عايش الصحفي علي العميم طفرات حركات ثلاث في السعودية، هي: حركة الحداثة، حركة الصحوة، والحركة الليبرالية الحالية. وفي كتابه هذا يقد شذرات من تاريخ حركتي الحداثة والصحوة وإشارات عن ماضي الليبرالية، الواهن والضعيف، الملبس والغامض إلى العقد ما قبل الأخير من القرن الماضي. وفي خضم هذا السعي، يقدم في كتابه هذا لمحات من تاريخ السعودية الثقافي والأيديولوجي، وومضات من تاريخ الصحوة والحداثة والليبرالية محليا وإقليميا في بعده العربي. هذا هو موضوع الكتاب الرئيس الذي ضم أيضا مواضيع مختلفة تقرب من الموضوع الرئيس وتبعد عنه قليلا. وقد تناول موضوعاته في مواطن كثيرة بشيء من الصرامة والحزم، حد القسوة والعنف، وفي مواطن قليلة بشيء من الرفق واللين، حد الوداعة والتساهل، معالجا إياها بأساليب تتراوح ما بين البحث والتدقيق والنبش والسجال والمطارحة والتحكم والسخرية. مما يشد الانتباه أن المؤلف راجع أكثر من فكرة يؤمن بها. وبما أن المؤلف معني بالتحولات في دراسة خصصها لهذه القضية وفي أكثر من مقالة، يُطرح تساؤل هنا: هل تراجعه ومراجعته ينمان عن تحول أم تطور في أفكاره؟
علي العميم كاتب وصحافي سعودي من مواليد مدينة بريدة عام 1964 عمل صحافياً في مجلة اليمامة، زاول الكتابة في الجرائد التالية: الرياض، اليوم، والاقتصادية. عمل صحافياً متفرغاً في جريدة الشرق الأوسط، كما عمل صحافياً وكاتباً في جريدة الرياض.
العنوان الفرعي لهذا الكتاب الضخم هو (آراء في الحداثة والصحوة وفي الليبرالية واليسار)، قد يبدو هذا مشروع ضخم، متعدد الوجوه، بعدد صفحات مخيف – 696 صفحة -، ولكننا سنعرف حالما نشرع في قراءة مقدمته أن الكتاب ما هو إلا تجميع لمقالات الصحفي والمثقف السعودي (علي العميم)، والتي نشرها في مجلة المجلة، وصحيفتي الشرق الأوسط والاقتصادية، ونشر القليل منها في صحيفة إيلاف الالكترونية، فلذا المتابع لمقالات العميم قد لا يهتم بهذا الكتاب كثيرا ً، من حسن الحظ أني لم أكن كذلك، فلذا كانت أغلب هذه المقالات جديدة علي.
قسم العميم مقالاته على ثمانية فصول، خصص الفصل الأول للسيرة التي كتبها عن الدكتور عبدالله النفيسي، والتي عنونها (عبدالله النفيسي: الرجل، الفكرة، التقلبات: سيرة غير تبجيلية) وهي الدراسة التي ذهبت بـ 80 صفحة تقريبا ً من الكتاب، وهاجم فيها العميم النفيسي مبرزا ً تقلباته وتحولاته السريعة.
الفصل الثاني عنونه بمفاهيم وخصصه لمقالات عن تسمية الإسلام السياسي، وعن تسميتي جماعة وحزب، ومقال عن الأدب الإسلامي، ومقال عن رجال الحسبة.
الفصل الثالث عنونه (صحوة وإخوان وسلفيون)، وتناول فيه المخفي من تاريخ سيد قطب، نظرات في الإسلام السعودي الحركي، كتب إسلامية بذيئة، الإسلاميون والتطرف، من المسؤول عن 11 سبتمبر، مقالات عن الإخوان المسلمين وسيد قطب، ومالك بن نبي.
الفصل الرابع كان (حداثة ولبرالية) وعرج فيه على كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام)، جاذبية الليبرالية، أحمد الشيباني، العلمانية في السعودية ومفارقاتها.
مقالات الفصل الخامس كانت سياسية وتوزعت بين رؤية الملك عبدالعزيز حول الدولة والدعوة، نقد لبيانات مثقفين سعوديين، ولماذا كان الملك فيصل معاديا ً للشيوعية؟
الفصل السادس كان ثقافيا ً ومقالاته عن ذهنية التحريم بين العظم وبدرية البشر، وحول إحسان عباس – والذي سينشر في كتابه (العلمانية والممانعة الإسلامية) لقاء طويل وممتع معه -، وهناك مقال عن سبب إهمال المثقفين لعبدالرحمن بدوي، وعن أدونيس وسحره، ابن عقيل الظاهري، لماذا نجح السعوديون إعلاميا ً وأخفقوا ثقافيا ً؟
الفصل السابع سيخصصه للمقالات التي ناقشت شخصيات معينة، فهناك مقال عن أحمد ديدات والذي كتب العميم نقد لمناظرته الشهيرة مع القس جيمي سويجارات وتسبب هذا النقد بهجوم كبير على العميم، وهناك مقالات عن محمد العلي، سعد البازعي، تركي الحمد، عبدالله نور، نعيمان عثمان وكتابه عن القبلية، عالية شعيب، رياض الريس، يوسف شاهين، فهمي هويدي، عبدالصبور شاهين، روجيه غارودي.
الفصل الأخير كان مؤلف من مقالات متناثرة، جلها ردود كتبها أشخاص آخرون ردا ً على مقالات العميم، فلذا سيقوم قارئ الكتاب برحلات طيلة فترة قراءته بين مقالات العميم وهذه الردود، وأنا أفهم تقسيم الكتاب بهذا الشكل، رغم أن وجود المقالات وردودها معا ً يسهل مهمة القارئ.
الكتاب جيد في مواضع منه، وضعيف في أخرى، وهذه حال الكتب التي تضم مقالات متنوعة كتبت على فترات زمنية متباعدة، وعالجت مواضيع متعددة.
هنا التاريخُ كما لم تقرأهُ من قبل تاريخٌ فكريٌّ مازلنا نعيش تبعاته -بحلوها ومرّها- إلى اليوم، هو شاهدٌ على الحركة الفكرية والثقافية والسياسية القوية في الوطن العربي لغة المؤلف حادة، تلين أحيانا في مواجهة أسماء، وتعود حادة أمام البقية أحسست بتحامل المؤلف على بعض الأسماء التي جاء عليها، وتساهله مع أسماء أخرى، لا أدري قاصدًا أم جاءت هكذا بعفوية
الكتاب بسَط المشهد أمامي فبعد أن كنتُ أحوم حول الدائرة دون أن أجد الباب، نبّهني إلى أنها دائرة شفّافة، ليس لها باب، لأنك تستطيع دخولها من أي مكان
بعد أن انتهيت من الكتاب، بدأت البحث عن مؤلفات أخرى تتوسع في بعض مواضيعه، وهذا بالنسبة لي نجاحٌ للمؤلف كتابٌ فاخر
يفتح علي العميم النار في كل اتجاه من خلال مقالاته النقدية المقسمة فصولاً حسب موضوعها، الكتاب في المجمل جيد متذبذب المستوى - الكتاب عكس عنوانه فهو كثير من النقد قليل من التاريخ. - المقالات غير مؤرخة وهذا يجعل القارئ يخمن لمعرفة تاريخها. - الشروع في المقال مباشرة فكان من الأفضل شرح حيثياتها ابتداءً وعدم الإكتفاء بالشرح المقتضب في الهامش. - كان من الأولى جمع المقالات والردود عليها في موضوع واحد بدلاً من التشتيت.
كثير من الانتقاد ... مطعم بشيء من التاريخ العميم جعل هذا الكتاب مكرساً للهجوم على ... هل أقول الجميع؟! برأيي أن تكتب كتابا من ٦٠٠ ص مليئة بالنقد يحصرك بزاوية ليست جيدة بعين القاريء.
الكتاب مجموعة من مقالات الكاتب علي العميم، مع اعتراضي على طريقته بالنقد لتصل بعض المرات إلى البحث عن الزلل أو التنطع بالبحث عن التناقضات عند المنقود، إلا أنني أعترف له بسعة إطلاعه وسلاسته بالكتابة. اعتقد أن الكتابة النقدية من أسهل الأنواع خصوصا عندما يوجه النقد لكاتب غزير الانتاج، لأنك بهذه الحالة بالتأكيد ستجد بعض التناقضات، أو الأفكار الخاطئة، أو حتى أخطاء مضحكة يقع فيها الكاتب. فلذلك تجد أن الناقد يسهل عليه تسطير صفحات طويلة وهو يتتبع هذه السقطات. لذلك أعتقد أن الناقد يحتاج إلى قلم سليط وعينين مفتوحتين لتتبع هذه الزلات. وهذا ما يميز علي العميم، فهو ملم بإنتاج من يريد نقده وخبير بكيفية تصيد هذه الزلات. لا أنكر الحاجة الماسة لوجود كتاب كعلي العميم لكي يصقلوا كتابات الآخرين، لكن يبقى العميم كصاقل وليس كاتب منتج.
لأول مرة أجد من يؤرخ للتيارات الإسلامية. إذ لم أقرأ كتبا أو مقالات في هذا المجال سوى مقالات لمنصور النقيدان. كتاب رائع في مجال النقد وفي التاريخ. يلاحظ على الكاتب حبه للسباحة عكس التيار (وجهة نظر نفسية)
البداية مشوقة لحقبة من تاريخ الخليج الفكري التي كانت مزروعة بين جنبات ما يفترض انه سيرة مضادة لعبدالله النفيسي الكاتب بدا يشعرني بشي من غياب الموضوعية في حديثه عن النفيسي وبالذات ما يتعلق بالدول انذاك لكن الكتاب ممتع وشيق ويحوي على معلومات اتحرق منذ زمن لاقرا عنها اي شيء
قليل هي كتب المقالات المجموعة التي تكون جيدة، وهذا الكتاب أحد تلك النوادر.
وثيقة نقدية فكرية رصينة حوت دراسات ومقالات نقدية متعددة شملت أسماء ومواضيع متنوعة. لو أن الباحث أرخ للمقالات زمانا ومكانا (كتابة تاريخ ومكان نشر المقالات أوالدراسات) لاكتمل العقد وأصبحت الصورة التاريخية أوضح.
أهيب بالمؤلف والناشر أن لو صدر جزء ثان وثالث على نفس الرتم حيث يعد مرجعا تاريخيا فكريا.