لقد كتب الكثيرون فى علاقة الشرق بالغرب سياسيا، وكتبوا فى علاقة الشرق بالغرب اقتصاديا ، ولكن التفكير فى الصلة بين الشرق والغرب دينيا، واحتمال نشر الدعوة الإسلامية فى الغرب لم يتسرع عناية الباحثين إلى الحد الذى يتناسب مع جلال الموضوع وخطره.. وهذه الصفحات كتبها رائد من رواد الفكر الإسلامى يسد بها هذا النقص فى الدراسات هو إمكان نشر دعوة الإسلام فى ذلك العالم المادى. ويرد بها على المزاعم الباطلة لكثير من المستشرقين.
وُلد الشيخ عبد الحليم محمود في قرية أبو احمد من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية في (2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ= 12 من مايو 1910م)، ونشأ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، التحق بالأزهر، وحصل على الشهادة العالمية سنة (1932م)، ثم سافر على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي في باريس، ونجح في الحصول على درجة الدكتوراه في سنة (1940م)في الفلسفة الاسلامية.
بعد عودته عمل مدرسا بكليات الأزهر ثم عميدا لكلية أصول الدين سنة 1964 م وتولى أمانة مجمع البحوث الإسلامية، ثم تولى وزارة الأوقاف، وصدر قرارٌ بتعيينه شيخًا للأزهر في (22 من صفر 1393هـ= 27 من مارس 1973م) حتى وفاته.
ومن مواقفه أنه بعد عودته من فرنسا كان يرتدي البدلة غير أنه بعد سماع خطبة للرئيس عبد الناصر يتهكَّم فيها على الأزهر وعلمائه بقوله: "إنهم يُفتون الفتوى من أجل ديكٍ يأكلونه" فغضب الشيخ الذي شعر بالمهانة التي لحقت بالأزهر، فما كان منه إلا أنه خلع البدلة ولبس الزيَّ الأزهريَّ، وطالب زملاءَه بذلك، فاستجابوا له تحديًا للزعيم، ورفع المهانة عن الأزهر وعلمائه.
كما كان له موقفه الشجاع نحو قانون الأحوال الشخصية الذي روَّج له بعضُ المسئولين بتعديله؛ بحيث يقيَّد الطلاق، ويُمنَع تعدد الزوجات، فانتفض الشيخ فقال: "لا قيودَ على الطلاق إلا من ضمير المسلم، ولا قيودَ على التعدد إلا من ضمير المسلم ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (آل عمران: من الآية 101) ولم يهدأ حتى أُلغي القرار.
كما لا ينسى أيُّ أحد مواقفَه من المحاكمات العسكرية ضد جماعات التكفير، وموقفه الشديد ضد قانون الخمر؛ حيث ندَّد به في كل مكان، وموقفه أيضًا من الشيوعية والإلحاد، وموقفه العظيم من الوفد البابوي.
لقد حاول الشيخ إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء من الأكفاء ومِن حِسَان السمعة والعدول، وكانت حياة الشيخ عبد الحليم محمود جهادًا متصلاً وإحساسًا بالمسئولية التي يحملها على عاتقه، حتى لَقِي الله بعدها في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق (15 من ذي القعدة 1397هـ= 17 من أكتوبر 1978.
الكتاب الأول في رمضان الكريم 2020 م ، 1441 ه ، كتاب الإمام الدكتور عبد الحليم محمود إمام و شيخ الأزهر الشريف السابق في حرب أكتوبر العاشر من رمضان عليه رحمة الله و أنواره و كرماته و لطائفه بإذن الله . يقدم لنا في كتابه الجلي النقي أوربا و الإسلام ستة فصول هي : الإسلام و المسيحية أوربا و المسيحية الغرب و الإسلام مفكرون و منصفون من الغرب نصوص من كتب ناصر الدين دينيه حول التفاهم الإسلامي المسيحي
تاريخ الإسلام و رقي التعامل الإسلامي و الإيمان العقيدي بسيدة نساء العالمين الصديقة القديسة مريم إبنة عمران العذراء البتول و إبنها الرسول النبي عبد الله و رسوله عيسي بن مريم عليه سلام الله و رحمته ، و كيف أن من عقيدة المسلم الإيمان بهم و الدفاع عنهم . الكتاب يتحدث عن كيفية حماية الإسلام للمسيحيين و اليهود و فرق التعامل بين المسلمين للمسيحيين و اليهود في الأندلس و بين ما فعله الإسبان في المسلمين و اليهود. يعرفنا الكتاب بالفرنسي المسلم الذي تحول للإسلام برغبته و إرادته ناصر الدين دينيه ، كذلك يحدثنا عن لوردات لندره/لندن الذين تحولوا للإسلام بمحض إرادتهم لتوافق عقيدة الإسلام مع تقديسهم للعمل و الإنضباط. يعرفنا الكتاب كذلك عن النقلة النوعية التي أحدثها الإسلام في الجنوب الغربي الأوربي و التي نقلت الحضارة لأوربا طوال ثمانية قرون تحت حكم الحضارة الإسلامية و ما فعله الفيلسوف المسلم و العالم العارف الجليل إبن رشد . ستكتشف في هذا الكتاب خرائط وادي النيل الإدريسي التي خطها بدقة لنهر النيل قبل الإنجليز و الفرنسيين بقرون ، و كذلك لخرائط أخري ، بل ستكتشف كيف تعلم بيكون المنهج التجريبي من علماء المسلمين و الحضارة الإسلامية و كيف كان أحد دواعي العلم و نقله تعلم اللغة العربية. ستتعلم أيضاً أسباب صعود الحضارة الإسلامية و أسباب نكوسها و سقوطها ، لكن يقيناً سنعود و بإذن الله ستقترب ساعة العودة بجهادنا لأنفسنا و العودة لكلمة الله الأولي و الأمر الأول لرسوله و أمته "إقرأ" سنعود حينما نجاهد أنفسنا و نلتزم و نصبر و نعمل و نعرق و نكدح و نكافح لنعود عباد ربانيين بإذن الله و منه و كرمه و فضله و نصبح أئمة للمتقين و يجعل الله لحضارتنا الإسلامية لسان ذكر في العالمين ، فأستوا و حازوا بين مناكبكم و وحدوا الصفوف و سدوا الفرج ، إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج . تمنياتي بقراءة ممتعة و مفيدة و موثقة تحياتي #حجازي_بدرالدين
في الكتاب الماثل بين ايدينا فكاتبه هو كاتب صَفَى زهنه كما صفى قلبه جمع بين علمي الشريعة والحقيقة مشربه صافي لا شائبة فيه فاثمر قلما يموج بالرحمة والرقة مع القوة والجسارة لايخشى في الله لومة لائم فهو فارس نبيل بطبعه لايشق له غبار وموضوع كتابه عظيم الشأن لا تحتويه مجلدات فضلا عن أن يكون مجلد متوسط الحجم لذلك فاقتصر الكاتب على عناصر هامة فيه مثل امكانية نشر الدعوة في بلاد الغرب ، وهجوم الغرب على الاسلام مع ذكر صور منه وذكر المستشرقين المنصفين ، وافتتح كتابه بسبب تأليفه ثم اردفها بقصة السيدة مريم بأسلوب بديع ، والقى الضوء بشده على مسيو دينيه الفنان المشهور والكاتب الفرنسي الذي سمى نفسه بعد اسلامه ناصر الدين ودفاعه عن الاسلام باسلوب منطقي وعقلي بعيدا عن الاسلوب العاطفي وانهى كتابه بالحديث على المؤتمرات التي تدعو فيها النصارى الازهر للحوار ورده الجسور على احدى هذه الدعوات
أتمنى إعادة قراءته .. كلُّ ما أذكرُهُ منه بعد تلك السنين هو الخاتمة التي يقصُّ فيها الدكتور عبد الحليم محمود قصة ميلاد السيدة العذراء مريم عليها السلام ..