د. أحمد عبد الله رزة حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام ١٩٧٣، وعلى دكتوراة العلوم السياسية من جامعة كمبردج (إنجلترا) عام ١٩٨٤. هو خريج " برنامج الخريجين " بالأمم المتحدة عام ١٩٨٣. معروف كخبير في مجال العلوم الساسية على المستوى الدولي. زار معظم أجزاء العالم وتحدث عددا من اللغات، توفى سنة ٢٠٠٦ بعد إصابته بأزمة قلبية. (أحمد عبد الله رزة هو والد الفنانة بشرى).
كتاب مهم جدًا، والشيء الملفت للنظر أنَّ هذة الكتاب يُناقش منذ أربعين عامًا قضية أصبحت الآن أمر واقع وهي تغلغل الجيش في السياسية و توسع إنفاقاته و دخوله في الاستثمارات وسيطرته على الاقتصاد الوطني، وإذا كان الكتاب يضع بداية دخول الجيش في السياسة منذ لحظة التغيير السياسي في مصر على يد الضباط الأحرار، فإنه على الجانب الآخر يضع بداية للتغول الاقتصادي لتلك المؤسسة منذ عهد المشير أبو غزالة، لاسيما بعد قمعه لأحداث تمرد الأمن المركزي في الثمانينيات.
القسم الأول من الكتاب هو عبارة عن أربع أبحاث كتبها د. أحمد عبد الله و د. جهاد عودة و د. روبرت سبرنجبورج و د. مجدي حماد، كلها أبحاث جميلة ومهمة تتشابك كلها في نقطة واحدة وهي علاقة الجيش بالسلطة، هي أبحاث جمعت بين الجانب التاريخي ( صعود الجيش، العلاقة بين ناصر وعامر،..الخ) وبين الجانب التنظيري ( حكم الضباط بملابس مدنية، إحصائيات حول تغلغل الضباط في الوزارات والمجالس المحلية ..الخ) ، ولعل من أمتع وأقوى تلك الأبحاث هو بحث د. روبرت سبرنجبورج الذي يرصد العلاقة بين مبارك وأبو غزالة من جانب، ومن جانب آخر تنامي شعبيته وكيف تغولت القوات المسلحة على يديه وتغول نشاطها خارج الميدان العسكري، وكيف أصبح الوزراء حتى الأقوياء منهم مثل يوسف والي وحسب الله الكفراوي يسيرون خلف المشير في افتتاح مشروعات هي داخل اختصاص وسلطة هؤلاء الوزراء في الأساس، ويبين سبرنجبورج كيف كان يتم الاحتفاء بالمشير عند زيارته لأمريكا، وكيف كان يتم التفاوض معه في أمور تتعدى الأمور العسكرية مثل التسليح و حجم المديونات العسكرية ..الخ .
في القسم الثاني من الكتاب يضع لنا المحرر د.أحمد عبد الله السجالات الصحفية في منتصف الثمانينات حول دور الجيش في السياسة والاقتصاد ومطالبة البعض بتقليل نفقات القوات المسلحة وخضوع ميزانيتها لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات، وهذه السجالات نُشرت وقتها عبر جرائد الأهرام و الشعب و الوفد و الأهالى وغيرها.. وكانت تتميز هذه السجالات بالجرأة في الطرح، لكن العجيب أن هذه الأمور كانت تُطرح للنقاش منذ أربعين سنة بمنتهى الأريحية وكان مبارك يتابعها ولم يوقفها بحال، لكنه وعلى الرغم من تقبّله لوجود هذا النقاش كان ضده جملة وتفصيلًا، فقد تمسك هو وأبو غزالة بسرية ميزانية القوات المسلحة ورفضا تحجيم دور الجيش الاقتصادي، وكان رد بعض المفكرين في تلك الصحف أن الدول التي تقوم بتسليح مصر وعلى رأسها أمريكا تعرف عن الميزانية ما لا يعرفه المواطن المصري، وفي نفس الوقت تقبّل بعض هؤلاء الكتّاب أن يكون هناك أمورًا سرية لكن نشاط الجيش خارج الميدان العسكري هو أيضًا غير خاضع للمراقبة، وهذه علامة استفهام يطرحها هؤلاء الكتّاب .
بالنهاية لا ندري لماذا لم يواصل هؤلاء المفكرون نضالهم في تلك القضية، لكن يظل هذا النقاش الحيوي هو كسر لحاجز التابوهات وزعزعة للمقدس الوطني إذا كان ذلك في مصلحة الوطن نفسه. بلاشك الكتاب مهم ،ورغم أنه يقتصر على رصد ذلك الدور المتصاعد للجيش حتى عهد أبو غزالة إلا أن ذلك كاف جدًا على الأقل لتصور كيف يمكن أن تكون الصورة بعد أربعين عامًا من ذلك التصاعد .