الرغم من أن الشروط الموضوعية للأفكار الاشتراكية لم تكن قد تكونت بعد في البلدان العربية، حيث ظل ماركس غريباً عن أفكار النهضويين العرب وتطلعاتهم حتى مطلع القرن العشرين، فقد وجدت أفكار الاشتراكية الطوباوية المستمدة من فورييه أول تعبير عنها في الشرق العربي عند فرح أنطون الذي تطرق إلى الأسس السياسية والاقتصادية للفقر والظلم الاجتماعي، متجاوزاً الطرح النهضوي الإنسانوي الذي رأى إلى التفاوت الاجتماعي من منظور إنساني اقتصر على الرأفة بالفقراء والإحسان إليهم، ليقارب الماركسية في طرحه للمسألة الاجتماعية وحقوق الفقراء، واعتباره المصانع والمعامل والمزارع وقفاً للجمهور وملكاً للجميع مثل الأنهار والبحار والهواء، حتى إنه تجاوز ذلك إلى طرح مقولة "القيمة الزائدة" الماركسية في حديثه عن مصدر الثروة ودور العمال في تراكمها وحقهم في الانتفاع منها.
من هذا المنظور دعا أنطون إلى اشتراكية معقولة غير متطرفة تشكل حلاً لأزمة المجتمعات الإنسانية، إن في الشرق حيث يسود الاستبداد أو في الغرب حيث العبودية لرأس المال، وقد أعرب عن خيبته بديمقراطية الغرب لما شهده من معاناة الشعب الأميركي من الفقر والظلم بقوله، "تركنا الشعوب في الشرق خرافاً يجز صوفها ويستدر لبنها ويستبد بها حاكمها وغنيها، فوجدنا الشعب في أميركا تحت نير عبودية لأصحاب الأموال، والنتيجة واحدة أنين الشعب تحت نيره الثقيل".
بعد كل ذلك الجهاد المضني وبعد كل ما أنفقه من المال والوقت والتعب، رحل فرح أنطون سقيماً فقيراً كئيباً خائباً، ولعل ما قالته فيه مي زيادة خير تعبير عن معاناته، "أثر كئيب عميق كان ينطق من صوته ونظره وسكونه حتى، ومن ابتسامه حتى ومن تحمسه، وهو اقتناعه الصميم أنه لن يتدوزن ومحيطه وأن محيطه لن يتدوزن وإياه".
لكن مآلات التاريخ أنصفته بعد أكثر من قرن على طروحه العلمانية، إذ أثبتت أن الدولة الوطنية العلمانية القائمة على الحرية والتي تساوي بين المواطنين وتفصل بين الدين والسياسة هي الدولة التي تتفق ووجهة التطور الإنساني وتحقق سعادة الأمم والمجتمعات.
كتاب رائع جدا، فى البداية يشرح فلسفة ابن رشد من وجهة نظر فرح انطون تتبعها اعتراضات محمد عبدة ثم ردود الكاتب مضمونه لا كما بتصور من خلال العنوان حيث الفلسفة الرشدية فقط ، لكن ردود الغزالى و اراء الكاتب و محمد عبدة حول الفصل بين السلطة الدينية و المدنية.
الكتاب ثري جدا و ناقش فيه الكاتب أفكار كتير و مع ذلك لم يعالج أي فكرة بسطحية أو بعدم اهتمام ..الكتاب عبارة عن مناظرة كتابية ما بين محمد عبده و فرح أنطون حول أفكار ابن رشد .. و لك أن تتخيل إن مناقشة زي دي فتحت كم خيالي من الموضوعات الكاتب اتكلم عن نشأة ابن رشد و أفكاره و ما تعرض له في زمنه و إزاي وصلت أفكاره أوروبا و إزاي ساهمت بشكل بارز في التنوير الغربي .. وبمنتهى التمكن قدر الكاتب في التنقل مابين الموضوعات دي بل و اتكلم عن فلسفة الأديان و قارنها ببعض و الصراع ما بين رجال الدين و العلماء ..كل ما بفتح الكتاب ده بيجيلي شعور إن في يوم من الأيام الكتاب ده هيتدرس في مدارسنا بدل مناهج الفلسفة العقيمة اللي بيدرسوها دلوقتي علشان يكرهه العيال فيي الفلسفة و في التفكير ..
شرح فرح انطون فلسفة ابن رشد وتاثيرها في الوسط العربي والاوروبي وكيف تم التعامل معها من قبل الطرفين خلال تلك العصور .. شرح اطروحات ابن رشد وكيف كان التناقض فيما خلفه عند استخدام قلبه وعقله في الكتابه فالتأويل كان معا القلب لكي لايتعارض معا الدين والشرح المنطقي والخروج عن نواميس الدين عند استخدامه لعقله ..
يا ترى يا هل ترى .... متى بيتطورون هالناس ويفكونا من بحثهم و قرايتهم حق كتب الفلسفة القديمة ومناقشتها و تحليلها على روسنا!!!! انزين عادي ما أقول لا أحد يتفلسف أو يحب الفلسفة، كيفهم بس فكروا وتفلسفوا بنفسكم وجددوا في الفلسفة و .... حسناً ما يهم!
_ يعد ابن رشد أبرز فلاسفة الاسلام عبر القرون وله فلسفته الخاصة به رغم تأثره الجليّ بأرسطو _ومن لم يتأثر بأرسطو_ اذ يعد ابن رشد هو أول شارحيّ فلسفة أرسطو , وهنا يدافع الكاتب فرح أنطون عن فلسفة ابن رشد التي اتهمت بالالحاد ويعيد بثها من جديد في مجلته (الجامعة) والذي يرد فيها علي الشيوخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا , بأنه اسيء فهم فلسفة ابن رشد ويعيد شرحها من جديد في هذا الكتيب ويوضح مدي تأثير فلسفة هذا الداهية علي أوروبا في القرون الوسطي . وتقوم فلسفة ابن رشد كأي فيلسوف أوليّ باعتقاده حول الخالق والمادة والبعث والكون , وأختصر هنا اختصارا فلسفة ابن رشد كما استوعبتها من كاتبنا . 1_ المادة أزلية ولم تخلق من العدم , ولم يوجد وصف لحقيقتها . 2_ يسيّر الله الكون من خلال (الحركة) , فكل فعل يفضي الي خلق شيء انما هو عبارة عن حركة والحركة تقتضي شيئا لتحركه ويتم بواستطها فعل الخلق , وهذا برأي فيسلوفنا المادة الأصلية التي صنعت الكائنات منها . 3_يشبّه ابن رشد تيسير الله للكون من خلال حاكم المدينة , فالحاكم ينصّب وزراءه طوع يده وغير مسئولا مباشرة عن شعبه . كذلك تمثل السماء أهم الكائنات وهي مكونة من عدة دوائر تمثل أعضاء حيوية للحياة , وأن الله لا يعلم الجزئيات في الكون . 4_عن اتصال الخالق بالمخلوق شبّههما ابن رشد بالعقل الفاعل والعقل المنفعل , وأن عقل الانسانية واحد فقط مثله مثل الشخصية لا صورة لها . 5_ اعتقاد ابن رشد في الخلود , بأنه لا توجد حياة أخري بعد الموت . تلك أهم فلسفة ابن رشد باختصار وبناها علي نهج أرسطو , وعند عرضها كان طبيعيا أن يهاجموه المتكلمين وكان أولهم وأبرزهم (الامام الغزالي) بكتابه (تهافت الفلاسفة) فكتب ابن رشد كتابه (تهافت التهافت) بيّن فيه بوضوح أبرز فلسفته وفيه هاجم الزنادقة هجوما شديدا ولكن هذا لم يمنع خليفة المسلمين (يوسف بن المنصور) من نفيّه , ومال كاتبنا بأن ابن رشد كان يدافع عن نفسه بقلبه لا بعقله في كتابه كيّ يحفظ فلسفته من بعده ويبعد عنه شبهة الالحاد . وانتشرت فلسفة ابن رشد من بعده أعظم انتشار في أوروبا لأنه شارح أرسطو الأول , بفضل امبراطور ألمانيا (فردريك الثاني) وتشجيعه الفلاسفة علي تعليم فلسفته لكرهه الاكليروس المسيحي . ولكن أول الانتشار كان علي يد اليهود وتلميذ ابن رشد (موسي بن ميمون) وذلك في القرن الرابع عشر ويعقوب بن أبي مريم ولاوي بن جرشون والياس بن مديجو , وقد ترجم يهوذا بن سليمان الطليطلي فلسفته للعبرية بينما ترجم رئيس أساقفة طليطلة بالأندلس مونستيور دريموند وميخائيل سكوت فلسفة ابن رشد للأوروبية , ودرّست في كلية (بادو) الايطالية . وقدم القديس توما الأكويني نقدا لاذعا لفلسفة أبا الوليد حول حركة العالم وقال أن العالم عبارة عن صدور وفيضان ونقد ايضا فلسفته حول وحدة العقل باستشهاده بفلاسفة عرب ويونان بأن العقل قابلا للانقسام في البشر , كذلك نقد فلسفته حول اتصال العقل الفاعل بالعقل المنفعل . ولمّا كان للقديس توما من مكانة كبيرة في السكولاستيك ءامن الكثيير بفلسفته الجديدة تلك وعارضه اخرون من انصار الرشّدية وانقسم الفريقان ما بين (رشديّون) و (يونانيين) , وجاء الايطاليون وكرهوا فلسفته لمجرد انتمائه للعرب أمثال (بترارك) وبذلك تحول منهج ابن رشد للخفوت رويدا رويدا . حتي قدوم (فرنسيس بيكون) عميد الفلسفة الحديثة ومحوّلها بطريقة أكاديمية . يقدم هنا فرح أنطون في هذا الكتيب أكثر من مجرد فلسفة ابن رشد بل التعبير عن القلق العربي في وجه التنوير الغربي , فكاتبنا يعد أبرز التنويرين الشرقيين في وقت وصلت الحداثة الأوروبية لذروتها ونحن مازلنا نختلف علي أتفه الأمور التي تخطاها الغرب منذ قرون , لذلك الكتيب يطرح سؤال في نهايته حول العلم والدين . هل قام العلم بكل الوظيفة التي انتدبه العقل البشري لها وارواء ظمأ الانسان الي ما وراء الطبيعة التي هي عظيمة . واأسفاه مادية جامدة ؟ لا لم يصنع العلم ذلك صنعا تاما بعد وان كان صنع شيئا كثيرا منه...ولسنا نعلم السبب الحقيقي في هذا العجز , هل هو ضعف العلم نفسه عن ارضاء الانسانية أم هو ضعف الانسانية نفسها عن احتمال قوة العلم الهائلة ؟؟؟
نشر الكتاب عام ١٩٠٣، ومؤلفه فرح أنطون هو أحد رواد الفكر العربي والتنوير، كانت أبرز إنجازاته مجلة (الجامعة) التي أنشأها في الإسكندرية عام ١٨٩٩، عُرف الكاتب بتأثره الشديد بابن رشد والعديد من الفلاسفة المسلمين والمفكرين الأوروبيين. هذا الكتاب له قصة وتاريخ مهم وشيق. استحضر فرح أنطون ابن رشد في سبيل مشروعه لنشر الفكر العلماني، أول ما ظهر الكتاب كان اسمه ابن رشد وفلسفته، وحوى فصل إضافي للتعريف بابن رشد وما واجهه من اضطهاد. أثار الكتاب في وقته مناقشات عديدة تاريخية وسياسية ودينية مع الشيخ محمد عبده، جمع أنطون هذه المناقشات وردودها في تسعة مقالات نشرت كملحق للكتاب (والكتاب الأصلي موجود على الانترنت لمن أراد).
وبصراحة أرى أنه من الحماقة أن يعاد نشر الكتاب عام ٢٠١٥ دون أي مقدمة تعرف بالكاتب والكتاب، وإن رأى الناشرون أن هذه الورقة غير مهمة - أو تجنبوها لسبب ما - فعلى الأقل اشرح لي في الهامش مالذي يعنيه الكاتب ب"الجامعة". الجدير بالذكر ان هذه الحماقة عرفتني على تاريخ الكتاب وعلى فصل مهم في تاريخ الفكر العربي الحديث.
الكتاب المطبوع حالياً رائع من حيث محتواه العلمي، حيث التزم الاختصار بدون إخلال. كتاب صغير نصفه يشرح فلسفة ابن رشد وآراءه، الحقيقة ان فلسفة القرون الوسطى مو الموضوع الأكثر جذباَ لي لذلك ما استمتعت جداً بالحديث عنها، مع ذلك العرض كان جيد وغير ممل. أيضاً استمتعت بحديث الكاتب عن آراء ابن رشد التي كانت -على عكس فلسفته- سابقة جداً لعصرها ومتسامحة جداً. النصف الثاني يتحدث عن تأثيره وانتشاره في أوروبا وكيف أسهمت أفكاره في نشر التفكير العلمي ومحاربة الفكر الديني.
يبدأ فرح أنطون كتابه المقتضب هذا في توضيح ما كتبه ونشره سابقاً، في مجلته "الجامعة"، حول فلسفة ابن رشد وأهم تعاليمه وآرائه حول خلق العالم والمادة، والاتصال ما بين الكون والخالق والإنسان، وفكرة الخلود، وبيان مذهبه المبني على مذهب أرسطو. يدخل بعد هذه الخلاصة في فلسفة ابن رشد ويسهب في كل فقرة لإيضاح أبسط مبادئها وقواعدها بسطاً كافياً وافياً، معتمداً في هذا اعتماداً كبيراً على مؤلَّف العالم والفيلسوف المستشرق الفرنسي أرنست رينان، الذي كان قد وضع كتاباً مرجعياً حول ابن رشد و"الفلسفة الرشدية". يتبين، عبر صفحات الكتاب، مدى الانتشار الواسع لفلسفة ابن رشد وتبني أفكاره خلال السنين الممتدة من القرن الثاني عشر ميلادي وحتى القرن السادس عشر ميلادي وانتشارها في أوروبا، مع كل الصراع الفكري بين أفكاره ومريديه وأفكار ومريدي ابن سينا والغزالي وتوما الإكويني وغيرهم من المفكرين والفلاسفة والملوك والأباطرة ورجال الدين (من كافة الأديان والطوائف)، حتى ظهور فرنسيس بيكون ورينيه ديكارت عظماء العقلانية والبحث العلمي ورواد الفلسفة الحديثة في القرن السادس عشر. نجح فرح أنطون باطروحته هذه في تبيان مدى عظمة ابن رشد، باعتماده على العقل والعلم وعلى مبادئ ارسطو، في التأثير بالفكر الأوروبي آنذاك ونقل المعارف القديمة الإغريقية والعربية إليها للمساهمة في بدء النهضة الأوروبية فكرياً وعلمياً.
كتاب لا بأس، ذكرت هذا بسبب أن الدراسات الرشدية المعمقة بعد عهد فرح أنطوان والكتب الفلسفية التي تم اكتشافها على طول مئة وعشرين عاما بعد وفاته، ولم يطلع عليها، طبعا .. كونت لنا معرفة أكثر عمقا حول عبقرية ابن رشد. ومع ذلك فمهما بلغت قدرة الباحث الجاد في البحث والتقصي فلن يزعم، إذا كان موضوعيا، أنه تملك وعرف فلسفة ابن رشد يقينا، فكتب الرجل الشارحة لفلسفة المعلم الأول ضمنها كل شيئ من شرح وتحليل ونقد تماما كما فعل مع عظيم الطب جالينوس، ولو أنه أراد وقتها لكتب كتبا منفصلة في نقد أرسطو وجالينوس وابن سينا والفارابي وغيرهم كما فعل الرازي مع كتبه النقدية المنفصلة ككتاب الشكوك على جالينوس، لكنه اختار أن يفرد كل شيئ في هوامش الشروحات.
رحم الله ابن رشد عبقرى الأندلس وفخر المسلمين لو عرفوا قدره، فقد كان نابغة وسابق لزمنه وقد عرف اليهود والمسيحيين والغرب قيمته في حين ما زلنا نتناقش في منزلته وتكفيره إلى يومنا هذا. الكتاب صغير جدا ومختصر ومكثف حول فلسفة ابن رشد وليس عن حياته أو معاناته، بالإضافة لتأثير فلسفته بعد موت وبعد سقوط الأندلس، كيف تناقلها تلامذته وكيف حاربها أو عارضها المعارضين أو المخالفين لأفكاره. أنصح بقراءته كمدخل ومختصر لأفكار الفيلسوف ❤
الكتاب أقرب لطرح الخلاف القائم حول فلسفة ابن رشد مابين فهم فرح أنطون لها وعلي الجانب الآخر فهم محمد عبده لها وفي خلال هذا الطرح للفهمين يمر الكاتب علي أُسُس فلسفة ابن رشد وفهمه وتناوله للعالم والكون -والذي هو بحكم العصر الحالي كلام لم يعد له أي محل من الإعراب خاصة فيم يخص الكون وتفسيره-, وان كان هذا -بالطبع- لا يقلل أبداً من قيمة ابن رشد العظيمة في التاريخ العربي والاسلامي بل والعالم والجدال -الذي هو في طبيعته روح الفلسفة والتجديد الفكري- الذي استمر حول فلسفته في أوربا لقرون بعد وفاته .. ويكفيه فخراً أنه وقف أمام سلطة الدولة الاسلامية وقتها والمفاهيم المنتشرةوأنه نادي -في عصر الجواري من ثمانية قرون!- بضرورة استقلال المرأة واسهامها في المجتمع.
لكن نعود الي الكتاب نفسه أعتقد أنه ليس أفضل ما يُقرأ فيم يخص فلسفة ابن رشد نفسها بتفاصيلها. أما اذا كنت مهتم بالجدال مابين فرح ومحمد عبده حولها فهذا موضوع آخر.
منيت نفسي أن يكون كتابا متعمقا في فلسفة ابن رشد من ناحية البحث، والمقارنة .. وتفنيد آراء ابن رشد بين نظرته والمفروض والواقع، وتوضيح مهية ما ذهب إليه وبين واقعنا، كنظرة حديثة. أي نظرة بحث تخرج بنا عن الإطار لا تدخل بنا إليه إلا أن جل الكتاب عن تقسيم فلسفة ابن رشدوتفنيد الشبه بينها وبين ارسطو..! ولا أجد عذر الكتاب أنه جامعي، بل كان وزرا يضاف على عاتق مقدمه، لأن تبديل طريق البحث بآخر معتد أي مقارنة قديم بقديم. إن لم أكن وعدت نفسي بختامة قرائته ما كنت أكملته إلا أنني لا أنكر فضل الكتاب الذي كان مثل السحر، فما أن أفتحه إلا وبعد سطور قليلة أجد نفسي في إغفاءة طويلة...!!!!
الكتاب عرض فلسفة ابن رشد بطريقة كويسة وفهمتها بسهوله متوهتش منه, فهو كويس في هدفه, كان أول مره أعرف موقف أوروبا من فلسفة ابن رشد وشروحه هو وابن سينا وتأثير الفلاسفة العرب الكبير جدا ده عليهم يمكن السبب هو إن اللي مسيطر حاليا الفلسفة الحديثة ومفيش أي مظهر من مظاهر الفلسفات القديمة سواء العربية أو اليونانية حتى.
عموما يعني كفاية كده عليهم, اتمنى القراءات القادمة في الفلسفة الحديثة تصلح ما أفسده الهري القديم ده :D. ممكن نرجع ليهم بس عشان التاريخ والتجربة الإنسانية تكون متصلة.
تقديم بسيط لأهم آراء ابن رشد ومتابعة لنمو فلسفته في اوروبا. سهل القراءة ولكن لم يتطلع لآمالي (اردت كتاباً متعمقاً اكثر في المقارنة بين الفلسفة الحديثة وفلسفة ابن رشد)
يوما ما كانت فلسفة إبن رشد تجوب أوروبا يمينا و يسارا. و تناظر فلسفات أرسطو و غيره من الفلاسفة اليونانيين. هذا الكتاب للرائع فرح أنطون من الكتب التي تجعلك تستلذ بالقراءة ...