علي أحمد الديري، ناقد وباحث متخصص في تحليل الخطاب، أنهى رسالة الماجستير"قوانين تفسير الخطاب عند ابن حزم الأندلسي" في2007. وناقش أطروحة الدكتوراه "مجازات الجسد عند إخوان الصفاء وابن عربي" في 2010.
صدر له "التربية والمؤسسات الرمزية.. كيف تنتج المؤسسات ذواتنا؟"، "مجازات بها نرى: كيف نفكر بالمجاز؟"، "طوق الخطاب: دراسة في ظاهرية ابن حزم"، "العبور المبدع: استراتيجية التفكير والتعبير باستخدام المجاز"، "خارج الطائفة"، "كيف يفكر الفلاسفة؟"، "نصوص التوحش: التكفير من أرثوذكسية السلاجقة إلى سلفية ابن تيمية"، "إله التوحش: التكفير والسياسة الوهابية".
يتحدث في الفصل الأول عن الشاب الذي كانه: ابن بيئته وعائلته المحافظة؛ تربى وسط دروس الفقه وحضر مجالس الدرس، وتخرج من المدرسة وذهب الى الجامعة وهو "يعرف" انه يمتلك الحقيقة المطلقة، وأنه يجب أن يكون آلة في درع حصين لمكافحة القوى التي قد تتجرأ لتزعزع معرفته الدينية أو تخلخلها. وتحدث في هذا الفصل بتوسع عن أهم المصادر المعرفية التي كونت شخصيته في الأثناء: تحدث عن المأتم، وعن مكتبة أبيه الاخبارية(مقابل الاصولية)، وعن علي شريعتي الذي قرأ له، وعن الدروس الدينية التي تلقاها في قريته وأشياء أخر. وتحدث عن المواجهة مع كتب عادل ضاهر وأركون واكتشافه هشاشة الخطاب الديني فلسفيا، حيث يتحدث عن تناقض الركون الى النص الذي يدعو له المتدينون وإمكانية الفعل الحر الذي يطمح اليه في دولة مدنية جامعة.
تحدث في الفصل الثاني عن المدينة بوصفها فضاء يقوم على الفعل الحر وتغلغل في ما أحسبه عناصر "المدينة" في البحرين "أفترض" ليخلص الى أن لا مدينة من الممكن لنا أن نقوم بها كمواطنين بالفعل الحر _لا صحافة مراقبة(بكسر القاف)، لا حريات متاحة كاملة، لا أخلاقيات مدنية، ولا فهم حقيقي للمواطنة وضوابطها من جميع الأطراف. وللدلالة على ذلك يحيلنا الى مقالات صحفية ومواقف سياسية لشتى القوى البحرينية.
تحدث في الفصل الثالث عن الدولة وفهمها التاريخي لدينا كأمة، وكيف أن الدولة عندنا تاريخيا تختصر في شخص يلتمس عدله ويعول على أخلاقه وحنكته، ويحترم هو ومن يقوم مقامه في حين أن القانون هو المفترض أن يكون الحاكم على الجميع فنخرج بذلك من طاعة العامة الى الطاعة العامة للقانون.
ويختم الفصل بالحديث عن أن الاصلاح يراوح مكانه لأنه يعود أبدا الى أول الأمة ويعتبرها المقدس والميزان الذي تضبط عليه ويتجاهل الجميع السياق التاريخي لأول الأمة بل يستخدمونه لتحقيق مآربهم السياسية "يجدر التنويه بأني عبرت عن فهمي لعنوان اصلاح أول الأمة رغم عدم ثقتي بصحة ودقة فهمي لما يرمي اليه الديري في هذا القسم وهو أمر تكرر في كثير من اجزاء الكتاب!"
تحدث في الفصل الرابع عن "داخل المجتمع" وفيه تحدث عن الشيخ الكاظمي " المربي" بوصفه شيعي روحاني وأحسب أنه اراد أن يبين أن الروحانية التي يروج لها ممهورة بختم الطائفة وتستأنس بها، فهي لا تعد الفرد ليكون جزء من منظومة الكون بقدر ما تجعله فردا طيعا ضمن منظومة طائفية ضيقة، وتحدث عن ركاز كمشروع أخلاقي سلفي اقصائي يبدو انه منع من القيام بحملة اعلامية في البحرين، وأخيرا تحدث عن شعار "معكم معكم يا علماء" :تاريخه ودلالاته.
ثم ألحق الكتاب بملحق عنوانه استيحاشات ينقد فيه تبرير الأحكام الشرعية التي تعتبر غير مقبولة حاليا كنكاح الصغيرة والرضيعة ويطرح خطاب الشيخ محمد صنقور كأنموذج ومدخل لنقد المعالجات الفقهية السنية والشيعية للأمور المستهجنة حاليا كالرق واساءة معاملة الأطفال وحقوق المرأة وغيرها.
أعتقد أني أعرف بم تحسون بعد قراءة هذه المراجعة؛ كتبتها بهذه الطريقة لتعرفوا لم أعتقد أنه رغم أهمية الكتاب الا أن ما يريد الديري توصيله ليس واضحا ولا يبدو لي متسلسلا ومترابطا بمنطقية.
جزء كبير من السبب في هذه المشكلة بنظري أن بعض أجزاء الكتاب وإن كان لها صلة بموضوع الكتاب، إلا أنها مأخوذة من سياق آخر _مقالات منشورة_ أقحمت في الكتاب بدون ربط واضح.
رجل بمثل تجربة الديري باستطاعته أن يكتب كتابا مؤثرا؛ يخاطب فيه قناعاتنا، ويدعونا لاعادة النظر فيما نؤمن به وما لانؤمن به.
هل أراد الديري للكتاب أن يكون غامضا لتجنب التخوين والاتهامات؟ ربما لكني لا أعتقد
توقعاتي كانت كبيرة ولذلك خيبة أملي ترجمت بنجمتين للكتاب فقط.
هكذا يحاول الدكتور علي الديري إعادة هندسة التفكير في الفكرين الديني و السياسي و علاقتهما بالفرد و المجتمع و تأثيرهما على المدينة و الدولة . يسأل الدكتور علي الديري ، " ما معنى أن أكون خارج طائفتي ؟ يعني أن تكون طائفتي موضوعا أشتغل عليه لا إطارًا أستند إليه . أنا خارج طائفتي ، بمعنى أني متقدم عليها في تعريف ذاتي ، و أكون طائفيا بقدر ما أسمح لها أن تسبق تعريفي ."
و يقول : " - " أنا خارج الطائفة " ليس إعلان براءة كما قد يفهمها كثير من المتلقين ، بل هي إشكالية معرفية ، وجودية ، اجتماعية ، و سياسية ، و أحاول أن أفهم من خلال هذه الإشكالية " أنا خارج الطائفة " أنا و مجتمعي و دولتي ، و جماعاتي التي أعيش معها ."
* الدعوة إلى علمنة الطائفة . يدعو الديري في كتابه إلى علمنة الطائفة حيث يقول : " علمنة الطائفة ، لا تعني جعل قرارها غير ديني ، بل تعني جعل قرارها غير محتكر في فئة علماء الدين ."
ماهو تبرير الديري لهذه الدعوة ؟ يبرر الديري دعوته هذه بقوله : " العلمنة تقوم على أن الوجود في العالم ، أو في الدولة مقابل للوجود في الطائفة . فالوجود في العالم يفترض الوجود في الدولة ، فأنت تعرّف نفسك بالدولة التي توجد فيها . و كي توجد في هذه الدولة و في هذا العالم ، عليك أن توجد خارج طائفتك ، أي خارج سور سلطتها الدنيوية و خارج قرار نخبوية مختصيها ، و تحول انتماءك لها إلى رافد من روافدك المتعددة ، و بهذا تكون خارجًا منها ، لا خارجًا عليها ."
يتضح أن الديري يحاول أن يقدم قراءة للطائفة في إطار الذات لا في إطار الانتماء الذي نفهم منه أنه قد يعيق هذه القراءة و قد يعيق انفتاحها على خارجها .
يناقش الديري في كتابه علاقة الفرد و المجتمع مع الفقيه و المفكر و يقول : " نحن مع الفقهاء نتماهى ، و مع المفكرين نتصاير ، في التماهي نصير هم فقط ، و هم فقط بما هم نص ثابت ، و في التصاير نصير نحن و غيرنا و شيئًا آخر .
- أحكام الفقيه أقفال تغلق العالم و تماهيه حد التطابق ، و مفاهيم المفكر مفاتيح تفتح العالم و تصيّره حد الاختلاف "
ثم يقول : " المفكر يمكنك أن تمشي معه ، و الفقيه لا يمكنك أن تمشي إلا خلفه ."
تميّز عرض الدكتور الديري برشاقته و إيقاعه السريع و بإثارته لجدليات محرضة بمقاربات لغوية فاتنة . فهو يناقش بالمجاز أحيانًا و يستحضر اللغة و الأدب كرافدٍ لدراسة بحثه و طريقة عرضه ، فهو يستضيف تجربة ( قاسم حداد ) مثلًا كنموذج أدبي لدراسته . و يضيء نقاط لغوية فكرية ، على سبيل المثال الفرق بين الخيال و المتخيّل حين يقول : " الخيال نشاط العقل الفردي حين يحاول أن يدرك المستقبل أو يفسّر الماضي ، أما المتخيّل فهو نشاط البنية اللاشعورية الجماعية حين تحفّزها رغبوية في التاريخ ، أي التاريخ كما نرغب أن يكون أو أنه قد كان . - الخيال يوسّع الواقع ليستوعب الجماعات المختلفة و المتخيّل يضيّق التاريخ و الواقع . "
دراسة الدكتور الديري حرية بالتأمل ، قد نختلف معها جزئيًا أو في تفاصيل صغيرة ، لكنها محاولة فكرية جادة للخروج من الإطار الضيّق ( الطائفة ) للدخول في الإنتماء الأوسع ( الإنسان )
يقول الديري : المثقف لا صفة دينية له .
فهل يمكن أن يكون المثقف كذلك فعلًا أو لا يكون مثقفًا حين يكون دينيًا ؟؟؟
سعى النبي محمد إلى تحقيق المجتمع المدني المتجانس في محاولة لتوحيد العالم المحيط به من قبائل وعشائر متصارعة، وهو ما يعجز عنه الاسلام السياسي المعاصر نتيجة ما آل إليه من صراعات تاريخية تحدث لأي حركة ثورية إجتماعية مع تطور حركة التاريخ وصراعه المادي.
تستخلص من (خارج الطائفة) للدكتور علي الديري في تجربة الخارج والداخل:
لا يمكن للإسلام السياسي المعاصر بشقيه السني والشيعي أن يُشَكِّلَ مجتمعا مدنيا، لأن المدينة مجتمع متعدد متجانس، والطائفة جزء من هذه المدينة ولا يمكن لهذا الجزء أن يحوي في داخله الكل المأتلف، لما يختزل هذا الجزء في بواطنه من طابع متجذر في الثقافة التاريخية للصراع، الذي هو مستمر مع إستمرار هذه النظم العقدية. من هنا يجد الديري ضرورة فصل الدين المعاصر بشقيه السني والشيعي عن نظام الدولة. بما يحقق النظام الديمقراطي والتجانس المدني بين الطوائف، وبقدر ما يفرض الدين سيادته على ثقافة الدولة يحدث التمايز الطائفي والسياسي والاجتماعي.فالوطن نقيض الطائفية، فعندما يسود النظام الطائفي يغيب الوطن، وعندما يفرض هذا الوطن نفسه تتوارى الطائفية.
يتكلم علي الديري عن الطائفة كموضوع تعتمد عليه وتستند عليه أو تسعى للاشتغال عليه فالطائفة كمجتمع لا تتواجد ألا في المجتمعات التي تفتقر للفكر الحديث فتحل الطائفية كتعويض عن افتقاد الحس الوطني
وينوه الديري أن الفرد لا يستطيع أن يكون داخل وخارج الطائفة كشيء مزدوج فإما أن يكون داخلها أو خارجها
ويطرح وجهة نظره لوظيفة المثقف الذي لا يمكن أن يكون خارج طائفته وهذه الوظيفة هي توسيع إطار الجماعات أو الطائفة ليكون بمقياس الوطن.
فهو يحدد الآليات التي يكون فيها المثقف محايد في التعاطي مع الطائفة ويتكلم عن علاقة المثقف بالسياسي وبأن المثقف نظرته أشمل لكل أطياف المجتمع على عكس السياسي التي تظل محددة
ويناقش أنواع الدولة من دولة أبوية و دولة مطلقة ودولة منحازة بالإضافة لدولة التمثيل ودولة الديمقراطية
This entire review has been hidden because of spoilers.
مواضيع الكتاب جيدة وتطرح من زاوبة مختلفة ولكنه اسهب واطال في كثير مما طرح وكمثال المقدمة ،حديثه عن التمثيل وكذلك عن الشعار فس نهاية الكتاب ومناقشته لموضوع الشيخ الصنقور ام يكن مستوفي فكان كانه مقال لم يكتمل فما الداعي لحشره في الكتاب
" أنت إما أن تكون داخل الطائفة أو خارجها ، لا يمكنك أن تكون الأثنين معاً ولا يمكنك أن تكون على الحدود ... " بهذه الجملة بدأ الكاتب الدكتور علي الديري المقسم إلى أربعة فصول : ١. خارج الطائفة . ٢. داخل المدينة . ٣. داخل الدولة . ٤. داخل المجتمع .
الكتاب أشبه بالمقالات المترابطة على فترات جمعها المؤلف في فصول حسب تصنيفها ، تناول موضوعات دينية وفكرية وسياسية ، أعتقد أن الكاتب يمتلك موهبة أو ملكة النقد الموضوعي مهما اختلفت معه تحترم وجهة نظره السلبية الوحيدة في الكتاب هي تشعب المواضيع وامتداده إلى قرابة ٤٠٠ صفحة شدني كثيراً حينما تكلم عن تجاربه عندما كان شاباً متديناً ويريد أن يغير العالم ، أيضاً عجبني نظرته وتحليل إلى فكر الدكتور علي شريعتي والدكتور عبد الوهاب المسيري
مقاربة علميّة لأحد أخطر المشكلات التي تواجهها المجتمعات البشرية في المنطقة العربية؛ ألا وهي الطّائفية. شكراً للدكتور علي الديري على الدّراسة الاجتماعية المعمّقة والضرورية في بنية الطائفة وعلاقتها بالمدينة.
صيغة (( انا خارج طائفتي)) تتيح لي أن ارى ذاتي بشكل مختلف،، ارى مواطنيتي بشكل مختلف ،،والاختلاف حق لا يمنحك إياه أي تشكيل ولا اي إطار ولا اي برنامج ،،عليك ان تخرج وتأخذ حقك بعقلك !!