كتبها رحمه الله جوابا عن سؤال ورده بعنوان : ما تقول في " العرش " هل هو كروي أم لا ؟ وإذا كان كرويا والله من ورائه محيط به بائن عنه فما فائدة أن العبد يتوجه إلى الله تعالى حين دعائه وعبادته فيقصد العلو دون غيره ولا فرق حينئذ وقت الدعاء بين قصد جهة العلو وغيرها من الجهات التي تحيط بالداعي ومع هذا نجد في قلوبنا قصدا يطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة . فأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا ؛ وقد فطرنا عليها . وابسط لنا الجواب في ذلك بسطا شافيا : يزيل الشبهة ويحقق الحق - إن شاء الله - أدام الله النفع بكم وبعلومكم آمين
والرسالة مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى رابط التحميل: http://www.waqfeya.com/book.php?bid=2860
أَبُو العَبَّاسِ تَقِيُّ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ النُّمَيْرِيُّ الحَرَّانِيُّ الدِّمَشْقيُّ (661- 728 هـ / 1263- 1328 م) المشهور بلقب شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة. هو عالم مسلم؛ فقيه مجتهد ومحدِّث ومفسِّر، من كبار علماء أهل السنَّة والجماعة. وأحد أبرز العلماء المسلمين في النصف الثاني من القرن السابع والثلث الأول من القرن الثامن الهجري. نشأ ابن تيميَّة حنبلي المذهب فأخذ الفقه الحنبلي وأصوله عن أبيه وجدِّه، وصار من الأئمَّة المجتهدين في المذهب، يفتي في العديد من المسائل على خلاف معتمد الحنابلة لما يراه موافقًا للدليل من الكتاب والسنَّة ثم لآراء الصحابة وآثار السلف.
وُلد ابن تيميَّة سنة 661 هـ / 1263 م في مدينة حَرَّان لأسرة علمية، فأبوه الفقيه الحنبلي عبد الحليم ابن تيمية وأمُّه «سِتُّ النِّعَم بنت عبد الرحمن الحَرَّانية»، ونشأ نشأته الأولى في مدينة حَرَّان. ثم عند بلوغه سنَّ السابعة هاجرت أسرته إلى مدينة دمشق بسبب إغارة التتار على حران، وكان ذلك في سنة 667 هـ. وحين وصول الأسرة إلى هناك بدأ والده عبد الحليم ابن تيمية بالتدريس في الجامع الأموي وفي «دار الحديث السُّكَّرية». نشأ ابن تيمية في دمشق على طلب العلم، ويذكر المؤرِّخون أنه أخذ العلم من أزيدَ على مئتي شيخ في مختلِف العلوم، منها التفسير والحديث والفقه والعربية. وقد شرع في التأليف والتدريس في سنِّ السابعة عشرة. بعد وفاة والده سنة 682 هـ بمدَّة، أخذ مكانه في التدريس في «دار الحديث السُّكَّرية»، إضافة إلى درسِه في تفسير القرآن الكريم بالجامع الأموي، ودرَّس «بالمدرسة الحنبلية» في دمشق.
ثبتَ في الصحيحين أنه ﷺ قال: «لَيَنتهينَّ أقوامٌ عن رفعِ أبصارهمْ في الصلاةِ أو لا ترجع إليهمْ أبصارُهمْ.» رواه البخاري. واتفقَ العلماءُ على أن رفع المصـلّـي بصرَهُ إلى السماء منهيٌّ عنه. وروى أحمد عن محمد بن سيرين: «أن النبي ﷺ كان يرفع بصره في الصلاة إلى السماء إلى أن أنزل الله -تعالى-: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَـٰشِعُونَ»، فكـانَ بصرهُ لا يجاوزُ موضعَ سجودهِ.» رواه الحاكم وسنده صحيح. فهذا مما جاءت به الشريعة تكميلا للفطرة؛ لأن الداعي السائل الذي يؤمر بالخشوع وهو الذل والسكوت لا يناسب حاله أن ينظر إلى ناحية من يدعوه ويسأله، بل يناسب حاله الإطراق وغض بصره أمامه... وقد قال -تعالى-: «قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَآءِ» فليس العبد ينهى عن رفع بصره مطلقا، وإنما نُهِيَ في الوقت الذي يؤمر فيه بالخشوع؛ لأن خفض البصر من تمام الخشـوع، كما قال -تعالى-: «خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ» وقال -تعالى-: «وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ»
بتصرف من الرسالة العرشية | شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
هنا إجابة شيخ الإسلام من وجوه متعددة يظهر فيها اجتهاد الشيخ رحمه الله وعلمه الواسع على هذا السؤال : ما تقول في العرش هل هو كرى أم لا؟ وإذا كان كريًا والله من ورائه محيط به بائن عنه، فما فائدة أن العبد يتوجه إلى الله تعالى حين دعائه وعبادته فيقصد العلو دون غيره... إلى آخر السؤال.
رحم الله شيخ الإسلام العالم الفقيه ابن تيمية، وجزاه الله عنّي خيرًا على كل حرف ٍأتعلمه منه.