الشعر لا يُقدّم نفسه، ولكنه يُقدِمُ نفسه هكذا علمتنا جدراسة الأدب.. ولست هنا بصدد تقديم قصائد هذا الديوان، ولكنني سأبذل وسعي لتقديم تجربته للقارئ. لقد اعتاد شعرنا العربي أن يلمس من الحب أجنحته التي بها يطير، هموّمًا حول رفيفها برومانسية موجعة.. متحاشيًا -إلا ما ندر- جسد الحب الذي تحمله هذه الأجنحة، والذي به ومن أجله يطير، مفعمة بما يمنحها هو من طاقة على الطيران! إنهم يغنون رفيف الريش.. رفيف الندى، أو نزيف الدم عليه.. أما منابت هذه الأجنحة.. أما اشتعال الجسد الذي يمنحها كل هذه القدرة على الطيران.. حرائقه وانطفاءاته.. وهجه وانكفاءاته.. جدلية الوجع بين الجسد والروح، فلا يلمسون منها سوى الخيال، ومساقط الضوء والظلال، مفعمين بالحزن والفرح.. وبالفرح والحزن.. محاذرين الدخول لا إلى نعيمه، ولا إلى جحيمه، سوى قلة قليلة منهم، مسّته مسًّا وطارت بأجنحة تشتعل فيها النيران.. ومع ذلك.. وربما بسبب ذلك.. علقتْ بها آلاف العيون، وآلاف الآذان! هذا الديوان قصة حب بدأت بأول يوم التقيا فيه.. بدأت بحدث، وأعقبه حدث.. ما كان لصاحبنا أن ينصرف لمشاعره وحدها، مسدلًا على شريكته في هذه القيامة ستار النسيان، مهملًا وجودها كله بذريعة الخجل أو التعفف، بينما هي تشتعل أضعاف اشتعاله! .. فخرج من عموميات الحب إلى خصوصيات تجربته.. إلى تفاصيل كل حطبة في هذا الموقد.. كيف دُفعت فيه، وكيف تلوّت، ثم اشتعلت.. بدخانها.. بلهيبها.. بالعرق الذي نثّ منها قبل أن تشتعل! هي قصة حب، بكل معايشاتها اليومية.. وكيف تحول ما كان من الناس يعتقدونه "تابو"، إلى جمالية مقدسة بسبب صدقها، ورهافة تناولها.. وما كان لهذه القصائد أن تصبح انسكلوبيديا للحب، لو بقي الشاعر طول سنوات كتابتها يلوكُ كل ما قاله الشعر العربي من لدائِنِ الغزل والنسيب! إنه الحب.. به عاش.. وله أخلص، حياةً وكتابًة.. ولن يزيّفه، ولن يتحاشاه أو يتهرب منه.. لا مُحبًا، ولا شاعرًا.
أحياناً تبصرُ في عينٍ دمعَه أحياناً تبصرُ فيها شمعه أحياناً تذبحُ نفسكَ كي تمنحَها الحبَّ فلا تبصرُ فيها لَمعه..!
9 /9 /1997
النزع الأخير
كلُّ نجمٍ نهيمُ به يَختفي كلُّ غيم نواعدُهُ لا يفي وهوانا بأوجاعِنا يَشتفي هكذا ننطفي..
12 /9 1997
***
هدوء العاصفة
الآنْ نحنُ كما شئتِ، صديقانِ مُحايدانْ يلتقيانِ دونَ موعدٍ.. يُسَلِّمانْ تسألُ عن فُلانةٍ يسألُ عن فلانْ يُثرثرانِ لحظةً، ثم يودِّعانْ كأنَّ أيَّ طارقٍ بينهما ما كانْ..! تهنئتي لكلِّ ما خَطَّطتِ يا نيانْ..! 13 /9 1997
آخر النزف
الآن، في صمتٍ، سأنزِف كلَّ حبِّكِ من كياني حتى التفاصيلَ الصَّغيرةَ، بالدقَّائقِ، والثَّواني الآنَ أنزفُها لأخرُجَ من حياتِكِ في أمانِ! لا تأسَفي، أنا لا أُعاني لكنَّما اسمُكِ ما يزالَ يفزُّ سهواً في لساني! ما زلتُ أُنصِتُ للأغاني وأحبُّ ياني ( ) وأعدُّ بين السبتِ والاثنينِ آلافَ الأماني! وتَهيمُ بي نظَّارتانِ!
أنا لا أُعاني لكنْ، ومعذرةً، أحاولُ أن أُزيلَكِ من جَناني..!
8 /10 /1997
ضياع..
لِنقِفْ عندَ هذا المَدى أنا لستُ ألومُكِ أن تمرَحي حيثُما شئتِ أن تمَرَحي مثلَما شئتِ لكنَّني لن أكونَ الصَّدى..
أسفاً أن تُضيعي هوانا سُدى لِنَقِفُ عندَ هذا المَدى..
5 /12 /1997
يا ضوء روحي
علَّمتِني أنتِ الصَّغيرهْ كيف النُّفوسُ إذا أحبَّتْ تَغتدي مُدناً كبيره!
علَّمتِني، أنتِ التي ما زلتِ أصغرَ من صغاري كيف المُحبُّ يصيرُ دارَ الناسِ وهو بِدونِ دارِ! علَّمتِني، أنتِ الفَتيَّه كيف الحبيبةُ حين تُسرِجُ قلبَها تغدو نَبيَّه!
يا ضوءَ روحي علَّمتِ هذا الشَّيخَ كيف يُضيءُ نبراسَ الجروحِ وأريتِهِ كيفَ الهوى القدّيسُ للشعراءِ يُوحي..!
28/12/1997
قلقٌ على نجمةٍ تائهة!
كنتُ أرفعُ رأسي لأبحثَ عنها وراءَ السَّحابْ كلَّما ارتفعَتْ كان جذعي يَطولْ كيف أرجو إليها الوصولْ لو هَوَتْ في التُّرابْ؟ من سَيفهُم هذا العذابْ؟؟
12/1/1998
الخيبة
ستَبيعينني عند أولِ مُنعَطَفِ للطريقْ لعدوِّ سيَذبحُني أو صديقْ بينما أنتِ تَجرين خلفَ البَريقْ.. وغداً، عندما تشعُرين بأنكِ وَحدكِ تَقتنعين بأيِّ أنيسٍ على الدربِ قد يَستَفيقْ!
8/3/1998
الدُّوار
كنتِ في حاجةٍ لاتخاذِ القرارْ واتَّخذتِهْ كلُّ عُمركِ باقٍ بهذا المَدارْ كلُّ منتظرٍ لكِ يبقى على الانتظارْ وتظلّين أنتِ تدورين حَدَّ الدُّوارْ لا هَوىً، لا طمأنينةٌ، لا قَرارْ تَسحَقين اللآليءَ أجمَعُهنَّ وأنتِ تلوبينَ خلفَ المَحارْ..! 8/3/1998
انطفاء
الآنْ لم يبقَ لنا شيءٌ سوى النَّدَمْ والحزنِ.. والألَمْ حِبُركَ منذُ الآنَ دمعي أيُّها القلَمْ فاحمِلْ معي ما ظلَّ مِن عُمري إلى العَدَمْ..!
12/2/1999
منذ متى بدأت تكذبين؟!
تُرى، منذُ متى بَدأتِ تَخدعينَني؟ من أوَّلِ الطريق؟ أم في آخرِ الطريقْ..؟
منذُ متى بدأتِ تَكذبينْ؟ منذُ متى صرتِ تُراوغينْ؟ من أوَّلِ ابتسامَه؟؟ من أوَّلِ الخُطى إلى مكتبِهِ، وظنَّ كالحمامه جئتِ تُرَفرفينْ؟! من يومِها كنتِ تُمثِّلينْ؟؟! وكُنتِ تَسمعينَني حتى ولو في صمتيَ العميقْ وكنتِ تَجمَعينني إذا تبعثَرتُ وعَزَّ الأهلُ والصَّديقْ فصِرتِ تَدفعينني دفعاً إلى الحريقْ..!
منذُ متى بدأتِ تَخدعينني من أوَّلِ الطريق، أم في آخرِ الطريقْ؟!
هذا الديوان كان قرأتي الأولى للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ، لايسعني التعبير عن جمال اللغة والحرف، وعمق العبارات والاشعار، وسلاسة الوصف . باختصار هذا الديوان بمجمل مافيه فتنة في اللغة والشعر والأدب . استرسلت في قراءة الديوان ولم اشعر قط بأني انهيته حتى وصلت لاخر صفحة ، وقلبي قول "هل من مزيد؟" ..