عماد أبو صالح شاعر مصري، يكتب قصيدة النثر، من مواليد المنصورة في شمال مصر عام 1967. يطبع كتبه على حسابه الخاص ويوزعها بنفسه رافضَا بيعها على الرغم من نجاح دواوينه وشعبيته الواسعة بين جمهور قصيدة النثر.
منذ سنوات رأيت هذه الصورة وأعجبت بها جداً واستغرب البعض من إصراري على وضعها لفترة طويلة على الفيسبوك حتى انهم ظنوا إني أعاني من حالة إكتئاب وهذا لم يكن صحيحاً, الصورة لم تعني لي الموت على الإطلاق بل هو ما تعنيه هذه السطور
حين نموت وتنهش الديدان لحم وجوهنا التي خرّبتها الحياة تبتسم جماجمنا ابتسامة كبيرة
مضطر لأن يعيش في الشوارع قلبه أكبر من باب البيت كلما اقترب يهربن منه وينظرن ، بتقزز، إلى لعابه المندلق على ملابسه الممزقة مع أنه لا يفكر في إيذاء أحد مطلقً ا. يريد ، فقط، أن يشرح لهن أنه كان عاشقًا قديمًا وفمه تهدل ، هكذا، من كثرة القبلات
هل كان سيصعد بهما ويكلّم الله في السماء أم كان سيمد واحدة ويعرقل مسيرة البشرية؟
إنه لا يكرهها لا يحبها ولا يكرهها هي أيضًا مثله تمامًا لم تكن تحبه ولم تكن تكرهه كل ما بينهما أنه ابن و هي أم هي تغسل ملابسه وهو يسليها بتربيته . هي ، يمكن أن نقول، غسالة وهو بكرة تريكو
صديقان حميمان ، فيما يبدو، تاها طويلاً في زحمة الحياة ويقيدان يديهما بقيد حديدي خشية أن يفترقا مرة ثانية. مَن اللص؟ مَن العسكري؟ ليس يمكننا أن نتبين من دون تدقيق طويل
منذ أن مات آخر أصدقائه وهو يختبئ في دولاب الملابس. غفا قليلاً ذات مساء ولما استيقظ ظن أنه بداخل نعش فمزق كفنه وفرّ هاربًا. الجيران ، بعد أن أمسكوا به، كانوا يقسمون له أنه ليس ميّتًا وهو يبكي و لا يصدقهم لأنهم كانوا يحاولون أن يلفّوا جسده العاري بملاءة بيضاء.
-------- ظل مسجونًا إلى أن أضاء بياضُ شعره ظلامَ زنزانته وحينما أخرجوه أخيرًا نسيَ حتى عن أي شيء كان يناضل أصلاً.
لكنه الحمد لله صارت له مهنة يعيش منها.
يتنقل ، كل مساء، في الحدائق ويعزف للأطفال فاصلاً موسيقيًا بصرير مفاصله.
" وكلما توجهت رصاصة لصدره بدقة تامة، تمر، لحسن الحظ من ثقب قديم في القلب"
"منذ أن مات آخر أصدقائه وهو يختبئ في دولاب الملابس. غفا قليلاً ذات مساء ولما استيقظ ظن أنه بداخل نعش فمزق كفنه وفرّ هاربًا. الجيران ، بعد أن أمسكوا به، كانوا يقسمون له أنه ليس ميّتًا وهو يبكي و لا يصدقهم لأنهم كانوا يحاولون أن يلفّوا جسده العاري بملاءة بيضاء.”
"منذ يومين كان جالسًا يحدقُ في الشمسِ أمامَ البيتِ ثُمّ قفزَ فجأة وأمسكَ بالظِلّ كي لا يسحب يومًا جديدًا من عمره"
إننى بعد قراءة أكثر من ديوان لـ عماد أبو صالح ، أستطيع أن اقول أنه قد استطاع الخطو بقصيدة النثر خطوات سريعة للأمام بعد أن ملأتها الرمزية المملة فى أغلب الأحيان الذى حملها على عاتقهم جيل شعراء السبعينات ..
فاللغة عند أبو صالح سهلة سلسة تكاد تقترب من العامية المتزنة ولكنها فى نفس الوقت فصيحة متحفظة ..
ونستطيع أن نقول أنه أعاد للشعر نفَسَه الشعرى ..
_ بعض قصائد النثر تشعر أنها قصص قصيرة رديئة _
فأنا أؤمن بإن المُطلع يستطيع بسهولة التمييز بين الشعر وماعداه حتى وإن خلا من الأوزان والقوافى ..
للشعر روحه ولمسته وصيغته الغير مستقرة وديباجته ..
أما عن موضوعات القصائد فنجد أن الشاعر يلتقط المشاهد العادية ولكن فى نفس الوقت السرية
إنه يكتب عن الإنسان العادى فى أحرج لحظاته
تلك هى معركة الشعر الحقيقية ، التقاط الأشياء العابرة والتعبير عنها تعبيراً فنياً ..
ومن ثمّ تفسير تلك الأشياء العابرة بما يتناسب مع سياسة الشعر وهو البَوح الصادق جداً لدرجة التعرى
وإن كنت أرى أن الشاعر هنا يتحدث عن الواقع ، عن المأساة
ولد صغير غير مؤدب مات دون إذن أمه ========== أخرج زبداً كثيراً من فمه و أطبق عينيه. كفراشة مثل حشرة كأيّ قطة ككلب. غافلها ، و هي تجهز الطعام في المطبخ ، و مات كعادته. لا يأخذ رأيها أبداً في أي خطوة يقدم عليها
كان يمكنه ، خاصة و أنه أحس ، أجنحة ملاك الموت ترفّ في الغرفة أن يودعها بكلمة أو يخبرها بمكان النقود التي سرقها منها . لكنه ، في حقيقة الأمر لم يكن يحبها.
إنه لا يكرهها لا يحبها ، و لا يكرهها. هي أيضاً مثله تماماً لم تكن تحبه ، و لم تكن تكرهه. كل ما بينهما أنه ابن و هي أم هي تغسل ملابسه و هو يسليها بتربيته.
هي ، يمكن أن نقول غسالة و هو بكرة تريكو .
!!
و عروقه ترتخي أي كما ترتخي الأوتار =================== ظل مسجوناً إلى أن أضاء بياض شعره ظلامَ زنزانته. و حينما أخرجوه أخيراً نسيَ حتى عن أي شئ كان يناضل أصلاً. لكنه الحمد لله صارت له مهنة يعيش منها .
يتنقل كل مساء في الحدائق و يعزف للأطفال فاصلاً موسيقياً بصرير مفاصله .
أشعر أن هذا الديوان أقل من ديوانه الأول (كلب ينبح ليقتل الوقت).. ما يميز الكاتب حقا هو الخيال الجامح في شعره والفلسفة العميقة التي لا أفهم أغلبها في الحقيقة :)
لا أقرأ الشعر كثيرا ولذا هذا الديوان القصير يُعتبر من بداياتي مع الشعر، ولكني مكنتش مستعدة للقدر ده من السودواية والحزن في القصائد.
في البداية لقيت أني بجمع بعض الجمل اللي عجبتني، ولكن بمرور القصائد، لقيت الجمل حزينة أكثر من اللازم، فيه بعض التشبيهات مكنتش موفقة بالنسبة لي أو معجبتنيش، لكن في جمل تانية قوية ومؤثرة وخلتني أفكر كتير.
بعض الجمل اللي عجبتني:
"حين نموت وتنهش الديدان لحم وجوهنا التي خربتها الحياة تبتسم جماجمنا ابتسامة كبيرة"
"كان قد بدأ حياته بخياطة جلباب بني والآن يختمها بخياطة جلباب لونه بني أيضا ولأنه صار يخرف فإنه يوبخ نفسه طول الوقت لأنه قضى عمره كله في خياطة جلباب واحد"
"وكلما توجهت رصاصة لصدره بدقة تامة تمر لحسن الحظ من ثقب قديم في القلب"
"لعبقري مغمور تسحّب على أطراف أصابعه دون أن يعلم العالم"
حين نموت وتنهش الديدان لحم وجوهنا التي خرّبتها الحياة تبتسم جماجمنا ابتسامة كبيرة
"يوهمه الأطفال بعد أن يأكلوا الحلوى، أنهم أدخلوا له الخيط في ثقب الإبرة فيظل يخيط طول النهار دون خيط.."
"وكلما توجهت رصاصة لصدره بدقة تامة، تمر لحسن الحظ، من ثقب قديم في القلب.."
ظل مسجونًا إلى أن أضاء بياضُ شعره ظلامَ زنزانته وحينما أخرجوه أخيرًا نسيَ حتى عن أي شيء كان يناضل أصلاً. لكنه الحمد لله صارت له مهنة يعيش منها. يتنقل كل مساء، في الحدائق ويعزف للأطفال فاصلاً موسيقيًا بصرير مفاصله.
ظلت عمرها كله تغسل الملابس فى البيوت إلى أن انخلع كفّاها ،ًيوما، فى طشت الماء. ولأنها ترى حياتها بقعة كبيرة لن تزول إلا بالاستمرار فى الغسيل، فأنها تقف ساعات طويلة فى الحديقة وهى تقلد الأشجار تغرس قدميها فى حفرة وترويهما بالدمع على أمل أن ينبت لها كفّان جديدان وتعود للعمل مرة ثانية.
موجعة , صادمة , عبقرية , صادقة , بسيطة , تلقائية.. هى كتابات عماد أبو صالح .....................
لم يكن هناك أي شيء في الغرفة ، على السطوح، .يغريه بأن ينظر له نظرته الأخيرة ليس إلا جزمة ممزقة بُرْص بنيّ أعلى رأسه مباشرة طبق مكسور الحافة حيطان تساقط جلد وجهها.
تجوّل ببصره ، وهو ملقي على البلاط، وفي النهاية أطبق عينيه على مسمارين لتعليق الملابس خلف الباب. ضغط بما تبقى له من قوة ولفظ آخر أنفاسه.
العجوز الذي أتى ليغسّل جثته كان متضايقًا جدًا من منظر عينيه: مفقوءتان وتدْفقان الدم بغزارة. فتش فيهما جيدًا ، بأظافره، لكنه لم يعثر على أي شيء
عناوين القصائد بحد ذاتها صور شعرية مبهرة، تكاد تفوق جمالية القصيدة نفسها أحيانا.
ظل مسجونًا إلى أن أضاء بياضُ شعره ظلامَ زنزانته وحينما أخرجوه أخيرًا نسيَ حتى عن أي شيء كان يناضل أصلاً. لكنه الحمد لله صارت له مهنة يعيش منها. يتنقل كل مساء، في الحدائق ويعزف للأطفال فاصلاً موسيقيًا بصرير مفاصله.
فقط .. عبقري حد الجنون لاتفيه اى كلمات فكيف تكون اسماء القصائد هي قصائد بذاتها
..لأن جيرانه كانوا مشغولين نشروا ملابسهم لتبكى لأجله
..مرة يصنع مشانق صغيرة ومرة أشرطة لضفائر البنات
..تجاعيد وجهها ستعرقل بكرات الأفلام ========== ولد صغير غير مؤدب مات دون إذن امه .. غافلها وهى تجهز الطعام فى المطبخ ومات. كع��دته لا يأخذ رأيها ابداً فى أى خطو يقدم عليها
========== يرشق الإبرة في عينه وهو يظن أنها الحائط .. لا يزال مصممًا على أن يحني ظهره حين يدخل باب دكانه الواطئ مع أن ظهره انحنى من تلقاء نفسه . يوهمه الأطفال ، بعد أن يأكلوا الحلوى، أنهم أدخلوا له الخيط في ثقب الإبرة فيظل يخيط طول النهار دون خيط .
=========== مضطر لأن يعيش في الشوارع قلبه أكبر من باب البيت .. كلما اقترب يهربن منه وينظرن ، بتقزز، إلى لعابه المندلق على ملابسه الممزقة مع أنه لا يفكر في إيذاء أحد مطلقً ا. يريد ، فقط، أن يشرح لهن أنه كان عاشقًا قديمًا وفمه تهدل ، هكذا، من كثرة القبلات
============== وكلما توجهت رصاصة لصدره بدقة تامة، تمر ،لحسن الحظ من ثقب قديم في القلب”
(سنحاول أن نحزن لأجلها إنها في سن أمهاتنا) رغم أنها لم يعد لها سوى ثلاثة أسنان فضية وجلد وجهٍ مبقّع لا يصلح لصناعة حذاء، إلا أنها تصر، لا تعرف لماذا، أن تقف على الرصيف في آخر الليل وتغمز بعينها لكل عابر. جسدها النحيل ينتفض من البرد فتتناثر منه بقية قبلات الماضي. هذه المرأة التي قضت كل عمرها في مضاجعة الرجال لم تعد تتذكر أصلًا ما الذي يفعله الرجال بأعضائهم. ولأنها رأت رجلًا يتبول في الحديقة ظنت أنهم ليسوا سوى براميل متحركة تسقي الناس وتروي الأشجار. بكت كثيرًا هذا الصباح من قسوة الحياة بعد أن نهرها رجل بشدة حين حاولت أن تفتح صنبوره لتغسل وجهها.