ينطلق الغذامي فيما بحثه هذا التحول الذي يمكن اعتباره (منبشاشي) من باب الاختلاف العريض مع باب الاجتهاد المفروض على الكل، مما يجعل الثقافة الفقهية نشاطا معرفيا حيويا وتفاعليا، حتى لا يبقى مجال للخوف ولا آخر لسد الذرائع، مما يفترض فتح الذرائع لا سدها مبدأ جوهريا في مشروع الفقيه الفضائي، بوصفها قضايا جوهرية في المبحث الفقهي العصري، والتي لا تحصر الفقه في تصورات بدائية كطلب التسهيل، أو فرض الأحوط، أو تقليد الموثوق به، لتجعل الفقه خطابا ثقافيا ومعرفيا اجتهاديا واختلافيا ووسائليا، الأمر الذي يضع معنى تؤسس له تصورات وسلوكيات الفقيه الفضائي..وهو ما يجعل هذا المنظور مرتكزا تدور فيه مباحث الكتاب.
يصف إصدار الغذامي المدونة الفقهية، بأنها مدونة في الرأي والاختلاف والتغيير، حسب تغير الأزمنة، واختلاف الأمكنة، وتباين الأحوال، إلى جانب النيات والعوائد..متخذا من أقوال الأئمة في مختلف العصور في هذا السياق، ما تتأكد به ظرفية وثقافية الخطاب الفقهي، الأمر الذي يجعل من الاجتهاد شرطا معرفيا على الكل، العامي مثل الفقيه..مستشهدا في هذا الجانب بقول الإمام الشاطبي، بوجوب الاجتهاد على العامي مثلما هو واجب على الفقيه العالم، وذلك لأن آراء الفقهاء بالنسبة إلى العوام، بمثابة الأدلة بالنسبة إلى الفقيه.
أكاديمي وناقد أدبي وثقافي سعودي وهو أستاذ النقد والنظرية في جامعة الملك سعود بالرياض، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعتي اكستر بريطانيا، صاحب مشروع في النقد الثقافي وآخر حول المرأة واللغة. حصل على جائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج في العلوم الإنسانية، وحصل على جائزة مؤسسة العويس الثقافية في الدراسات النقدية ، عام 1999م وتكريم ( مؤسسة الفكر العربي ) للإبداع النقدي ، أكتوبر 2002 ـ القاهرة .
أولى كتبه كانت دراسة عن خصائص شعر حمزة شحاتة الألسنية، تحت اسم (الخطيئة والتكفير: من البنيوية إلى التشريحية). كان عضوا ثابتا في المماحكات الأدبية التي شهدتها الساحة السعودية، ونادي جدة الأدبي الثقافي تحديدا في فترة الثمانينات بين الحداثيين والتقليديين، لديه كتاب أثار جدلاً يؤرخ للحداثة الثقافية في السعودية تحت اسم (حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية). يعد من الأصوات الأخلاقية في المشهد السعودي الثقافي، ويترواح خصومه من تقليديين كعوض القرني إلى حداثيين كسعد البازعي وأدونيس. يكتب مقالا نقديا في صحيفة الرياض منذ الثمانيات، وعمل نائبا للرئيس في النادي الأدبي والثقافي بجدة، حيث أسهم في صياغة المشروع الثقافي للنادي في المحاضرات والندوات والمؤتمرات ونشر الكتب والدوريات المتخصصة والترجمة.
ما يعجبني في اسلوب الغذامي أنَّه قبل أن يُخاطبك عن المُشكلة يُخبرك عن أسبابها، يُحلِّلها، ويشرح حال البيئة والأشخاص الذين يتعاطون مع هذه المُشكلة، ولمَ يتعاطون معها بالطريقة الفلانية عوضاً عن الأخرى. إذ يعرض الخلفيَّات الثقافيَّة/الفكريَّة ويُبرَّر ردَّات الفعل استناداً عليها.
الكتاب ثريُّ ودسمٌ في الوقت ذاته، وهو إن صحَّ القول : قراءة عميقة، دقيقة، وتاريخيَّة للموقف والحدث. تناول فيه الكاتب مواضيع عديدة أكثر ما أعجبني منها هو الفصل السَّادس: "الإختلاف السالب ( فقة الصورة)" والذي يتحدث عن ثقافة الغرب عن الإسلام، ومفهوم الآخر عن العرب بشكلٍ عام والتغيير المدوي الذي أحدثته أحداث الحادي عشر من سبتمبر بهذه الصُورة، وكل مافعلته أحداث التفجير -في الواقع- هي أنها قطعت الشك بيقينٍ كان موجوداً مسبقاً كما ذكر الغذامي، إذ يقول: "ولقد كان الحادي عشر من سبتمبر أحد المُنبهات النسقيّة، ولم يكن أصل المشكل في صورة الإسلام في الثقافة الغربية ولا سببها، ولكن الحدث نفسه ناتج ثقافي عن معنى قديم مترسخ عند الطرفين في صورة كل واحد منهما لدى الآخر."
ويُكمل :" لقد أسهمت حادثة الحادي عشر من سبتمبر في منح الكارهين سبباً عملياً لكراهيتهم وأعطتهم البرهان على أن كرههم لنا هو ناتج عن حقيقة فينا وليس عن تعنّت منهم ولا عن عنصرية واستعلاء استشراقي وإمبريالي متغطرس، وقدم الحدث فرصة لهم ليقولوا إننا نكرههم لأننا لا نملك قيمهم في الحرية والمساواة، ولأننا عاجزون عن تحقيق الحضارة ونقل التكنولوجيا….وتمت الحبكة الدرامية بإتقان. نحن (أو بعضنا) ساعدنا على صنعه، وتلك كانت هدية تاريخيّة لكل الكارهين والعنصريين لكي يظهروا في مظهر الطاهرين والمتفوقين أمام قوم ناقصين وعاجزين وبالتالي متوحشين وأشرار."
"هو تاريخ تشويهي امتد على مدى ثمانية قرون، وقد يخمد حيناً ولكن شيئاً ما سيوقضه، إما تصرفات سياحية طائشة تشهدها شهور الصيف في لندن من عرب وعربيات لا يعلمون مقدار الضرر الذي تتركه تصرفاتهم على صورتنا في نظر الآخرين، وإما تفجير يقتل الناس في المطارات والباصات وتجري نسبة الحدث إلى الإسلام كدين وكثقافة وكبشر."
فكرة الكتاب كلها تتلخص في الآتي: وفق آراء الفقهاء الكبار مثل الأئمة الأربعة والشاطبي وابن القيم، فإنّ الفتوى ليست شيئا ثابتًا، بل هي رأي في الدين (وليس رأي الدين بالضرورة) ويمكن أن تتغير بتغير الزمان والمكان والنوايا والعادات. والآن مع ظهور برامج الإفتاء المباشرة على الفضائيات تظهر بعض الإشكالات التي تتطلب وعيًا من الفقيه الفضائي بالشرائح التي تتابع برنامجه ما بين محلية وأخرى مُهاجرة وأخرى غير مسلمة، بخلاف الفقيه الأرضي. ولذلك فمن الأفضل اتباع الرأي بتغيّر الفتوى وفتح باب الاجتهاد والوسطية، في مقابل الرأي القائل بسدّ الذرائع وحكر الفتوى على جهات محددة خوفًا من فساد الدين في هذا الزمن الذي نعاني فيه من الغزو الفكري والتآمر الغربي علينا. ويستشهد المؤلف بمثالين حاضرين هما الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة. ويبدو أن المؤلف يتفق مع رأي الشاطبي في أنّ على المستفتي أن يجتهد أيضًا عندما يسمع الآراء المختلفة فيوازن بينها ويرجّح، بدلا من أن يقلّد تقليدًا أعمى.
في رأيي الشخصي لم تكن هناك حاجة لإصدار كتاب كامل، وكان يكفي مقال مطوّل، فأغلب الكتاب إعادة وتكرار. هذا وهناك فصل "الاختلاف السالب" يتحدث فيه المؤلف بإسهاب عن العرب والمسلمين في لندن وانعكاس صورتهم وتصرفاتهم على صورة العرب والمسلمين عمومًا، وهو فصل لا أجد رابطًا قويا واضحًا بينه وبين موضوع الكتاب وسؤاله البحثي. ربما تكون الإضافة الحقيقية الوحيدة-في رأيي- هي تبيان ملامح الفقيه الفضائي، وكان يكفيها بضع صفحات. وعلى أية حال، هذا الكلام ليس فيه جديد إلا على مستوى التنظير والمصطلح.
في رائعة اخرى من روائع الدكتور عبدالله الغذامي ، يتناول مسيرة وإشكاليات تحول الخطاب الديني من المنبر الى الشاشة في كتابه الفقيه الفضائي ..
ياتي هذا الكتاب بعد انتشار ظاهرة الفقيه الفضائي وانتقال الفتاوى من المحلية الى العالمية، حيث كان المعتاد عليه في المدونة الفقهية هو الفقيه الارضي والذي يفتي مراعيا المحددات الظرفية والزمانية الضيقة قبل ثقافة الصورة .. يتناول المؤلف سبع قضايا حساسة ضمن نطاق هذا التحول من الفقيه الارضي الى الفقيه الفضائي ، وقد تناول كل قضية في فصل مستقل كالتالي
الفصل الاول : الفتوى .. راي الدين ام راي (في) الدين تبرز هنا إشكالية التصاق فتوى الكثير من الفقهاء بمصادر التشريع (الكتاب والسنة) وكانها راي الدين متناسين آرائهم الشخصية وتحليلاتهم .. وهذا الإشكالية خطيرة كونها تمس الدين، فإذا كان الفقيه يرى بان فتواه هي راي الدين فهذا يوحي بان الدين متغير ومتبدل باختلاف الظروف وان الفقيه موكل مباشر كالأنبياء والرسل .. فيطرح المؤلف ان الفتوى راي في الدين وليس راي الدين ضمن عرض لكافة المبررات
الفصل الثاني : الاجتهاد والاختلاف وهنا يتناول هذه الثنائية وكيفية تحول مفهومها من الفقيه الارضي للفقيه الفضائي
الفصل الثالث: حجب الفتوى وهنا يتنزل خطورة حجب الفتوى والآراء الفقهية لاخرى وتأثيرها الاجتماعي والثقافي العميق
الفصل الرابع: الوسطية الكل يدعي الوسطية من جميع الأطراف، لذا يتناول المؤلف هنا هذا المفهوم بطرح علمي مفصل مع استعراض لمبادئ الوسطية لدى مختلف الفقهاء منهم القرضاوي وغيره
الفصل الخامس: الاختلاف السالب (فقه الصورة) هنا يتناول قضية حساسة جداً .. وهي دور الصورة الذهنية لابناء ثقافة معينة في تشويه سمعة ثقافهم وهويتهم - العرب في الغرب على سبيل المثال
الفصل السادس : الاختلاف الساخن وهنا يتناول بعضا من قضايا شكلت اختلافا ساخنا بين فقهاء ومفكرين وغيرهم .. ويظهر دور النسق في صنع التأثير
بحث لطيف وجميل، يُطلعنا المؤلف من خلاله على تحول سريع لم نلحظه كثيرا .. مستعرضا مجموعة من الأفكار والاحداث الجديرة بالانتباه والملاحظة
في هذا الكتاب يخلع الغذامي طربوش الأديب ويرتدي عمامة الفقيه وإن لم يتخلّ عن أنساقه الثقافية :) كتاب رائع وعميق ورغم قلة صفحاته إلا أن كل كلمة كانت في موضعها بكل وضوح واختصار وتركيز على الفكرة. الكتاب يتحدث عن الفقيه الفضائي الذي يقابله الفقيه الأرضي الذي يكون محاطا ببيئته المحلية ويعيش مع الناس في هذه البيئة ويتفهم أمورهم وبناء عليه فتواه تكون مناسبة للظرفين المكاني والزماني بعكس الفضائي والذي حديثه خارج الإقليم المحلي وهو موجه لثلاث فئات هي : المسلمون داخل البلاد الإسلامية، المسلمون خارج البلاد الإسلامية ومايترتب عليه من أحكام تخصهم، غير المسلمين ممن يتابعون الخطاب الإسلامي في الإعلام ونظرة المسلمين لهم. ولكل فقيه مميزات خاصة تختلف عن الآخر فالفقيه الأرضي لا تلزمه معرفة بالأحوال خارج إقليمه كما أن الدعاة والفقهاء البعيدين عن الإعلام لا تشملهم هذه الدراسة وكان أشهر مثالين استعان بهما الدكتور هما فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة في برنامجيهماالشريعة والحياة وبرنامج حجر الزاوية.
فصول الكتاب: الفقيه الفضائي الفتوى رأي الدين أم رأي (في) الدين الاجتهاد والاختلاف حجب الفتوى الوسطية الاختلاف السالب(فقه الصورة) الاختلاف الساخن
وأظن الفصول تشرح نفسها ومحتواها وفي الفصل الرابع استشهاد بحالات حجب الفتوى والأضرار التي ترتبت عليها.
الكتاب جميل ككل ومفيد وطريقة ترتيبه واضحة وتساعد على التركيز كما أنه مركز وواضح الفكرة.
الفقيه الفضائي (تحول الخطاب الديني من المنبر إلي الشاشة) عبد الله الغذامي ................. لقاء جديد يجمعني مع الكاتب الكبير عبد الله الغذامي بعد لقاءات سابقة، ولا أستطيع إلا ان أقول عنه إلا أنه لقاء مثمر كباقي لقاءاتي به، وقد كانت لقاءاتي به سابقا غاية في الإفادة، ولا أنكر أن هناك تغييرات كبيرة أجراها الكاتب بقلمه في عقلي في الفترة الماضية حتي عددته واحدا مما أثروا في تكويني الفكري وإعادة توجيهي الثقافي من جديد. يدور الكتاب _ كما يدل عليه عنوانه _ حول الفقيه والمفتي في عصرنا الحاضر، عصر الإنترنت والقنوات الفضائية، وكما يدل العنوان فإن الفقيه في هذا العصر يختلف دوره ودور فتاواه تماما عن دوره القديم وذلك لأن الجمهور أصبح مختلفا سواء من ناحية المستوي الثقافي أو من ناحية قدرته علي الإتصال والتواصل مع حضارات مختلفة ومصادر معرفة مختلفة، وكذلك من ناحية نوع الجمهور حيث صار يتحدث اتلفقيه الفضائي إلي جمهوره القديم، وهم من يتصل بهم مباشرة، وجمهور مسلم يقيم في بلاد غير إسلامية، وجمهور غير مسلم يتابع فتاواه في إطار التلاقح الثقافي الذي اشتدت وتيرته في هذا العصر. أصبح التغيير ضرورة، وصارت الفتاوي القديمة لا تلبي حاجات العصر، لاختلاف الجمهور، "ولئن كنا نقول إن التغيير هو سنة الكون إلا أننا سنرى أن كل شيء يتغير باستثناء شيء واحد _ وهو الأخطر _ ألا وهو ذهنية الإنسان والتي نسميها بالنسق الثقافي، وهي الذهنية التي تفرز الفتوى في حالتنا هذه وتفرز فهمها للدين وللأحوال وللزمان." الفتوي التي يعتبرها البعض رأي الدين يجب الآن وفورا تغيير معناها لتصبح رأي في الدين بدلا من رأي الدين، وصار احترام الآراء المخالفة من واجبات المجتهدين، لكن هذه تعتبر أمنيات "فلو حدث لأحد منا وصدق نفسه من حيث هو ناطق بمراد الكتاب والسنة فهذا معناه أنه يمنح رأيه حقا ��طلقا في الصدقية وأحقية مطلقة في الاتباع، وكل مخالفة ستكون ابتداعا ومروقا، وكأن الذات هنا تمنح نفسها عصمة قاطعة، وتمنح رأيها عصمة لا يجترحها شك ولا نقض." "والكتاب والسنة هي مرجعيات للمختلفين معا وجميعا ولا يختص بها واحد دون غيره، وهي دعوى للجميع وليس لأحد حق احتكار المعني والمعرفة الوحيدة." الخلافات بين الأئمة لا يمكن اعتبارها كلها خلافات جوهرية، لأن الكثير منها خلافات ظاهرية، ويمكن اعتبار أغلب هذه الخلافات ناتجة عن سيطرة النسق الثقافي علي العقول التي تنتج هذه الآراء أو الفتاوي، "يتحكم في البشر سلطان النسق الثقافي ويدير رؤيتهم الظرفية والذهنية." "ولنتصور أن إماما فكر أن يغير ثوبه وشماغه ولبس بنطلونا ثم تقدم لإمامة الناس في أحد مساجد الرياض، ماذا سيجري له وماذا سيقال عنه، مع ان هذا الإمام نفسه لو أم الناس لابسا ذاك البنطال نفسه في أحد مساجد لندن لما قال له أحد شيئا، أي أن المسألة ظرفية وليست جوهرا دينيا، وما كان العقال والثوب من ملابس رسول الله ولا صحبه، ولكن اللباس اكتسب قيمة ذهنية من حيث القبول والتراضي به، ثم صار قيمة معنوية لو مسها التغيير فكاننا هنا نغير لب الدين وجوهره وسوف تقوم فتنة كبيرة علي الفاعل أقلها العزوف عن الصلاة خلفه وسيكون بمثابة المبتدع وحتي المارق." انتقل الكاتب للحديث عن تقنين الفتوي ومنح بعض الجهات الرسمية سلطة حجب الفتاوي المخالفة، وقد عارض الكاتب بشدة هذا الاتجاه، ورأي أنه يسقط الاجتهاد ويلغي الثراء في الآراء المختلفة، كما أنه ينفي دور الفتاوي كموجه للتغيير ويجعلها آداة لتثبيت الواضع القائم. وعن الاختلاف في الفتاوي يري الكاتب أن الاختلاف في الفتاوي ليس مما يجلب الضرر، بل هو يري العكس، ويدلل علي قوله بأن كلمة السلف الصالح أو رأي السلف الصالح فيها الكثير من التضليل؛ لأن رأي السلف الصالح لا يمكن حصره في رأي واحد، "هذا ما يجعلنا نري غلبة القول بأن الفتوي هي رأي الدين وهي حكم الكتاب والسنة وهي ما يقول به السلف الصالح. وهذه كلها صيغ دفاعية تحاول حماية النظام التكفيري عبر تلبيسه هذه المعانى، مما يفضي إلي مقاومة التغيير إلي درجة التوجس من الكلمة ذاتها والتشكك في نية قائلها، فإن لم يكن سيء النية فلا بد أنه غافل وبريء ويجب نصحه، فإن لم يكن فلا بد من ردعه ومواجهته والتحذير منه وحماية الناس من شره وكانما هو الوسواس الخناس." يفرض العلماء الأقدمين علي العامي أن يجتهد في الترجيح بين الآراء المتعارضة والقتاوى المختلفة، وقد اعتبر الترجيح بين الفتاوي ضرورة لكن الناس يميلون للآراء الجاهزة لأن هذا الاتجاه يوفر لعقولهم الراحة والامان، بينما الترجيح وإعمال العقل وإجهاده يسلبهم هذه الراحة. " ومن هنا يأتي الاجتهاد في مقابل التقليد لأن المقلد كما قال ابن الجوزي: "علي غير ثقة في ما قلد فيه، وفي التقليد إبطال لمنفعة العقل، لأنه خلق للتأمل والتدبر، وقبيح من اعطي شمعة يستضيء بها أن يطفئها ويمشي في الظلمة". "كما أن حصر العوام في دائرة التقليد تحول البشر إلي قطيع ثقافي مستلب الإرادة وتجعله في حال من التسليم المطلق وسيشمل هذا سائر التخصصات حتي السياسي منها والإداري لما يخلقه من طبقية ثقافية تقسم البشر بين فئة هي أهل الحل والعقد وفئات هي العوام التابعة والمستسلمة، وهذا هو ما كنا شرحناه من قبل تحت مصطلح (الشعرنة)." الوسطية مصطلح صار يتحارب عليه الفقهاء، رغم ان الوسطيين الحقيقيين قليلين، كما أن المنهج الذي وضعوه لم ينتمي إليه إلا القليل من العلماء، لكن عدم وضوح الفواصل بين الوسطي وغيره جعل الكل يدعي لنفسه الوسطية. لكن اهم ملامح الوسطي هي قبوله الاختلاف في الرأي " وأشار سلمان العودة إلي أن رافضي الاختلاف هم الذين يؤججون الخلاف، وفي المقابل فإن المتعاملين مع الخلاف تعاملا منهجيا هم الأقرب إلي تحييد مغبات الفرقة والتناحر." يقول الكاتب أن " ولكل منا سلفه الصالح تماما مثلما أن لنا أصدقاء ملازمين، وفي كلتا الحالتين نحن نختار من يشبهنا ويقول ما كنا نريد قوله، ونحن نتخذ السلف عصبة لنا تقوي ما نريد وتعزز ما نميل إليه وسنجد أن قول أي صحابي هو بمثابة التحصين المعنوي لدلالة التقوي عندنا فرأي الصحابة ينقذنا من مظنة المروق، وهذه خيارات ذهنية ونفسية تلجأ إليها النفس البشرية ليس لطلب الحجة، وإن كان ظاهرها كذلك، ولكنها لتقوية الرأي الذاتي، وربما نقول إن الواحد منا لا يتبع السالفين ولكنه في الحقيقة المضمرة يجعل السالفين يتبعونه." ويقول: " في كل قول فقهي، مهما بلغ من الغرابة، ستري أن له أصلا قديما من سلف صالح وغير مارق، وستري أن وجوه الاستدلال الشرعي ماثلة في هذه الأقوال كلها." ويقول: " إن التخلف إثم يجب أن لا نغفره لأنفسنا." كتاب عظيم يغير الكثير من أفكاري ويضيف إليها الجديد ولا يجب أن يفوت القراء.
يتكون الكتاب من سبعة فصول , وفي مقدمته يذكر المؤلف رأي أحمد بن حنبل في نعت الاختلاف بــ السعة , نافياً من خلالها الآراء التي تصف الفقه الإسلامي بالتشدد أو أحادية الفكر.
الفصل الأول : الفقيه الفضائي
يناقش في هذا الفصل الجدل الدائر بين الاجتهاد والتقليد والمسافة الفاصلة بينهما, ويميل إلى رأي الشاطبي الداعي إلى أن العامي مكلف بالاجتهاد , وأن قول الفقيه بالنسبة للعامي هو مثل الدليل بالنسبة للفقيه وعلى العامي الأخذ بقاعدة الترجيح.
كما تحدث عن تغيّر الفتوى بناء على ثنائية الزمان/المكان وتعاطي الإنسان مع هذا التغيير مستعرضاً نماذج لتغيّر الفتوى.وذكر المؤلف أن مايميز الفقيه الفضائي عن غيره تعدد نطاق جمهوره بين 3 فئات هي :الجمهور المحلي, الجمهور المهاجر, والآخر الذي تتيح الفضائيات وصول الخطاب إليه.
الفصل الثاني: الفتوى رأي الدين أم رأي في الدين
يعزو المؤلف سبب تنامي الجدل بين تصنيف الفتوى كرأي الدين أو رأي فيه إلى زمن الفضائيات وحضور الفقيه الفضائي بقوة, ويصف الاختلاف بين المعنيين بقوله : (لكننا إذا نظرنا في اختلاف العلماء, وفي تعدد آرائهم حتى داخل المذهب الواحد, ورأينا أن الإمام نفسه يقدم فتاوى متعددة على فترات من حياته, ثم رأيناه يبدل رأيه, ثم استدركنا على أنفسنا وقلنا إن تعدد الفتاوى وقع أصلاً لعدم وجود قول رباني أو حديث نبوي يقطع في الحكم, إذا قلنا هذا ونحن في مبحث مسألة تعددت فيها الآراء فإننا حتماً سنجد أنفسنا في حرج كبير لو زعمنا أن أحد هذه الآراء المتعددة هو (رأي الدين!) ).
وفي ختام هذا الفصل يشدد المؤلف على كون الفتوى معنى بشري متعدد ومتغير, وبأنها وجهة نظر تتأثر ظرفياً وعلمياً وعقلياً وشعورياً, وتصيبها الثغرات مثلها مثل أي فعل بشري آخر.
الفصل الثالث : الاجتهاد والاختلاف
يربط في هذا الفصل بين الاجتهاد وبين استمرارية برامج الفتوى الفضائية لأن ( الفقيه الذي لايجعل الاجتهاد أساساً جوهرياً في خطابه سيتحول برنامجه إلى صورة جامدة صماء بكماء).
فوظيفة الفقيه الفضائي حسب رأي المؤلف تقوم على مقولتين هما مقولة الاجتهاد والاختلاف.
يفرّق بين مدرستي الفقيه الأرضي والفقيه الفضائي ففي حين ترى المدرسة الأولى أن الحل الأمثل لفساد العصر يقتضي بتحصن الذات وتجنب العصر والعيش خارجه وأن أي مهادنة ستؤدي إلى مزيد من الفساد , ترى المدرسة الثانية من واجب الإنسان الفقيه هو أن يأخذ مهمة حماية روح الإسلام بنفسه عبر اقتحام معركة الفكر والثقافة.
الفصل الرابع: حجب الفتوى
يلخص المؤلف الإشكالات المترتبة عن حجب الفتوى أو تقنينها في النقاط التالية:
أ-تجعل كلام المفتي بمثابة رأي الدين وليس رأياً (في)الدين.
ب-تقنين الفتوى يلغي فكرة الاجتهاد.
جـ-يلغي نظرية الاختلاف, ويضيق ماسماه الإمام أحمد بالسعة.
د- تقنين الفتوى يلغي مقولة الترجيح التي طرحها الشاطبي والتي يرى من خلالها وجوب الاجتهاد على العامي.
هـ – تقنين الفتوى يخلق سلطوية فئوية احتكارية وقمعية.
الفصل الخامس: الوسطية
يذكر الغذامي أن الوسطية تعتبر من أبرز المصطلحات المتواترة في هذا الزمن , بين مدعيها ومنتسب إليها, ولكونها أمر متفق عليه عند سائر الأطراف فهي تقوم بدور وجداني لذا يتم التفاخر بها .
يصفها بقوله : ( تتفق دعوى الوسطية والوسط المعتدل مع ثقافة العصر حيث نراها مطلباً جماهيرياً يلح في النداء والتمني كخلاص معرفي وأخلاقي يجنب الناس مغبات الغلو والتطرف).
كما يتحدث في هذا الفصل عن مقولة فتح الذرائع للشيخ سلمان العودة, وكون اتباع منهجية فتح الذرائع استجابة لشرط المقاصد الفقهية وهي تمنح الفقيه قدرة على التوافق مع متطلبات جمهوره.
الفصل السادس: الاختلاف السالب (فقه الصورة)
يستعرض المؤلف عدة حوادث كانت الصورة فيها حاضرة وذات دلالات مؤثرة, ولأن هذا الزمن هو عصر الصورة أو فقه الصورة ( يتخذ الشكل والحركة كعلامتين للتعريف والبوح كما تكون اللغة بأفصح وأظهر صيغها). ويتحدث عن تجارب المهاجرين العرب وقضايا الاندماج والهوية والمخاوف من اندماج كامل يلغي الهوية وبين انعزال يؤدي إلى تكتل سلبي . كما تحدث عن صورة العرب والمسلمين في ذهنية الآخر .
الفصل السابع: الاختلاف الساخن
يتحدث عن الخلاف الشيعي السني الذي أصبح حاضراً بأعمق مايكون في زمن انفتاح الفضاء ويتحدث عن الحكمة في التعاطي مع هذا الاختلاف وفق ثلاثية:التقارب/التعايش/المواطنة.
ويطلق الغذامي وصف الحكماء على مجموعة من العلماء آثروا الابتعاد عن لغة التهييج ودعوا إلى تبني نظرية المواطنة.
يحتوي الكتاب من سبعة فصول الفصل الأول:الفقيه الفضائي الفصل الثاني:الفتوى .. رأي الدين ام رأي (في) الدين الفصل الثالث:الاجتهاد والاختلاف الفصل الرابع:حجب الفتوى الفصل الخامس:الوسطية الفصل السادس:الاختلاف السالب ..فقه الصورة الفصل السابع :الاختلاف الساخن
يتحدث الغدامي عن تغير الفتوى حسب تغير الأمكنة والأزمنة ,, هاذا ما يقوله شيخ الإسلام ابن القيم بأن التغير هنا لن يكون في تغير الفتوى نفسها فحسب بل سيكون قبل ذالك في الرضا بإن الزمان تغير وان المكان لم يعد هو المكان والظرف ليس هو ما تعودنا عليه وألفناه وسكنا إليه ..
ويتحدث أيضا عن سد الذرائع .يقول :أن فتح الذرائع لا سدها مبدأ جوهري في مشروع الفقيه الفضائي كما طرحه د.سلمان العودة وهذه قضايا جوهرية في المبحث الفقهي العصري لا تحصر الفقه في تصورات بدائية مثل طلب التسهيل أو فرض الأحوط أو تقليد الموثوق به .. فإذا قلنا بسد الذرائع معنى هذا أننا نقول بإغلاق الوسائل فنحن نعرف أننا في زمننا هذا إنما نعيش زمن الوسائل مما يعني استحالة تطبيق مفهوم الإغلاق هنا ويصبح فتح الذرائع شرطا للتعامل مع العصر ووسائله وهذا ما اكتشفه الفقيه الفضائي
وإذا قلنا إن عصرنا هذا لا يشبه أي عصر سابق في الماضي فمعنى هذا أننا نحتاج إلى فقه يتعامل مع ظروف وشروط ومتغيرات هذا العصر كما هي قاعدة ابن القيّم الأصولية ..بتغير الفتوى تبعاً لتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد ..
الكتاب يطرح سؤالاً جوهرياً ، وعليه تُبنى باقي الفصول : هل الفتوى ( رأي الدين ) أم ( رأي في الدين ) ؟ أكثر الأسئله طلباً في الفتوى هي حول الأمور الإجتهاديه في الدين ، فهل يعتبر رأي الشيخ هو ( رأي الدين ) فيها ، وعليه تكون بقية الأراء مخالفة للدين . أم يعتبر رأيه ( رأي في الدين ) ، وتكون الإجابه قابله لأراء اخرى تعتبر هي كذلك رأي في الدين ؟
الكتاب يقدم مفهوماً اخر للإختلاف في الفتوى من كونه سبباً له إلى كونه سبباً لسعة هذا الدين المتسامح . وهو يقدم كذلك لقاعدة اساسيه في الفتوى ذكرها ابن القيم ، وهي أن الآراء الفقهيه تتغير بخمس متغيرات اساسيه وهي : تغير الأزمنه ، الأمكنه ، الأحوال ، النيّات والعوائد .
كذلك يطرح المؤلف تساؤل مهم حول ( الوسطيه ) في الدين والتي يطالب بها الجميع ، وهل هي أزمة غلو وتطرف أم هي أزمة غياب معنى الوسطيه كقيمه ثقافيه تداوليه ؟
الكتاب غني بالنقد ، ويساعد كثيراً لفهم مسألة الفتوى .. من الجيد قراءته والإطلاع عليه .
يدور الكتاب حول الاختلاف/السعة وأصول الفقه والاستدلال بوجوب التغيير ويربط هذا التغيير بالفضاء وتحول الخطاب الديني من خاص إلى عام وهنا يبدأ باستعراض الفرق بين الفقيه الفضائي والأرضي، وحاجته لتغيير وتحديث الفتوى ثم يورد رأي الشاطبي حول السعة في وجوب الاجتهاد للعامي ورأي شيخ الإسلام
تكلم في الكتاب عن: -هل الفتوى رأي الدين أم رأي في الدين؟ -نظرية فساد الزمن - فتح الذرائع - الاجتهاد والاختلاف - الاختلاف في الاختلاف - حجب الفتوى -قدسية الرأي - الوسطية - فقه الصورة وفيه السياحة بوصفها صيغة تشويه والحديث عن أجيال المهاجرين - الاختلاف الساخن (نظرية المواطنه، وسلطوية الذاكرة)
يستحق القراءة بشدة الكتاب غني جدا، ويقدّم الكثير من الأفكار المنطقية، وهو بالطبع شجاع كعادة الدكتور
" هذه دكتاتورية ثقافية تنتمي إلى المعنى النسقي للثقافة حيث لا يختلف الطاغية الثقافي عن الطاغية السياسي، و إن رأينا هذا في هذا الكتاب عن الخطاب الديني فإننا نراه أيضاً في الخطاب الليبرالي و الحداثي و في كل صيغ النسقيات الفردية و المؤسساتية، و نقد الخطاب في هذه الأحوال كلها يصبح شرطاً معرفياً و أخلاقياً من باب كشف العيوب الثقافية و التعرف على سيرة النسق و طرق تحايله علينا." من قال ان الغذامي يحاول التصالح مع الإسلاميين بهذا الكتاب ، فهذا المقطع من الصفحتين ٩٤-٩٥ رد عليه، الغذامي و بأكاديمية يُجري مبضع الناقد على النسقية في الخطاب الديني فبحثه مكمل لمشروعه في قراءة الأنساق، و أنا لا ارى مساومة او مهادنة أو خوف في كلامه، كعادته يكتُب و يكشف العيوب الثقافية كما يقول و يترك النُباح لغيره.
أستطيع القول بنشوة وكأنني اكتشفت مفهوماً جديداً في الحالة الثقافية هو " التأريخ الواعي " الذي مارسه الناقد الثقافي العارف عبد الله بن محمد الغذامي ، وهو مفخرة ثقافية سعودية وقامة علمية رفيعة ، حيث قدم في كتابه المميز هذا رحلة تحول الخطاب الديني من المنبر إلى الشاشة . للمرة الأولى تشعر أن الغذامي مارس محظوراً في التأصيل لمسألة شرعية وفقهية لا يحسن القيام بها إلا من قبل متخصص ومعني ومجتهد قام بتحصيل الشروط اللازمة واستجلب ما يقيه من تهمة التقول على الشرع والاشتغال بفن لا يجيده ، ولكنه احتمى بفكرة الشاطبي التي تجيز للعامي الاجتهاد ولو بتخيّر أقوال العلماء المفرودة دونه . الحق أن الغذامي قدم تصوراً مبدعاً لما ينبغي أن يكون عليه الفقيه وهو يعتلي منبر الشاشة كلغة حداثية لها جمهورها الجديد وانتشارها الواسع ، وعلى الفقيه أن يلزم خطاً ذهنياً وخطابياً ينعكس على تلقي المسلم المقيم والمهاجر وعلى صورة الإسلام في أذهان موافقيه ومناوئيه . تحدث عن الفتوى وهي الصناعة الدينية الأبرز نظراً لالتصاقها المباشر بالبشر وهي العملية الدائمة دوام الدهر ، ثم عن الاجتهاد والاختلاف كمفهومين يسجلان حضوراً دائباً وحساساً في تلمًحلة والحالة العامة . حجب الفتوى ، الوسطية ، الاختلاف السالب ، موضوعات جذابة ومغرية وثرية تناولها هذا الكتاب وألقى بأفكار جديدة في موضوع يستحق الاهتمام والعناية يجعل منك قارئاً مغرماً بكتابات الغذامي ومتطلعاً إلى بقية مؤلفاته .
الغذّامي في كتابه بين قطبين : أهميّة الإختلاف وتحويره إلى سعة ؛ وبين هالة التغيير والخوف منها ، حين تقرأ العنوان تجده في نقد الخطاب الديني لكنّه بذكاء تجاوزها إلى الإختلاف الفقهي كمادّة أساسيّة لمادّته .. بنى حديثه في فقه الإختلاف على مقولة ابن القيّم بتغيّر الفتوى تبعاً لتغيّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيّات والعوائد ، وقاعدة الشاطبي واستشهادات من السعدي وابن مالك وابن تيميّة ؛ ممّا يعزز قوامة الحجّة
وتدعيماً لفكرته استند على ماقاله الشاطبي في مسألة وجوب إجتهاد العامّي حيث أن الفكر الفقهيّ هو إعمال للعقل ووظيفة عقليّة فلا يجوز له التقليد بأخذ أي رأي أو إتّباع هواه وإنما يفكّر ويجتهد ويوازن ـ
اختتم الكاتب مادّته بما يعبّر عنه بالإختلاف الساخن والذي يتجلّى في فكرة : الحرب أوّلها الكلام . حيث استشهد بفِعلة الرسول ـ صلّى الله عليه وسلم ـ إبان حادثة فتح مكّة في أهمية ترك سياسة الثأر والمنتصر الُمهيمن والأخذ بمبدأ التجاوز وبناء المستقبل عبر التحرر من الماضي .
من النادر أن تحظى بقراءة كتاب يعلم صاحبه تماما ما يقول، وأين يضع كلمته وكيف يصوغ عبارته بحيث لا يمكنك أن تتساءل: لماذا أوردها في هذا الموضع؟ هذا الوضوح العجيب في الأفكار يدفعني للانبهار.. بدأت القراءة وقد بيّتُّ النية على الاصطبار إن كان الأسلوب مملا لأن المحتوى يهمني.. فتفاجأت بي أنهي الكتاب في يوم خلال ثلاث جلسات!؛
قراءتي الأولى للغذامي وسيتبعها قراءات أخرى بحول الله.
الكتاب يناقش تطّور الفقية من مجتمع القرية الصغير المنغلق إلى المجتمع الفضائي العالمي وطريقة تغّير الخطاب الديني تبعاً لذلك. وهو يناقش فكرة التغيير والتطور في الفتوى في مقابل الثبات والجمود عند إجتهاد معيّن ويرجع لمرجعيات رئيسية في الدين كاابن الفيم وابن تيمية وابو حنيفه وغيرهم. أعجبني تقسيم الفصول فيه وتوسّط الكاتب في منهجيته ونظرته للأراء والفتاوى في الدين.
بإختصار باب الإجتهاد واسع وأمور كثيرة لولا إجتهاد العلماء لكانت تقع في باب التحريم أو المنع ..
أعجبني التساؤل الذي طرحه الكتاب / الفتوى رأي الدين أم رأي (في ) الدين وهنا المجال واسع يحتاج إلى وسطية تحتوي الأمور ..الكتاب في مجمله احببت تسلسله في طرح الأسئلة والإجابات رغم إحساسي إنه بعض الفصول تم حشرها ... هذا الكتاب أظن من الكتب التي سأعمل أن تكون بالقرب مني للرجوع لها ..
يناقش د.عبدالله الغذّامي في كتابه "الفقيه الفضائي" موضوعَ الفتوى التي يطلقها الفقيه عبر فضائيات لا تعترف بالحدود، ويستقبلها شرائح متنوعة من الناس، وعلى ذلك فالفتوى هنا تفعل فعل الدعاية ذات المضامين العميقة، فإما أن تحمل رسالة إيجابية، أو تحمل أخرى سلبية عن الإسلام.
مايزَ الغذامي أولاً بين الفقيه الأرضي-التقليدي- والفقيه الفضائي -المُستحدَث-، وذكر عدة خصائص يتباين كل منهما فيها.
فالفقيه الأرضي يتوجه نحو جمهور محلي، لا يتعدى سكان الحي وروّاد المسجد، وخطابه "محلي واضح الظرفية مكانًا وزمانًا وثقافة واحتياجًا"، ووظيفة هذا الفقيه "التصدي لحاجات الناس الفقهية والدينية" مما يواجهونه في حياتهم اليومية. أما الفقيه الفضائي، فهو أولاً يتوجه لجمهور تتماهى فيه الحدود الجغرافية، فخطابه يستقبله جاره في الحي، ومواطنه في المدينة الأخرى البعيدة، والمسلم المهاجر المقيم في الغرب، وكذلك غير المسلم الذي يستمع لهذا الخطاب عبر الفضائيات. هذا الواقع الجديد حتّمَ على الفقيه الفضائي اختيار خطاب يتناسب مع هذه الفئات على اختلافها.
قدّم الغذامي فكرته الرئيسة، وهي أن الفتوى رأيٌ في الدين وليست -بالضرورة- رأي الدين، ويقول في هذا الصدد أن "الفتوى رأيٌ فردي يأتي من عالم مجتهد، وهي في مسائل الاختلاف، ومن هنا تحكمها الفردية من جهة والاختلاف من جهة أخرى، ويصنعها الاجتهاد، وذلك حسب مؤهلات المجتهد وحسب معطياته". والغذامي من جهة أخرى، يُركز على أن الفتوى "معنى بشري متعدد ومتغير، وهي وجهة نظر" وقد اعتمد في ذلك على مبادئ الإمام الشاطبي المتعلقة بالفتوى. أمر آخر يضيفه الغذامي للفتوى، وهي أنها "خطاب ثقافي يمسها ما يمس أي خطاب من التحول والتغير حسب تحولات الحياة والمعارف والظروف".
من الملاحظات على الكتاب؛ - أن الغذامي لم يوضح الفرق بين الفتوى والحكم الشرعي، وهذا مدخل قوي لكل من يريد نقض فكرته التي يقدمها عبر هذا الكتاب، فكان لزامًا عليه وضع تنبيه للقارئ بحدود ما يعنيه بكلمة "فتوى" كي لا يلتبس الأمر علينا.
- أمر آخر هو؛ الفصل الأخير، حيث تحدث فيه عن موضوع التعايش والمواطنة وقبول الآخر، وهو إن يكن ذو صلة بموضوع الفقيه الفضائي، إلا أن طريقة الغذامي في تقديمه لم تخدم الفكرة، بقدر ما كانت صفحات ذا نزعة طوباوية، معظمها اقتباسات ونقولات.
- كلمة النسق أو النسق الثقافي، وهي من الكلمات ذات العلاقة الوثيقة بالغذامي لم يتوضح لي معناها جيدًا كوني أقرأ للمرة الأولى للغذامي، وكلما صادفتني كلمة النسق أحالتني لكلمة "التراث".
الكتاب لغته بسيطة، العبارة الغذامية مُستساغة، لا تكلُفَ فيها ولا تصنع، والموضوع جدًا مهم، لصلته بما يحدث في الواقع من اقصاء للمخالف، وتبديع وتكفير للآخر، وحسن أو سوء استخدام لتنكولوجيا الاتصالات في ظل هذا العصر المتسارع في أحداثه وفي متغيراته. للمزيد، هذي مراجعة كاملة على مدونتي https://hmsq8.wordpress.com/2013/07/3...
كتاب من العيار الثقيل، أرفع القبعة احتراما للدكتور على هذه المادة. في كتابه الفقيه الفضائي تحدث في البداية عن مصطلح الفقيه الفضائي والفرق بينه وبين الفقيه الأرضي! الفقيه الأرضي وهو موجّه لفئة محلية بسيطة بعكس الفقيه الفضائي الموجّه للفئات كلها، محليا وخارجيا، مسلما وغير مسلم، من يريد الاستفتاء ومن يريد التصيّد.. الخ ذكر مثال على الفقيه الفضائي وهو الشيخ سلمان العودة.. والكتاب كان مليء بأمثلة ونماذج للشيخ وأيضا للشيخ القرضاوي. تحدث عن الفرق بين الاجتهاد والتقليد في الأمور الفقهية والفرق بينهما وماذا تُمثل الفتوى عند للعامي -الشخص العادي- وماذا تمثل بالنسبة الفقيه مستندا على رأي الشاطبي. في فصل آخر يتساءل هل الفتوى رأي في الدين أم هي رأي الدين نفسه؟ إن كانت رأي الدين فكيف يحدث الاختلاف بين الفقهاء؟ وإن كانت رأي في الدين فإذا هي رأي بشري له أخطائه وتتأثر على حسب الظروف! والكاتب يذكر قول بن القيم حول الفتوى أنها تتغير على حسب خمس، وهي الزمان والمكان والأحوال والنية والعوائد -العادات والتقاليد- وهذا ما يثبت أنها رأي في الدين. في باب الاختلاف والاجتهاد والذان هما المقولتان الجوهريتان اللتان تؤسسان معا مفاهيمية الفقيه الفضائي وفصل في هذه المسألة تفصيل مرفق ببعض النماذج وبعض من آراء الفقهاء السابقين كالشيخ بن سعدي رحمه الله. بعدها يتحدث عن حجب الفتوى ونظرية فتح الذرائع في الفصل الخامس يتحدث عن الوسطية والتيسير في الفتوى.
آخر فصلين كانا في غاية السخونة فعلا! فقه الصورة أو الاختلاف السالب (نظرة العرب والغرب تجاه بعضهم البعض واستشهد بنماذج واقعية للمهاجرين العرب بأجيالهم الثلاث وأثر ذلك)، ومن ثم تحدث عن الاختلاف الساخن (وهو الخلاف الشيعي السني القائم ولن يزال ما لم نتعاطى مع الموضوع وفق ثلاثة أمور وهي: التقارب والتعايش والمواطنة.
رغم قلة صفحاته وحجمه المتوسط إلا أنه مركز في عرض الأفكار أول قراءة لي للدكتور عبدالله الغذامي ( ولن تكون الاخيره ) أدهشني كثيراً أسلوبه في عرض المشكله وتحليل أسبابها وإستشهادة بكثير من المراجع والاقوال الكتاب يتكون من سبعة فصول ١/.. الفقيه الفضائي وشرح فيه معنى وشروط الفقيه الفضائي والفرق بينه وبين الفقيه الارضي ٢/.. الفتوى تتلخص فكرة هذا الفصل في أنه يجب أن نعي بأن رأي الفقية هو رأي في الدين وليس رأي الدين نفسه ٣/.. الاجتهاد والاختلاف هذا الفصل يفتح لك آفاق في الفقة وابرزها قول القرضاوي بأن باب الاختلاف هو أوسع ابوا الفقه وتصل نسبة الاختلاف إلى ٩٩ ٪ وأن الاصل في الفتوى التغيير وليس الثبات ( أعجبني كثيراً هذا الفصل ) ٤/.. حجب الفتوى عرض فيهذا الفصل اسباب حجب بعض الفتاوي التخوف من ذكرها والإقتصار على قول واحد ٥/.. الوسطيه عرض فيه الدكتور منهج القرضاوي في الوسطيه وذكر إيجابياته وسلبياته وتكلم عن منهج العوده في فتح باي الذرائع بدل سده ٦/.. الاختلاف السالب يتكلم عن فقه الصوره وتأثيره على نظرة الأشخاص لنا من الغرب وعلى حتمية الاحتياط لأن أي فعل يصدر يعطى إنطباع عن ثقافة شعب كامل ولايعتبر تصرفك تصرف فردي ٧/.. الاختلاف الساخن تكلم فيها عن المواطنة والتقارب والتعايش وركز فيها ذكر الشيعه ومحاولة أن لا نقسم أنفسنا إلى فئات ونحن نسكن داخلة أقليه واحده
ماذكرته ليس كل مافيه لكن الأبرز وأشعر بأني ظلمت الكتاب كثيراً جميل في محتواهـ بالنسبة إلىّ فقد أكد لي أفكار كانت تدور في مخيلتي وأضاف إلىّ أفكار وفتح لي آفاق جديده ..// أنصح به
ثاني كتاب أقرأه للغذامي. محتوى الكتاب رائع في كل فصوله السبع. يتحدث الغذامي عن الفقيه (أو المفتي) ويأتي بمفردة الفقيه الفضائي مقارنة بالفقيه الأرضي في إصدار الفتوى. هاتان المفردتان (فضائي، أرضي) لم تكن في بالي مطلقا. وهنا سأكتب رأيي عن هذا الموضوع كمراجعة، ممزوجا بما جاء في هذا الكتاب.
الفتوى - كما عرف عن السلف تقتضي عرفا أنها رأي في الدين وليست كما يتصور بعضهم (قد تكون الأغلبية مع الأسف) رأي الدين بذاته. لذلك ترى محاولات عدة من بعض الفقهاء لحجب فتوى يصدرها أقرانهم إن لم تتبع ما ألفى عليه أباءهم الأولين. يعتقد اولئك المتشددون أنهم حماة للدين وأن ما يتفوهون به هو بالضرورة مرآة لما جاء في القرآن والسنة.
لكن بغض النظر، تبقى هناك مسائل مختلف فيها بين مجموع الفقهاء المعاصرين والقدامى. لذلك يأتي السؤال، لماذا لا يترك الأمر للناس في الأمور المختلف فيها؟
في هذا العصر بحمد الله تتوفر كل المراجع العلمية في المكتبات العامة وفي الانترنت. إذا استفسر أحدهم عن مسألة وكان فيها اختلاف، فيجب عليه البحث عن تلك المسألة ويعمل بما يجنح إليه قلبه ويرتاح لها بمعنى أنه يعتقد ان رأي فلان هو الأصوب والأولى بالإتباع. وكما أعتقد هذا عمل محاسب عليه وواجب عليه بأن لا يسلم عقله إلى الشيخ فلان أو فلان.
لذلك أتمنى من المؤسسات المعنية أن توفر قاعدة بيانات للفتاوى بالمذاهب المختلفة ويترك للناس حرية الاختيار بما تجنح إليه قلوبهم، فنحن كمسلمين في سعة من أمرنا والحمد لله.
في هذا الكتاب يوثق ويناقش المؤلف ضرورة تطور شكل الفتوى قبل وبعد انتشار القنوات الفضائية، وتأثير اتساع رقعة المتلقين لهذه البرامج فتح الباب الاجتهاد والإختلاف وتغير الفتوى لكي تناسب الكل وهنا تأتي ضرورة مرونة الفقيه الفضائي للاجتهاد والبحث في "المدونة الفقهية" بما يتناسب مع ظروف أي سائل، وأكثر مثالين استشهد بهما د.يوسف القرضاوي و د.سلمان العودة في مرونتهما وفهم الدين بما يتناسب مع هذا الزمان وبالتحديد "تغير الفتوى".
إلا أن لغة الكاتب لن أقول أكاديمية بل سأقول إنها متكلفة ومتكلفة جداً في بعض الأحيان وخصوصاً في الفصل الأخير وسأورد بعضها لتتضح الصورة: الذات المفردة، المخزون التشويهي،الذات المهاجرة، صيغة إشهارية، التنازع النسقي، التجييش العنفي، كائناً إنسانياً، كينونة ذاتية، ظرفية ماضوية، مفاهيمية الوازع الأيدلوجي، مفعولية الذاكرة، موضوعاتياً...
ولا أجد حاجة إلى هذا التعقيد فبإمكان الكاتب بسهولة استبدال هذه المصطلحات التي استحدثها بأخرى سلسة وواضحة وتخدم المعنى بشكل كامل.
الكتاب فيه تكرار لنفس الأفكار فبإمكان الكاتب أن يستغني عن نصف الكتاب ولن تتأثر الفكرة.
لم يعجبني إنتاج فكري سعودي كما أعجبني هذا الكتاب الرائــــــــع، كتاب يتحدث بكل وضوح وتفصيل ومنطق عن الخطاب الديني و تحولاته عبر الزمن والظروف، والمدارس الفقهية القائمة، وفقه التيسير مقابل التشديد، والاختلافات المذهبية، وسيكولوجية التشدد والنسقية أمام حتمية التغيير، قد تكون بعض مباحث الكتاب قد نوقشت بتكرار ممل في كل المنابر الإعلامية، لكن البروفيسور الغذامي ناقشها كما لم تناقش من قبل، ولا غرابة فهو العالم بالنقد..
بقي أن أقول أن البروفيسور الغذامي رجل أكاديمي باحث وعالم نقدي مميز، فأثر ذلك كله على لغته الكتابية، التي قد تبدو للبعض مغرقة في الأكاديمية وصعبة الفهم ، وأعتقد أن الغذامي وعي هذي المشكلة فحاول جاهداً تبسيط أفكاره وتفصيلها و شرحها، لكنه وقع في فخ التكرار المتكرر لبعض الأفكار، وبين الأكاديمية البحتة والتكرار المتكرر تأرجح الكتاب، علماً أن هذه الملاحظة البسيطة لم تمنعني من الإستمتاع والإستفادة من كل حرف، فهو بحق: كتاب خمــــس نجـــوم..
شكراً بروفيسور عبدالله وأنصح الجميع باقتناء الكتاب
الكتاب بالجمله جميييل وممتع .. صنف الدكتور العلماء الي "محليين" و "فضائيين" .. وكلمه فضاء يعني يظهروا علي القنوات الفضائيه .. وكان اكثر حديثه عن العلماء الفضائين وخص بالذكر د.سلمان العوده ود.يوسف القرضاوي حيث هم من اشهر الموجودين في الساحه ,, سأذكر اهم الاشياء من نظري التي تحدث عنها تحدث عن "حجب الفتوي " وابدي رفضه لتخصيص جهه معينه ولا احد غيرها لاصدار الفتوي تحدث عن "الاختلاف الساخن" وبين كيفيه المعايشه مع من هم من غير المله او المذاهب الاخري .. ومن وجهه نظري هذه لو طبقت لما رأينا الفتنه الطائفيه في البحرين والسعوديه ... وتحدث عن "فتح الذرائع " مقابله "لسد الذرائع" ,,, تحدث عن اشياء اخري كثيره واكثر ما وجدت استشهاده بشيئين بقصه للامام احمد حيث جاء له عالم وقال انه الف كتاب وسماه كتاب "الاخلاف" فقال له الامام بل سمه كتاب"السعه" ..والاخري قول د.يوسف القرضاوي ان الاختلاف يصل الي 99% في المسائل
تحليل ممتاز لنسخة الفقيه الحالية وخاصة الفقيه السعودي. كيف كانت وكيف وصلت إلى ما هي عليه. فقيه الطيف الواحد أو المكان الجغرافي الواحد يواجه تحدي التعددية واختلاف ديانات المستمعين وبيئاتهم. بعد شرح الفصل الأول الذي حمل عنوان الكتاب انطلق الغذامي في الحديث عن موضوعات أخرى متعلقة نوعا ما بمفهوم "الفقيه الفضائي" كنقد قدسية الفتوى والتعامل مع الاجتهادات ونسبية مفهوم الوسطية وتخطئة حصر الفتوى. كرر كثيرا مقولة القرضاوي عن أن الاختلاف في 99% في أمور الدين ودعوة سلمان العودة إلى "فتح الذرائع". وإن عاب الكتاب التكرار أحيانا لكنه ممتاز في مجمله وأوصل الغذامي فكرته بوسطية مذهلة بين البساطة والعمق فلا أعتبره كتابا متخصصا أو عميقا بل في متناول الجميع. أنصح بالتأكيد بقراءته.
الكتاب في مجمله جيد...ناقش فيها موضوعات كثير مايتسائل عنها العامي في المجتمع ....وفرق بين فقهاء القداماء الذين تحاصرهم بيئه معينة ووقت معين..وبين فقهاء جيل الفضائيات....وخصائص كل واحد منهم .... واهمية التمييز في حالة الفتاوى ..والتساؤل هل هي رأي (في) الدين أم رأي
مماانتهج منها الكاتب على احدهما في نسق معين لادارة بحثه واصراره على فكره واحده الدين وتطرق لاسباب التغيرات في الفتوى بين حين وحين...
كتناول الكتاب مباحث كثيره من اهمها باب فتح الذرائع وفقة الاقليات ووجوب الاجتهاد على العامي وغيرها الكثير... تطرقلها بشكل عصري ومميز
يتكلم عن أثر الشاشات الثلاث، الجوال و التلفاز و الانترنت، في نشر الخطاب الديني ( خاصةً الفقهي منه ). و أن الخطاب الفقهي في السعوديه و غيرها، خطاب محلي ظرفي، وأتت الشاشه بأنواعها الثلاثه و نشرته للعالم و حدث المشكل! فالخطاب المحلي أصبح عالمي، و اتضحت المشكله عند الأقليات بشكل أكبر، مما ألّح بالإجابه عن السؤال: هل الفتوى هي رأي الدين؟ أم هي رأي في الدين؟ و يستدل بظرفية و محلية الفتوى، بأنها رأي في الدين، و أنها تتغير بتغير المكان و الزمان، و أنه يجب على العامّى العمل بمقولة الشاطبي " الفتوى بالنسبه للعامّي كالدليل بالنسبة للمجتهد"
الكتاب في مجمله، مفيد و رائع و أنصح بقرائته. و طرح الكاتب موضوعي و حيادي، و لا أجد فيه انتقادات جديره بالذكر.
كتاب جميل جداً .. من شروط الفقيه إيمانه بقصوره الذاتي ، و ما يحصل الآن هو الخلط ما بين الذات و الموضوع ... و هذا ما يجعل الفتوى تخرج من كونها رأي في الدين إلى رأي الدين نفسه !! لعوامل كثيرة .. أهمها معايشة القداسة و الطهرانية في النص المقدس .. باب الاختلاف في الفقه .. من أوسع الأبواب ، و هذا يدل على ثرائه و معاصرته لمختلف الظروف ... و هذا ما يجعل الفتوى على اتصال كامل بالحياة .. و تغيّرها و تبدلها وفقاً لقاعدة ابن القيم ... مع ضرورة الاجتهاد للعامي لكونه إنسان مسئول مكلّف ... على رأي الشاطبي ..
كتاب جميل من الغذامي يتناول فيه الفتوى حيث يقول انها رأي في الدين وليست رأي الدين ويتناول خطأ التقديس لآراء السلف الصالح ومحاولة تثبيت الفتوى على الرغم من اختلاف الظروف المحيطة بها كما يتناول اسلوب التشنيع والنبذ الذي تتم ممارسته على من يطرح فتوى تخالف السائد وضرب مثال في فتوى الكلباني بإباحة الموسيقى وكذلك طرح الاختلاف الذي طرأ على الإفتاء وكيف تحول من المحلية الى الفضاء في وجود القنوات الفضائية وكيف ان المستفتي يواجه تحدي اختلاف الظروف المعيشية للمستفتين وان المفتي لابد ان يأخذ بعين الاعتبار هذه الاختلافات.