محمد صلاح الدين عبدالصبور. ولد في مدينة الزقازيق (مركز محافظة الشرقية - شرقي الدلتا المصرية) وتوفي في القاهرة. عاش حياته في القاهرة، وزار عدة عواصم عربية، ومدن غربية. تلقى تعليمه قبل الجامعي بمدارس الزقازيق، وحصل على الشهادة التوجيهية (1947) ثم التحق بكلية الآداب - جامعة فؤاد الأول (القاهرة) فتخرج في قسم اللغة العربية (1951). بدأ حياته العملية مدرسًا للغة العربية، مثلما عمل صحفيًا بمؤسسة «روز اليوسف»، ومؤسسة «الأهرام». انتقل إلى وزارة الثقافة، فعمل بإدارة التأليف والترجمة والنشر، ثم رئيسًا لتحرير مجلة السينما والمسرح، ونائبًا لرئيس تحرير مجلة الكاتب، ثم عمل مستشارًا ثقافيًا بسفارة مصر بالهند (1977 - 1978)، فرئيسًا للهيئة المصرية العامة للكتاب حتى وفاته فجأة إثر استفزاز نفسي أثر في قلبه. كان عضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للصحافة، ومجلس اتحاد الكتاب، ومجلس أكاديمية الفنون، واتحاد الإذاعة والتلفزيون. شارك في «جماعة الأمناء» التي كونها أمين الخولي، كما شارك في تكوين «الجمعية الأدبية» مع عدد من نظرائه من دعاة التجديد. نال جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الأولى: «مأساة الحلاج» 1965، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1965، ومنحته جامعة المنيا (وسط الصعيد) الدكتوراه الفخرية. صدرت دوريات عدة عقب رحيله خصصت لإبداعاته: مجلة المسرح (أكتوبر 1981) - مجلة فصول (أكتوبر 1981) وعلى صدر الدورية عبارة: «الشاعر والكلمة». كما أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب: «وداعًا فارس الكلمة» - قصائد إلى صلاح عبدالصبور (1982). أطلقت مدينة الإسكندرية اسم الشاعر على مهرجانها الشعري الأول. قدمت عن شعره، ومسرحه الشعري، ونقده رسائل جامعية.
الإنتاج الشعري: - صدر للشاعر الدواوين التالية: «الناس في بلادي» - دار الآداب - بيروت 1957، «أقول لكم» - دار الآداب - بيروت 1960 (الطبعة الخامسة - دار الشروق - القاهرة 1982)، «أحلام الفارس القديم» - دار الآداب - بيروت 1964 (الطبعة الرابعة - دار الشروق - القاهرة 1981)، «تأملات في زمن جريح» - دار الآداب - بيروت 1970 (دار الشروق - القاهرة 1981)، «شجر الليل» - دار الآداب - بيروت 1972 (الطبعة الثالثة - دار الشروق - القاهرة)، «الإبحار في الذاكرة» - دار الشروق - بيروت1983، نشرت الدواوين الستة مع كتاب «حياتي في الشعر» في مجلد واحد من «الأعمال الكاملة» لصلاح عبدالصبور - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1993، نشرت له قصائد مختارة في ديوان بعنوان: «رحلة في الليل» - الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة 1970، ونشرت له قصائد في صحف عصره: «حياتي وعود» - مجلة الثقافة - القاهرة 1/12/1952، «انعتاق» - مجلة الثقافة - القاهرة 15/12/1952، «عودة ذي الوجه الكئيب» - الآداب - بيروت - يونيه 1954، «إلى جندي غاضب» - الآداب - بيروت - يناير 1957، «عذاب الخريف» - الآداب - بيروت - يناير 1958، «أحزان المساء» - المجلة - القاهرة - مارس 1961، «الطفل العائد» - الكاتب - القاهرة - أبريل 1961، «المرآة والضمير» - الأهرام - القاهرة 30/9/1966، «الضحك» - الأهرام - القاهرة 14/4/1967، أشعارهم عن الربيع: «الكواكب» - القاهرة 20/9/1969، «إنه قمري يا أصدقاء» - مجلة الإذاعة - القاهرة 4/10/1969، «عندما أوغل السندباد وعاد» - مجلة العربي - الكويت - أكتوبر 1979، وكتب خمس مسرحيات شعرية: «مأساة الحلاج» - دار الآداب - بيروت 1965، «مسافر ليل» نشرت في مجلة المسرح - القاهرة - يوليو وأغسطس 1969 - طبعت في دار الشروق - بيروت 1986، «الأميرة تنتظر» نشرت في مجلة المسرح - القاهرة - أكتوبر ونوفمبر 1969 - طبعت في كتاب: دار الشروق - بيروت 1986، «ليلى والمجنون» نشرت في مجلة المسرح - القاهرة - فبراير 1970 - (طبعت بالقاهرة - دار الشروق - وبيروت 1986)، «بعد أن يموت الملك» - دار الشروق - بيروت 1983.
الأعمال الأخرى: - نشر ثلاث قصص قصيرة: «قصة رجل مجهول» - مجلة الثقافة - القاهرة 8/12/1952، «الشمعة» - مجلة الثقافة - القاهرة 29/12/1952، «فدَّان لله» - مجلة صباح الخير - القاهرة 18/12/1958، وكتب اثني عشر كتابًا بين السيرة الذاتية والمتابعات النقدية، والقضايا الحضارية: «أصوات العصر» - دراسات نقدية - القاهرة 1960، «ماذا يبقى منهم للتاريخ؟» - القاهرة 1961، «حتى نقهر الموت» - بيروت 1966، «قراءة جديدة لشعرنا القديم» - بيروت 1968، «حياتي في الشعر» - بيروت 1969، «علي محمود طه» - دراسة واختيار - بيروت 1969، و«تبقى الكلمة» - بيروت 1970، «رحلة على الورق» - القاهرة 1971، «قصة الضمير المصري الحديث» - القاهرة 1972، «النساء حين يتحطمن» - القاهرة 1976، «كتابة على وجه الريح» - القاهرة 1980، «على مشارف الخمسين» - القاهرة 1983، وترجم الأعمال الإبداعية الآتية، عن الإنجل
العنوان، صراحة، جعلني أدندن وأستعيد أبياتا من قصيدة أحبها دونما سبب لصالح جودت، يقول فيها وهو المغازل الأكبر:
يا حلوةَ العشرين لا تفزعي
من همسةِ الخمسينَ في مسمعي
أنا شبابٌ سرمديَّ المدى
أنا ربيعٌ دائمُ المطلعِ
لا يكبرُ الشاعرُ يا طفلتي
فعمرهُ في حسّه الطيّعِ
لا زلتُ بالروحِ قويُّ السرى
كدفقةِ النهرِ مِن المنبعِ
قلبي على العشرينَ قيّدتهُ
فعمرُ قلبي ليس يجري معي
على مشارف الخمسين لصلاح عبد الصبور، وهذا الكتاب ظهر في طبعته الأولى بعد وفاة صاحبه في أغسطس 1981، بُعيْدَ احتفاله ببلوغه خمسين عامًا منذ أشهر قليلة في مايو 1981، يحدث هذا!، وإن ابتدأ هذا الكتاب بقوله:
أتقدم الآن نحو الخمسين، ولو استطعت أن أوليها ظهري لأعود إلى أيامي السالفة القديمة لفعلتُ، فأنا أحسّ بوطأة مقدمها وبيني وبينها سنةٌ وبضعة شهور، فكيف لو سقطت في هوّتها مسلوب الحَوْل، ولكن هكذا مضت الأيام، وسقط يوم ميّت في آخرٍ مولود حتى انتبهت ذات مساء أو صباح فإذا العمر في مغربه
والكتاب يتحدث عن منابع شعره الأولى، وكيف أكتشف لأول مرة أنه شاعر!، وكيف أدرك لأول مرة وهو صبي أن أذنه تستطيع دون عون أن تفطن إلى نغمات الشعر وعَروضه، وأن ذاكرته تستطيع أن تحفظ بعض ما يقرأ عليها من الشعر، وأن صور الشعر تستوقفه حتى لتبدو كأنها عالم عياني محسوس
ويطمع الصبي - أو الحدث - عندئذٍ إلى تقليد ما يحبّ، وهنا يأتيه هذا العالم المموسق المصوّر مجانيًا، وتبرز القصائد والمقطعات التي قد يكون الكثير منها ركيكًا، وكأنها تريد أن تكتب وتتحقق، وكذلك كان حالي في سنوات الصبا الأول، أما الحال الثانية، حين يكتبك ما تكتبه، فهي حال أكثر عمقًا، إنها حال الكاتب حين يقترب من دائرة النار، فيلمس الحقيقة العميقة
وهذا الكتاب رحلة صغيرة في عالم شعرائه الأُوَل، وكيف رحّب به "محمود حسن إسماعيل" وأصبح من أصدقائه سريعًا، وكيف هاب لقاء "علي محمود طه" عندما رآه مرّةً واحدةً في حياته فلم يتم اللقاء رغم جسامة تأثير ديوان "الملاح التائه" و"ليالي الملاح التائه" في حياة الشاب صلاح عبد الصبور وخياله، وعن "إبراهيم ناجي" الذي أدناه إليه و..
وسلّم عليَّ مرحّبًا، ووجدتني أنا ابن التاسعة عشرة أو أقل، أجلس إلى ناجي يسمعني شعره الذي لم ينشره بعد، ثم ينتقل إلى ترجمته لبعض سونيتات شكسبير أو قصائد بودلير، فيفيض كريمًا بالحديث والضحك والشعر والثرثرة، وبعد حين يرقّ الجوّ ويصفو، حتى تتصور أنك في صحبة ملاك مجنّح أو طائرٍ رقيق
"فَكَأَنَّها وَكَأَنَّهُمْ أَحلامُ" فكلمات هذا الكتاب جدّ قصيرة، وكان يقول أنه سيتحدث عن ذاك وذاك فيما سيأتي بعد وإن لهذا الحديث إطلالة قادمة .. ولم تأت
قراءة ممتعة سريعة جاءت على سبيل الفضفضة، وفيها تتجلى موضوعية صلاح عبد الصبور، وكنت أحيانًا كثيرة قبل قراءة هذا الكتاب أسأل نفسي: لماذا يكتب أحدهم سيرته أو أجزاء منها؟ فلنقل أن صلاح عبد الصبوز بهذا الكتاب يجيب ضمنيًا، صحيح أن الكتاب لا يتعدى فضفضة شاعر لاحظ تناقضات الزمان، إلا أنه نوعا ما يبرأ ذمته من أشياء كثيرة في الماضي، يعطي الفضل لأصحابه، وينقض من طرف خفي زمانه! هو كتب ليستريح لا أكثر ولا أقل!