Jump to ratings and reviews
Rate this book

رحلة العمر .. مصر و أمريكا .. معارك الحرب و السلام

Rate this book
"رحلة العمر .. مصر وأمريكا معارك الحرب والسلام" .. عنوان لكتاب مدعم بالحقائق والصور النادرة، يسجل من خلاله السفير عبد الرؤوف الريدي شهادة للتاريخ تتضمن رصده لمشوار حياة دبلوماسية مليئة بالأحداث والأسرار والحكايات والتفاصيل التى لا يعرفها سوي من عاصروها من قادة وزعماء ودبلوماسيين فى العديد من البلدان التى تنقل بينها السفير الريدي، كمحطات تاريخية ليتعرَف عليها أبناء مصر وهم يبحثون عن طريقهم إلى المستقبل .

567 pages, Hardcover

First published January 1, 2011

5 people are currently reading
138 people want to read

About the author

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
15 (50%)
4 stars
11 (36%)
3 stars
2 (6%)
2 stars
2 (6%)
1 star
0 (0%)
Displaying 1 - 5 of 5 reviews
Profile Image for محمد على عطية.
660 reviews453 followers
February 26, 2024
في هذه المذكرات، يعرض علينا السفير عبد الرؤوف الريدي رحلة عمره، منذ طفولته ونشأته، إلى آخر المناصب الرسمية التي تولاها في مشوار عمله الدبلوماسي.
ولد الريدي في أوائل الثلاثينيات في عزبة البرج لأسرة ميسورة الحال، ووصف لنا نمط الحياة في عزبة البرج في هذه الفترة، حيث كان نشاط القرية الأساسي معتمداً على الصيد والتجارة مع موانيء الشام وقبرص واليونان، وكان نصف أسطول الصيد في مصر مرتكزاً فيها، وكان الفيضان في شهر أغسطس يأتي ليصبغ المياه باللون البني الداكن من أثر الطمي، والذي كان يجتذب أسراب السردين من البحر، وبالتالي كانت هذه الفترة موسماً لصيد السردين تنشط فيه القرية كلها من صيادين وتجار وعمال لتمليح السردين وتعبئته وبيعه، وكلها ظواهر اختلت بعد بناء السد العالي. ووصف كذلك رأس البر في هذه الفترة، والتي كانت تُنشأ من عشش بمجرد بداية موسم الصيف، وتُفكك في موسم الفيضان، ولا يُعاد تركيبها إلا في العام الذي يليه، قبل أن تتحول العشش لمباني وفلل وفنادق ثابتة.
أصرت والدته على أن يكمل تعليمه، وتوجه للقاهرة للدراسة الجامعية بكلية الحقوق، وطوال فترة تعليمه كانت مصر حبلى بالأحداث الكبرى، من الحرب العالمية، إلى حرب فلسطين، إلى إلغاء معاهدة 36 والكفاح المسلح في القناة، وصولاً إلى يوليو 52، وكان بطبيعة الحال يشارك مع زملائه في المظاهرات. وحكى من مظاهرة نظمها في بلده أمام الفندق والملهى المخصص للجنود الإنجليز
يعرض الريدي ملخص الوضع السياسي المحلي والدولي خلال هذه الفترة، وهنا أستطرد قليلاً لألفت النظر على مسألة أعتبرها منهجية في قراءة السير الذاتية، والأحداث التاريخية بشكلٍ عام.
ما أريد قوله هو أنه فيما يتعلق بالسير الذاتية، فإنه حتى لو لم يُعهد عن الراوي كذباً، فإنه من الخطأ أن نعتبر كل ما يكتبه على نفس الدرجة من المصداقية. لأن من العوامل المؤثرة في هذا الشأن، مدى كون صاحب السيرة مشاركاً أساسياً في الحدث أو الموقف الذي يرويه، وهل كان من صناع القرار أم مجرد ترس في الماكينة ليس لديه الرؤية الكاملة لما حدث، وهل كان طفلاً ضعيف الإدراك، أو شيخاً كثير الخلط...إلخ.
وعدم الانتباه لهذه المسألة المنهجية يوقع القاريء بدوره في الوهم، فبخلاف أنه من الخطأ البين تصديق كل ما تقرأ وأخذه بالقبول بدون عقلية ناقدة تنقد المتن، وعينٍ مقارنة تقارن بين هذه الرواية وروايات المعاصرين لها، فتستطيع التمييز بين الصدق والمبالغة والكذب، وبخلاف أنه لابد من التمييز أيضاً ما بين الرأي والمعلومة، أقول أنه بخلاف ذلك، فإن قبول ما يسرده الراوي لأحداثٍ لم يعاينها، وخصوصاً إذا كانت أحداثٍ دولية.
أضرب مثالاً لذلك بحديث الريدي عن حرب فلسطين، وعرضه لمفارقات بين أوضاع العرب واليهود، ذكر التالي: "كان الجانب اليهودي في فلسطين منظمًا ولديه البنية التحتية ومقومات الدولة التي عمل على إيجادها بمعاونة بريطانيا دولة الانتداب استعدادًا ليوم إعلان قيام الدولة، أما القيادة الفلسطينية فقد ظلت طوال الحرب العالمية الثانية بعيدة عن فلسطين بل لقد لجأ زعيمها الحاج أمين الحسيني إلى برلين عاصمة ألمانيا النازية… في ضوء ذلك كانت استراتيجية القيادة الفلسطينية هي أن تتحمل الدول العربية مسئولية تحرير فلسطين، والقاريء لهذه العبارة لو لم يكن له خلفية عن تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، لداخله الكثير من الوهم، وصياغة العبارة بهذا الشكل يوحي بأن القيادة الفلسطينية كانت تريد عملية تحرير جاهزة على أكتاف الدول العربية الأخرى، وهي قراءة خاطئة وناقصة كان ينبغي لها على الأقل أن تلفت النظر إلى أن الحاج أمين الحسيني كان مستهدفاً من سلطات الاحتلال وسعى إلى أخذ الدعم من ألمانيا النازية بصفتها التهديد الأكبر للاحتلال البريطاني في ذلك الوقت، كما كان ينبغي الإشارة إلى الثورة الفلسطينية الكبرى في الثلاثينيات، وافتقار الثوار إلى السلاح وحاجتهم إليه، وعن رفض الجيوش العربية إكمال تسليح الثوار، فلا هم سلحوهم، ولا هم نجحوا في هزيمة عدونا وعدوهم!
نعود من هذا الاستطراد إلى مذكرات الريدي، الذي يحكي أن قريته كانت وفدية الولاء، لكنه آثر الانضمام للحزب الاشتراكي، وتحدث عن تسارع الأحداث في نهاية العهد الملكي إلى أن حدثت حركة الجيش في 23 يوليو، وعنها يقول: "لم يكن أحد يصف ما حدث بأنه ثورة، وكانت الصحف تتحدث عن «حركة الجيش» أو «الانقلاب».. وظل الحال كذلك إلى أن ظهر مقال في الأهرام للدكتور سيد صبري أستاذ القانون الدستوري بعنوان «الفقه الثوري»…الذي اعتبر أن ما حدث إنما هو في الواقع «ثورة»، وأنها جاءت لتغيير نظام الحكم وبالتالي فهي ليست ملزمة باتباع الضوابط التي كانت قائمة في النظام السابق عليها لأنها جاءت لتغييره."
ثم تحدث عن أزمة الديمقراطية في عام 54، والخلاف بين جناحي نجيب وناصر، وقال: "في أثناء هذه المعركة عمل عبد الناصر على استقطاب العمال إلى جانبه، وسخَّر هيئة التحرير لهذا الغرض، ولمع اسم الضابطين «طعيمة والطحاوي» في تنظيم مظاهرات تطالب ببقاء الثورة، ولعب رئيس اتحاد العمال آنذاك «صاوي أحمد صاوي» الدور الرئيسي في تنظيمها، ولم تكن هذه مظاهرات حاشدة ولكن أمكن استخدام الإذاعة لتصور الأمر وكأن جماهير الشعب قد خرجت تطالب باستمرار الضباط في الحكم، وأذكر أنني كنت أسير في شارع قصر العيني ووجدت بعض العمال الذين لا يزيد عددهم على عشرات أمام مجلس الوزراء، فذهبت لأتبين ما يجري، فوجدت صلاح سالم يخطب فيهم ويقول إن الثورة لا تستطيع أن تتجاهل مطالب هذه «الألوف المؤلفة» التي جاءت تطالب باستمرارها في الحكم… ولقد استغربت من أنه يتحدث عن «الألوف المؤلفة» بينما الأمر لا يتعدى العشرات… ولكنني لاحظت كذلك أنه بينما كان يتحدث كانت الإذاعة تسجل ما يقول لتذيعه في نشراتها الإخبارية."، وكلنا نعلم كيف انتهت هذه المعركة لصالح عبد الناصر الذي انفرد بالسلطة وأقصى نجيب، واعتدى أعوانه بالضرب على السنهوري، وظهرت بوادر الدولة البوليسية الجديدة.
تخرج الريدي من كلية الحقوق في نفس العام، وعمل محامياً تحت التدريب بمكتب الأستاذ محمد عصفور الملقب بمحامي الحريات، وذكر أن عصفور كان رافضاً لثورة يوليو منذ بدايتها خلال كل مراحلها حتى آخر يومٍ في حياته. وظل الريدي يعمل معه لشهور إلى أن قرأ إعلاناً عن امتحان وزارة الخارجية التي كانت تسعى لتكوين جيل جديد من الدبلوماسيين من أبناء الشعب بعد أن كان دخولها مقتصراً على أولاد الذوات، وتقدم للامتحان واجتازه بتفوق، ليتغير مسار حياته ويبدأ فصلاً جديداً.
بدأ العمل في الخارجية عام 55، وبعد فترة التدريب الأولية، تقرر سفره إلى نيويورك للعمل ضمن بعثة مصر الدائمة في الأمم المتحدة، وفي هذا الفصل تبدو لمحة من نظام العمل داخل هذه المؤسسة، ومسؤوليات البعثة وتواصلها الدائم مع الخارجية ومع بقية الوفود من أجل الدفاع عن مصالح مصر، وكل من اطلع على مذكرات الدبلوماسيين يجد أن أغلب من عمل في هذه البعثة إما أن صار بعد ذلك سفيراً في دولة مهمة، أو تولى منصباً مهماً بالوزارة، أو صار وزيراً للخارجية.
يذكر الريدي أن عبد الناصر في بدايته كان على صلة بالغرب، وهو ما تؤكده بقية المصادر، ويذكر أنه كان على استعداد في أواخر 54 وأوائل 55 لبحث المشروع الأمريكي المعروف باسم مشروع إيريك جونسون لتحويل مجرى نهر الأردن والتعاون مع الغرب لإيجاد حل لمشكلة فلسطين، ثم جاء العدوان الإسرائيلي على غزة في فبراير 55 ليدفع عبد الناصر للحصول على السلاح من المعسكر الاشتراكي، ويقول الريدي بالنص: "والواقع أن عام 1955 شهد تحولًا في فكر عبد الناصر فأخذ يتحول عن طريق التعاون مع الغرب في إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية إلى خط آخر يقوم على أساس التصدي للاستعمار في المنطقة والدعوة إلى القومية العربية وتحرير فلسطين."
تطورت الأحداث بعد رفض أمريكا تمويل مشروع السد العالي، ثم تأميم القناة، ومن بعده العدوان الثلاثي، وعرض الريدي جهود البعثة المصرية لدعم موقف مصر ضد العدوان، وجهود السكرتير العام داج همرشولد، والموقف الحاسم من أيزنهاور ومن الاتحاد السوفييتي ضد الدول المعتدية، إلى أن حققت مصر النصر السياسي باضطرار الدول المعتدية للانسحاب، وإن كانت إسرائيل قد تمكنت من تحقيق واقع جديد، إذ تمركزت قوات الطواريء الدولية في سيناء ومنطقة شرم الشيخ وقطاع غزة على حدود خط الهدنة لمراقبة الأوضاع، كما أعلنت إسرائيل أنه في حالة إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية، فإن هذا سيكون بمثابة إعلان للحرب، ومن خلال عدم تواجد القوات المصرية في شرم الشيخ، فإنه منذ انتهت الحرب، كانت السفن الإسرائيلية أو المحملة بالمواد الاستراتيجية لإسرائيل تمر من خليج العقبة، ولم يكن الرأي العام المصري يعرف هذا الوضع إلى أن فوجيء بقرار ناصر بغلق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية قبيل حرب 1967.
عرض الريدي صورة عن وضع الدبلوماسية المصرية في عهد عبد الناصر، وطبيعة د.محمود فوزي الذي كان دبلوماسياً بالفطرة، ثم نمط العمل مع محمود رياض الضابط السابق ورفيق عبد الناصر، الذي عمل الريدي تحت رئاسته عندما كان مندوباً دائماً بالأمم المتحدة، ثم صار وزيراً للخارجية.
من المشاهد اللافتة، الموقف الذي رواه عن مؤتمر دول عدم الانحياز الذي حضره مع محمود رياض وعبد الناصر عام 66، وحديث عبد الناصر عن المؤامرات التي تتعرض لها تلك الدول من الدول الاستعمارية، وعن قوى الثورة المضادة التي نجحت في اسقاط سوكارنو ونكروما، ثم تعقيب عبد الناصر: «ولكـن هـذه القـوى يا رياض لن يمكنها أن تنال من مصر… لأنها لو جاءت عندنا فسنكسر رجلها!».
تحدث الريدي عن الفترة السابقة لهزيمة 67، وعن خيوط المؤامرة، والعلاقة المتوترة مع أمريكا بقيادة جونسون، وعن وجود فراغ دبلوماسي بين البلدين قبيل الحرب، وعن اندفاع مصر في مسار توالت فيه الأحداث مسرعة ما بين غلق خليج العقبة وسحب قوات الطواريء إلى أن وقعت الهزيمة المحققة. وبعد ذلك تحدث عن الجهود الدبلوماسية التي سارت على التوازي مع الجهود العسكرية وإعادة بناء الجيش للاستعداد للمعركة، وعرض جهود محمود رياض، وعن مبادرة روجرز.
من الأشياء التي تستحق لفت الانتباه لها، دور العلاقات الشخصية في توجيه مسار العلاقات الدبلوماسية، فقد أشار لعلاقة الصداقة التي كونها محمد حسن الزيات أثناء عمله ببعثة مصر بالأمم المتحدة، مع جورج بوش عندما كان بدوره مندوب بلاده هناك، وعن جلسات الزيات معه لتوعيته بوجهة النظر العربية وخاصةً فيما يخص القضية الفلسطينية، وبالتالي سعى بوش لعقد لقاء مماثل بين الزيات وروجرز وزير الخارجية، ويبدو أن هذه اللقاءات كان لها تأثيرها على كل من بوش – لاحقاً حينما صار رئيساً لأمريكا - وعلى روجرز، وكان من توابع ذلك تقدم روجرز بمبادرته للهدنة، كما كانت سياسة روجرز فيها قدر ملحوظ من التفهم للموقف العربي مقارنةً بمن سلفه، لكن كيسنجر كان له بالمرصاد لإفساد مساعيه، إلى أن جلس مكانه وجمع بين كونه مستشاراً للأمن القومي ووزيراً للخارجية في آن واحد، وقدم أجل الخدمات لإسرائيل من موقعه هذا.
عرض الريدي تغير السياسة بعد تولي السادات الرئاسة، واختلاف التوجه والرؤية بينه وبين رياض، ونزوع السادات للمبادرات الفردية التي يفاجأ بها وزراؤه ومعاونوه، ونزوعه أيضاً لقنوات الاتصال الخلفية بدون علم وزارة الخارجية، سواء من خلال حافظ إسماعيل، أو حسن التهامي، أو غيرهم.
غادر رياض وزارة الخارجية ليصبح أمين عام جامعة الدول العربية، وتولى من بعده مراد غالب ثم الزيات لفترات بسيطة، ثم تولى نجم الدبلوماسية المصرية إسماعيل فهمي، والذي أدار وزارة الخارجية بشكل فعلي خلال حرب أكتوبر أثناء تواجد الزيات في نيويورك، وتحدث الريدي عن أجواء الحرب وعن دور كيسنجر في دعم إسرائيل وتسريع الجسر الجوي لها، وخداعه المستمر للسادات، الذي أعطاه الكثير دون أن يأخذ منه بالمقابل بقدر ما أعطى، وهي السياسة التي سار عليها للنهاية. ويكفي ما ذكره كيسنجر أنه عندما عرض أثناء مفاوضات فض الاشتباك أن تحتفظ مصر بثلاثين دبابة فقط، كان يقول ذلك ليبدأ المفاوضة متصوراً أن السادات سيرفض، ثم يصل معه إلى رقم وسط يتفقان عليه، ليفاجأ هو والإسرائيليون أن السادات قبل رقمه من البداية بدون نقاش.
استمر السادات في سياسته، وذكر الريدي أن السادات كان راغباً في الإسراع للوصول لاتفاق سلام خشية أن يفقد بمرور الوقت قوة الدفع الناتجة من حرب أكتوبر، كما لم يكن متحمساً لمشاركة الاتحاد السوفييتي في رعاية أي مفاوضات، وفاجأ الجميع بزيارة القدس، ثم دارت العجلة وصولاً إلى كامب دايفيد، وفي هذه الفترة استقال إسماعيل فهمي ومحمد رياض، وتولى إبراهيم كامل الوزارة، وكان مصيره كمصيرهما. وكان الريدي بصفته في ذلك الوقت مدير إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية أحد أعضاء الوفد المرافق للوزير والسادات في مفاوضات كامب دايفيد، ويعرض صورة لكيفية المفاوضات، ففي حين كان الوفد الإسرائيلي متماسكاً ودائم التشاور، كان السادات لا يضع وزير خارجيته في الصورة، ويطلب أسامة الباز ليعد له أوراق العمل ويشركه في المفاوضات مع كارتر، وذكر الريدي أن الباز كان في نهاية كل يوم يجلس على سريره ويدون ما حدث، وإنه لشيء مؤسف أن الباز – رحمه الله – مات ولم يكتب مذكراته، فبخلاف حياته الحافلة والثرية وقربه من موقع صناعة القرار، فإن شهادته عن كامب دايفيد في هذا الوضع ستكون أدق شهادة من الجانب المصري.
على أية حال، عندما صيغت مسودة الاتفاق في شكلها النهائي الذي لا يتضمن تسوية شاملة بين العرب والعدو، قدم كامل استقالته، ولم يحضر الاحتفال بالتوقيع، وكذلك الريدي وكل طاقم الخارجية الذين قاطعوا الحفل بدون اتفاق مسبق، وشاهدوه من حجرة كامل بالفندق على شاشة التلفاز.
تولى الريدي بعد ذلك منصب السفير في باكستان لعامٍ واحد، تحدث فيه عن هذا البلد الشقيق بمحبة واضحة، كما كان شاهداً على بداية الغزو السوفييتي لأفغانستان، وذكر زيارة برهان الدين رباني له في السفارة طالباً الدعم من مصر، وتحدث عن زيارته لظفر الله خان أول وزير خارجية لباكستان، وبعد نهاية خدمته في باكستان تولى رئاسة البعثة المصرية بمقر الأمم المتحدة الأوروبي بجنيف، وبعد ذلك تولى المنصب الأهم في حياته العملية، وهو سفير مصر في واشنطن، منذ 1984 وحتى 1992، في عهدي ريجان وبوش الأب.
شمل هذا الجزء حوالي خمس حجم الكتاب تقريباً، وأستطرد هنا لأقول أنني قبل أن أقرأ مذكرات نبيل فهمي – الذي تولى نفس المنصب ما بين 2000 إلى 2008 – كنت أتوقع أن يكون أغلب الكتاب يتكلم عن هذه الفترة، لكني أصبت بخيبة أمل بعد قراءته لأني لم أجد ما توقعته ولأسباب أخرى ذكرتها في مراجعتي على مذكراته، لكن الريدي أسهب في الكتابة من واقع أهمية موقعه، وكونه رجل صاحب رؤية، حيث كان مهتماً بدعم موقع بلاده من خلال العلاقات الشخصية مع دوائرالتأثير وصناعة القرار، سواء في البيت الأبيض، أو وزارة الخارجية ووزارة الدفاع والهيئات الحكومية عموماً، أو الكونجرس، أو مراكز الأبحاث، أو الصحافة والإعلام، وكذلك في المنظات اليهودية كالإيباك.
وثق الريدي علاقاته بنائب الرئيس جورج بوش الأب، وأبرق إلى القاهرة يشجعها على المثل، لأن هذا النائب سيكون على الأرجح الرئيس المقبل، واستجابت القاهرة، وكانت علاقة مبارك ببوش وثيقة بالفعل.
يتضح من متابعة أسلوب الريدي في العمل أنه كان مبادراً، ودائم التفكير فيما يمكن أن يعود على بلاده بالمصلحة، ومتابعاً جيداً لما يدور حوله، وقد ذكر أنه بعد توليه منصبه في واشنطن، حضر بيريز لواشنطن يطلب معونة اقتصادية استثنائية لمواجهة الأعباء الاقتصادية الناجمة عن الانسحاب الجزئي من لبنان – ياللبجاحة – وكانت الأجواء في واشنطن مهيأة للاستجابة لهذا الطلب، وعليه فكر أن يشجع الحكومة المصرية على التقدم بطلب مماثل، وهو ما تم وتسلمت مصر 500 مليون دولار.
تحدث أيضاً عن أزمة السفينة أكيلي لاورو، وعن توتر ثم فتور العلاقات بين البلدين، ثم سعيه لإزالة هذا الفتور وعودة الأمور لمجاريها.
أفرد الريدي قسماً خاصاً بغزو العراق للكويت وما استتبعه من تكون التحالف الدولي وضرب العراق لإجبارها على الانسحاب، وعن أجواء الخلاف بين الدول العربية، وعن اقتراح أحد معاونيه في السفارة (عبد الرحمن صلاح الدين) بأن الوقت قد يكون مناسباً لأن تطلب مصر أي شيء من الجانب الأمريكي، وبناءً عليه فكر في مسألة تقديم طلب بإلغاء الديون العسكرية التي كانت - مع فوائد خدمة الدين – ترهق كاهل الاقتصاد المصري، فأبرق إلى القاهرة بهذا المقترح، فاتصل به مبارك ليتأكد منه من مدى إمكانية ذلك، ثم وافق على ذلك، لتبدأ سلسلة من الاتصالات مع المسؤولين في الإدارة الأمريكية ورجال الكونجرس، وتحمس بوش لذلك، إلى أن صدر قانون من الكونجرس بذلك، وشمل أيضاً الدعوة لعقد مؤتمر في باريس لشطب نصف الديون الأوروبية على مصر، وتلى ذلك شطب نصف هذه الديون بالفعل، ونصف ديون مصر لليابان، وكل ديون مصر لدى السعودية والكويت، بحيث وصل إجمالي الديون المشطوبة إلى أكثر من 17 مليار دولار، بالإضافة إلى مبادرته لتشجيع مصر على طلب معونة نقدية للتعويض عن الخسائر المرتبطة بالحرب بسبب تأثر قطاع السياحة وقناة السويس وعودة آلاف العمال المصريين من العراق، وبالتالي دُعمت مصر بخمسة مليارات دولار، وأصبح الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي 20 مليار دولار بعد أن كان بضع مئات من الملايين. ويعتبر الريدي النجاح في هذه المساعي من أهم إنجازاته، وأنه ساعد على بدء (الإصلاح الاقتصادي لمصر)!
ولن نناقش هنا ما كان مقابل هذا (الكرم)، ولا مدى قدرة النظام المصري على الاستفادة الحقيقية من هذه الانفراجة الاقتصادية، في ضوء ما عايشه كل من عاصر حقبة التسعينيات والعقد الأول من الألفية، والهرولة نحو الخصخصة وبيع الأصول والتعويم الأول، وصولاً إلى أيامنا هذه، ونحن نشهد سينايوهات شبيهة، وأموالاً ملعونة مقابل مواقف نجسة، وهيهات أن يأتي الرخاء من الخراء.
تحدث بعد ذلك عن مساعيه لدعم ترشيح مصر لبطرس غالي لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، كما تحدث عن موقف الإدارة الأمريكية من القضية الفلسطينية ومسيرة السلام، وأن بوش كان من أكثر الرؤساء الأمريكيين تفهماً ومرونة في هذا الصدد، وكان يضغط على إسرائيل لوقف المستوطنات، ولكنه لم يفز في انتخابات الفترة الثانية.
انتهت مسيرة العمل الرسمي للريدي ببلوغه سن التقاعد، وعاد لمصر ليبدأ مسيرة العمل التطوعي، ما بين رئاسته لمجلس أمناء مدينة دمياط الجديدة، ثم مكتبة مبارك العامة، ثم المشاركة في تأسيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وأنهى كتابه بالحديث عن التحديات التي تواجه أمن مصر القومي، وعن قضية الديمقراطية على مدار تاريخ مصر الحديث، وفي هذا الفصل كنت أشعر أنه يكتبه وهو ينتقي كلماته ويقدم رجلاً ويؤخر أخرى، وخصوصاً أن هذا الكتاب قد انتهى من كتابته عام 2010، قبل الثورة والإطاحة بمبارك.
الكتاب في المجمل مفيد وقيم ويستحق القراءة، بجوار أقرانه من مذكرات الدبلوماسيين كإسماعيل فهمي وإبراهيم كامل وعمرو موسى ومحمود رياض، لأخذ فكرة عن سياسة وكواليس عمل الدبلوماسية المصرية، وللإطلاع في ثنايا هذه الشهادات عن جوانب من شخصيات عبد الناصر والسادات ومبارك.
Profile Image for عمر فايد.
Author 27 books68 followers
October 3, 2014
حينما ترصد عينٌ مثقفة تفاصيل جذور المكان الذي نشأت فيه تجد للأمر حلاوةً خاصة، يرصد السفير عبد الرؤوف الريدي نشأته في دمياط ومسيرته الدبلوماسية بتسلسلٍ رائعٍ ليضيف إلى الوقائع السياسية الهامة في فترات عصيبة مرت على مصر ما خالطها من مشاعر وردود أفعال. كتاب رائع وسرد لتفاصيل من مطبخ الدبلوماسية إن جاز التعبير في عهد ناصر والسادات ومبارك. من أكثر ما لفت انتباهي حديث السفير عن مولد ثورة ٥٢ فذكر بموضوعية يحسد عليها ما لعبد الناصر وما عليه.. وكيف تحولت بوادر الثورة بالتزييف والقمع إلى حكم ديكتاتوري تغلب فيه فريق عبد الناصر وصلاح سالم الطامع في السلطة على فريق محمد نجيب وخالد محيي الدين المؤيد لعودة العسكر إلى ثكناتهم.. بدايةً من تزييف لأعداد المتظاهرين العماليين إلى أحكام الإعدام العسكرية مروراً باعتقال محمد نجيب والاعتداء على الفقيه الدستوري عبد الرازق السنهوري وإقصاء الأساتذة الجامعيين المؤيدين للمسلك الديمقراطي الذي انتهجه محمد نجيب داعياً فيه إلى عودة العسكر لثكناتهم فضلاً عن ما حدث من قمع الإعلام المضاد للحكم العسكري كجريدة المصري التي وصفها الكاتب بأنها كانت "قد احتلت مكانة كبيرة في قلب الحركة الوطنية في مصر" وعمليات التعذيب التي تسربت أخبارها؛ جميعها سُبل دشنت لحكمٍ أسود وعقلية شعب تربى على عبادة من يقهره وهو ما لازلنا نتجرع مساوءه إلى اللحظة مع اختلاف إمكانات التزييف الإعلامي وآليات القمع ووجوه المنتفعين.. الصراخ على مواقع التواصل الاجتماعي لن يجدي كثيراً..القراءة هي الحل.
Profile Image for Ahmad Tolba.
36 reviews20 followers
October 21, 2023
كتاب مهم جدًا لما يحتويه من معارك سياسية ودبلوماسية وفي بعض الاحيان تعريصية
Profile Image for Bahaa.
48 reviews1 follower
December 5, 2017
كتاب رائع
متواضع رغم المواقف العظيمه
محب جدا لبلده
سيره ذاتيه تعطى ملامح تفصيلية بطريقه ادبيه رفيعه لكل مكان عاش به
رجل عظيم متواضع
3 reviews80 followers
June 7, 2014
A great autobiography of a great Ambassador!
Displaying 1 - 5 of 5 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.