كتاب الشاعر ادونيس "الثابت والمتحول :بحث في الابداع والاتباع عند العرب" الذي احدث حين صدوره في 1973 ولا يزال يحدث ، سجالا ادبيا وفكريا بين فئة تؤيد طروحاته وتأخذ بها واخرى تعارضها وتختلف معها ، هذه الكتاب الذي يعتبر من المحطات المهمة في تاريخ النفد الادبي والفكري والتاريخي صدرت طبعة ثامنة له في اجزاء اربعة عن دار الساقي. ولعل بلوغ هذا الكتاب "الاشكالي" طبعته الثامنة هو في ذاته حدث ثقافي يدل لا على رواج الكتاب فقط وانما على رواج مواقفه السجالية. ويرى ادونيس في الجزء الاول "الاصول" ان المسلمين الاوائل فكروا وسلكوا ، انطلاقا من ايمانهم بان الدين الاسلامي اساس ومقياس للنظرة الى الغيب والى الحياة الانسانية معا"، وربطوا ربطا عضويا بين الدين وتنظيم الحياة من جهة، وبينه وبين اللغة والشعر والفكر، من جهة ثانية . وهكذا، قرنوا الفكر والسياسة بالدين، فصحة الموقف السياسي تقاس بصحة الدين، وصحة الشاعر (والمفكر عامة ) تقاس كذلك، بصحة دينه. ومن هنا، تجسدت الثقافة الاسلامية –العربية، عمليا"، في مؤسسة الخلافة، أي في النظام او الدولة . يعرض الجزء الاول اذا لهذا كله ، من جهة، مسميا اياه، اصطلاحا، "الثابت" ومن جهة ثانية، للاتجاهات التي حاولت ان تؤوله، وان تطرح مفهومات اخرى، وهو ما سمي، اصطلاحا كذلك، "المتحول". اما الجزء الثاني "تأصيل الاصول" فينطلق من امكان القول ان طابع الثقافية العربية بين منتصف القرن الثاني ونهاية القرن الثالث للهجرة، انما هو الصراع بين العقل والنقل، التجديد والتقليد، الاسلاموية والعروبوية – أي بين اتجاهات دينية تقليدية واتجاهات عقلية – تجريبية، اضافة الى الانقلاب المعرفي الجذري المتمثل في الحركة الصوفية. ويعرض الكتاب لهذا الصراع ، بمختلف اشكاله ومستوياته ، وابعاده، في الثقافة العربية، على امتداد الفترة الزمنية المذكورة، ويتوقف طويلا عند مفهوم الحداثة، كما اسس لها الشعراء العرب في هذه الفترة. ويتناول الجزء الثالث وعنوانه : "صدمة الحداثة وسلطة الموروث الديني" مشكلات الحداثة في الفكر العربي. ويمثل الكاتب عليها، تراثيا، بأربعة مفكرين : القاضي عبد الجبار (المعتزلي)، والامام الغزالي، والفارابي، وابن تيمية. ويمثل عليها في مرحلة "عصر النهضة" اربعة مفكرين : محمد ابن عبد الوهاب، محمد عبده، رشيد رضا، والكواكبي. هكذا يدرس المؤلف في هذا الجزء "حدود العقل" كما تجلت عند الاربعة الاوائل، و"الفكر المستعاد" كما تجلى عند الاخرين. اما الجزء الرابع "صدمة الحداثة وسلطة الموروث الشعري" فينطلق من الاسئلة الآتية: ما الحداثة في الشعر؟ وما المشكلات التي تثيرها في اللغة، والشعر، والدين، والثقافة، بعامة؟ كيف نظر اليها النقاد في العصر العباسي وفي عصر النهضة وكيف تجلت عند الشعراء في هذين العصرين؟ لعل هذا ما يحاول ان يعرض له هذا الجزء من "الثابت والمتحول" طارحا تساؤلات كثيرة، بين اشدها اهمية السؤال الآتي: هل علم جمال الشعر، هو علم جمال الثابت، ام علم جمال جمال التغير؟(less)
علي أحمد سعيد إسبر المعروف بـ أدونيس شاعر سوري ولد في 1930 بقرية قصابين بمحافظة اللاذقية في سوريا.
( فيما بعد قام الشاعر الكبير بتغيير اسمه إلى ادونيس تميناً باسم آلهة من ألهات الفينيقيين )
تبنى اسم أدونيس (تيمناً بأسطورة أدونيس الفينيقية) الذي خرج به على تقاليد التسمية العربية منذ العام 1948. متزوج من الأديبة خالدة سعيد ولهما ابنتان: أرواد ونينار.
دونيس (Adonis) هو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية-الفينيقية، فالكلمة أدون تحمل معنى سيد أو إله بالكنعانية مضاف إليها السين (التذكير باليونانية) وهو معشوق الآلهة عشتار انتقلت أسطورة أدونيس للثقافة اليونانية وحبيبته صارت أفروديت. يجسد الربيع والإخصاب لدى الكنعانين والإغريق. وكان يصور كشاب رائع الجمال. أدونيس لم يعرف مدرسة نظامية قبل سن الثالثة عشرة. حفظ القرآن على يد أبيه، كما حفظ عددًا كبيرًا من قصائد القدامى. وفي ربيع 1944, ألقى قصيدة وطنية من شعره أمام شكري القوتلي، رئيس الجمهورية السورية حينذاك، والذي كان في زيارة للمنطقة. نالت قصيدته الإعجاب، فأرسلته الدولة إلى المدرسة العلمانية الفرنسية في طرطوس ، فقطع مراحل الدراسة قفزاً, وتخرج من جامعة دمشق متخصصاً في الفلسفة سنة 1954.
التحق بالخدمة العسكرية عام 1954, وقضى منها سنة في السجن بلا محاكمة بسبب انتمائه -وقتذاك- للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي تركه تنظيميا عام 1960. غادر سوريا إلى لبنان عام 1956, حيث التقى بالشاعر يوسف الخال, وأصدرا معاً مجلة شعر في مطلع عام 1975. ثم أصدر أدونيس مجلة مواقف بين عامي 1969 و 1994.
درّس في الجامعة اللبنانية, ونال درجة الدكتوراة في الأدب عام 1973 من جامعة القديس يوسف, وأثارت أطروحته الثابت والمتحول سجالاً طويلاً. بدءاً من عام 1955, تكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز للبحث في فرنسا وسويسرة والولايات المتحدة وألمانيا. تلقى عدداً من الجوائز العالمية وألقاب التكريم وتُرجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة.
حصل سنة 1986 على الجائزة الكبرى ببروكسل ثم جائزة التاج الذهبي للشعر في جمهورية مقدونيا تشرين الأول 1997.
يعتبر البعض أن أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل. فمنذ أغاني مهيار الدمشقي، استطاع أدونيس بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم على توظيف اللغة على نحو فيه قدر كبير من الإبداع والتجريب تسمو على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج أبداً عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية.
استطاع أدونيس أن ينقل الشعر العربي إلى العالمية. ومنذ مدةٍ طويلة، يرشحه النقاد لنيل جائزة نوبل للآداب. كما أنه، بالإضافة لمنجزه الشعري، يُعدّ واحداً من أكثر الكتاب العرب إسهاما ف
ما الحداثة في الشعر؟ ما المشكلات التي تثيرها في اللغة، والشعر، والدّين، والثقافة، بعامّة؟ كيف نظر إليها النقاد في العصر العباسي، وفي عصر النهضة، وكيف تجلّت عند الشعراء في هذين العصرين؟"
أدونيس مفكر وأحد أشهر الأعلام الذين أحدثوا زوبعة ونقلة في الفكر العربي ومدّهُ وصل أقاصي البلدان العربية لكن مازلت أرفض الحداثة الشعرية متمسّكة بِبُحور الخليل بن أحمد درب ابن زيدون ولزوميات المعري ونقائض جرير والفرزدق لا تقاس بقول لبيد بن ربيعة وجَلا السُّيولُ عن الطّلُولِ كأنّها زبرٌ تجِدُّ متونَها أقْلامُها. ولوَضعت شعر العصر الحديث في كِفةٍ و معلّقة زهير في كفةٍ لرجح قول زهير : وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ اَبقى رجعية في نظر الكثير لكن الشعر العربي هو العامودي المقفّى وسواه نثر لا يجتاز الشُعور
أرجح أن الكتب المفصلية هي التي أعطت معنى للعالم الذي نعيش فيه، وأسهمت إلى حد بعيد في تفسير عالم مبهم وملتبس. بهذا المعنى ربما يذهب كتاب الثابت والمتحول إلى صروح الفكر العظيمة عند أفلاطون، أرسطو، الغزالي، ابن رشد، ديكارت، هيغل، ماركس، إدورد سعيد، الجابري إلخ ... بغض النظر عما صدر عن هذه الصروح من أفكار تتباين في الرؤى. قد يسأل الشاب، ابن اللحظة الراهنة التي أنا أيضا أشاركه بها... لماذا تقرأ كتبا ما عادت فاعلة، تجاوزها الزمن، وقد أمست في ذمة التاريخ؟ أقول له: لست متأكدا من كونها غير فاعلة، غير أنني متأكد من أنها حفزت الأفكار الجديدة، إما لمعارضتها، وإما لموافقتا، وإما لتخطيها. من الثابت أن المنجز الذي قدمه ادونيس عبر مسيرته الأدبية، خاصة في تمظهرها النقدي، تعد مفصلية في الخطاب الفكري العربي المعاصر المأزوم. في ضوء تراجع العرب عن إنتاج المعرفة، لم يبق للعرب إلا الشعر يدخلون من خلاله للحداثة بحسب أدونيس، وراح يكون نظرة خاصة في مشكلة الحداثة بالعالم العربي. طبقا لذلك أستعرض لكم بعض ما استخلصته وهي على النحو التالي: • يقرأ ادونيس مشكلة الحداثة باعتبارها سياقا حضاريا يتميز أول ما يتميز، بالقطيعة المعرفية والجمالية مع بنيات التقليد السائدة في المجتمع والفكر على حد سواء. • الفكر العربي فشل، في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، باعتبارهما طبيعتين مختلفتين وكل من محاولات الجميع بينهما تعد محاولات تلفيقية وترقيعية لا أكثر. • لأن الحداثة إنما هي انخراط واعي في التاريخ واحتضان الرعب الوجودي الناتج عن تلاشي مركزية اللاهوت وتدشين عهد سيادة الناسوت. • لاحظ أدونيس أن الحداثة ليست تاريخا وحسب، وإنما هي بالأساس حركة. إنها حركة الانفصال عن السائد واحتضان أسئلة الراهن بمعزل عن الروح الماضوية المعيارية التي شكلت التراث الرسمي المؤسسي. • معنى الروح الماضوية المعيارية: الاتجاه السلفي، الذي قال بالثابت النصي على المستوى الديني، قاس الأدب والشعر والفكر بعامة على معايير دينية لا معايير فنية. هكذا تحولت المعرفة الدينية الخاصة إلى معيارية معرفية عامة. • من هنا كان دافع أدونيس في النبش الدؤوب في التراث العربي الإسلامي. • وجد أن هناك نظام ثقافي سائد سمته الأولى المعيارية والماضوية والثبات، وفي المقابل كان هناك هامش إبداعي انتصر للعقل والذات والخيال الخلاق، وقد كان أدونيس ينتصر لكل من أسهم في إحداث الثورة الكوبرنيكية، التي نصّبت الذات مرجعا للمعرفة كما هو عند الصوفيين والعقلانيين والشعراء الهامشيين. • هذا ما جعل أدونيس يعتبر الشعر أهم ما ترك العرب تاريخيا، ويعتبر أن مفتاح فهم الصراع الثقافي الأعمق في الثقافة العربية هو تلك الممانعة بين البنية المعرفية الشعرية ونظيرتها البنية المعرفية الدينية، الأولى استحضرت الذات، والثانية كانت تلغيها. • فالشعر عند أدونيس، لم يكن فنا فحسب وإنما نظاما معرفيا جسد، ما يسميه "معركة الذاتية الوجودية". ويرى ممن يتفق معه، أن هذه المعركة لا تزال راهنة وضرورية مع ما نشهده من تراجع العرب في إنتاج المعرفة.
من وجهة نظري قراءة واحدة لا تكفي الثابت والمتحول، لأن الكتاب إشكالي، ويحتاج إلى قراءة أخرى بعد مدة معينة من الانغماس بقضايا العرب الشائكة.
الآن بعد الإنتهاء من الجزء الرابع والأخير من الثابت والمتحول:
تشبه قراءة هذا العمل المهم اغتسال جديد للمدركات سابقا ونظرة أكثر عمقا لما سيدرك في القادم، لا يقوم أدونيس في عرض تاريخ الحركات العربية الفكرية والدينية والشعرية بل يضع لنا بينها الترابط الذي خلق الأدلجة العربية للفرد والمجتمع، وكما أنه في ذات الوقت يخلق حالة إبداعية في التغيّر بعد تأصيل الثابت، هناك حتما مواضع قليلة كانت جامدة في الحركة الإبداعية لكن يعود أدونيس بعد ذلك لخلق الحالة من جديد في دراسة عميقة ومهمة في سيرة الفرد العربي، في سيرة الشعر والفكر والدين والمذاهب. كثيرا ما حاولت معرفة رأي أدونيس في مواضع مهمة من البحث لكني ألتفت بعدها إلى كون الأمر دراسة نجح أدونيس في حيادتها ووصلوها للكل في المجتمع العربي، لكنه لا يتوانى في وضع بعد ذلك منهجه الحداثوي من حيث اللغة والشعر وتحرر الفرد من أيدولوجية الأصل .
هذا الكِتاب بأجزائهِ الأربعة ، سكنني في العُمقِ بحركةٍ تتجدد بالضبط ، هذا الكتاب ، لحظةُ استحمامٍ مُتكامِلة أنت هنا تتحولُ إلى نهر تسقي ورداً فيك ، وفي غيرِك تبعثُ أملا ما تطربُ ، ترقُص، تبكي، تعزِف ، تغرِفُ تُلقي، تُولدُ ، ترقى ، تسمو نحنُ هُنا ياأعزائي نتفتّح
ركزّ آدونيس في هذا الجزء الآخير من السلسلة على الشعر وصراع الحداثة فيه مع الموروث الشعري وسلطته، وكما احتوى ايضًا على نقد وتحليل لشعر جبران وتوجهاته. السلسلة ممتازة واستمتعت بها جدًا، وأعتبرها من أثرى وأغنى النِتاج العربي المعاصر. السلسلة بشكل عام تغطّي ٣ جوانب دينية-سياسية فكرية-أيديولوجية لغوية-شعرية لذلك لغير المهتمين بأحد هذه الجوانب، قد تكون السلسلة مملة قليلًا بالنسبة لهم، أو دسمة. أنصح بها وبقوة للمهتمين.
This book in its 4 parts is one of the most inspirational and provocative. It discusses the situation of Arabs historically in relation to creativity. It shows very insightful analysis on the relationship between religion, language, and creativity and presents many concepts that can be keys to understanding the current Arab crisis. There are many parts that I couldn't totally grasp because in them he discusses poetry and poets in much depth and detail and this is an area I am not personally very strong in but it is definitely an eye opener.
Although Adonis is generally difficult to read but this is a very easy read and a book you cannot let go of once you start. I highly recommend it for anybody especially those who are trying to understand the Arab attitude towards creativity.