ينصب جهد المؤلف في هذا الكتاب على إبراز ما يتضمنه التراث العربي من كتابات ورسائل وأقوال في الحكمة وأبوابها، موجهاً اهتمامه ليس إلى الجوانب التي استهلكت بحثاً وتأويلاً، بل إلى تلك الجوانب والفصول المنسية والمهمّشة في التراث، ومحاولة انتقاء ما يمكن أن يجعل منه تراثنا عالمياً، وما يحفظ مكانته المتميزة، وما يُمكّن الإنسان العربي من مواجهة موجات العولمة الثقافية العاتية، وما يجعل قارئ التراث متشوقاً إلى قراءة تلك الكتب القديمة التي تكاد تصبح مهجورة أو في طي النسيان.
العلماء، لوحة للرسام النمساوي لودفيغ دويتش 1901 The Scholars By Ludwig Deutsch
جولة فريدة ومبهرة يأخذنا إليها محمد الشيخ الباحث المغربي في أروقة تاريخنا الإسلامي عبر القرون المتطاولة لنتعرف على وجوه من الحكمة العربية... نوادر وطرائف وأخبار وأقوال وعجائب وقصص حدثت مرة في نفس المكان وذات زمان، خلاصة العقول وفكر الإنسان... في مواضيع شتى ما زالت تشغل فلاسفة العالم ومنظريه وستظل... عن الإنسان والغربة والآخر والموت والكتابة والصداقة والمنفى والحيرة والترجمة والوحدة... الخ... ه كان الشيخ حريصا على اختيار أسماء وقصص قل اشتهارها وخمد ذكرها فنفض عنها غبار النسيان... محاولا التنويع في من اختارهم مع نزعة صوفية... قاصدا من كتابه هذا الرد على المسفهين لحضارتنا الذين لم يعرفوا عنها إلا سطحها فخرجوا بأفكار سطحية كمعرفتهم... ومحاولا إظهار هذا الفكر العربي المؤود قصدا في خريطة الفكر الإنساني، ولذلك سماه بدليل التراث العربي إلى العالمية... بحيث ترى أصالته بذاته، بعيدا عن الأفكار المستهلكة بكون قيمته استجلبها من وساطته لعقل اليونان أو استحضاره مؤدلجا كذريعة لأفكار الحداثيين... بل هو مهم لذاته... لما يحتويه... لغناه كما هو... ويستحق أن يبرز للعالمين أجمعين ليستفيدوا منه...ه
حدثنا محمد الشيخ عن تفكر حكماء العرب بم يكون الإنسان إنسانا؟ أبالروح، أم بالعقل، أم بالبيان، أم بالكيان، أببعض من هذا أم كله؟ أم هو إنسان لأنه يموت، فلا يستكمل حد الإنسانية إلا بالموت، أي بسمة التناهي! بل ربما بالأخلاق، فالإنسان هو الذي لا يتأذى منه الإنسان كما يخبرنا الزاهد أبو جعفر القروي، أو هو الذي يتعاطى الفعل المختص بالإنسان كما يقول الأصفهاني؟ وهل الإنسانية وهب أم كسب؟ حدثنا عن ابن دقيق العيد الذي اعتاد مخاطبة كافة الناس بما فيهم السلطان بـ يا إنسان، عن تساؤلهم من هو الغير، وما علاقة الأنا بالآخر، عن نفاة الصداقة وتأوهاتهم من الزمان والخلان، وعن مثبتي الصديق حد تعريفه بكونه (آخر هو أنت)، عن قول جعفر الخلدي: (مجالسة الأضداد ذوبان الروح، ومجالسة الأشكال تلقيح العقول)، عن قول ابن النفري في غربته: ه غريب كم يلقى غريب ... فلا وطن لديه ولا حبيب تذكر أصله فبكى اشتياقا ... وليس غريبا أن يبكي غريب عن محبي الوحدة وأقوالهم وفعالهم ليتحصلوا عليها، وعن منكريها لأن الإنسان يحتاج الأنس، والوحدة لديهم قبر الحي، وعن المترددين بين هذا وذاك كما قال أبو سليمان السجستاني: (إن خالطت ذممت الناس، وإن اعتزلت اجتلبت الوسواس)، عن من صادق الحيوان كأبي عمران المارتلي الذي مدح صحبة الهر: ه فنعم الجليس ونعم الأنيس ... ونعم المعد لدفع الأذى عن بدر الدين الزركشي الذي كان منقطعا في منزله لا يتردد إلا إلى سوق الكتب، وعن علي بن محمد الإسكندراني ابن المحلوبة الذي كان عالما مفرطا منحرف المزاج حتى أنه ردم بابه بالحجارة من الداخل وكان جاره يدلي له ما يحتاج إليه من السطح... عن العلامة عبد الله بن سهل الغرناطي الذي كان عالما بالقرآن والحديث وأيضا بالمنطق والعلوم الرياضية حتى أجمع كل من المسلمين واليهود والنصارى أن ليس في زمانه مثله، عن اختلاف هؤلاء العلماء في أنواع الحيرة والشك، وتمييز أغلبهم بين حيرة معقولة وهي المؤقتة، والحيرة المرذولة وهي الدائمة، و بين نوعين آخرين كما يقول الشبلي: (الحيرة على نوعين: أحدهما في الماهية، والثانية في الكيفية، والحيرة في الماهية كفر وشرك، وفي الكيفية معرفة)، عن تيقظ الحواس في الثقافة العربية وتنوع التنعم بها بأنواع الفنون التي ترقيها وتسمو بها شما وسماعا وتذوقا ومنظرا، والكتب التي ألفت في الألوان والروائح والأصوات والطعوم، عن ابن البواب الذي كان في أول أمره مزوقا يصوّر الدور، ثم صوّر الكتب ثم صار يكتب ففاق بخطه الجميع، عن الأمير التركي طاجار المارديني الناصري الذي كان حين يريد الاستراحة من الخدمة نزل فرقص، ثم يعود فيطلع إلى القلعة لمزاولة عمله... عن هوسهم بالعلم والكتب والقراءة والكتابة، عن علاء الدين بن الأثير الحلبي حين اشتد عليه الفالج فلم يعد يتحرك منه إلا جفنيه، فكان إذا أراد شيئا قرأ عليه خادمه حروف المعجم، فيطبق جفنه على الحروف المطلوبة، فيعرف منه مراده، عن الفقيه الحنبلي محمد بن عبد الباقي الأنصاري الذي تعلم الخط الرومي حين أسرته الروم وقيدوه بالسلاسل، إذ تصادف وجود معلم قريب منه يعلم الصبيان الخط بالرومية، فكان يصغي إليه، وعن الفقيه الحنفي السرخسي الذي حبسه الحاكم في البئر لأنه نصحه، فألف كتابه الضخم (المبسوط) وهو يمليه على تلامذته من الجب وهم في الأعلى يكتبون، عن كل أولئك العلماء الذين ترددوا فيما كتبوا أو تحولوا للزهد أو أصابهم داء الكمال فحرقوا ما ألفوا أو غسلو أوراقهم أو دفنوها، وعن آخرين ضاعت كتبهم وغرقت وحرقت فانكسرت معها قلوبهم وأرواحهم، عن عباقرة كانوا ضيقي العطن لا يملكون الجلد لإتمام كتابة كراس فما تركوا بعدهم إلا أوراقا متناثرة، وعن من كثرت مؤلفاتهم في كل فن حتى صاروا مادة للتندر كما حمزة بن الحسن الأصبهاني المؤدب الذي قيل أنه لكثرة تصانيفه وخوضه في كل علم سماه جهلة إصبهان ببائع الهذيان، عن الترجمة والمعايير التي وضعوها لها وما اعتبروه قويا منها أو قلقا، عن من ألفوا في القر والحر والحضر والسفر، عن كمال الدين ابن العديم الذي كان يكتب في السفر على محفة توضع بين بغلين، عن الكتابة وآثارها وأحوالها وشجونها ونوادرها، كقول أبي بكر الخطيب: (من صنف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس)، عن المرأة عديمة اليدين التي اغتنت بخطها الحسن الذي كانت تخطه بقدميها، عن العلامة سعيد بن المبارك الذي أصاب كتبه ماء مدبغة منتنة، فظل يبخرها بمادة كيميائية ليذهب ريحها حتى أذهب بخارها عينيه، عن الخطاطة فاطمة بنت الأقرع التي ندبت لكتابة كتاب الهدنة بين خليفة زمانها وحاكم الروم، عن الفقيهة فاطمة السمرقندية التي كان مهرها كتاب (بدائع الصنائع) والذي ألفه الفقيه الحنفي الكاساني، فزوجها والدها إياه، وكانت الفتوى تخرج وعليها خطها وخط أبيها وخط زوجها، عن علماء وفقهاء وأدباء ومحدثين وشعراء وحكماء وزهاد ومتعبدين وكتبة وكتب و قصص كثيرة كثيرة... عن حياتهم، عن حكمتهم، عن تدبرهم في صروف الحياة... عن حضارتنا الإسلامية...ه
حدثنا محمد الشيخ عن كل هذا وأكثر، و قد سبك الكلام بأسلوب جعله مرتبطا بعضه ببعض، فلم يكن مجرد سرد للقصص، بل كان يحاول من خلاله استخراج ما شغل العقل العربي وكيف عايش هذه الاستشكالات وحاول إيجاد الحلول لها... وإن كنت لم أتفق معه في بعض استنتاجاته ولم أر ما رآه فيها، إلا أنها لم تقلل من حبي للكتاب وانبهاري به...ه ارتشفت هذا الكتاب الضخم ببطء على مدى عام كامل خشية إنهائه، وما كنت أفتحه إلا حين السأم من كل شيء... لكن مهما تباطأ الزمن، فقد آل إلى كل ما له بداية، إلى النهاية...ه
كتاب رائع يُقرأ مرات ويُنصح به كرات، ويحفظ الكترونيا ويُقتنى ورقيا، ويـُهدى حين الثراء ويُقتبس منه صباح مساء
كتاب الحكمة العربية , محاولة للانطلاق بالتراث نحو العالمية , كما يقول الكاتب في مقدّمته , معترضاً على أنّ هذا التراث مغيّب عن الكتابات التي تتناول حكم الإنسانية و آراءها حول مختلف القضايا بينما يحضر التراث الهندي و الصيني و حتى التلمودي . و هو في محاولته هذه لا يتكلّف أن يضع التراث في قوالب التصنيفات الحداثية , بحيث تجد فيه الشيوعية و الليبرالية و التفكيكية , كما يفعل الكثيرون من المصابين بعقدة إرضاء الغرب , و إنّما يقدّم لك مقتبساته و مختاراته في التراث في مواضيع يراها همّاً عالميّاً تحتويه الحكمة العربية ( القراءة , الكتابة , الترجمة , الحيرة , الاغتراب , الإنسان , الحواس , الصديق ) و حتى فيما يكتبه هو بين الاقتباسات يتعمّد أن يكتب بلغةٍ تراثيّة . يُشهد للمؤلّف الذكاء في نظم اقتباساته و مختاراته المختلفة في موضوع واحد و استخراج أفكارها و فلسفتها الكامنة و المفاضلة بينها بناءً على ذلك , نجد هذا في فصل الإنسان خاصّة , و في فصل الحيرة , حيث يستخلص من الرؤى المختلف نظريّات فلسفية تخرج عن التصوّر الذي يُقدّم به كلام القدماء باستسهال كانّه طرفٌ كلّه , يُسجّل له هذا الجهد الواضح في استخلاص حالات و قصص متشابهة من التراث و نظمها في فلسفة واحد , كحديثه عن حالات القراءة أو من أحرقوا كتبهم , أو عمّن اعتبروا الإنسان هو الفاعلية لا الجوهر . و لعلّ ممّا يأخذه البعض عليه , تركيزه على أسماء و تيّارات بعينها على طول الكتاب , مثل التوحيدي و ابن مسكويه و الصوفية بشكل عامّ , و هو يعلن ذلك منذ البداية , أنّ همّه تقديم ما لم تعتده الكتب و تستهلكه الأبحاث من الأسماء مثل الفارابي و ابن سينا و الغزالي و المتنيّي , و هل يُعاب على أحد تحيّزه إلى كتّاب معيّنين ... من منّا بلا تحيّز قد يبالغ الكاتب احياناً في البناء على فكرةٍ بسيطة -حقّاً- في كلام أحد أبناء هذه المكتبة و يبني عليها فكرةً أعمق أو لنقل مغايرةً للقصد البسيط الذي أراده كاتبها الأوّل ... هذا أحياناً فقط , لأنّ معظم من يستشهد بهم كانوا عمالقةً حقّاً ربما كانوا ليستسهلوا مناقشات كتاب اليوم لو قرؤوها ... منذ يزعم أنّ التوحيدي كان أعرابيّا بسيطاً ؟! يكفي الكتاب أنّه يجدّد الصلة بهذه المكتبة , و يؤكّد على استمراريّتنا لها , في وجه الانقطاع الذي يهيمن علينا و على تصوّراتنا عن كلّ ذاك النهر الذي سبقنا قروناً حتى قدّمنا كبعض ماءِ الحياة , و ليس بالضرورة أنّ التصوّر الذي يقطعنا عن هذا التراث هو التصوّر التغريبي وحده , فالتصوّر السلفي للتراث يقطعنا عنه اكثر من خلال تغييب الكثير من التنوّع و الثراء و جانب الحضارة و التفاعل الإنسانيّ فيه , و هو ما نعاني منه كثيراً الآن , في هيمنة هذا التصوير السطحي و المختزل لحياة القدماء كقومٍ فكرُهم يدور بين كتب الفقه و ساحات المعارك فقط , ويجعل الصورة الاستشراقية لهؤلاء العرب البلهاء غير القادرين على التفكّر و البحث و التكلّم بعمق قادرةً على التسلّل بسهولة , ما دمنا حيّدنا قبل هذا الجانب منه و جفّفنا بأنفسنا . هذا الكتاب رحلةٌ ممتعة و غنيّة بين ثنايا هذه الحكمة المنسيّة العظيمة و منذا يرتوي من هذا الشهد ؟!.... و هذا يكفيه ليكون هديّة مناسبةً حين تفكّر بالأحبّة !
إذا كنت محبًا لتراث أجدادك وآبائك، وتريد أن تستزيد منهم؛ فلا تضيع هذا الكنز.. إذا كنت محبًا للحكمة؛ فلا تضيع هذا الكنز..
كتاب فخم جدًا، يحوي آلاف النصوص العربية.. هو بعث للتراث العربي، الذي لم نعرف عنه الكثير نظرًا لتقصيرنا.. هنا يأخذك المؤلف في جولة مع كتب التراث، وأقوال قدماء العرب وآرائهم في كثيرٍ من القضايا.. في الوقت الذي تنبهر فيه بفلسفة وأقوال أناس مثل بورخيس، ومانغويل، وكافكا، ونيتشه، وبيسوا، وغيرهم.. ستجد هنا أقوالًا أكثر جمالًا، وفسلفة أكثر عمقًا لكثير من رجال العرب، لم يبلغنا خبرهم.. لماذا؟! لأننا قصرنا في ذلك.. وهذه هي نية المؤلف من هذا الكتاب، فلإن افتخرت أمم الأرض بعظمائها، فحقّ لنا أن نفتخر بعظمائنا، ونصل بتراثنا العربي إلى العالمية! المميز في هذا الكتاب أنه التزم بإيراد النصوص التي لم تشتهر، ولم يتداولها الناس، وترك الأخبار والأقوال المشتهرة.. ولا أدري، فإن كانت هذه ميزة، لكنني أحست بالحاجة إلى إيراد بعض النصوص المشتهرة في بعض المواضيع؛ لشدة جمالها وصعوبة الاستعاضة عنها بغيرها. قسم الكتاب إلى ثلاثة عشر فصلًا، كل فصل هو كتاب في ذاته، فتجد: كتاب الإنسان، يليه كتاب الغير، ثم كتاب الصداقة، فكتاب الغربة، ثم كتاب الانفراد، فكتاب الحَرفية، ثم كتاب الحيرة، فكتاب الحواس، ويليه كتاب القراءة، فكتاب الكتابة، فكتاب الترجمة، ثم كتاب الشهرة، وفي الأخير كتاب الموت! يورد الكاتب في بداية كل فصل مجموعة من الحكم المتعلقة بموضوع الفصل، ثم يبدأ في إيراد آراء العرب وأقوالهم في هذا الموضوع من مختلف النواحي، فتجد كلامًا للعلماء، والحكماء، والحكام، والقضاة بمختلف انتماءاتهم، فتجد السني والشيعي والصوفي والمعتزلي...الخ،، وإن كنت أرى ميلًا إلى التراث الصوفي. وفي كل فصل يتبين لك سعة اطلاع المؤلف، والمجهود الكبير الذي بذل في هذا الكتاب.. حتى يخرج بهذا القدر من المتعة والفائدة في آن واحد؛ فهو كتاب قيم غزير المعلومات وكذلك لا يمل أبدًا.. وأزعم أني قرأت أكثر من كتاب من نفس النوع، ولكن كثيرًا ما كان يتسرب إليّ الملل لكثرة النصوص وتداخل الأسماء.. لكن نجح الكاتب هنا أن يجنبني الملل بسرعة تنقله بين النصوص بطريقة جميلة، وعدم إلزامه نفسه بمنهجية محددة في تقسيم الكتاب، حتى تظل متأهبًا في كل لحظة إلى نص بديع.. إن كنت من محبي التراث العربي، فلتقبل على هذا الكتاب ولا تخف، ولا يهولنك كبر حجمه، فالمتعة ستنسيك كل شيء! بإذن الله.. لي قراءة ثانية لهذا الكتاب -أكثر إمتاعًا- مع من أحب! :))
بعض الملاحظات: • الميل إلى التراث الصوفي واضح كما قلت، وبعض النصوص جعلتني أتضايق أحيانًا.. • أحيانًا كنت أشعر بأن الكاتب يهتم بظاهر اللفظ فقط وإن كان المقصود مختلفًا تمامًا، وأوضح ما ظهر ذلك في كتاب (الحيرة)، حيث ذكر الكاتب حيرة المتصوفة، وجمعها بقول الإمام مالك حين كان يسأل عن بعض الأسئلة فيقول: «لا أدري»! بالطبع الفرق شاسع بين حيرة المتصوفة في بعض الثوابت -والذي أراه مجرد سفسطة- وبين عدم علم مسألة ما! • أيضًا الكاتب أورد النصوص من بطون الكتب ولم يبين أيها صحيح وأيها ضعيف، وساوى بين النصوص جميعها، وكأن كلها صحيح، وأعتقد حتى لم يذكر شيئًا عن ذلك في المقدمة، وربما ترددت كثيرًا لهذا السبب في وضع الخمس نجمات، لكنني وضعتها أخيرًا؛ لأنه من أجمل الكتب التي قرأتها في حياتي كلها.
كنت من قريب كتبت في جروب الوراق على الفيسبوك حول فكرة تقريب التراث الإسلامي لعموم الأمة ،وبعث ما أندثر من علومهم وحكمتهم وليكن فى متناول العامة- بقدر الإمكان- كما الخاصة من الباحثين ،وكان الباعث ما أراه من طوفان العولمة الذي أغرق تراثنا وبات ينظر إليه كأساطير الأولين وأن الزمان والعقول تجاوزته،والعكس هو الصحيح ففي كتب السلف (بالمعنى العام وليس الشرعي) ما يغنى عن كثير مما نقل عن الغرب والذي ينظر له كأول من أشار إليه ، ولغلبة القراءة الخفيفة على عصرنا ويمثلها الروايات والقصص،ففي الكتب التراثية الأدبية والتاريخية مادة ضخمة و حقل بكر يمكن أن يستوحي منه الكثير ، وفي نفس الوقت يحيا بها ما أندثر ليقدم في قالب عصري. وهذا الكتاب عظيم فى فكرته وهو تطبيق عملى قريب جداً من فكرتى .
وصاحبه قد سماه دليل ،وهو كذلك ففيه عشرات المراجع والمصادر التراثية غير المشتهرة فضلا عن غيرها المعروف،ولعله أضاف لي الكثير خاصة بما نقله من كتب التصوف التراثية- وهى مجهولة لدى تماماً- من جميل الحكمة ودقيق الاستباط وقريب من روح العصر ما شجعني لقراءة شيئا من هذا التراث.
وكذلك من حسنات الكتاب ما أظهره من نقل من كتب التراجم والسير بمختلف أشكالها_ وهى النوع من الكتب الذي له نصيب الأسد من مادة الكتاب_ما قوى لدى الأهمية الكبرى لهذا النوع من الكتب، بل فى ظنى لطالب علوم الشريعة أهمية تفوق أهمية كتب التاريخ العام.
أشبه ما يكون بالمقدمة أو المدخل إلى التراث، وكم هائل من المقتبسات التي انتقاها المؤلف في مواضيع تهم الفلسفةَ خصوصاً، محاولاً إثبات أن هذا التراث له قيمته في هذه المواضع، وأنه قال قولاً ذا وزنٍ - لذا فقد قُسِّم الكتاب إلى ثلاثةَ عشر كتاباً ( فصلاً ) : كتاب الإنسان، كتاب الغير، كتاب الصداقة، كتاب الغربة، كتاب الانفراد، كتاب الحَرْفية، كتاب الحيرة، كتاب الحواس، كتاب القراءة، كتاب الكتابة، كتاب الترجمة، كتاب الشهرة، كتاب الموت .
هناك من الموضوعات ماهو معروف أن العرب تكلموا فيها كالموت مثلاً والإنسان والصداقة، وهناك أخرى كان من الجديد عليَّ معرفة أن العرب تكلموا فيها مثل موضوعة الترجمة، وهي كما يعرف من الموضوعات الشائكة في هذا الوقت وفيها ما فيها من اختلافٍ وخلاف .
مما يحسب للمؤلف نظمه الأكثر من رائع للموضوعات والاقتباسات وجمعه لكثيرٍ من قصص التراث في إطارها المناسب . جهد واضح، وعمل متقن، وحِكم تُثري من يقرأ - هو ذا الكتاب .
على طول الكتاب وأنا أقتبس مما اقتُبس، فكانت هذه الحصيلة الكبيرة والتي فوجئت بها عندما أنهيت الكتاب ! سأضعها على طولها فلربما تفيد أحدهم يوماً ...
الإنسانُ قد أشكَلَ عليهِ الإنسان .
التوحيدي*
**
إذا كانَ أصلي من تُرابٍ فكلها بلادي وكل العالمينَ أقـــاربــي
الحكيم الأندلسي أبو الصلت *
**
إن الذي قسَّم المعيشةَ بيننا قد خصني بالسعي في الآفاقِ
مُـشـتـتـاً لا أسـتـقـر بـبـلـدةٍ فـي كـل يـومٍ أبـتلـى بـفـراقِ
الفقيه الخازن الشافعي*
**
ما رأينا مثل هذا الزمان القبيح !
ابن الجوزي*
**
ذهب الناس فانفرادي أنيسي وكتابي محدثي و أنيسي
صاحبٌ قد أمنت منه مِلالاً واختلالاً وكل خلقٍ بئيسِ
ليس في نوعه بحيٍّ ولكن يلتقي الحي منه بالمرموسِ
ابن الحداد*
**
وإنما العذر لي أن جئت في زمنٍ لا الجيلُ جيلي ولا الأزمان أزماني
مالك القرطبي*
**
نحن واللهِ في زمان غشوم لو رأيناه في المنامِ فزِعنا
يُصبح الناس فيه من سوء حالٍ حَقُّ من مات منهم أن يُهنَّا
ابن لنكك البصري*
**
يعيب الناس كلهم الزمانا ومالزماننا عيبٌ سوانا
نعيب زماننا والعيب فينا ولو نطق الزمان إذاً هجانا
ذئابٌ كلنا في خلق ناسٍ فسبحان الذي فيه يرانا
يعاف الذئب يأكل لحم ذئبٍ ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
ابن لنكك البصري*
**
أتيهُ فلا أدري من التيهِ من أنا سِوى ما يقول الناس فيَّ وفي جنسي
أتيه على جنِّ البلاد وإنسِها فإن لم أجد شخصاً أتيه على نفسي
أبو سعيد الخراز*
**
وما غُربة الإنسان في غير دارهِ ولكنها في قرب من لا يُشاكِلُ
أمية بن أبي الصلت*
**
سافِر إذا حاولت قد سارَ الهلال فصار بدرا
والماء يكسب ما جرى طِيباً ويخبُثُ ما استقرا
مجهول *
**
( إذا خشُنَ المقر حسُنَ المفر )
**
مُنغص العيش لا يأوي إلى دعةٍ مَن كان ذا بلدٍ أو كان ذا ولدِ
والساكن النفسِ من لم ترضَ همتُه سُكنى مكان ولم تسكن إلى أحدِ
أبو الحسن سهل بن مالك الأزدي*
**
قوِّض خيامكَ عن أرض تُهان بها وجانبِ الذل إن الذل يُجتنبُ
وارحل إذا كان في الأوطانِ منقصةٌ فالمِندل الرطب في أوطانهِ حطَبُ
أبو الفرج بن هندو*
**
فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى ولكن من تنأينَ عنه غريبُ
قيس بن الملوح*
**
إني وحشيُّ الغريزةِ إنسيُّ الولادةِ .
المعري*
**
الفاردُ [ المتوحد ] لا مرآةَ لهُ .
التوحيدي*
**
اشترِ العزلةَ بما بيعت .
ابن الجوزي*
**
تركتني معرفة الناسِ فرداً .
مجهول*
**
لا آنسُ إلا بالإنفراد .
ابن بسام*
**
عِش وحدك حتى تزور لحدك .
أبو سليمان الخطابي البستي*
**
نديمي هِرَّتي وسرور قلبي دفاترُ لي ومعشوقي السراجُ
ابن فارس*
**
ما العيش إلا الغرفة والمفتاح وغرفة تصفقها الرياح لا صخبَ فيها ولا صياح .
سفيان الثوري*
**
الإفلاس يا ناسُ الاستئناسُ بالناسِ .
الشِبلي *
**
احبس نفسكَ في زاوية العزلة، فإن في عزلة المرء عز له .
بهاء الدين العاملي*
**
أخي لا تركننَّ إلى أحدٍ حتى يواريك ضيق الرمسِ
وعِش فريداً من الأنامِ ففي البُعد عن الإنس غاية الأُنسِ
محمد الحسيني العبناثي*
**
اهرب بنفسكَ واستأنس بوحدتها تلقَ السعود إذا ما كنت مُنفردا
ليتَ السباع لنا كانت مُعاشرةً وأننا لا نرى ممن نرى أحدا
إنَّ السباع لتهدأ في مرابضها والناس ليس بهادٍ شرهم أبدا
ابن قيس الرقيات *
**
لا راحةَ إلا في قطع العلائق، ولا عزَّ إلا في العزلة عن الخلائق .
مجهول*
**
الوحدةُ مرآة العقلِ ...
مجهول*
**
جفوت أناساً كنت والِفَ وصلهم وما الجفاء عند الضرورة من ناسِ
بلوت فلم أحمد فأصبحتُ يائساً ولاشيء أشفى للنفوس من الياسِ
فلا تعذلوني في انقباضي فإنني وجدت جميعَ الشرِّ في خُلطةِ الناسِ
ابن الحوص*
**
لقد زادني بالناسِ علماً تجاربي ومن جرَّبَ الأيام مثلي تعلُّما
وإني وتطلابي من الناسِ راحةً لكالمبتغي وسطَ الجحيم تنعُّما
سأزهد حتى لا أرى لي صاحباً وأنجد حتى لا ألاقي متَّهما
أبو حيان الأندلس��*
**
لا تتمُّ الفكرةُ إلا بالعزلةِ .
ابن عجيبة*
**
الانقطاع أفضل أوقات الحياة .
الانقطاع نتيجة الحكمة .
الطبيب الشامي رشيد الدين علي بن خليفة*
**
كان في الاجتماع من قبلُ نورٌ فمضى النور وادلهمَّ الظلامُ
فسَدَ الناس والزمان جميعاً فعلى الناسِ والزمان السلامُ
الفقيه الزاهد الداودي*
**
القرآن لا ينطق بلسان، ولابدَّ له من ترجمان، وإنما ينطق عنه الرجال .
القرآن حمَّالٌ ذو أوجه .
الإمام علي*
**
القرآنُ ظاهره أنيق، وباطنه عميق .
الإمام جعفر الصادق*
**
هذا الذي في المصاحف والألواحِ كلام الله عز وجل طرَفٌ بيدهِ وطرَفٌ بأيدينا .
الجيلاني*
**
إنما سُمِّيت العبارة عبارةً لأنك تجوز منها إلى المعنى المقصود بها .
ابن عربي*
**
إذا قبضتَ المعنى استغنيت عن الرسوم .
ابن عجيبة*
**
القصدُ رمزٌ، فكن ذكياً والرسمُ سرٌّ على الأشاير
فلا تقف معْ حروفِ رسمٍ كل المظاهر لها ستاير
علي بن أحمد الكيزواني*
**
لا تُقيد عليَّ لفظي فإني مثل غيري تكلُّمي بالمجازِ
المعري*
**
إن أهل الصور غرقى أقوالي، وأهل المعنى أهلٌ لأسراري .
لا أحدَ يفقهُ سرَّ اللغةِ التي بيني وبينك .
فريد الدين العطار*
**
ومن حصر فضلَ الله على بعض خلقهِ، وقَصَرَ فهم هذه الشريعة على من تقدم عصره، فقد تجرأ على الله عز وجل، ثم على شريعته الموضوعةِ لكل عباده، ثم على عباده الذين تعبَّدهم الله بالكتاب والسنة .
الشوكاني*
**
والعقلُ -حفظك الله- أطول رقدةً من العين، وأحوج إلى الشحذِ من السيف، وأفقر إلى التعهد، وأسرع إلى التغير، وأدواؤهُ أقتل، وأطبَاؤهُ أقل، وعلاجُهُ أعضل .
الجاحظ*
**
حقيقة المعرفة العجز عن المعرفة
الشبلي*
**
لا يزال العبد عارفاً ما دامَ جاهلاً، فإذا زال جهله زالت معرفته .
منسوبٌ إلى البسطامي*
**
حقيقة المعرفة الخروج عن المعارف .
القاسم السياري*
**
يجب أن تعلمَ كثيراً حتى تعلم أنك لا تعلم .
الهجويري*
**
من العلم أن تعلم أنك لا تعلم، وعلم الإنسان بجهله أحد العِلمين .
الراغب الأصبهاني*
**
يا حبيبي ما تمَّ إلا الحيرة .
إمام الحرمين الجويني*
**
المعرفةُ : دوام الحيرة .
الشبلي*
**
يا للهِ جنونٌ هو العقل .
ابن الجوزي*
**
حيرانُ أنتَ فايُّ الناسِ تتبعُ .
المعري*
**
غايةُ المعرفة شيئان : الدهشة، والحيرة .
محمد بن أبي بكر الرازي*
**
قال صُدقة بن الحسين الناسخ الحنبلي في الدنيا : لا توطنها قليست بمُقامِ واجتنبها فهي دار الانتقامِ
أتُراها صنعةٌ من صانعٍ أم تُراها رميةٌ من غير رامِ
**
نظرتُ بعين القلبِ ما صنعَ الدهرُ فألفيته غراً وليسَ له خبرُ
فنحن سدىً فيه بغير سياسيةٍ نروح ونغدو وقد تكنفنا الشرُّ
فلا من يحل الزيج وهو منجّمٌ ولا من عليه الوحي ينزل والذكرُ
يحل لنا ما نحن فيه فنهتدي وهل يهتدي قومٌ أضلهم السكرُ
عمىً في عمىً في ظُلمةٍ فوق ظُلمةٍ تراكمها من دونهِ يعجز الصبرُ
صدقة بن الحسين الناسخ الحنبلي*
**
لَعمريَ ما أدري، وقد أذِنَ البلى بعاجل ترحالي، إلى أين ترحالي
وأين محل الروح بعد خروجهِ من الهيكل المُنحلِّ، والجسد البالي
الرازي*
**
العلمُ بحرٌ، وفائت الناس منه أكثر من مدركه، ومجهوله أضعاف معلومه، وظنه أكثر من يقينه، والخافي عليه أكثر من البادي، وما يتوهمه فوق ما يتحققه .
الهوامل والشوامل*
**
"لا أدري" نِصفُ العلم .
الشِعبي*
**
جَنة العالِم "لا أدري" فإذا أغفلها أُصيبت مقاتلُهُ .
مجهول*
**
تعلَّم قول : "لا أدري !" - فإنك إن قلتَ : "لا أدري !" علَّموكَ حتى تدري، وإن قلت : "إني أدري !" سألوكَ حتى لا تدري .
مجهول*
**
برح بي أن علومَ الورى اثنانِ ما إن فيهما من مزيد
حقيقةٌ يعجز تحصيلها وباطلٌ تحصيلهُ لا يُفيد
أبو الوليد الوقاشي*
**
أعرَفُ الناس بالله أشدهم فيهِ تحيراً .
أبو يعقوب النهرجوري*
**
العلِمُ خزائن ومفاتيحها السؤال .
ابن شهاب*
**
العلومُ أقفالٌ والسُؤالاتُ مفاتيحها .
الخليل بن أحمد الفراهيدي*
**
ولو أني جُعلت أميرَ جيشٍ لما قاتلت إلا بالسؤالِ
لأنَّ الناس يتهزمون بهِ وقد ثبتوا لأطرافِ المعالي
أبو إسحاق الشيرازي*
**
غَنّى فلم تبقَ فيَّ جارحة إلا تمنيت أنها أذُنُ
مجهول*
**
العينانِ طاقتا [ نافذتا ] النفس ...
بدر الدين بن المظفر*
**
شاهِدُ الحُبِّ والبغضِ اللحظُ .
مجهول*
**
اللحظُ يُعرب عن اللفظِ .
مجهول*
**
وعينانِ قال اللهُ كونا فكانتا فعولانِ بالألبابِ ما تفعلُ الخمرُ
ذو الرُّمة*
**
أحين علمتَ أنك نور عيني وأني لا أرى حتى أراكا
جعلتَ مغيب شخصك عن عياني يغيِّبُ كل مخلوقٍ سواكا
مجهول*
**
بدء الهوى طموح العين .
العينُ رائد القلبِ .
ابن الجوزي*
**
يقرُّ بعيني ما يقرُّ بعينها وأحسنُ شيءٍ ما به العينُ قرَّتِ
الأحوص*
**
لئن كُنتَ عني في العيانِ مُغيباً فما أنتَ عن سمعي وقلبي
إذا اشتاقتِ العينان منك بنظرةٍ تمثلتَ لي في القلبِ من كلِّ جانبِ
طراد بن علي السُلمي*
**
قالت عُقيل بن كعبٍ إذ تعلَّقها قلبي وأضحى بهِ من حُبها أثرُ
أنّى ولم ترَها ! تهذي ! فقلت لهم إن الفؤادَ يرى ما لا يرى البصرُ
وقالَ :
يزهّدني في حبِّ عبدةَ معشرٌ قلوبهم فيها مخالفة قلبي
فقلتُ دعوا قلبي وما اختار وارتضى فبالقلبِ لا بالعينِ يبصرُ ذو الحُبِّ
فما تصبر العينان في موضع الهوى ولا تسمع الأذنانِ إلا من القلبِ
بشار بن برد*
**
وهذا شاعرٌ ضريرٌ يُدعى مظفر بن إبراهيم العيلاني تعشَّقَ ببصيرته لا ببصره جاريةً، فلما استُفسر عن سر هذا العشق الغريب ولا عينٌ رأت، قال :
قالوا عشقتَ وأنت أعمى ظبياً كحيلَ الطرفِ ألمى
واللهِ ما عاينتَها فكأنها شغفَتك وهما
وخيالهُ بك في المنا مِ فما أطافَ ولا ألمَّا
من أين أرسلَ للفؤا دِ وأنتَ لم تبصره سهما
وبأيِّ جارحةٍ وصلـ ـتَ لوصفهِ نثراً ونظما
والعينُ راعيةُ الهوى وبِها يتمُّ إذا استتما
فأجبتُ إني موسَو يُّ العشقِ إنصاتاً وفَهما
أهوى بجارحةِ السمَا عِ ولا أرى ذاتَ المُسمى
**
إن فضولَ النظر يدعو لفضول القول .
ابن سيرين*
**
كلما أبصرتَ شيئاً صرتَ أسيره .
الشِبلي*
**
ملكتُ دموعَ العينِ ثم رددتها إلى ناظري فالعين في القلبِ تدمعُ
مجهول*
**
شاهِدُ البهيميِّ الحس، وشاهِدِ المنطقيِّ العقل .
أبو الحسن العامري*
**
وقد لوَّنَ العرب الدموعَ، وهذا - لعمري - من غريبِ الخيال وبديعه -
فهذا دمعٌ أبيض :
وقائلة ما بال دمعك أبيضا فقلت لها يا ميُّ هذا الذي بقي
بروضةِ بستانٍ كأنَّ نباته تفتُّحُ وشي حين باكرهُ القطرُ
محمد بن طاهر*
**
نشاطُ القائلِ على قدر فهم السامع .
أبو عقيل بن درست*
**
وهانَ عليَّ اللوم في جنبِ حُبها وقول الأعادي إنه لخليعُ
أصُمُّ إذا نوديتُ باسمي، وإنني - إذا قيلَ يا عبدها - لَسميعُ
مجهول*
**
والغناءُ غذاء الأرواح كما أن الأطعمةَ غذاء الأشباح .
الغزولي*
**
وقد جعله الله [ أي اللسان ] خلفَ بابين : الشفتين والأسنان، ومع ذلك يُكثر الفضول ويفتح الأبواب .
نقلُ ابن عربي عن أحد الحكماء *
**
كُن أذناً ولا تكن لساناً .
ابن عربي*
**
عقلُ المرء تحت لسانه .
مجهول*
**
قولُ الحقِّ زكاةُ اللسانِ .
المعري*
**
ما شيءٌ أحق بطول السجنِ من اللسان .
ابن مسعود*
**
فإن تقرأ علومَ الناسِ ألفَا بلا عشقٍ فما حصلت حرفا
فريد الدين العطار*
**
إن حملَ الدفاتر [ الكتب ] من المروءة .
ابن دأب*
**
إني أعلم أن فتنتة اللسان والقلم أشد من فتنة النساء والحرص على المال .
الجاحظ*
**
القلم ليس معصوماً من الطُغيان .
حاجي خليفة*
**
[ الكتابةُ ] هيَ صِناعةٌ روحانية تظهر بآلةٍ جُثمانيةٍ .
صاحب كتاب مواد البيان* ( يُراجع )
**
وحكى جد المقري عن الآبلي، شيخ ابن خلدون، فقال : "سمعت شيخنا الآبلي يقول : إنما أفسد العلم كثرة التواليف، وإنما أذهبه بُنيان المدارس" .
**
قل لمن لا يرى المعاصرَ شيئاً ويرى للأوائلِ التقديما
إن ذاك القديم كان حديثاً وسيبقى هذا الحديث قديما
مجهول*
**
مَن لم يكتُب فيمينه يُسرى .
سعيد بن العاص*
**
إذا لم تكتُبِ اليد في رِجل .
معن بن زائدة*
**
قال معن ابن زائدة : "ما رأيت قفا رجل إلا عرفت عقله"، فقيل له : "فإن رأيت وجهه ؟" قال : "ذاك حينئذٍ كتاب أقرؤهُ" .
**
وذي هيئةٍ يزهو بوجهٍ مُهندَسٍ أموت به في كل يوم وأُبعثُ
محيطٌ بأشكال الملاحةِ وجهه كأن به إقليدساً يتحدثُ
فعارِضُهُ خطُّ استواءٍ وخاله به نقطة والصدغ شكلٌ مثلَثُ
أبو مظفر عتيق تقي الدين*
**
لا تحسبنَّ سواد الخال عن خللٍ من الطبيعةِ، أو إحداثُه غلطا
وإنما قلمُ التصوير حين جرى بنون حاجبهِ، في خده نَقَطَا
أمين الدولة بن التلميذ*
**
يمدُّ الدهر من أَجَلي وعمري كما أني أمد من المدادِ
لنا خطانِ مختلفان جداً كما اختلف الموالي والمعادي
فأكتب بالسواد على البياضِ ويكتب بالبياض على السوادِ
ابن مطحنة*
**
الموجودات كلها كلمات .
[ الإنسانُ ] هو حرفٌ من الحروف العاليات .
الجيلي*
**
كُنا حروفاً عاليات لم نُقَل متعلقات في ذرى أعلى القُلل
ابن عربي*
**
كيفَ صبري عن بعض نفسي وهل يصـ ــبــرُ عـن بـعـض نـفـسـهِ الإنـســانُ
بكر بن خارجة الكوفي*
**
غبطَ الناس بالكتابة قوماً حُرموا حظهم بحسن الكتابة
وإذا أخطأَ الكتابةَ حظٌ قُطت تاؤها فصارت كآبة
كشاجم*
**
اعلم وفقنا الله وإياكم ! أن الحروفَ أمةٌ من الأمم مخاطبون ومكلفون، وفيهم رسلٌ من جنسهم، ولهم أسماء من حيث هم، ولا يعرف هذا إلا أهل الكشفِ من طريقنا .
ابن عربي*
**
الليلُ نهارُ الأديب .
إسحق بن حنين*
**
عِلمُ الإنسان ولده المُخلَّد .
ابن الجوزي*
**
أخو العِلم حيٌّ خالد بعد موتهِ وأوصاله تحت الترابِ رميمُ
وذو الجهل ميِّتٌ وهو ماشٍ على الثرى يُظَّن من الأحياء وهو عديمُ
ابن السيد البطليوسي*
**
يقولونَ ذكر المرء يبقى بنسلِه وليس له ذكرٌ إذا لم يكن نسلُ
فقلت لهم نسلي بدائعُ حكمتي فمن سرَّهُ نسلٌ فإنّا بذا نسلو
البِستي*
**
إن استطعت أن تكونَ عالِماً لا يعرفك الناس، فافعل.
سفيان الثوري*
**
الزم الوحدة، وامحُ اسمكَ عن القوم، واستقبلِ الجدارَ حتى تموت .
الشِبلي*
**
لَقلعُ الجبال بالإبر أهون من قلعِ رئاسةٍ تثبت في القلوب .
الفُضيل بن عياض*
**
الخمولُ أخو العدم، والشهرةُ أبو الكون .
منصور بن الحسن الرازي*
**
لَأن أكونَ في قوم أتعلم منهم، أحبُّ إليَّ من أن أكون في قوم أُعلمهم .
سعيد ابن فيروز أبو البخترى*
**
[ وقد كانَ في ذمِّ الرياء أن ذُكِرَ أنه ] : جاء محد بن إبراهيم - والي مكةَ - يُسلم على سُفيان الثوري في المَطَاف، فقال له : "ماذا تُريد بالسلام ؟ إن كنت تريد إن أعلم أنك تطوف اذهب فقد عَلِمتُ" .
**
إذا رأيتَ الرجل حريصاً على أن يُؤتَمَّ فأخِّره .
سُفيان الثوري*
**
لَأن تصحب جاهلاً لا يرضى عن نفسه خيرٌ من أن تصحبَ عالِماً يرضى عن نفسه .
ابن عطاء السكندري*
**
سُئل المزني - صاحب الشافعي - عن الموت، فقال : "هو فزع الأغنياء وشهوة الفقراء" .
**
والأرضُ معقلنا وكانت أمُّنا فيها مقابرنا ومِنها نولدُ
أمية بن الصلت*
**
لا مطلوبَ أبلغ من الموت، وكل طريق ورياضة وتجريد لا يؤدي إليه، فليسَ له ثمرة .
ابن عربي*
**
عاشَ ولم يرَ وجه الحياةِ .
فريد الدين العطار*
**
كنتُ جنيناً في حشا الوالدة، وأصيرُ جنيناً في بطن الأرض !
المعري*
**
" أوصى جعفر بن محمد العباسي عند موته أن يُكتب على قبره : "حوائجٌ لم تُقضَ، وآمالٌ لم تُنَل، وأنفسٌ ماتت بحسراتها" " .
ابن الدمياطي*
**
الناسُ رهنُ المنايا .
الموتُ هو الفِطام الثاني .
الحكيم إسماعيل الهروي*
**
كانَ الإنسان بعد أن لم يكُن، وسيفنى بعد أن كان، ومن كِلا طرفيهِ عدم ؛ فهو عدم .
الصوفي أبو العباس المرسي*
**
هل سمعتم بمكان ليس فيه للموت استمكان ؟
المعري*
**
بريدُ الموت مطلق الأعنةِ في طلبك، وما يحميك حصن . ثوب حياتك منسوجٌ من طاقات نفسك، والأنساب تستلب ذرات ذاتك . وحركات الزمان قويةٌ في النسج الضعيف . فيا سُرعةَ التمزق ! يا رابطاً مُناه بخيط الأمل، إنه ضعيف الفتل .
لسان الدين محمد بن عبدالله بن الخطيب*
**
الأيامُ سهام، والناس أعراض، والدهر يرميك كل يوم بسهامه، وينحر منك بلياليه وأيامهِ حتى يستغرق منك جميع أجزائك، ولو كشفَ لك عما أحدثت الأيام فيك من النقص وما هي عليه من هدم ما بقي منك، لاستوحشت من كل يوم يأتي عليك واستثقلت مَرَّ الساعة بك، ولكن تدبير الله فوق الاعتبار .
الصوفي محمد بن إسحاق*
**
ابن آدمَ، السكين تُحدُّ، والتنور يُسجَر، والكبش يُعلف .
الإنسانُ يهدم عمره مذ سقطَ من بطن أمه .
الحسن البصري*
**
عَجباً لعين تلذُّ بالرُقاد، وملك الموت معها على الوساد .
ابن السماك*
**
وفي كلِّ يوم يفقد المرء بعضه ولا بد أن الكُلَّ منك سيذهبُ
القاضي ابن الصفار*
**
نروحُ ونغدو والحتوف أمامنا يضعنَ بنا حتفَ الردى كلَّ مرصدِ
الفرزدق*
**
وما الموتُ إلا سارقٌ دقَّ شخصه يصول بلا كف ويسعى بلا رجلِ
المتنبي*
**
بين عيني كل حيٍّ عـــلَـــمُ الموتِ يلوحُ
أبو العتاهية*
**
المرءُ يفرح بالأيامِ يقطعها وكل يومٍ مضى نقصٌ من الأجَلِ
مجهول*
**
واعجباً من عجبٍ يا قومي ميتُ الغدِ يحمل ميتَ اليومِ
مجهول*
**
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي أرحني فقد أفنيت كل خليلِ
أراكَ بصيراً بالذين أُحبهم كأنك تنحو نحوهم بدليلِ
أعرابيٌّ ما*
**
لكلِّ جديدٍ لذةٌ غير أنني رأيت جديدَ الموتِ غير لذيذِ
ضابئ بن حارث البرجمي*
**
يُساق بنو الدنيا إلى الحتف عُنوة ولا يشعر الباقي بحالةِ من يمضي
كأنهم أنعامُ في جهل بعضهم بما تمَّ من سفكِ الدماء على بعضِ
أبو الحسن شرف الدين*
**
وهذا علي بن قاسم السجاني يقول [ مُصوِّراً نفسه ميتاً ] :
دبت إليَّ بناتُ الأرضِ مُسرعةً حتى تمشين في قلبي وفي كبدي
قد وسَّدَ الترب خدي فهو مُضطجعي وصار فيه مِهادي أوعر المهدِ
والعين مني فويقَ الخد سائلة وطالما كنت أحميها من الرمَدِ
**
أيْ أخي، أما تنظر الطفل إذا وُلد يبرز إلى الدنيا قابضاً كفه حرصاً عليها، وإذا خرج يخرج باسطاً كفه معترفاً بفراغ يده من الأمر العارض الذي حرص عليه .
الزاهد أحمد الرفاعي*
**
دليلٌ على حرص ابن آدمَ أنه ترى كفه مضمومة وقتَ وضعهِ
ويبسطها وقت الممات إشارةً على صفرها مما حوى بعد جمعهِ
غلام ابن المني*
**
ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه إلا الموت .
الحسن البصري*
**
لو أن البهائم تعقل من الموت ما تعقلون ما أكلتم منها سميناً .
سفيان الثوري*
**
الموت في كل حينٍ ينشر الكفنا ونحن في غفلة عما يُراد بِنا
ابن أبي زمنين*
**
[ وكانَ ابن باجةَ ] يعتقد أن الزمان دور، وأن الإنسانَ نباتٌ أو نور، حِمامُهُ تمامُهُ، واختطافُهُ قِطافُهُ .
**
لقد ولدنا جميعاً من أجل الموت .
فريد الدين العطار*
**
أنفاسُ المرء خُطاه إلى أجله .
مجهول*
**
هذا الجسمُ كالمشيمة للمولود، وبالموت تقع الولادة .
ابن عربي*
**
فأحببتُ الممات وكل عيشٍ يُحب الموت فيه فهو موتُ
علي بن بسام العبرتائي*
**
رحمَ الله الترابَ ماذا يستر من الفضائح ويغطي من القبائح . [ يعني الموت والموتى ]
5 نجمات بلا تردد كتاب رائع جدًا، أعتمد مؤلفه على كم ضخم من كتب التراث العربية، في استخراج دُرر وحكم وفلسفة كُتبت بالعربية على مدى قرون مضت . يعتمد في الكتاب على التراث الصوفي بشكل ملحوظ، ويعتبر مرجع لمن يريد جلب نصوص تخص أبوابه التي قسمها إلى 1- كتاب الإنسان 2- كتاب الغير 3- كتاب الصداقة 4- كتاب الغربة 5- كتاب الانفراد 6- كتاب الحَرفية 7- كتاب الحيرة 8- كتاب الحواس 9- كتاب القراءة 10- كتاب الكتابة 11- كتاب الترجمة 12- كتاب الشهرة 13- كتاب الموت
- مع كثرة الاقتباسات في الكتاب (وهي في الأصل عموده وأساسه) إلا أن المؤلف برع في نسجها مع كلامه، وكأنه كلام متصل، لا تكاد تميز بينه إلا بعلامات الترقيم. - كأن المؤلف يميل إلى ملاينة الصوفية . - يسير المؤلف في كتابه على إيراد القولين والحجتين والنظرتين في غالب مسائل الكتاب . - في إفراد كل موضوع بكتاب تنويه إلى أنه يصلح أن يقرأ كل كتاب منها منفرداً برأسه، وأنك إن قرأت الكتاب من أوله أو وسطه أو آخره فكله سواء، مع كون ترتيب الكتب ترتيب موضوع ومنطقي . -أحسن المؤلف بإيراد بعض عناوين الكتب المتعلقة بكل موضوع تحدث عنه وذلك في نهاية كل كتاب.
فكرة هذا الكتاب جميلة جداً، يتناول المؤلف فيها قضايا متنوعة ويستعرض ماقيل في التراث العربي عنها، الفكرة بحد ذاتها رائعة، التنفيذ هو مالم يعجبني. مايقوم به المؤلف هو حشو كل ماقيل في كل موضوع سوائ كان قيّماً أم لا، والإسهام الذي يقوم به المؤلف في إضفاء معنى لهذا السيل العارم من الاقتباسات محدود جداً إن لم يكن معدوماً. أظن هذا الكتاب لم يكن ليصدر لولا توفر محركات البحث :) وبصراحة أقدّر جداً الجهد المؤول في جمع هذا العدد الهائل من المصادر، لكن نفسي تأنف من تقبل هذا النوع من الطرح المبني على التجميع وعدم تحليل هذه الامصادر بقدر كافي. العيب الآخر هو طول الكتاب، كان يمكن بانتقائية أكبر في النصوص اختصار الكتاب بقدر كبير.
ولكي لا أظلمه فكثير من الاقتباسات والقصص جميلة جداً، لم أحب القالب التي وضعت فيه فقط.
التراث العربي مليء بالمعاني والفلسفة العميقة والحكمة البديعة، في عدة فصول ينقل لنا الكاتب قصص وأفكار وأقوال وفلسفة من سبقونا من العرب بمختلف طوائفهم وإبداعهم في طرح تلك الأفكار. إحياء للتراث العربي باختصار.
كتاب جيد جدًا، وانتقادي الوحيد هو الحشو. أعتقد لو أن الكاتب تجنب هذا لكان الكتاب لم يتجاوز الـ400 صفحة.
حاول الكاتب فيه أن يُحيي التراث العربي بذكر مناقب العرب في حبهم للعلم والكتابة والترجمة والفلسفة وذكر ما لا يحصى من زهاد وحكماء وعلماء وأورد أقوالهم في قالب خفيف. المراجعات كثيرة عن هذا الكتاب، إلا أنني هنا أسجل انطباعي الخاص عن هذا الكتاب. الكتاب يصور لك كيف أن العرب أحبوا الكتب والعلم والترجمة أكثر من أي أمة أخرى. وقد صرف الكثير من العرب عمرهم في طلب العلم والتأليف والبحث والتجربة وإن غلب في أبحاثهم الفكر الإسلامي بشكل عام.
الكاتب يجلب لك أسماء في الغالب لم يسمع بهم أحد، ويجلب لك مناقبهم وأقوالهم من حكمة وعلم. كم هائل من السير والأقوال يجعلني أقف إجلالا للكاتب الذي قد تعب في جمع وفرز هذه الحكم. وتنتهي من هذا الكتاب وأنت مقتنع بأن التراث العربي فيه ما يُقرأ الكثير ويستفاد منه إلا أن أغلب هذه الكتب لا يُروج لها في المكاتب الحديثة. وكأنها قد عفى عليها الزمن. إلا أن هذه الكتب القديمة بها حكمة كثيرة وقصص ظريفة وتذهب في كل مذهب لترضي كل الأذواق.
كتاب الحكمة العربية - دليل التراث العربي إلى العالمية تاليف د.محمد الشيخ
كم هو ثري ما عند العرب من معارف و حسن نظر في أمور الحياة و الوجود و الموت و العدم . تناول العلماء العرب كل ما يخص الحياة من صداقات و الغيار و معارف و غربة و وحدة بانظار و فهوم واسعة. كما تناول العرب كل ما يتصل بالثقافة و الفكر من بقراءة و كتابة و ترجمة.
يستعرض الكتاب كثير من كلام علماء العرب من فقهاء و متصوفة و مفسريين و حكماء حول هذه الأمور في ترتيب بديع و حسن تنظيم .
بالطبع لا نسلم للدكتور في كل ما كتب من تفسيرات و اراء شخصية و لكن الكتاب فتح باب عظيم في مدارسة كلام العرب .
الكتاب الضخم الذي انهيته خلال فترة شهر رمضان 2020 وفترة الحجر الصحي لا يمكن الا ان تعطيه خمس نجوم ليس لمعلوماته القيمة طبعا وأنما للجهد الكبير المبذول بصياغته من قبل كاتبه الدتور محمد الشيخ
يجسد هذا العمل، الواقع في أكثر من 600 صفحة، محاولة حقيقية لمؤلف عربي معاصر لجعل العصارة الحكمية العربية جزءً من التراث الحكمي العالمي. أصاب مؤلف هذا العمل الغاية بإشباع ثلاث مطالب: أولا: صنف المحتوى الحكمي تصنيفا مقوليا ثانيا: دجج كل مطلب بجيش من الإقتباسات المباشرة ثالثا: أضاء شموع العرفان على شخصيات غمرها النسيان، واستأثرت بها ظلمات الإهمام.
يقع هذا السِّفر في مقدمة و 13 كتابا: الإنسان، الغير، الصداقة، الغربة، الانفراد، الحَرْفية، الحيرة، الحواس، القراءة، الكتابة، الترجمة، الشهرة، والموت.
وقد كنت آمل أن يضم العمل كتبا عن الذاكرة/النسيان، والجهل/الحلم، واليأس/الأمل.
العربية لغة وهوية ...ليس كل من تعلمها متقن لها ولا كل من ولد بين اهل غير اهلها قد يصبح يوما لها متقنا. العربية حياة ...ماض وتاريخ و شعب. العربية حكمة تعاش، نبض يستشعر في القلب، العربية هوية تجمع الاضداد تحت لواء الانتماء...وتشرع الابواب امام من يعدون غرباء عندما تعصف بهم غربة البلد البعيد. العربية لسان وايمان وانتماء. العربية قضية ودفاع وانطواء. العربية خير ونبل... وعدل....يكفي ان تولد في بلد عربي وتتقن العربية وتعرف عادات وتقاليد العرب وتؤمن بما يؤمنون وتدافع عما يدافعون وتفخر بعروبتك امام اهل الارض جمعاء ....ام ان خمسة قرون لم تكن تكفيك..؟؟
الكتاب فكرته بديعة، يستنطق المؤلف التراثَ العربي الإسلامي في مواضيع إنسانية مشتركة بين الأمم كالقراءة والكتابة والعلم والعزلة والصداقة …إلى آخره.
يحوي الكتاب كمية ضخمة من الاقتباسات الجميلة الصادرة عن ولاة وأدباء وقادة وفقهاء وصوفية ونحاة وأصوليين وأطباء منتمين للثقافة العربية الإسلامية، هو محاولة مذهلة لإعادة اكتشاف التراث وتقديمه بصورة عصرية "راهنة" .
ربما يعيبه بعض التكرار البسيط وعدم تحليل بعض الاقتباسات والربط بينها حيث يكتفي المؤلف بالنقل فقط في بعض المواضع.
الباعث لتأليف هذا الكتاب هو أن مدوّنة العرب، الشعريّة والنثريّة، لم تخلو من بريق الحكمة. لغة المؤلف متينة، جزلة، وشديدة التماسك. لا تتأخر بالقراءة، هنالك الكثير من المتعة والجمال بانتظارك
.كتابٌ جليل، وعمل وسيط، أنشأ به مؤلفه جسرا بيننا وبين كتب التراث المغمور، ثمة تكرار في بعض المواضع، ووجهة صوفية حاضرة، لكن ذلك لا يقدح في ما جُمع وقُدم، متعة ٌ تحثك على أن تبحر أعمق، وأن تعرف أكثر..