ولد بقرية كفر طبلوها بمحافظة المنوفية، جمهورية مصر العربية. انتقل إلى القاهرة في الثامنة من عمره. أتم حفظ القرآن الكريم برواية حفص في الثالثة عشرة من عمره. التحق بمعهد القاهرة الديني التابع للأزهر الشريف، وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1953، والشهادة الثانوية عام 1958م. التحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة - وحصل على شهادة الليسانس في علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية عام 1962م. حصل من الكلية نفسها على شهادة الماجستير (قسم النحو والصرف والعروض) عام 1972م بتقدير "ممتاز"، وكان موضوع أطروحته ابن معطى وآراؤه النحوية، مع تحقيق كتابة: الفصول الخمسون). ومن كلية دار العلوم أيضا حصل على شهادة الدكتوراه (قسم النحو والصرف والعروض) عام 1978م بمرتبة الشرف الأولى. وكان موضوع أطروحته ابن الشجرى وآراؤه النحوية، مع تحقيق الجزء الأول من كتابه: الأمالى النحوية. عمل خبيراً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضوا بالهيئة الاستشارية العليا بمركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية، وعضواً بالهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – معهد إحياء المخطوطات العربية). له أكثر من خمسة وثلاثين عنواناً ما بين مؤلف ومحقق. نشر عدة مقالات بمجلات الرسالة والهلال والكتاب العربي والمجلة والثقافة والشعر بالقاهرة. ومجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة ودمشق، والعربي بالكويت، ودعوة الحق بالمغرب، وكلية اللغة بمكة المكرمة. ناقش وأشرف على عشرات الباحثين من طلاب الماجستير والدكتوراه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وجامعة القاهرة وجامعة عين شمس وجامعة حلوان وجامعة الأزهر وجامعة الإسكندرية. شارك في عدة مؤتمرات وندوات علمية أقمتها كبرى الهيئات الثقافية بالعالم العربي منها جامعة الدول العربية وجامعة الموصل بالعراق ورابطة العالم الإسلامي ورابطة الجامعات الإسلامية وجامعة الكويت وجامعة العين بالإمارات العربية المتحدة ومؤسسة الفرقان بلندن وتركيا ومؤسسة آل البيت بالأردن ومؤسسة جمعة الماجد بدبي. تعد أعماله من محققات ومؤلفات من أهم المراجع الرئيسية لمحققي التراث من الجيل الحالي وشباب الباحثين. اشتهر بموسوعيته العلمية واطلاعة على كافة علوم العربية ودرايته الواسعة بها. تتلمذ على أيدي كبار علماء العالم العربي في العصر الحديث كالأستاذ محمود شاكر، والأستاذ عبد السلام هارون، والأستاذ السيد صقر، والأستاذ فؤاد سيد، والأستاذ محمد رشاد عبد المطلب، والأستاذ محي الدين عبد الحميد، والأستاذ حسن الصيرفي – جميعا -.
كتاب ماتع شديد الإمتاع...لا أظن أن أحداً قرأه ولم يتمن أن ييسر له الله الوقت في المستقبل لكي يقرأه مرة أخرى أسلوب سهل وسلس ولغة قوية، والمقالات كلها تعج بالفوائد من أكثر المقالات التي أعجبتني، ترجمة تاج الدين السبكي، وفؤاد سيد، والشيخ أحمد شاكر ومقاله عن التحقيق وطرقه، وعن الحفظ وأثره في ضبط قوانين العربية، وتقديمه لكتاب: من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن وأسجل هنا بعض الفقرات النفيسة من الكتاب: ---------- هل الحفظ مطلوب؟! "هذا وقد وقعت على نص خطير جداً، هو خير رد وأوفاه على هؤلاء الذين يشترطون للحفظ : الفهم، ويقولون: لا تطلبوا من الصبي حفظ ما لا يفهم، فإن هذا غير مجدٍ في العملية التعليمية. يقول أبو الفتح عثمان بن جني : «قال لنا أبو علي - الفارسي - يوماً قال لنا أبو بكر - ابن السراج - : إذا لم تفهموا كلامي فاحفظوه فإنكم إذا حفظتموه فهمتموه». وهذا كلام صحيح، يصدقه الواقع وتؤكده التجربة، فإن الإلحاح بالحفظ الدائم المستمر مما يمهد للفهم لا محالة. وآية ذلك أن صغار التلاميذ في دور الحضانة والروضة يرددون مع إطلالة كل صباح النشيد الوطني لبلادهم، وهم بالقطع لا يعرفون شيئا عن معاني مفرداته فضلا عن تراكيبه، ولكنهم بمرور الأيام يدركون ويفهمون. والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى في اكتساب وإدراك المعارف. ونحن الذين حفظنا القرآن صغاراً نعرف هذا من أنفسنا، فما زلنا نذكر ألفاظ القرآن وتراكيبه الغريبة علينا في مطالع أيامنا، ثم إضاءة معانيه في نفوسنا بعد ذلك بالتدريج، وإن كنا لا ندرك بالضبط متى تم هذا، كما لا يدرك الناظر في السماء انسلاخ النهار من الليل إلا حين يغشاه نوره ويغمره سناه." ------------ "ومع غزارة هذه المعارف التي يقدمها لنا الكاتب، ونفاستها، فهو لا يدل بها على قارئه، ولا يسوقها في موكب تتقدمة الخيالة، ويحف به راكبو الدراجات، وتكتنفه دقات الطبول، كما يفعل كثير من الكتاب الآن، وإنما يأتيك كلامه سهلاً رهواً، يتهادى في إهاب الكرامة والتواضع والإسماح، وعليه من العلم بهاؤه، ومن الجد أماراته، بأسلوب عذب مصفى، أسلوب کاتب يحترم عقل قارئه، ویرید إمتاعه لا التعالي عليه". من مقال العلامة د.الطناحي -رحمه الله- عن كتاب (من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن). ------------ حضر أعرابي مجلس الأخفش فسمع كلامًا لم يفهمه، فحار وعجب، فقال له الأخفش: ما تسمع يا أخا العرب؟ فقال: أراكم تتكلمون بكلامنا في كلامنا بما ليس من كلامنا! وقال القاضي ابن دقيق العيد عن الصوفي ابن سبعين: جلست معه من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاماً تعقل مفرداته ولا تفهم مركباته. ----------- "وكان الفراغ من هذا التفسير والشرح اليوم السادس عشر من شهر ربيع الآخر، سنة اثنتين وستين وأربعمائة . وإنما دعاني إلى تصنيف هذا الكتاب مع خمول الأدب وانقراض زمانه ، اجتماع أهل العصر قاطبة على هذا الديوان، وشغفهم بحفظه وروايته، والوقوف على معانيه، وانقطاعهم عن جميع أشعار العرب، جاهليها وإسلاميها، إلى هذا الشعر، واقتصارهم عليه في تمثلهم ومحاضراتهم وخطبهم ومقاماتهم، وحتى كأن الأشعار كلها فقدت، وليس ذلك إلا لتراجع الهمم وخلو الزمان عن الأدب، وتقاصر الرغبات، وقلة العلم بجوهر الكلام ومعرفة جيده من رديئه ، ومطبوعه من متكلفه !" من خاتمة شرح ديوان المتنبي للواحدي،
لا يفرقنا عن الشيخ الدكتور الطناحي في الزمان سوى سنوات يسيرة، لكنّ ما بيننا وبين ذلك الأسلوب الرفيع، والقلم المدرار، والعبارة المحكمة الأصيلة .. مدى شاسعًا، وفرقًا هائلًا يجلّيه لك بُعد ما بين لغته العذبة الفصيحة المتأتية بلا تكلّف، مع ثرائها وسموّ مبتغاها، وبين لغة المقالات اليوم الهزيلة فكرةً ولغةً ورسالة.
والشأن في هذه المقالات غير يسير، فكل مقالة منها بمنزلة درس في اللغة أدبًا ونحوًا وصرفًا، وفي القراءات والكتب والمعاجم والفهارس والأعلام والمخطوطات وعلم التحقيق، والنصائح الحانية الناطقة عن عالمٍ عارفٍ للعلم حقّه عاش به وله، و يجدر بدارس اللغة العربية والمشتغل فيها خاصةً أن يوعبها ويعقلها، فقد تهيأ فيها من العلم ما يدلّ على متضلّعٍ فيه، مبحرٍ في التراث، غوّاصٍ في دقائقه وفروعه.
وهو الذي أدرك البقيّة الباقيّة الخيّرة من جيل النهضة العربية، والطالب والصاحب للشيخ محمود شاكر، فقد كان رحمه الله خير نموذج لثمرات ذلك الزمان الغضّ الوريق، قبل أن تعصف به عواصف الهوان والضعف.. والله المستعان.
ستجد هنا صفحات مشرقة عن أعلام كثر طوى ذكرهم زمن الخيبات هذا فأدخلهم الطناحي إلى قلوبنا نورا وحبا أعلام من مثل شاكر وعبدالمطلب وهارون وغيرهم من كواكب العلم ستجد هنا تحقيقا وعلماً ستجد نفسا أبية وقلبا نقيا ستجد الطناحي وكفى
الكتاب مفيد جداً ونصح به الكثيرين ولم أجد له تعريف في القودريدز لذا سوف أعرف به بشكل أوسع: -الكتاب هو مجموعات مقالات للدكتور محمد محمود الطناحي أكاديمي مصري ومحقق لعدة كتب وعالم في اللغة وفي المخطوطات عمل في عدة دول عربية.
-وتدور مقالاته حول الدفاع عن اللغة العربية وتصحيح بعض المسائل وكذلك عن المخطوطات التي عمل في مجالها لأكثر من ٣٠ عاماً وكذلك التعريف عن بعض الأعلام الذين عاشرهم خاصةً أستاذه شيخ العربية محمود شاكر.
-وله عدة مقالات عن الشعراوي وأسلوبه في التفسير وتبحره في كثير من العلوم من خلال سماعه لدروسه.
-تتميز مقالاته بالتدقيق الشديد والبحث الدؤوب والأدب الجم مع من يرد عليهم ولفت نظري تقديره الشديد لشيوخه وأستاذته الذي عاشرهم.
** الكتاب في جزئين ويحتوي على تعريف بالمؤلف وبعض الصور له وعلى فهارس مفصلة وتقيييمي ٤/٥
هؤلاء الكبار لا نقرأ لهم ابتغاء العلم وحسب، بل لنتأدب ونتعلم على السواء.
قلم الطناحي بارع، سلسل، وغير متكلف. وعلمه رحمه الله علم واسع، فذا الجزء الأول من كتاب المقالات ينقّلك على جناحيه بين علوم العربية، الشعر وما كتب فيه، التحقيق وكيف يكون، المخطوطات والفهارس والمعاجم ونوادرهم، وبه مقالات عدة خصَّها للأعلام؛ كابن السبكي والعلامة أحمد شاكر وغيرهم، فالكتاب ثري والله في بابه.
الطناحي رحمه الله رجل صاحب خلق رفيع، لا يرائي، ولا يتصيد موقع الزلل لكي يحط من منزلة صاحبه، ولا يبخس الناس -انظر ما كتبه في أبي نواس وهارون الرشيد-، وإن أراد أن يستدرك على شخص جاء حديثه مصون بحسن خلقه -انظر ما كتبه لأحمد عبد المعطي حجازي-، وما أبرَّه بمعلميه وشيوخه! والطناحي ممن أدرك وصحب العلامة الأستاذ محمود شاكر وغيره من أبناء هذا الجيل الذين نقتات على علومهم ونبتغي نهجهم للآن، فلا عجب أن نسمع النبرة الحانية الشفوقة على التراث وحملته، الموجهة لإحياءه وحفظه، ونستنطقها من كل مقال.
"ووجوه الإحسان في تأدية المعاني كثيرة، ومنادحها واسعة، ولا يكاد يظفر بها إلا من وهب لطافة الحس وخفة الروح ورحابة النفس، والارتياح لمظاهر إبداع الله عز وجل في الكون، وما بثه في ملكوت السموات والأرض، وما أجراه على ألسنة خلقه."
وأحسب أنك ستلمس هذه المعاني اللطيفة أثناء قراءتك لمقالات العلامة الطناحي -رحمه الله-.
"ونحن أمة العرب أمة بيان وفصاحة، ولغتنا معينة على ذلك..."
ومع هذا فإنني أقف دائما أمام غالبية الأعمال الأدبية، أجد أثر الكلمات في نفسي، ومحبتي لها، ولكن لا توفيها كلماتي حقها، لكننا نحاول مصاحبة نصوص اللغة العالية وقراءة مقالات الأدب، علّها تطلق الكلمات من عقالها وتحررها لتخرج في أجمل نظم وأحسنه.
اقتباسات
~"وأنت ترى هذا من نفسك، فقد تتلو الآية أو السورة في صلاتك، أو في مغداك ومراحك، وعند أخذ مضجعك، وتمر عليها مرة، ثم تتلوها نفسها في ساعة أخرى من ساعاتك، وفي حالة مباينة من حالاتك، أو تسمعها من قارئٍ غيرك، فإذا هي تهزّك هزّاً، وإذا هي تملأ كل ما حولك بهجة وضِياء، ثم تفجر أمامك ينابيع من الحكمة والهدى لم يكن لك بهما عهد، وتَعجب: كيف غُيّبَ عنك كل هذا الخير فيما سلف لك من أيام؟
وكل الكلام جَميل إلا كلام ربنا عز وجل، وصدق رسول الله ﷺ في وصفه -وهو المنزل عليه- لا يشبع منه العلماء، ولا يخلَق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه."
~"وهكذا تكون معرفة التفسير وأسباب النزول معينة على فهم القرآن وتدبره، فإذا انضم إلى ذلك معرفة غريبه ووجوه قراءاته، ونحوه وإعرابه، ومعانيه، كان ذلك أعون على معرفة أسراره، والوقوف على دقائقه، ثم التلذذ بتلاوته، واستصغار لذائذ الدنيا كلها بجوار آية واحدة من آياته يتلوها المؤمن مستجمعاً لها فكره، مخلِياً لها قلبه.
ولذلك يقول أحمد بن أبي الحوارى الصوفي المتوفى سنة 230 هـ: "إني لأقرأ القرآن فأنظر في آية فيحار عقلي فيها، وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الرحمن! لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه، وتلذذوا به، واستحلوا المناجاة به، لذهب عنهم النوم فرحاً بما رُزقوا ووفقوا".
والقرآن مؤنس لِتاليه، مزيل لوحشته. "
وأثناء قراءتنا لنصوص الأدب واللغة نصاحب هذا المعنى الطيب، الذي ربما عرفناه جميعا في سنوات التعلم الأولى، ولكن تزاحمت الشواغل فصرفتنا عن القيام بحقه، وأسأل الله أن يوفقني لإتقان تعلم اللغة حتى نقترب من معاني القرآن ونصاحبها في مطولات التفاسير بإذن الله.
ونختم باقتباس لهذا الدعاء الطيب
~"اللهم حبب إلينا القرآن، وأذقنا حلاوته، وارزقنا تلاوته وفقهه والعمل به ��ناء الليل وأطراف النهار-واجعله أنيسا لنا في هذا الزمان الذي ذهب فيه من يؤنس به ويستراح إليه-، واجعله اللهم ربيع قلوبنا ونور صدورنا، وجلاء حزننا، وذهاب همنا..."
اسلوب سهل بليغ، ومقالات ذات قيمة موضوعية، كيف لا وهو تلميذ شيخ العربية محمود شاكر. مقالات اللغة وعلومها والتراث والمخطوطات لها النصيب الأكبر في هذا الجزء، وهذا يدل على غيرة الدكتور على اللغة والهجمات التي تثار ضدها. اعجبني مقال تركيا والمخطوطات العربية، أحسست انه أخذني في جولة ممتعة حول مكتبات تركيا ودور السلاطين العثمانيين ورجالات الدولة وعلماؤها في خدمتهم للمخطوطات وعنايتهم بها.
مقالات جميلة وثرية جدا، تصلح أن تكون من البدايات والمنطلقات لطالب الأدب والثقافة العربية، وفيها نظرات وتحقيقات لغوية وأدبية لا يستغني عنها محب الأدب والتراث.
طبعة درة الغواص الثانية هي الطبعة الأخيرة التي صدرت، وتنسخ ما قبلها من طبعات؛ ففيها زيادات في عدد المقالات تقدر بالنصف كما قال ورثته، وهي تقع في مجلدين اثنين. وقد قُدّمت هذه المقالات بثلاث مقدمات عن الطناحي منها مقدمة الدكتور سعد مصلوح، وهي مقدمة جميلة عنونها بـ"محمود بن محمد الطناحي في رحلة التكوين والتمكين" فلا تفوّت قراءتها. وقد قُسِّمت المقالات لعدة موضوعات: 1- أعلام وتراجم 2- ردود وتعقيبات 3- التراث ونشره 4- إسلاميات 5- نحو ولغة 6- كتب (تقديم ونقد ومراجعة) 7- التحقيق والمخطوطات العربية 8- التعليم والجامعة 9- مقالات عامة
وقد كتب بعض الأفاضل عن الفرق بين طبعة درة الغواص وطبعة دار البشائر، وأشار إلى بعض المقالات التي لم تُنشر في كلا الطبعتين، تجد تفاصيل ذلك هنا: https://www.facebook.com/story.php?st...
مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي صفحات في التراث والتراجم واللغة والأدب وكما قيل على غلاف الكتاب الخلفي، فلقد اشتملت هذه المقالات على سلاسل ذهبية، وفوائد علمية نادرة، ونكت ولطائف في التراث والتراجم واللغة والأدب. والكتاب من جمع ولده البار محمد، والشيخ محمد العجمي سعى في طبعها، وقدم لها.. والحقيقة أن الكتاب خرج في حلة ممتازة، وفي إخراج لطيف للغاية، والكتاب يحمل بين طياته كنوزا من المعرفة، ودقائق من اللغة والأدب. الكتاب يقع في جزئين، بمجموع صفحات يفوق الـ 800 صفحة تقريبا.. يتضح من خلال المقالات تعمق الدكتور في العربية وحبه لها، والذود عنها، والتغني بها وبجمالها، والتنبيه على من يتعدى عليها، وكذلك علمه الغزير في المحفوظات والمخطوطات، وهو في هذا المجال لا يشق له غبار، كيف لا، وهو المعين كخبير بمعهد المخطوطات العربية بجامعة الدول العربية، وبمركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية، وعضوا بالهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي. إن هذا الكتاب -تحديدا- يعطيك التصور لما كانت المقالات عليه في العصر السابق من قوة، وطول، وحجة، وبرهان؛ فحينما كتب الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي في 1992م بجريدة الأهرام مقالة بعنوان (حين يستوي الصمت والكلام) رد عليه محمود الطناحي في مجلة الهلال بمقالتين بعنوان (النحو العربي والحِمى المستباح) وكان مجموع المقالتين في أكثر من 32 صفحة، وهذا النفس النقدي الطويل، افتقدناه كثيرا في هذه الأيام. الكتاب من القطع الكبير الصادر من دار البشائر الإسلامية، المنشور في عام 2015 الطبعة الثالثة.
ما أحسن هذا والله بيانًا وعلمًا وفنًا وأدبًا وروحًا!!
وددت والله لو أن ألزم طلاب العلم بمطالعة الكتاب ليتعلموا منه حسن الأدب والإنصاف والعدل في أيامنا هذه التي يسيء كثير من طلاب العلم إلى أقرانهم وإلى العلماء ولا سيما في ردودهم ومجادلاتهم، انظر إلى الطناحي كيف كان يرد على أقرانه وعلى كبار العلماء، انظر إلى مقالته في الشعراوي وحسن صنيعته في توقيره وتعظيمه وتبجيله وذكره معروفه ثم أتبع ذلك تعقيبات لا تنقص من قدر الشيخ شيئا ولا تبخس حقه، انظر إلى ردوده على الذين يسيئون إلى علوم العربية من غير اعتداء عليهم، بل ويذكر أفضالهم وأياديهم ومعروفهم، وكذلك فالدكتور يترجم لكبار المحققين وأهل العلم والفضل ويعرض علينا سيرتهم العلمية والعملية ويثني عليهم، وما كان أخلقنا أن نسلك مسلكه في خلافاتنا العلمية، رحم الله الطناحي ورفع قدره في العالمين.
مقالات في غالبها الدفاع عن إرث العربية والعرب وتاريخها وفي نقد حاضرها، وفي كثير من المقالات يتحدث الطناحي عن شيخه أبي فهر وفضله وعلمه، مواضيع شيقة وأسلوب جزل
كتاب مقالات العلامة الطناحي من الكتب التي تهتم بالأدب والبيان والنحو والدفاع عن العربية .. قدم الكاتب مقالات عن همومه للرقي باللغة العربية في المجتمعات المعاصرة .. وكذلك ألقى الضوء في بعض المقالات على ابرز الشبهات التي يروجها أعداء العربية وكيفية الرد عليها .. وتطرق المؤلف في عدد من المقالات الى علم المخطوطات وعالم المكتبات وتحدث عن ابرز رجالاته ومفكريه وطرح لرؤيته للنهوض بالكتاب العربي والمكتبة العربية .. وتحدث الكاتب عن بعض الفنون مثل النحو ومايدور حوله من انتقادات ورد عليها ردا شافيا وافيا ..
شكرًا أيها العلامة الطناحي على هذه المقالات القيمة والخواطر النفيسة وكتبها الله في ميزان حسناتك