عاشت هذه الرواية في ذهني منذ أعوام. وكتبت خطوطها العامة وهجرتها, لكنها لم تفارقني رغم ذلك, وأعدت قصها مرات ومرات, مع نفسي .. ومع آخرين, حتى بات أمر تدوينها لا مفر منه. فكان أن تيسرت الفرصة. وقد يبدو فيها الواقع لصيقا أو قريبا, لكنه ليس كذلك. فالمقاربة هنا تلمس فني لا علاقة له بمصداقية الحياة التي تحيا في ثنايا هذا العمل. وكذلك الأمر بالنسبة للأسماء والمسميات, فهي علامات لمعنى النسيج
أعتقد أن قلة فقط من سمعت بهذا الكاتب أو تلك الرواية!
اعتاد (س) أن يلتقي بها في صحبة من الأصدقاء، يتجادلون في مختلف المسائل الفكرية ويتبادلون الآراء بكثير من العمق والتخصصية، أعجبه عقلها وجذبه تصميمها وعنادها في بعض الأحيان؛ وكان دومًا يقول لها: أي ذهن يكمن تحت هذا الحرير الحالك السواد!؟
كانت جملته الأثيرة لها ولغيرها: "الإنسان أعقد مما ينبغي". قد نبدو على السطح بسطاء، قد يُخيل إلينا أننا نفهم الآخرين جيدًا، بل قد يملؤنا الغرور حتى ندّعي أننا نفهم أنفسنا! الحقيقة أننا لا نفهم أي موضوع برمته، بل نلتقط جوانبا منه فقط . الصورة الكاملة لا يمتلكها أحد لا عن نفسه ولا عن غيره ولا عن أية قضية.
عقدة (س) الرئيسية أنه يحب (ليل) وأكيد من هذا، وبرغم لقاءاتهما المتكررة على مدار ستة أعوام إلا أنه لم يجرؤ مرة واحدة على الإفضاء لها بما يعتمل داخله. هي تعلم أنه يحبها ولكنها لم تدفعه مرة لأن يصرّح بوضوح، على العكس كانت تشفق عليه وتشعر أنه ممزق بينها وبين شئ آخر، شئ لا تعلم هي كنهه.
لطول المدة التي عاشها (س) وحيدًا بات يشعر أن الوحدة هي قدره. أدرك أنه سيعيش للأبد وسط كتبه و قراءاته. لا يصلح للوفاء بالالتزامات الزوجية المعتادة، ولا يجرؤ على التضحية بحريته وانطلاقه وحياته كرجل أعذب.
هي؟ (ليل) كانت تدرك كل هذا وأكثر، وأبدا لم تضغط عليه، ولكن هذا لا يمنع من أن تستفزه أحيانا بذكر من يلاحقها أو من تقدم لخطبتها كعادة الفتيات الأثيرة، ولكنها أبدا لم تبالغ في هذا.
ما هو السر الحقيقي الذي يكبح جماح (س) و يقيده؟ أهو حقًا خوفه من الإلتزام، أم أن هناك ما هو أخطر من هذا؟