تجد في هذا الكتاب تحليلاً تاريخيًّا دقيقًا لتطوّر نظام الخلافة وتحوّلاتها، بدءًا من نشأتها في عام 11 هجرية، وحتى زوال الخلافة العثمانية. ثم إضافة إلى هذا التحليل التاريخي يقدّم الفقيه الدستوري عبد الرزاق السنهوري اجتهادًا فريدًا في دراسة نظام الخلافة من منظور قانوني. وقد كان هذا الكتاب في الأصل أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه تقدّم بها السنهوري إلى جامعة ليون، ونشرها باللغة الفرنسية عام 1926. لكن على الرغم من أنه مَرَّ على نشرها ما يقارب 95 عامًا، فإن الأفكار التي تحتويها لا تزال ذات قيمة في لحظتنا الراهنة؛ لذا حرص مركز نهوض للدراسات والنشر على أن يضع بين يدي القارئ العربي لأول مرة الترجمة الكاملة لهذه الرسالة العلميّة النفيسة، حيث إنّ الترجمة العربية السابقة كانت للأسف ن
مشرع ورجل قانون مصري. قام بوضع دساتير العديد من الدول العربيةولد السنهوري في 11 أغسطس سنة 1895م بمدينة الإسكندرية لأسرة فقيرة، وعاش طفولته يتيمًا، حيث توفي والده (الموظف بمجلس بلدية الإسكندرية) ولم يكن يبلغ من العمر أكثر من خمس سنوات. - بدأ تعليمه في الكُتَّاب ثم التحق بمدارس التعليم العام وتدرّج بها حتى حصل على الشهادة الثانوية سنة 1913م، وكان ترتيبه الثاني على طلاب القطر المصري. - قرأ في مرحلة مبكرة من عمره درر التراث العربي، حيث قرأ كتب: الأغاني، والأمالي، والعقد الفريد، وقرأ ديوان المتنبي، وكان كثير الإعجاب به ويفضله على غيره من شعراء العربية. - نال درجة الليسانس في الحقوق سنة 1917م من مدرسة الحقوق الخديوية بالقاهرة (باللغة الإنجليزية)، وجاء ترتيبه الأول على جميع الطلاب، رغم أنه كان يعمل موظفًا بوزارة المالية إلى جانب دراسته. - تأثر في مرحلة شبابه بالزعيم المصري الوطني المصري "مصطفى كامل"، وتبنى فكرة الجامعة الإسلامية التي كان يدعو إليها، كما كان معجبًا بالكواكبي وعبد العزيز جاويش ومحمد فريد وجدي. - عين بعد حصوله على ليسانس الحقوق بالنيابة العامة في سلك القضاء بمدينة المنصورة بشمال مصر. - شارك أثناء عمله بالنيابة العامة في ثورة 1919م، فعاقبته سلطات الاستعمار الإنجليزي بالنقل إلى مدينة أسيوط أقصى جنوب مصر. - ترقى سنة 1920م إلى منصب وكيل النائب العام، وفي نفس العام انتقل من العمل بالنيابة إلى تدريس القانون في مدرسة القضاء الشرعي، وهي واحدة من أهم مؤسسات التعليم العالي المصري التي أسهمت في تجديد الفكر الإسلامي منذ إنشائها سنة 1907م، وزامل فيها كوكبة من أعلام التجديد والاجتهاد، مثل الأساتذة أحمد إبراهيم وعبد الوهاب خلاف وعبد الوهاب عزام وأحمد أمين، وتتلمذ عليه عدد من أشهر علماء مصر، وعلى رأسهم الشيخ محمد أبو زهرة. - سافر إلى فرنسا سنة 1921م في بعثة علمية لدراسة القانون بجامعة ليون، وهناك تبلورت عنده الفكرة الإسلامية، وبدأ يتخذ الموقف النقدي من الحضارة الغربية، فانتقد الانبهار بالغرب، وهاجم تبني د/منصور فهمي لمقولات المستشرقين، وهاجم موقف الشيخ علي عبد الرازق من الخلافة الإسلامية وتأثره فيه بالمناهج العلمانية والرؤية النصرانية. - وفي فرنسا وضع د/عبد الرزاق السنهوري رسالته الإصلاحية التي عرفت بـ (مواد البرنامج) الذي يتضمن رؤيته في الإصلاح، وأنجز خلال وجوده في فرنسا رسالته للدكتوراه (القيود التعاقدية على حرية العمل في القضاء الإنجليزي)، ونال عنها جائزة أحسن رسالة دكتوراه. - وأثناء وجوده هناك ألغيت الخلافة الإسلامية، فأنجز رسالة أخرى للدكتوراه عن (فقه الخلافة وتطورها لتصبح هيئة أمم ش
السنهوري واحد من علامات العدالة المصرية , و واحد من الرجال القلائل اللي صمدوا في وجه الظلم (الحديث هنا عن ظلم عبدالناصر) , يعني الرجل جمع بين عظمة الأداء الوظيفي وقول الحق وتطبيق روح القانون , ولهذا كله استحق مكانة عظيمة حُجبت عنه كثيرًا .
الكتاب دراسة في غاية الأهمية , نشرها السنهوري بالفرنسية ووضع فيها وجهة نظره عن نظرية الخلافة وكيفية تطويع الفكرة لتطبيقها على النسق الحديث , أي بمعنى ملائمتها لقوانين العصر الحديث , الكتاب نُشر بالفرنسية في العام 1926 , أي في عز سقوط الخلافة العثمانية (1924) , فأعتقد أن الكاتب كان متأثرًا بزوال خلافة عريقة وعجزها عن حل مشاكل الدول التابعة لها .
الكتاب قيّم للغاية , ومفيد جدا لمن أراد الاطلاع , ولكني رأيته به شئ من لي التاريخ , فالرجل كان حسن النية فأراد أن يقدم موضوعه غاية المثالية , وكانت لحنكته القانونية الجبارة عامل شديد التأثير في نجاحه في تطبيق الموضوع بسلاسة .
السنهوري يبدأ دراسته، بمعانقة الوجدان للبرهان، والمشاعر للعقل، فيقول في مقدمة الكتاب: «ولا أدعي أنني بريء من كل تحيز عاطفي في معالجتي لموضوع يثير من الحماس العاطفي، ما يجعل للمحاذير الناتجة عن البيئة والارتباط الغريزي بالتقاليد العريقة بعض التأثير على طريقة معالجته، حتى من جانب أحرص الباحثين على الموضوعية، بل إنني أقر بأنني منذ حداثة سنّي لم أستطع أن أقاوم تعلقي الواضح بكل ما يتصل بالشرق... ومع ذلك فقد بذلت جهدي في هذه الدراسة لكي يكون عملي علمياً قدر استطاعتي. لقد التزمت الموضوعية، وعملت دائماً على ضبط العاطفة، حتى لا تطغى على الحقيقة».
وبالنسبة الى السنهوري، فإن «الخلافة» هي «نظام الحكم في الإسلام» وهي تدخل عنده، ككثيرين غيره، في علم الفروع، بخاصة في شقه المتعلق بالقانون العام والقانون الدستوري، على رغم أن الفقهاء يعتبرونها من مباحث علم الكلام. ويقول هنا: «إذا كانت نظرية الخلافة تتسع لجميع القواعد المتعلقة بنظام الحكومة الإسلامية، سواء دخلت في نطاق القانون الدستوري، أو القانون الإداري، أو المالي، إلا أنها لا تشمل جميع قواعد القانون الدستوري في عرف التشريعات الحديثة، ولا في نظر الفقه الإسلامي».
ويسعى السنهوري إلى عصرنة أو تحديث نمط «الخلافة» فيؤكد أن مبدأ الفصل بين السلطات هو أساس نظام الحكم الإسلامي، بخاصة ما يتعلق بالسلطة التشريعية، التي يجب في نظره أن تكون مستقلة استقلالاً تاماً عن الخليفة. ويؤكد أيضاً أن إجماع الأمة هو مصدر التشريع الإسلامي، وأن الأمة هي التي تعبر عن الإرادة الإلهية بإجماعها، وليس الخليفة أو الحاكم بسلطته. كما يقر بأن سيادة الأمة يؤدي بالضرورة إلى سيادة السلطة التشريعية، ويجب ألا يملكها فرد مهما تكن مكانته، خليفة كان أو أميراً أو ملكاً أو حاكماً، فهي لله تعالى وهو سبحانه فوّضها للأمة في مجموعها، والتي يجب أن يرتبط بها «الإجماع» في شكله الأمثل.
ويضع السنهوري ثلاث خصائص للخلافة، أولاها: أن اختصاصات الحكومة (الخلافة) عامة أي تقوم على التكامل بين الشؤون الدينية والدنيوية. والثانية: أن حكومة الخلافة ملزمة بتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية. والثالثة: أن الخلافة تقوم على وحدة العالم الإسلامي. ويرى أن هذه الخصائص إن اجتمعت في الحكومة الإسلامية باتت حكومة شرعية، مهما يكن شكلها، واستحقت ان توصف بأنها «حكومة الخلافة».
ويبني السنهوري على ما سبق فيقول إن هناك إجماعاً عند أهل السنّة والجماعة والشيعة والمعتزلة على أن الخلافة واجب شرعي، ولا يرفض هذا سوى الخوارج، الذين لا يقرون بقيام الخلافة، ولا أي نوع من الحكومة، وفي نظرهم، فإن الخلافة ليست ضرورية دائماً إذ يمكن الناس أن يحققوا مصالحهم وينظموا أمورهم من دونها، وليست نافعة دائماً لأنه لا يمكن أن ينتفع بالخليفة إلا من يصل إليه، وهؤلاء قلة محدودة، وهي أيضاً ليست دائماً ممكنة، لصعوبة انطباق شروطها في كل زمان ومكان على شخص بعينه، وهي في نظرهم تؤدي في كثير من الأحيان إلى فتن وحروب جراء التنافس عليها.
عند هذه النقطة يصف السنهوري رأي علي عبدالرازق في الخلافة بأنه «شاذ»، فيقول: «لاحظنا أن مؤلفاً معاصراً، هو الشيخ علي عبدالرازق، قد أخذ برأي الخوارج، بعدما أيده بحجج مستحدثة براقة، ولكنها في نظرنا مشكوك في متانتها». ويسعى السنهوري إلى تفنيد السندين اللذين اتكأ عليهما عبدالرازق في رفضه الخلافة، فيرى أن قول الأخير بغياب أي سند لوجوب الخلافة في العقل ولا في الشرع وأنها في الأغلب قامت بالقوة، هو خلط واضح بين وجود نظام الخلافة وبين طريقة اختيار الخليفة. كما لم يقبل السنهوري ما انتهى إليه عبدالرازق من أن الإسلام نظام ديني روحاني بحت، وراح يجلب أدلة شرعية ووقائع تاريخية يثبت من خلالها أن الإسلام عرف الدولة منذ عهده الأول، وأن الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) مارس مهام الحاكم.
ولم يكتف السنهوري بهذا بل راح يستخدم ملكاته القانونية الراسخة في إنشاء نظام متكامل لـ «الخلافة الإسلامية» من دون أن يتوقف عند المسميات، حيث يستبدل «الخليفة» بكلمة «الرئيس»، ليؤكد ضرورة انتخابه من الأمة، ثم يضع شروط الناخبين والمرشحين، وإجراءات الانتخابات، ثم يذهب إلى ما هو أوسع من ذلك بوضع مشروع لإعادة الخلافة في صيغة «جامعة شعوب شرقية». وما انتهى إليه السنهوري من حيث الشكل لا يختلف كثيراً عما تقره الديموقراطية الغربية في الوقت الحالي، وما ينفرد به الإسلام هنا لا يزيد عن وضع مبادئ أرسخ وأعمق لضمان العدل والحرية. وإذا كانت الممارسة التاريخية في أغلبها قد ضربت هذه المبادئ في مقتل، فإنها لم تمت، ولن تموت، لأن النص المؤسس الذي ينطوي عليها، وهو القرآن الكريم، باقٍ إلى قيام الساعة.
" الكتاب هو رسالة دكتوراه للاستاذ الدكتور الفقيه عبد الرزاق السنهوري ، كما يذكر المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية بالقاهرة في مقدمة الطبعة الثالثة العربية ، ويصفه المجلس بأنه " خير ما كتب في هذا الموضوع ، إذ يعرض بعمق وبأصالة مفاهيم الإسلام السياسي عرضا علميا دقيقا موثقا بالمصادر العلمية التي تشهد بعلم وأمانة ذلك الفقيه العظيم ، ويضيف : " رحم الله السنهوري فهو لايقف حبيس النصوص والرؤى الفقهية السابقة ، بل يعلن رأيه عن ضرورة تفادي صدام الفقه بالواقع " الكتاب نشر في العام 1926 باللغة الفرنسية في باريس وليون ، ثم عرب وصدر بعد أكثر من ستين عاما في مصر !! كما تقول الدكتورة نادية السنهوري ابنة الدكتور السنهوري " لا بد أن نعتذر للقراء لتأخيرنا في تقديم الكتاب لجمهورنا العربي أكثر من ستين عاما بعد تأليفه ونشره باللغة الفرنسية "!!! ، كنت أتمنى أن يقدم الدكتور السنهوري وهو رجل القاون أن يكون كتابه عن القضاء في الاسلام وليس عن الخلافة ، أيهما أنفع وأبقى وأحفظ لحدود الله وحقوق العباد الخلافة أم القضاء ؟ ماذا أخذنا من الخلافة غير الشقاق والانقسام والتنار والتقاتل والتشتت فرق ومذاهب وطوائف لا يعلم عددها الا الله ، ايهما أحفظ للأمة وأعدل القاضي أم الخليفة ؟ من هو ذاك الرجل الذي لم تنجبه ولادة يأخذ البيعة من الناس على أنفسهم وأموالهم ودمائهم وله عليهم حق السمع والطاعة ما أقام فيهم الصلاة ؟؟؟؟؟ كان من المفترض والكتاب يتناول موضوعا حرجا مثل " الخلافة " المسالة التي اختلف المسلمون عليها وحولها من اليوم الاول حتى الآن وقد كتب بيد قامة قضائية كبرى مثل السنهوري باشا أن يكون كتابا ينشد الدليل والبرهان والحجة فقط من كتاب الله وما وافقه من سنة رسوله (ص) وان ينأى بنفسه عن فتاوى واجتهادات من يسمون علماء وفقهاء شبوا وعاشوا في كنف الأنظمة الحاكمة وتنوعت واختلفت فتاواهم بتعاقب الاجيال والانجال عليهم وصربت بعضها بعضها وخالفت صريح القرآن بصورة فجة كما يذكر الدكتور السنهوري نفسه في صفحة 107 كمثال : ولعلَّ هذا هو السبب في ذلك الاختلاف البيِّن بين علماء الفقه السياسي الإسلامي قديمًا وحديثًا، ففي الوقت الذي نجد فيه الماوردي يحدِّد شروط أهل الاختيار في ثلاثة شروط فيقول: "العدالة الجامعة لشروطها، والثاني: العلم الذي يتوصّل به إلى معرفة من يستحقّ الإمامة، على الشروط المعتبرة فيها، والثالث: الرأي والحكمة وبتدبير المصالح أقوم وأعرف" كذلك نَجِد الإمام النووي يقول في تعريف أهل الحلِّ والعقد: "إنهم العلماء والرؤساء".بينما يرى الإمام البغدادي أنَّ أهل الشورى هم من لهم حق الاجتهاد فيقول بأنهم: "أهل الاجتهاد" ، ثم نَجِد من يقول: "إنَّهم الأشراف والأعيان"، ثم نَجِد الإمام محمد عبده يقول: "أهل الحلّ والعقد من المسلمين هم الأمراء والحكام والعلماء ورؤساء الجند وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح" ، ويقول الإمام محمد عبده: "إن أولي الأمر في زماننا هم كبار العلماء ورؤساء الجند، والقضاة، وكبار التجار والزرَّاع وأصحاب المصالح العامَّة ومديرو الجمعيات والشركات، وزعماء الأحزاب، ونابغو الكُتَّاب والأطباء والمحامين الذين تثق بهم الأمة في مصالحها، وترجع إليهم في مشكلاتها" ، ثم يحاول الشيخ محمود شلتوت تعريف أهل الشورى فيقول: "أولو الأمر هم أهل النظر الذين عرفوا في الأمَّة بكمال الاختصاص في بحث الشئون وإدراك المصالح والغيرة عليها، وليس من شكٍّ في أنَّ شئون الأمَّة متعددة، ففي الأمة جانب القوة، وفيها جانب القضاء، وفيها جانب المال، وفيها جانب السياسة الخارجية، وفيها غير ذلك من الجوانب، ولكل جانب رجال عرفوا فيه بنضج الآراء وعِظم الآثار، وهؤلاء الرجال هم أولو الأمر من الأمَّة، وهم أهل الإجماع الذين يكون اتفاقهم حجة يجب النزول عليها" ، ويقول السيد رشيد رضا في تعريف أهل الحلِّ والعقد الذين يمثّلون سلطة الأمة، واختاره الأستاذ الإمام: "والمراد بأولي الأمر أهلُ الرأي والمكانة في الأمة، وهم العلماء بمصالحها وطرق حفظها، والمقبولة آراؤهم عند عامتها" ، ولم يختلف علماء الإسلام في تعريف أهل الشورى والمراد بهم فحسب، بل اختلفوا أيضًا في تسميتهم، فمن قائل: "أهل الحل والعقد"، ومن قائل: "أهل الاختيار"، ومن قائل: "أهل الاجتهاد"، ومن قائل: "أولو الأمر" انتهى . ثم هو يعترض على الشيخ علي عبد الرازق صاحب كتاب الاسلام واصول الحكم الذي صدر قبل رسالته بعام واحد فقط سنة 1925 ويصف رايه بأنه راي شاذ فيقول : فيقول لاحظنا أن مؤلفا معاصرا هو الشيخ علي عبد الرازق قد أخذ برأي الخوارج ، بعد أن ايده بحجج مستحدثة براقة ولكنها في نظرنا مشكوك في متانتها ، لكنه من بداية كتابه يلتقي معه من طريق آخر في وجوب وجود راس للدولة سواء أكان خليفة أو " رئيس " دولة أو حكومة مهما كان المسمى ، ففي صفحة 101 الباب الاول يقول تحت عنوان طرق اختيار الرئيس – ولي الأمر - الخليفة ، ويوصي بان يكون تعيينه عن طريق الانتخاب من قبل الأمة مجتمعة ، دون أن يبين كيف ستجتمع عصبة الأمم الشرقية على اختيار وانتخاب رجل بعينه ومن هم هؤلاء الذين سيسمونه ويقدمونه الى الأمة بعد ان اختلفوا في تعريف أهل الحل والعقد ، ثم يقول في صفحة 149 : يرى فقهاؤنا أن ولاية حكومة الخلافة العظمى تشمل جميع اقاليم دار الاسلام وليس هنا مجال استعراض قواعد القانون الدولي الاسلامي – انما نكتفي بالاشارة الى انه يقصد بدار الاسلام جميع الاقاليم التي يحكمها المسلمون ، انتهى ، ولم يشر من قريب او من بعيد الى ان يوجد هذا القانون المسمى " القانون الدولي الاسلامي " ... الكتاب خط بكثير من الأمنيات الطيبة والرؤى الجميلة لمستقبل أمة كانت يوما ملء السمع والبصر وهي تستحق بالفعل ان تكون في المقدمة والصدارة لكن ليس كما يقول هو نفسه في مقدمة الكتاب : لقد كان هدفي أن أخرج من الاستعراض التاريخي بحلول علمية ، وقد أدى بي ذلك أن اصل الى مقترحات ، قد يعتبرها البعض أحلاما وطموحات غير واقعية ، إنني لم أتردد في التفكير في حلول جريئة وصلت الى اقتراح إنشاء " منظمة دولية شرقية إسلامية " لأنني واثق في مستقبل الشرق ، طبقا للمثل القائل بأن أحلام اليوم يمكن أن تصبح حقائق المستقبل ، وقد شهد القرن الثامن عشر فكر البعض مثل "الأب سان بيير " في إنشاء منظمة دولية عالمية ، وها نحن نرى أحلامهم قد تحققت في عصرنا في عصبة الأمم في جنيف بعد عدة قرون ، لأن القرون تعتبر زمنا قصيرا في تاريخ الأمم
كُتبَ هذا الكتاب سنة 1926، يعني بعد سقوط الخلافة العثمانية التي كانت مهترئة أصلًا بأقل من سنتين، فتأثر السنهوري بهذا الحدث المدوي ثم أطلق لقلمه العنان ينظر لمعنى الخلافة ويكتب فيها. الكتاب عيبه الوحيد هو أنه كتاب تنظيري من الطراز الأول، تشعر أنه كتاب قانون أكثر منه كتابًا فكريًا. ينظر السنهوري لفكرة الخلافة أصلًا، ومعايير اختيار الخليفة وأهل الحل والعقد وما إلى ذلك من كل هذه التعقيدات. ورغم أن الكتاب معقد جدًا وفيه كثير من الأساليب الصعبة الملتوية والكلام الجامد غير المرن إلا أن له أهمية عظمى في فهم آليات الخلافة وشروطها والمعايير القائمة عليها.
التنظير والتطبيق هما جناحا أي فكرة تريد الاستقرار والوجود في الواقع العملي.. وهذا الكتاب وبهذه الطريقة مثل لي _على الجانب الشخصي _ التنظير الإجرائي. الكتاب كله كلام عن الإجراءات أو اغلبه لكي نكون دقيقين. كيفية اختيار الخليفة، المعايير والشروط. الخلافة الكاملة والناقصة، اهل الحل والعقد ومعيار اختيارهم. هذا النوع من التنظير مفيد جدا فى سبيل تحزيل التنظير لتطبيق هو بالضبط قنطرة بين التنظير والتطبيق..