موضوع هذا الكتاب هو سلطة “أهل الفكر”؛ فهناك دعوى يدّعيها المثقفون العرب لأنفسهم أنهم “قادة الفكر”، وأن لهم دورًا حاسمًا في عملية الريادة والتغيير الاجتماعي والسياسي… والواقع أن حديث المثقفين العرب عن أنفسهم يحمل نبرتَين متنافرتَين؛ فهم من جهة يرون في أنفسهم أنهم الرواد، وأن لهم “رسالة”، وأنهم صنّاع الوعي بالتغيير. ولكن حديثهم يحمل أيضًا من جهة أخرى، وفي الوقت نفسه، نبرة من المرارة، إذ هم عادة ما يتأسَّون من عدم الاعتراف لهم بهذا الدور، وأنهم لا يؤثرون كبير تأثير في واقع الأمور، وأنهم ليسوا عنصرًا فعالًا في التأثير في القرار السياسي، ولا في الرأي العام.
والسؤال هنا يبقى: ما هو السند الذاتي للمثقف العربي في تراثه الثقافي حين يدعي لنفسه دورًا أو حين يطمح إليه؟ لمن كانت السلطة العلمية وباسم ماذا؟ وما حدودها؟ وما هي آليات ضبط العلاقة بين السلطتين، العلمية والسياسية؟
لقد أضاع الكتّاب العرب وقتًا طويلًا حين غيّبوا قضية الديمقراطية أو أغرقوها في ما ليس منها، أو حين أعطوا الأسبقية لشعارات أخرى كالوحدة والاشتراكية ومحاربة الإمبريالية، وهي أهداف ما تزال قائمة بطبيعة الحال إذا كان الأمر يعني بناء الكيان العربي المتكامل والمتحرر، إلا أن كتّابنا الالتزاميين قد تعلقوا بكل شيء ما عدا الشيء الذي يضمن ممارسة “مهنة” الكتابة، أي الديمقراطية التي أساسها الحريات الشخصية والعامة.
ولد بتاريخ 25/12/1940، يشتغل أستاذا محاضرا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
اختار أومليل دراسة ابن خلدون لتصفية الحساب مع التراثيين. بحسب رأيه، هناك نوعان منهم: تراثيون يعتبرون أن التراث كمغارة علي بابا. كلما ضاقت بهم الحال ذهبوا ينقبون فيها عما يجيب على أسئلتهم. الصنف الثاني هم التراثيون الذي يريدون أن يكونوا حداثيين وتقدميين، فيلوون عنق التراث ويحملونه ما لا يحتمل. ولهذا، تركّز عمله على حصر الحدود المعرفية والتاريخية للفكر الذي أنتجه ابن خلدون، لتفادي فوضى اختلاط الماضي بالحاضر. أي أن لا تكون ثقافتنا مثل دكان الخردة. نجد فيه أشياء أُنتجت منذ أسبوع إلى جانب بضائع عمرها مئات السنين. (hespress.com)