تتميز هذه الرواية في جدة موضوعها، حيث تناولت جوهر حياة الغجر، بعيداً عن الصورة النمطية لهم، وهي صورة الغجريات اللواتي يرقصن ويرفهن عن الآخرين.
جمال ناجي في روايته هذه يهمش تلك الصورة المسطحة ليغوص في ميثولوجيا الغجر ونشأتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأسباب تشتتهم منذ ولادة جدهم الأول. يأتي هذا في سياق انسياب الذاكرة الغجرية في الرواية، وهو ما يتم استحضاره خلال فترة انضمامهم إلى مدينة الوادي التي شيدها الروائي، واختلط فيها الغجر والفلاحون والبدو ليشكلوا بمرور الزمن مجتمعاً مدينياً قادراً على التعايش رغم اختلاف الثقافات والمرجعيات خصوصاً بين الغجر والآخرين.
لقد أقام الكاتب معماره الفني في هذه الرواية على نحو فريد، حيث قام بتصفير المكان والزمان، وبدأ بتشييد مدينة جديدة ببيوتها وشوارعها ومحالها التجارية وسكانها وعلاقاتهم الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والعاطفية.
إنها رواية الحياة في أبهى تجلياتها، وأغنية الأرض في احتضانها لبني الإنسان، ونشيد الإنسان وشدوه حين يكتشف بأن في الحياة ما هو أهم من اليوميات الصغيرة التي تسبب الأرق وتُهجّر الحكمة، في الحياة أشياء تدعى: الحب والحرية والتمرد على ما تواطأت عليه المجتمعات المحافظة التي كبلت الإنسان بسلاسل التقاليد التي لم تولد معه.
جمال ناجي محمد إسماعيل روائي أردني هو روائي وقاص أردني من أصول فلسطينية، بدأ شوطه مع الكتابة الروائية منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي، حيث كتب أول رواية له في العام 1977 بعنوان (الطريق إلى بلحارث) وقد نشرت في العام 1982 ولقيت أصداء واسعة في حينها وأعيدت طباعتها سبع مرات، وشكلت حافزا له للاستمرار في الكتابة الروائية، وقد أصدر بعدها عددا من الروايات والمجموعات القصصية، وتتميز تجربته الروائية بأن لكل رواية أجواؤها المختلفة عن الأخرى من حيث الأماكن والأزمان والموضوعات، أما قصصه فتعتمد التكثيف والمفارقة التي تكشف ما خلف الأحداث في السطر الأخير من كل قصة.
انتخب جمال ناجي رئيسا لرابطة الكتاب الأردنيين في العام 2001 حتى العام 2003، وكان خلال هذه الفترة عضوا في الأمانة العامة لاتحاد الكتاب العرب، وعضوا في مجلس النقباء الأردنيين، وعضوا في اللجنة العليا لعمان عاصمة للثقافة العربية 2002، ورئيس تحرير مجلة " أوراق "، وعضو لجنة وضع سينايوهات الأردن المستقبلية 2020، وعضوا محكما في عدد من لجان تقييم النصوص الادبية، وشارك في العديد من المؤتمرات الأدبية والفكرية العربية والعالمية، وحاز على عدة جوائز أدبية، وأعدت دراسات كثيرة عن نتاجاته الأدبية إضافة إلى رسائل الدكتوراه والماجستير التي تناولت تجربته الروائية، كما أدرجت بعض قصصه القصيرة في المناهج المدرسية فيما تدرس رواياته في بعض الجامعات. كما ترجمت روايته (الطريق إلى بلحارث) إلى اللغة الروسية إضافة إلى عدد كبير من قصصه القصيرة التي ترجمت إلى اللغات الإنجليزية والألمانية والتركية. في العام 2007، حصل على إجازة التفرغ الإبداعي من وزارة الثقافة الأردنية من أجل انجاز مشروعه الروائي الذي حمل عنوان (عندما تشيخ الذئاب) وقد أتم كتابة هذه الرواية التي يتلاقى فيها السياسي مع الإجتماعي مع الديني والجنسي باستخدام اسلوب تعدد الأصوات الذي يوظفه لأول مرة في رواياته. بالإضافة إلى الرواية والقصة القصيرة، كتب جمال ناجي السيناريو التلفزيوني، ومن أهم ما كتب في هذا المجال مسلسل (وادي الغجر) عن روايته " مخلفات الزوابع الاخيرة " ومسلسل (حرائق الحب)، كما كتب بشكل منتظم في مجلة دبي الثقافية وجريدة الرأي والدستور الأردنيتين، إضافة إلى كتاباته غير المنتظمة في صحف ومجلات عربية وأردنية أخرى.
أعماله
روايات الطريق إلى بلحارث (1982) وقت (1984) مخلفات الزوابع الاخيرة (1988) (حُولت إلى مسلسل بعنوان وادي الغجر)(الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية، و إحدى أهم الروايات العربية المعاصرة) الحياة على ذمة الموت (1993) ليلة الريش (2004) عندما تشيخ الذئاب (2008) [عدل]قصص قصيرة رجل خالي ا
أم أن لكل كائنٍ عالمه الخاص ؟! وهو يتناءى ويندّ في عالم مسكون بالمخاوف والتساؤلات، ويستمع إلى الأحاديث الغريبة التي تبثها روحه عبر دهاليز ذاكرته، فيحاول وقف نبض الأيام، يحاول الرجوع بها إلى لحظةً واحدةً متماسكة! لكنه لا يستطيع، لا يستطيع الخروج من حصار حاضره، وربما ماضيه!
من الروايات المفاجأة.. مكنتش متوقع اكملها اصلا لكن عجبتني فكرتها و بناء الشخصيات و الفكرة عموما في استخدام عالم الغجر كخلفية للاحداث.. نهايتها فقط هي الغريبه بالنسبه لي..لكن شجعتني لقراءة اعمال تانيه لاستاذ جمال ناجي..
عمل روائي جميل و متناسق للكاتب الاردني جمال ناجي، الرواية تصف و بدقة معيشة الغجر و طقوس ترحالهم و تفصل تجربة مفترضة لاستقرارهم. رواية فيها كم هائل من المشاعر و الايحاءات و المسارات السردية المفتوحة و المتروكة للقارئ.
تبدأ هذه الرواية بنبوءة العرافة وتحذيرها لسبلو وزوجته بهاج من الذهاب للوادي، فالنبوءة تقول أنه سيموت مقتولًا مع زوجته. ولكن وبسبب خلافه مع كياز، وسخرية الغجر منه، قرر ترك حياة الغجر والاستقرار في الوادي مع بعض الفلاحين.
وكانت بداية موفقة له ولزوجته وابنته هاجر، وكان من الممكن أن تستمر حياة سبلو على هذا النحو، نوم ليلي متأخر، أحلام ورؤى وهواجس، صحو ظهري موجع، وجلسات شبه يومية مع عثمان أبو بركة، أحاديث طويلة، مراقبة للحمام أثناء هديله، ومداعبات حنونة لابنته هاجر، جلسات هادئة صاخبة وزوجته بهاج، وحياة تهبه فرصة للتطور نحو الأفضل، ولكن هناك العديد من التحديات التي أفسدت حياة هذه العائلة السعيدة، وحققت نبوءة العرافة العجوز:
١- بعض اللصوص الذي كانوا يبلطجون في الوادي، وبعد تعامل العائلة معهم، قام اللصوص بقتل بهاج زوجة سبلو، وهو تحقيق لنصف نبوءة العرافة.
٢- اكتئاب سبلو بعد وفاة زوجته وانصرافه عن الاهتمام بابنته والعالم بشكل عام، وإدمانه للعرق.
٣- عثمان أبو بركة : كان من أوائل من سكنوا الوادي، ولذلك عندما بدأ الغجر بالقدوم للوادي والاستقرار به، أجبرهم على دفع ثمن الأرض رغم عدم امتلاكه لها، واستمرت هذه اللعبة لسنوات، حتى ظهر مالك الأرض بعد وفاة عثمان أبو بركة، وبدأ بمطالبة الناس بالرحيل أو دفع ثمن الأرض.
٤- حدث خلاف حول دفع ثمن الأراضي، وبعد جدال وخداع وافق معظم أهل الوادي على الدفع، ورفض بعضهم الآخر، ولكن لإجبار الجميع على الدفع أشاع سلمان "وهو حفيد عثمان أبو بركة" أن الأراضي لن تسجل بأسمائهم حتى يدفع الجميع، لذا عليهم إقناع الآخرين وإلا ستأتي الدبابة وتهدم جميع البيوت، فالوادي قطعة واحدة لا يجوز تسجيلها إلا مرة واحدة.
٥- اشتعال حريق بعدد من الجرافات، واتّهم الناس سبلو وابنته هاجر، لأن سبلو لم يدفع ثمن الأرض، وسبلو سكير ومجنون، وحين غضب أهل الوادي وركضوا متهجمين على منزلهما المظلم، اصطدم رأس سبلو بحديد الإفريز ومات، وهذا تحقيق للنصف الثاني من النبوءة.
- كما ناقشت الرواية عدة مواضيع تخص المجتمع الغجري، ومنها:
1- ناقشت فكرة الذكورة والرجولة (الخيانة، ضعف القدرات، ضرب النساء). ٢- ناقشت عادات الغجر وتقاليدهم ونكاتهم وهمومهم وأحلامهم. ٣- ناقش الصدمات النفسية التي يمر بها أفراد الغجر، وكيف بتعاملون معها ويتجاوزونها. ٤- ناقشت علاقة الغجر بالفلاحين، الأيام الجيدة والأيام السيئة.
تأخذنا هذه الرواية في رحلة إلى واد قاحل لا شيء فيه، ثم يبني عليه الكاتب الناس والمجتمع والشوارع والمباني، ويعيش فيها الغجر والفلاحون والبدو ليشكلوا بمرور الزمن مجتمعا مدينيا قادرا على التعايش رغم اختلاف الثقافات والمرجعيات
يرحل سبلو الغجري عن مكانه من خيام الغجر بسبب معركة بينه وبينا كياز الغجري ويهيم على وجهه هو وعائلته الصغيرة حتى تقع أقدامه على الوادي الشرقي حيث اللصوص في مغاراتِه الجبلية وساكنه الأوحد عثمان أبو بركة الذي إدعا ملكيته للوادي جشعاً وطمع وحب فرض سيطرة على كل زائر !
زيارة الغجر لسبلو في منزله الجديد أثارت في نفوسهم أن خيامهم غير صالحة للإقامة حيث الغبار المصاحِب لهم والفوضوية والأغراض المبعثرة في كل مكان وضيق العيش وانعدام الأمان أدّت إلى انتقالهم هنا وسمي حينها "وادي الغجر" ومع مرور السنوات وتوافد الراغبين بالسكن في مساحاته الشاغِرة وانقسم الناس إلى مسمّيين الغجر بسبلو وجماعته الأكثريه و الفلاحين بعثمان أبو بركة وأبنائه وأحفاده ومن قدِم جوارَهُم.
ماذا سيكون في هذا الوادي من أحداث وتطورات وقضايا ومشاكل ونزاعات وحكايا يوميه هذا ما سوف يعلمه كل قارئ لهذه الرواية الأكثر من رائعة.
خلف كل جدار بيت في الوادي الكثير والكثير من الخفايا المُعْلنَة!.
ستعيش مع كل صفحة عاداتهم وتقاليدهم الغريبة في أفراحهم ورقصهم وطقوسهم ومشاكلهم مع بعضهم! والخرافاتهم المؤمنين بها وبعض الأعمال التي يقومون بها يومياً وتعاملاتهم مع جيرانهم الفلاحين.
الجانب الإجتماعي حاضِر في تفاصيل الأحداث من جشع التجار و الفساد الواقع في الكثير من الأماكن و استغلال المستضعفين و الخيانات الزوجية والسعي المستمر وراء المطامع الشخصية و تزيف الحقائق عند المسؤلين وغيرها القليل؟؟ لا بل الكثير وبكل حُزن.
يحكى لنا جمال ناجى عن ميثولوحيا حياة الغجر وعاداتهم وتقاليدهم وأسباب تشتتهم منذ ولادة جدهم الأول ثم ينتقل بنا الى هجرتهم الى الوادى البعيد الخالى من الحياة وهذا اروع ما فى الرواية حيث انه قام بتصفير الزمان و المكان وبدأ بإقامة مدينة جديدة و مجتمع جديد كأنك ترى بداية الكون وبداية العلاقات الانسانية وكيف تتكون ومنبع الخير و الشر . كيف للغجر الرُحَّل ان ينسجموا فى مجتمع مختلف ويظلوا متمسكين بعاداتهم بنشوف قصة وفاء الى ابعد الحدود وفاء و حب سبلو لزوجته بهاج وعندما قتلت وتوقفت حياته فى ذلك اليوم ، بنشوف قصة كفاح نزار وزوجته بنشوف عائلة ابو سليمان وكيف يختلف الاخ عن اخوه بنشوف حياة كاملة فى رواية لا تتعدى ٣٠٠ صفحة وكنت اتمنى يكون ليها اجزاء اخرى لكن لم يشاء القدر رحمة الله على الكاتب المبدع جمال ناجى
احب اسلوب جمال ناجي الكلاسيكي في رواياته . الاسلوب كلاسيكي لكن مواضيعه غير مطروحة . تخيلت نفسي فعلاً بين الغجريات والفلاحين . اعيش مشاكلهم الكبيرة والصغيرة و أفرح معهم حتى بقدوم التيار الكهربائي الى الوادي . يدخل في خبايا النفس البشرية ويحلل تصرفات أبطاله بدقة .