ثمة علاقة ما تربط بين الموت والكتابة.. بالرغم من التضاد الظاهري بينهما، فالموت نهاية لرحلة حياتية/ مادية مكدسة بالتفاصيل والعلاقات والأحداث، بينما الكتابة سعي نحو خلق منظومة بين هذه العلاقات وتفجير الأحداث والمواقف. وفي هذا الكتاب رحلة إبداعية تتجلى فيها تفاصيل علاقات إنسانية متعددة ومتشابكة تتفجر من خلالها لحظات إنسانية/ فنية بالغة الصدق والروعة.
سيد احمد السيد الوكيل من مواليد القاهرة ( شبرا ) 1953 مدير تحرير سلسلة هوية المكان ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة. أمين عام مؤتمر أدباء مصر ( دورة 2008 )
الإصدارات: •أيام هند ... مجموعة قصص، طبعة أولى ـ كتاب نصوص90(عام 1990 )، طبعة ثانية ( مركز الحضارة العربية عام 1998. •للروح غناها ... مجموعة قصص قصيرة ، مختارات فصول الهيئة المصرية العامة للكتاب 1997. •فوق الحياة قليلا ... رواية – طبعة أولى: سلسة أصوات أدبية إصدارات الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة 1997 ـ طبعة ثانية : مكتبة الأسرة 2004 •مدارات في الأدب والنقد ... إصدارات إقليم القاهرة الكبرى •مثل واحد آخر- قصص قصيرة ـ دار الاتحاد للطباعة ـ 2004 . •أفضية الذات ( قراءة فى اتجاهات السرد القصصى) ـ سلسلة كتابات نقدية ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ القاهرة ـ 2006. •شارع بسادة ـ رواية ـ دار الناشر القاهرة ـ 2008
له مشاركات بحثية فى عدد من المؤتمرات منها : •صورة القاهرة في قصص أمين ريان / بحث منشور / المؤتمر الثاني لأدباء القاهرة 2000 •مؤثرات شعبية في قصيدة العامية / بحث منشور / مؤتمر بني سويف الأدبي الثاني-2000. •دراسة البنية في قصص سعد مكاوي/ بحث منشور / المؤتمر الثاني لأدباء القاهرة الكبرى وشمال الصعيد 2002 . •ثلاث نظرات في النقد / بحث منشور / المؤتمر الثالث لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد 2003 . •تشكيل الفضاء ـ بحث منشور ـ المؤتمر الرابع لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد ـ القليوبية ـ 2004 •قصة الأنا والآخر ـ المؤتمر الخامس لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد ـ الفيوم ـ 2005 •بلاغة البيئة ـ قراءة ثقافية فى أربع روايات من الجنوب ـ مؤتمر أدباء مصر ـ 12/12/2006. •روايات السفر ـ بحث مقدم لمؤتمر الرواية العربية ـ القاهرة ـ 2007 . •صورة الوطن وتجلياته فى شعر العامية المصرية ـ مؤتمر أدباء مصر ـ2007 •الأدب العربي واختبار العالمية / ورقة بحث / ندوة دولية ضمن فاعليات معرض الدوحة الدولي للكتاب ـ قطر1998 . •موزع بين غواياتى ـ شهادة أدبية ـ مهرجان العجيلى بالرقة ـ سورية ـ 2008 له العديد من الدراسات والقراءات المنشورة فى الدوريات العربية حةل الرواية الجديدة والقصة القصيرة .
الحالة دايت ، قد تأخذك الكلمة – كما أخذتني – إلى مفهوم النظام الغذائي الصحي (diet) ، لتبدأ صفحات كتاب خلا من حشو كثير تنطوي عليه هذه النوعية من الكتابة ، لكنك ما إن تلج الكتاب حتى تكتشف – كما سيكتشف الكاتب نفسه – أن الكلمة المقصودة (died) ، وفي تلك اللحظة ستقوم - بتلقائية شديدة – بإعادة النظر للغلاف لتجد عنوانًا ثانويًّا (subtitle) ، يحتوي على كلمة الموت المعنية .
لم أجد المتعة في قراءة كتاب بهذه النوعية الخاصة التي تظل لصيقة بنكهة كاتبها – إن أجاد كتابتها – لم أستمتع بقراءة هذه النوعية المنفلتة من القالب التصنيفي إلا عند قراءة كتاب " الأيك في المباهج والأحزان " لعزّت القمحاوي ، وها أنا أعثر على ضالتي ، وأستردّ متعتي مع كتاب سيد الوكيل "الحالة دايت (سيرة الموت والكتابة)" .
يباغتك الكاتب بعذوبة أسلوبه وقدرته على الإمساك بخيوط كتابته ، وهو ما يجعله خاليا من حشو ، فليس ثمَّ شئ أشار إليه وأجَّل إتمام الحديث فيه ، أو انتقل لنقطة أخرى مُبتعِدًا عنه ، إلا وكان ضمن مجموعة خيوط تؤكِّد الرؤية وتُحكِم الخاتمة .
يقسِّم سيد الوكيل كتابه ( الحالة دايت ) إلى ثلاثة أقسام ، تشترك جميعها في الحديث عن الموت ، ففي القسم الأول : كتاب الموت ، يتعرَّف عليه من خلال رحلة والده مع الموت ، والتي عايش الكاتب لحظاتِها ، ووالدته التي لم يشهد وفاتها ، وفكرة الحياة والهُوَيَّة ، في هذا القسم يطالعك الوكيل بسرد رائق ، يتفق وجلال الموت والحديث عنه ؛ فيبدأ بعدودة صريحة وينتهي بحريق مسرح بني سويف " رائحة العواطف والمشاعر الميتة تتصاعد من داخلي ، كأنها تخرج من مقبرة كبيرة ، ليست مجرد مقبرة لعائلة ، مقبرة كبيرة تسع كل البشر ".ص46 وكأنه يترنَّم وعلى خلفيته شدوٌ يشبه المناحة " مع إن .. مش كل البشر فرحانين ".
ثم القسم الثاني : كتاب الموتى ، كتاب الأصدقاء الذين انتقَوه لإرسال علاماتهم ، وشعر أنه – بانتمائه لمواليد برج السرطان – مُعرَّضٌ للابتزاز من موتى العالم . ص55 فتحدّث عن إبراهيم فهمي وسيد عبد الخالق وحمدي سعيد ومجدي الجابري ونعمات البحيري ومحمد مستجاب وعلي شوك . عَبْر سِيَر مُكثَّفة ، تركِّز على ما تريد عرضَه ، جاء كتاب الموتى الخاص بالوكيل حاملا مذاق الأشياء التي لا تموت ، ليس فقط لأن علاقتهم بالكاتب جعلتهم كذلك عنده ، بل لأنهم استطاعوا بمواقفهم أن يحفروا أسماءهم في الذاكرة الجمعية ، " سيأتي يوم يكون فيه كل الأدباء الذين منحوا الروايات صخبًا وحياة في عداد الموتى ، وسيبقى الورق – وحده – دليلا على أنهم عاشوا في يوم من الأيام ". إن الكاتب - برؤية لمَّاحة – يشير إلى تخلصنا من الخوف من الموت بالكتابة عنه أو بالكتابة عمَّن ماتوا ، لنريح ضمائرنا تجاههم ، ونؤجل المواجهة الحتمية مع الموت .
هذا الكتاب يتخطَّفه اثنان في آن ؛ المبدع والناقد ، إن الوكيل نفسه يقول : " لستُ الوحيد الطائر الحائر بين النقد والإبداع ". ص107 . ويتجلَّى المبدع السارد عند حديث الكاتب عن والده ، وأينما جاء ذكره – الوالد – كأنه إيذان بقدوم المبدع وانزواء الناقد قليلا ، إن حديثه عن أصدقائه وكتاباتهم عن الموت ، كسيد البحراوي ، نراه يمتزج فيه الناقد بالمبدع ، فحينما يقارن بين انتقال حدث الموت إلى فعل كتابة عند البحراوي ، بينما ظَلَّ مُؤجَّلا عنده ، لينفجر دموعًا في حضرة غُرباء ، هو هنا يتحدث بنزعة الكاتب الأديب ، بينما حينما يتكلم عن كتابة التأبيد وكتابة المَحْوِ فإنه يُطِلُّ بصورة الناقد المحلل الذي استطاع أن يجمع شتات ما قرأه ومر به من إبداع يستلهم الموت ، فنراه يقع على فكرة الفقد والبَين ، الحالة التراجيدية المتوارثة منذ أن بانت سعاد في بردة كعب بن زُهير ، فيلضم من حبّاته ديوان " خارج من سيرة الموت " لهشام المغربي ، ورواية " بمناسبة الحياة " لياسر عبد الحافظ ، ولسعيد نوح " كلما رأيت بنتًا .. أقول يا سعاد " ، ومن قبلهم محمد أبو الدهب في كل مجموعاته القصصية .
لقد أوضح الكاتب رؤيته في جملته " وقد حدث أني رأيتُ وجهَيْ العملة الواحدة ، في وقت واحد . الموت والحياة ، النقد والإبداع " ص107 ، فكان كمن أغمض عينَيه وحدّق باتساع – ليس بالرؤية التي ذهب إليها في ص46 - بل بدلالة الوقوف على حَدٍّ مُنتَهٍ ؛ فجُلُّ أطراف الحديث راحلون ، والحديث هنا عن الموت ، فتكون العين مغمضة ، لا تستقبل جديدًا ، لكنها تحدِّق للداخل ، في الذاكرة ، والوعي واللاوعي باتساع شديد لتضع أمامك ما يعينك من مقدمات على التحليل والوصول إلى النتائج .
كتاب وقعت في غرامه من أول سطر ووجدتني بعد الصفحة الثالثة أكلم كل أصدقائي ليقتنوه هناك شيء ما يجذبك ليس موضوعه فقط الذي هو شغلي الشاغل وما يؤرقني حتى بت ابعد عقلي عنه بكافة الطرق ولكن لأسلوب كاتبه السهل الممتنع الشيق امتلاك الأدوات يجعلك تجنح في جزئه الأول ناحية القص فتميل للحكاية وتستوعب فكرة الموت ثم يتجه بك لأشخاص وأسماء تعرفها وتعرف شخوصها فيضعك أمام موتهم الذي ابتعد بك عنهم وإن كان ما تركوه من ابداع شاهد قريب عليهم كذا انتقاله لفكرة الموت عند بعض الكتاب والروائيين وتنوع أسلوب عرضهم ما بين رمزيتها أو كونها حدث عام أو أنها شخصية يعبر عنها الكاتب بحزنه الخاص وتجربته الشخصية مع الموت استطاع سيد الوكيل أن يستدر دمعي وأنا أتذكر معه كيف واجهت موت أبي وكيف واجهت الموت وأنا أعتبره أكبر هواجسي وأعتاها وضعني الكتاب أمام خوفي مرة واحدة أمام أفكاري عن الموت ولم أجد بدا من أن أكمله لأنه من الصعب أن تهرب من كتاب كهذا حتى ولو كان عن الموت تحياتي للأستاذ سيد الوكيل
عنوان لافت وكتاب مكتوب بلغة رقراقة عذبة يصعب عليك ألا تغوص فيها وتستلذ بشفافيتها حتى ومحورها الأول والثاني والثالث هو الموت ولا شيء سواه..الراحلون في حياتك سيحضرون في كل سطر ولكن ليس بشكل مأساوي كارثي بل بعذوبة ورهافة الأدب الذي نحب
بتعجبني الكتابات الحرة، اللي ببقى مش قادر أصنفها أو أحدد جنسها، اللي الكاتب بيكون حر فيها، وخلق وأبدع شكل جديد لنصه، وصلت لمنتصف الكتاب ولحد دلوقتي لسة محتار، إذا كانت دي تأملات ولا رثاء للذات والأصدقاء ولحالة الثقافة بشكل عام في مصر، ولا دي رواية أقرب للسيرة الذاتية!
كل دا مش مهم، المهم إني مبسوط، إني اتعرفت على كاتب كبير كنت أجهله، وإني بقرا نص خالص لوجه الكتابة، وإني هغير نظرتي المتكبرة الطفولية المغرورة عن مغامير أدباء الوسط الثقافي، رواد قهوة البستان والحانات والبارات الرخيصة، متسكعي وسط البلد وصعاليك الكتابة الأبرياء.
ثمة علاقة بين الموت والكتابة، علاقة عكسية أحياناً، وطردية في أحيان أخرى، أظن ذلك
عن تجربة شخصية كان للموت بمعناه المجازي، موت المشاعر وانعدام الحياة بداخلي، أثر سلبي جدا على علاقتي بالكتابة.
الكتابة فعل مقاومة، غوص وتجلي في أعماق الذات والنفس، تحتاج لشجاعة وإرادة لقهر الخوف والتخلص منه رويدا رويدا بالمواجهة.
الحالة دايت، كتاب جرئ وعفوي وثري ونبيل، قلما قرأت كتاباً نبيلاً.
شعرت أن الكاتب يسرد ذاته بطلاقة شديدة، عشقت سلاسته وتعمقه وقرائته لذكرياته ولحيوات الكتاب والمثقفين من الأصدقاء، رحلته في رثاء الأصدقاء بحزن رقيق شفيف.
كثيراً ما قرأت نفسي كأني أقف أمام مرآة، كلما توغلت في صفحات الكتاب شعرت أنني أعرف سيد الوكيل منذ زمن طويل، أعتاد حديثه وثرثرته الفياضة ولا أمل منها، بل أرغب بالمزيد.
أحتاج لأطنان من الشجاعة والجرأة لأتطهر من أخطائي بمشرط الكتابة، أحتاج لمقاومة الموت ولا شئ غير ذلك.
ذكر الكاتب بين صفحات " الحالة دايت " أنه حول الكثير من الأدباء والكتاب إلي ورق داخل رواية تسمى فوق الحياة قليلاً، عندي شغف كبير لرؤيته يخلق ويشكل ملامحهم من جديد، كصانع الفخار.
سيرة ذاتية للموت فى حياة سيد الوكيل فهو يتناول إلقاء الموت خيامه فى حياته من موت أبيه وأمه وأقرب أصدقاءه وصديقاته وعلاقته بالأدب والكتابة وكيف عبر الأدباء والكتاب عن تلك الفاجعة من فقدان قريب. كتاب عميق ومؤثر جداً.
بقالي كتيير مقرتيش كتاب بالحلاوة دي اية الاسلوب داا واية الكلام داا بجد كتاب أكتر من رائع حالة كتابها ووصفها الكاتب وعشت فيها بجد يستحق 5/5 ولو بأيدي هديلوو 10/5