نبذة المؤلف: حياة الرايس كاتبة تملك فكراً فلسفياً متقدا، كما تملك قلماً أدبياً راقياً متنوعاً متعدد الاختصاصات. تطل علينا من خلال نوافذ متعددة الألوان والأشكال الأدبية والفكرية. كأديبة، وكباحثة، صاحبة رأى وموقف ...
وكما عوتنا دائما حياة الرايس بالجديد فإنها فى هذا العمل الإبداعي أرادت أن تسترجع من عمق التاريخ ومن رائحة الأساطير القديمة "عشتار" إلهة الحب والخصب، لتعيش فى الزمن الحاضر بروح وعبق الماضى. امرأة متجددة تفيض أنوثة وقوة.. بداخلها كل كوامن ونوازع الضعف البشرى، والسلطة الإلهية..
وهكذا لا يمكننا التعامل مع النص المسرحي الذى بين أيدينا كعمل فنى قائم بذاته ومنفصل عن شخصية حياة الرايس.. المرأة، الإنسانة، الكاتبة والمناضلة التى عرفت كيف تنزل قضية المرأة ضمن قضايا المجتمع، بعيدا عن محاربة الرجل، بل شريكاً له سواء من خلال كتاباتها، أو من خلال نضالها.
إالفكرة الأساسية التي انطلقت منها وقامت عليها المسرحية هي: (الحب والتضحية ضرورة لديمومة الحياة )
حياة الرايس امرأة تفتخر بأنوثتها, وتباهي بكل النساء, وتدعوهن إلى بذل الحب, وإلى التطهّر بالحب, وإلى التداوي بالحب, وإلى استعادة الحب بالحب, ليس بمفهوم التطهير الأرسطي القائم على تلقّي الحدث المسرحي الدرامي, ذو الانزياحات الفلسفية والجمالية, بالتأثّر الانفعالي, كإثارة الشفقة والخوف والرعب في نفس المتلقي, وإنما هو ذاك التطهير القائم على المحاكاة العقلية الواعية التي تجعل المتلقي ينقد التراجيديا المقدَّمة له بكامل وعيه, مساهمًا في عملية الفهم, لا في عملية الإبداع, كما أراده أرسطو, متجاوزًا الجماليات والفنيات, إلى محاولة تغيير النمط الاجتماعي السائد, وشحذ الوعي والتبصير بالواقع القائم على الاستلاب والعبودية, ولا شيء غير الفن المسرحي أقدر على فعل ذلك, شرط أن يكون ناطقًا بلسان عصره, يقول بريخت في كتابه ( الأرغانون الصغير): " إننا نحتاج نوعًا من المسرح يطلق لا المشاعر أو ومضات الإدراك أو الدوافع الممكنة بداخل مجال الإطار التاريخي الخاص بالعلاقات البشرية التي تدور فيها الأحداث فحسب , بل مسرحًا يستخدم ويشجّع الأفكار التي تساعد على تغيير المجال نفسه" ثم يضيف: " يجب على المسرح أن يتحدّث بصورة قاطعة بلسان عصره" وفي ذلك القول إحالة إلى الالتزام التاريخي والاجتماعي للفن المسرحي على اعتباره مغيّرًا للواقع, لا محاكيًا له, بعد كشف وفضح تناقضاته. فهدف المسرح الملحمي تغيير المجتمع نحو الأفضل. 2- الموضوع : بالنتيجة, موضوع النص هو الأنثى العشتارية بسلطاتها وتحكّمها المطلق الذي لا يعرف المستحيل, فهي الحكي والفعل, هي الفاعل والمؤثر التي توجّه سير الأحداث وصيرورتها, هي التي تأمر وتنفّذ, وهي الرغبة والأنوثة, وهي التي تمنح الحب والعرش للرجل التيموزي, وهي التي تضحي لإنقاذه حين يرديه الموت والنوائب, تتخلّى عن عليائها, وتنزل إلى أسفل العالمين لإنقاذ واستعادة تموزها. وعشتار اليوم, هي عشتار الحضارات الغابرة, مسروقة منها سلطاتها, ملجوم لسانها, مغيّبة في ظلمات التجهيل والقتل والاغتصاب, ضحية من ضحايا الحروب التي شهدت قتل أطفالها, وآبائها, وأخوانها, حاميها هو حراميها, جهالة وظلامية متدثرة بأردية الدين والحداثة وبهلوانية التفاهة, استطاعت حياة الرايس أن تقتنص اللحظة الراهنة بكاميرا الوعي والجرأة, وأن تحلّل تفصيلاتها, وحيثياتها بدقة عالية, وتربط بين ما كان وما هو حاضر, بعقل واعٍ, تحرص أن تعمّم اليقظة على عقول كل جماهير العرض, رغم أنها تأخذهم على جناح الخيال, خيالها الأسطوري الذي ينقلنا إلى عالم الآلهة وأنصاف الآلهة, إلى عالم الحكي الشهرزادي, و مرض الطغيان الشهرياري, والجحود التيموزي, والعلاج بالحب