يؤرخ الكاتب في سلسلته هذه لتاريخ العراق السياسي وذلك من خلال رصده للطبقات الاجتماعية وللحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية. يلقي الكتاب الأول الضوء على ملاك الأراضي، والتجار، ورجال المال، وسلطتهم، وطرق تفكيرهم، وسلوكهم السياسي، وموقعهم الاجتماعي، وجذور منزلتهم أو ثرواتهم، يهدف اكتشاف ما إذا كانت المعالجة الطبقية تفتح منفذاً لرؤية علاقات تاريخية أو ملامح اجتماعية، كانت ستبقى لولا ذلك بعيدة عن النظر، أو بشكل أكثر عمومية، ما إذا كانت هذه المعالجة قادرة على إعطاء رؤى جديدة أو نتائج ذات قيمة عند تطبيقها على مجتمع عربي ما في فترة بعد الحرب العالمية الأولى.
أما الكتاب الثاني فقد تناول تاريخ الشيوعيين في العراق على نطاق واسع، لأنهم كانوا أسبق من القوى الأخرى، وتأثيرهم أعمق على الانتلجنسيا وعلى المستوى الجماهيري للمجتمع. ويتتبع الكتاب أصول الحركة الشيوعية، وأفكارها والعواطف التي كانت تسيرها، وصيغها التنظيمية، وبناها الاجتماعية، وكيفية إعادة بناء حياتها الداخلية في اللحظات ذات المغذى، وتقييم تأثيراتها على العراق وتاريخه، مستنداً إلى مصادر لم يسبق لأحد ان اطلع عليها، كالسجلات السرية للمديرية العامة للأمن العام، وملفات الشرطة السياسية، وأدبيات شيوعية، وتقارير الاستخبارات البريطانية، وهذا ما أعطى الكتاب غنى وفرة في المعلومات لم تتوفر في أي كتاب آخر جاء حول هذا الموضوع.
ويتناول الكتاب الثالث الشيوعيين والبعثيين والضباط الأحرار، وهي الحركات التي شكلت بشرائحها الأساسية التعبير الأول من الطبقات الوسطى في العراق. وركّز الكتاب على أصول هذه الحركات لاستنباط جذور الأفكار والعواطف التي كانت تسيرها، ووصف صيغها التنظيمية وبناها الاجتماعية، وإعادة بناء حياتها الداخلية في اللحظات ذات المغذى، وتتبعها في حالات الانحسار والمدّ في مقدراتها، وتقييم الذي كان على البلاد وتاريخها. http://www.neelwafurat.com/itempage.a...
was a Palestinian American Marxist historian specializing in the history of Iraq and the modern Arab east. His work on Iraq is widely considered the pre-eminent study of modern Iraqi history.
Born in Jerusalem in 1926, Hanna Batatu emigrated to the United States in 1948, the year of the 1948 Arab-Israeli War. From 1951 to 1953, he studied at Georgetown University's Edmund A. Walsh School of Foreign Service. He gained his doctorate at political science in Harvard University in 1960, with a dissertation entitled The Shaykh and the Peasant in Iraq, 1917-1958. From 1962 to 1982 he taught at the American University of Beirut, then from 1982 until his retirement in 1994 at Georgetown University in the United States
المندوب السامي البريطاني : .... " يجب إلا تكون هناك سياسة متعمدة تهدف إلى تدمير موقع المشايخ " Great Britain , ( secret ) intelligence report no. 19 of 15 sep 1926 هذا ملخص الثلاثة أجزاء من الكتاب !!!
لستُ مؤرخاً.. ولكن -كمهتم بالتاريخ العراقي- أعتقد أن حنا بطاطو كان موفقاً جداً بتناولهِ لتاريخ العراق، وكانت طريقة عرضهِ موفقة أيضاً، مما يجعل الكتاب مصدراً مهماً لا غنى عنه.. أعجبني كثرة أطلاعهِ وعمق فهمهِ للواقع الأجتماعي العراقي رغم أنه ليس عراقياً، ولا ينتمي لثقافة هذا البلد..
هذا الكتاب الموسوعي، والدراسة العميقة الواسعة، هو من أفضل ما كتب عن العراق الحديث، فهو يتناول الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العراق بدراسة تغوص عميقاً نحو الجذور فتحدد القوى الاجتماعية التي تحرك المجتمع العراقي وكيفية تشكلها وتأثيرها على المجتمع منذ سقوط الدولة العباسية بيد المغول، معطياً العامل الاقتصادي الجزء الأكبر من الاهتمام وذلك لفهم الأمور وتحليلها من زاوية طبقية، وهو ما وفق فيه كثيراً.
ولعل تركيز الدراسة على الحزب الشيوعي العراقي يعود لاهتمام الدراسة كما أسلفت بالجانب الاقتصادي والعامل لطبقي الناتج عنه، حيث يعتبر الحزب الشيوعي هو التجلي الأكبر والذروة في صراع الطبقات في العراق.
الدراسة تتكون من ثلاث مجلدات، يبدأ فيها بطاطو بشرح الطبقات الاجتماعية القديمة في العراق وكيفية تشكلها ثم تأثير تلك الطبقات على العامل الطائفي والسياسي والاجتماعي في العراق.
المجتمع العراقي يحمل في داخله تناقضاً قديماً وصراعاً أزلياً لم يحسم حتى الآن، ألا وهو صراع قيم البداوة والحضارة، ولعل العراق هو من أكثر بقع العالم تجلياً لهذا الصراع القيمي العنيف الذي انعكس لا على القوى الاجتماعية والمنظومة القيمية فحسب بل وتغلغل عميقاً حتى شخصية الفرد العراقي، وقد تناول هذا الموضوع آخرون كالدكتورعلي الوردي في شخصية الفرد العراقي وفي لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث.
سبب هذا الصراع القيمي العنيف هو أن العراق بقعة فيها أقدم الحضارات والمدنية في التاريخ، فقيم المدنية أصيلة ضاربة في جذوره، إذ هو من أقدم البقع المتحضرة في التاريخ البشري، لكنه وبنفس الوقت يحيط بالصحاري الواسعة من أغلب جهاته، القيم بحد ذاتها هي نوع من التكيف مع البيئة، أو كما يقول نيتشه هي غريزة القطيع في الفرد، فالقيم البدوية أفادت تطورياً الجماعات البدوية، وكذلك القيم المدنية، كل في بيئتها، وإذا ما رجعنا الى قصة الحضارة نجد أن الصراع بين الحضارة والبداوة أمر اجتماعي أزلي، فالبربرية أو البدوية أو أي تنظيم اجتماعي خارج تخوم الحضارة يعيش حولها وينتظر ضعفها للانقضاض عليها بالهجرة والسلب والتكاثر اللامحدود.
العلاقة بين قيم الحضارة والبدواة علاقة عكسية، فكلما قويت المدنية ضعفت البداوة وكلما ضعفت المدنية انقضت عليها البداوة، وهذا الشد والجذب تكرر في العراق لكثرة المدنيات فيه وكثرة تذبذبها وسقوطها، هذا الشد والجذب انعكس وانطبع عميقاً في كل شيء.
من القوى الاجتماعية القديمة والعلاقات العتيقة هي القبلية وعلاقة الشيخ بأفراد قبيلته، بدايات هذه القوة وهذه العلاقة كانت من الصحراء، فالشيخ البدوي هو زعيم محارب يقود قبيلته التي تربطهم أواصر الدم الى النجاة من الظروف القاسية، علاقته معهم علاقة أبوية، والقبيلة هي تنظيم اجتماعي متكامل يشمل قوانيناً وقيماً طورتها البيئة الصحراوية. مع سقوط الدولة العباسية على يد المغول، ومع تذبذب الحكم وتنقله سريعاً بيد قوى مختلفة عديدة اتسمت بعدم الثبات والاستقرار، بدأ الناس في غالبية العراق بالانضمام والاندماج في القبائل كوسائل حماية ونجاة وكوسائل تنظيم اجتماعي بديل عن القانون المفقود، هنا بدأت القبلية تتوسع وتترسخ في العراق بعد أن تحللت وضعفت في العصر العباسي، لكنها حتى الآن علاقة تكافل وحماية وعلاقة قيادة أبوية من قبل الشيخ.
يستمر تحرك التاريخ وحتميته حسب العلاقات الاقتصادية، ومع الحكم العثماني الضعيف الذي لم يولي اهتماماً بكثير من الدول التي كانت تحت سيطرته، تحول العراق تدريجياً إلى اقطاعيات كاقطاعيات أوربا في العصور الوسطى، الدولة كانت تسيطر فعلاً على الولايات الثلاثة الكبرى التي تشكل العراق وهي بغداد والبصرة والموصل، المدنية والقانون متكتل في حدود ضيقة داخل هذه الولايات، أما الجزء الأكبر فصار اقطاعيات للشيوخ بنظام اللزمة والطابو، حيث أن الدولة تأخذ ضريبة من الشيخ على الأراضي المقتطعة له وهو يوزع العمل والأراضي على أفراد قبيلته، هنا تحولت علاقة الشيخ بقبيلته إلى علاقة اقتصادية طفيلية شأنها شأن باقي العلاقات الاقطاعية في باقي مناطق الأرض في عهود الإقطاع.
كان المسار التاريخي الطبيعي هو انحلال واضمحلال مؤسسة المشيخة لأن الاقطاع لا يتناسب سوى مع اليد العاملة غير الماهرة، إذ أن التحول في كل بقاع العالم كان وحسب الحتمية التاريخية هو سقوط الاقطاع لبروز الصناعة وظهور البرجوازية، في العراق كان لاكتشاف النفط وانفتاحه على التجارة والبداية المتواضعة للصناعة أن يؤدي لاضمحلال مؤسسة المشيخة، لكن ما حصل في العراق كان عكس اتجاه التاريخ، إذ أن هذه المؤسسة قويت وترسخت منذ بدايات القرن العشرين وحتى الخمسينيات منه، يعيد حنا بطاطو ذلك لتأثير قوة خارجية دخيلة لعبت بإعدادات النظام ألا وهي البريطانيين الذين احتلوا العراق عام 1918، حيث أنهم وبمجرد قدومهم للعراق عملوا على انعاش واحياء مؤسسة المشيخة وعدم السماح بموتها بأية طريقة، وتلك سياسة بريطانية تقليدية في كل مستعمراتها، حيث أن البريطانيين يفضلون التعامل مع مجموعة من زعماء القبائل والمشايخ الذين يسهل ارضائهم ويكرهون التعامل مع الجماهير والطبقة المثقفة، بالتأكيد فان تمرير السياسات البريطانية يكون أسهل عندما تتعامل مع مشايخ قبليين غير متعلمين لا يفهمون غير لغة واحدة هي لغة السلطة والمال.
مع تأسيس الدولة العراقية وتنصيب فيصل الأول ملكاً على العراق، اتجه فيصل الى اتجاه خلق الهوية العراقية ودخل بصراع خفي مع مصالح البريطانيين والمشايخ، فكانت بدايات العهد الملكي هي ما عزز توسع الطبقة المثقفة الوطنية العراقية، وبدأت الطبقة المتوسطة تنتعش تدريجياً، لكن مع تزايد قوة الجيش المنبثق من الطبقة المتوسطة، شعرت الملكية التي أصبحت نفسها تنتمي لطبقة الاقطاعيين من خلال الأراضي التي حصلت عليها العائلة المالكة، أصبحت مدركة للخطر الذي يحيط بها ، هنا عادة وتحالفت وانصهرت في مؤسسة المشيخة.
صارت الملكية في العراق ومؤسسة المشيخة تمثلان القوى الرجعية في العراق، أما الجيش فكان القوة الأكبر والأقوى، وبما أنه لا يمثل تلك الطبقة بل ينتمي إلى الطبقة المتوسطة، وأشدد ينتمي لكن لا يعني أنه يمثلها بل هو جزء منها.
هنا أصبح سقوط الملكية والاقطاع مسألة حتمية تاريخية لا يهم من سيقوم به، إذ أن الظروف قد نضجت وتقاطع المصالح الطبقية تجاوز خط عدم الرجوع، ولو لم يقم تنظيم الضباط الأحرار بإسقاط الملكية لقام ضباط آخرون، مع العلم أنه سبقت محاولة الضباط الأحرار محاولات أخرى من قبل الجيش لكنها لم تنجح ولم تكن سوى مؤشرات على هذا الاتجاه التاريخي.
ينتهي الجزء الأول بعد أن يوضح جذور القوى الاجتماعية القديمة في العراق، المشيخة، ورجال الدين ويحللها تحليلا طبقياً ثم يبدأ في جزءه الثاني لتتبع وتلمس بدايات الحزب الشيوعي العراقي منذ أول دخول الماركسية للعراق في العشرينيات حتى تحول هذا الحزب الى تنظيم سياسي يضرب عميقاً في وجدان طبقة كبيرة من المجتمع العراقي.
استحوذ الحزب الشيوعي على لب ووجدان كثير من الشباب العراقي وكان يمثل طموحات الشريحة واسعة من الشعب، اكتسح الحزب الشيوعي الساحة العراقية وانطبعت أدبياته ومفاهيمه في الهوية العراقية وكان في فترة ما يمثل القوة التقدمية في المجتمع العراقي.
كانت مسيرة الحزب الشيوعي العراقي مسيرة نضال وأخطاء كثيرة في نفس الوقت، فالعراق بلد تتصارع فيه القوى العالمية والإقليمية ومجتمعه مجتمع عنيف وشديد الازدواجية بسبب الصراع البدوي الحضري الذي ذكرته سابقاً.
عبد الكريم قاسم الذي تربع على سلطة العراق بعد ثورة 58 تموز، اتجه تدريجياً نحو الفردية والتسلط، المتجمع العراقي يصنع طغاته بأيديه فهو يؤله كل من يمسك سلطة، وعبد الكريم المتواضع الذي كان يخشى أن يصيبه الغرور بسبب المديح في بداية حكمه تحول إلى دكتاتور دون أن يشعر، وخدرته شعارت ماكو زعيم إلا كريم وعاش الزعيم الأوحد وغيرها من شعارات المديح والتأليه التي يتفنن بها المجتمع العراقي واعتقد بأنه قائد ضرورة كما اعتقد صدام فيما بعد.
سقط حكم قاسم بانقلاب بعثي قومي عليه، شارك فيه رفيقه السابق عبد السلام عارف والعديد من ضباط تنظيم الضباط الأحرار.
العام الذي سقط فيه قاسم كان عام مجازر وتصفيات وقمع لا آخر لها، إذ نفذت عمليات اعتقال وتعذيب وتصفية بحق الخصوم وعلى رأسهم الحزب الشيوعي العراقي الذي دافع عن قاسم، وقد قطع رأس الحزب الشيوعي للمرة الثانية بعد أن كانت الأولى في زمن النظام الملكي، ولم يتعافى بعدها الحزب أبداً إلا بدرجات قليلة.
مع صعود البعثيين والقوميين للسلطة بدأت سلسلة اضطرابات لا تنتهي، وكلاهما لا يمتلكان أسساً أيديولوجية واضحة ولا أهدافاً واضحة كالتي يمتلكها الحزب الشيوعي، فشعاراتهم عاطفية وغير محددة، فمثلاً أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة شعار حزب البعث الذي صاغه مؤسسه ميشيل عفلق مبهم وغير واضح، إذ أن عفلق نفسه لا يعرف ما هي الرسالة الخالدة للعرب، فالكلام انشائي عاطفي يحتمل التأويل غير المحدود.
بسبب الضعف ال��يديولوجي انعدمت الروابط الأيدلوجية بين أفراد البعث والأمر ينطبق نفسه على القوميين الناصريين، وصار الهدف الوحيد هو الوصول والتمسك بالسلطة وتم تعويض الروابط الآيديولوجية بروابط قبلية ومناطقية وطائفية، فالأخوين عارف اعتمدوا على الضباط من أبناء عشيرتهم جميلة واعتمدوا على الضباط المنحدرين من الأنبار، في حين أن البعث نفسه سيطرت عليه مجموعة من التكارتة يقودهم صدام حسين وأحمد حسن البكر، استمرت الروابط الحزبية حتى الآن على أساس العشائرية والمناطقية والطائفية.
أعلم أن ما ذكرته هو تلخيص مشوه للكتاب، لكنه لا يعدو عن كونه انطباعي عنه، والأفكار الرئيسية التي فهمتها منه، وأعتقد أن قراءة هذا الكتابة أساسية وضرورية لكل عراقي ولكل من يريد أن يفهم العراق، ولكي تفهم وضعه السياسي والاجتماعي الحالي تحتاج أن تعود لهكذا كتب قبل الدخول في معمعته الحالية الأكثر تعقيد.
كتاب فاخر من طراز الخمسة نجوم وجرعة معرفية لا غنى عنها، أوصي بها الجميع وكأنه لقاح فكري.
وكثيرا كان الحصول على التعيين يتم عبر شراء المركز، وكان المزايد الفائز بالمركز يعوض ما دفع، مع الفائدة، من خلال وجوده في الوظيفة. وربما كان من الصعب العثور على شيء اسمه الشعور بالمسؤولية العامة، بل ربما كان هذا شيئا غير مفهوم على الاطلاق.