اليقينُ الذي غشَّني، اليقينُ الذي هَيَّأ الفخَّ عامداً، لعلامةِ استفهامٍ، كانتْ منذورةً لتكون رفيقتي. اليقينُ الذي أوعز للبداهةِ خِلْسَةً، كيف تصطادُ الطمأنينةَ بالعزاءْ. اليقينُ الذي أسرَّ بالحتميةِ ففرحتُ، بينما مياهُ ضحكتْ في لوحات الأطفالْ.
لمحْتهُ - هذا الصباح - يتوارى جريحاً خلْفَ هُراءْ
لمْ أكُنْ أضَمِّدُ المساءَ بقُطْنِ المراهقَةْ، ولا كنتُ وعدْتُّ الصّباحَ، ببنتٍ في الثانوية. لكنني نمْتُ فجأةً... فرأيْتُني أخباُ الحكاياتِ الملونَةَ في جيوبي، وأربَّتُ ظهرَ المِقْعدِ الخالي، في الحديقَةْ. بينما أردُّ التحيةَ على الانتظارْ.
11/1/92 ( 3 )
هذا صباحُ جميلْ: الشمسُ ضاحكةٌ، كفسْتانِ أنْثى. وثمةَ مُوسيقى تنزلُ السّلالمْ. وعند الكُشُكْ.. صحُفٌ، ومجلاّتٌ، وهاتفُ عُمْلَةْ.
15/1/92
( 4 )
إذَنْ، فانتبهي للحنينْ، الحنينُ الذي ينمو إلى جوارِ النافذةْ، الحنينُ الذي لا يجفَّ في المنديلْ، الحنينُ الذي يصحوُ يحرس وِحدتَكِ، الحنينُ الذي يصحبُكِ مساءً للسَّريرْ، الحنينُ الذي يفسدُِ الوسادةْ، الحنينُ الذي لا تضيعَ رائحتُه، الحنينُ الذي يعتريك كُلَّ حينٍ، نيابةً عني.
إلى عصر سناء حين تشرق الشمس من النهر دعوة من على منصور لمعايشة الكونسبر الكوني والاستمتاع بموسيقي الحياة موسيقى تتجاوز تفعيلات البحور تسري في شعر منثور صديقي على جميل هو صباحك وصلني مع الشمس سلامك عبر مدارج ممتدة في أجواء الكون والروح تتهادى في رحابه موسيقى التلاقي رباعية كونية بلا جدران تحجبنا نحن أوتارها يا على الذات والآخر والعالم والكلمة رباعية الجمال الدائم الشمس ترسل سلامها دائما من نوافذ غيمة شتوبة في شقاوة طفولية رببعية مع نسمة صيفية بخبرة أجداد خريفية ساخرة لم تفقد سحر الحلم فلينشر الأطفال أحلامهم وتلمس أناملهم لوحة مفاتيح المحبة وهم يتبارون في مداعبة حروف تشربت موسيقى الصمت وطبعت بها صفحات الذكرى لتستيقظ في ندى السلام حين تصافح شعرك ها هو ذا الشهر القمري يمر بصديق لم يره من ثلاثين عاما يمنحه شيئا من شمس أشرقت عليه هناك بينما يرى الآخرون انعكاسها عليه بعد الغروب كأنك قلت شعرا عن قطة مرحة في غلاف كشكول المحاضرات الذي تحتضنه زميلتك الجميلة التي لم تصرح لها أبدا بحبك ابنتها الآن قد تكون فتاة جامعية تطالع ديوانك لا تعرف ابدا ان امها قصيدة قال الشاعر يوما إن الشمس ضاحكة كفستان بساتين أنوثتها الأم لن تعرف أبدا أيضا أن موسيقى تنبعث من ابتسامة ابنتها لتنمو قصيدة في عمر زميلها الخجول الذي لا يكسر الصمت إلا في مصافحة صفحته التي لم تنشر بعد أن قصيدة في يد ابنتها قيلت لحظة إشراقها في نهار شتوي مثلما لم يعرف النقاد الذين يغدقون جوائز الدولة على أصحابهم أن ثمة موسيقى تنزل السلالم وأن الناس مقامات نعم ولكل مقام مقاله ونغمته من عنوان الدبوان تشرق موسيقى التواصل الروحي عبر العلامات لتهبط على عنوان القصيدة نازلة سلالم السطور إلى نهايتها حيث تستقر في حجرة موسيقى القارئ المحب لإيقاع الكون المتدفق سواء احتوته تفعيلات البحور ام تجاوز تلك التقعيلات إلى محيط المشاعر
القراءة الثانية في صباح 10 أغسطس. لأول مرة الحقيقة من فترة طويلة جداً، أعود لقراءة ما سبق وقرأته، وأنهيه بالكامل.
امبارح كان يوم مُتعِب بشدة، لكن جملة واحدة من الديوان، وارتباك أثناء قولها، فضلوا ملازميّني. بفكر كتير إن فائدة الشعر، أو يعني الحاجة اللي بتخلّيني بشكل شخصي جداً، أحب الشعر، يمكن تلخيصها في استدعاؤه. وفي كونه قادر على تحويل اللحظات الرتيبة في الحياة (سواء رتابة حسنة أو قبيحة)، إلى شيء مشترك، ويمكن الإتكاء عليه ساعة التذكّر.
يعني مثلاً واحدة من القصائد الجميلة في الديوان: "هذا صباحٌ جميل: الشمس ضاحكة، كفستان أنثى وثمّة موسيقى تنزل السلالم وعند الكشك صحفٌ ومجلّات، وهاتف عملة."
بعيد قرائتها المرة دي بشكل مختلف تماماً، بسبب جملتها الإفتتاحة: "هذا صباح جميل"، اللي بقا لها معنى مختلف تماماً عندي، بسبب ارتباطها بلحظة جميلة شخصية، حتى بنفس الجملة تقريباً، ودلوقتي قراءة جملة زي دي، وبشكل مفاجيء، يبدو كإيماءة لطيفة وسط الكلام. ودا شيء لطيف حدوثه دائماً.
" وأن يردد -من وراء زجاج نافذة قطار سريع- (جدير بالمرء، والله، أن يكون جميلاً أمام نفسه) "
أبحث عنه منذ عامين ولم أجد نسخة ورقية بعد، وأخيرًا قرأته pdf أيضًا بحثت عنها طويلًا فأهداني إياها صديق.
"لم تتوقف الأمور السيئة يا إلهي ولم يعد في وسع المرء، أحيانًا، سوى أن يتأمل المزارع الأميّ ذا الروح النشيطة وأن يردد - من وراء زجاج نافذة قطار سريع - جديرٌ بالمرء، والله، أن يكون جميلًا أمام نفسه".
كلما علقت في دوامات جلد الذات أتذكر أن "جديرٌ بالمرء والله أن يكون جميلًا أمام نفسه" هذا ما جعلني أستمر في البحث عنه أحببته بشدة: )
صور ولقطات ومشاعر اختار لها عنوان "ثمة موسيقى تنزل السلالم" لأن مصادر الموسيقى في حياته تتجاوز آلات العزف هذا صباح جميل" الشمس ضاحكة كفستان أنثى وثمة موسيقى تنزل السلالم ..... إذن، فانتبهي للحنين الحنين الذي يصحو يحرس وحدتك الحنين الذي يعتريك كل حين نيابة عني" //////// "لا تبتئس أيها الوحيد تأمل: كم أنت الآن ضروري للذكريات ومع هذا.. ثمة ذكرى جميلة مازلت تتركها هكذا، وحيدة في المحطة القديمة" ///////// وردة مؤمنة "الوردة التي وخزت البستاني طبعا دونما قصد لم تغفر لنفسها، حتى أوان القطاف" //////////// "مزيد من التريث، أيتها القوة فقط.. كي نرد جحافل سوء الفهم" //////// "ومن المحتمل أنها تعرف ذلك" وليست كل عناوين القصائد على هذا القدر من الجمال والشعرية.
نحنُ لا نستحقُّ الحياةَ، أحياناً مثلاً... لمْ نولدْ لنسْخَر منْ مواطنين عزفوا عن المشاركةِ في " الحياة السياسيةْ " مع أننا لم نذهبْ، مَّرةً، إلى (صناديق الانتخابْ )!! كما أننا – أيضاً – لم نتقدم خطوةً واحدةً لِنَعْبُرَ بضريرٍ عْرضَ الشَّارعْ.
كثيرةٌ هي الأمورُ السَّيئةُ التي تدفعُ المرءَ للإحباطِ، وإهمالِ العملْ. وكثيرةٌ هذهِ الصُّحفُ التي تَعِرضُ لذلكَ كُلَّ صباحْ. مع هذا، لم تتوقف الأمورُ السَّيئةُ يا إلهي. . أسلوب على منصور مميز وراقي ولا يشبه إلا نفسه
" هذا صباحُ جميلْ: الشمسُ ضاحكةٌ، كفسْتانِ أنْثى. وثمةَ مُوسيقى تنزلُ السّلالمْ. وعند الكُشُكْ.. صحُفٌ، ومجلاّتٌ، وهاتفُ عُمْلَةْ.
***
رجالٌ وَرِعُون هبطوا المدينةَ خفافًا، ذات مساء واشتغلوا مهنًا شتَّى. مسَحُوا على رأسِ يتيمٍ، وبسملوا وليس لبعضهِم لِحَىً وبعضهُم ذووا أفكارٍ لها رائحةُ ريحَان. قال أحدهم -باسمًا-: " خذ هذهِ يا غلام " ولم تكن برتقالة، ولا قطعةً من نقود! ثم هبطوا مدينةً أخرى، غير مُتعبين. مسَحُوا على رأسِ يتيمةٍ، وبسملوا وقال أحدهم: " خذي هذا يا غُلامَة " ولم يكن رغيفًا، ولا قميصًا ذا كمّين! اصبروا.. خمسة عشر عامًا، والرجالُ الورِعُون لم يعد يراهم أحد. فقط... تزوَّجَ الغلامُ الغُلاَمة وتحدثَ الناسُ، في الصباح، عن غرباء شوهِدُوا عند أطرافِ المدينة يُهنئون أنفسَهُم، مُهَلِّلينْ.
ضرُوريٌّ أنْ نطْمئنَّ على مَوْلدِ شَاعرٍ جَميلٍ، وَلوْ بعدَ خَمْسَةَ عشَرَ عاما "
أن تدل الغريب على أقرب صيدلية، أن تصعد بعجوز درجات ثلاث امام شباك المعاشات، أن تقفز من أتوبيس أمام مقهى وتسقي طفلة لم تكمل العام-ذات ظهيرةمن أغسطس- أن تؤمن على دعوات امها لك بالستر والسلامة. أن ترد ورقة فئة الخمسة جنيهات لبائعة حسبتها خمسة وعشرون قرشاً.. أن تتعطف بالذي كان رفيقك بالكلية وتشربا عصيرالقصب.. أن تبش في وجهي وتقول ما هذا القميص الجميل ان تنادي بائع الجرائد باسمه.. أن تقول الله حين تشم رائحة الياسمين امام منزل له حديقة.. أن تفكر" صرت ذا سبعة وعشرين عاماً" وتتزوج من فتاة مرحة.. أن تنجب طفللاًأجمل من هؤلاء الضاحكين ف الاعلانات ان تصفق له كلما اتم احتساء اللبن..
ثم لا تفكر أبداً في انه سيكبر، ويسافر، ويتركك ربما دون أحد يأخذ بيدك الى الحمّام..
من الجدير بي أن آخذ نفسا طويلا الآن وأنا أريح ظهري إلى الوراء وأدع القلق يتبخر أمامي كعفريت أُلقي عليه تعويذة.. يتلاشى.. يختفي! ..حتى إذا حلّ السكون تنتصر الحياة .ويملأ الإيمان جدارن قلبي
هذا القرار ليس ملكي كيف يسامح الإنسان تبدد أحلامه في الصباح بعد ليلةٍ من صفاء الوعود :والتحلّم بنسيان النهار من أنا لأُقرر ما هي الحياة؟
إذَنْ، فانتبهي للحنينْ، الحنينُ الذي ينمو إلى جوارِ النافذةْ، الحنينُ الذي لا يجفَّ في المنديلْ، الحنينُ الذي يصحوُ يحرس وِحدتَكِ، الحنينُ الذي يصحبُكِ مساءً للسَّريرْ، الحنينُ الذي يفسدُِ الوسادةْ، الحنينُ الذي لا تضيعَ رائحتُه، الحنينُ الذي يعتريك كُلَّ حينٍ، نيابةً عني. . . . بكتْ، بحرقةٍ، حظها العاثر هلْ فكّر أحدكُم أن هذا يحدثُ عادةً كيْ نُربّي ذكرياتٍ جديدَةْ.