يتربع شاعر الألمان الأكبر يوهان فولفجانج جوته (1749-1832) على إحدى القمم الكبرى في الأدب الغربي بجوار هوميروس ودانتي وشكسبير.
تجربة عوته مع الشرق وعالم الإسلام والأدبين العربي والفارسي تجربة فريدة تستحق منا نحن العرب أن نتدبرها بعمق ونتعلم منها
هذا الكتاب ثمرة شجرة عمر كامل قضته المؤلفة المتخصصة في الأدب الألماني الحديث وأدب جوته بوجه خاص, في تتبع خطوات رحلته الروحية والشعرية إلى العالم العربي والإسلامي تتبعاً بلغ الغاية في الدقة والأمانة, وإبراز المواضع التي استلهم الشاعر فيها عدداً من شعراءه البارزين بجانب تأثره بالمنظور الشعبي العربي وببعض حكايات ألف ليلة وليلة التي لم يتوقف عن النظر فيها طوال حياته.
أكثر ما عجبني فيه هو كيفية اصطدام عقلية زي جوتة شاعر المانيا العظيم بمشكلة الشر، وتحولاته الفكرية لحد ما وصل لحل مقنع بالنسبة له. اصطدام جوتة بمشكلة الشر كان وهو صبي صغير لما حدث زلزال 1755 في لشبونة، وأثره على نفس جوتة كان احساسه بالتضارب بين طبيعة الله الرحيمة أو بتعبيره "حنان الخالق الأبوي" وبين "القوة المدمرة للطبيعة جمعاء" وكانت النتيجة انه فقد التصور المسيحي للإله وابتعد عن فكرة إضفاء الماهية على الشكل الإلهي وأصبح يبحث عنه في الأفعال، فتحول لآنه يكون من اتباع سبينوزا بامتياز وتمسك بفكرتين أساسيتين وهما الجبرية ووحدة الوجود ، ولكن ظلت مشكلة الشر بالنسبة اله مشكلة ليس لها حل لأنه لم يقتنع بفكرة سبينوزا انهم مجرد حالات ذهنية نسبية ذاتية ليس لها وجود فعلي. هو في الفترة دي كان بيبحث عامة في الأديان وأفكارها لدرجة انه قال "أعظم سعادة للإنسان المفكر تكمن في بحثه عما هو قابل للبحث، وفي خشوعه وإجلاله لما يستعصي على البحث". وفي وسط بحثه وجد الحل الي اقتنع بيه للمشكلة دي في الإسلام. في فكرة إن عقيدة الإسلام الأساسية هي التسليم المطلق لمشيئة الله وحكمته. فيقول عندما توفي راعيه وصديقه الدوق كارل أغسطس "إنها مشيئة الله التي اختارها بحكمته , أما نحن البشر الفانين فلا نملك إلا التحلي بالصبر" ويصرح في جلة أخرى "إن حياتنا وأعمارنا رهن بمشيئة الله " وفي جملة ثالثه "إن الله أعظم منا وأحكم , لذلك فهو يقدر لنا ما يشاء" وقال " لا يسعني أن أقول أكثر من أني أحاول هنا أيضا أن ألوذ بالإسلام" وعندما انتشر وباء الكوليرا كتب يرد على طلب النصيحة من صديقه "ليس بوسع امرئ أن يقدم النصح لأمرئ آخر في هذا الشأن , فليتخذ كل إنسان القرار الذي يناسبه . إننا جميعا نحيا في الإسلام مهما اختلفت الصور التي نقوي بها عزائمنا". تأثير الاسلام بيظهر بقوة في رسائله الشخصية ونتيجة دراساته الإسلامية والقرآنية الي خلته يقول ان القرآن "محكم، مثير للدهشة وفي مواضع عديدة يبلغ قمة السمو حقا" لدرجة انه يعلن انه "حيحتفل في خشوع بليلة نزول القران" ودراساته في السيرة وتأثره بشخصية سيدنا محمد كمصلح ومشرع قبل أي شيء أخر، ظهرت في مسرحياته واشعاره في صورة قصيدة مدح للنبي "نشيد محمد" الي صوره فيها كنهر يتدفق بقوة ليصب في محيط الالوهية او في مسرحية "تراجيديا محمد" واقتباسات متعددة من القرآن الكريم في شعره لدرجة نقل الصور والتعبيرات البيانية كما هي والأهم في افكاره ورؤيته للعالم وللحياة كما يظهر بوضوح في رسائله الشخصية. توحد كل الافكار دي كان في مفهوم وحدة الوجود عند شعراء فارس المسلمين وعلى رأسهم حافظ الشيرازي فكان ثمرة التوحد ده ديوان جوته المسمى "الديوان الغربي الشرقي" كتمثيل واضح للمزيج الصوفي الغربي السبينوزي والشرقي الإسلامي في جملة "كتاب أوله في المشرق وأخره في المغرب".
🔹اسم الكتاب 📘 : غوته و العالم العربي 🔹 اسم الكاتب : كاتارينا مومزن 🔹 ترجمة : د. عدنان عباس علي 🔹 عدد الصفحات 📑 : 400 صفحة 🖋️ يعتبر الشاعر الألماني يوهان غوته من المبدعين الذين أثروا في الحياة الشعرية و الأدبية و الفلسفية الغربية. و مازالت كتبه خالدة تتصدر أرفف المكتبات في العالم.. و لكم فرحت حين وقع هذا الكتاب بين يدي، أبهرتني كمية المعلومات المتعلقة بعلاقة هذا الشاعر القمة بالحضارة العربية الإسلامية.. هذا الكتاب هو ثمرة عمر كامل قضته المؤلفة كاتارينا مومزن في تقصي رحلة غوته إلى العالم العربي الإسلامي. انقسم الكتاب إلى فصلين. اهتم الفصل الأول بعلاقة غوته و تجربته مع الشعر الجاهلي.. سحرته المعلقات السبع، فانشغل بها و اطلع على ترجمتها إلى الألمانية بتعمق و اقتبس منها قصائده، فنجده يقول عنها :"و عند العرب... نجد كنوزا رائعة في المعلقات". و إلى جانب تأثره بالشعر العربي، فقد فتنة حكايات ألف ليلة وليلة، و كانت مصدر إلهامه في بعض أعماله.. أما الفصل الثاني، فقد تناول علاقة غوته بالإسلام و الأسس الفكرية التاريخية. و هنا تجلى إعجابه الشديد و إجلاله العظيم للقرآن و الرسول محمد عليه الصلاة والسلام :"إن أسلوب القرآن محكم، سامي، يبلغ قمة السمو حقاً".. و تجسد ولاء الشاعر للنبي محمد عليه الصلاة والسلام من خلال قصيدة المديح الشهيرة المسماة 'نشيد محمد'.. كذلك لفت انتباهي في هذا الكتاب إيمان غوته بالقدر خيره و شره، إذ نجده دائماً يردد :"إن حياتنا و أعمارنا رهن بمشيئة الله".. و يقول أيضاً : إن العقائد التي يربى عليها المسلمون لتدعو الدينية التي تقوى بها عزائم شبابهم تقوم في أساسها على الإيمان بأنه لن يصيب الإنسان إلا ما كتبه له الله ".. الكتاب مفيد جداً لكل من يرغب بمعرفة علاقة غوته بالعالم العربي الإسلامي، و أدهشتني بعض الحقائق التي كشفت العديد من المغالطات و أزاحت بعض الغموض عن شخصية هذا الشاعر المتسامح الإنساني.
قرأت نسخة مختصرة وهو من اصدارات عالم المعرفة، ، وانوي البحث عن النسخة الكاملة له، بدت لي محاولات الكاتبة اثبات اقتباس جوته لقصائد عربية وجاهلية مبالغ فيها أحيانا، أو أن الترجمة كانت ركيكة