إن ما يبغيه مؤلف هذا الكتاب من العقلانية، هو التبعية الصادقة للعقل والوجدان، ومطالبة الدليل من كل من يتقبل المطالبة بالدليل. فبالابتعاد عن العقلانية ينفسح المجال واسعاً أمام الزيف والعنف إذ لا سبيل إلى محاربة هاتين الآفتين إلا بالعقلانية، غير أن العقلانية لا سبيل إليها أيضاً إلا بالرؤية المعنوية التي تؤهل الإنسان لتحمل الصعوبات والأهوال التي يجابهها.
إن مؤلف هذا الكتاب يتناول في فصول كتابه المشوقة المعالجات المتنوعة لتعاليم الدين وهي معالجات تتنوع في إطار تعاليم الدين الإسلامي، كما في إطار تعاليم الأديان الأخرى. كما يطرح بعض التأملات في مستوى إمكان أسلحة الجامعات، حيث يعتقد أن ذلك لا يتم مال مي قترن بالتخطيط في إطار مشروع متكامل. ويعرض الكاتب في ثنايا الكتاب لتجاذبات العلاقة بين الإسلام والليبرالية فيخلص إلى أن من غير المتاح القول إن الإسلام يعارض الليبرالية على نحو الإطلاق ولكن يمكن القول أن إحدى قراءات الإسلام، وهي القراءة الأصولية لا تتسق والليبرالية.
Mostafa Malekian (born 1 January 1956) (Persian: مصطفی ملکیان ), is a prominent Iranian philosopher, thinker, translator and editor. He is working on a project called Rationality and Spirituality. His most important book, that is about spirituality and wisdom, is A Way to Freedom.
Malekian was formerly a Professor of philosophy at Tehran University and Tarbiat Modares University.
هذا الرجل يقرأ الأمور بشكل مغاير تماما عما نفعل، ثمّة من يأتي أحيانا إلى هذا العالم ليتحدث بلسان العاجز وقلب العارف أهم ما امتاز به -وهو أول ما أقرأ لملكيان - هو عطفه على القاريء، رغم عمق موضوعه إلا أنه يحرص على أن يمسك بيد القاريء ويخطو به خطوة خطوة موضحاً له معالم الطريق الذي يسير فيه. ... كتاب قيم من النوع الذي وأنت تتنقل في صفحاته تشعر بأن مسارات جديدة تتفتح في عقلك وأن رؤيتك اكتسبت مزيدا من التوسع، وأكثر ما يتسم به هو الإفاضة والإسترسال ولكن بهدف. أعجبني في الكتاب تسلسل الافكار وسهولة العبارة وايصال الفكرة، اسلوب التحليل جميل وسهل وكأنه يقوم بعملية تحقيق للوصول الى الحقيقة عن طريق أسئلة واقتباسات -اختيرت بعناية- لغيره من المفكرين مما يدل على أنك تقرأ لمثقف عظيم
الكتاب كما يبدو هو تجميع لمجموعة محاضرات وندوات حول موضوع الكتاب ومشروع المفكرملكيان" العقلانية والروحية" وأيضا تفريغ للنقاشات والأسئلة التي تخللت بعض الندوات..ولهذا يبدو الكتاب أحيانا غير ملتزم بالفكرة الرئيسية ..رغم أنه يتماس معها بشكل أو بآخر. المفكر يرى أن التدين التقليدي يعاني من تحديات كبيرة مع الحداثية والنزعة الحداثية ..ويطرح هذه التحديات وكيف أن التدين التقليدي يفشل في الإجابة عن بعض التحديات المعاصرة التي لا سبيل لتجاوزها أو تجاهلها. وبالمقابل يقدم تبريراته لم العالم محتاج للروحية بل لا غنى عنها.. ... هذه بعض سمات التدين العقلاني الروحاني التي يسردها المفكر ملكيان: -طلب الحقيقة دون إدعاء احتكارها. -الممارسة النقدية -ضبط النفس -الطمأنينة بلا اطمئنان -النزعة الإنسانية -استيعاب هفوات الآخرين -تحاشي الوثنية ..... وعلى كل حال فإن الكتاب مفيد بشكل كبير جدا ..سواء لأنك تجد نفسك بين يدي مثقف ضخم بمعنى الكلمة. أو لأن الكاتب يقدم لنا درسا في الحيادية الفكرية بشكل جدير بالتعلم منه.
كتاب عظيم يحوي بين طياته معارف كثيرة و وقفات تأمل عديدة. أستخلص منه انه "لا يجب ولا يمكن الخوض في الدين وتقييمه بحسب قواعد العلوم والمعارف البشرية أو فهم الإيمان والمدعيات الدينية وتفسيرها وفق مفاهيم وقبليات تنتمي لفلسفات ونظريات بشرية غير دينية."
الكتاب عبارة عن دراسة عن التدين في العالم المعاصر. أول خمسة فصول عبارة عن شرح لمفاهيم مهمه كمتبنيات الانسان من أفكار حول اكتشافاتهم وعن الوحي وشرح لأهم المفاهيم مثل الإيمان والاستنارة وفهم الذات. أما باقي الفصول فهي أسئلة موجهة للكاتب واجوبته عن أهم الاسئلة التي تتبادر في اذهان الناس عن الجانب الروحي وعقلنته. إجابات واضحة تتسم بالحيادية والعمق المعرفي.
إن الإيمان ممارسة إرادية، باعتبار ان النصوص الدينيه أمرت به واثنت عليه كفضيلة دينية خلقية وتوعدت تاركيه، وجب ان يكون لم يقم لها أو عليها دليل عقلي قاطع. وهو عسير على بعض النفوس الرقيقة المشاعر. ولأن العالم ليس راحة للجسم، بل مصنع للروح، عظمة الإيمان تكمن في أن يؤمن الإنسان رغم تحليه بخصال التفكير العميق والمشاعر اللطيفة واللادوغمائية، وصبره على كل متاعب الإيمان.
ما راق لي هو أن طلب الحق بمفهوم العقلاني المتكئ على العلم هو طلبٌ لكلام ثابت ومنطقي ومقنع فيقول "حينما نطلب الثبات سيقلقنا كل ما يهدد تغيّر هذا الثابت، وإذا كنت مهموماً بأن لا يطرأ أي تغيير على ما اتبناه، سأعيش الهم والاضطراب والهلع دائماً، لوجود الكثير من العوامل المرشحة لتغييره وتبديله. وسأرى العالم في عناد مستمر مع هذا الثابت، أما إذا لم انشد الاستقرار، فلن يقوى شي على زعزعة سكينتي وطمأنينتي. ولذلك الإيمان الديني هرولة وراء نداء الحقيقة وليس التصاقاً بعقيدة تتوشح ثياب الحقيقة." وهذا ينم عن عدم الأمان،" ولا يتاح التوفيق بين الانعتاق والامن الا بالتوكل على الله. فبهذا الاعتماد يمكن التحابب والتفاؤل والابتهاج في عالم مترع بالاضطرابات والتوترات والموت والحياة." ويتأتى هذا بقرار صادر عن ايمان راسخ.
المتدينون ديانة عقلانية لا يعتبرون أنفسهم "أصحاب الحقيقة" وإنما يفهمون ان تدينهم بمعنى انهم "طلاب الحقيقة" بل انهم شرعوا بطلبها وانطلقوا في حركة سلوكية للوصول إليها. وان العقلانية و المعنوية ممكنتي الجمع بل هناك ضرورة وحاجة أكيدة للجمع بينهما، عبر استدعاء العقلانية من الحداثة، والمعنوية من النصوص المقدسة.
العلاقة الجدلية بين الغيبي والديني من جهة، وبين العقلاني والزماني من جهة أخرى، دائماً ما يعالجها ويقاربها ملكيان بطريقة تفتح الباب نحو السؤال، دون إجابات نهائية حاسمة، لكنه يمنحك طمأنينة جوانية، ترتكز على منطقية السؤال والبحث وصوابيتهما.
إن مفهوم ” تطور العلوم ” بحد ذاته يشير تلويحًا، بل تصريحًا، إلى أن العلوم كلها لا تخلو في أي حقبة طوال مسارها التاريخي وتطوراتها المستمرة، من ثغرات ونواقص، وإلا لما كان لتطور العلم من معنى. بيد أن هذا النقص ليس ماهويًا جوهريًا، إنما يعني فقط أن العلوم لم تبلغ غايتها، وربما لن تبلغها في أي وقت لاحق العلم ذاته ولا تشوبه عيوب ونواقص جوهرية قاتلة. إنما يكمن العيب والنقص الجوهري ، أو بعبارة أفضل؛ يتجسد الخطأ الفكري العظيم في النزعة العلموية، والتي تعني تجاهل حدود العلم ومادياته الطبيعية ، وجعله رؤية كونية، ونظرية حياتية، وايديلوجيا شاملة. فالخبير العلمي الحق إذ يرصد قابليات العلم وكفاءاته، لا ينسى ثغراته وقيوده. وبذلك يحدد مكانة العلم ومنزلته، ويتفهم أن العلم عاطل عن أي نفي أو إثبات خارج نطاق تخومه الطبيعية. أما الذي لا يعرف حقيقة العلم، فقد يجره إلى خارج حدوده، ويراه مفتاح حل كل المعضلات،وعلاج كل المشاكل ، ويصنع منه ايديولوجيا ( علمية ) ليضحي بنفسه عند قدمي هذا الصنم الذي نحته بيديه. العلوم غير الدينية، عقلية كانت أم تجريبية أم تاريخية ، لم تخلق للإنسان العصري مشكلة أو معضلة، وهي من هذه الزاوية معصومة بريئة. أما العلة الأم لمعضلات الإنسان المعاصر ومتاعبه فهي العلموية، أي استخلاص نظرية شمولية من العلم ، والإيمان بايديولوجيا علمية. من هذا المنظار راح الإنسان العصري ضحية وثنيته. وهل الوثنية إلا عدم التفطن إلى قصور الموجود القاصر ؟
كتاب مهم في بابه "فلسفة الدين" وعلاقتها بالعقلي والعلمي، يفتح أبواب تساؤلات ويغلق بعضها، ورغم طول الكتاب نسبيا الا ان توزيع مواضيعه والفصل بينها تسهل قراءته، أنصح بقراءته لمن لديه اهتمام بموضوعه