الفكر الأسطوري قد يجاور الفكر الفلسفي والفكر المنطقي حين يكون العلم عاجزاً عن تقديم صورة مقنعة للذهن ، والأساطير وإن اختلفت أصولها إلا أنها كالأخوة الذين اختلفت هيئاتهم لكن أمهم واحدة ، لو أخذنا أساطير الخلق في الديانات الإبراهيمية كنموذج ، فإنها لا تختلف في تصوير عملية الخلق عن أساطير سائر شعوب العالم القديم من مصريين وسومريين وفرس ، فالخلق فيها قد تم من عنصر مائي أو نوراني ثم تميز كل شيء وخرج عن الاختلاط ، وحتى داخل الدين الواحد تتأثر الأسطورة بمكونات المذهب الذي يرويها ، فالرواية السنية لبدء الخلق تختلف عن الرواية الشيعية التي جعلت من آل البيت أساسا لخلق هذا العالم.
دراسة موسوعية لأساطير ماقبل الإسلام في الجزيرة العربية و قد أعجبني فيها خاصة الفصل الأول حيث يورد الكاتب مختلف المقاربات التي تناولت الأسطورة ، مثل المقاربة : الألسنية ، التحليل نفسية ، البنيوية ... هناك جهد واضح فقد كانت المراجع غزيرة و مهمة ، للكتاب راهنية لا شك فيها فهو نافع جدا إذا ما أردنا أن نستعمله في نقد الثيولوجيا الإسلامية و ذلك بإرجاعها إلى جذورها الأسطورية اتي هي ببساطة " بشرية "
من الضروري قراءة هذا الكتاب لفهم العقل العربي وما يختزنه في ذاكرته الجماعيّة التاريخيّة من أساطير تفسّر تشاؤمه من بعض الظواهر وتفاؤله بأخرى حتى في عصرنا هذا ... الكتاب جامع لعالم الأسطورة وخرفاتها ومرويّاتها وقد قسّم الكتاب إلى سبعة فصول هي كالتالي: 1/ مدخل إلى الأساطير 2/أساطير الخلق والأصول 3/أساطير الكواكب 4/أساطير مظاهر الطبيعة 5/أساطير الكائنات اللاّمرئيّة: الجنّ والغول والملائكة والسعلاة 6/أساطير البطولة والمؤسّسات 7/ الكون الأسطوري عند العرب أظنّ أنّ صاحب البحث قد وفّق إلى حدّ ما في الإحاطة بموضوع بحثه بيد أنّ العنوان الفرعيّ في رأيي لا يتناسب مع مضمون الكتاب فالأساطير التي يعرضها محمد عجينة لا تقتصر على العصر الجاهلي بل تمتدّ إلى الإسلام عارضة في متونها أساطير شيعيّة وصوفيّة تارة، ومقارنة مع ما جاء في القرآن والأحاديث النبويّة وأخبار السير تارة أخرى
كنت متصور إن الرسايل العلمية (ماجستير أو دكتوراة) أسلوبها بيبقى ممل دايمًا، ومش مناسب للقارئ الباحث عن الاستمتاع بالدرجة الأولى. لكن دي تعتبر تاني رسالة علمية تكسر القاعدة دي، جايز لأن الموضوع ذاته مليان تسلية وونس، لدرجة قادرة تغطى على رصانة التناول الأكاديمي. دا غير إن العمل يعتبر مرجع بيغطي أحد الموضوعات اللي عندنا نقص شديد في تغطيتها. الخلاصة: انبسطت، بالذات في الفصول الأولى.