" قررت اليوم،بعد تفكير طويل أن أكتب هذه الشهادات الحقيقية" بهذه العبارة يبدأ محمد الرايس الذي كان ضمن الإنقلابيين في حادثة الصخيرات قبل أن يصبح من الأشباح الحية لمعتقل تازمامارت، وهو يبدأ في الواقع من قبل هذه العبارة،أي منذ السبيعنات باعتباره أحد الشهود الأحياء على ما فعله طلبة مدرسة أهرمومو (رباط الخير حاليا)،ذات يوم من يوليوز 71 الساخن،إن السيد محمد الرايس يريد حسب ما كتب في مقدمة مذكراته ـ أن يروي الوقائع كما حدثت وكما توالت حوله وأمام عينيه،ولا يريد أن يفتح السجال حول ما قيل وكتب عن هذه الوقائع،وإن الهدف من وراء كل ما كتبه،وربما الهدف من نشره أيضا تسليط الضوء على كل النقط التي ظلت تلفها العتمة إلى يومنا هذا. إن الرايس يتساءل:هل عليّ أن أحكي فعلا كل شئ؟ويجيب :إن عدم فعل ذلك يعني عدم الوفاء بالوعد الذي قطعته على نفسي قبل خروجي،وخيانة ضميري ولا سيما خيانة رفاقي في المعتقل ـ السجن الذين ماتوا في ظروف وحشية بعد أن عانوا بشكل فظيع ومضى على انقضاء عقوبتهم زمن طويل..ويضيف السيد محمد الرايس:إنني أريد أن أتخلص من هذا الكابوس الذي يسكنني والصراخات الحادة لرفاقي الذين جُنوا بفعل العزلة والظلمة.. إن وفاء الرايس لمن عاشوا معه محنة تازمامارت كان وراء قراره في الكتابة ولا شك،لكنه أراد أيضا أن يحرر عقله الباطني والواعي أيضا من أنين المحتضرين العاجزين أمام الموت الحتمي ومن صرخات كل الذين طالبوا بالإنصاف قبل وفاتهم،من أجل العدالة أيضا جاء هذا الكتاب،يقول محمد الرايس:ذلك لأنه في معتقل الموت،لم يتم خرق القوانين فقط،بل إن الإنسانية جمعاء أهينت ومرغت في التراب...
الفصل الأخير من حكايتي مع تزمامارت هكذا يطيب لي أن أصف هذا الكتاب؛ حكاية بدأت بقراءة رائعة بن جلون 'تلك العتمة الباهرة' التي هالني ما وجدت فيها من أحداث صادمة ولأخفف عن نفسي وأدافع قليلاً عن مصطلح الإنسانية اختبأت وراء كلمة رواية وكلي قناعة بجموح خيال بن جلون فالكتابة شاء أم أبى مهنة يمتهنها تستوجب بذلك أن يشطح خياله قليلاً أو كثيراً. وكأن بن جلون أراد أن يدافع عن نفسه بأن أصابني بهوس تزمامارتي قادني للوصول إلى برنامج أحمد منصور 'شاهد على العصر' فتابعت بشغف وألم ودموع حلقات أحمد المرزوقي (انقلاب الصخيرات) وصلاح حشاد (انقلاب أوفقير) كاملة، ويالا هول ما سمعت؛ لم أكتفي من ذلك وأتبعته بكتاب أحمد المرزوقي الذي يسرد فيه معاناته هو ومن معه في ذلك الحجيم وبما أن الموضوع يفتح الباب لموضوع آخر كانت الحصيلة النهائية مع هذا الكتاب خمس كتب
أتخيل بن جلون بعدها يسألني: ما رأيك؟ هل خيالي جامح كما تدَّعين؟!! ماذا أقول؟ سأعترف أولا يا سيدي بأنك مُرهف، ورحيم بقرائك لأن ما كتبته لطَّف كثيراً من المأساة التزمامارتية؛ ثانياً الاعتذار لك واجب لا بد منه
***** *** * *** *****
من كثرة ما نرى ونعيش ونقرأ من حكايات ووقائع يحلو للدنيا أن تتحول لشيء لا أستطيع وصفه؛ وكأنها تشير بإصبع إحدى يديها نحوي ويدها الأخرى على بطنها لشدة ما تضحك بلؤم ومن بين تلك الضحكات تسترد بعضاً من أنفاسها لتقول باستهزاء تام: بلا إنسانية بلا بطيخ..... ماذا أقول؟! اللهم احفظ عقلي فإنه ما عاد يحتمل
هل فعلا هذا الكتاب سيكون الفصل الأخير لهذه القضية أم أنني أهوى تعذيب نفسي، ففي وسط هذا العذاب أعترف أنني أجد نوعاً ما فائدة يجب ذكرها ألا وهي التذكير بطريقة غير مباشرة بوجود ذلك الشيطان بداخلي فالعلم بالشيء سيولِّد (وكلي رجاء) نوعاً من أنواع الدفاع والحصانة لمنع اصطباغي في يوم من الأيام بطابع لا إنساني فالقيم التي أدعي أني أمتلكها تبقى جوفاء إلى أن تحين ساعة الجد؛ كيف يتحول البشر بلحظة من كتلة إنسانية إلى مسخ لا إنساني والنتيجة هي اللامعقول بعينه. مرة أخرى هل سيكون هذا الكتاب الفصل الأخير؟ هو قرار لن يرجعني عنه سوى أن أسمع أن "بنبين" قد كتب كتاب عن معاناته التزمامارتيه؛ ولمن يسأل عن "بنبين" سأقول: أنه الناجي الذي كتب عنه بن جلون في روايته، ولمن يسأل مرة أخرى لماذا هو بالذات؟ سأجيب: أن ردة فعله وطريقة تقبله لتلك المأساة شيء أرغب في أن أفهمه أكثر، فأن يغمره سلام داخلي وهو في ذلك الجحيم أمر فوق مستوى استيعابي وأتمنى أن يصيبني منه القليل... فإلى أن يرى ذلك الكتاب النور أقول: هذا الكتاب هو الفصل الأخير من حكايتي مع تزمامارت
***** *** * *** *****
يبدأ محمد الرايس هذا الكتاب بداية كوميدية للصراحة؛ بداية الكتاب عن تفاصيل انقلاب الصخيرات وهو انقلاب كوميدي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. عندنا تعبير في ليبيا لوصف بعض الأشخاص اللذين يعيشون بدون تفكير أو تخطيط ومع ذلك أمورهم في السليم وتمام التمام وهذا التعبير هو أنهم (عايشين بالبركة) ولكن وجب التنويه أنهم حين يسقطون تكون السقطة قوية ومدويَّة؛ هذا الانقلاب هو انقلاب بالبركة ولهذا نتيجة فشله مأساوية
هي كوميديا بعينها أن يتحرك رتل عسكري من المدرسة العسكرية اهرمومو الواقعة شرق مدينة فاس تجاه الرباط (استعينوا بالعم قوقل لتكتشفوا طول المسافة) دون أن يلفت الانتباه، والأشد كوميدية من ذلك هي المشاهد التي وصفها الرايس داخل القصر الملكي في الصخيرات من دخول للرتل وعدم تعجب أصحاب الحفل (نسيت أن أقول أن الحفل لعيد ميلاد الملك يا جماعة) لهذا المنظر المهيب واستمرارهم في لعب القولف وأخذ الحمامات الشمسية حول المسبح؛ وابل الرصاص الذي بدأ هو فقط من حول مشهد الحفل إلى صياح وهرولة للحفاظ على الأرواح. تتوالى المشاهد الكوميدية من قِبل الجنود المشاركين اللذين ينحدرون من مناطق تحت مستوى خط الفقر اللذين وقفوا مندهشين من مظاهر البذخ أو من رؤية البحر لأول مرة في حياتهم أومن شتى صنوف الأطعمة مما دعا بعضهم لرمي السلاح للتمتع لأول مرة بهكذا وليمة لن تتكرر على حد قولهم، وجب التنويه أنهم لا يعلمون أنهم في عملية انقلابية فقد انطلقوا من اهرمومو لغرض عملية تدريبية وداخل الصخيرات أعلمهم أعبابو أنهم يجب أن ينقذوا الملك من أعداءه على حد قول الرايس. يحلو لي في خضم هكذا فوضى وكوميديا سوداء أن أقرأ عن أمراض مجتمعاتنا من بين السطور أو بوضوح صادم
تبقى ملابسات هذه القضية غامضة فمهما أسهب الكثيرين في روايتها يبقى الغموض يكتنفها فشخص كالكولونيل إعبابو كما وُصف غريب أن ينفذ عملية بهكذا غباء كوميدي، أكيد أنه اعتمد على أشخاص خذلوه لاحقاً أو أنه فعلا إنقلاب بالبركة يا يصيب يا يخيب، وقد خاب والنتيجة هي: جحيم تزمامارت لمن لا يستحق... تفاصيل الانقلاب بالمقارنة بما كتبه أحمد المرزوقي في كتابة أغزر بالمعلومات لأن الرايس برتبته العسكرية بالمقارنة مع المرزوقي كان قُرب إعبابو تقريباً طوال الوقت ولذلك حكم عليه بالإعدام يليه سلسلة من كوميديا ملكية تسمى "بالعفو الملكي" تدرجت إلا أن تنسّم الحرية مجدداً
بعد ذلك تبدأ رحلة الألم التي وصفها الرايس فيما تبقى من الكتاب بترجمة خجولة وكثرة ال(...) في نهاية أو وسط العديد والعديد من المقاطع التي لا أعرف ما تعنيه بصراحة ما تبادر لذهني أنها مقاطع ممسوحة ولله العلم؛ أعتقد أنها تفاصيل توصف بالقشور في حضرة هذا الجحيم فاعترف أني تغاضيت عنها
***** *** * *** *****
الغريب في كتابة الرايس أن أغلب المسئولين لم يسلموا من نقده واتهامه لهم جهاراً أو بالإشارة للحرف الأول من اسمهم، إلا من يجلس في قمة الهرم "الحسن الثاني" فهو برأيه المغفور له بإذن الله أو رحمه الله ومرة أعتقد إن لم أكن مخطئة سبق اسمه لفظ "جلالة"!!!. الرايس يؤمن بفساد البطانة وأن الرأس الكبير لم يكن يعلم شيئاً. طيب، قد أصدق ذلك وأجاري الرايس لكن لا أعتقد أن مجاراتي لاعتقاده ستستمر أكثر من 18 عاماً؛ فالعالم كله سمع بالقضية في السنوات الأولى إلا الملك ويالا الغرابة فقد سمع متأخراً جداً جداً بهكذا معتقل ولم يعترف بوجودة أبداً بالمناسبة فهو على حد تعبيره {أن هذا السجن لا وجود له إلا في خيال أعداء الديمقراطية في المغرب}؛ شخصياً لا أؤمن أبداً بأن رأس الدولة سليم في حين أن الجسم فاسد ورائحته تزكم الأنوف، ولكن بالطبع لا ألوم الرايس فقد وقد وقد.... من يدري
***** *** * *** *****
الجزء الأخير من الكتاب يصف فيه الرايس حياة أشباه البشر الناجين من المعتقل وحياتهم داخل المعتقل الأكبر؛ فالتأهيل لهكذا حياة رفاهية لا يحلم بها حتى سكَّان السجون العادية فما بالكم بتزمامارت، يكفيهم شرف أنهم خرجوا أحياء "بعفو ملكي" الذي أحب أن أسميه "تلميع للملك" فهو الهواية التي يمارسها الملوك في أوقات فراغهم التي يصدف ويا محاسن الصدف أن تكون في المناسبات الرسمية من أعياد دينية أو وطنية فهذه التواريخ هي مناسبات مهمة يعوِّل عليها السجناء كثيراً .. ولقد أنكوى التزمامارتيين كثيراً بنار الإحباط قبل أن يتذكرهم الملك أخيراً وبعد أن فقدوا الأمل منه
يقول الرايس بعد الإفراج عنه من السجن المركزي المحطة الأخيرة (بعد 18 سنة في تزمامارت وشهر من مرحلة التسمين والعلاج المكثف ليسترد بعضاً من مظهره الآدمي كمحاولة للتخفيف من الجريمة) التي قضى فيه أكثر من سنة بانتظار "تلميع ملكي" آخر بحكم أنه محكوم عليه بالمؤبد، يقول: [عندما أفكر في السجناء المرضى، الحمقى الذين تركتهم ورائي في السجن المركزي وأشاهد على الشاشة المذابح التي يرتكبها الأقوياء ضد الضعفاء في البوسنة والهرسك وأرى المأساة الفلسطينية والمآسي والحروب الأهلية والدينية والإيديولوجية أقول إن العالم أضحى تازمامارت كبيرة دون أن يدرك ذلك!]
صدقت والله... لا تأمن لأحد، حتى لنفسك فبداخلك شخص آخر ينتظر اللحظة التي يكشِّر فيها عن أنيابه.... تبقى إرادة البشر هي القشة التي أتعلق بها هذه الأيام وحكاية تزمامارت بكامل فصولها وإن كانت تفرد أغلب صفحاتها لوصف تلك اللاإنسانية اللامعقولة لا أنكر أنها اشتملت على ضوء خافت متمثل في إرادة البشر التي يغذيها الأمل، الأمل بالحرية يوماً ماً. فسبحان الله فبمقدار ما كانت هذه المأساة صادمة بمقدار ما أبهرتني إرادة من خرج حيّا من هكذا جحيم
ثلاثون شخصاً لقوا حذفهم داخل السجن، شخص واحد انتحر من بينهم أما الباقي فقد اجتمعت فيهم أصناف من الأمراض أودت بحياتهم، ولم يسلم الكثيرين منهم من الجنون قبل موتهم ولكن يبقى السجين"لغلو" أكثرهم بؤساً شتى صنوف الأمراض نهشت جسده كباقي زملائه ولكن الأنكى من ذلك أن جسمه أصابه الشلل و نام على جانبه الأيسر 11 عاماً (لن أستمر قصة هذا الرجل تدمي القلب) أسأل الله لهم الرحمة
___________________ مابين {...} سمعته في فيديو في مكان ما لا أذكر أين بالتحديد ما بين [...] مقتبس من الكتاب كتاب عزيز بينبين تازماموت ...في انتظار أن أحصل عليه بفارغ الصبر
تحذير: هذا الكتاب ليسَ مُطعَّماً ضدَّ الوجع والحُزن والكآبة, ولا يضمنُ لكـ أي راحةٍ تـذكر! تجتاحك الهمجيَّة والعبثية وصُنوف العذاب النَّفسي، وتبقى تأوهات السُجناء تحيلُ حياتكـ إلى عذاب.
إنقلاب الصخيرات من أفشل وأتعس الإنقلابات في التَّاريخ العسكري, ضدَّ ملكٍ بسبعة أرواح! عندما أخذتُ منْ على الرفِّ " تلك العتمة الباهرة", لم أدركـ حينها أنَّني لا شعورياً سأكمل الحكاية المشوَّهة الأبعاد, بشهادات أحمد المرزوقي في قناة "الجزيرة"، وبمذكرات محمد الرايس الآن.
تزمامارت المُعتقل الوحشيِّ الذي بُني لهدم قيم الإنسان, و إحلال الخزي والعار والألم بدلاً منها, هناك لا تُنشد سوى الإحباط واليأس, وقوتك اليومي هو الذلٌ والمهانة وصدى سُخريات السجَّان, هاجس الحرية يتلاشى مع الزمن, والاستسلام فقط للمصير المجهول !
في زنزانات تزمامارت أحلامٌ توؤد،وأعمارٌ تُنهب, وعقارب ساعةٍ قاسية القلب, هناك تدركـ آلام الجوع, وشكوى المرض, وكيف يخرج المعذبون من قبورهم, عليك أنْ تنسى ربيع العشّاق وخريف المحبين, فإماَّ بردٌ قارس وإمَّا صيفٌ قائض, تفننُ في الظلم إلى درجاتٍ لا معقولة .!
الكتابة فعل جرئ وهذا ماقام به "الرايس" في مذكراته, كتاب يجعلك تعيد النظر في كثير من قناعاتكـ, عندما تنعدم الرَّحمةُ والإنسانية منْ قلوب ال��شر .. ينشأ في أوطاننا مكانٌ كـ تزمامارت
لا يمكنك أن تقيم هذا الكتاب لإنه شهادة مروية على لسان أحد سجناء السجن الرهيب تازمامارت دخله محمد الرايس شابا وخرج منه كهلا كان من ضمن الضباط المشاركين في إنقلاب الصخيرات والذي قام به الجنرال محمد إعبابو وورط فيه منتسبي المدرسة العسكرية التي يترأسها والذين يدينون له بالطاعة العمياء فانساقوا له دون تفكير كما دربتهم عليه المدرسة والتربية العسكرية ودفعوا ثمن ذلك كثيرا كثيرا جدا
هذاالكتاب يدمي القلب ففي الوقت الذي كنت فيه يوما ما مشغولا بمتابعة مباراة وسط أطفالك تعيش حياتك الإعتيادية وتذهب لعملك كان سجناء تازمامارت يعيشون في زنزانات أشبه بالقبور محرومين من النظافة والأكل والشمس ومن الحياة
هذه الشهادة أوحت للطاهر بن جلون روايته عن ذلك السجن الذي سوي بالأرض بعد أن وصلت أخباره إلى المنظمات الحقوقية والإنسانية
لو كانت هناك نجوم أخرى غير هذه الخمسة لأضفتها إليه . في كل مرة أقرأ جزاً من الكتاب وأغلقه أجد نفسي كأني خرجت من عالمٍ إلى أخرى . جميع المصطلحات التي قد تجدها في ذهنك لتترجم بها حالة عصيبة وفيها من البؤس والشقاء والضعف والهوان.... ما فيها ستجدها متجلية لك في هذا الكتاب . كتاب في الحقيقة إنفعلت معه سحقني بكل المقياس جعلني عالةً على نفسي أقاوم كي لا أسقط أكفف مدامعي مرات ومرات، أهديته لصديق كي يقرأه هو الأخر وأنا مشفق عليه . أسأل الله العظيم أن لا يتعرض بلادي الحبيب -المغرب- إلى مثل هذه التجاوزات في حقّ الإنسانية مرة آخرى وأن تكون هذه المرة عظة وموعظة له عن العزوف عن مثل هذه الأعمال الشنيعة في حق المواطنين .
قبل قراءتي لكتاب محمد الرايس كنت أتساءل عن ما يمكنه أن يضيفه لي بعد قراءتي لكتاب أحمد المرزوقي ومشاهدتي الشهادتين المصورتين لأحمد المرزوقي وحشاد في قناة الجزيرة ولكن خاب ظني وتلاشت تساؤلاتي ! فعلى الرغم من اجتماع الرايس والمرزوقي وحشاد في نفس المعتقل الرهيب تزمامارت وبنفس المبنى أيضاً- لتزمامارت مبنيين اثنين- إلا أن لكل منهما قصته الخاصة رغم تجاور الزنازين وتشابه الأحداث ! بدت لي كتابة الرايس تحوي تفاصيلاً لم يوردها المرزوقي في كتابه أو مر عليها مرور الكرام بحكم ظهور كتاب الرايس للنور أولا وتوسعه في سردها والإشارة إليها
بعد عام تقريبا من قرائتي لكتاب المرزوقي "تازمامارت الزنزانة 10" ها أنا أغوص مجددا في هاد المعتقل المليء بالحزن و الكآبة و الألام. كتاب الرايس مختلف شيئا ما عن كتاب المرزوقي بحيث أنه أقل تنظيما و أكثر حرية (تحدث الرايس عن المواضيع "الحشومة" كالاستمناء و العلاقات الجنسية) و أكثر صراحة (اعترف الرايس بقتله لشخص ما بأمر من اعبابو)، لكنه يبقى بنفس الجودة في سرد الأحداث و إيصال أحاسيس المعتقلين.
صدمت عندما علمت بأنه يجب على الرايس قضاء 10 سنين أخرى في سجن القنيطرة بعد قضاء 20 سنة في جحيم تازمامارت. أي قانون هذا؟
لم يرق لي دفاعه عن جهل الحسن الثاني بوجود المعتقل. يذكرني هذا بالمقولة المغربية الشهيرة "الملك زوين (جيد)، لي دايرين بيه لي خايبين (حاشيته السيئة). الملك جزء لا يتجزء من النظام السياسي.
مع ذلك هذا الكتاب جد رائع. صدمت ببشاعة الأوضاع تارة و بسخافة الأحداث تارة أخرى. كتاب الرايس مزيج متقون بين الفكاهة و الحزن.
في السطور الأخيرة من الكتاب تمنى الرايس عدم وجود تازمامارت أخرى في المستقبل. أشاركه أمنيته و أتمنى أن يصير المغرب "دولة الحق و القانون" كما يقولون.
"في تازمامارت لم يكن الموت هو ما يرعبنا , بل المعاناه غير المجديه التي تمزق أعماقنا , ما جدوى المعاناه إذا كان الموت حتميا !!؟
ماجدوى المعاناه اذا كان الموت حتميا !! سأحتاج لفتره قبل رجوعي من هذا الجحيم قبل رجوعي إلى نفسي , لقد كنت مسجونا بالفعل معهم طوال فترة قرائتي ! أعتقد ضروري عمل مؤشر للألم وتسميته مؤشر تازمامارت للألم , لأني لم اقرأ ماهو أقسى وأشد ألما!! كيف للبشر أن يصل لهذه الدرجه من الإنحطاط والقسوه !
تبدأ الرحله , بإنقلاب فاشل بتديير من اعبابو , تورط فيه كل من كان معه , بقصد او دون قصد ! من ضباط وتلاميذ وحتى بعض القاده ! لتبدأ بعد ذلك عشرون عاما من التعذيب النفسي والجسدي, تازمامارت , هذا القبر الذي دخله الرايس شابا فتيا , ليخرج منه كهلا مثقلا بالأمراض والتشوهات النفسيه قبل الجسديه , ليخرج وقد ضاع عمره , ليخرج واذ بأولاده وقد تركهم اطفالا , صاروا شبابا , ليخرج وقد انفصل عن المجتمع وعن نفسه , ليخرج وقد فقد ماضيه وحاضره ومستقبله !!
عندما أفكر في السجناء المرضى , الحمقى الذين تركتهم ورائي في السجن وأشاهد على الشاشه المذابح التي يرتكبها الأقوياء ضد الضعفاء في البوسنه والهرسك وارى المأساه الفلسطينيه والمآسي والحروب الأهليه والدينيه والأيدلوجيه , أقول إن العالم أضحى تازمامارت كبيره دون أن يدري ذلك !
بدون مبالغه , أقر أني لا أبكي بسهوله , ولكن دموعي خانتني مرتين في هذه الرحله ! مره من شدة الألم , ومره من لحظة اللقاء بزوجته ! في حالة الإفراج عني سأقضي حياتي غريبا فوق هذه الأرض سأعيش في وسط آخر , لأنني نسيت كل شئ بعد 18 سنه وشهرين من العزله وعلى أن ابدأ من الصفر والتعلم من جديد للإندماج في مجتمع كان مجتمعي , والمأساه في تازمامارت التى تضاف الى التعذيب النفسي والجسدي هي الجهل , لان من لا يتقدم يتراجع , في كل سجون المملكه يتعلم السجناء ويتدربون على المهن , أما في تازمامارت فيلقون بك في غياهب الظلمه إلى أن تصبح بدائيا !!
لا تنتظر تعذيبا جسديا مألوفا كما نشاهده ف الأفلام او نسمع عنه في المعتقلات , التعذيب هنا في أن تُقبَر حيا , أن تُمنع عنك وسائل الآدميه لمده عشرين سنه بدون شمس او هواء نقي او طعام يكفيك للبقاء حيا ,ان تعيش ضيفا على الحشرات والعقارب والثعابين , ان تعتاد رائحة الوسخ!! , أن تعيش تنتظر الموت وتفرح لملاقاته , أن ترى زملائك يتساقطوت موتى واحدا تلو الآخر وانت مازلت تنتظر !!
مرت ثلاث سنوات على مغادرتنا للمعتقل الملعون , ومازال للأسف حاضرا في ذاكرتنا وأرواحنا ولغتنا. سجن الموت هذا يتراءى لنا دوما , في الكوابيس ونشم رائحته التي التصقت بجلدنا مثل الجذام , الآثار ظلت موجوده دائما والندوب حفرت مكانها !!
لا أدري إن استعطعت ف الوقت القريب العوده لحياتي اليوميه العاديه , سأحتاج للترميم كما تحتاج يا رايس !!
هذا الكتاب توثيق آخر لفظاعات تزمامارات و قبوره .. يحكي محمد الرايس قصة الانقلاب و دوره فيه .. يتكلم عن العقاب لكل مخطئ و لكن ليس أن يدفن حيا في قبر مثل تزمامارات.. يضع الرايس الكثير من اللوم في قصة انقلاب الصخيرات و حادثة الطائرة الملكية على الجنرال أوفقير و الجنرال المذبوح .. يصور الأمر و كأنه مع رفاقه مجرد منفذين .. ثم يلوم سجانيه حين يتصرفون بنفس الطريقة و يعتبرون بأنهم ينفذون الأوامر .. يجد الرايس نفسه في انقلاب الصخيرات أما قاتل أو مقتول و هو اختيار صعب بلاشك .. و يعيش الرايس و رفاقه عذابات تزمامارات لنحو 18 سنة بعد أن كان أصلا محكوما بالإعدام ! و من أصعب المواقف حين يتم اقتياده من المصحة في اهرمومو إلى سجن القنيطرة بدلا من إطلاق سراحه بحجج و أعذار واهية .. يحكي الرايس معاناة سجناء تزمامارات بعد إطلاق سراحهم و كيف تأثرت عائلاتهم بما حدث .. توثيق جيد لما حدث و يعيبه استخدام اللهجة المغربية في بعض الحوارات ..
يا الله توقفت هل اقرأه ؟ أأعيد تلك التجربة المريرة مرة أخرى ؟ وأخيرا فلتكن هى القراءة الأخيرة عن معتقل الموت اول قراءة ليا عن تزمامارت كانت فى 2012 من خلال مذكرات احمد المرزوقى تزمامارت الزنزانة رقم 10 وبعدين تللك العتمة الباهرة للطاهر بن جلون وبعد��ن شاهدة المرزوقى على قناة الجزيرة حقيقى حقيقى لعنة الله على كل الانقلابات العسكرية فى كل زمان ومكان لعنة الله على الحاكم الظالم فى كل زمان ومكان الرايس حكى عن انقلاب الصخيرات اللى هو أحد ضحاياه ،عن النظام العسكرى الفاشل ، عن السجن اللى اتمرمغت فيه الانسانية بالتراب تزممارت هتفضل دايما من اكبر الجرائم فى تاريخ البشرية جريمة لا تسقط بالتقادم لاء الحقيقة كتر الف خير جلالته انه بيمنحهم حق الحياة اللى هو ميملكهاش اصلا انا متقبلتش اطلاقا كلام الرايس عن الملك الحسن التانى بهذا الكم من الادب وتبريئه وكأن مش هو المسئول الاول عن مأساة تزماما��ت بصفته الخاكم يا ترى فى بلادنا فى كم تزمامارت منعرفش عنه ، ولان السجين دايما اقوى من السجان فمهما حاول السجات يخفى جريمته ربنا قادر انه يفضحه فى الاخر
لم تسعفني الكلمات لتقديم تلخيص لهذه المذكرات المليئة بالعذاب الذي مارسه الإنسان ضد أخيه الإنسان في غياب تام للقانون مع حضور التلذذ بتعذيب الآخر،هي شهادة عرفت بفترة تاريخية مظلمة في مغرب القرن العشرين .....
تحملُ روحي غضبًا وأسفًا في آنٍ واحد، جزءٌ منّي عالقٌ في هذه القضية وكأني عشتها ذاتيا.. حيونة الإنسان هنا تقف عاجزة، أن يتجرد الإنسان من إنسانيته بهذه الصورة؟ هذه المرحلة أكبر.. يمكن تلخيصها بأن ماحدث كان تحت تأثير تحوّل الإنسان إلى شيطان، لم أتجاوز هذه القضية حتى الآن.
كتاب تتضارب فيه الأحاسيس، فيجد القارئ لذة في المتابعة، هل هي الجزأ السادي في الروح البشرية؟ لا أعلم صراحة. بعد قرائتي الأولى للكتاب لا يحق لي إبداء رأيي و الإنحياز لجهة معينة، فكلما تابعت القراءة لم أعد أعلم من الخطأ ومن على صواب، هل ألوم العسكر الذي قتل العشرات من الأبرياء في إنقلاب الصخيرات ومحاولة إغتيال الملك؟ هل ألوم حراس تزممارت على قيامهم بمهامهم و تطبيق تعليمات رؤسائهم؟ هل ألوم جهاز الدولة؟ فكلما وضعت نفسي مكان صنف معين مما سبق، أجد الخطأ صواب و الصواب خطأ، فإذا تخيلت نفسي يتيم الأبوين أو أحدهما الذي قتل بوحشية في قصر الصخيرات كما جاء في المذكرات وخصوصا تلك الفقرة التي لن ترحل عن ذاكرتي و التي يقول فيها "الرايس" بأن عشب حديقة القصر أصبحت مسبح دم، هل إذا كنت ممن ضاع له قريب هناك بدون وجه حق ستسامح الفاعل أم أنك ستتمنى له أكثر من ذلك؟ هل إذا كنت ملك بلاد و دخل بيتك حفنة من العساكر، بدؤوا بالقتل وسفك الدماء و البحت عنك لتصفيتك ستسامحهم وتعفوا عنهم تحت لواء حقوق الإنسان؟ كانت هناك كلمة يؤمن بها رواد الفكر المناقد كما جاء في الكتاب وهي :"لقد قامرتم فخسرتم" بمعنى أنه كانت لكم الشجاعة للقيام بالإنقلاب وقتل الأرواح بدون محاكمة وموجب حق، وبما أنه لم ينجح ستلقون الآن عواقبه... عند تفكيري بهذه الطريقة تعود إلى العاطفة البشرية بأن هناك من عذبوا وهم أبرياء، لاكن جوابي دائما يكون بأن لكل حرب لها ضحايا. ما لم أحبه لجهاز الدولة، هو الطريقة الوحشة في التعامل معهم بعد إنتهاء عقوبتهم والتأثير على عائلاتهم و التنكيل بهم، لأنهم أبرياء ليس لهم أي دخل بما قام به أبائهم، وإذا كان من يطلب التعويض من الدولة فبكل حق أقول هؤلاء العائلات. و الجدير بالذكر هنا و الغريب أيضا في نفس الوقت هو تدخل أمريكا وفرنسا للدفاع عنهم، صراحة لم أفهم المغزى والبعد السياسي لذلك، أليست هي أمريكا نفسها التي تعذب الناس في معتقلات "غوانتناموا" و أليست هي فرنسا التي قتلت وذبحت الآلاف من المغاربة والجزائرين والتونسيين عن إحتلالها لأراضيهم، أليست هي من تفتخر بذلك بل الأكثر سادية هي وضعها لطوابع بريدية تحمل صورة عساكر فرنسين قطعوا رؤوس أبرياء ووضعوها أمامهم كرمز للقوة والإفتخار..
<«إذا كتب الله لك النجاة، من هذا الجحيم، قل لهم بأني بريء، قل للأشخاص الذين كان بوسعهم إنقاذنا ولم يفعلوا بأنني لن أغفر لهم ذلك أبداً.»
سجن تازممارت، ذلك السجن المغربي الذي راجت عنه الأساطير والخرافات، المكان الذي اكتسب سمعة مرعبة لكن الحقيقة والواقع كان أشد رعبا. ذلك أن ما أكسب المكان هذه السمعة ليس جن سليمان وليست الشياطين، بل شياطين الإنس الذي انحدروا لحضيض ما بعده حضيض، نازعين عنهم كل صفة إنسانية بل انحدروا لأسفل بكثير من الغريزة الحيوانية الوحشية. تازممارت شهادة حية عن الطغيان والظلم واختبار حقيقي لمدى انحطاط الإنسان.
في سنة 1971 وقعت محاولة انقلاب الصخيرات الفاشلة على الملك الحسن الثاني بقيادة الكولونيل امحمد اعبابو. لم يكن الجنود المشاركين في العملية، طلبة مدرسة أهرمومو العسكرية، يعرفون بأنه انقلاب ذلك بأن اعبابو استغلهم عن طريق نقطة الطاعة العسكرية العمياء لصالحه. وقعت المحاكمة وتم إرسال العديد من الجنود منهم إلى السجن، منهم من أرسل سجنا إلى سجن تازممارت السري ليتم قبرهم هناك. غير أن محمد الرايس، الذي كان من المشاركين في العملية والمحكوم عليه بالمؤبد، يرفض أن يتم إقباره وإقبار رفاقه، ويكتب في هذا الكتاب كشاهد عيان على الأحداث التي عاينها، والتجربة السجنية المريرة، المليئة بالرعب والظلم والتوحش، التي تميّز بها المخزن (أي الحكومة) المغربي منذ الأزل في القمع والاستبداد. شهادة محمد الرايس هي شهادة مُثقلة بالآلام والمآسي، كتبها ليزيل عنه حمل الذاكرة المؤلم، مداويا بها بعض جراحه، وتكريما لرفاقه الأبرياء في المأساة سواء الذين ماتوا في السجن بطريقة مرعبة، أو الذين نجوا لكنهم أُجبروا على الصمت. هي شهادة مؤثرة جداً، عن العاقبة الوخيمة للطاعة العمياء المطلقة وعيوب النظام العسكري، عن الظلم والمحسوبية.
بعيداً عن الترجمة التي عليها مآخذ كثيرة، التي رغم سوءها، استطاعَ الألمُ العظيمُ والقسوة الرهيبة واللؤم اللامتناهي أن يغوصوا في أعماقي.
أزعمُ أنه أفضل ما كُتِبَ عن تزممارت من جهة وصف الأحداث والوقائع. لغته ليست بالباذخة الفخمة، وليست بالبليغة، لكنها إنسانيَّةٌ، بكل ما تحمله هذه الكلمة -المُبتَذَلَةُ- من معنًى، وهذا هو المهمُّ في الحكاية عن السجون. ما لي وللصور والتشبيهات والتحسينات! يكفي أن تصفَ الواقعَ كما هو، فهو بائسٌ ولئيمٌ وبشعٌ بما يُغني عن كل تشدُّقٍ وتشققٍ وتفيهقٍ؛ كطريقة أيمن العتوم المُتكلِّفة.
تباً للطواغيت. تلكَ خلاصة الكتاب، وخلاصة كل كتاب يُصنَّف ضمن ما يُسمَّى: أدب السجون.. تسميةٌ أخرى بائسة، وضعناها لنواري لهوَنا بعذابات الآخَرين، ونُربِّتُ على ضمائرنا أنَّا متعاطفون بمرورنا على أحرف آلامهم.
استوقفني في مذكرات الرايس مشهدان: الأول: وصفُه للعساكر بـ”شدة إيمانهم وتديّنهم، وتربيتهم في الكُتَّاب” وبعضهم “يؤدي الصلوات الخمس، طلباً للمغفرة، ويقوم بنفس الوقت بتعذيب بني البشر طمعاً في تقدير المدير” أتذكَّرُ قول أبي البراء للعساكر/السجَّانين الموريتانيين، الذين يحفظون القرآن والمتون المشهورة جميعها في فنونٍ شتّى، ويناقشونَ الإخوةَ في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ، وعِلمُ بعضهم لا يُنكَر، وكانوا -بنفس الوقت- أشدَّ العساكر لنا عداوةً، يريدون بذلكَ -غير الأجر كما يرجون- التأكيد على أنهم على الحق وأنَّا على الباطل أمام رؤساءهم الجهلة، وتبيين أنهم يخالفونا ولا يتعاطفونَ معنا لأجل اللحى المَرخيَّة والأثواب القصيرة. وكلما عوقبنا كان لهم اليد الطولى في العقاب ابتداءً من الكذب وانتهاءً بـ«الحفرة» التي يُنسى بها الأخ مدداً طويلة، فكان دائماً يقول لهم: “أنتم تُحمَى جهنم فيكم، وبعدها يدخلوا عليها الكفَّار” كان الجناح/العنبر من وراء أبي البراء ينفجر ضاحكاً. كانت الخالة عزيزة -وهي أُمٌّ وأختٌ وعمّةٌ وخالةٌ لأسرى في الحاير- لَمَّا تذهب للزيارة فترى العساكر يصلون تقول: “يا حْلِيلْهُم يِتْرَيَّضون” تريد أنْ لا حظَّ لهم في صلاة.
الثاني (وقدَ وردَ مفصّلاً في تزممارت: الزنزانة رقم 10): وقوع طير صغيرٍ لا ريشَ له، فوق سطح سجنهم، فأخذه المرزوقي وسمَّاهُ تفاؤلاً «فرج»! هذه القصة بحذافيرها حصلَت معنا، وسمَّاه أبو الزبير -يومها- تفاؤلاً «فرج»! أعلم علم اليقين أنَّ أبا الزبير لم يقرأ عن تزممارت بل يغلبُ على الظنِّ أنه لم يسمع عنه. أُخِذْتُ بهذه الصورة الواحدة في أبو ظبي، الوثبة شرقاً والراشديَّة، تزممارت غرباً. هذه الوحدةُ الشعوريّة غير المصطنعة، تُنبئكَ عن ظلم الطاغوت، تُنبئكَ عن «بيوت الطواغيت» التي تشابهَ ظُلمها وظُلمهم وكُفرها وكُفرهم، تُنبئك عن تقصيرٍ يشمَلُ الأُمَّة، التي نسَت فلسطينَ الآن بعد خفوت الترند ونزول الهاشتاغ، كما نسَت الأسرى الذين قدّموا سِنِيَّ عمرهم وبعضهم قدَّم عقله وآخَرون حياتهم منذ لدُن مروان حديد وعبد السلام فرج.. وسيُقدِّمون حتى تضعَ الحرب أوزارها؛ هم قَدَر الله في الأرض .. جَعَلَنَا الله منهم. ��ولا ((لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، ولا مَن خالَفَهُمْ)) لَمُتْنَا عليهم كمداً. لا نضرّكم بخذلاننا ولا بمخالفتنا، فلا يلتفت منكم أحدٌ، إن موعدَهم الصُبْح.
آهٍ، يا طواغيت، كم بيننا وبينكم من آلام! اللهمَّ اجعل لنا نصيباً في عذابٍ تكتبه عليهم بأيدينا. لا تحرمنا اللهمّ ذاكَ الشفاءَ .. وذاك الأجرَ يا بَرُّ يا رحيم.
في هذا الكتاب يروي محمد الرايس والذي كان ضابط في مدرسة أهرمومو العسكرية تحت إمرة مدير المدرسة امحمد عبابو الذي خطط لانقلاب الصخيرات بالشراكة مع الجنرال محمد المذبوح.
لطبيعة موقع الرايس استطاع أن يقص سرداً مفصلاً للأحداث بدءاً من ظروف ما قبل الانقلاب مروراً بالانقلاب نفسه وانتهاءً بجحيم تازمامارت.
الأحداث المرعبة والظروف اللاإنسانية في تازمامارت التي يقصها الرايس لا تخطر على قلب الشيطان نفسه، يروي الرايس تفاصيل اختطافهم بعد المحاكمات ونقلهم من القنيطرة إلى جحيم سري في صحراء جنوب شرق المغرب، يروي الكاتب انتهاكات حقوق الإنسان والقتل البطيء التي كانوا يتعرضون له كما يروي موت العديد من المعتقلين داخل الزنازين (أو القبور كما يسميها) رغم انقضاء محكوميتهم من سنين عدة.
شهادات مقززة، انعدام رحمة ، انعدام قانون، موت ببطء وبأبشع الطرق دون تقديم أدنى رعاية، لك أن تتخيل كم نفس تحطمت بين جنبات مبنيي تازمامارت.
الكتاب حوى مواضع من حوارات باللهجة المغربية الدارجة التي قد يصعب فهمها، لكن مع ذلك لا شك أن كل المشاعر والآلام ستصل وجدان القارئ.
لكن لفتني أن كل من الريس والمرزوقي لم يأتوا على ذكر أحدهم الآخر بالتفصيل في كتبهم ولكن بعد قرائتي لكتاب المرزوقي اتضح لي السبب. إن من أشار إليه المرزوقي في كتابه أنه حرمهم من الدواء بعد تهديده للحارس جيف بفضح أمره مع حشاد ما كان سوى محمد الرايس. ومن أشار إليه الرايس بهذا الكتاب بالسجين (حاء) الذي كان يحتكر الأدوية هو صالح حشاد. الرايس كان يضغط على حشاد للحصول على أدوية ومكملات أكثر بتهديده بفضح مساعدة جيف له وبقية السجناء وهو ما فعله، لقد عجلت فعلة الرايس بموت موحا ولم يثنيه صراع موحا مع الموت عن فعله، إنه سلوك أناني ومتهور وانتهازي. ولأكون صادقاً كنت أصاب بامتعاض عندما كان يذكر الرايس الحسن الثاني بلغة فيها نوع من التملق ولكن لن أحكم على شخص قضى ١٨ سنة في الجحيم.
السلام عليكم premièrement j'ai lu ce livre en français il y a de cela une dizaine d'années , je n'arrive pas à me remémorer les faits . Mais je sais qu'au début c'était un choc pour moi ; j'ai toujours su que la période Hassan II n'a jamais été rose , mais de là à imaginer ce genre de cruauté !! c'est le premier livre que j'ai lu entièrement depuis très longtemps .
à lire!
لقد قرأت هذا الكتاب منذ عشر سنوات أو أكثر ،شكل لي صدمة حينها لأنني لم أتوقع أن يصل الطغيان إلى هذا الحد ، أول كتاب أنهي قرائتها منذ فترة بعيدة، أنصح بقرائته للمغيبين ! وللآخرين طبعا قرأته بالفرنسية
أجاد محمد الرايس رحمه الله الوصف كما أجاده غيره من إخوته الذين كتبوا مذكراتهم بعد الاعتقال، لكنه أراني جانبًا آخر، صورة أخرى، ووجهة نظر مختلفة عما طرح حشاد في مذكراته ولقائه في شاهد على العصر، الله أعلم بالحال التي كانوا عليها.. لكن كنت دائمًا أفتقر لسماع الأطراف الأخرى التي كانت في الصراع الداخلي في السجن.. الرايس تكلم بطريقة أكثر وضوحا من صاحبيه حشاد واحمد المرزوقي، وأوصل لنا الحالة الإيمانية وتفاصيل مايشعر به اغلب من كان معه تجاه دينه ومعتقده.. الرايس.. أخذ مأخذه في دقة وصف الألم الناجم عن الإفراج مع صعوبة الحياة مع المجتمع، وأسرته.. رحم الله الجميع،
كتاب صادم جدا وقوي في تعبيره، هو من تأليف الضابط السابق أحمد الرايس، يحكي فيه بادق التفاصيل عن انقلاب الصخيرات سنة 1971.
يحكي الكاتب في هذا مستهل هذا الكتاب عن بداية حياته ومسيرته العسكرية وانضمامه لمدرسة أهرمومو. تحدث أيضا عن الجنرال امحمد اععابو، احد قادة الانقلاب. خلال الكتاب وصف بالتفصيل الممل كل أحداث الإنقلاب الاستعداد لما سمي بمناورة ابن سليمان، تغير الخطة وحصار القصر، اعطاء الامر التلاميذ باطلاق النار على كل متحرك او راغب في الفرار، مقتل شخصيات هامة في البلاد وأخرى لا دنب لها سفك دمها عبثا، مقتل عدة قادة عسكريين وامنيين وجنرالات بمن فيهم الرأس المدبر للانقلاب الجنرال المذبوح، الفشل في العثور على الملك الراحل لتصفيته، الانتقال الى الرباط العاصمة واحتلال مقر الاذاعة ومقر القوات المسلحة الملكية وغيرها، مقتل امحمد اعلابو وحصول الكارثة، الاعتقالات ومقتل ١١١ من العسكريين. (تفاديت الاسهاب في الوصف تجنبا للاطالة). تم اعدام 10 ضباط وجنرالات متورطين ومنهم البريء بشكل مباشر ودون قانون. قضت المحكمة بعدة احكام متفاوتة من ثلاث سنوات و ٥ و٢٠ و المؤبد والإعدام. وزع المحكومون عليكم على السجون خاصة سجن القنيطرة. كان الكاتب ممن حكم عليهم بالموت في البداية، لولا تدخل زوجته التي طلبت العفو من كل المؤسيات والإدارات، بل ومن العائلة الملكية والملك شخصيا لتحضى بالتخفيف الى المؤبد. ومثلما ذكرت في تلخيصي لكتاب الزنزانة ١٠ لاحمد المرزوقي، ثم نقل كذا وخمسين سجينا سرا الى معتقل الموت تزمامارت حديث البناء، كان منشأة بنيت في أقصى الصحراء الشرقية، تتكون من مبنى ادارة ومبنيي احتجاز، الحراسة مشددة جدا، المكان فلات، والزنازن لا تتوفر الى على مصطلة من اسمنت وثقب هو المرحاض وصحن وكوب بلاستيك سطل ماء، فقط. في هذا الجحيم يحرم السجين من كل الحقوق، لا نور لا هواء صالح لا طعام ولو مقبول، ممنوع العلاج ممنوع اي وسيلة ترفيه او تزجية الوقت، يغرق السجناء في الظلام الدامس ويأكلون الطعام العفن أقل من حاجتهم بمراحل حتى يصبحوا هياكل عظمية من الهزال فيستحيل عليهم الهروب. عانوا لعقدين من الزمن من البرد القارص في الشتاء ولم تكن أسمالهم البالية ولا بطانيتين مهترئتين عفنتين من حمايتهم من صطوته، الحرارة خانقة في الصيف، حيث يصبح المكان بسبب موقعه وسقفه المصنوع من القصدير اشبه بفرن الطبخ، تنتشر الامراض الرئوية بسبب البالوعة المفتوحة وسوء تدبير الصرف الصحية وفيضانات مياهه، امراض المعدة والجهاز الهضمي حدث ولا حرج. هجمات الحشرات بكل انواعها وكذا القوارض والأفاعي ويمنع على السجناء التوفر على اي وسيلة لقتلها او حتى التعليم على وجودها. قضى ثلاثون سجينا نحبهم بين منتحر ومجنون وجائع أكلت أحشاؤه نفسها حتى استنفذ، امراض الرئة والنزيف...الخ. بعد خضرع الدولة لعدة ضغوطات داخلية وخارجية اضطرت لتصفية القضية ولم تجد حلا الا الافراج على السجناء بعد تعليفهم وطبيبهم وتاهيلهم. شرطوا عليهم السكوت ونسيان الماضي ببساطة. لم تنتهي محنة المؤلف مثلما الحال مع احمد المرزوقي وبقية السجناء. بل تم اقتياده الى سجن القنيطرة ليتم ١٠ سنوات اخرى، لم يغفر له المخزن مساهمته وعائلته في كشف سر تزمامارت للمغاربة والعالم. وبعد عدة ضغوطات فاز مرة اخرى بالعفو الملكي. ثم اطلاق صراحه بعد ان قضى ازيد من سنة اخرى في سجن القنيطرة وضل المخزن يراقبه. هناك عدة تفاصييل اخرى لا تقل اهمية في هذا الكتاب تغاضيت عنها تجنبا للإطالة. كتاب رائع جدا وصادم يستحق القراءة، أنصح به.
من فترة كان صديق مغربي رشحلي الكتاب ده بما اني بحب أدبيات السجون وكده الكتاب بيبدأ بسرد أحداث الانقلاب اللي قام بيه قائد المدرسه العسكريه بأهرمومو علي الملك الحسن التاني وكاد أن ينجح وتم مقتل الكولونيل محمد اعبابو قائد الانقلاب أثناء الأحداث وتم محاكمة الطلبة الضباط اللي شاركوا في الانقلاب اللي ادي لوفاة بعض المدنيين والعسكريين... معظم الطلبة الضباط مكانوش يعرفوا بأمر الانقلاب ده والاوامر الصادره ليهم كانت مناورة عسكريه تم تحريفها لقمع بعض المشاغبين والثائرين علي جلالة الملك.. تم الحكم علي بعضهم أحكام مخففه ٣ سنوات وبعضهم من ١٠ سنوات ومؤبد وتم إعدام ١١ شخصاً وتم إيداع الجميع في معتقل تزمامارت المخيف وجميعهم لم يخرجوا الا بعد ١٩ سنه من الجحيم ممن نجا منهم لأن النصف تقريباً توفي من ظروف المعتقل... الانقلاب الثاني كان سنة ١٩٧٢ قام به قائد سلاح الطيران وبعض الطيراين وحوكموا واودعوا معتقل تزمامارت أيضا في نفس ظروف الجحيم تلك. النصف الثاني من الكتاب بيتكلم عن ظروف السجن المرعبة تخيل انك تقعد ١٩ سنه متشوفش الشمس ولا النور حتي عايش ظلام في ظلام، لن أحدثكم عن ظروف السجن هنا لأنها أقسي من أن تروي ولكن من خرج منه خرج فضلات انسان وليس انسان.... تم الإفراج عنهم بعفو ملكي بعد أن مات نصفهم بعد لما منظمات حقوق الإنسان حول العالم عرفت بأمر السجن دا وتم فضح الحكومه المغربيه وتجريسها علنيا قدام العالم كله وتم هدم السجن وإزالة اي أثر وانكار وجوده من الأساس. محمد الرايس هو صف ظابط بالمدرسة العسكريه وكان مشاركاً بالانقلاب بدون علمه وتم الحكم عليه بالإعدام وخفف الي مؤبد. كنت قرأت قبل كده رواية تلك العتمة الباهرة الطاهر بن جلون وعرفت مؤخراً انه مستوحي الرواية من الكتاب ده. الكتاب رائع جداً وبرشحه لأي حد مش شرط يكون مهتم بالسياسه والتاريخ
” قررت اليوم،بعد تفكير طويل أن أكتب هذه الشهادات الحقيقية” بهذه العبارة يبدأ محمد الرايس الذي كان ضمن الإنقلابيين في حادثة الصخيرات قبل أن يصبح من الأشباح الحية لمعتقل تازمامارت، وهو يبدأ في الواقع من قبل هذه العبارة،أي منذ السبيعنات باعتباره أحد الشهود الأحياء على ما فعله طلبة مدرسة أهرمومو (رباط الخير حاليا)،ذات يوم من يوليوز 71 الساخن،إن السيد محمد الرايس يريد حسب ما كتب في مقدمة مذكراته ـ أن يروي الوقائع كما حدثت وكما توالت حوله وأمام عينيه،ولا يريد أن يفتح السجال حول ما قيل وكتب عن هذه الوقائع،وإن الهدف من وراء كل ما كتبه،وربما الهدف من نشره أيضا تسليط الضوء على كل النقط التي ظلت تلفها العتمة إلى يومنا هذا.إن الرايس يتساءل:هل عليّ أن أحكي فعلا كل شئ؟ويجيب :إن عدم فعل ذلك يعني عدم الوفاء بالوعد الذي قطعته على نفسي قبل خروجي،وخيانة ضميري ولا سيما خيانة رفاقي في المعتقل ـ السجن الذين ماتوا في ظروف وحشية بعد أن عانوا بشكل فظيع ومضى على انقضاء عقوبتهم زمن طويل..ويضيف السيد محمد الرايس:إنني أريد أن أتخلص من هذا الكابوس الذي يسكنني والصراخات الحادة لرفاقي الذين جُنوا بفعل العزلة والظلمة.. إن وفاء الرايس لمن عاشوا معه محنة تازمامارت كان وراء قراره في الكتابة ولا شك،لكنه أراد أيضا أن يحرر عقله الباطني والواعي أيضا من أنين المحتضرين العاجزين أمام الموت الحتمي ومن صرخات كل الذين طالبوا بالإنصاف قبل وفاتهم،من أجل العدالة أيضا جاء هذا الكتاب،يقول محمد الرايس:ذلك لأنه في معتقل الموت،لم يتم خرق القوانين فقط،بل إن الإنسانية جمعاء أهينت ومرغت في التراب…
من الصخيرات إلى تازمامارت تذكرة ذهاب و إياب إلى الجحيم تأليف : محمد الرايس ترجمة : عبد الحميد جماهري الطبعة الأولى – 2000 الناشر : منشورات الاتحاد الاشتراكي – الدار البيضاء
في المقدمة ما يشير إلى أن الرجل قد لا يقول كل الحقيقة خوفاً من المحاسبة.
ـ لعله تحت تأثير هذا أنكر أن يكون مشتركاً في الانقلاب من جهة المعرفة به والتخطيط له، لأن إخراجه من السجن أو العفو عنه بُني على هذا أو تأثر به، فكيف يثبت في كتابه ما نفاه في التحقيق معه.
ـ بداية الكتاب ممتعة وإن كانت لغته فيها شيء من الوهن.
ـ رغم ما يقال بأن أيام السجن تتشابه فإني شخصياً أعتقد أنها تتوالى ولا يشبه أحدها الآخر.
ـ كان الجوع يلتهم الجسد، والضجر ينخر الروح.
ـ الكتاب مترجم وليس مؤلفاً ابتداءً بالعربية.
ـ هذا الكتاب تأثرت به كثيراً لأن معاناة الرجل كانت قاسية لا يكاد يماثلها شيء مما قرأته، رحمه الله وجعل ما أصابه تكفيراً عنه إنه سميع مجيب الدعاء.
ـ هذا الكتاب من بين كتب قليلة ترسخ في الذاكرة وتلتصق بالوجدان، ويبقى منها الكثير الكثير لا يندرس ولا ينمحي، رحمك الله يا محمد الرايس، أما متعاطف معك وسأبحث عن الكثير الذي قيل فيك، وما يقلقني أن اسمك يشترك مع كثيرين، لكني رغم ذلك سأبحث بلا كلل ولا ملل فذكرياتك أثارت شجني وحزني وألمي فتعاطفت معها ودعوت لك في ظهر الغيب.
بعد قراءة كتاب ذاكرة الملك الذي يحوي جانبا من سيرة الملك الحسن الثاني دفعني الفضول لمتابعة بعض الشهادات الحية لأناس عاشوا محاولات الإنقلاب و المعتقلات و تأثرت كيف يجد أناس عاديين أنفسهم متورطين في أحداث عظيمة يذهب فيها نصف عمرهم او كله و ليس لهم ذنب إلا أنهم وجدو أنفسهم في المكان اخطأ و التوقيت الخاطأ. انتقلت بعدها لقراءة كتب أخرى ذات صلة ومنها هذا الكتاب الرائع الذي هو عبارة عن شهادة حية لشخص عايش الأحداث و شارك فيها. الكتاب فيه تفاصيل دقيقة لأحداث محاولة انقلاب الصخيرات و الملفت للنظر أن الذين خططوا ونفذوا المحاولة ليست لهم مبادئ ايديولوجية أو فكرية تدفعهم للقيام بما قاموا به بل على عكس ذلك كانت لهم السلطة وبحبوحة العيش. تفاصيل كثيرة في المعتقل و في كثير من الأحيان بالتفصيل الممل الذي ربما كان من الأفضل اختصاره. الملفت للنظر كذلك هو ذاكرة الراوي الذي يذكر تفاصيل دقيقة عن المسجونين و السجانين على حد السواء.