الكتاب يشرح لاهوت التحرير بشكل وافى بل و يتعدى ذلك الى البحث عن وسائل لأقلمته فى مجتمعاتنا و يطرح أفكارا عن أشكال مختلفة مقترحة من النضال السياسى. كذلك يشرح الفروق بين لاهوت التحرير و حركات الأسلام السياسى المختلفة التى تسود العمل السياسى فى منطقتنا. الفكرة الأساسية المركزية فيما يتعلق بلاهوت التحريرهو أنها توظف الدين لصالح الأنسان و تجعل منه هو المركز و ليس من النصوص المختلفة , و هذا الأهتمام يتجلى بالأساس فى رفض الفكر القدرى الذى طالما أستخدمه و وظفه الطغاة لأسكات شعوبهم بالتآمر مع رجال الدين .و تتمثل الفكرة التى يدعوا لها أن الله لم يخلق الأنسان ليظلم و يشقى بل خلقه ليعيش حياة كريمة و ليسعد و يخرج طاقاته الأبداعية الخلاقة المختلفة . كما أن هذا اللاهوت ينظر الى ألدنيا بمنظار حديث و هذا يتمثل فى أعتباره التعليم و الخدمات و الرعاية الصحية أمورا يرفض الدين عدم توفرها بل أن توفيرها هو من صميم الدين فى نظره. من ناحية أخرى يتعامل مع مجتمع حديث و له أهداف حديثة و حداثته لا تقف عند الحصول على الآلات الجديدة المختلفة مع قطيعة تامة مع البيئة و الظروف و الأفكار التى أدت الى ظهورها كما هو حالنا فنشترى أحدث الأجهزة و كأننا نشترى مطرقة جديدة و بعد ذلك نستغرب لأننا نسىء أستخدامها. و من الأفكار السياسية الرئيسية هى الوعى الطبقى الشديد الذى يؤدى الى الصراع بين الطبقات و الأنحياز الكامل تجاه الفئات المقهورة و إن كانت مسألة الصراع الطبقى هذه خفت حدتها بعد سقوط المعسكر الشرقى, و الثانية أنه لا يسعى للحكم أو لفرض نموذج محدد للحكومة بل يساعد فى وصول الفئات المناسبة لتولى الزعامة و القيادة تحت أى صيغة يراها و يفضلها الشعب. أما تعاملهم مع العقيدة و النصوص الدينية فيقومون بأعادة قرآءتها و تفسيرها بما يتوائم مع فكرهم السياسى الحداثى و هم عموما يظهرون مرونة شديدة تجاه الآخر ممن هم خارج العقيدة فالمهم هو موقفه العام و افعاله. هنا نصل الى نقطة فى غاية الأهمية تميز هذه الحركة ألا و هو أسلوب الممارسة السياسية حيث لا توجد نظريات و قوالب جاهزة تحدد حركتها و عملها بل أن التجربة و الخبرة المكتسبة تشكل العمود الفقرى لعملها و كذلك هناك أهتمام فائق بتكوين الوعى للجماهير. كذلك تطرح الدراسات المختلفة بالكتاب الفروق بين لا هوت التحرير و حركات الأسلام السياسى فالأخيرة غرضها السلطة و ليس تحقيق أفضل شكل من أشكالها و غرضها سيادة و صدارة النصوص و ليس الأنسان فى المقام الأول. كما يدافع الكتاب عن لاهوت التحرير ضد التهم التى يوجهها لها خصومها فالبعض يدعى أنها شيوعية متسترة و الأخر يراها حركة دينية تأخذ من اليسارية و آخرون يرون أنها تسلب الدين من روحانيته بتسيسه. هذا بالأضافة طرح المشاركون فى الكتاب ( و أصله تجميع لأعمال مؤتمر) أفكار مختلفة عن أقلمة لاهوت التحرير فى مجتمعنا و أهمها تكوين لاهوت تحرير فلسطينى يتشارك فيه المسلمين و المسيحيين بل و يخاطب اليهود أيضا للمشاركة و هدفه خلق وطن واحد مشترك للفئات الثلاث فى نهاية المسيرة . الكتاب غنى بالمعلومات و لكن هناك تكرار فى الشرح لتعدد الأوراق و الدراسات . هناك أيضا مواضيع ليست ذات صلة مباشرة بالموضوع رغم كونها جيدة مثل العلاقة التاريخية بين الأسلام و المسيحية كذلك كمية لابأس بها من الخطاب اليسارى المتألق فى تعقيده! الذى برأيى لا لزوم لهذا الكم منه و أيضا بعض الأفكار الطوباوية البعيدة عن العملية و بالتالى صعبة جدا فى الممارسة مما يتعارض مع لاهوت التحرير القائم بالأساس على العمل و الممارسة و الخبرة . الكتاب فى النهاية مفيد فبه فصول سهلة و سلسة توازن فصول أخرى ليست كذالك ,و يسد فجوة فى الفكر السياسى الذى لا نعرف عنه الكثير فى الشرق الوسط
ﻻهوت التحرير عصرنا هذا عصر المناداة بالحرية، لأن الحرية أنشودة عذبة ينشدها كل إنسان. الإذاعات والصحف وكل وسائل الإعلام تتحدث عن الحرية والتحرر والشعوب التي ذاقت مرارة الاستعمار تطلب حريتها. وأهل الفكر ينادون بالحرية الفكرية في البلدان التي تقاوم أفكارهم. والمرأة تنادي بالتحرر من سيطرة الرجل واستبداده. ونشكر الله لأنّ عادة امتلاك العبيد واستعبادهم سائرة في الانقراض. عن كتاب ﻻهوت التحرير – اعداد وتحرير اﻻب وليم سيدهم اليسوعي في سبعينات القرن العشرين كانت تتنازع العالم فلسفتان رئيسيتان متعارضتان: الفلسفة الماركسية (وقطبها روسيا)، والليبرالية (الوﻻيات المتحدة) والى جانب هذين التيارين كانت توجد الفلسفة الوجودية .. ظهر ﻻهوت التحرير في امريكا اللاتينية، حين كانت الرب الباردة بين روسيا وامريكا على اشدها، التي تقع مباشرة على الحدود الجنوبية للوﻻيات المتحدة والتي كانت تمثل خطرا ماذلا اذا نجح السوفيت في اختراق هذه القارة. تبدلت اﻻحوال بعد سقوط اﻻتحاد السوفيتي.. ويمكن تلخيص اﻻسس التي قام عليها ﻻهوت التحرير كالتالي: اوﻻ- الخبرة تسبق الفكرة: استخدم ﻻهوت التحرير كلمة (براكسيس) التي تعني فعل تغير لكي يعبروا عن خبرة العبور من العبودية الى الحرية واعتبروا ان ﻻهوت التحرير هو الذي ينطلق من الواقع المذري – كما حث قديما في خروج بني اسرائيل من عبودية فرعون- بقوة الله المحررة للانسان على كل المستويات لروحية والسياسية.. .. هل نستطيع بلورة ﻻهوت تحرير ..؟
ثانيا- التغيير يبدأ من القاعدة الشعبية: لقد اثبتت التجربة فشل الثورات المسلحة المبنية على حفنة من الضباط او من اﻻحزاب الطليعية في احداث تغيير جذري في المجتمعات.. فالثورة الحقيقية تكون في المفاهيم وﻻ يمكن ان تكون بدون مفهوم صحيح لعلاقة اﻻنسان بالله والكون.. ثالثا- كرامة الفرد قبل وجود المؤسسة: ﻻ يمكن ان تكون للمؤسسة سواء كانت دينية او ثقافية اي مصداقية او فاعلية اﻻ اذا كان اﻻشخاص الذين يمثلونها يتمتعون بالكرامة واﻻعتراف بهم كاشخص احرار.. رابعا – الوجود يسبق الماهية: كانت الفلسفة التقليدية تركز على وضعية استاتيكية للشخص والمؤسسة بطريقة غير واقعية وبعيدة عن واقع الفقراء.. فاﻻفراد او المؤسسات ﻻ تعبر عن كيانات مثالية بل متغيرة واﻻنطلاق من اﻻعتراف بوجود (واقع غير مثالي) مظالم .. سيحدد للفرد او للمؤسسة الدور المناسب له..