إحسان عباس ناقد ومحقق وأديب وشاعر، ولد في فلسطين في قرية عين غزال في حيفا سنة 1920م. انهى فيها المرحلة الابتدائية ثم حصل على الاعدادية في صفد، ونال منحة إلى الكلية العربية في القدس، ثم عمل في التدريس سنوات، التحق بعدها بجامعة القاهرة عام 1948م حيث نال البكالوريوس في الادب العربي فالماجستير ثم الدكتوراة. كان غزير الإنتاج تأليفا وتحقيقا وترجمة من لغة إلى لغة؛ فقد ألف ما يزيد 25 مؤلفا بين النقد الأدبي والسيرة والتاريخ، وحقق ما يقارب 52 كتابا من أمهات كتب التراث، وله 12 ترجمة من عيون الادب والنقد والتاريخ. كان مقلا في شعر لظروفه الخاصة كونه معلما وأستاذا جامعيا، وقد أخذه البحث الجاد والإنتاج النقدي الغزير من ساحة الشعر والتفرغ له. أرسى إحسان عباس الكثير من التقاليد في حقول البحث والمعرفة؛ إذ كان عقلا منفتحا مستقلا، ولم يركن إلى منهج من المناهج الناجزة المعرفة، وانما كان موسوعيا في معرفته المناهج النقدية؛ يستفيد منها في سبك منهجه الخاص المميز. من دراساته كتاب الحسن البصري، وفن الشعر، وفن السيرة الذي كتبه قبل البدء بكتابة سيرته الذاتية (غربة الراعي)، وكتاب تاريخ النقد الادبي عند العرب، وملامح يونانية في الادب الغربي، واتجاهات الشعر العربي المعاصر وغيرها. توفي في عمان عام 1 أغسطس 2003م وكان عمره 83 عاما.
انتهيت من قراءة هذا الكتاب ؛ وكنت قد قرأت قبله في وقت متقارب كتابه " اتجاهات الشعر العربي المعاصر " وكتابه هذا عن تاريخ النقد الأدبي القديم. وأعجب من هذه القدرة البحثية العالية عند إحسان عباس هذا الكاتب الموسوعي ، فأنت تجده محقق و مترجم وناقد وأديب وباحث، له قدرة على الفحص والتحليل.. فرحمه الله رحمة واسعة أثرى التأليف العربي .. أما كتابه هذا فإلى الآن لم أقرأ كتاب شامل في النقد القديم ككتابه ، تناول بالدراسة والتحليل العديد من المؤلفات النقدية ، أضف إلى ذلك النقد الشفوي في العصر الجاهلي والذي لم يُدون، حقيقة أنه عرفني على نقاد لم أسمع بهم وخصوصاً في الأندلس وكذلك مؤلفات نقدية، هذا وإحسان عباس قرأ بعض تلك المؤلفات من المخطوطات مباشرة أو من تحقيقات المستشرقين، فكيف لو ألف كتابه بعد ما خُدمت بتحقيق جيد ؟!
لاحظت منذ مدة من يصف كتابه هذا بالكتاب المدرسي محاولة لتنقيص منه، ولعمري إنه ليزيده ميزة أن يُدرس لما لمس فيه المتخصصون من شمولية وأصالة قد تغني الدارس عن التقليب في كتب عديدة .
لمن أراد أن يتعرف على طريقة تعامل النقاد القدماء مع شعراء عصرهم ومن سبقوهم فليقرأ هذا الكتاب ، وإن وجد في قرأته مشقة فعليه بالفصل الأخير من الكتاب فقد لخص أغلب ما جاء في طياته .