أما المقدمة التي كتبها المؤلف لمسرحيته هذه، فهي قطعة من الجمال والعرفان، أهدى فيها مسرحيته الحديثة إلى روح الذي رحل عن عالمه قبل سنوات: عبد المنعم إبراهيم، الممثل القدير الذي أدّى له من قبل دور الحلاق في مسرحية "حلاق بغدّاد"، ومسرحيات أخرى للمؤلف كان عبد المنعم إبراهيم يعتزّ بها كثيرًا، حتى إنه قال مرّة مجيبًا على سؤال: لماذا ابتعدت عن المسرح؟!، بقوله: أنا مثّلت مسرحيات ألفريد فرج، وهو يفهمني جيدًا وأنا أفهم شغله، ولكنه فجأة تركني وهاجر إلى الخارج، هاتوا لي ألفريد يكتب لي وأنا أمثّل!
وسمع ألفريد هذا فكتب له في غربته "شبه الإجبارية"، وحتى بعد وفاته، وعندما جلس ليكتب هذه المسرحية المستوحاة من أحداث ألف ليلة وليلة مثل المسرحيات السابقة التي أحبّها عبد المنعم إبراهيم وراق له تمثيلها، عندما جلس كان الموت قد أتى لصديقه عبد المنعم إبراهيم، ولكن موت الممثل الماهر لم يمنع المؤلف أن يقول أنه كان خلال كتابة كل صفحة من صفحات هذه المسرحية .. ولكن لحظة!، لماذا أتكلّم بالنيابة عنه؟!، قال ألفريد: واليوم وأنا أكتب كل صفحة من مسرحيتي هذه "الطيب والشرير والجميلة" كنت أفكّر في منعم!
.. كان له وجه جذّاب وله قبول طاغ .. يبتسم كل من يراه قبل أيّ حديث، والذين مثلوا معه فوق المنصّة كانوا يعبّرون لي عن عجبهم ويسألونني كيف يستطيع عبد المنعم أن يمسّ أعمق شغاف القلب عند المتفرّج بهذا اليسر وهذه التلقائية وبلا عناء أو تصنّع أو تكلّف أو عمد أو صياح؟
إن حقًا دور الممثل لا يقتصر على التمثيل وحسب!
وأما نَص هذه المسرحية الفريدة، فهي قطعة من الجمال والخيال، وفيها ما فيها من سمات أجواء ألف ليلة وليلة، وإن لم تتخل لحظة واحدة عن مجتمعها الحديث وقضاياه، والمؤلف بارع غاية البراعة في طرح أعقد القضايا السياسية في هذه البيئة الخيالية الساحرة، حتّى المباشرة التي يأتي بها في النهاية – كعادته – يُغتفر مجيئها بكل أريحية في نفَس القارئ أو المتفرّج، فهذا أسلوبه وهذا فهمه لرسالة المسرح، وحسبه إنه لم يستسهل فيها،
وأما الصفحات الأخيرة التي ذيّل بها المؤلف كتابه هذا بعد انتهاء المسرحية، والتي أسماها : "متاعب المؤلف!"، وكانت بمثابة عتاب طويل لقضية حقوق الملكية في مصر والعالم العربي، فالمؤلف المسرحي أكثر الناس غبنًا في منظومة المسرح، وأكثر الناس تعبًا في متاهات البيروقراطية إن أراد السير في طريق نيل حقوقه وفي طريق الإشراف على إخراجها حتّى، فكانت المواقف والأحداث التي تعرّض لها ورواها لنا، كانت ساخرة جدًا، تلك السخرية التي يبدأ قارئها في الموقف الأوّل بالضحك على المفارقات، ليجد نفسها في الموقف الأخير وقد بدأ بالبكاء!
ولعلّ أفضل ما بوسع المؤلف أن يفعله بعد ذلك الامتحان العسير، هو أن ينسى متاعبه، وينسى سعادته وينسى أسفه، ويتجاهل مرارة فقدانه السيطرة على نَص هو جزء من كيانه، فيعود بعد ذلك إلى مكتبه، ليفكّر في حكاية أخرى، وأشخاص آخرين، ودنيا مختلفة، ليفكر في مسرحية جديدة!
وفي الصفحات الباقية الأخيرة من هذا الكتاب الجميل تحدّث كذلك فيما تحدّث عنه عن المسرح - وهو كثير! - عن المسرحيات المكتوبة باللغة العربية السليمة في مقابل طغيان مسرحيات العامية وطردها للمسرحيات العربية من كل مكان، وهذا يعود بنا إلى مقدمته التي أهدى فيها مسرحيته إلى فناننا عبد المنعم إبراهيم، فقد روى إنه حتّى خلال بروفات مسرحية حلاق بغداد، لم يؤمن عبد المنعم إبراهيم نفسه بتجربة كتابة الكوميديا الخالصة وبالفصحى وتمثيلها أمام جمهور مسرحيات فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي في الستينيات!!، لأنها كانت خطوة غير مسبوقة على المسرح وكانت – كما وصفها المؤلف – مغامرة واقتحامًا للمجهول وقفزة واسعة في الظلام في التدريبات تقدّم الفنان عبد المنعم إبراهيم فجأة إلى مقدمة المسرح، اتجه إليَّ وأنا جالس على كرسي بالصف الأول وصاح بي: أنت مبتضحكش ليه؟
فقلت له لإنني رأيت هذه المفارات الكوميدية في المسرحية عشرات المرات في البروفات
فصاح: لأ!، أنت ما بتضحكشي لأن المسرحية لا تُضحك يا أستاذ!، ويستحيل الضحك من كوميديا بالفصحى
وتحاورا، حتى كانت الليلة السابقة على ليلة الافتتاح، فلم يستطع المؤلف النوم وظل ساهرًا خارج بيته في يوم العرض الأوّل وممتلئًا بالقلق حتى حافته!، ولكن .. ولكن تلك الليلة وبعد الافتتاح بربع ساعة، تغيّر كل شيء في حياتي وأسرعت إلى الكواليس وانتهزت فرصة أنفجر فيها الجمهور بالضحك وصحت من الكواليس لصديقي العزيز عبد المنعم، سألته: منعم!، شاعر زيي أن حياتك بتتغيّر!
بلى!، كانت قفزة واسعة من عالم التراجيديات والدراما إلى الكوميديا، ونجحت الفصحى كعادتها حين يتوقّع الكثيرون لها الإخفاق، وهي في كل مرة - كل مرة!- تردد بينها وبين نفسها متعجبة:
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغايةً وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلةٍ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ ..
أعشق أي عمل أدبي مقتبس من ألف ليلة و ليلة.. و لكن هذه المسرحية كانت استثناءا ..
لم اتعاطف مع البطل .. بل و لم أستسغ موقفه من الشرير.. لماذا ظل الطيب يساعد الشرير طوال الوقت حتى مع علمه أنه شرير؟ هل طيبته هى التي تسيطر على أفعاله؟ إذا كان ضعيفا لهذا الحد فكان من الأولى أن تسيطر عليه زوجته عوضا عن الرجل الشرير.. لكن هذا لم يحدث.. للأسف لم أفهم دوافع الأبطال و بالتالي وجدت المسرحية بشكل ما غير منطقية..
في النصف الثاني من الكتاب مجموعة من المقالات لألفريد فرج معظمها يتعلق بالحياة الثقافية في مصر عموما و بالمسرح خصوصا .. يناقش فيها ألفريد فرج المعوقات التي تواجه الثقافة في مصر.. استمتعت جدا بتلك المقالات.. خصوصا مع النزعة الهزلية المتواجدة فيها.. ما يثير الضحك و الحزن في آن واحد هو انها قصص حقيقية تعبر عن مدى سوء حالة الثقافة و كيف تفكر الدولة و تتعامل مع المثقفين.. هذا الجزء هو أفضل ما في الكتب وهو السبب في رفع تقييمي للكتاب لثلاث نجمات
أول قراءاتي لمسرح ألفريد فرج ولكتاباته عموما مسرحية مستوحاة من قصص ألف ليلة وليلة ، عن الصراع الأبدي بين الخير والشر في صورتي بصير الحلاق الطيب، الذي تأبى عليه طيبته أن يتعلم الدرس ، وبكير الصباغ الخبيث الذي يأبى عليه شره أن يكف خبثه ولؤمه عن بصير رغم طيبته ومسامحته له دوما. والجميلة التي لا تملك القوة لتستغنى عن هذا ولا لتهزم ذاك والسؤال الأزلي : أليس في الطيبة شر باطني متمثل في عدم محاولة دفع الشر الظاهر؟ مسرحية ممتعة مكتوبة بلغة سلسة راقيه تعطيك فكرة عن مستوى المسرح المصري وما جرى له :\ ولعل ما يضاهي جمال المسرحية هي المقدمة البديعة التي كتبها المؤلف عن المسرحية وممثلها الفنان الراحل عبد المنعم إبراهيم أول قرائاتي لأدب ألفريد فرج وبالتأكيد ليس الأخير
ماكان يمكن أن يكون للشرير قدرة ليفجعنى فى مالى وحريتى وحياتى لولا هذا الطيب، وإن الله قد هيأ الجحيم والعذاب المقيم للأشرار وأحتجز ركنا فى الجحيم للطيبين الذين مهدوا للأشرار وفتحو أبواب (ماعليه شئ)و (المسامح كريم) لإعصارهم المدمر. ............. بصير وبكير أو أبوصير وأبوقير كما فى التراث كقصة وتناول فكرة الطيب والشرير أكثر من رائعه أفتقدت فى المسرحية خفة دم ألفريد فرج الا انها فى المجمل رائعه الحبكة
نفد صبرى من حرقة الدم , بسبب صراع الخير وتمثله بالبلاهة دوما - مع الشر الذى يتمثل فى الحبكة والتفكير والتخطيط فى المجمل هى مسرحية جميلة ومضحكة وقد خففت الفكاهة- عن طريق عبير- من وطأة الشر