يذكر القول المأثور : ان قوما عبدوا الله رغبة , فتلك عبادة التجار وان قوما عبدوا الله رهبة , فتلك عبادة العبيد وان قوما عبدوا الله شكرا , فتلك عبادة الأحرار ويزيد الحلاج : وان قوما عبدوا الله حبا وتلك عبادة العاشقين
ــــــــــــــــــ يقول قيس : نظرت الى ليلى فانطبعت صورتها بين عينى .. وأغمضت حتى لا أراها .. رأيتها مغمض العينين..
ويقول .. صحبنى أبى الى مكة .. طفنا بالبيت .. قال .. ادعو الله أن يخلصك من حب ليلى .. تعلقت بأستار الكعبة .. ودعوت .. اللهم زدنى بليلى حبا ..
من أحب وفارق .. ابيضت عيناه من الحزن .. واذا ألقوا على وجهه قميص يوسف يأت بصيرا
مخرج وكاتب أردني [1] درس الإخراج في بريطانيا ثم عاد ليعمل في الوطن العربي. تخصص في الإخراج الدرامي والوثائقي للتلفزيون. وهو الآن في قناة الجزيرة أسس مهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية الدولي ويعمل منذ عام 2004 مديرا له وحتى اليوم
وكيف لا ترتوى الروح بعد قراءة هذا العمل البديع .. الغريب !! العنوان على الغلاف يقول : رواية بينما فى الحقيقة هو نثراً فى قالب شعرى . قليلة هى الكتب التى تستطيع مفاجأتى وحقاً قد فعل "عباس أرناؤوط" ويا لها من مفاجأة!! توقعت أن أقرأ عن حياة الحلاج فإذا بى أجد مستوى من الكتابة يقارب شعر الحلاج نفسه .. الجزء الوحيد الذى كان مبهماً لدى هو عصر الدولة العباسية والمهازل التى حدثت بها فانا لست قارئة جيدة للتاريخ أنصح به بشدة! =========================== سئل عن التوحيد .. أجاب .. إن الله تبارك وتعالى وله الحمد واحدٌ قائم بنفسه .. منفرد عن غيره بقدمه .. متوحد عمن سواه بربوبيته .. لا يمازجه شىء .. ولا يخالطه غير .. لا يحويه مكان .. لا يدركه زمان .. لا تصوره خطرة ولا تدركه نظرة ولا تعتريه فترة .. ثم قال .. صن قلبك عن فكره ولسانك عن ذكره .. استعملها بإدامة شكرة .. إن الفكرة فى ذاته والخطرة فى صفاته والنطق فى إثباته من الذنب العظيم والتكبر الكبير .. ----- دُهش الشبلى .. أين التوحيد إن لم يكن هذا !! .. تبع الحلاج متعلماً ومحباً وصديقاً .. =================================
بهذه الكلمات، افتُتِحَت الستارة، وبدأت - وانتهت - قصة الحلاج. من المقصود بها يا ترى؟ هذه الرسالة، موجهة لمن؟ للحاكم الأعمى، الذي لا يرى أحداً وراء بطنه المنتفخة بحقوق الناس وآلامهم وأحلامهم؟ أم إلى الحلاج نفسه، الذي لم يحتكر شبَعه بحبّ الله، فخرج للناس كي يُشرِكهم معه ويقاسمهم لقمة العشق؟ حتى في قصته، يرفض الحلاج مبدأ الاحتكار! ذلك أن هذه القصة تتكرر وتُعاد وتتقاسم نفسها مع كل الأزمنة! هذه القصة المُشبَعة بالحق والعشق والألم والإيمان تأبى أن تموت، وجيرانها جياع!
يرتعش القلب عشقا، بصدق، حين يجد في كهوف التاريخ من هم كالحلاج، في صدقهم وتجردهم من الناس، وكلام الناس، ورأي الناس، وشماتة الناس. وثباتهم في وجه السلطان، ودين السلطان، وفقهاء السلطان، وسياط السلطان. ثم يرتعش ألماً حين يرى ذلك الكمّ الهائل من الظلم والظلام في قلوب بعض البشر.
يقتلني الحلاج حين يقول: "هؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصبا لدينك وتقربا إليك، فاغفر لهم. فإنك لو كشفت لهم ما كشفت لي، لما فعلوا ما فعلوا .." عجيب أنت في نقاءك المهيب، وفي طهارة قلبك - تلك الطهارة التي منحها إياك الله الرحيم حين سكن حبه قلبك. ولكنني أشك كثيراً في أنهم قتلوك تعصبا لدين الله وتقربا اليه! هم قتلوك تعصبا لدين المنصب والسلطان والمال والجاه والجواري، وتقربا إلى ظلام أنفسهم. هم لم يعرفوا الله يوما حتى يتقربوا اليه او يتعصبوا له! ما أفقرك يا حلاج! بل، ما أغناك، وأفقرهم!
أنت قلت: "ركعتان في العشق، لا يصح وضوؤهما إلا بالدم" .. لقد كان دمك زيتا أسرج المساكين به قناديل قلوبهم، ومشوا بها إلى الله. كان دمك المشبع بالعشق، لعنة عليهم وعلى بُغضهم وكراهيتهم.
يا الله ! لا أجدُ من الكلمات ما يُسعفنى أن أصف هذه التجربة التى خضتها بقراءة مثل ذاك العمل المتكامل .
شئ ٌ رائع أن تقرأ عن حياة أحد أعظم الأقطاب الصوفيّة و أرفعهم مقاماً و وصولاً مثل مولانا ( الحلاّج )...لكنّى أظنّ أن الأروع أن تقرأ عن حياته مثل ذاك العمل ( الأسطورىّ ) فى أقل وصف ٍ يُقال عنه
يسلُك الكاتب فى هذا العمل أسلوب النثر الشــِعرىّ أو الشعر المنثّر ...بحيث يورد قصّة حياة مولانا الحلاج بكلّ أحداثها و منحنياتها مستعيناً بألفاظ ٍ و عبارات قد تتشابه مع لُغة مولانا الحلاّج نفسه و أشعاره ...، لبس َ الكاتب ثوب الحلاّج بامتياز و عايش تجربته بامتياز ٍ فائق
ـــــــــــــــــــــــــ أمّا عن بعض المواضع التى فتنتنى فى هذا العمل الأسطورى ، فهى أكثر من أن تُحصى ، و لكنّى أكتفى ببعضها مثل :
" الحسين بن منصور..الحلاّج ..شاب ٌ على مشارف الثلاثين مكتهل ٌ فى شبابه بعيدة عن الشرّ أعينه بطيئة على البطل أرجُلُه أنضته العبادة و أنحله السهر يرزح تحت أشواق الروح و يُضنى قلبه ما يرى "
..
فى موضع ٍ على لسان مولانا الحلاّج جالساً يدعو قبالة قبر الإمام أحمد بن حنبل :
" يا من أسكرنى بحبّه و حيّرنى فى ميادين قربــِه ِ أنت المتفرّد ُ بالقــِدَم المتوحِّد بالقيام على مقعد ِ الصدق قيامُك بالعدل ، لا بالاعتدال بُعدُك بالعزل ، لا بالاعتزال حضورُك بالعلم ، لا بالانتقال غيبتك بالاحتجاب ، لا بالارتحال لا شئ فوق فــيُظــلّك ولا شئ تحتك فــيُــقلّك لا أمامك شئ ٌ فيُحدّك لا وراءك شئٌ فيدركك أسألك بحرمة هذه التُرب المقبولة و المراتب المسؤولة أن لا تردنى إلى بعد ما احتطفتنى منّى ولا تُرنى نفسى بعدما حجبتها عنّى "
ـــــــــــــــــــ
لله درّك يا حلاّج ! لله درُّك يا صاحب السبق و الوصول و الإشراق !
وبعد مرور ألف عام على الطريقة الحقودة والبشعة التي قُتل فيها مولانا الحسين بن منصور الحلاج بتهمة الزندقة، لا يزال بيننا اليوم من يُسارع إلى إتهام الآخر والتحريض على سفك دمه لأنه خالف هواه! ذلك الهوى الذي يُبدع أصحابه بالتعبير عنه بأن ما يقوله الآخر المختلف سيكون سبب الشقاء ونهاية الزمان وإفساد البلاد والعباد ولن تتجنب البشرية هذا العذاب ولن يتحقق العدل والصلاح إلا بالقتل وإرواء الأرض بالدماء، وهو ما يُغذي النفوس المريضة. وفي ذلك قال المجرم عن الحلاج: "إن الفقهاء أفتوا بقتله.. وقد انتشر كفره وذاعت شعوذته، وإذا لم يأمر أميرُ المؤمنين بقتله على ما أفتى الفقهاء فسيفتتن الناس وينقلبون على الله ورسوله" وأكثر ما يهمهم من الله ورسوله هو الاقتصاص لكرامتهم والحفاظ على عرش السلطان.
في حوار مع الكاتب والمخرج الأردني عباس أرناؤوط، تم طرح هذا السؤال عليه:
"ما الحكاية مع الحلاج تحديدًا؟
فأجاب:
رجل عشق، تخلّل العشق دمه، عرف أن الحب قاتله فحثّ الخطى إلى لقاء الحبيب، سُئل عن يوم عيده فقال عيدي يوم أُرفع على الصليب، احترق في لهيب العشق ولم يتأوّه، بل قال «ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم». الذي يذهلني في الحلاّج أنه ارتقى في عالم الروح إلى القمة، لكنه لم يجلس عليها يتأمّل، عرف أن الإنسان جوهر الحياة ومقصدها فنزل عن قمته ليدافع عن فقراء الزمان ومظلوميه، رافعاً شعار «أحب الناس إلى الله خيرهم لعباده»، كان في الليل فراشة تدور حول النور، وفي النهار فارس الإصلاح والدعوة إلى العدل.. كيف لا يُعشق هذا الرجل؟ الحلاّج عاش كالرُمح، مستقيماً يمشي، فاصطدم بمن وقف في طريقه، لم ينحنِ ولم يلتوِ أو ينثنِ، ودفع ثمن استقامته على ما يؤمن به من الحق."
آخر يتحدث عن شبكةٍ التفت عليه كبحر من رمال.. كلما تحركت فيها ازددت غرقًا.. خارت قواي.. وجدت نفسي على سفينة في البحر.. كنت أفكّر في أمي.. كيف أخبرها أنني غير عائد إليها.. الآن تبكيني كما بكت أخي الأكبر.. كانت تتمنى أن يكون تمساح قد ابتلعه ولم يسقط في أيدي النخّاسين..
*
لم أسعَ إليك.. نحن.. التقينا.. كنّا في طريقين.. إلى السماء نظرنا.. نجمة لمعت.. بها اهتدينا ومشينا.. وفي طريق واحدٍ.. التقينا..
*
يروي الرابحون.. أن الزنج هاموا على وجوههم في القفار.. من مات.. مات جوعًا وعطشًا.. ومن عاش.. تصيّده الأعراب وأعادوه مكبّلًا إلى.. عبوديته..
ولا يروي الرابحون.. سالت دماء الأبرياء على التراب.. في التراب.. لامست جذور شجرةٍ.. سقتها.. أسقمتها.. أيبست أغصانها.. أوراقُها ذبلت.. وشاخت دولة العباسيين.. قَبل الأوان..
*
وَأَيُّ الأَرضِ تَخْلو مِنكَ حَتّى تَعالَوا يَطلُبونَكَ في السَماءِ تَراهُمْ يُنظُرونَ إِلَيكَ جَهْرًا وَهُم لا يُبْصِرونَ مِنَ العَمَاءِ
*
يذكر القول المأثور.. إن قومًا عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار.. وإن قومًا عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد.. وإن قومًا عبدوا الله شُكرًا فتلك عبادة الأحرار.. ويزيد.. وإن قومًا عبدوا الله حُبًّا وتلك عبادة العاشقين..
*
جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا.. الأرض مسجد.. فعل الخير فيها.. صلاة.. المسحُ على رأس اليتيم.. صلاة.. رفع الظلم عن المظلوم.. عبادة..
والله كان عندي الكثير لأقوله ، لكن النهاية ألجمت حرفي و أطلقت دمعي ! ياربنا كيف للعباد أن ينتهكوا خلائقك بإسمك و إسم دينك ؟ آه ليس بغريب ما يحصل في سوريا الآن ، فهو ليس سوى إعادة لتاريخ تمّ تزيينه و ترقيع ثغراته بكذب المؤرخين و تقنّع السلاطين . أقول عن الرواية - وقد عاد بعض رشدي الآن - أسلوبها مميّز عن غيرها . سرد الكاتب للأحداث و المناجاة (بالجمل القصيرة ) كان ماناسباً مع نسق الرواية. فكانت كل جملة كحجر يلقيه في مياه قلوبنا الراكدة . حتى يرتعش القلب عشقاً !
كتاب خارج عن المألوف و عن أعراف الكتابة المعاصرة، ذكرني بالمسرحيات الموسيقية لموليير ، رغم أنه رواية شعرية لا تلتزم بأحكام القافية، لكن الكلمات فيه ما هي إلا فراشات ترقص بين ثنايا الأفئدة, لتصوغ برشاقتها عالما وجدانيا صوفيا لا يخلو من سرد دقيق للأحداث التاريخية . "من لا يجد الحقيقة في نفسه.. لا يجدها في مكان بعيد"
الحلاج .. شخصية وقع عليها الخلاف ما بين معسكرين معسكر اتهمه بالردة و الكفر و فى هذا الجانب كان اهل الخلافة و الحكام و من استمالوه من القضاه و من غلب على امره منهم و معسكر قال عنه انه من خيرة الناس و اتبعوه و قالوا انه فى صف الحق و انه عاش لينصر الضعفاء و ليخبر بالحق و العدل و فى هذا الصف كان الفقراء و المنصفين من القضاه محاولة الوزراء فى دولة الخليفة فى عهد كان يشوبه الظلم و الجور فى سنوات حكم الدولة العباسية فكان من يطالب بالعدل و الحق و الانصاف خارجْا مرتدْا و من يسكت عن الظلم عالمْا مبجلْا اشعار الحلاج منها ما يستميل القلب و يملأه اشتياق لله و لكن هل هذه الطريقة من التصوف و التعبير عنها صحيحة .. لست على جانب من الفقه لحسم امرى فى شخصية الحلاج او فى اشعاره هل كانت اشعار محب قد امتلأ قلبه بالاشتياق لله و كان طريقته فى التعبير موفقة ام انه جانبه التوفيق فى هذه الاشعار و التى و ان صنفت بالطريقة الاخرى فسوف تصنف على انها اشعار كافر لا يعرف الله و لكن ايْا كانت النهاية فى الحكم على الحلاج فسيبقى شخصية مثيرة للجدال ينقسم فى الحكم عليها الناس لمعسكرات شتى
الجائع لا يحتاج فتوى لثورته .. خرجوا على الله فخرجنا عليهم ..
ــــــــ
قد يدخل الجنة مذنب .. ولكن .. لا يدخلها من فى قلبه مثقال ذرة من كبر ..
ـــــــ
يصرف قلبه عن غير الله .. فاذا فرغ القلب من الأغيار .. امتلأ بالمعارف والأسرار.. دخل عالم الملكوت ..
ــــــ
كنت فى أول الطريق .. لا أرى شيئا الا رأيت الله بعده .. دام الحال .. حتى ارتقيت.. ولما ارتقيت .. ما رايت شيئا الا رأيت الله معه .. ثم ارتقيت .. ولما ارتقيت .. ما رايت شيئا الا رأيت الله قبله رحلت من العمر أيام وليال .. وارتقيت .. تلاشى الشئ .. والذكر .. والرؤية .. وما رأيت غير الله .. كان الله ولا شئ معه .. ـــــــــ
يذكر القول المأثور : ان قوما عبدوا الله رغبة , فتلك عبادة التجار وان قوما عبدوا الله رهبة , فتلك عبادة العبيد وان قوما عبدوا الله شكرا , فتلك عبادة الأحرار ويزيد الحلاج : وان قوما عبدوا الله حبا وتلك عبادة العاشقين ــــــ
بعد ألف عام .. لعل الدنيا تغيرت .. يسمع أحاديث المسافرين فى سمر الليل .. الحال هو الحال بل وأسوأ .. أذرع القهر تزداد طولا .. تزداد عنفا..
القصة .. ظالم ومظلوم وثائر .. لا يتغير فيها الا أسماء شخوصها .. الخليفة .. سابحا فى بحر الشهوات .. ضاع وأضاع البطانة .. عسكر وساسة .. بطشوا ونهبوا الأمة .. اضيع من الأيتام على مادبة اللئام .. الثوار .. قتلوا وصلبوا وقتُلوا
ــــــ
وأى الأرض تخلو منك حتى .. تعالوا يطلبونك فى السماء تراهم ينظرون اليك جهرا .. وهم لا يبصرون من العماء
الذكر والأوراد والعزلة .. ليست غاية .. يُطلب الدواء لشفاء المريض .. إذا صلُحت النفس وتطهرت .. يخرج صاحبها إلى الدنيا ينشر فيها الصلاح .. الدنيا مطية الأخرة .. ألم يشكو رجلٌ إلى رسول الله قسوة قلبه .. قال له إمسح رأس اليتيم .. وأطعم المسكين ألم يقل بن عباس رضى الله عنه يوم سُئل عن .. ( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ) أجاب .. هذه إشارة لقرب وفاة الرسول وإلتحاقه بالرفيق الأعلى ..
الإمام يدعو للخليقة بطول البقاء .. المصلون يكبرون .. اللهم إنها ليست وثنية .. ألم يقل رسولك .. جعلت لى الأرض مسجداً وطهوراً .. الأرض مسجد .. فعل الخير فيها صلاة المسح على رأس اليتيم .. صلاة رفع الظلم عند المظلوم .. عبادة اللهم إغفر لى عجزى .. اللهم إغفر لى إن رأيت مظلوماً فلم أنصره .. أيحق لى أن أبتسم وعلى الأرض عين دامعة ..
رحل الحلاج وفى ترحاله فى الأرض وجد الغربة وفى السماء اللقاء
ﻻ أدري إن كان ما قرأته رواية أدبية، أو خواطر متواصلة، أو قصيدة نثر طويلة جدا ... الشكلاﻷدبي الذي استخدمه الكاتب غريب نوعا ما. قد يكون هذا الشكل اﻷدبي مقصودا تماما و بهذه الكيفية، ليكون موازيا لافكار الحﻻج و ارتعاشات قلبه!
قصة الحلاج من أكثر القصص المؤلمة ولكنه يذكرنا ان قول الحق مخافة وجه الكريم اشد رهبة من ظلم الناس، الكتابة بديعة جدا وأسلوب السرد في غاية السلاسة ولغة الكاتب فيها كثير من الإضافات المستنيرة..
كنت قد نويت أن أجعل هذا الكتاب رفيقي في ليلتي نهاية الإسبوع، لكن عباس أرناؤوط أبى إلا استمراري بالقراءة حتى نهاية الكتاب! رغم قراءتي لأبرز ما كُتب عن الحلاج تقريباً كان هذا الكتاب خفيفاً باسلوبه ثقيلاً بحمله. كيف لا وهو يحكي عن ابو المغيث رحمه ﷲ.
أشعر برغبة في الصمت عند اخر كلمة في الرواية ... أنقل قول صديقي مهنا طيب في هذه الرواية : " والله كان عندي الكثير لأقوله ، لكن النهاية ألجمت حرفي و أطلقت دمعي ! ياربنا كيف للعباد أن ينتهكوا خلائقك بإسمك و إسم دينك ؟ آه ليس بغريب ما يحصل في سوريا الآن ، فهو ليس سوى إعادة لتاريخ تمّ تزيينه و ترقيع ثغراته بكذب المؤرخين و تقنّع السلاطين . أقول عن الرواية - وقد عاد بعض رشدي الآن - أسلوبها مميّز عن غيرها . سرد الكاتب للأحداث و المناجاة (بالجمل القصيرة ) كان ماناسباً مع نسق الرواية. فكانت كل جملة كحجر يلقيه في مياه قلوبنا الراكدة . حتى يرتعش القلب عشقاً ! "
وبعض ما أسرني منها :
" من رأى غير الحبيب ما رأى الحبيب " " بكاء الرضيع ليس كمثله دعاء " " والأرض تطوى لمسافر الليل " " من ظنّ أنه يرضيه بالخدمة فقد جعل لرضاه ثمناً " " خطوتين وقد وصلت : اضرب بالدنيا وجه عشاقها .. وسلم الأخرة إلى أربابها .. " " إن في الغيب ما شهدته و غاب عنك "
شخصية الحلاج.. الحسين بن منصور من أكثر الشخصيات التي أحبها في تاريخنا الإسلامي.. لا أدري مالذي يربطني بالرجل ويجعله قريباً من قلبي.. لعله ما مر به من المحن وقتله مظلوماً.. ولعله بعضاً من كراماته.. الله أعلم.. المهم أني ضعيف تجاه أي كتاب يتناول شخصية الحلاج رضي الله عنه.. وهذا الكتاب.. ماذا أقول عنه وكيف أصفه.. لا يهمني التعريف هل هو شعر نثري أم نثر شعري.. المهم أنه لمس قلبي فـ "ارتعش القلب عشقاً".
التصوف خطوات داخل النفس وخطوات خارجها الى الناس والحياة كيف يكون المؤمن جالسا مع نفسه سعيدا باذكاره وتأمله والناس حوله جياع مظلومين محرومين والله لا يؤمن من بات شبعانا وجاره جائع
انفض عنه الصوفية لطموح في نفسه يقولون وخشيته السلطة لانه ينادي بصوت السماء
النجوم صرخة امل في سكون اليأس ونعم ما تبشر به الجلد والصلب ولقاء الحبيب
يتيه التاريخ حين يكذب و حين لا نُحسن أن نقرأ ، عبثًا تتحول النصوص إلىٰ روحٍ طاهرة تسترق حكاوي السماء .. كان الحلّاج يصلي و يرتجي ليس لأجله ، حبًا وشوقًا و عشقًا و خوفًا بالربّ العظيم .. ومن أجل ذلك ؛ قد قتل !
الحلاج يرتعش قلبه حبا ،، وتحير عقولنا فيه ،، فاسق عند البعض لدرجة أنهم قطعوه بلا رحمة ،، فاضلا متعبد عند آخرين ،، السياسة لها دورها الذي لبس لبوس الدين ،،، أحببت الحلاج و كرهت من قتلوه ،،،
بغداد.. بين كفيها جمعت ثراء العالم.. قوافل الشرق ترحل إليها بالحرير.. منها ، تحمل العطر والبخور ، غرباً.. فاحش.. ثراء أثريائها.. فاحش.. فقر فقرائها.. بحر من مذاهب وأفكار وأديان.. نار من صراعات.. تلتهب.. نسيج تتشابك خيوطه.. تتنافر ألوانه.. علماء وفقهاء ومتصوفة.. زنادقة وملاحدة ودهريين.. صور مقلوبة.. سيدات القصور.. جواري.. قادة العسكر.. خصيان.. متجبرون طغاة.. الناس مستضعفون مقهورون.. النار تحت الرماد تكاد تشتعل
الله الله على هذا العمل الأدبي الجميل ، ارتعش قلبي عشقًا وفاضت العين بالدمع ، رواية تلامس القلب والروح . رواية تسرقك من نفسك لجمال الأسلوب والقصة . رواية نثر بقالب شعري رائع .
تناول الكاتب قصة الحلاج ( الحسين بن منصور ) الذي قالوا عنه كافر ومشرك من جهة وقالوا عنه مظلومًا شهيدًا من جهة أخرى . رواية تناول فيها الكاتب قصة الحلاج ، طريقته وسفره وخلوته ،، حياته وأفكاره ومعتقده ،، دعوته وثورته بوجه الظلم وأكل أموال الناس ، دعوته للعدل وتوزيع الأموال للفقراء والمحتاجين ورأيه بالخلافة ومن هو الأحق بها . وأيضًا تكلم عن أحوال بلاد المسلمين بتلك الفترة ( القرن الثالث الهجري ) دولة العباسيين والصراع على الخلافة ،، الثورات وما حصل من فتن . ثورة الزنج وأسبابها ، ثورة راح ضحيتها نصف مليون مسلم . لماذا لفقت التهم للحلاج ومن هو وراء محاكمته وماهي مصلحته .
اقتباس : ارتعش قلبه شوقًا … أغدًا أخلع ثوبًا طالما أثقل روحي … وأطير بين قناديل العرش … مع طيور خضر أغدو وأروح … أضع رأسي على صدر الحبيب ،، بعد فراق طال … بيننا يا حبيبي ليلةٌ بحرها بلا شواطئ… الشوق فيها مركبي … ذِكرك شراعي وتسبيحي وتضرعي .. حتى الصباح..
كتاب يُلامس الروح فيلتمس بقايا ذرات جسد الحلاج المحروق والمنثور في نهر الفرات.. كم انت عظيم .. كم إيمانك أعظم.. كم نحتاجك في زمننا لتُخرجنا من ظلمات المتطرفين الحشوية الظاهرية الى رحابة المعاني وروحانية التلاقي مع الاله..
كتاب يشرح بكلمات رقيقة نثرية من القلب مسيرة الحلاج من مولده الى صلبه ورفعه الى السماء
رواية تحكي عن قصة الحلاج لكن الكاتب أبدع في طريقه سرده للقصه واختياره للكلمات وكأن الحلاج يتكلم بنفسه.. روايه بلغتها العذبة جذبتني وجعلتني أحلق في عالم آخر..
بسم الله وكفى والصّلاة والسّلام على عباده الّذين اصطفى، اللهم صلّ وسلّم وبارك على النّبي الأميّ وعلى من اهتدى بهديه واستنّ بسنته إلى يوم الدّين وعنّا معهم برحمتك يا أرحم الرّاحمين، اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدنا علما يا أرحم الراحمين أمّا بعد، فإنّ كتابتي اليوم عن علم من أعلام العشق في تاريخنا، شيخ قد عشق بقلبه وعقله وهام في ملكون الحبّ شيخ جليل ووليّ من أولياء الله في زمانه، قد خلّد الظلم الذي تعرّض له زورا وبهتانا اسمه ايام الخلافة العبّاسية ببغداد، أبو الْمُغِيث الحُسِّين بن مَنْصُور الحَلاَّج، شاعر صوفي من شعراء الدولة العباسية، يعد من روّاد أعلام التصوف في العالم العربي والإسلامي. اشتهر بقوله: «أنا الحق»، والذي اعتبره الكثيرون ادعاء بالألوهية، بينما فسره آخرون على أنه حالة من إبادة الأنا، اكتسب الحلاج عددا كبيرا من الأتباع كخطيب قبل أن يتورط في صراعات السلطة مع البلاط العباسي والتي أُعدم على أثرها بعد فترة طويلة من الحبس بتهم دينية وسياسية. على الرغم من أن معظم معاصريه الصوفيين لا يوافقون على أفعاله، إلّا أنّ الحلاج أصبح فيما بعد شخصية رئيسية في التقليد الصوفي. يعرض لنا الراوي فطر الحلّاج بشكل عام ومفهومه للتصوّف على أنّه جهاد في سبيل إحقاق الحق، وليس مسلكا فرديا بين المتصوف والخالق فقط. لقد طوّر الحلّاج النظرة العامة إلى التصوف، فجعله جهادا ضد الظلم والطغيان في النّفس والمجتمع ونظرا لما لتلك الدعوة من تأثير على السلطة السياسية الحاكمة في حين وقد اشتهر عنه قوله "النقطة أصل كل خط، والخط كلّه نقط مجتمعة. فلا غنى للخط عن النقطة، ولا للنقطة عن الخط. وكل خط مستقيم أو منحرف هو متحرك عن النقطة بعينها، وكلّ ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين. وهذا دليل على تجلّي الحق من كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يعاين. ومن هذا قلت: ما رأيت شيئًا إلاّ رأيت الله فيه." يمر بنا الراوي سريعا على عدة مراحل من حياته رحمه الله تعالى و يبين لنا زهده وتعبده وعشقه لله عزّ وجلّ إذ جاور البيت الحرام سنين قائما عابدا ولكن لم يمنعه دينه وسلوكه منبطانة السّوء والمكائد التي حيكت ضدّه فقلّبت عليه آراء القضاة الذين باعوا آخرتهم بالدنيا والخليفة الّلاهي بين أحضان الجواري والقيان، فكان الحكم عليه بالموت من قبل وزير الخليفة الكاره للحلّاج فسيق في يوم تنفيذ الإعدام وضرب وقطّعت يداه فتوضأ من دمه ومسح على وجهه إذ اصفرّ فخاف أن يظنّ النّاس أنّه خائف من الجلّاد، وصلب وقطعت رأسه ولفّ جسده وأحرق ونثر رماد جثّته في نهر دجلة، وقد قيل ولست أدري مدى صحة الكلام أن كلّ من شرب من مياه دجلة بعد هذه الواقعة بقليل اصبح وليّا ... رحم الله أبي منصور الحلّاج ... عَجِبتُ مِنكَ وِمنّي يا مُنيَةَ المُتَمَنّي أَدَنَيتَني مِنكَ حَتّى ظَنَنتُ أَنَّكَ أَني وَغِبتُ في الوَجدِ حَتّى أَفنَيتَني بِكَ عَنّي يا نِعمَتي في حَياتي وَراحَتي بَعدَ دَفني ما لي بِغَيرِكَ أُنسٌ إِذ كُنتَ خَوفي وَأَمني يا مَن رِياضُ مَعانيهِ قَد حَوَت كُلَّ فَنِّ وَإِن تَمَنَّيتُ شَيئاً فَأَنتَ كُلُّ التَمَنّي #الحلّاج