محمد صلاح الدين عبدالصبور. ولد في مدينة الزقازيق (مركز محافظة الشرقية - شرقي الدلتا المصرية) وتوفي في القاهرة. عاش حياته في القاهرة، وزار عدة عواصم عربية، ومدن غربية. تلقى تعليمه قبل الجامعي بمدارس الزقازيق، وحصل على الشهادة التوجيهية (1947) ثم التحق بكلية الآداب - جامعة فؤاد الأول (القاهرة) فتخرج في قسم اللغة العربية (1951). بدأ حياته العملية مدرسًا للغة العربية، مثلما عمل صحفيًا بمؤسسة «روز اليوسف»، ومؤسسة «الأهرام». انتقل إلى وزارة الثقافة، فعمل بإدارة التأليف والترجمة والنشر، ثم رئيسًا لتحرير مجلة السينما والمسرح، ونائبًا لرئيس تحرير مجلة الكاتب، ثم عمل مستشارًا ثقافيًا بسفارة مصر بالهند (1977 - 1978)، فرئيسًا للهيئة المصرية العامة للكتاب حتى وفاته فجأة إثر استفزاز نفسي أثر في قلبه. كان عضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للصحافة، ومجلس اتحاد الكتاب، ومجلس أكاديمية الفنون، واتحاد الإذاعة والتلفزيون. شارك في «جماعة الأمناء» التي كونها أمين الخولي، كما شارك في تكوين «الجمعية الأدبية» مع عدد من نظرائه من دعاة التجديد. نال جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الأولى: «مأساة الحلاج» 1965، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1965، ومنحته جامعة المنيا (وسط الصعيد) الدكتوراه الفخرية. صدرت دوريات عدة عقب رحيله خصصت لإبداعاته: مجلة المسرح (أكتوبر 1981) - مجلة فصول (أكتوبر 1981) وعلى صدر الدورية عبارة: «الشاعر والكلمة». كما أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب: «وداعًا فارس الكلمة» - قصائد إلى صلاح عبدالصبور (1982). أطلقت مدينة الإسكندرية اسم الشاعر على مهرجانها الشعري الأول. قدمت عن شعره، ومسرحه الشعري، ونقده رسائل جامعية.
الإنتاج الشعري: - صدر للشاعر الدواوين التالية: «الناس في بلادي» - دار الآداب - بيروت 1957، «أقول لكم» - دار الآداب - بيروت 1960 (الطبعة الخامسة - دار الشروق - القاهرة 1982)، «أحلام الفارس القديم» - دار الآداب - بيروت 1964 (الطبعة الرابعة - دار الشروق - القاهرة 1981)، «تأملات في زمن جريح» - دار الآداب - بيروت 1970 (دار الشروق - القاهرة 1981)، «شجر الليل» - دار الآداب - بيروت 1972 (الطبعة الثالثة - دار الشروق - القاهرة)، «الإبحار في الذاكرة» - دار الشروق - بيروت1983، نشرت الدواوين الستة مع كتاب «حياتي في الشعر» في مجلد واحد من «الأعمال الكاملة» لصلاح عبدالصبور - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1993، نشرت له قصائد مختارة في ديوان بعنوان: «رحلة في الليل» - الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة 1970، ونشرت له قصائد في صحف عصره: «حياتي وعود» - مجلة الثقافة - القاهرة 1/12/1952، «انعتاق» - مجلة الثقافة - القاهرة 15/12/1952، «عودة ذي الوجه الكئيب» - الآداب - بيروت - يونيه 1954، «إلى جندي غاضب» - الآداب - بيروت - يناير 1957، «عذاب الخريف» - الآداب - بيروت - يناير 1958، «أحزان المساء» - المجلة - القاهرة - مارس 1961، «الطفل العائد» - الكاتب - القاهرة - أبريل 1961، «المرآة والضمير» - الأهرام - القاهرة 30/9/1966، «الضحك» - الأهرام - القاهرة 14/4/1967، أشعارهم عن الربيع: «الكواكب» - القاهرة 20/9/1969، «إنه قمري يا أصدقاء» - مجلة الإذاعة - القاهرة 4/10/1969، «عندما أوغل السندباد وعاد» - مجلة العربي - الكويت - أكتوبر 1979، وكتب خمس مسرحيات شعرية: «مأساة الحلاج» - دار الآداب - بيروت 1965، «مسافر ليل» نشرت في مجلة المسرح - القاهرة - يوليو وأغسطس 1969 - طبعت في دار الشروق - بيروت 1986، «الأميرة تنتظر» نشرت في مجلة المسرح - القاهرة - أكتوبر ونوفمبر 1969 - طبعت في كتاب: دار الشروق - بيروت 1986، «ليلى والمجنون» نشرت في مجلة المسرح - القاهرة - فبراير 1970 - (طبعت بالقاهرة - دار الشروق - وبيروت 1986)، «بعد أن يموت الملك» - دار الشروق - بيروت 1983.
الأعمال الأخرى: - نشر ثلاث قصص قصيرة: «قصة رجل مجهول» - مجلة الثقافة - القاهرة 8/12/1952، «الشمعة» - مجلة الثقافة - القاهرة 29/12/1952، «فدَّان لله» - مجلة صباح الخير - القاهرة 18/12/1958، وكتب اثني عشر كتابًا بين السيرة الذاتية والمتابعات النقدية، والقضايا الحضارية: «أصوات العصر» - دراسات نقدية - القاهرة 1960، «ماذا يبقى منهم للتاريخ؟» - القاهرة 1961، «حتى نقهر الموت» - بيروت 1966، «قراءة جديدة لشعرنا القديم» - بيروت 1968، «حياتي في الشعر» - بيروت 1969، «علي محمود طه» - دراسة واختيار - بيروت 1969، و«تبقى الكلمة» - بيروت 1970، «رحلة على الورق» - القاهرة 1971، «قصة الضمير المصري الحديث» - القاهرة 1972، «النساء حين يتحطمن» - القاهرة 1976، «كتابة على وجه الريح» - القاهرة 1980، «على مشارف الخمسين» - القاهرة 1983، وترجم الأعمال الإبداعية الآتية، عن الإنجل
في إطار فلسفي راق يعرض علينا الشاعر الكبير واقعنا مع لمحة من الماضى و إطلالة علي المستقبل ملك يحكم بقوة السيف و الملكة اسيره عنده لا تحلم بمستقبل لأنه لم يستطع أن يهبها طفلا لا يلبث الملك أن يموت و تحاول الملكة - التي نتبين انها مصر - أن يكون لها طفلا فيتنكر لها القاضي و الجلاد و المؤرخ و يستجيب لها الشاعر و لا يخفي علينا دلالة الرموز بالطبع
عند ذلك يحاول الماضي انتزاع الملكة من مستقبلها أو علي الأقل احتكاره فيصيغ لنا الشاعر ثلاث نهايات تاركا لنا اختيار المستقبل الذي يروق لنا أما البكاء أمام الأقدار و طلب العفو و الغفران بلا جدوي و أما الإنتظار حتي يستطيع المستقبل أن يقوم فلا يجد إلا قصرا مهدما يرفرف عليه الحزن و يخيم فيه الموت ليكون هو قصر الحكم و أما مواجهة الواقع و صناعة المستقبل الذي نريده حقا هو ما أبصر الشاعر و ما أرانا إلا أسأنا الإختيار و نسعى بقوة نحو الحل الثانى الذي سندفع تكلفته من دماء أبناء مصر جميعا
الحلقة الأخيرة في مسرح صلاح عبد الصبور الشعري، كُتبت عام (1973)، لكن لا أدري هل كُتبت قبل الحرب أم بعدها؟ جاءت المسرحية مليئة بالتساؤلات والحيرة، ماذا بعد أن مات عبد الناصر؟
تتمثل هنا الجوقة في ثلاث نساء من نساء الملك يتسلمن التقديم للمسرحية بطريقة ساخرة، ليحكين عن حياة ملك ظالم وما سيحدث بعد موته من هرب زوجته الملكة مع الشاعر كي تنجب منه، حول الملك حاشيته المكونة من: الوزير، والقاضي، والمؤرخ، والجلاد، والشاعر.. كان الشاعر هنا هو الثورة، والخياط الذي سيظهر في البداية حين يقطع الملك له لسانه هو الشعب، والملكة والقصر هما السلطة والبلد. بعد موت الملك وهرب الملكة والشاعر يبعث الحاشية الجلاد ليحضر الملكة لترقد بجواره في موته -كما خُيل لهم بأنهم سمعوا الملك يأمرهم بهذا- فيذهب الجلاد وينتصر عليه الشاعر بالسيف. لتنتهي بنهاية مختلفة كليًا بوضع ثلاث نهايات مطالبين من الجمهور بأن يختار النهاية الذي يريدها.
بين ضعف القدرة على الاختيار، والانتظار، والاختيار، تأتي النهاية.
توفى صلاح عبد الصبور مخلِّفًا وراءه ميراثًا مسرحيًا عظيمًا، رحمه الله!
ما تلمسه يتحول جمرا، ثم رمادا ، ثم يهب نسيم الليل الواهن يذروه في أنحاء الكون الويل لمن يوقظ هذا الطير النائم سيكسر باب الزمن الموصود، و يحطم أقفاله حتي تخرج من سرداب الماضي قطع الظلمات المختالة و يعود الاموات إلي الطرقات ليختطفوا الكسرة من أسنان الأحياء عبقرية الشاعر الفارس صلاح عبد الصبور تتجلي في قدرته علي تطويع مفردات اللغة لتتشكل إلي محسوسات يدركها القاريء، يكفي ان يقول الملك لتعرف عن اي ملك يتحدث و و من يقصد بالشاعر و بالوزير و كيف يميز الجلاد من القاضي و عن اي تاريخ يتحدث المؤرخ ديوان ( بعد أن يموت الملك ) عمل رائع يرصد تشابه الملوك في كل الازمنة و الحقبات المتعاقبة
المسرحية قد تبدو و أنها تتحدث عن العلاقة بين الملك و عامة الشعب وعن الصراع الناتج بين شعب مقهور و ملك ظالم و كيف يتعامل هذا الشعب المقهور مع هذا الملك الظالم.. حسنا.. هذا ما تبدو عليه.. و هو تفسير رمزي عميق.. لكنني لا أراها إلا مسرحية تتحدث عن الثالوث الكلاسيكي.. الزوج و الزوجة و العشيق.. حتي و ان كان الزوج ملك ظالم و الزوجة ملكة متوجة و العشيق شاعر مغمور.. سبب رؤيتي لها في هذا السياق هو الأحداث و الكلمات المذكورة علي لسان أبطالها.. فمعظمها حديث عن الحب و العشق و الرومانسية.. حتي الملك نفسه عندما يحاول عبد الصبور أن يتحدث عن تسلطه و سيطرته فهو يمثلها في شكل حوار غزلي جنسي صريح بين الملك و الفتيات الثلاث في مفتتح المسرحية و لمدة تزيد علي 10 صفحات!!!! إذا كانت المسرحية عن الملك و الشعب فكنت انتظر طرحا اكثر عمقا في التناول من هذا.. و إذا كانت المسرحية عن ثالوث العشق المعتاد فأعتقد أنها ستثير اعجاب الرومانسيين أكثر من اعجابي
فيما سبق من مسرحيات كان ينتظر المخلص هاهنا أوجده عبر حبكة أو تكنيك مسرحي مختلف وهي المباشرة بين الممثلين والجمهور . رمزية شديدة وصياغة شعرية قوية كالمعتاد .
الصيغة الشعرية لصلاح عبد الصبور نموذج في التعبير عن الوجدان، تنفذ إلى جوهر الشعر، تستشرف وتمثل العصر بكل ما فيه، ذات قدرة على ترشيد حساسية العصر بطريقة فريدة. وبعيدًا عن أي معادلة صعبة أو كلامٍ معقد فإن أكثر ما تسمو إليه هنا هو مرونتها في تجسيد الشخصيات وأحاديثهم وأفكارهم، والربط بين الواقع والخيال بطريقة لا مثيل لها.
«بعد أن يموت الملك» هي ختام دائرة مسرح صلاح عبد الصبور، ليست الأفضل ولكنها جميلة كما المعتاد منه، تحمل العديد من الإسقاطات على الحيرة التي انتشرت في مصر بعد وفاة عبد الناصر، جاءت في جوٍّ ساخر من خلال الجوقة التي تمثلت في ثلاث نساء يقدمن المسرحية.
عبد الصبور لم يسقط في هوة المباشرة أو التقريرية، ولم تعرف النغمة الزاعقة أو الخطابية طريقها إلى شعره.. فظل شعره هنا مكتسيًا بالطابع العام لشعره من ألفة وخصوصية وامتثال هادئ رزين. دائمًا ما يؤثر عبدُ الصبور البساطةَ الشعرية بدلًا من الخطابية المنفرة، والمعالجة الناعمة بدلًا من جلبة الإيقاع وطنطنة التعبير وقعقعة الصياغة، والإيماء بدلًا من التصريح الفاضح.. فهنا جاء الخياط رمزًا للشعب وقد قطع له الملك لسانه في بداية المسرحية، والقصر هو الدولة، والملكة هي السلطة، والشاعر هو الثورة، وبعد موت الملك تقدم الجوقة ثلاثَ حلولٍ لما يمكن أن يحدث بعد موته، وعلى القارئ أن يختار النهاية المناسبة، فتنتهي المسرحية بطريقة جديدة لم يسبق لي أن وجدت مثلها في أي عمل آخر.
إني حزينٌ جدًا لأني أوشكت على الانتهاء من أعماله قاطبةً، تعلمتُ منه الكثير والكثير.. وقد يكون أفضل ما تعلمته منه هو أن البساطة الشديدة الأسْر والعمق القويّ النفاذ وجهان لعملة واحدة، على العكس مما هو معروف عن الشعر من صعوبة. سيعيش صلاح عبد الصبور كثيرًا، وستعيش نصوصه، وستظل محفزًا قويًا ودافعًا لكل المفتونين بالكتابة والشغوفين بالإنسانية.
أبصرتك واقفة تلقين الي الشمس حبال الشعر وكأنك ملامح يستدنى مركبة الشمس الي شاطئها الأخضر قلت لنفسي هذا حسن لا يمتلكه شاعر ما أجدره بمليك قادر أحببتك و استكثرت على نفسي حبك
الشاعر: هل سيعود الملك اليكم؟ الوزير: طبعا سيعود الشاعر : لا، فالملك تدلَّى ميتا اذ ابصر ذاته في مرآه صافية ذات مساء هى عينا هذه المرأة هل تدرون ...؟ ماذا كان اسم الملك الراحل؟ الموتّ هل تدرون ماذا كانت القابه؟ الموت الماشي.. الموت الغافي.. الموت المتحرك الموت الأعظم.. الموت الأفخم.. الموت الأكبر كانت لمسته أو خطرته أو نظرته معناها الموت لمس النهر فمات النهر لمس القصر فمات القصر لمسكم.. أنتم.. متم.. أنا ايضا مت سيدي القاضي ... إنك ميت وكذلك انت .. و أنت وأنت و لعلك أكثرنا ايغالا في الموت اذ انك اكثرنا قربا منه لم يفلت من لمسته الا هذه المرأة لمستني فنهضت لأترككم للموت أترككم للموت
ترى ماذا يمكن أن يحصل في قصر الملك بعد موته؟ وماذا سيكون فعلُ حاشيته وزوجته التي لم تنجب منه وليّ العهد ؟ الملك / الملكة / الوزير / المؤرخ / القاضي / الخياط / الجلاد / والشاعر . كلهم ينطقون بالشعر في هذه المسرحية الشعرية النافذة لعرش ونعش الملك
جئت بعد خمسين عامًا لألقي السلام على العبقري صلاح عبد الصبور، ولا ادري كيف أخبره أن الجمهور يبدو أن راقت له النهاية الأولى؛ فالملكة مازالت راقدة بجانب جثة الملك المتحللة العفنة.. وأبشره بأن جاء المستقبل، لكنه ظل حبيس التابوت، يترقب في صمت الخياط وذله.. خفقات طير الموت الأسود، يبكي بلا صوت مثله وبأن القاضي استولى على القصر، والشاعر كلماته مقيدة بالاغلال، فجدران المعتقل بلا نوافذ ينفذ منها طير الكلمات الازرق.. أو صوت المزمار
ما تلمسه يتحول جمرا، ثم رمادا، ثم يهب نسيم الليل الواهن يذروه في أنحاء الكون الويل لمن يوقظ هذا الطير النائم سيُكسر باب الزمن الموصود، ويُحطم أقفاله حتى تخرج من سرداب الماضي قطع الظلمات المختالة ويعود الأموات إلى الطرقات ليختطفوا الكِسرة من أسنان الأحياء ستحُل سنين متتابعة جدباء يصبح فيها القمح قشورا لا بذرة فيها وسيتخثر لبن الأم بثدييها الممصوصين .
باستثناء الرغبة المراهقة لدي الكتاب العرب في حشر مشاهد جنسية طفولية في رواياتهم من الذي لا يحب صلاح عبد الصبور؟ رائعة فكرة تسليط الضوء علي سطوة الموتي علي الأحياء سطوة القبح علي الجمال كيف تقع الرقة والبراءة في قبضة القوة الغاشمة ولا تجد للخلاص سبيل؟ كنت لا احب الكتابات الكابوسية ان صح الوصف ولكن منذ اصبح الواقع اشد قبحا وآأسي واقسي من الخيال تخليت عن تفضيلي هذا منذ زمن..
الكتاب المثالي لرفقة السفر بالقطار،ولم يفاجأني عبدالصبور هذه المرة سوى في نفصيلة واحدة هي بناء المسرحية ،فهو من البداية ينبأك بأنك تشاهدمسرحية كما يلي: "المرأة الأولى: أهلا بكم-سيداتي سادتي في مسرحنا،ونشكركم لتلبية دعوتنا،وإن كانت هذه الدعوة ليست خالصة.فنحن نعلم-أنكم أو معظمكم قد دفع ثمن تذكرته،وربمالم يفلت من هذا الأمر الثقيل سوى من له أصدقاء أو أقارب بين الممثلين أو موظفي المسرح أو موظفي المؤسسة أو الهيئة. وعلى كل ،فهذه مسألة جانبية بالنسبة لنا ،فإن قروشكم لن تدخل جيوبنا، كما أننا سنتقاضى مرتباتنا سواء أجئتم أولم تجيئوا..امتلأ مسرحنا أم كان مقفرًا تتردد فيه بدلًا من أنفاسكم أنفاس الأخشاب والحجارة. والمسرحية التى نقدمها لكم الليلة من تأليف شاعر يدعى صلاح عبدالصبور، وهو رجل أسمر ذو نظارات كان يزورنا أحيانًا في أثناء البروفات ومن إخراج..."
ويبدو أنه كان يرضي غروره الخاص كشاعر مسرحي بهذا البناء، كما أنه خدمه في تقديم النهاية .
القصة باختصار ملك وحاشية ممثلة في شاعر وخياط وقاضي وجلاد ووزير، يموت الملك، وتترمل الملكة التي تريد أن يصير لها ابنًا، تود لو تغادر القصر ولا يطاوعها من الحاشية سوى الشاعر وينضمن لهما الخياط،والبقية محاولة لارجاع الملكة للقصر، البناء يعتمد على طريقة الحكي الأسطورية إلى حد ما..
والنهاية ثلاثة نهايات كما جاء فيما يلي: "المرأة الأولى: قال لنا مدير المسرح نقلًا عن المخرج نقلًا عن المؤلف،انه احتار حيرة شديدة حين وصل إلى هذاالموضوع من مسرحيته،فإن علماء التأليف المسرخي،يقولون انه لابد بعدالذروة أو الكليماكس من نهاية سارة أو حزينة أو أنتي كليماكس المرأة الثانية وكانت أمام المؤلف ثلاثة حلول لهذه الذروة التي تتمثل في أن الحاشية منتظرة لعودةالجلاد،بعد أن أنبأتنا بأنها قد تلحق به.وأن الملكة قد تحقق وعد الأقدار لها بأن تحمل بذرة المستقبل، وأن الشاعر أصبح حبيبًا وفارسًا،وأخيرًا أن الملك الميت يطلب أو يقال إنه يطلب أن تغفو الملكة بجانبه حتى يستطيع أن يتغلب على موته،ويطرد طير الموت من قلبه وفمه..... ولما كان المؤلف حائرًا في أي الحلول تفضلون، فقد آثر أن يعرض عليكم الحلول الثلاثة،ولكنه تعهد لنا أن لا نعرض غدًا إلا الحل الذي يرضيكم،أو يرضي مزاج الأغلبية منكم،فنحن كما قال المؤلف لانريد أن نعلمكم، ولكننا نريد أن نتعلم منكم."
حتى الآن لم أتعرض لحكم الملك الميت والذي يتضح في أول فصل في اهتمامه باللهو مسميًا إياه أمور الحكم ومن هذا مثلًا أمر الزي الرسمي:
المسرح الحديث أو زي ما كان نجيب سرور بيقول إن الجمهور لازم يكون مُشارك في المسرحية مش مجرد مُتلقي قاعد على كُرسي بيراقب الأحداث .. ده عمله صلاح عبد الصبور في مسرحية بعد أن يموت الملك .
المسرحية جيدة و أشعار صلاح عبد الصبور كالعادة جميلة و مُتقنة للغاية هذا الرجل عبقري للغاية .. دي كان ختامي مع مسرحيات صلاح عبد الصبور لكن تظل مجنون ليلى و الحلاج هما أفضل ما كتب .
الشاعر: هل سيعود الملك اليكم؟ الوزير: طبعا سيعود الشاعر : لا، فالملك تدلَّى ميتا اذ ابصر ذاته في مرآه صافية ذات مساء هى عينا هذه المرأة هل تدرون ...؟ ماذا كان اسم الملك الراحل؟ الموتّ هل تدرون ماذا كانت القابه؟ الموت الماشي.. الموت الغافي.. الموت المتحرك الموت الأعظم.. الموت الأفخم.. الموت الأكبر كانت لمسته أو خطرته أو نظرته معناها الموت لمس النهر فمات النهر لمس القصر فمات القصر لمسكم.. أنتم.. متم.. أنا ايضا مت سيدي القاضي ... إنك ميت وكذلك انت .. و أنت وأنت و لعلك أكثرنا ايغالا في الموت اذ انك اكثرنا قربا منه لم يفلت من لمسته الا هذه المرأة لمستني فنهضت لأترككم للموت أترككم للموت
ممممممم .. هل يتناول عبد الصبور حياة ملك ظالم ، تلك الحياة الماجنة المترفة التي لا يعلو فيها صوتا فوق صوته ولا إرادة فوق إرادته؟! ومن ثم يموت ويصور لنا كيف تتعامل حاشيته والمنتفعين منه مع خبر موته موته؟؟
حسنا.. يبدو هذا هو ما تصوره ذهني إلى أن جاء الفصل الثالث، وهدمه رأسا على عقب. وحل محله تصور يقول بأن صلاحا يصور في مسرحيته ذاك الصراع الأزلي بين الماضي والمستقبل. يخبرنا عبد الصبور أن لنهاية هذا الصراع احتمالات ثلاثة، إما أن ينتصر الماضي ومنتفعيه على المستقبل وأحلامه .. يبسط الفريق الأول سطوته حتى لا يستطيع الأخير الفكاك منها. أو يتشعب سرطان الماضي في أوصال جسد المستقبل فيقضي عليه. أو ينتصر المستقبل ، ويمحي عطن الماضي! اختر ما شئت وتحمل نتيجة اختيارك.
على مستوى التكنيك، أعجبتني جدا فكرة الثلاث نساء القائمات بدور الراوي، وتصورت أن الغرض من وجودهن هو إدخال القارئ في "موود" المسرحية. صدقا، أحسست كأنني أجلس في الصف الأول من المسرح وتتبادل على مرآي المشاهد.
استمتعت بالمسرحية. استطاع عبد الصبور أن ينتشلني من مقعدي و"يرزعني" في المسرح. لساعتين ثم يعود بس من حيث أخذني.
المعنى الحقيقى لجملة "ان تتغنى بالكلمات" مسرحية شعرية ما ان تبدأها لن تغلقها الا بعد أن تصل للنهاية فى بدايتها يشعرك وكأن الخلود قد كتب للملك..وأن كل من حوله كومبارسات فى مسلسل حياته ومصيرهم الى الفناء..ولهذا يتقربون منه ويتوددون له بل وينافقوه ويوافقوه على كل رأى ثم يتدرج الشاعر الى وصفه بأنه عاجز عن الإنجاب بحبكة درامية منمقة لكن فى النهاية يموت الملك كعادة كل انسان مسرحية درامية رومانسية أسطورية..ولكنها "واقعية" السائد فيها لغة الغزل بين الملكة والشاعر الجزء الذى اعجبنى حقا "قبل أن يموت الملك" :)
هل كان صلاح عبد الصبور ديكتاتورا فى حياة سابقة : ما هذا يا قاضى السوء فأنا الدولة ...أنا ما فيها , أنا من فيها... أنا بيت العدل , وبيت المال, وبيت الحكمة بل انى المعبد و المستشفى و الجبانة و الحبس بل انى أنتم, ما أنتم الا أعراض زائلة تبدو فى صور منبهمة و أنا جوهرها الأقدس و هل يحدثنا الان:
أنت صرعت الجلاد و صرعت الخوف عزف المزمار نشيد الدم بينما أصبح سيف الجلاد الغاشم أعمى لا يجد طريقه...أقدم خذ منه السيف فى هذه المسرحية الخامسة و الأخيرة قمة اللغة عن صلاح عبد الصبور .
المسرحية الخامسة والأخيرة للراحل الرائع صلاح عبد الصبور1975 استمتعت بها وفي المجمل برغم كونها آخر إبداعاته المسرحية إلا أنها لم تكن قمة إبداعه في المسرح الشعري وأستطيع أن أرتب المسرحيات الخمسة في نظري تنازليا كالتالي مأساة الحلاج ثم ليلى والمجنون ثم الأميرة تنتظر ثم مسافر ليل ثم بعد أن يموت الملك كادت سعادتي أن تتم بقراءة الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر ديوانا ومسرحا لولا أني لم أجد نسخة من ديوانه السادس والأخير "الإبحار في الذاكرة" الذي أرجىء قرائته إلى وقت لاحق في مصر إن شاء الله رحم الله صلاح عبد الصبور وربما ألتقي مرة أخرى مع أعماله النثرية لكن حين ميسرة
حاول صلاح عبد الصبور يعمل قالب مختلف في بُنا النص المسرحي .. جه علي حساب الدراما والمعني . من أقل مسرحيات عبد الصبور .. المعني واضح من البداية قطع عليا مسافة قراءة النص للآخر .. كنت مستنيه يبهرني لكنه عرفني هو هيقول إيه أصلاً من المقدمة . دخول شخص عبد الصبور مش شايف ليه أهمية درامية أو غير درامية في النص .. إنما هو حاول كتابة المسرح الحديث كغيره من المسرحيين ويحسب له التجديد . النهاية وتخيير الجمهور في إختيارها يعتبر نهاية مفتوحة .. عجبني إن نهايات كتير تنفع نهايات !
spoiler alert تعاني تعامل ليا مع صلاح عبد الصبور , اول حاجة قريتهاله كلنت ماساة الحلاج, نهاية المسرحية هي اللي خلتني اقيمها ب 4 نجوم , لان فعلا الاختيار لينا , هل نكتفي بالشكوى و في الحالة دي بلدنا هتفضل ملك للمستبد , و لا نستني لحد ما يفضلش لا لينا و لا لاولادنا حاجة , و لا نواجه و ناخد حقنا
عن الكاتب: خريج كلية الآداب قسم اللغة العربية، جامعة القاهرة. له حوالي 20 كتاب في الشعر الحر، المسرحي، النثري منه. يعد من اهم من كتبوا في الشعر الحر. له أسلوبه المتميز في الكتابة، البديع، المتألق دومًا، اختياره لموضوعاته التي يتناولها، بلغة شاعرية عذبة وقوية. تتميز لغته بقوتها وسلاستها في الوقت نفسه، ربما "سهلٌ ممتنع" ، لا تمّل منها، لا تستطيع سوى أن تستمتع بها، بعد أن تنتهي من عمل له لا تنفك أن تبحث عن عمل آخر وتضيفه لقائمتك.
"بعد أن يموت الملك" : العمل الثاني الذي اقرأه للكاتب، لا يقل جمالًا وعذوبة، رقيًا عن الأول، كان الأول أو كانت مسرحيته "مأساة الحلاج"، فبدايتي معه قريبة في مسرحية الحلاج، هذا العمل المسرحي الثاني له، هذا تفصيل: "بعد أن يموت الملك" "إلى الملكة الأسيرة" يفتتح كتابه، المكّون من ثلاثة فصول من مسرحية شعرية جيدة، استمتعت بقراءتها، لم أستطع تركها من أول صفحة لأخرها.
اللغة: ربما تحدثت قليلًا عن لغته في البداية عن حديثي عن الكاتب، لا أضيف على حديثي في البداية شيء.
الأسلوب: عن أي أسلوب اتحدث؟ عن مزج ممتع، راقٍ بين المسرح والشعر، فتتكون المسرحية أمامك، لا تجلس على مقعد ما وتشاهدها، لكنك تجلس، بين سطور كلماته تتجسد المشاهد أمامك، بدقة، نظام، أسلوب جيد. يتميز أسلوبه بالنظام، تعدد الشخصيات –برغم عدم كثرتها- تتعامل مع كل شخص في المسرحية، تتخيل نطق كل شخص للكلمات المكتوبة له، مكانه في المسرح.
الموضوع: -يتناول في هذه المسرحية عن وفاة مَلِكٌ، حياته. عن الفقراء، ديكتاتورية الحُكم، طغيانه، غبائه. عن الموت من زاوية أخرى، شعرية لأبعد –أجمل- مدى، التعامل معه، ووصفه عند بعض الشعوب.
-عن زوجته الأسيرة، الشاعر المُغرم الذي لا يُفصح عما بداخله إلا عند وفاة الملك، عن آخرين لهم أدوارهم الرئيسية والفرعية بداخل المسرحية. -المسرحية –الكتاب- ليست كبيرة فلم تتجاوز 137 صفحة، هو ما يميز مثل هذه الأعمال، فليست بكبيرة ومملة، ولا قصيرة وناقصة المحتوى.
خاتمة: عمل جيد استمتعت بقراءته، يستحق تقييم عال، لكنّه لا يأخذ الدرجة الكلّية في التقييم فهو جيد، لكنّه أقل قليلًا من العمل الأول الذي قرأته له "مأساة الحلاج" وهو ما لا ينقص منه، فلكل موضوعه، الأسلوب لم يتغير. لم يأت بجديد أيضًا في سرده الشعري لموضوع مسرحيته، لكنّه أضاف أسلوبه العذب لذلك الموضوع "حين يموت ملك"، توابع مسرحيته.
راق لي ما وضعه المُحرر(أسامة جاد) من لمسات طفيفة في هذه النسخة من الكتاب، الصادرة عن "الهيئة العامة للكتاب-مصر" ، هو تعديل القليل من الكلمات، التي تناسب السياق، تصويب الكلمات الخاطئة في طبعات سابقة. أرشّحه للقراءة.
في بادىء قراءتك تظن أنه يتحدث عن ملك ما غابر وحرة أسرها في ثياب مليكة(الملكة) لكنك حين تنهي الثلثين تقريبا تدرك أنه يُكّني مصر بالملكة ويكنّي كل حاكم حكهما بالسيف بالملك تريد الملكة طفلا لا يستطيع الملك أن يهبها إياه وستدرك فيما بعد أن ذلك الطفل هو المستقبل .. مستقبل مصر يموت الملك وتهرب الملكة مع شاعر الملك وستدرك أيضا أن الشاعر هنا هو القلم والمعرفة وتقع الملكة بين براثن حاشية الملك ويضع الكاتب ثلاث نهايات مختلفة أعجبني من المسرحية هذا الأقتباس لا أبصر حولي إلا ما هو منهار ساقط أو مهدوم متحطم عِلل كامنة في التاج وفي خشب العرش وفي جدران القاعة في الأستار وفي درجات السلم في شعر لحى هذة الأشباح المرتاعة أهي السوس أم الموت أم اللعنة ماذا أفعل ماذا أتلقى من جائزة بعد الحلم ربيعا إثر ربيع؟!
56 بعد أن يموت الملك/ صلاح عبدالصبور / دار الشروق/ ط2/ 1983 كأغلب مسرحيات عبدالصبور، فهو يستخدم لغة أقرب إلى الشعر. تتحدث هذه المسرحية حول علاقة الملك بحاشيته (الجلاد، الخياط، الحارس...) وبأسرته (كزوجته الملكة)... أسئلة كثيرة تطررحها المسرحية على عقلية القارئ ... ماذا يدور في القصر الملكي؟ 29/8/2019
رغم قلة القراءة ولكني مؤمن بصعوبة تقديم أكثر من نهاية للاعمال الادبية او الغير ادبية بغض النظر عن وجود اسلوب المباشرة او كسر الايهام المعروف ولكن الصعوبة تكمن في توظيف هذه الاساليب او كيفية تقديم اكتر من نهاية لعمل بدون ملل المتلقي