دث أبو هريرة قال هو عمل أدبي للكاتب التونسي محمود المسعدي بث من خلاله أفكاره الفلسفية الوجودية من خلال البطل أبو هريرة معتمدا على لغة مكثفة وقديمة. اعتبرها الناقد توفيق بكار أهم مغامرة روائية في القرن العشرين واختيرت من أفضل 100 رواية عربية من اتحاد الكتاب العرب. و تحتل حسب هذا الترتيب المرتبة التاسعة.
كاتب ومفكر تونسي. ولد في قرية تازركة بولاية نابل بتونس. وبدأ تعليمه في كتّاب القرية حيث أتم حفظ القرآن قبل أن يبدأ مرحلة التعليم الابتدائي في قربة. ثم أتم الدراسة الثانوية في المعهد الصادقي عام 1933. وفي العام نفسه، التحق بكلية الآداب بجامعة السوربون ليدرس اللغة العربية وآدابها. وتخرج منها عام 1936، وشرع في إعداد رسالته الأولى " مدرسة أبي نواس الشعرية "، ورسالته الثانية حول " الإيقاع في السجع العربي "، إلا أن الحرب العالمية الثانية قد حالت دون إتمامهما. ونشرت الثانية، لاحقاً، بالعربية والفرنسية. وقام المسعدي بالتدريس الجامعي في كل من تونس وفرنسا. وإلى جانب التدريس الجامعي، انخرط المسعدي في السياسة، حيث تولى مسؤولية شؤون التعليم في حركة الاستقلال الوطني التي التحق بها مناضلا ضد الاستعمار الفرنسي، كما لعب دورا قياديا في العمل النقابي للمعلمين. بعد الاستقلال عام 1956، تولى المسعدي وزارة التربية القومية، وحيث أسس الجامعة التونسية. وقبلها، كان قد تمكن من إقرار مجانية التعليم لكل طفل تونسي. وفي 1976، تولى المسعدي وزارة الشؤون الثقافية. قبل أن ينهي حياته السياسية كرئيس مجلس النواب وبالإضافة إلى تلك المسئوليات، كان للكاتب نشاط وافر في منظمتي اليونسكو والأليكسو ومجمع اللغة العربية في الأردن. وكذلك أشرف على مجلة " المباحث " عام 1944، ثم على مجلة "الحياة الثقافية" عام 1975. كتب المسعدي أعماله الهامة بين العامين 1939 و1947. وتكشف هذه الأعمال عن التأثير القرآن على تكوينه الفكري والعقائدي وعلى أسلوبه. كما تنم أعماله عن إحاطته بأعمال المفكرين المسلمين في مختلف العصور، وبالأدب العربي القديم التي بدأ اهتمامه بها منذ مرحلة دراسته الثانوية، بالإضافة إلى اطلاعه الواسع العميق على الآداب الفرنسية خاصة والغربية عامة
الكاتب التونسي "محمود المسعدي" من اعظم الكتاب العرب على مر التاريخ، انه جبران خليل جبران جديد ظهر في المغرب العربي، في المكان الذي ينبض روحانية وصوفية منذ التاريخ البعيد منذ القديس اوغستين الى زهد اولاء الله فيه. ان محمود المسعدي له قيمة أدبية كبيرة فلا يجب ان نقع في فخ المقارنه به مع عظماء غيره لأن لكل عظيم طريقه الخاص ،فالحرص على العدل لا يجب ان ينسينا بأن محمود المسعدي همش كونه مغاربي مسلم لم يحلق مع باقي الطيور السماوية، اختار شجرة العرفان منبتا ومنهجا فوق الأرض الأم.
تشبه رواية "حدث أبو هريرة قال .."كثيرا كتاب النبي الذي ألفه جبران خليل جبران لكن بنسخته الإسلامية وبروحه المغاربية، اقتبس محمود المسعدي اسم الصحابي أبو هريرة، لكن ليس كأكبر ناقل لأحاديث الرسول الكريم بل اعطى لشخصية أبو هريرة في نصه خاصية الشك والبحث عن الأجوبة الوجودية ،ازمات وجودية تتلبس اللفظ، تتعب السامع و تربك الرآئي، لا يكف المسعدي عن طرح أسئلة حول الوجود، الروح،الله، انها ازمات كثيرة في حيرة وخوف عميق ،فشخصية "أبو هريرة" عنده هي شخصية هشة مستسلمة للعرفان والوصل، الهشاشة هنا ليس بمفهوم الضعف ،بل هي بمفهوم التسليم الكامل لقدر الله،والرغبة الهادئة في الكشف عن الحقيقة المختفية في الداخل، داخل كل بياض هناك سواد داخل كل قصة عبرة في الجوهر، داخل كل جسر طريق يأخد الى الله، مهما كان بعيدا فاليقين هو منبه المحبين وأنيس السائرين. تتميز رواية "حدت أبو هريرة قال.." بعدم تشابك الأحداث لتبدو كحكمة إنسانية، حاول محمود المسعدي ان يصيغها في قالب روائي ،حيث ان كل المحطات التي يمر بها البطل في الرواية هي محطات مليئة بالتجارب التي كونت شخصيته ،ف"أبو هريرة" ليس البطل الورع بل هو البطل الذي يكتشف الحياة ،يبحث عن أسباب فتنتها ، فحين يحدث الانفصال, ما بين نفسه الآمرة, بالسوء ونفسه السامية, المحبة للفضيلة, هنالك يخلق محمود المسعدي فضاءا كبيرا لتأمل تناقضات الحياة. قد طرح علاقة الإنسان بالله ،يحاول ان يبعث الانسان الجديد الذي لا ينخدع بعبادة الله ،بل يذهب بقلب مليئ بالحب والعرفان اليه. بطل الرواية يجيب عن أسئلة الكون الخفي ، ليس بالضرورة ما تقتضيه الشريعة الإسلامية لكنه يجيب فاتحا باب التفكير، فتحا هو خفيفا يجعله قابلا لاحتواء ما لا يحتوى ، باب التأمل في المعاني الروحانية ووصل الله. افتتحت رواية حدث أبو هريرة بفصل عنون ب "بعث أول" يتحدث فيه عن غوص بطل الرواية في لذة الدنيا والتماهي فيها، وصولا الى الانتهاء من كل ذلك بفصل "بعث أخر" فكأنما محمود المسعدي أراد أن يقول ان الحياة الدنيا اشبه ما يكون ما بين شروق وغروب وذلك حسب ما تقتضيه فهم الانسان لهذه التغييرات .
كتب محمود المسعدي رواية "حدث أبو هريرة قال.." في الوقت الذي كانت فيه الإيديولوجيات الفكرية على اوجها وكانت بلده تونس تحت سلطة الاستعمار الفرنسي، اذ ان هذه الظروف ألحت عليه ان يحاول خلق مفهوم المسلم الذي يبحث عن كيانه الذاتي دون ان يتأثر بفكر الاخر ، حيث حاول ان يخرج شخصية أبو هريرة من النمط التقليدي الذي اصبح متحجرا في فكر المسلمين حينها ،حيث استعان بالأفكار الفلسفية في صناعة نص ادبي قلما يتكرر وذلك حسب قول النقاد .
من الموجع حقا أن أثرا من هذا النوع الفذ مبخوس ومطموس ربما لأن كاتبه ليس مشرقيا !!!
حدث أبو هريرة قال نص يقاس على القراءات الشاذة فنقول كتابة شاذة, حتى ليستعصي على التصنيف ثم هو الى ذالك نص شقي بامتياز تتعامد فيه الرحلة الوجودية مع سحر اللغة الكلاسكية التي لم يعد قارئ اليوم قادرا على معالجتها
يأخذنا المسعدي بالفكر الوجودي "الحديث" الى عمق الثقافة العربية ليستنطقها سيرة أخرى عبر شخوص تروي الخبر كناية عن الشفهية التي استخدمها المسعدي ببراعة ضارية توازي ضراوة لغته في فن القص قكأن الراوي أبا هريرة الوجودي وجد كما وجد الراوي الآخر و إن في الأمر لمحاكاة كما يقول المتشائل.!
لم تعجبني الرواية. لم يرق لي استعمال اسم الصحابي الجليل للحديث عن شخص تائهٍ يبحث عن معنى و سبب وجوده، غارقٍ في ملذاته الجسدية و جلساته الخمرية. أزعجني ذلك فعلا، و لا أجد لتوظيف اسم "أبي هريرة" داعيا، مهما كانت رسالة الكاتب "سامية"
أحب هذا النوع من الكتابة. حقبة في تاريخ غابر شخصية اسمها أبو هُريرة تأخذنا إلى عوالم الحياة والدين والروح والأنا بطريقة أدبيةقوية تتحرك في الوجود بحيث تبقى طازجة إلى الأبد.
مازلت مُنبهر من هذه القصة الوجودية العربية الأصيلة. تذكرت وانا أقرأ القصة ولقيتهما في خيالي حي بن يقظان وروبنسون كروز ، الذين ساروا في الارض ونظروا . وها هنا يسير أبي هُريرة وينظر ويتأمل والفضل في ذلك كله لصديقه الذي قال له تعال معي أبا هُريرة يوم واحد نعيش الحياة بلا قيود دينية او اجتماعية يوم واحد لا أكثر يا أبا هُريرة
كان متديناً يعيش في مكة متزوجاً على السنة يتسلم قيود الحياة من السلف ولا يسأل عن مبرراتها ، مُتديناً متخلقًا. بالقيم الموروثة من الأسلاف لا يعرف الاحتفال بالحياة . ولكن هنا عادت الحياة خضراء بهية لابي هُريرة ، فساروا الى أن وصلوا قمة جبل وكان هناك صبي وفتاة يرقصون وصوت المعزوفات يعم الإرجاء ، فكانت هذه الرقصة نقطة بداية الحياة لابي هُريرة
يا لهذه الحكاية ويا لهذا الأسلوب في السرد ، محمود المسعدي يكتب بنفس القدماء وبذكاء العظماء .
في هذه الحكاية بدأ كل شيء ذات فجر "بعث أول" انفتحت فيه نفس أبو هُريرة على لذة الوجود وانتهى كل شيء ذات غروب "بعث آخر" وبين هذا الفجر وذاك الغروب رحلة حياة
One of the greatest books I've ever read it pushes you to the extreme limits and obliges you to rethink about your existence and about love life family . It will simply change your whole life .I liked what tawfik baccar said about the novel that simply says ".أبو هريرة ...خطر على اطمئنانك"
ليس أبو هريرة الصحابي الجليل ... و لكنه تلك الشخصية التي صنعها المسعدي و جعلها ثائرة على القيود الحياتية و على القيود ( الغيبية ) أي الموت ... فتراه يضاجع حبيبته على أنقاض القبور بل تراه متقطعا بين التزهد و الهروب من المتع الى ( الفجور ) و الزنا و ما إليه .. الكتاب جاء في شكل فصول .. سميت بالأحاديث ... مثلا تجد حديث البعث ... كتاب جميل يجعلك تعيد التفكير في الحياة !
"حدّث أبو هريرة قال" رحلة ثوريّة وجوديّة مرّ بها أبو هريرة رمز الإنسانية بعديد المراحل: مرحلة الحسّ، فالجماعة، فالدين و أخيرا إلي السكينة. جرّب خلالها كل مرحلة و أطلق عليها حكمه لتنتهي إلى التصوّف " الحقّ، الحبّ، الشوق، الأزل" أثر يستحق قراءة أعمق لما يحتويه من أبعاد فلسفيّة و معان وجوديّة...
حدث أبو هريرة قال ، تحيلنا شخصية ابي هريرة في البداية إلى ذلك الصحابي الجليل مثلما يحيلنا كتاب "هكذا حدث زرادشت " إلى زرادشت النبي. و لئن كان كتاب المسعدي متشابهاً كثيراً مع كتاب نيتشه (أو على الأقل هذا ما اعتقده ) فإنه تفرد بطريقته الخاصة في طرح أفكاره
يقع الكتاب في203 صفحة من القطع المتوسط وهو طبعة الدار التونسية للنشر إذا بدأنا حديثنا عن أبو هريرة فهو علم من أعلام أهل السنة يكفي أن نقول أنه أكثر من نقل أحديث النبي (ﷺ ) لأنه نقل أكثر من خمسة الأف حديث وكانت لمكانته هذه الكثير من الحسّاد في الفرق الآخرى منها الروافض كما قال (الشيخ الحوايني) فنحن إذا أمام شخصية أسلامية فاذة والآن لنعود للكتاب الذي بين أيدينا يبدأ الكاتب بالتنبية بملاحظة في الهامش (أن أبو هريرة ثلاثة : أولهم الصحابي رضي الله عنه وثانيهم النحوي وثالثهم هذا) وهذا الذي يتحدث عنه المؤلف هو من بنات أفكاره ، فلم يعتمد علي مصادر ترجمة له في الكتب المعروفة كما فعل توفيق الحكيم في محمد أو أشعب.... وأنما أعتمد علي لغة ذلك العصر وبعض الأحداث التي طوعها لتناسب أفكاره _وهذا ما يجعل الكتاب جيد جدا_ وينقسم الكتاب إلي مجموعة من المواقف أو القصص القصيرة كتبت علي نهج الكتب التراثية التي لم يكن لها موضوع واحد؛ فيأخذ من هنا مسألة ومن هناك أخرى؛ وكما أنتهج أسلوب الكتب أنتهج أيضا أسلوب الكتابة فهو يكتب بأسلوب ذلك العصر وأخيرا يضعنا المؤلف أمام أبو هريرة هذا، وهي شخصية أجتمعت فيه صفات أبو نواس وميرسولت -بطل رواية الغريب-وله من الفلسفة الوجودية النصيب الأكبر والرواية في مجملها لون غريب لما أعتاد قرأته ويدعوني حب المعرفة إلي قرأئة بعض ما كتب عن أبو هريرة.
مازلت مُنبهر من هذه القصة الوجودية العربية الأصيلة. تذكرت وانا أقرأ القصة ولقيتهما في خيالي حي بن يقظان وروبنسون كروز ، الذين ساروا في الارض ونظروا . وها هنا يسير أبي هُريرة وينظر ويتأمل والفضل في ذلك كله لصديقه الذي قال له تعال معي أبا هُريرة يوم واحد نعيش الحياة بلا قيود دينية او اجتماعية يوم واحد لا أكثر يا أبا هُريرة
كان متديناً يعيش في مكة متزوجاً على السنة يتسلم قيود الحياة من السلف ولا يسأل عن مبرراتها ، مُتديناً متخلقًا. بالقيم الموروثة من الأسلاف لا يعرف الاحتفال بالحياة . ولكن هنا عادت الحياة خضراء بهية لابي هُريرة ، فساروا الى أن وصلوا قمة جبل وكان هناك صبي وفتاة يرقصون وصوت المعزوفات يعم الإرجاء ، فكانت هذه الرقصة نقطة بداية الحياة لابي هُريرة
يا لهذه الحكاية ويا لهذا الأسلوب في السرد ، محمود المسعدي يكتب بنفس القدماء وبذكاء العظماء .
في هذه الحكاية بدأ كل شيء ذات فجر "بعث أول" انفتحت فيه نفس أبو هُريرة على لذة الوجود وانتهى كل شيء ذات غروب "بعث آخر" وبين هذا الفجر وذاك الغروب رحلة حياة
هاته الأرض نحن خلقناها. و هاته السماء نحن نصبنا عمادها فأقمناها. فهل ملكتم من خيراتها شيئا ؟ لقد قالوا عنكم : ليس لهم إلا جزلة من رغيف و لعبة تلهيهم كالصبيان. و حجبوا الشمس و فيها لكم نور به تهتدون، و أمسكوا العيون و فيها لكم حياة، و ذبحوا عنكم البقرة الصفراء. و قالوا : ما يولد منكم اليوم، غدا نأكل جهده و نمتص دمه. و ما حرثتم اليوم، إلى أفواهنا من الساعة سنابله. و قالوا : نساؤكم لنا إماء و أرواحكم مرعى أيها الضعفاء. فجثوتم على الركب تصلون. و قلتم : طاعة و حمدا يا أولي الأمر فينا
كتاب رائع يتحدث عن أبي هريرة الذي ابتكره الكاتب من جديد وجعل له حسا وفكرا منفصلين عن مجتمعه البدائي الذي نشأ فيه . هذا المجتمع المليء بالخرافات و سريع التصديق بلاخوارق و المعجزات. تفكير أبي هريرة ليس عاديا بل هو فلسفي وتأملي يجنح أحيانا إلى التشاؤم ومرة إلى الإنغماس في ملذات الحياة. ليعبر عن فكرة العبثية التي تستولي على الحياة. لغة الرواية محكمة وكأنها كتبت في عصر غير عصر المحمود المسعدي. هذا الكاتب لن أنساه بسهولة.
تجربة وجودية تميزت بالتوظيف الجيد لعراقة الكتابة العربية الاسلامية و التأثر بالفلسفات المعاصرة الا انها كسائر التجارب الوجودية لم تخلو من نمطية مغامرات البطل المأساوي الذي نعلم نهاية كل تجربة
قرأته منذ حوالَيْ 7 سنوات ، تحديدا في الباكالوريا .. قرأته بعقل ناضج على غير العادة حينها .
ببساطة هذا التحفة الأدبية الفلسفية الرائعة لا يمكن أن يعبرك هكذا ، لا يمكن أن يكون كتابا عابرا .. لابد و أن يستثير فيك كلّ حواسك ، لابدّ و أن يزرع فيك بذرة شكّ \ يختبر إيمانك \ يقف بك مرة على مقربة من النار و مرة على ضفاف الجنة . المسعدي : أديب ليس كالبقية .. و بالمقابل أديب لم ينصره الحظ و لا الصدفة .
شخصيا لا أظن اليوم كاتبا أو قاصا يجاري المسعدي في نمطه أو طريقة تعبيره الفنية والرجل على الرغم من العتمة الكبيرة المحيطة به إلى حد الآن في بلده وخارج بلده فإنه يبقى رائدا لمدرسة لست أسميها ترتقي بالأدب نحو سقف إنساني شاسع فيها من لوعة الأسئلة شيء ومن قوة وعنف الإرادة الإنسانية أشياء وحدث أبو هريرة قال هي لمسته الفريدة وخيطه الرفيع المتين الذي يشد الأصالة للمعاصرة ويربط الفكر بالفن والحرفية...
الكتاب الأول ضمن سلسلة مراجعات أفضل ١٠٠ رواية عربية:
اسم الكتاب: رواية حدّث أبو هريرة قال.. (PDF) المؤلف: محمود المسعدي الصفحات: 204 رقم الكتاب: 139
من يكون محمود المسعدي؟ هو أديب وسياسي تونسي كبير، ولد في العام ١٩٢٦ ميلادية وتوفي في العام ٢٠٠٤، عما يناهز التسعين عاماً رحمه الله، ومن أشهر أعماله هذه الرواية ومسرحية السد.
كتب المسعدي عمله هذا "حدث أبو هريرة قال" في العام ١٩٣٨ ولكن لم ينشره إلا في العام ١٩٧٤، والعمل يصنف من الرواية الذهنية، يستحضر المسعدي هنا شخصية أبو هريرة لكن ليس الصحابي، بل أبا هريرة آخر، يدور في فلك الأسئلة الوجودية، متأرجحاً بين شكّه واليقين، أسئلة حول الدين، والله، وأشياء أخرى، أبو هريرة هنا كان يحدّث بأحاديث كثيرة ومختلفة ومعتبرة، شيء عن الدين، شيء عن الجمود، شيء عن البعث، شيء عن الحياة، وعلى خلافه. بل يكون مرةً ماجناً عربيداً ومرةً ناسكاً عابداً، والعمل مكتوب بلغة عالية وقوية، مبنية على رصانة وتراث، وجمالية، تستمع في قرائتها، وهذا يبين لك مدى قدرة المسعدي على الكتابة السردية، وتميزه فيها، وأن مستوى كهذا لا يخرج إلا عن أديب من الكبار وإن كان غير معروف اليوم لدى كثير من الناس ومنهم أنا ولم أكن تعرفت إليه إلا من أيام قلائل وحسب.
الرواية اختيرت ضمن أفضل 100 رواية عربية في العام 2001 من قبل اتحاد كُتاب العرب، وهي أكثر من رائعة بصراحة وممتعة.
اقتباسات: “شر ما في الدنيا أن ال��ياة عبث ولا أدري لعله خير ما فيها”
الرواية تتميز بأحداثها الغير متشابكة لتبدو كحكمة إنسانية ، حاول محمود المسعدي ان يقولها في قالب روائي لغة الكاتب دسمة ، و جدت صعوبة في أكمالها في البداية لاني أحسست بالضياع بين كلماته و أسلوب التشبيه و الحكم التي طغت على الرواية
كما أن هناك بعض الأحداث التي لا تليق بالصحابي الجليل أبو هريرة (رغم ان الكاتب أقتبس الاسم فقط )
و للعلم فهذه الرواية تدرس في تونس لتلاميذ البكالوريا، و هي تعتبر من أفضل ١٠٠ رواية عربية
•اقْتِبَاسَاتٌ:
"قلت:و ما أكمل العقل ؟ قال: معرفة الإنسان بقدرته"
"إن الذئاب تلبست بدمائكم فأعارتكم وحشة و ظمأ و جوعا ، و أنبتت بأفواهكم أنيابا حديدا، فتآكلتم و تقاتلتم"
حدّث أبو هريرة قال كلاما كثيرا أشبه بالسيرة أو لعلّه بالسّنة الجديدة. فقد أسّس المسعدي نصّه على الرابط المتين بين شخصيّة أبي هريرة والسنّة النبويّة، غير أنّه ما كان ليجرؤ أن يجعل أبا هريرة راويةً لسيرةِ شخصيّة أخرى تقابل الشخصية النبويّةَ، فجعل الرّاويةَ الأوّلَ، صاحبَ الحديثِ وواضع السنّة المرويّة وبطل السيرةِ. وكانت عناية المسعدي بالسند شحيحة بعض الشيء وقلّما نجد فيها تخريجات ذات بال، وحسبنا في البداية سند قصير مقتضب من راويةٍ وحيدٍ نقلا عن أبي هريرة مباشرة: "حدثت ريحانة قالت" أو "حدّث رجل من الأنبار قال". ثم أضاف إلى العنعنة حلقة واحدة بقوله: روي عن أبي سعد قال، حدّثت ريحانة قالت. وكان حديث الطّين استثناء، فقد ذكر السند في آخر الجزء الأول من الحديث: رواه أبو عبيدة وحدث بمثله ثابت القيسي وزاد عليه. وفتح من ذلك بابا لاختلاف أوجه الحقيقة وتعدّد روايات الخبر. على أنّ المسعدي لم يدخل إلى هذا الباب ولم يتعمّق فيه. فلا نجد لاختلاف روايات حديث الطين تناقضا أو اضطرابا، ولا حتّى تكاملا، إذ يمكن أن يساق كلّ منها على حدة دون أن ينقص من الآخرين شيئا.
وكذلك كان الأمر مع المتون، فقد وجدتُ في حديث المسعدي (أو أبي هريرة) لغة جميلة كأنّها لغة أمّهات الكتب، وإن بنفسٍ معاصرٍ. واختلق الكاتبُ تشبيهات رائعة واستعارات فريدة، على أنّ ذلك اقتصر على النثر، فقد قصُر شعره عن كلّ ذلك، فجاء خفيفا قليل المعنى شديد التكلّف لا يناسبُ كثيرا أهل الأدب والفصاحة بالحجاز وما حولها.
وفي مقابل اللغة الجميلةِ، لم تكن تجربةُ أبي هريرة الوجوديّة شيئا فريدا في عالم الأدب العالميّ، ولنا في سيدهارتا للألمانيّ هرمان هيسه نموذج جدّ قريب له. أبو هريرة مثل الكثير من الناس، يحتار بشأن هذا الوجودِ ويريد أن يجرّب ويقاوم ويصرخ معبّرا ويتأمل ويفهم. والمسعدي يختزل لنا مغامرته من خلال أخبار قصيرة مقتضبة، ليس فيها اهتمام كثير بالطرافة، ولا بإدهاش القارئ، وحسبه خيالات جانحة بعضها جميلٌ وبعضها أقلُّ جمالا. سوف يقولون لك ليست الدهشة في الصورة بل في المعنى. على أنّ المعنى ليس مألوفا ومعلوما فحسب، بل هو ناقص في أغلب الأحيان.
تبدأ رحلة أبي هريرة مع البعث، وقد عرفه الرجلُ حين عرف رجلا وامرأة يرقصان ويمارسان ألوان الحياةِ عند شروق الشمس، وعدا أنّ المشهد لا يحمل ـ ولو في رمزيّته ـ على العجب، فما بالك بالبعث، فإنّ أبا هريرة لم يُبعث لهذا وإنما لخروج صديقه مع جاريةٍ. إنّ هذا الأمر لا يفترضُ أنّ أبا هريرة يعيش عيشه الزهد والنسك فحسب، بل يفترض أنّه في بلاده هناك لم يعرف إلا من يعيش مثله. نحن نعرف أنّ أبا هريرة هنا يرمز إلى علاقة العربيِّ الفاسدة بالجسدِ، ونعرف أنه يعتبر أنّ أول البعثِ أو النهضةِ هو تحرّر الجسدِ، لكنّ هذا التصوّر لا يعدو أن يكون تقليدا أوروبيا لا يمكنُ إسقاطه على الواقع العربيِّ بمثل هذه السذاجةِ. وإنّ المسعدي يمكن أن يجدَ في التراثِ الّذي يضعُ في إطارهِ رحلة بطلِه احتفالا عظيما بالجسد، وبالجنس، ومن اتيان الشهوات على اختلافها. ولذلك تمادى الغربيّون في القرن التاسع عشر في تصوير الشرق كأرضٍ خصبة للذّة. فعالمُنا في مقابل الغرب المسيحيِّ الذي يحتقر الجسد ويخطّئُ الشهوةَ، عالمٌ متحرّر بامتيازٍ. وهذا لا يعني أن العالم العربيَّ قد بلغ غاية الكاتبِ من الحريّة الجنسيّة ومن تجاوز الكبت ومن التصالح مع الجسد، لكنّ عوائقه غير احتقار الجسد والخوف من الخطيئة. بل تتعلّق أكثر بحق المرأة في الشهوة، وفي الحديث عن الجنس دون حياء الخطّائين، وفي إبداء المرءِ غير ما يبطنُ، وهي مسائل لم تتعرّض لها صورة الرجلِ والمرأةِ بالرمز ولم تكن ممّا عجّل ببعث أبي هريرة.
سوف يتكرّر هذا العيب في مجمل أحاديث أبي هريرة، إذ أننا في كلّ مرة نقف على مشارف إشكالية فكرية لا يهتمّ الكاتب بتفصيلها كأنّها شأنٌ معلوم بالضرورة يحتار فيه الجميع. أو هو يلغز في القول، فلا نظفر منه سوى باستعارات يردُّ عليها بمثل قولها هزلا. أيهما أصدق الله أم الشيطان؟ أأنا خالق الله أم الله خالقي؟ وهل بلغت الأختُ الناسكة من الصلاح ما تحمل معه فتلد ولا فحل؟ هي أسئلة جديدةٌ على أهل دينٍ يجيب عن الأسئلة ويتمرّن على المحاورات منذ مئات السنين. وبمثل هذا يجيءُ أبو هريرةُ بالحقيقةِ الغائبة عن ظُلمة الناسكة العارفةِ بدينها: إن الشهوة لا تمضي، وإنها لم تكن يوما ملاكا من النور، وإن مؤدبيها وأساقفتها وآباءها لم يحذّروها من أنّ شذوة الشهوة لم تنطفئ إذ توارت.
وعلى كلّ حالٍ فالنساءُ في حديث أبي هريرةَ لا يخرجن عن دائرة الجنس. فهو في إزماعه تحريرهنّ، يزيد من شدّ وثاقهنّ إلى القالب المألوف. يهجر زوجته ولم يكن يقربها، وكانت تنتظره كما تنتظر أمينةُ سي السيّد في ثلاثية محفوظ. ثم يدعو ريحانة إلى الخمر والجنس ويظلّ معها طويلا قبل أن يهجرها مللا فلا نعرف منها غير وجهها الإيروسيّ الذي ورثت شطره عن أساف ونائلة وورثت بقيته عن حبيبها. وفي الأخير يأتي ظُلمة بحيرتِه فتذهبُ الحيرةُ ويحلُّ الإير. لا تكون المرأة عند أبي هريرة رفيقا، ولا صنوا فكريا. ولم يكن هذا ليعنيني في شيء وإنّما أبديه للتناقض الحاصل بين جوهر النصِّ وما يحاول المسعدي تأسيسه عبره من قيمٍ حداثيةٍ.
لا تقف القيمُ عند "موت الإله" وضرورة تجاوزه، فقد أشار المسعدي في حديث العدد وحديث الكلب وغيرهما عن تخلّف الشعوب وتقاعسها عن الاضطلاع بمسؤوليّاتها الحضاريّة واتّكالها على القائد أو على النخبة أو على النبيّ. وهو يكرّر بذلك ما وصفه بشكل أكبر في مسرحيّة السدّ. في هذه الأحاديث، يهتمّ المسعدي بعلاقة المثقف بمجتمعه، أو بجمهور أمّته، فيعيد لنا ذات الخطاب السمج المتعالي الذي يجعله النبيَّ موسى ويجعل من قومه بني إسرائيل في أيام حمقهم. إنّ هذا القوم ليس جديرا بمثقف فذٍّ مثله، وإنّهم ليليق بهم ظالم مستبدٌّ. يذكّرني هذا الخطابُ في أسلوب حيدر حيدر، وفي أسلوب أغلب المتثاقفين المفلسين اليوم. خطابٌ غثائيٌّ يتذمّر عوض أن يقترح، وينوح عوض أن ينقد ويضع طرف إبرة دقيقةٍ على الداء. ولو كانوا يعرفون قومهم جيّدا لعرفوا أنّهم من النواح والتذمّر في وفرةٍ.
والخلاصة أن الكتاب بديع اللغةِ، متكلّف الأفكارِ، شاهدٌ على العصرِ، وحجّة على الطلائعيّين التونسيين الذين أبدوا عجزهم ما إن كلّفوا بالبناءِ. وإذا كان المسعدي وهو وزير التربية والثقافة وأب التوجّهات التعليمية الوطنية الأولى، عاجزا أمام قومٍ من "الجهلة" فبماذا سنحكم على جيله إن لم يكن بالفشل؟
Goodreads should let us leave 4.5 stars ratings cause this book IS perfect, it's just not السد or الشحاذ level perfect. Again, Mahmoud El Messadi is simply THE GOAT.
مقتطفات من كتاب حدث أبو هريرة للكاتب محمود المسعدي
------------------ دعي الذكرى فق قتلتها في نفسي و ليس اقبح مما يدوم , انظري مغرب شمسك اليوم فلن تري أبداً مثله ---- آية جمالك ما لم تكوني و لن تكوني ---- ولكنكن معشر النساء كالانبياء اضل الضلال عندكن وحدانية المتوحد ---- لو كان الى النسيان سبيل لكان ريحك انساني , لكن هيهات و مع اللحم و الدم و الحس يجري الهوى فيها جرافا , علة في الانسان يلقاها هنا أو هنا ----- لقد كان دائم التوق الى الشمس دائم الخوف من طلوعها و يقول : ان استطعت فاجعل كامل حياتك فجراً ----- شر ما في الدنيا أن الحياة عبث , بل لا أدري لعله خير ما فيها ------ ما حاجتك إلى رثاء الشيخ والعجوز ؟ لانهما كادا أن يعلماني جهلهما في الدنيا وبكر السبيل , فلما فقدتهما عادت تقودني السبل المسطورة , ووقعت في سابق قصتي و نفسي و كنت أريدها عذراء لم يطأها واطىء فإذا هي عجوز فاجرة ------- إن الذئاب تلبست بدمائكم فاعارتكم وحشة و ظمأ و جوعاً و انبتت بافهواهكم انيابا حديداً , فتآكلتم وتقاتلتم فلا القتل اروى ولا النهب أشبع , والله انها لمن المعجزات , تفسدون وتهدمون وتجعلون ما خلق الله دماراً وانتم لا تعلمون ما تطلبون , ألا انكم فؤوس الخراب أفلا تستحون وترعوون --------