ولد الدكتور المصري ـ رحمه الله تعالى ـ في دمشق، وبعد إنهاء دراسته الثانوية عمل في سلك التدريس، ونشأ مع فتية من جيله على حب الإسلام ومطالعة كتبه.
وقد أثر فيه كتاب «إحياء علوم الدين» كثيراً حتى آخر حياته، وكان يتميز بإرادة صلبة، جعلته يطبِّق كثيراً مما يمر معه في الإحياء للغزالي، مهما كان هذا الذي يطبِّقه.
وقد ساهم ـ رحمه الله تعالى ـ في الندوات العلمية إسهاماً جيداً، وكان يحضر دروس عالم الشام الشيخ: محمد بدر الدين الحسني ودروس الشيخ: أبي الخير الميداني وغيرهما.
حصل على الشهادة الجامعية في الأزهر بعد عام 1941م، ومن ثم حصل على تخصص التدريس، ثم عمل مدرساً في ثانويات دمشق.
وكان له صلة طيبة بالدعوة الإسلامية في مصر، كما كان حريصاً على حضور محاضرات الأستاذ « حسن البنا» ـ رحمه الله تعالى ـ، والعلامة محمد الخضر حسين.
وكان يركز في دروسه ومحاضراته على سورة الأنفال وتفسيرها يريد من وراء الأنفال أن يذكر بدراً، والقلة المؤمنة، القلة التي تنقذ الموقف.. وألقى محاضرات عديدة في مسجد المرابط بحي المهاجرين بدمشق، وفي مسجد الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة حتى ظن الظانون أنه لا يحسن غير سورة الأنفال، وكان يمازح من يعرفه ويقول:« أنا لا أعرف إلا تفسير سورة الأنفال!».
وكان تواقاً إلى تخريج دعاة ومجاهدين، لا موظفين وأصحاب شهادات، فكان كثير الاهتمام بعلوم التربية، يرى أن المشكلة الأساسية والأولى هي: كيف نربّي؟ هل نربّي الأطفال والشباب على الخوف وحب الوظيفة أم على الجهاد؟ ويذكر دائماً السيدة عفراء التي قدَّمت للإسلام سبعة من أولادها الشباب، استشهدوا في المعارك الأولى في الإسلام.
وفي عام 1951م، عُيِّن مُلحقاً ثقافياً للسفارة السورية في باكستان، وبقي هناك خمس سنوات، وقد اضطلع خلال هذه الفترة بجهود طيبة في نشر اللغة العربية لغير أهله?سورية في باكستان، وبقي هناك خمس سنوات، وقد اضطلع خلال هذه الفترة بجهود طيبة في نشر اللغة العربية لغير أهلها.
وفي عام 1956م، سافر إلى بريطانيا للتحضير لرسالة الدكتوراه وحصل عليها عام 1959م، كان موضوعها « معايير النقد عند المحدثين» ورجع مدرساً في كليَّة الشريعة في جامعة دمشق.
ومما يذكر هنا أن المستشرقين أبوا أن يكون موضوع دراسته نقد « المستشرق شاخت» فاختار موضوعاً في الحديث. وكان له ـ رحمه الله تبمكة المكرمة، كان يحذر من ابتعاث أبناء المسلمين إلى ديار الغرب.
وفي عام 1965م، سافر إلى السعودية للتدريس في جامعة الملك عبد العزيز ـ كليِّة الشريعة ـ في مكة المكرمة، وقد شارك في تأسيس قسم الدراسات العليا فيها.
وقبل وفاته بثلاث سنوات، انتقل إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، رئيساً للدراسات العليا فيها، وكان له دور في وضع مناهجها.
كتاب نافع وهام، عرفت مؤلفه من خلال كتاب إدارة التوحش. وقد تعلمت بعضًا من الإشارات النافعة للفرق بين التربية الحديثة والتربية القديمة، وكذلك معالم التربية النبوية للصحابة، وبعض معالم التخلف الذي تعيشه الأمة الإسلامية. وهنا بعض الاقتباسات التي تهمني - "كان الفرد في الجاهلية يعيش لذاته وشهواته وتكاثره وتفاخره ، ولقد كان العرض الذي عرضه عتبة بن ربيعة على محمد صلى الله عليه وسلم رغبة في المصالحة وايقاف الخلاف بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم . كان ذلك العرض عرضاً صادقاً لما يرجوه العربي الجاهل ، المال ، الجاه ، السؤدد" (المسؤولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم، ط1 1399هـ-1979م، ص25). - "أما التربية التي نتلقاها اليوم فهي تهيب بالفرد أن يحرص على منفعته . يلقن الطفل منذ حداثته بأنه سيدخل المدرسة وسيجد للحصول على الشهادة وسيكون طبيباً أو مهندساً : كل هذا لينعم بالعيش وتفتح أمامه سبل الحياة . ويشهد الطفل ما تعانيه الأم لأن ولداً من أولادها لم يفلح ولم ينجح في الحصول على الشهادة الثانوية مثلا . ولا يسمع الطفل في مجتمعنا كلمة حزن على هذه الأمة . ولا يضرب للطفل أي مثل من أمثلة الجهاد ليقتدي به ." (المسؤولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم، ط1 1399هـ-1979م، ص26). - "وتربيتنا في المنزل وفي المدرسة تربية تؤدي إلى الأثرة وحب الذات وإلى أن يجعل الغرض من الحياة منزلا فخماً وأثاثاً وريشاً. الأم تضع هذه المعاني في ذهن الطفل ولا تحسن أبداً أن تقول له : يابني إني لأرجو الله أن يقر عيني بجهادك في سبيل الله ونضالك في سبيل الحق واستشهادك في سبيل اعلاء كلمة الله. ان هذه الكلمات أصبحت مرعبة مفزعة تستعيذ الأم من أن تسمع ابناً لها ينطق بمثلها." (المسؤولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم، ط1 1399هـ-1979م، ص27). - "ان الغرض من الصلاة تكوين الرجولة وانماء روح البطولة فأولئك الذين يخشون الله ويؤمنون به ويلجئون إليه ويدركون شيئاً يسيراً من عظمته جل شأنه لا تتعاظمهم الأمور ولا يشعرون بالخوف من الرجال ولكنهم يجدون كل شيء حقيراً إلى جانب عظمة الله فلا يبالون بشيء حين يصدعون بالحق ويقفون في وجه الباطل ." (المسؤولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم، ط1 1399هـ-1979م، ص28-29). - "((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات مات ميتة جاهلية)) . وفي الحديث الأمر بالصبر وليس المراد من الصبر السكوت على المنكر . يعارض ذلك الأحاديث الواردة في التحذير الشديد من السكوت على المنكر ، كما يعارضه الحرص على الجماعة ." (المسؤولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم، ط1 1399هـ-1979م، ص74).
كتاب رائع من المُربي محمد أمين المصري متحدثا عن التربيه وإنشاء جيل ومجتمع صالح قادر على مجابهة الفتن ، متسلحا بالعقيده والعلم وكذلك متحدثا في قسم آخر عن المسؤوليه ، مسؤوليه الأمه في تخلفها وتراجعها عن باقي الأمم ، والمسؤوليه الواقعه على كاهلنا لإستعادة امجاد أمتنا.