What do you think?
Rate this book


260 pages, Paperback
First published January 1, 1975
"هيئة التحرير تكونت في ظروف لا تسمح بخلق تنطيم سياسي قوي، لأنها اعتمدت على العسكريين الذين لا يحسنون فهم العقلية الشعبية، ولا يجيدون المرونة السياسية.. وانتشر الضباط كما سبق أن اوضحت في مختلف تنظيمات الهيئة على امتداد الجمهورية.. وكانت هناك حساسية قد بدأت تظهر بين المدنيين والعسركيين.. بعد أن أساء التصرف عدد من العسكريين."
"وضح لي تماماً أن جمال عبد الناصر قد اختار في هذه المرحلة أن يمضي في "طريق الإخوان المسلمين"، وأنه اشترى صمتهم بإعادة جماعتهم.
وقد أغراهم ذلك على التهادن كفرصة انتهازية للقضاء تماماً على فكرة عودة الاحزاب والحياة البرلمانية، ثم الانفراد بالسلطة بعد ذلك، وهم لا يدرون أن هذه المهادنة كانت موقفاً تكتيكياً لضمان سكوتهم في محاولة القضاء على الديمقراطية وعلي شخصيا.. ثم تعد خطة جديدة للانقضاض عليهم بعد ذلك."
"كنت أطالع الصحف واستمع إلى الإذاعات وقلبي يتمزق ألماً.. أشعر أن العلاقة الطبيعية الخالدة بين مصر والسودان تقطع بسكين ولا توجد يد تدفع هذا البتر المؤلم، واتهمت حكومة السودان السلطات المصرية بإثارة الفتنة في جنوب السودان، جنوب السودان الذي كتب زعمائه يقولون: إنه إذا تمت وحدة مصر والسودان فإنهم بها يضمنون حقوقهم خصوصاً وعلى رأسها نجيب، أما إذا لم تتم الوحدة فإنهم حتماً عن شمال السودان منفصلون."
"يبدو أن قدرة العسكريين على استيعاب المعاني السامية للديمقراطية أمر شديد الصعوبة نتيجة لطبيعة حياتهم داخل الجيش، حيث تنفذ الأوامر بلا تردد، ولا مجال للشورى وتبادل الرأي. مثل هذه الحياة قد تكون طبيعية في الجيش حيث الانضباط أساس للقتال.. ولكن السياسة أمر يختلف عن ذلك تماما، فهي يجب أن تكون تفاعلاً حياً وحراً لآراء الجماهير ومعتقداتها.
وكل أعضاء المجلس أسهموا بدرجات متفاوتة في خلق شخصية الحاكم الفرد، الذي تتركز فيه السلطة ثم تتشكل بعد ذلك تبعاً لمزاجه وهواه."
"تحويل مصر ، أكبر الدول العربية وقلبها النابض إلى ضيعة يتحكم فيها واحد مهما سمت غاياته وعظمت قدراته وتعددت طاقاته هو امر لابد وأن ينتهي بكارثة.
القضية ليست في بناء المصانع والسدود ولكنها في بناء الإنسان.
وعندنا تسلب إرادة الإنسان، ويصادر رأيه ويحجر على حريته، يتحول إلى كيان سلبي لا يقدم لمجتمعه ما يفيد، وإنما يفكر في الهروب والانطلاق. والهجرة من مصر أصبحت مع الأسف طابع المرحلة."
"إذا كان المثل يقول: إن مشوارا لألف ميل يبدأ بخطوة، فإنه صحيح أيضاً أن مأساة المجتمع تبدأ بصمت الإنسان عن الخطأ، ولو كان الخطأ صغيرا. وأعضاء مجلس الثورة لم يصمتوا عن الخطأ فقط.. ولكنهم ساندوه أيضاً، بل أسهموا فيه. ومع ذلك لم يسمح لهم الحاكم الفرد بان يواصلوا السير.. وتوقفوا عندما شاءت إرادته.. وانتهوا مثله عندما صدرت كلمته."
