رصد ثروت عكاشة أن الاتصال الزمني الخفي بين الأعمال الفنية المتباينة التي تلتقي جميعها في لحن إنساني منسجم ، ومتكامل ، و قابل لإعادة التشكل كلما جددت الحضارة من أدواتها التكنولوجية ، و أفكارها الثقافية. ويمكننا ملاحظة أربع استراتيجيات نقدية جزئية ، و كشفية تعبر عن نظرة د. عكاشة للآثار الفنية العالمية ؛ و هي : أولا : الجذور الروحية ، و الإنسانية العميقة للفن. ثانيا : الفن بين السياق الثقافي ، و البناء الجمالي الداخلي للأثر. ثالثا : البعث المستمر ، أو التجدد الدائري للأعمال الفنية. رابعا : التجلي الإبداعي للمكان. يحاول د. عكاشة أن يقبض على اللحظات الأولى لنشوء الفن في ذلك العالم المعنوي ، أو الروحي / الأصلي ، و هو يتجسد في مادة صوتية ، أو تشكيلية ، أو نصية لها حضور نسبي ممتد في المتلقي ، و سياقه الثقافي الآني الذي يضيف إلى تلك الأصالة ، و لا يناقضها ؛ فالفن يجدد جذوره الروحية في الوعي ، و اللاوعي ، و يضيف الناقد إليها دلالات تأويلية جديدة تقوم على إعادة تشكيل الطاقة الروحية المنتجة ، و العابرة للزمان ، و المكان. إن الفن يلتحم بالنماذج المعنوية القوية للحق ، و الخير ، و الجمال ، و العدالة ، و الحدس ، أو نور المعرفة المباشرة ؛ و من ثم يربط د. عكاشة بين الإجادة الفنية ، و الأخلاق ، و يدلل على ذلك ببناء الإغريق لأخلاقياتهم على أسس جمالية ، و منح الفنون مكانة سامية ، و امتداد ربط الفن بالأخلاق إلى الفنانين في العصر الحديث. و أتفق مع تلك الرؤية التي تربط الإتقان الجمالي للعمل بالأصالة الأخلاقية ؛ إذ ينبع كل منهما من مصدر روحي قديم ، و متجدد في النفوس المتعالية في الأزمنة المختلفة ، و ربما يكون ذلك النموذج الذي يجمع بين الوعي الإبداعي ، و قيم الجمال ، و العدالة هو سر التكرار الفريد للفن في تاريخ الإنسانية. و يلتقي الفن عند د. عكاشة بحدس دائري يعكس الفكر ، و الانفعالات بصورة عابرة للسياق الزمني بين المبدع ، و المتلقي ؛ و يدلل على ذلك باتحاد المتلقي اليوم بنشيد الفرحة في نهاية السيمفونية التاسعة لبيتهوفن ، و كذلك ينفعل بمعاني التراجيديات اليونانية القديمة.
ثروت عكاشة من مواليد القاهرة بمصر عام 1921. كان وزيرا للثقافة ونائب رئيس الوزراء المصري سابقا.
المؤهلات العلمية
الكلية الحربية 1939.
كلية أركان الحرب 1945 - 1948. دبلوم الصحافة كلية الآداب، جامعة فؤاد الأول 1951. دكتوراه في الآداب من جامعة السوربون بباريس 1960. ضابط بالقوات المسلحة. رئيس تحرير مجلة التحرير 1952 - 1953. ملحق عسكري بالسفارة المصرية في بون ثم باريس ومدريد 1953 - 1956. سفير مصر في روما 1957 -1958 وزير الثقافة والإرشاد القومى 1958 - 1962. رئيس المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية 1962 و 1966 - 1970. رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصري 1962 - 1966. نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة 1966 - 1967. وزير الثقافـة 1967 - 1970. نائب رئيس اللجنة الدولية لإنقاذ مدينة البندقية 1967 - 1977. مساعد رئيس الجمهورية للشئون الثقافية 1970 - 1972. أستاذ زائر بالكوليج دو فرانس بباريس (تاريخ الفن) 1973. انتخب زميلا مراسلا بالأكاديمية البريطانية الملكية 1975. انتخب رئيسا للجنة الثقافة الاستشارية بمعهد العالم العربى بباريس 1990- 1993. عضو المجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو بباريس 1962 - 1970. عضو مجلس الأمة 1964 - 1966. عضو عامل في المجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية، مآب مؤسسة آل البيت 1994
رغم حجم الكتاب الصغير إلا أن ثروت عكاشة حاول فيه -وهي محاضرة قد جمعت في كتاب- أن ينسج نسيجًا موحدًا واحدًا للفن من بداية العصور إلى آخر محاولة لابتداع الفن.
هذا النسيج هو نسيج "الإنسانية" التي تجمع بين الجميع، والفن كأحد أساسيات الحياة وليس عملًا مترفًا لطبقة معينة في المجتمعات.
جمال الكتاب وإبداع عكاشة كان في النصف الثاني من الكتاب بعد تجاوز المقدمات والطرح التاريخي المختصر للفن، عندما ربط الفن بالحياة وأصبح جزءًا منها؛ خارجًا منها وعائدًا إليها. واختتامه الجميل بدور الفنان والمثقف في المجتمع.
كتاب جميل وصغير, بالأصل هو عبارة عن محاضرة مُلقاة. يبدأ الكاتب بأن الفنّ من ضرورات الحياة, فالإنسان يشترك مع الحيوان بتأمين ضرورات الحياة الماديّة, أما التميّز فيكمن بضرورات الروح للحياة أيضا. ويمنح الكاتب الفنّ والأخلاق ترابطا محكما حيث يقول أنّهما المعقل الأخير الذي تفزع إليه القيم الإنسانيّة. ثم ينتقل للحديث عن العلاقة بين الفنّ والعصر الذي تتواجد فيه ومدى علاقة الفنّ بالحياة الإجتماعيّة والإقتصاديّة وأيضا السياسية ويعطي أمثلة تاريخيّة. ويقول ثروت أنّ مهمّة الفنّان في المجتمع أساسية وهي استشراف المستقبل. وفي طيّات الكتاب أيضا أمثلة عن التبادل والتواصل الثقافي بين الحضارات وكيف أنّ الوسائل والتقنيات التي يستخدمها الفن (من موسيقى ورسم وتصوير إلخ...) تُستوْرَد وتُقولَب ضمن الهويّة الثقافيّة للحضارة التي ينزل فيها.
“وما كان الفن في حياة الإنسان ملهاة أو إشباع رغبة طارئة، كما لم يكن سبيلا لبلوغ الجمال وحده الذي ينتهي إلى إرهاف الحس، بل تجاوز هذا وذاك إلى المشاركة في الحياة العملية، فشارك في البيت الذي يخلدُ فيه الإنسان إلى نفسه، وفي المعبد الذي يخلو فيه المتعبد إلى ربه ، وفيما يستخدم الناس من أدوات يفيدون منها فيما يأخذون فيه بنفوس راضية.”
“وهل الفن إلا تلك اللغة التي يصوغ بها الفنان بإشارة ما لا تقوى عليه عبارة؟ لم يبعد الأقدمون عن الحقيقة حين قالو : إن الفن خالدٌ و ما سواهُ إلى زوال . و ما كانو يعنون بالفن غير ذلك الحس الفني الذي تمتلئ به جوانح الإنسان فيستلهم منه، وهذا لا شك باق، أما سواهُ من آثار فهي إلى زوال.”
"لا سبيل إلى ارتقاء الوجدان الجماعي إلا من خلال اجتذابه لمشاهدة الأعمال الفنية الرفية المستوى، وإلا فستظل جماهيرنا على حالها المعهودة من الأمية الثقافية والتشكيلية والموسيقية طالما حجبنا الفن الراقي عنها، وظللنا نلاحقها بالأعمال المسفة الغثة التي تخاطب الغرائز الدنيا وترضي أذواق السوقة فحسب." المحزن ان في 1996 كما يقول في المحاضرة كانت ""البشرية مدينة للأجيال التي سلفت قبل من عباقرة الكتاب والفنانين على مر السنين بما خلفوا من روائع، لولاها لسقطنا في وهاد الأغاني التافهة والصور الفجة التي تشين الذوق، وقصص العنف والجنس والجريمة الهابطة." واللي كان خايف منه حدث بالفعل
" التوريق من الفنون الإسلامية الأصيلة تلك الخطوط والزخارف الممتدة لما لا نهاية وكأنها تشير إلى الرؤى الغيبيّة للفنّان المسلم متجنّبًا رسم الكائنات الحيّة استجابة لوازعه الروحيّة ومن إشراقة نفسه أضفى على الزخارف ألوانًا زاهية مازالت إلى اليوم تبعث فينا الحنين والنشوة " . كتاب قصير، وجميل، ويستحق المناقشة
الفن والحياة لا ينبغي أن ينفصلوا عن بعضهم البعض، هم مكمل كي تسير هذه الحياة. بدون الفن لا أتصور كيف يبدو شكل الحياة حينذاك؟ لكن هناك تصور واحد، وهو أن الحياة بدون فن، هي حياة بائسة كئيبة، لا شكل ولا لون ولا طعم لها، مريرة، صورة باهتة مهما سلطت عليها من ضوء، أو حاولت تجميلها بأشياء أخرى دون الفن. محاضرة ألقاها د.ثروت عكاشة فى جامعة القاهرة، ثم تم تجميعها مرَّة أخرى في كتيب عدد صفاحته 72 صفخة. الفن ضرورة قصوى لإستكمال المسيرة المُرهقة، في جوهرها وخارجها. المسيرة التي تستنفذنا كلّ يوم، ولا نقدر إلَّا أن نُسايرها ونمضي فيها إلى مثوانا الأخير. للفن طرقه التي تجعل للحياة شكل أخر، ذا لون وطعم، وتصبح الصورة حينها براقة، تُسر الناظرين إليها، تساعدهم بشكلٍ ما لإستكمالها. "الفن لا يقف عند إبداع الجمال وتحقيق أسمى متعة للإنسان، بل ينفذ إلى أعماقه ليوائم بين أمزجته فيحفظ له اتساق كيانه الداخلي" هذه مهنة الفن أن يحفظ للإنسان المتذوق اتساق كيانه الداخلي، أن يجعل الحياة من حوله ذات مغزى، يعرض لك في صوره المتعددة كيف تُعاش الحياة؟ وكيف تستفيد بأكبر قدرٍ مُمكن منها، قبل الرحيل؟ "عسير على فنان هذا العصر أن يعيش بمعزل عما يدور حوله من صراع بين فكر متخلف وفكر خلاق، فيقف موقف المحايد غير المبالي " للفن وللفنان مهمة التعبير عما يدور من حوله من أفكار وصراعات، والكم الكبير من الأفكار المختلفة التي تظهر كل يوم، لا ينبغي أن ينعزل، ويفضل العيش في قوقعة. "التجارب أكدت أن الفجوة بين المثقف المبدع والإنسان البسيط في مستوى التذوق الفني ليست بهذه الأبعاد التي يخالها البعض " الفجوة قد تكون كبيرة، لكن إدراك عدم إتساعها ليس بصعب، العمل على الرقي بالذوق قد يبدو بشيئ صعب لكنه ليس بمستحيل، سوف يأخذ كثير من الوقت كي يصل إلى مرحلة يستطيع فيها ان يفهم ما يتلقيه. كتاب ممتع وتعرفت على كتب قيمة منه، أيضاً على اسماء كتاب، وعرض مدهش للفن بكثرة تشعبه.
الجميل فيه ذكره لأمثلة لعمالقة الفن الرفيع في الموسيقى و المسرحيات و خلافها و دور الحضارة العربية في تأسيس الفن و سبقها لتأسيسه و اعتماد الغرب على ما أنتجته الحضارة الاندلسية خصوصا في مجال الموسيقى ، و كذلك دور الحروب الصليبية في نقل الفنون ، استطرد بجمال الفن و أثره على الإنسان و المجتمع ، و كونه أساساً إنسانياً بالإضافة لكونه حاجة ضرورية للحياة و التعايش ..
فى البداية أحب أن أنوه أنه إن كنت من الناس الذين لا يجدون الفن ذا فائدة أو أننا فى عصر تقدم فيه العلم والتكنولوجيا الحديثة لدرجة لا تسمح للفن بأخذ مكان فى حياتنا أو أن العلم هو هدف البشرية الأسمى فهذا الكتاب لك. وأن كنت ممن يسخرون من الفن الخيالى أوالسريالى وتظن أن الفن وظيفته نقل الأشياء كما هى وتصويرها دون تغيير او خيال أو أن الفن مجرد صنعه تتطلب محترفين فى التصوير فهذا الكتاب لك. هذا الكتاب عبارة عن محاضرة ألقاها الدكتور ثروت عكاشة فى جامعة القاهرة عام 1966 ويحاول فيها أن يوضح فيها أن يوضح ارتباط الفن بحياتنا الراهنة فيبدأ كلامه عن أهمية الفن منذ فجر التاريخ وكيف أن الإنسان يحتاج لى الفن تماما كما يحتاج العلم والتفكير بل حتى أكثر بل يذهب إلى أبعد من ذلك بقوله أن الفن أو الجمال والأخلاق وجهان لعمة واحدة وهى "الإجادة" ففى مختلف الحضارات تكون الأخلاق دائما مرتبطة بالجمال ويتطرق الكتاب إلى أن الفن لا يمكن قمعه فكيف أنه فى الحضارة الإسلامية وفى عهد تحريم التصوير قام الفنانون المسلمون بإطلاق كبتهم الفنى فى فن "الأرابيسك" ليخرجوا أجمل وأروع الزخارف ثم يتحدث المؤلف عن الواجب على مؤرخ الفن معرفته بل والواجب على الفنان وكيف أن كل فنان يجب أن ينعكس عليه تأثير مجتمعه عليه ومع ذلك يتمتع كل فنان بحريته وئاتية أعماله بسبب تغير الزاوية التى ينظر بها إلى المجتمع كتاب صغير ولكن دسم ويتناول الكثير من الموضوعات الشيقة.
كتاب هو في الأصل محاضرة ألقاها الدكتور ثروت عكاشه يتحدث فيها عن الفن وأهميته في حياة الإنسان، حيث يشترك كِلا الإنسان والحيوان في ضرورة تأمين غذاء الجسم والجانب المادي للحياة، أما ما يميز الإنسان فيكمن في غذاء الروح من خلال الفن والجانب الحسّي.
الكتاب صغير جداً و مع ذلك اللغة فيه قويةو ممكن تكون ثقيلة للبعض و مضمونه كمان قوي بس شوية حاسيت اني تايهة بين الافكار او مقدرش يشدني اوي ، الكتاب راقي بيرتقي بعقل الانسان بيتكلم عن الفن عموماً
الكتاب قصير فهو ملخص محاضرة ألقاها مؤلف الكتاب. أحببت الكتاب فأنا مهتمة بقضايا الفن و أحببت رؤيته و طرحه لأفكاره، و رأيه فيما يخص المسائل الفنية و نشأتها و استمراريتها و مسار تطورها في الحياة .
✍ كتاب صغير الحجم غزير المعلومات يحكي عن أهمية وضرورة الفن _باختلاف ألوانه وتنوع أشكاله_ في حياة الإنسان وبناء الحضارة، وكيف أن الفنون تشكل ذوق الإنسان وتنمي مداركه وتصنع أحاسيسه فهي وقود قوي لدفع الإنسان إلى التطور والرقي ومن ثم إزدهار مجتمعه ورقي بيئته نحو حياة أفضل، وهي الفاصل بين الإنسانية والبهيمية. ✊
📌ويشير د.عكاشة إلا أن الفن ليس فقط صورة جمالية وأداة للتسلية والمتعة بل هو يدخل في الحياة العملية كبناء المتاحف والمعابد ودور العبادة وتصاميم البنيات والرسم؛ لذا فمن الضروة بمكان أن يرتبط الفنان بالتكنولوجيا ووسائل العلم الحديث، كما لا ينبغي عليه أن يعيش منعزلًا عن العالم حوله وما فيه من أحداث سياسية وإجتماعية وفكرية؛ فالفنان هو السياسي الشاعر والفيلسوف المصمم والمسرحي المفكر.
📌وتحدث الكاتب بشكل مختصر عن تاريخ الفنون وتطورها خلال الأزمنة والأمكنة المختلفة من فراعنة وإغريق ورومان وفُرس إلى عصور الإسلام من عرب وعجم حتى أوربا الحديثه. وكيف يرتبط الفن بالأخلاق كما يتصل بالواقع حوله. وقد تناول نظريات تقييم الفنون ودور الطبيعة والظروف في تكوين الفن والفنانين.
📝 وحكي في نهاية كتابه الإمتزاج بين الفنون المختلفة حين اجتمع المرئي والمسموع والحركي معًا خاصة فيما يقدم في السينما بما تمتاز بإمكانيات ووسائل تقنية لا توافيها المسارح. ✋
📍أعيب على الكتاب أنه ذكر الكثير من الإنتاج الفني القديم وما أبدعوه الفنانون والأدباء والمفكرين في العصور القديمة والوسطى ولم يأتِ على تحصيل ما أنتجه الفن الحديث من آثار؛ ربما _من وجهة نظري_ لأن البضاعة مزجاة وضئيلة، وأهم من هذا تدني الذوق والحس الفني لدينا وطغيان المادة والرأسمالية علينا؛ فتحول الفن من وسيلة للجمال وطاقة للإبداع إلى طريق للربح وجمع الدراهم فصار يقدم الابتذال والخسيس على أنه فن! 😠