غالباً ما فضل الفلاسفة التأمل حول النفس و أهواءها, والقيام بأبحاث حول الفهم الإنساني, أو أيضاً انتقاد العقل المحض أكثر مما انصبوا على حقيقة الجسم وعلى نهائية الشرط البشري. مع ذلك , حتى لو كان الجسم قد اعتبر أحياناً ثقلاً معرقلاً للمعرفة والفضيلة, فإن أية فلسفة لم تستطع القيام بدراسة بنية وجوده. إن كلاً منا في جسمه وعبره ينضوي في العالم ويلتقي الآخرين .
هذا الكتاب يحلل مفارقات علاقتنا بالجسم والطريقة التي يدعو بها كل عصر لإعادة التفكير فيه.
Michela Marzano (Roma, 20 agosto 1970) è una filosofa, accademica, politica e saggista italiana.
Ha studiato all'Università di Pisa e alla Scuola normale superiore. Dopo aver conseguito il perfezionamento in filosofia alla Scuola Normale Superiore di Pisa ed in Bioetica alla Università degli Studi di Roma - La Sapienza è diventata docente all'Università di Paris V - René Descartes, dove insegna tuttora.
Ha diretto il Dipartimento di scienze sociali della Sorbona, prima di diventare deputata per il Partito Democratico. Autrice di numerosi saggi e articoli di filosofia morale e politica, ha curato il Dictionnaire du corps (PUF, 2007).
Si occupa di filosofia morale e politica e, in particolar modo, del posto che occupa al giorno d'oggi l'essere umano, in quanto essere carnale. L'analisi della fragilità della condizione umana rappresenta il punto di partenza delle sue ricerche e delle sue riflessioni filosofiche.
Nel 2014 vince il premio letterario Bancarella con il volume L'amore è tutto. È tutto ciò che so dell'amore edito da UTET
يرى سبينوزا أن الجسم والنفس، هما ذات الكائن، فيما يعتبر نيتشه الجسم سيداً جبّاراً، وما الرّوح إلا أداته. وما بين التّأرجح بين التصوّر التقليدي الذي يجزم أن ثنائية الجسم والروح غير قابلة للإنفصال، وبين تصوّر آخر يفصل الجسد عن النفس كونهما جوهرين مختلفين يجب على كل واحد منهما أن يكون بمعزل عن الآخر، يظهر سؤال ثنائية الجسم والنفس الذي تحاول الكاتبة والفيلسوفة الإيطالية ميشيلا مارزانو تشريحه في الفصل الأول من كتابها فلسفة الجسد. كتَب أفلاطون: حينما تحاول النفس باستخدام الجسم تفحّص شيء ما، يتّضح أنها مخدوعة تماما منه، ولهذا يرى أنه من أجل فهم الأسباب الحقيقية للأفعال الإنسانية، ينبغي بالنسبة للإنسان مواجهة إمكانية إنفصاله عن جسمه. لأن النّفس تفكّر بالطريقة الأكثر كمالاً حينما لا يقلقها لا السمع ولا البصر ولا المتعة ولا الألم. نعم، النّفس عنصر خالد وإلهي، والجسم عنصر أشدّ مادية. وتستطيع النفس بلوغ الحقيقة، أما الجسم فإنه يستطيع فقط إخفاءها. لكن ما سرّ إتحاد الإلهي والمادي؟ بدايةً فسّر ديكارت الوظائف الجسدية كونها لا تشبه سوى آلة ذاتية الحركة، وأما إمكانية إتحاد هذه الآلة الذاتية الحركة والنفس اللامادية، وتبادل التأثير، يعترف ديكارت في مرحلة من مراحل بحثه بصعوبة تصور هذا الإتحاد، ليعود من بعد أن عاين بنفسه جسداً في إحدى جلسات التشريح ، ويقرّ أن النفس لا تتّحد إلى حدٍ ما بمادة الجسم بل تتّحد أكثر بوظائفه. كقارئ، أُرجح فكرة إنفصال الروح الخالدة، عن الجسم القابل للفناء، أرجح فكرة أن الجسم يمثل فعلاً حملاً ينبغي التوصل إلى الخلاص منه، ليغدو الكائن حراً أخيراً. بُني كتاب فلسفة الجسد بِبُعد جسمي عميق، وعلى أسس فلسفية باختلاف مذاهبها ومدارسها، إنطلاقا من أفلاطون، ديكارت، مروراً بنيتشه سبينوزا وآخرون، وصولا إلى عصرنا الحالي وخرائيته التي تستعبد أجسامنا من خلال الصور الدعائية، الشرائط المصوّرة (الفيديو-كليبات) التي تسعى إلى إعادة تصميم أجسامنا لغرض في نفسها. بعيدا عن التعريفات النمطية للجسم، والتي بلغت في أحايين جمّة مستويات ساذجة مردّها ذاك الخطاب الإختزالي المنمّط، جاء كتاب فلسفة الجسد لصاحبته ميشيلا مارزانو، ليفتح كوّة نَمُر عبرها إلى فلسفة للجسم قادرة على إبراز المعنى والقيمة الجسمية. هل يمكن إعتبار الجسد والروح جوهرين متضادين تصعب مسألة إتحادهما؟ أم أنهما صِفتين لجوهر واحد؟. يُرجّح سبينوزا فرضية الجوهر الواحد، بحيث أن كل ما يحدث في الجسم، له ما يطابقه في النفس -حالة مادية ما في المعدة على سبيل المثال، يُعبر عنها في الفكر بشعور الجوع. لينسف سبينوزا في الأخير الفرضية الديكارتية ويخلص إلى الواحدية. وانطلاقا من هذه الواحدية، تبزغ الشهوة التي ليست شيئا آخر سوى ماهية الإنسان ذاتها. لم يختلف الفيلسوف الفرنسي لاميتري عن سبينوزا في مسألة الجوهر الواحد، غير أن لاميتري، وكما هو معروف عنه، سلك طريقا غير الطريق، ليخلص إلى أن هذا الجوهر ليس الطبيعة، وإنما المادة. وبأن النفس ليست إلا كلمة باطلة لا يملك المرء عنها أية فكرة. وحيث لايمكن الحديث عن فلسفة الجسد دون استحضار الفيلسوف الألماني نيتشه، فقد إختار هذا الأخير الإبتعاد عن النفس والوعي، والإنطلاق من نقطة الجسم كبداية كونه هو الواقع الظاهر، ولذلك وجب الإيمان به بشكل أشدّ. ويرى نيتشه أن لا وجود للإنسان، ولا وجود لأي كائن حي سوى وجود الجسم، وأما الحياة فهي بالتأكيد حياة الجسم. وهذا لا يعني إستبعاد فكرة الفكر، كون الجسم هو الذي يفكّر، أو بصورة أدق، فإن الجسم يقوم على الفكر. لهذا احتفى نيتشه بالجسد المأخوذ بالحركة، بالرقص، بالموسيقى، بالقوة الشهوانية. وقد إختصر الفيلسوف الألماني نيتشه نظرته الفلسفية للجسد في كتابه زرادشت: "الجسم هو عقل كبير، جمهور متحمس، حالة سلام وحرب، قطيع وراعية. هذا العقل الصغير الذي تدعوه روحك، يا أخي، هو أداة بيد جسمك، وأداة صغيرة جداً، ولعبة بيد عقلك الكبير". باختصار بالغ، إن مايود نيتشه إخبارنا به، مفاده أن الفكر الحر، هو بالضرورة فكر الجسم المُحرر.
أنتجت الثورة الفينومينولوجية تصورات شتّى في فلسفة الجسد، ها ماركس يقول أن الجسم أداة الإنسان، ويوافقه سارتر بقوله فعلاً الجسم أداة الإنسان التي يستطيع إستخدامها بواسطة أداة أخرى، أما عند ميرلوبونتي فالجسم يملك قصديته الخاصة، وهو وسيلتنا العامة لامتلاك العالم، بل هو أثر العالم ، ولا حدّ بين الجسم والعالم، كونهما يشتبكان في كل إحساس، ويشكلان ذات النسيج. ولليفيناس تصوّر ثالث أختصره في قراءتي للكتاب على النحو التالي: أجسامنا ليست لنا مطلقا، نحن لسنا أجسامنا مادمنا مرتبطون بالآخر، الآخر الذي يجعلنا نولد، ويجعل جسدنا يولد. نحن لا ندرك أجسامنا إلا انطلاقا من نداء الآخر. وحيث أن الثقافة هي ما يتيح لنا الإرتقاء لما فوق الطبيعي، جاء الجسم بين الطبيعة والثقافة، عنوان لفصل ثالث من الكتاب لتؤكد صاحبته أن الجسم لا يكون مرهونا بين الطبيعة والثقافة إلا متوسطاً، فمن جهة، تعيش الأجسام، تموت، تأكل وتنام، وتشعر بالخوف أو بالمتعة بمعزل عن تكوينها الإجتماعي، ومن جهة أخرى فإنها منضوية في وسط اجتماعي وثقافي وتحركاتها هي أيضا ثمرة التربية والثقافة. واستشهدت في هذا ببنوية أعمال ميشيل فوكو التي ترى أن الجسم ليس إلا نصا كتبته الثقافة. هل يمكن إختزال الإختلاف ما بين الجنسين إلى إختلاف في الأدوار الإجتماعية؟ تسأل الفيلسوفة الإيطالية ميشيلا مارزانو، وتضيف، هل يستطيع المرء على الأقل بناء هذا الإختلاف على معايير بيولوجية فقط؟ ثم تتناسل الأسئلة، ماذا يعني أن يكون المرء رجلاً؟ وماذا يعني أن يكون إمرأة؟ وما الذي يشكل هوياتنا الجنسية؟ في حقيقة صاحبة فلسفة الجسد، أو حسب تصوّرها، أنه ولكي تكون الأدوار المذكرة والمؤنثة نتيجة لتكوين فقط، فإنه سينبغي أن تكون خالصة من كل سند تشريحي لدرجة إمحاء واقعية الجسم. وعلى العكس، فإن جعل من الأدوار الجنسية مجرد نتيجة بيوكيميائية بسيطة للإختلاف التشريحي، قد يعني تجنب تعقيد التجربة المعاشة الفردية تجنبا كاملا، والرجوع إلى الجسم بوصفه معطى طبيعي، وحتى جوهرا ثابتاً. أما عن سؤال النوع والجنس كهوية، فتؤكد الكاتبة أنه لايجب التوقف عند الهوية البيولوجية لتحديد الجنس والنوع، بل وجب تعديها إلى الهوية الإجتماعية، كون الإعتماد على هذه الثنائية يمنحنا نتيجة تحمل البعد البسيكولوجي الذي يجعل المرء يشعر بأنه رجل أو إمرأة، كون الجنس وحده، ينطوي أصلا على خيار السلطة. ومن هنا، القناعة بأن إلزام فرد ما، بدءا بمزدوجي الجنس، بالإنخراط في صنف جنسي هو في الأساس نوع من العنف. لدرجة أنه بات من الواضح أن الآخر يفرض علينا الجنس، كما يفرض علينا الحياة، وهكذا يصبح مفهوم الجنس نوعا من ناقلة للأفكار المسبقة والمقاضد المعيارية، بحيث أن الفرد اخترل إلى طبيعة جسدية تفرض عليه قدراً ما. يعالج الفصل الخامس والأخير من الكتاب، مسألة الجنسية والذاتية في مرحلة إكتمال الجسد، تلك المرحلة التي تقيم فيها أجسادنا علاقة مع أجساد أخرى، أي زمن بزوغ الشهوة التي تمثل انفتاحا على الغير. فتعود صاحبة الكتاب مرة أخرى إلى أفلاطون، كانط، فرويد، ولم تستثني إضافة إلى هؤلاء، الماركيز دوساد، وآباء الكنيسة وتصوراتهم للجنس ودوافعه. لتخلص الفيلسوفة ميشيلا مارزانو في النهاية، إلى أن الجسم قدرنا، ولحضوره الدائم، أضحى غير قابل للتجاوز، كونه هو الذي يذكرنا باستمرارنا، بنهايتنا، وبهشاشتنا، وهو الذي يسمرنا في الواقع بإخضاعنا لمتطلبات إطار الحيز الوقتي والوجودي الذي نتطور داخله. وعلى خلاف جل الكتب الفلسفية، تنهي ميشيلا مارزانو كتابها فلسفة الجسد بمقتطف من قصيدة الشاعرة البولونية فيتسلافا تزيمبورسكا لاشيء تغير جريان النهر منظر الغابات الشاطئ الصحاري الجبال الجليدية في هذه المناظر تهيم النفس وتشفى وتعود إنها تقترب وتبتعد غريبة عن ذاتها تشف عن الوصف كاملة واثقة وأحيانا عير واثقة من وجودها الخاص في حين أن الجسم حاضر حاضر وحاضر أيضاً ولا يجد ملاذا