يحتوي الكتاب على قصائد لحواليّ عشرة شعراء إنجليز وأمريكان من بينهم: ديريك والكوت، آليس ووكر، ديفيد واجنر، إليزابيث بارتليت، شارلز سيميك، جو شابكوت، سوزان ستيوارت، جراهام مورت ، وغيرهم.
تسبق ترجمة القصائد مقدمة ضافية كتبها الشاعر حلمي سالم عن منهج ترجمة ناعوت وعن الملمح العام الذي يربط بين القصائد، يوضح فيها: أن ثلاثة ملامح فكرية فنية تربط بين هذه النصوص: أولها هو الطابع الكوزموبوليتاني، والثاني هو الالتزام الفكري والسياسي والاجتماعي، والثالث هو اصطياد الشعر مما لا شعر فيه.
كانوا خمسةً أو ستةً الرجال هؤلاء يتناولون عشاءهم في رواقِ البنايةِ ليلةَ صيفٍ قائظٍ, الرجال الذين أومئوا إليَّ على نحوٍ طيَّبٍ فأجبتهم بينما الطرقاتُ تومضُ من بعيد كمهرجانِ صيفٍ أو كعيدِ قدَّيسْ .
و أنا كزنجيَّ بسيط خِلتُ البشر سواء أبيضُ , أسودُ أو أصفر , خلتهم سواسيّةٍ بلا قوميّاتٍ بلا لون ! لكن حدسي خابَ عندما أوسعوني ضربـًا أنا الزَّنجيُّ التّعِس أثخنوني بالجراح .
و لأنني كنت أخشى الخنجرَ كاقتراجٍ وشيط خلعتُ معطفي الجديد قذفته بعيداً واستسلمتُ لمصيري .
وجهي تهشَّم و دمي سالَ لكنني أنقذتُ المعطفَ !
زحِفتُ على أربعٍ واختبأتُ في مصرفٍ أُراقب أماً تجرٌّ طفلها الطفل الذي تشبَّث بالمشهد : - " كفى ياجاك .. هم فقط لم يتعلَّموا الحبَّ بما يكفي ! "
وهكذا علّمته الأمُّ درسَه الأول .
نعم لن يقتلوك بالتأكيد فقط كانت دعابةً فجّةً كعادة الأمريكيين دوماً
سوى أنني وبرغم كلِّ شئ قد تعلمتُ شيئاً عن الحبَّ من خلالِ مزحةٍ قاسية .
في مكانٍ آخرَ
في مكانٍ ما يرمح حصانُ أبيضُ يتطاير شعرُه عبر حقلٍ مسيَّجٍ بالأشواك, هناك حيثُ رجالُ يفتتونَ الأحجارَ يحزّمون القشَّ في أكوامْ .
في مكانٍ مّا نساءُ مجهداتُ يرقبن البحرَ الذي يبكي مراكب صيدٍ غائبةً , زرقاء كالسلام نساءُ تعِبن من حكايا الوجعْ .
في ذلك المكانِ بعضُ أسرى حصادُ صغيرُ لأجسادٍ رهن المقايضة حيثُ يرقدُ الجنودُ في الطرقات أو يدخنون في غابة .
في مكانٍ ما تُنتهك قوانينُ تُمزَّقُ أوراقُ كثية ثمَّ تتمحور ورقاتُ الشَّجرِ لأشكالٍ جديدة .
في مكانٍ ما كاتبُ يرقدُ مفتوح الحدقاتِ على فراشٍ مُمتد هو الكاتبُ الذي لن يقرأ هذا و لم يكتب هذا إذ كيف السبيلُ إلى قلم ؟
وهانحن هنا أحرارُ لوهلةٍ بينما هنالك في ثلثٍ بعيدٍ من هذا الكوكب ثمَّةُ بارودةُ تفجَّرُ رأساً كان يفكرُ بالفردوس .
حيث لاشئ حرُ هناك سيختنقٌ الهواء في سلة الأوراقِ و يُقمع كلَّ ماكتبناه فيما حرفُ أزرق يشقُّ صوتَه سكينُ الورق .
عبر معتقلٍ مظلمٍ كهذا تشخصُ وجوهُ مجوَّفةُ تتشبَّثُ أصابعها بقضبانِ القصيدة هنا ... أو في مكانٍ آخر .
سوف تخبو نظراتهم شيئاً فشيئاً كأرقامٍ من دون ملامح كالتي حيرتك في دليل الهاتف أو ... كمذبحة نهاية العامْ .
لاتلوموا العالم إذن فالحماقات المظلمة لها أن تحدد مسار الضمائر لنشعرَ خلال حواسِنا المجهدة بصرخاتِ الشتاء الصامتة .
مُلحق وصيّة
مثل مصابٍ بالفُصام أو مشجوجٍ بفأسٍ , مثل أجيرٍ مطرودٍ لتوِّه , كافأت نفسي بالمنفى .
و على شاطئٍ مصابٍ بفقر الدمْ مشيتُ لأميالٍ في ضوءِ القمرْ ببشرةٍ سوداء محترقةٍ تودُّ لو تنسلخ كثعبانٍ , و تهرب من عالمٍ أحاديَّ الهويّة .
لكي تغيَّر لسانكَ عليك بتغيير وجودك .
ليس بوسعنا تصحيح الأخطاء القديمة , لأن الأمواجَ التي أجهدها السفرُ إلى خطََ الأفق تفزع لصوتِ نوارسِ تصرخ بألسنةٍ واهنةْ
فوق زورقٍ خشبيّ أفسدته رمال الشاطئ, تجثم غيماتُ " شارلوت فيل " التي نخرتها المناقيرُ السَّامة .
قديماً كنت أحسب أن حبَّ الأرضِ يكفي , و الآن لم يعد من مكانٍ في السَّلة .
أرقب العقول تبلى مثل هياكل الكلاب حول كسرات الخبز , و ها أنا أقتربُ من منتصف العمرِ ببشرةٍ محترقة تتقشَّر في يدي مثل غلافِ بصلةٍ فتطلُّ الأحجية التي لا تُحَلّ أبداً .
في القلبِ ... لاشئَ مطلقاً و لا حتى خوفُ من موت , فقد عرفت موتى كثيرين , متشابهون جميعهم . وحده الموتُ يعدلُ بين الناس , لأننا حين نغوص في النار لن ترتعد بشرتنا مجدداً خوفاً من فوَّهةِ الأرض الساخنة أو تنّورِ الشمسِ الساديّ و لا حتى من هذا القمرِ التعِس الذي يظهر و يختفي خلفَ الغمام مُمعناً في إفساد الشاطئ ليَتركَه شاخصاً متوحّداً مثل صفحةٍ بيضاء .
انتبهوا , فاللامبالاة تلك , تحملُ قدراً من الغضب !
كهول يجربون الغناء
الكهولُ الذين اعتادوا أن يغنُّوا , - بحذر - رفعوا أخاً لهم خارج البابْ
أفكَّرُ : لابدّ أنهم وُلدوا هكذا مدرَّبين كيف يؤرجحون برفقٍ تابوتاً , يجرجرون أقدامهم ببطءِ ,
ثمَّ يشخصونَ بحدقاتٍ جافّة نحو البعيد .
الزهور تربكُ خيالهم أكثر مما يفعلُ نحيبُ الأراملِ و الثكلاوات .
ها هم بعدما يوارون الجسد الترابَ ستراهم يقفون هناك - في ثيابهم البُنيَّة - في انتظار موتى جُدد .
حوارُ مع الشِّعر
قلت للشعر : - " انتهيتُ منك لتوَّي ." و فيما راح يحتضر بدأ يزحف نحوي , أضفتُ : - شكراً أيها الإبداع لم أعد كشاعرةٍ بحاجةٍ إلى الإلهام , سأذهب إلى هناك حيث شئٍ من الفرح , حيث عهودٍ لا تعرفُ الألمْ على الأقل ."
رقد الشعر على ظهره وادَّعى الموت حتى الصباح .
لم ينتبني حزنُ , ربما شئُ من الضجر وحسب .
قال الشعر فجأةً : - " أتذكرين الصحراءَ , و كم كنتِ سعيدةً أن لكِ عينين تريانها ؟ أتذكرين ذلك و لو لُماماً ؟ أجبتُ : - " لم أعد أسمعك حتى , فضلاً عن كونها الخامسة فجراً و بالتأكيد لم أصحُ في الظلام كم أجل أن أحادثك! "
قال الشعر : - فقط فكري في الأوقات التي تأمّلتِ فيها القمر فوق ذاك الوادي الضيق كم عشقتِه و كم أدهشتك أشعة القمر الخضراء و أن عيناً واحدةً مازلت لكِ ترصدين بها المشهد , تذكّّري ذلك و حسب ."
- " سألتحقُ بالكنيسةِ ." أجبته بغضبٍ و أدرت وجهي صوب الحائط - " سأتعلم كيف أصلي من جديد . "
- " دعيني أسألك إذن , حسب ظنَّك ماذا سترين في الصلاة ؟ "
باغتني السؤال فقلت و قد زال عني الهدوء : - " لا أوراق هنا في الغرفة قم هذا القلم الذي اشتريته بالأمسِ يُصدر صريراً مزعجاً ."
رماديّ
صديقتي التي تحولت للرمادي فجأةً ليس لون شعرها و حسب , ربما روحها أيضًا ! في الحقيقة لا أعرف لذلك سبباً .
هل نقص في فيتامين هـ . أو حامض البانتوثينيك أو ب 12 أم بسبب الوحدة و العذاب ؟
قصائد أخرى
( 1 )
بوسعنا جميعًا أن نهزم الذَّهب إذا لم نعبأ بصعودِ أو هبوط قيمته في سوقِ المال .
حيثما كان الذَّهب كانت السلاسلُ , و كلما كانت سلاسلك من الذهبِ الخالصِ كلما ازددت فقرًا .
ريشة الطائرِ , المحارةُ , الأصداف البحريَّةُ كلها على نفسِ الندرة .
هكذا تكون ثورتنا أن نخبَّ ما لدينا كما تعوَّدنا عشقَ مالانملك .
(2)
الحبُّ لا يعنيهِ مع من صلَّيت صلاة المساء أو أين نِمتَ ليلة فررت من بيتك الحبُّ يعنيه ألا تقتل دقاتُ قلبك إنسانـًا .
(3)
وقت خرجت من قلبك لم يعد جسدُك , حضوركَ , حديثُك الرقيقُ حتى , يُغريني .
سأذهبُ إلى بلدٍ بعيد حيثُ بحرٌ بيننا كيلا أمشي إليك بل سأمزق الرسائل التي تحكي عن ألمي .
(4)
لدينا أمُّ رائعة وثيرٌ .. حجرها الأخضر أبديُّ .. حضنها البُنّيُّ زرقة الجسدِ هي كلُّ ما نعرف .
وكم يستمر الحب اه ربما شهور وكم يلزمك لتتغلبي علي هذا الحب اسابيع ثلاثة يا لك من امرأة فريدة " اليس ووكر " مجموعة مميز اعجبتني جدا خاصة اغنية زنجي ل ديريك والكوت و رمادي ل أليس ووكر