Jump to ratings and reviews
Rate this book

تسكب جمالها دون طائل

Rate this book
لقد أحببتُ من قبل
مسَّنى الشغفُ والنور وأغرقتني النشوة
ولم أعرف أحداً يحوِّلُ مواسير الحديد إلى أرغفةٍ ساخنة

أيها الظلام الذي يستكينُ بجواري
لقد انتظرتك طويلاً
أيُّها الليل

كانوا يحوِّلونَ أنفسَهم إلى موسيقى
فكنتُ أتحوَّلُ إلى إسفنجة كي أمتصَّ الجمال
لقد رقصوا معي في النار وفي الخوف

أيُّها الظلام الذي يرسم دوائر صغيرة حولي
أيها السكون المشتعل
ما الذي أصابني لأطاردك ؟


ضعيفٌ أنا يا امرأتي القوية
قوىٌّ يا امرأتي الضعيفة
ضعيني بين أقواسٍ ولا تتركيني حراً بين السطور
ضعي نجمةًً فوق رأسي واكتبي في الهامش
كان حبيبي


لقد حذرتَني من منحِ قهوتي يا أبي
مع أنهم لا يحبونها
يا أمى
أنا أرتدي أحلى فساتيني
ولا أحد ينظر باتجاهي


قال : أنا أقرأُ أفكارك
قالت: أعرفُ ولا أكترثُ
ستضيِّعُني في كل الأحوال
قال : أنا أقرأ أفكاركٍ
قالت: متى ستقرأ مشاعري ؟
قال : أنا أقرأ أفكاركِ
قالت : وأنا أراكَ


تكتبُ رسالةً إلى رجلٍ بعيد كي تفرحَ
تطيرُ لأنها تكتب ما تفكر به كاملاً دون حذف
يعاقبُها لأنَّها تحبُّه
يتألمُ تحت الجليد ولا يصرخُ أبداً
تصدِّقُ مشاعرها أكثرَ مما تصدقُ صمتَهُ
تفكرُ بتجاوز كلِّ شىء والذهاب إلى السماء

أيَّها الوضوح الشافي
لا تتركنى طويلاً بجوار بحرٍ مزيف
خذني إلى غابتي البعيدة
أو أعدني إلى بلاط حجرتي البارد
أيتُها الحقيقة التي لا يرغبُ بها أحدٌ
أنا أحبُّكِ

90 pages

First published December 13, 2011

224 people want to read

About the author

غادة خليفة

4 books154 followers




غادة خليفة عبد العال
شاعرة وتشكيلية

تخرجت من كلية الفنون الجميلة سنة 2000
واشتركت في عددٍ من المعارض الجماعية

وأقمت معرضاً خاصاً واحداً سنة 2005
في هذا المعرض وضعت كتيب صغير به أشعاري
وفي أحد الأيام دخل رجل عجوز إلى المعرض لم أكن أعرفه قال: " أنا لا أفهم ما ترسمينه ولكن كتابتك جميلة جداً "...

أعترف أن هذا الرجل غيَّر حياتي لأنني وجدت نفسي فرحة جداً بطريقة لم أعرفها من قبل وقررت في هذه النقطة أن أتجه للكتابة

بدأت أذهب إلى التجمعات الأدبية لقراءة نصوصي والاستماع إلى آراء الآخرين والاقتراب أكثر من عالم الأدب
قالوا لي لا يوجد شىء اسمه قصيدة نثر ، عليكي أن تتعلمي الوزن

قالوا إن نقصاً في التعلم والمعرفة يؤدي إلى هذا الشكل من الكتابة ، بإمكانك أن تكتبي القصة أفضل

أنا لم أختر قصيدة النثر أتصور أنها اختارتني
حياتي لا تخضع للمسافات المحسوبة بين فعلٍ وآخر، أنا لا أعيش وفق إيقاع منتظم
لن أستطيع أن أُخضع ما أكتب للإيقاع هذا لا يناسبني....


الكتابة تمسني في نقطة عميقة وتبهجني .. أحياناً أكتب لأستمع لنفسي وأحياناً أكتب لكي تطفو قليلاً وجوهي التي لا أستعملها في الواقع... اشعر بالتحرر والانفلات من أسرٍ مبهم كلما كتبت


أراهن على قدرة الكلمات في الاتصال بمشاعر الآخرين أحاول إيجاد لغة تخصني ....

تجربتي في الرسم علمتني أن اللوحات الفاشلة هي التي تصنع اللوحات الجيدة ...

أكتب لأنني لا أجيد الاحتفاظ بالأشياء داخلى وأرغب دائماً في تعرية مشاعري


..............


لديَّ مدونة اسمها (ست الحسن)
www.setelhosn.blogspot.com
أنشر فيها كتاباتي ومسودات قصائدي بشكلٍ منتظم

وأصدرت ديواني الأول ( تقفز من سحابةٍ لأخرى) سنة 2009
الديوان الذي فاز بجائزة أفضل ديوان أول في ملتقى النثر العربي – 2010

الديوان الثاني صدر عن دار شرقيات وبمنحة مقدمة من المورد الثقافي ( تسكب جمالها دون طائل)



.....

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
8 (10%)
4 stars
32 (40%)
3 stars
33 (41%)
2 stars
3 (3%)
1 star
4 (5%)
Displaying 1 - 27 of 27 reviews
Profile Image for Amira Mahmoud.
618 reviews8,873 followers
August 4, 2015
اسم الديوان هو أول ما جذبني
ديوان ممتع،لغة شاعرية وقوية
سحرتني في الجزء الأول وأنا قلما تسحرني كتابات الشعر والنصوص
الجزء الثاني لم افهمه بشكل جيد وهي آفه تلك الخواطر التي تكمن معانيها في بطن قائلها

أعجبني للدرجة التي أفكر فيها أن اقرأه مرة أخرى

رسالة بسيطة تعليقًا على اسم الكتاب
إلى كل حمقاء تسكب جمالها دون طائل
لا تبكي بعد ذلك إذ لم يكترث له أحد
إذ لم تكترثي له أنتِ من البداية!

تمّت
Profile Image for سمر محمد.
330 reviews348 followers
March 8, 2015

من أجمال الدواوين التي قرأتها مؤخراً
لغة رائعة قوية ورقيقة في نفس الوقت

أريد أن أغسل ذاكرتي
وأتركها تجف في شمس العزلة المخيفة
أريد أن أواجه عزلتي ولا أحترق ..

أيتها الحقيقة التي لا يرغب بها أحد .. أنا أحبك .

أمشي مكشوفة الضعف بسذاجتي التي تحتويني مثل حزام ناسف
أمشي على زجاج حياتي المُتكسر بقدمين ضيقتين
أمشي وأُعيد اختراع الألم ..

Profile Image for إبراهيم   عادل .
1,067 reviews1,969 followers
December 22, 2011
التجربة الثانية الأكثر نضجًا والأكثر اكتمالاً
.
رغم ما مرت به الحياة أثناء توقفي لقراءته .. إلا أنه كان يعيد لي بث عالمه في كل مرة
...
شكرًا غادة
Profile Image for نزار شهاب الدين.
Author 4 books155 followers
August 31, 2012
هِيَ لا تسكبُ الجمالَ
ولكنْ هِيَ تمتصُّهُ
وتشربُ روحَهْ
ثم تروي ما لم يقلْهُ
وما يومًا تمنّى
ولم يطلْهُ
فيطغى جامحَ السِّحرِ
وهْيَ تروي جموحَهْ

---

من البديهي أن يتطرق شاعر يكتب الشعر العمودي وشعر التفعيلة في سياق تعليقه على هذا الكتاب إلى قضية قصيدة النثر والتصنيف و...إلخ. لكن الأكثر بداهة هو أن نتساءل عمن جعل البديهية الأولى بديهية، خاصة وأن نفس الكاتب تطرق إلى نفس القضية في تعليقه على الكتاب الأول لنفس الكاتبة!

http://www.goodreads.com/review/show/...

ربما يجدر بنا الكلام بعيدًا عن عدسات لقاءات البرامج التليفزيونية الافتراضية التي لا بد أن نستعد لها بإجابات منمقة تليق بتاريخ مسجل على أشرطة متربة (باعتبار ما سيكون) أو سيشاهدها أحد عشر شخصًا على يوتيوب على الأقل. نعم، إن تساوت الجماليات في نصين أحدهما يعتمد على الإيقاع الداخلي فقط بينما يعتمد الآخر على الإيقاع الداخلي إلى جانب الإيقاع الخارجي المحكم دون إفراط ولا تفريط فسأجد جمالا أكثر في الأخير، وسأظل أسمي الأخير شعرًا والأول نثرًا لكن سأظل أستمتع بالنصين. فما الداعي إذن للجدال الذي لن يغير شيئًا؟ ولماذا لا نكتفي بارتشاف الجمال من هنا وهناك؟

الجمال.. هذا ما تقدمه غادة في نصوصها. الجمال والصدق. كل نص يحمل لذعة مفاجئة ولقطات شديدة الحساسية تفيض أحيانًا (كثيرة) فتمنح كل سطر لذعته الخاصة كذلك. غادة لا تخفي شيئًا عن القارئ، ولا عن نفسها. هي تمتص الجمال كإسفنجة، كما تقول، وتسكبه أيضًا كما تقول، لكن بعد أن يمر على أعصاب عينيها وأوردة قلبها. والجمال هنا ليس جمال اللقطة بل جمال الولوج إلى النفس الإنسانية وفتح جراحها بجرأة ثم عرضها حارة نابضة فتجعلك تتحسس جسمك لتعرف من أين أخذتها.

ما بين النص الغنائي الذاتي والسينمائي والسوريالي، استعرضت غادة هذه البنت التي تسكب جمالها دون طائل، تبحث عمن تحلم به وينتظرها لتهجره لأنها تحبه ولا تطيقه وتفتقده وتفتقد افتقاده وتفتقد كيفية التعامل معه ومع نفسها.


جمال النصوص المتدفق يجبرك على تخطي تلك الصغائر من الهنات النحوية والكتابية، بل يخجلك من التطرق إليها إلا بحيلة ذكية كهذه :)
لكن هذا الجمال المنساب في أكثر النصوص له عيوبه، فهو يبرز النقاط القليلة الضعيفة أو العادية هنا وهناك. أوقفتني مثلا عبارة "جاذبيتك شديدة" وأيقظتني، بعاديتها، من الخدر اللذيذ الذي كان يحتويني كسحابة.
تتنوع مصادر الإيقاع الداخلي بين الصور (هناك غرام واضح بالصور المتميزة) واللمسات اللغوية المتعددة والمفارقة والدراما. والأخيرة كانت حاضرة، على قلتها، حضورًا بارزًا، خاصة مع مزج الدراما بالسوريالية أو الواقعية السحرية في نص "كابوس التمام" والذي كنت أتمنى أن تكون غادة أكثر كرمًا في منح القارئ مفاتيح فك شفرته لأن التداخل بين الضمائر والمشاهد أحدث نوعًا من الخلخلة في البناء الدرامي، إلا إن كان هذا مقصودًا لمحاكاة جو الحلم/الكابوس وعدم الفهم المرتبط به كذلك. وددت أيضًا لو لم يوظف اسم "محمد" في سياق هذا الحلم، رغم أن الاسم ليس قصرًا على النبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا يمكن الإشارة به لغيره، خاصة وأن إهداء الكتاب موجه لـ (محمد) بعينه، إلا أن الإشارات الدينية في الكابوس (السجود، النار، الحضرة، إلخ.) قد توجه الفهم في اتجاه أتحرج شخصيًا منه.

ملحوظة:
الكتاب في رأيي يستحق ثلاث نجوم ونصفًا، وكنت لأمنحه أربعًا لولا أن هذه في رأيي درجة كتاب آخر بنفس الجودة وفوقها مزية الإيقاع الخارجي كما أسلفت في أفضلية ذلك عندي، خاصة مع صعوبة حصول كتاب على خمس نجوم.

بعيدًا عن ملحوظتي وعن الجدل الأدبي الذي لن ينتهي، هذا كتاب ممتع حقًا يستحق القراءة، مرات، ويستحق الكتابة عنه بشكل أفضل من هذا بكثير. شكرًا غادة ومعذرة.
Profile Image for Radwa.
82 reviews
December 17, 2011
لن أكون أبدا حيادية
عاصرت قصائد الديوان و هي تكتب
و عشت حلم ضم الديوان لمكتبتي فخرج من المطبعة أجمل من الحلم بمراحل
أظنني سأستغرق وقتا طويل حتى أتوقف عن تأمل اللوحات داخلة
و سأستغرق وقتا أطول حتى أتوقف عن فتحه عشوائيا و ترديد المقطع الذي وقعت عليه عيني

تحذير هام للقريبين مني
ديوان جديد سأصدع رؤسكم بقراءتي لأبياته و لن يتكمن أحد من إيقافي
:D
Profile Image for Marwa Eletriby.
Author 5 books3,028 followers
March 31, 2016
من الصعب كتابة اقتباس بعينه لأني تقريبًا اقتبست أغلب الديوان
.
الديوان مميز جدًا وقريب
جدًا الي قلبي
شكرًا للجميلة غادة ..
Profile Image for جابر طاحون.
418 reviews218 followers
June 18, 2015

الأرقام الصحيحة نادرًا ما تًبهر
كن رقمًا خاطئًا و انس الألوان الحقيقة
تذكر فقط الإجابات التي ترتجلها لإمرأة تسألك في خوف
ما هو الحب ؟
Profile Image for Dalia.
Author 1 book459 followers
February 22, 2015
كانت هذه النصوص الشعرية خير ملهي عن الكتابة الأكاديمية ، وأول ما جذبني للقراءة حين وجدت رابط الكتاب عند العزيزة لبنى هو العنوان: تسكب جمالها دون طائل..
منذ حينها وأنا أفكر كم هذه الجملة حقيقية وصادمة في ذات الوقت، وغير مقبولة أيضًا، الجمال ليس شيئًا ينسكب ، وأيضًا فكرة"دون طائل"، هل للجمال غرض ومغزى في الأساس؟
الكثير من الأسئلة من مجرد العنوان، ولذلك كنت أتحرق شوقًا لأصل للقصيدة التي تحمل هذه الجملة حتى قالت:
أنتظر قهوتي بصبر
دون أن أوسع دائرة النيران حولها
أنتظرها كي لاتسكب جمالها دون طائل
أراقبها وهي تتكاثف كي أعرفها
عشرة أيام وأنا أنظر داخلها لأراها
بعدها توقفت عن رؤية أي شئ
أصبح قلبي مغلقًا وأظلمت روحي
َ


غادة تكتب بصدق ورقة لامثيل لهما، ربما هي تلمس روح المرأة العصرية الحقيقية، هي لمستني..
Profile Image for Maha Hameed.
16 reviews15 followers
March 10, 2012
...
أيها الظلام الذي يستكين بجواري
لقد انتظرتك طويلا

كانوا يحولون أنفسهم إلى موسيقى
فكنت أتحول إلى إسفنجة كي أمتص الجمال
لقد رقصوا معي في النار و في الخوف

أيها الليل الذي يرسم دوائر صغيرة حولي
أيها السكون المشتعل
ما الذي أصابني لآطاردك
...

من نص "مقاومة النور و العتمة" ء



الديوان أعجبني بصدق
و اللوحات في نهايته (أسميها وجوه غادة) كانت مفاجأة حلوة
.. أمسك بالكتاب و أشعر ان بين يدي عمل متكامل متقن

إلى الأمام دائما غادة :)
Profile Image for Zahra.
128 reviews
March 16, 2012
ديوان رائع بدايه من الغلاف الجذاب بالوانه الخلابه الشديده التناسق
وحتى لون الورق الداخلى والتصميم الرائع
كتابه غاده تشبهنى او فى رايى تشبهنا نحن الفتيات فى مرحله معينه من حياتنا
نصوص رقيقه وصادقه وتمسك حتى النخاع
ويبقى السؤال
هيا ليه كل الكتب الحلوه اوى صغيره الحجم؟! :((
Profile Image for روان يوسف.
493 reviews58 followers
April 1, 2015
تانى عمل اقراه لغادة خليفة
يبقى الديوان الآخر هو المفضل بالنسبة لى أكثر ربما لأنه يشبهنى أكثر من هذا
أحببت هذا أيضًا خاصة
"روحى مختنقة
و قلبى شاحب مثل قمر بهالة خضراء
أكتب ما سبق أن كتبته
و أعيش ما عشته من قبل"
توصف حالتى حاليا
Profile Image for محمد عبادة.
Author 28 books251 followers
November 30, 2012

قراءة في ديوانَي (غادة خليفة):
تقفزُ من سحابةٍ لأخرى – تسكبُ جمالَها دونَ طائل
................................................
(غادة خليفة) من الأصوات الشعريةِ الشابة التي أوجدت لتجربتِها مكانًا متميزًا في الساحة الأدبية المصرية ، وقد حصلت على جائزة ملتقى قصيدة النثر العربي عام 2010 عن ديوانِها الأول (تقفزُ من سحابةٍ لأخرى) .. ثم أصدرَت في مطلع هذا العام ديوانَها الثاني (تسكبُ جمالَها دون طائل) .. وهذه القراءة هي محاولةٌ لتبيُّن الخطوطِ العريضة لتجربتها الشعرية عبرَ هذين الديوانَين وعبرَ عدةِ أمسياتِ شعريةٍ شاركَت فيها (غادة) بإلقاء قصائدِها، وٍسأحاولُ تلخيصَ هذه الخطوط في نقاطٍ محددةٍ ، فيما قد يمثلُ مسوَّدةً لقراءةٍ تسعى إلى الاكتمال ولا تصلُه:
• الفرضيةُ القرآنية/النثرية: رسمُ الأحرف النهائية للكلمات الأخيرة في الفقراتِ أو في القصائد يحتفظُ عمدًا بالتشكيل، كما لو كانت الفقراتُ أو القصائدُ لم تنتهِ بالفعلِ، وينطبق هذا على ما تفعلُهُ (غادة) أثناء الإلقاء في كثيرٍ من الأحيان .. وهي حالةٌ قرآنيةٌ بشكلٍ ما ، حيثُ يُفترضُ في قراءة القرآن أنَّ القارئَ لن يتوقفَ عن القراءة ، وحين سينتهي سيبدأُ من جديدٍ في حلزونيةٍ يعبرُ عنها الحديث: "اقرأ وارتقِ ورتِّل، فإنَّ منزلتَكَ عند آخرِ آيةٍ تقرأُها." الحالُ هكذا مع (غادة) ، فاسترسالُ التشكيلِ في كثيرٍ من المواضعِ يفترضُ نهمًا أبديًّا للمزيدِ من التجربة .. ببساطة ، (غادة) تبتلعُ اللحظات بشكلٍ مستمرٍّ وتكادُ تُنهي نصوصَها مرغمةً ، لأنها في حالةِ صعودٍ مستمرٍّ نحوَ أفقٍ غير محدّد .. توجد قراءةٌ أخرى محتملة لهذا الأمر وهو أنَّ مسألة التسكين المرتبطة بالرّوِيّ بشكلٍ ما أو بآخَر ، تمثّل في وعي (غادة) -أو لا وعيها- ارتكانًا إلى موروث الرّوِيّ المرتبط بسلطة العمود والقالَب التقليدي ، فهي تحافظُ على حال الاضطرابِ والثورة حتى آخر حرفٍ في التجربة .. بمعنى أنّها تمضي مع فرضية (النثرِ) إلى آخرِها ..

• الاحتفاءُ بالذاتِ الطفلة: قصيدتُها (نسيانٌ متعمَّد) التي تلخص – في رأيي – رؤيةَ (غادة) لذاتِها .. احتفاؤها بالحالة الطفولية التلقائية في النصف الأول من القصيدة قبل أن (تسقُطَ) ، ثم يخنقها البكاء ، ثم تتناسى هذه الخبرة الفرِحَة بأن "تغسل وجهها وتغرقه في المساحيق" ، ربما يعني أنّها تشفق من مستقبلٍ ستُضطَرُّ فيه إلى أن تكونَ أقلَّ تلقائيةً مما هي عليه .. ليس اعتباطًا أنَّ هذه القصيدةَ وحدَها تذكرني باثنتَين من أجمل قصص الأطفال وأقربِها إلى قلبي .. (ثلاث ريشاتٍ) ، و(الأرنبُ الحكيم) .. في الأولى تكونَت لديَّ بداياتُ إدراكٍ لكُنهِ الأنوثةِ ، حيثُ تسيرُ البطلةُ الطفلةُ في طريقٍ جميل ، ثم تهبُّ الريحُ فتُطيرُ قبعتَها كما تُطيرُ فستانَها إلى أعلى ، فتتركُ القبعةَ ذات الريشاتِ الثلاثِ لتطير ، بينما تمسكُ بفستانِها لتكبَحَ حركتَه التلقائية ..
في القصة الثانية، يقنعُ الأرنبُ شعبَ الفِيَلَة بأنّ القمرَ غاضبٌ لأنهم شربوا من بحيرتِهِ
وأثاروا صورتَه المنعكسةَ على سطحِها .. حين تقولُ (غادة): "الأرنبُ داخلَ القمرِ
يبتسمُ لها"، فإنها تعبرُ عن حالة الحكمة والرضا المُدَّخَرَةِ في البعيدِ الذي لا يُطال .. تعبيرٌ
آخَرُ عن الاحتفاءِ بالطفولة ..

• حضورُ الوعي ومعمارُ القصيدة: يُلاحَظُ أنّ النصوصَ ذاتَ المعمار الواضح في الديوان الأول (تقفزُ من سحابةٍ لأخرى) أكثرُ منها في الديوانِ الثاني (تسكبُ جمالَها دونَ طائل) .. قصيدةٌ مثل (نسيانٌ متعمَّد) وأخرى كـ(غير ملومين) في الأول من أفضل الأمثلة على هذا المعمار المتماسك .. ولا يكاد يكون بين نصوص الديوان الثاني إلا بضع قصائد تنتمي إلى هذا المعمار .. ربَّما هو هروبٌ من الوعي في الديوان الأول إلى اللاوعي في الثاني ، فَـ(غادة) تعتمدُ تقنيةَ التداعي الحر في الكتابة بشكلٍ أساسيٍّ في الديوان الثاني، ربما لتهرب من سلطة وعيها بالفعل .. وأرى أنَّ هذا يتَّسِقُ مع عنوانَي الديوانَين .. فالأولُ رغمَ أنه مقتطعٌ من قصيدةٍ واضحةٍ مفزعةٍ تتنبّأُ فيها (غادة) بمصيرِها وتُبدعُ الـEschatology الخاصّ بها ، إلا أنه يكرّسُ حالةَ البهجةِ والحضور التي تحكم النصف الأول من القصيدة (تقفزُ من سحابةٍ لأخرى) .. حتى العنوانُ يذكرُنا بلعبة (أتاري) مرتبطةٍ بطفولتنا السابحةِ في الثمانينيات!
أمّا العنوانُ الثاني (تسكبُ جمالَها دونَ طائل) ، فيكرّسُ حالةً من اليأس والاعترافِ
بالفشل وبالعبث ..
تجرُّني هذه المسألة إلى موضوعِ التراتب الزمني لإصداراتِ المبدع ووعيه بعلاقة إصداراتِهِ ببعضها ، كما تجرُّني إلى علاقة العنوان بالنّصّ وأسبقية أيٍّ منهما على الآخر .. أتصوّرُ أن إدراك (غادة) لهذه العلاقة بين ديوانَيها رُبَّما جاءَ بعد أن أنجزَت الثاني بالفعل .. لكن ، ماذا لو أنَّ مبدعًا ما كان لدَيه مخطَّطٌ لإصداراته وموضوعاتِها قبل حتى أن يشرَعَ في كتابتِها؟!
هل هذا الوعي القبليُّ (وهو وعيٌ بالذاتِ بشكلٍ ما) يبعِدُ الكاتبَ من دائرةِ الإبداعِ بدَعوى أن الفنَّ تلقائيٌّ إلى أبعد الحدود؟! .. وبالمثل ، هل اختيارُ العنوان قبل كتابة النص يخرج الكاتب من هذه الدائرة بدعوى أنه يحجرُ على أفكاره مقدَّمًا؟ شخصيًّا لا أرى ذلك ..
في النهايةِ ليس لديّ حكمٌ قيميٌّ جاهزٌ أيضًا فيما يتصل بأفضلية أيٍّ من الكتابة الواعية وغير الواعية .. أراهما في النهاية خيطَين ينضفران بشكلٍ محتومٍ في كل كتابةٍ ، ويكاد يكون من المستحيلِ أن نقطع بسطوة أحدهما على الآخَر خارجَ النص .. فرويد كرّس (اللاوعي) وقلَبَ التراتبَ الأفلاطونيَّ حين بسطَ هيمنتَه على الوعي ، كما فعل (نيتشه) في تصوره عن أسبقية (الصيرورةِ) على الوجود .. ثم جاء (دَريدا) لينسِفَ الأسبقيات ويكرّس سيولةً شاملة !

• الكتابةُ الواعيةُ بذاتِها واستحالةُ الحُلم: في قصيدتها (نبوءةٌ لن تتحقق) أو (فيرونيكا تقرر أن تعيش) في الديوانِ الأول: (غادة) بهذا العنوان تسفِّهُ مسعى القصيدةِ بنفسها .. "سيقولونَ مجنونةٌ .. ويتركونني كي أعيش"، لكنَّ هذا ببساطةٍ لن يحدث كما يخبرنا العنوان! .. إنها حالةٌ تشبهُ (صورة دوريان غراي) الكتابَ المقدَّسَ للفنِّ ، الذي يُقدِّسُ الفنَّ وينسفُ قدسيتَهُ من جذورها في ذات الآن ..
ويحدثُ هذا بشكلٍ مختلفٍ في قصيدتها (مرآة) .. تُكَذّبُ (غادة) أصلََ الإهداء في الديوان الأول: "إلى كلِّ من علّمني أن أتكئَ على ذاتي .. وأن أحترمَ طريقتي في فهمِ العالَم". حيث تقولُ هنا: "خيطُ الإحساس الذي أتكئُ عليه يخدعُني / ماذا لو أنني أرفلُ في الزيفِ وبغباءٍ متعمَّدٍ أرفضُ الواقع؟! / مرآتُكَ ليست حقيقيةً أبدا." .. السؤالُ هو: ألا تحتاجُ التجربةُ الصوفيةُ المتكئةُ على ذاتِها إلى ضبطٍ ما؟ السؤالُ قديمٌ جديد، وهو مجردُ دعوةٍ لعصفِ الأدمغة!
• كتابةٌ لانسوية!: في قصيدة (ثبات) من الديوان الأول، تقولُ: "ليس في نيتي أن أنغمس معك في علاقةٍ خاصةٍ ، أو أن ألقنَكَ درسًا لن تنساه / فقط أحبُّ أن أشاهدكَ ترسمُ خطوطًا حولي / تغلقُ المساحةَ جيدًا قبل أن تشدَّني بقوةٍ إليك." .. لا يمكن وصفُ كتابةِ (غادة) بأنها نسوية .. القصيدة تحتفي بالرجل العنكبوت! الرجلُ الذي يمارسُ رجولتَه طيلةَ الوقت بينما الفريسةُ مستكينةٌ (ثابتةٌ) تنتظرٌ أن يجدلَ خيوطَهُ حولَها ويُتِمَّ صيدَها .. لا تريدُ الشاعرةُ ثورةً في الحقيقةِ على ما هو كائنٌ ، بقدر ما تفضَحُ الحالةَ الرّاهنة .. تعرّيها أمام العِيان لكنّها تظلُّ أسيرتَها ..
• تراوحُ الصور الجزئيةِ بين الروعة والإحالة: قصيدة (وهمٌ دافئٌ) من الديوان الأول نموذجا: نجدُ صورةً بارعةً بكلِّ المقاييس (ماذا تفعلُ لامرأةٍ تنسجُ ثوبَ زفافٍ من خيطٍ وحيدٍ يتدلى من كُمِّ قميصِك؟) في مقابل تعبيرٍ لا أكادُ أجدُ مدخلاً لفهمه على الإطلاق (عن زاوية الضياعِ بعينيك) .. هذا التراوُحُ بين معقوليةِ الصُّوَر لا يترك سوى إحساسٍ ببداية تسرُّب (التداعي الحر) إلى الكتابة ..
• توثينُ الفن: في قصيدتها (الأربعاء) المهداة إلى (عمر جهان والمجموعة) تقول: "عندما دخلناأسكرتنا الألوانُ ، أغوانا المكانُ بالدفء / صار الوقتُ مشمسًا والدهشةُ حقيقية." .. إلى هذا الحدِّ يمكن أن يكون الفنُّ هو الحقيقة .. أتصور أن النصوص التي تخرج فيها (غادة) خارج إطار رؤيتها للعلاقة مع الرجل هي النصوص الأكثر واعديَّةً بتطوُّرٍ تعبيريٍّ في مستقبل كتابتِها .. ربما لأنها النصوص الأندر لدَيها ..
• من اللافت للانتباه حرص (غادة) على إفراد الصفحات الأخيرة لديوانَيها للوحاتها المحتفية بالأوجُه .. لماذا لم يُلحَق وجهٌ ما بكل نصٍّ على سبيل المثال؟!
أتصوَّرُ أنَّ الأمرَ كذلك لأنها لا تريدُ معادلاً بصريًّا للنصوص ولا لتيمة الديوان الرئيسة بقَدر ما تشيرُ من طرفٍ خفيٍّ إلى رغبتِها الدفينةِ في الصمت ، رغم كلِّ هذه الثرثرة ، أو بعدَها .. الصمتُ هو حالةُ الكمالِ والامتلاء والتطابق مع الذات التي تَنشُدُها الشاعرةُ من وراء كل هذا .. ولا يوجدُ فنٌّ يحتفي بالصَّمتِ كالتشكيل .. ولماذا دائمًا كانت اللوحاتُ بالحبر الجافِّ تحديدًا ، رغم أنّ (غادة) تشكيليةٌ متمرسةٌ تعرف التعامل مع معظم الوسائط إن لم يكن كلها؟ أتصوّرُ أنَّ لهذا علاقةً بعدم قابليةِ الوسيطِ للمحو .. بخلاف ألوان الخشب مثلاً ، سيكونُ الصمتُ هنا أبديًّا .. بقاءٌ يقتربُ من المطلقية .. ولماذا وجوهٌ فقط؟ لأنَّ هذا هو مشروع (غادة) حين تخرج من إسار الرجل .. الناس .. والناسُ وجوهُ الناس .. وهذه الوجوه تنبتُ حولها وفيها دائمًا كائناتٌ صغيرةٌ: إما نقطٌ تكوّنُ بؤرًا كما في الوجه الأول في الديوان الثاني ، وإمّا قطعٌ مستقيمةٌ حول العينين والأنف كما في الثاني ، وإمّا زخارفُ بيزنطيةٌ كما في الثالث الذي أحبُّهُ كثيرًا بعينَيه اللتَين لا تعرفان البؤبؤ كتماثيلِ اليونانِ ، وبتلك الزخارف التي تُعيدُني إلى (جوستاف كليمت) والـArt Noveau .. إنه الوجهُ الأخلدُ لأنه لا ينظرُ إلى شيء .. تعرفين يا (غادة)؟ هو يفتقدُ للدفءِ تمامًا لتفاصيلهِ هذهِ ، ولهذا فهو الأخلد! الوجه�� الرابعُ (نيجاتيف) مهولٌ لمن قبله ومن بعده .. مجردٌ من كل التفاصيل .. ربما ليرسُمَ القارئُ له التفاصيلَ التي يراها تناسبُ ذائقتَه .. لا تنسى (غادة) كتشكيلية أن تمنحَنا بعضَ المساحة لكي نرسم!! الوجهُ الخامس كاتبٌ بالإيحاء! أعني أنّ الريشات النابتةَ في جوانبه تشيرُ إلى استغراقِهِ في الكتابة، ولذا يبدو الأعمقَ حزنًا، وهو خالٍ من الألوانِ أيضًا لأنه أفرغَ ألوانَهُ بدورِهِ على دفتره .. اللوحة السادسةُ هي المنظرُ الجانبيُّ الوحيد .. لا يظهر النصُّ الكلاميُّ إلا في هذه اللوحة ، وهو هنا سطور أغنية Backstreet Boys .. هو الوجهُ الأكثرُ انعزالاً لأنه لا ينظرُ إلينا .. ينظرُ في فراغه الخاص ، ولهذا نبتت فيه كلماتُ أغنية الوِحدة، وأعشبَت أيضًا !! اللوحةُ السابعةُ رجلٌ معيَّنُ الوجهِ لا يعبأُ بوجودِ (غادة) وينبتُ من رأسهِ هوائيٌّ محترَمٌ كقرنَي استشعارٍ لا علاقةَ لهما بما تريدُهُ (غادة) من آدم��ة .. والوجهُ الأخير (غادة) ، وجهُ الغلاف (غادة) ..!
• الألغاز النّصّيّة: يلاحظُ إصرار الشاعرةِ في الديوانِ الثاني على إدراج نصوصٍ لا تحملُ عنوانًا نصّيًّا بل رقمًا من (1-9) ، وعدمُ إدراجها في الفهرس -حتى ولو بأرقامها- يوحي بوجود لغزٍ نصّيٍّ Cryptex على غرار تلك الألغاز المنتشرة في رواية (شفرة دافنتشي) لـ(دان براون)! تتبُّع هذه النصوص التسعة يشبه الدورانَ في حلقةٍ مفرغَة .. يتوسطُها النص رقم (5) الذي يحتفي بالوهم ويقدسُهُ، أعني وهمَ الوجود في حضرة رجلٍ يصطادُ الشاعرةَ بصمتِهِ دون نطقه: "تغازلُني الآنَ دون أن تنطق" ، وهو ما يبدو أن الشاعرة تبحثُ عنه: صمتٌ يغنيها عن كل هذه الثرثرة ، وهو يتّسقُ مع الركون إلى الوجوه الصامتة في نهاية الديوانين. لكن أربعةً من النصوص قبل هذا ومثلَها بعده تعترفُ بالفشل والعبث وتركن إلى الثرثرة تمضيةً لوقت الانتظار الطويل ..
• تبادلُ الأدوار: في نص (خيالٌ مسكون) من الديوان الثاني .. هو مسكونٌ لأنه ملتبسٌ طيلةَ الوقت .. توجد حالةٌ من الـRoleplaying تملأ النص .. تبادل دور الفريسة والصياد بين الذكر والأنثى أكسبَ النصَّ ثراءًا واضحا .."قلتُ: كن مرةً صيّادًا ، وكن فريسةً / قال: أنا فريسةٌ ضعيفةٌ تصطادُ صيادَها."
• السيناريو السينمائي: اختيارُ اللغة السينمائية في تجربةِ (مكعَّب روبيك) من الديوان الثاني، والتي تستلهم فيلمًا سينمائيًّا، تقنيةٌ تستحق التوقفَ عندها .. كنت أنتظر تعقيدًا ما في حبكة النص ، اتكاءًا على عنوانه الذي يشير إلى لغز رياضي ميكانيكي شهير اخترعه المجري (أرنو روبيك)، وعلى اللغة السينمائية المتقاطعة مع فيلم حقيقي The Holiday يجسد معادلاً ما لحياة الذات الشاعرة .. النص جميل بالطبع .. ربما انتظرتُ منه أن يكون أسرع إيقاعًا ليكسر البطءَ الحزين الذي تصفه الشاعرةُ في بطلتها وفي الفيلم ..
• كابوسُ التمام: نص (كابوس التمام) هو الأكثر استسلامًا بين نصوص الديوان الثاني للتداعي الحر ، ربما هو كذلك لأنه يحكي كابوسًا حقيقيًّا .. رغم أني أفتقد لترابطٍ يقيمُ معمارًا مميزًا في النص، إلا أن شواغل مثل التجربة الصوفية والهوية الجنسيةgender identity والعلاقة بالرجل تتضح في فقراتٍ ومفرداتٍ بعينِها .. للنص هذا الرُّوحُ الپانوراميُّ أيضًا ، ولأنه ينتهي بمكانٍlocation خارجي تبدو فيه السماء ونجومها والقمر ثم تبتلع النيران الصور ، فهو يذكرُني بشكلٍ ما بفيلم La Dolce Vita لـ(فيلليني) .. هو (للتمامِ) لأنه يجمعُ قصاصاتِ الشواغل المؤرقة للذات الشاعرة ، ربما كلَّها .. وهو كابوسٌ لأنها قصاصاتٌ لا تكتملُ أيٌّ منها في لوحةٍ قائمةٍ بذاتِها، ولأنّ النار تأكل الصور المتراصةَ إلى جانبِ بعضِها في النهاية فيبدو الأمرُ غيرَ قابلٍ للحل .. أحب هذا النص رغم ارتمائه في حضن التداعي الحر إلى أبعد الحدود .. ربما راديكاليتُهُ المفرطة هي السببُ في ذلك!

Profile Image for mustapha  elsaid samir.
44 reviews21 followers
October 30, 2012

- 1 -
صوت غادة يلازمني وأنا أقرأ.. أنا لم أسمعها تقول شعرا سوى مرة واحدة.. وما ذلك فهي تقرأ لي الديوان بأكمله بينما أمسك به.. صوت غادة يختلف عندما تقرأ الشعر.. وجهها يختلف.. حركتها تقل.. رغم أن نشاطها يزداد.. أحيانا أتساءل هل تمسك بالقصيدة لتقرأ.. أم أن القصيدة تمسك بها وترفعها في الضوء لتقرأها.. أميل إلى الاحتمال الثاني.. وأمتن للقصيدة لأنها تمتلك ملكة الإلقاء.. وتغير نبرات صوتها عندما تقرأ عينيها تحديدا..

" أبحث عن أغنية تصف قلبا فارغا للتو / تشرح اكتمال فقدان الثقة / ترصد الدفء المتسلل من الذاكرة / حينما يصطدم بالضياع "

- 2 -
لا أحب الكلام في الكتب.. الحروف والكلمات تزعجني.. أعتبرها حيلة العاجز حين لا يجد شيئا حقيقيا ليملأ به كتابه.. لا أحب الغنائية في الشعر – تحديدا - وإنما المشهد الصامت المشحون بالكلام.. أريد أن أخلق أو أشهد الخلق لا أن أكتب أو أقرأ.. أريد أن تربطني بالنص – أقرأه أو أكتبه – علاقة حب تكفي لأن نفهم بعضنا الآخر دون حديث.. أريد أن ينظر إلي فأنظر إليه فنتفق.. الكلام يشبه الصوت المزعج الذي تصدره المحركات المعطلة.. تخبرك بأن لديها طاقة ما لكنها لا تخرج بشكل صحيح ولا تخبرك بالسبب..

" يجلس معي كي يعبر بي فقدان الاتزان / أنا متزنة بطريقتي وهو لا يصدق / لست المراهقة التي تحب الرجل الذي ابتسم لها / وهي تبكي / لا أستطيع وصف مشاعري / أريد الاقتراب منه فقط "

" الكتابة تسرقني من الحياة / ولكن الحياة نفسها لا ترغب بي / صدقيني / لا ترغب بي / الأولاد الذين أحبهم خارج الواقع / كل ما يجذبني إليهم هو الخيال / أنتمي إليهم / مع ذلك يمكنهم الاستغناء عني ببساطة "

غادة تفعل ذلك أحيانا.. ربما لشك ما بداخلها أن القارئ لن يراها حقا.. أو لن يسعى بشكل كاف لكي يراها.. لكنها بالتأكيد تعرف كيف تخلق.. في لحظات عديدة استردت فيها ثقتها بعصاتها السحرية ولم تنظر إلى عيون الجمهور وإنما إلى عين العالم نفسه ..

" كنت فرحة بالمطر مثل طفلة تتلقى لعبة جديدة / الآن / سقف الغرفة يسرب الماء / المياه تتساقط ببطء / أصعد إلى السطح ولا أستطيع نزح المياه المتراكمة / والأوراق كلها ستغرق / حياتي ستضيع..
تضيع الآن / بينما أكتب "

- 3 -
غادة تبدو غاضبة منا.. تريد أن تذهب إلى الشمس لتعتذر نيابة عنا.. الشمس التي تسأل عنا يوميا بأسمائنا وتحرص على أن تضع لكل منا وجبته الخاصة أمام بيته أو على طرف وسادته.. ومع ذلك فلا أحد يسأل عنها حقا.. لا أحد يربت على كتفها ويسألها – ولو مجاملة – مالك ؟.. ينظرون إلى غيابها باعتباره عادة وإلى الغيوم التي تعترضها باعتبارها حزن عابر ستتجاوزه وحدها كالعادة.. لم يفكر أحدهم ولو مرة لماذا يبدو عليها كل هذا الغضب حين تقل المسافة بينها وبينهم صيفا.. ولم يحاول أحدهم فعل ما هو أكثر من الفرجة حين يقتلها القمر لبضع لحظات أمام عيوننا جميعا..

" انتظرتك طويلا / ليس بإمكاني إحصاء عدد السنوات / وما هي سنة في عمر السماء ؟ / وما هي السنة في عمر الطائر ؟
سأنتظرك كسماء / أكاد أسمع خفق أجنحتك "

قررت غادة أن تلعب دور كوكب عطارد.. الذي يحكي لنا عن الشمس باستمرار.. تلك الدافئة الجميلة التي تحب الأطفال.. التي تمنحه الحلوى وتمسح على رأسه في حنان.. هو لا يخبرنا أن تلك الحلوى تؤلم لسانه ولا أن شعره يظل محترقا لأيام في كل مرة تداعبه.. لا يخبرنا كي لا نكرهها.. فاضطرارنا للحصول على الدفء من شخص نكرهه هو أمر مؤلم تماما..

- 4 -
غادة تبدو خائفة.. تحاول أحيانا أن نراها شريرة.. أو قاسية.. ربما بفعل الخوف أو الرغبة في معاقبتنا على ذنب لم نشعر أصلا أننا اقترفناه..

" جاذبيتك شديدة وابتسامتك تعرف / مع ذلك تجمد مشاعرك / تبترها لأنني سأقص جناحيك / كي لا تتمكن من الطيران مرة أخرى / أنا شريرة فعلا / ربما سأحولك إلى شجرة / كي أجلس تحت ظلك / برحابة "

" سأعذبك / هنا تكمن حفرة نارية لم ينج منها أحد "

ورغم كل هذه المحاولات.. فإن غادة تسكب جمالها دون طائل.. هذه الجملة صادقة تماما.. ودالة جدا.. ليس على خيبة الأمل – كما تعتقد هي بقوة.. وإنما على قوة هذا الجمال.. الذي تسكبه باستمرار لكنها لا تصل أبدا إلى أن يراها أحدهم شريرة.. أو مخيفة.. تسكبه باستمرار.. فلا ينتهي..

10 reviews228 followers
December 23, 2013
ربما لم يسعدني الحظ ان اسمع غادة و هي تتغنى بشعرها، الكل يجمع على انها تجربة تستحق ان تعاش.
لكنني اشتبكت مع هذا الديوان منذ القصيدة الاولى فلم اتركه الا و قد انتهيت منه تماما.
من الواضح ان غادة لا تسعى وراء موضة الكتابة، و لا تأبه كثيرا لامور كالكتابة النسوية.... الكتابة التي تحتفي بالمراة و تصورها في مجتمع ذكوري و الامها و رغبتها في التحرر و التي تتراوح ما بين ان تكتب عن القهر الفردي او تتخطاه الى اشياء كتقديس المراة عند الاقدمين و ثقافة المجتماعات البدائية القائمة على الانثى و كيف تم تشويه ذلك و النيل منه على مدار قرون........
غادة ليست شغوفة بالسير على نفس نهج الموضة، كذلك هي لا تكتب نصوصا عادية كالتي يقرضها الجميع، غادة تكتب عن الانثى الطفلة و الحبيبة في وجد....
انثى كعادتها وهج من المشاعر و العطاء تسال الحب.....، انثى مفعمة بالرغبة و الشغف و النقاء و الالم....... انثى لا تجد غضاضة في طرح مشاعرها...... غادة بقصد او بغير قصد تتحدى المجتمع الذكوري على طريقتها و بشكل غاية في النعومة..... تكشف و تفضح و لا تساوم..... في اطار جمالي، مجازي، متالق........
لغة غادة بسيطة جدا و جل صورها ممتدة..... و هو سلاح ذو حدين...... فكثيرا ما تستشعر الكلام قريبا جدا كفضفضة و احيانا تطير عاليا مع صورة مفارقة لكنها و في اكثر الاحيان اعتمدت اسلوب الفضفضة و ربما تعمدت ان تجعل تلك الفضفضة غاية في البساطة، بسيطة الصور و التراكيب و هو ان جعل النصوص شديدة القرب من المتلقي الا انه و في بعض الاحيان قد ينال من جمال المجاز........
غادة اعتمدت ترقيم اول كل مجموعة من القصائد دون ان تفصل بينها و كانها ارادت ان تسرب الينا انها حالات متصلة منفصلة...... بعد كل رقم تكتب عدة ابيات ثم تتلوه في الصفحات التالية ببعض القصائد المعنونة..... غادة و كانما تجمل في القصيدة التي تتلو الرقم ثم تعود لتفصل ما اجملته في القصائد التالية الغير معنونة......
الديوان حالة تستحق التامل و تجربة محترمة ........

انتظرتك طويلا
ليس بامكاني احصاء عدد السنوات
و ما هي السنة في عمر السماء
ماهي السنة في عمر الطائر

سانتظرك كسماء
اكاد اسمع خفق اجنحتك
..........




اريد ان افكك خيوط السقف
كي اتلصص على الجيران
ساصنع سقفا اخر يسمح بصعود الاحلام
اريدها ان تتراكم هناك، و تشعر بالاهمال
لانني لن اصدقها بعد الان
..........
Profile Image for Abdelrahman Elkomy.
83 reviews59 followers
May 16, 2012
سيظل دوما يحمل ذكرى غالية الىّ .. ديوان جميل و فيه رسومات اجمل .. كلمات خفيفة ناذة .. دون لمعة زائفة او فزلكة لغوية .. احيانا يتيه فى غير المفهوم .. لكنه يرتفع ثانية ليدغدع مشاعرك .. حلوة يدغدغ دى :)
Profile Image for Mariam nour.
198 reviews86 followers
January 2, 2017
3 نجوم للنص ده فقط..

"لا أرغب في تعذيب ذاتي كما تصورين
أرغب في أن يحتاجني أحد
أنا مخيفة يا أختي
لا أستطيع الإحتفاظ بالمشاعر داخلي
إنها تحرق روحي وتترك دخاناً كثيفاً بروحي
لا استطيع كتم الألم
سأكتبه فقط
فلا تصدقيني
بإمكاني الإستغناء عنهم جميعاً
كل هؤلاء الذين يصرخون فور أن يكتشفوا محبتي
الكتابة لا تجعلني وحيدة أبداً
لا تتركني وتذهب بعد خطوتين فقط
الكتابة لم تتخل عني ولو لمرة واحدة
لماذا عليّ أن أختار بين أن أكتب وأن أحب"
Profile Image for Amal Zahran.
19 reviews5 followers
March 3, 2016
أصبحت غادة رفيقة عام 2015/2016 مثلما كانت سحر الموجي رفيقته عام 2014.


منذ ذلك الحين وهذا الكتاب لا يغادر حقيبتي أينما كنت ، في أي وضع أمسكه ولا أستطيع أن أمنع نفسي من الإبتسام للنص في كل مرة..
للمرة الكم يا غادة التي اقرؤه فيها.. الخامسة؟
لا أعلم غير أنه حينها تضمني بلطف صفحتين من الورق المقوى ملون ك روحينا فالأصل ، تطوي وجعي على وجعك يا غادة وتذهب به بعيدا.
إلى متى سيظل الجمال صامدا يا غادة؟
Profile Image for خالد العزيز.
Author 9 books93 followers
June 11, 2015
ديوان جميل ، شدتني عوالمه . أستمتعت بقراءته ، جاء في وقته كنت محتارا ً ما الذي أقرأه ، فقرأت الديوان على يوم كامل رغم أنه يمكن أنهائه في جلسة واحدة ، لكني قررت الأستمتاع به على مهل دون تسرع .
أستمتعت و أدعوكم لقراءته
Profile Image for Abdul-rahman Salem.
328 reviews194 followers
November 28, 2012
ديوان لطيف جدًا. أعجبتني البورتريهات المرسومة في آخر الديوان :)
Profile Image for خالد.
5 reviews3 followers
April 26, 2013
تمنيت أن تكون المحبوبة موهوبة بالكتابة مثلها :D و الرسم جميل :)
Profile Image for Jušt Ðifferễñt.
4 reviews1 follower
July 22, 2016
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
الرؤاية 25 ف مشوار الـ100 كتاب وراوية لهذا العام
#واما_بنعمة_ربك_فحدث
#أقرأ_ترتقي
#ماذا_تقرأ
#اقترحولي_كتاب :)
Profile Image for Batuol Hsn..
10 reviews4 followers
November 8, 2015
لغة سلسة و خفيفة يمكن الإنتهاء منه خلال الستين الدقيقه القادمة .
Profile Image for Asma Hashim.
1 review
July 2, 2016
كانوا يحوِّلونَ أنفسَهم إلى موسيقي
فكنتُ أتحوَّلُ إلى إسفنجة كي أمتصَّ الجمال
لقد رقصوا معي في النار وفي الخوف.

ديوان جميل وممتع، ولغة قوية لن أتردد في قراءته مره اخرى.
Profile Image for نجوى غانم.
Author 2 books27 followers
March 23, 2015
الديوان جميل جدا , تحس إن حد كتب
مشاعرك على الورق
Displaying 1 - 27 of 27 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.