لماذا عرفت سائر الشعوب القديمة طقوس النواح الجماعي؟ وماهي الوظيفة التاريخية للمناحات الكبرى في العراق ومصر والجزيرة العربية، وما صلتها بما يجري اليوم في عالمنا المعاصر من طقوس دينية تتخلّلها أشكال لا حصر لها من البكاء الديني؟ هذه وسواها من الأسئلة يجيب عليها هذا الكتاب المدهش. في هذا الكتاب يعود فاضل الربيعي مرةً أخرى ومن منظور جديد كلياً إلى معالجة الظاهرات الدينية والثقافية في المجتمع العربي المعاصر، عبر ربطها بالراسب الثقافي القديم، المستمر والمتواصل باستمرار المجتمع وتواصله، ويُلاحظ أن طقوس عاشوراء مثلاً، ليست مجرد (بدعة) دينية كما يعتقد الكثيرون، بل هي جزء من ثقافة بكائية عرفتها المنطقة قبل آلاف السنين. وفي سياق تحليل موضوعي هادئ وعلمي وجريء، يقدّم الربيعي تفسيراً مثيراً لهذا الطقس الديني، يُزيل أي التباس أو صور نمطية. إنه كتاب مؤسس لمدرسة أنثربولوجية عربية جددية، تأخذ على عاتقها مهمة إعادة بناء المرويات العربية القديمة وقراءة المسكوت عنه.
ولد فاضل الربيعي في بغداد عام 1952 ونشط في الميادين الادبية والفكرية والسياسية منذ مطلع شبابه, وامتاز هذا النشاط بالتنوع والجدية ولفت اليه اهتمام وانظار أبناء جيله. وذلك بفضل الطابع الخاص للكثير من مؤلفاته التي زاوج فيها بين الادب والتاريخ والاسطورة والسياسة. كانت نشأته السياسية في اطار الحركة اليسارية العراقية عندما وجد نفسه ينخرط في العمل في صفوف الشيوعيين العراقيين. تبلور وعيه كيساري تحت تأثير الكتابات والافكار والنشاطات اليسارية في العراق والعالم العربي. وربما كان لنشأته هذه أثر كبير سوف يتجلى تاليا في الكثير من مواقفه السياسية والاجتماعية.
بدأ فاضل الربيعي حياته الادبية والفكرية والسياسية في السبعينات ككاتب قصصي. غادر العراق عام 1979 مع انهيار التحالف السياسي بين الشيوعيين والبعثيين. وصل إلى شيكوسلوفاكيا وعاش بضعة أشهر في براغ التي غادرها إلى عدن عاصمة اليمن الجنوبي السابق ليعمل في صحيفة الثوري التي يصدرها الحزب الاشتراكي اليمني. في صيف 1980 استقر في دمشق وعمل محرراً في مجلة الحرية اللبنانية كما عمل مراسلا ثم مديرا لمكتب مجلة الموقف العربي في دمشق. في سنوات الثمانينات اسس تجمعا ثقافيا باسم العمل الثقافي مع مجموعة من المثقفين العراقيين وفي هذه السنوات تزايد اهتمامه بالثقافة الفلسطينية في الأرض المحتلة فنشر كتابه السؤال الاخر.
حدث التحول الأهم في حياة الربيعي ككاتب عندما طور اهتماماته باتجاهين: دراسة التاريخ القديم ودراسة الاساطير.في هذا السياق بدأ بنشر سلسلة من المقالات التحليلية للاساطير العربية القديمة ولكنه لم ينشرها في كتاب مستقل.عام 1989 غادر دمشق مع اسرته ليعيش في بلغراد (عاصمة يوغسلافيا السابقة) وليعمل محررا في مجلة البلاد الفلسطينية. انتقل من بلغراد إلى قبرص عام 1991 وعمل محررا ثقافيا في مجلة الشاهد. نشر روايته الثانية ممرات الصمت عن دار الملتقى في نيقوسيا والتي بنى حبكتها الروائية على أساس دمج الادب بالاسطورة. حظيت الرواية باهتمام النقاد العرب حتى ان ناقد اكاديميا في سوريا هو الدكتور نضال الصالح كرس لها أكثر من فصل في اطروحته للدكتوراه والتي صدرت في كتاب مستقل.و كما حظيت روايته الأولى باهتمام كبار الروائين والنقاد العرب فقد نالت روايته الثانية الاهتمام نفسه.ثم عاد إلى دمشق عام 1994 كمدير لمكتب هذه المجلة. نشر كتابه الشيطان والعرش الذي كرسه لتحليل الاسطورة العربية القديمة والتوراتية عن لقاء النبي سليمان ببلقيس ملكة سبأ. اثار الكتاب اهتمام النقاد والقراء وكتبت عنه عشرات المقالات ومازال ناشر الكتاب شركة رياض الريس في بيروت يعرض الكتاب في المعارض السنو
2.5 توقعتُ من الكتاب أكثر من هذا بكثير .. الجزء الأول من الكتاب هو ما يُمثل عنوانهُ، وُفق الكاتب في سرده فخرج لنا نص يؤكد علىٰ أصالة المناحة العظيمة بوصفها طقس عراقي أصيل إمتد وأخترق الأديان والأزمان بشكل مثير للدهشة ،وهذهِ الفكرة التي كُتب من أجلها الكتاب فالكاتب أكد مِرارًا (وبالغ في تكرارهِ في مواضع كثيرة) بإنعدام أي أثر وإن كان ضئيل للثقافة الفارسية في ما نُشاهدهُ اليوم من طقوس البُكاء في العراق ولكن النصف الثاني كان سرد لمقتل الحُسين وصراعات تاريخية بين شخصيات تلك الحقبة ومرويات تاريخية لا أعلم لماذا وجد الكاتب أن هذا مهم وسُيضيف للكتاب ؟! فإذا أراد القارئ القِراءة عن مقتل الإمام الحُسين لن يقوم بشراء كتاب عنوانه الفرعي (الجذور التاريخية لطقوس البكاء من بابل إلىٰ كربلاء) ! ولم يوضح الكاتب الخط الفاصل بين الأسطورة في الخيال الشعبي العراقي(الشيعي غالبًا) وبين الوقائع التاريخية التي سردها كيف أن الشخصيات ذاتها في الحقيقة والأسطورة ،هنالك الكثير مما ينقص هذا البحث في رأي وإن كُنت لا أنكر الفائدة التي حصلت عليها منهُ .
كعادة الربيعي، لديه أسلوب مشوق ومميز في سرده للأحداث التاريخية والأهم أنه يفعل ذلك بتسلسل منطقي وجيّد للغاية، حتى وإن طفت الرتابة على بعض الصفحات أحيانًا.
من خلال هذا الكتاب، استعرض بحثه في الجذور التاريخية للنواح، وأن الأمر لا يخص مذهب أو دين بعينه، وليس مستحدث من فارس وغيرها، وإنما يعود بأصله إلى تقاليد راسبة منذُ العالم القديم. وضرب الأمثلة والشواهد على ذلك، وعلى سبيل المثال ليس الحصر: نواح الخنساء حتى بعد أن أسلمت، ولم تكن وحدها فكان البكاء على الأطلال صفة الشعر الجاهلي. وأيضًا ذكر طقوس النساء في الجاهلية، عندما تفقد المرأة زوجها تحلق شعرها وتأخذ نعلي زوجها لتضرب بها خدها.
استمرار هذه الطقوس مع اختلاف المسميات يجعلنا نستوعب الدوافع أكثر، فالإنسان يرى بالبكاء تطهير لخطيئته وأن النواح الجماعي يجعل حزنه على الشخص المفقود يختلط مع مأساته الشخصية وهكذا.
الصفحة الأخيرة من الكتاب لخصّت الكثير: "الود يتوارث والعداوة تتوارث" وقد تورَّث المسلمين الأمرين معًا وكان ذلك قدرهم.
الربيعي ليس للتاريخ الديني، اختلفت معه واستغربت من منطقه في مواضع شتى وحنقت أيضا ليس دقيقا في بعض الروايات المنقولة فليس من المعقول أن يلطم الإمام علي ابنيه الحسنين.
في مقدمة الكتاب يجيب الكاتب عن السؤال الشائع الذي يطرح على الشيعة، لماذا يبكي الشيعة كل عام على هذه المناحه؟ وماهي اصل الطقوس التي تمارس؟. كذلك فند الادعاء الزاعم ان الطقوس الدينيه التي تمارس ماهي الا طقوس اخذناها من بلاد فارس. ان مايقوم به ابناء الشيعه مِنْ ممارسات شعائرية ومواكب دموع في عاشوراء له صله تاريخيه قديمه بثقافة بكائية سومرية وبابلية، أي ان مايقون به ابناء الشيعه من ممارسات عقائدية في الوقت الحالي هي نفس الممارسات التي كانت تقام منذ ألاف السنين لإحياء ذكرى موت الإله تموز. إن الرابط الخفي الذي يجمع طقوس البكاء عامه هو وقوع عدوان على المقدس وانتهاك حرمته.
يقول الكاتب:( قد تبدو هذه الاستمرارية دليلاً بين أدلة كثيرة على ان التاريخ في هذة البقعة من العالم، لا يزال حياً وأنه ليس كتاباً عتيقاً تآكلت صفحاته) كما يعود بالزمن الى كل طقس بكاء قديم ويربطه بالحاضر. وإن طقوس البكاء ليست قائمه فقط في الحضاره البابلية والسومرية بل نجد أن المصريون كذلك يمارسون طقوس النواح على اوزيروس وإيزيس. ( أن النواح الديني عند الشيعة المعاصرين، ليس ممارسة غريبة أو منقطعة الجذور، وليس تقليداً خارجاً عن قواعد الدين والأعراف كما يُزعم. وعلى العكس من ذلك، أنه استطراد بقوة زخم الراسب الثقافي التاريخي، لعقيدة بكائية دينية متوارثة ومستمرة دون أنقطاع تقريباً)
حتى ان هناك الكثير من الاسماء و الممارسات تم ربطها بطقوس النواح. لايكتفي الكاتب بربط احداث قديمه بأحداث معاصرة بل يعود الى اصل التسميات واصل البكاء قديماً قبل وبعد الاسلام ويتحدث عن كثير من ممارسات البكاء على البشر وعلى الأله. ويستطرد في شرح حادثة عاشوراء بتحليل جميل ومفصل وسلسل.
الكتاب ممتع، سلسل، مفهوم، من أفضل الكتب التي قرأتها هذا العام. لكن تعجبت من شيء هو ربط الاساطير الاسلامية ومقارنتها بوقائع تاريخية دينيه. يجب ان يفصل او يوضح الفرق بينهما كذلك لا اعتقد ان الاساطر ممكن ان نقارنها بوقائع.
و لأننا مجتمعات لا تدرك أهمية الأنثروبولوجيا، و لا نهتم لتشكلات الميثولوجيا الدينية و دورها في صياغة الهويات. عصي علينا تفسير أغلب الظواهرالدينية. هذا كتاب المليء بالتأملات في الأسطورة و التاريخ، أعطى رؤية علمية متماسكة تساعد القاريء الواعي في التوصل الى تفسير يحترم عقائد البشر أياً كان رأينا بممارساتهم الدينية. هنا الدكتور فاضل الربيعي يوضح لنا إن ما يبدو شائكاً أو عصياً على الفهم في معتقدات و شعائر و طقوس الآخر -أي كان هذا الآخر- يمكن أن يكون مفهوماً و ملهماً اذا ما أمعنا الفكر في جذورها التاريخية و ظلالها الرمزية أيضاً بوصفها معتقدات روحية مستمرة و متواصلة.
-تموز و عشتار -إيزيس و أوزريس -الحسين و زينب كلها انتهاك للمقدس. رحلة علمية ممتعة عابرة للزمان و المكان.
المناحة العظيمة.. فاضل الربيعي.. هذا الكتاب عندما قرأت عنوانه أخذت انطباعًا معينًا، واليوم أكتب انطباعي الذي يختلف نهائيًا عن أول انطباع. ولكن في البداية أحب أن أسجل اشمئزازي من طريقة دار النشر بتوصيف الكتاب على الغلاف من الخلف، فقد أوردوا جملة من الكتاب وأضافوا لها جملة تغير معناها جملة وتفصيلا، ففي حديثه -أي الكاتب- كما سنرى يتناول موضوع البكاء على الحسين كونه "ليست بدعة دينية كما يعتقد الكثيرون، بل هي جزء من ثقافة بكائية عرفتها المنطقة من آلاف السنين" وفي توصيف الكتاب كتبوا "ليست مجرد بدعة دينية، بل ... كذا وكذا".
عمومًا، الكتاب يتحدث عن جذور طقس البكاء الجماعي التاريخية، وأخذ مراسم عاشوراء في البكاء على الإمام الحسين أنموذجًا للتدليل على استمرار هذه الطقوس، فيعطي نظرة أنثروبولوجية جديدة لطقس النواح الجماعي يثبت من خلالها أن هذه الطقوس المقامة في عاشوراء مثلا ليست مستوردة من الفرس أو الترك كما يدعي البعض بل هي عربية أصيلة شهدتها المنطقة باستمرار، ويعرض شواهد من الأساطير العربية ومن الشعر العربي والنصوص التوراتية "التي يعتقد الكاتب أنها كانت في الجزيرة العربية؛ تحديدًا في اليمن، كما وضح ذلك في أكثر من كتاب وتناولنا كتابه في الحساب قبل فترة وتستطيع أخي القارئ مراجعة ما كتبناه" بالإضافة إلى عرضه تاريخ استشهاد الحسين عليه السلام، وجذور الخلاف بين البيتين الهاشمي والأموي، وفي رأيي أنه لم يوفق في هذا الجانب وقع في الكثير من الأخطاء التاريخية مؤكدًا، وبعض الأخطاء التحليلية حسب رأيي.
الكتاب لا يخلو من أخطاء وعلامات استفهام بل هي كثيرة جدًا جدًا، بعضها يجعلك تصدم من وقوع الكاتب بها، بالإضافة إلى شح المصادر لبعض المعلومات المفصلية، مما استدعى مني التعليق على الهوامش كثيرًا، وتحديد مقاطع للعودة إليها مجددًا، ولكن بشكل عام الكتاب ممتع ويستحق القراءة ببصيرة ثاقبة.
فكرة الكتاب جميلة جداً وقد تنتابني الدهشة والتساؤل إن كان موضوع الكتاب يُهم قراءاً ليسوا من الشيعة حيثُ أن طقوس اللطم والنياحة مرتبطة بعاشوراء تحديداً وبالذكرى السنوية لاستشهاد الحسين بن علي الكتاب ينسف الفكرة التقليدية الشائعة بأن طقوس النياحة والبكاء في عاشوراء تحديداً مستنسخة من عادات فارسية قديمة ، ويوضح أنها تقاليد بابلية و آشورية فرعونية متعلقة بآلهات الخصب تموز و أوزوريس وأن ما جرى لهم من تعذيب وتنكيل وخيانة ومن طقوس حزن وبكاء ونواحة بعدهم هو ما يحدث بشكل مشابه ومتقارب إلى حد كبير مع طقوس النياحة العاشورائية العراقية ( بكاء وضرب على الصدور بل وحتى جرح الجبين حتى يسيل الدم وقد أوضح الكاتب وبشكل صريح أن هدفه من هذا الكتاب هو تنقية ذكرى عاشورائ السنوية من طقوسها المرتبطة بالميثولوجيا القديمة حتى لا تفقد هدفها الأسمى
بداية الكتاب شائقة وممتعة وتدفع للبحث المفصل ، ونجماته الثلاث لفكرته ولكن يعيب الكتاب ابتداءاً من الفصل الثالث التفصيل والاسهاب الممل ، وعدم الترابط أو ربما هذا ما شعرته أن تسلسل الكتاب في بعض أجزاءه غير مترابط ولا يظهر فيه السلاسة والمنطقية في الانتقال من موضوع لآخر وبعض المعلومات في الصراع التاريخي بين البيتين الأموي والهاشمي لم يكن لها ارتباط بموضوع الكتاب أو ربما يكون لها رابط لكن لم يكن واضحاً بالنسبة لي
القراءة التالية لهذا الكتاب ستكون الرد عليه في بحث اسمه ( تفسير العلمانيين لظاهرة البكاء على الحسين ع والرد عليه ) للسيد سامي البدري
فسر اصل المناحة على الاموات بطريقة منطقية ومتسلسلة للاحداث،وهي رغبة الكاتب ليس الا،وحتى يجد عذرا قويا لما يحدث الان في العصر الحالي من مهازل بشرية ترتكب في سبيل النواح والنياحة على امرا لا مراد ولا مناص منه،وهي مسالة عاطفية بعيدة كل البعد عن العقلانية والتعاليم الاسلامية ،التي تنبذ (جلد الذات) وتمنعه ،خاصة وانه امرا خارج عن ارادة الانسان اذا حدث،كانت تسلسل الاحداث الواقعة في فتنة ال البيت مائلة لا شعوريا لمذهب الكاتب ولم يستطع اخفاء جفاءة في اختيار الالفاظ تجاة بعض الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم اجمعين،ولكن تميز بالمتعة والسلاسة والتشويق التاريخي.
الكتاب في فصوله الأولى كان يسير بوتيرة منطقية لتحليل الكاتب و ربطه للأحداث و فجأة تحول في الأخيرين لسرد تاريخي أقل ما يقال بأنه معروف للعامة فضلاً عن الخاصة الأمر الذي يصيب القاريء بالرتابة حيث استعرض فيهما رأيه - وهو مزيج من رأي الفريقين السنة والشيعة - حول الإرهاصات التي أدت لواقعة الطف الشهيرة لدلل بسرد هذه الوقائع على مناحة الشيعة بسبب مقتل أهل بيت النبي في هذه الواقعة والتي تعتبر -حسب رأيه بعثاً جديداً لطقوس المناحة المنحدرة منذ حضارة بابل مروراً بالحضارة المصرية و العصر الذي سبق الإسلام إلى أن وصل للعصر الإسلامي إثر ما وقع على آل بيت نبي الإسلام من آل أمية حسب المرويات التاريخية.
بعد عرضه لما قاله النويري عن عيد الفور اليهودي، وصف المؤلف محاولة النويري تقصي أصل هذا العيد بالقول: "لا يمكن قبول هذه الرواية بأي شكل من الأشكال على أنها رواية تاريخية موثقة، لأنها تقوم بخلط الوقائع و تركيبها بشروط إنشاء الأسطورة . ." و بهذه العبارة هو قام من دون دراية منه بتلخيص معظم ما طرحه من فرضيات تاريخية ليست في هذا الكتاب و حسب، بل في ما قرأته له في كتاب آخر له عنوانه "إيلاف قريش".
و سأطرح مثال واحد للتأويلات التعسفية و القفزات اللاتاريخية التي قام بها المؤلف فيما يتعلق باسم عاشوراء:
فهو أولاً ينطلق من شبه حقيقة تاريخية: "العرب في فجر الإسلام صاموا عاشوراء بوصفه طقساً من طقوس ديانة عربية توحيدية". [و هو يعتقد دون شك بأن اليهود هم قبيلة عربية، و بأن إسرائيل كانت في اليمن و ليست في غرب الشام]
و بعدها تبدأ التأويلات التعسفية: "تكشف كلمة عاشوراء في اطار تحليل فونوطيقي عن صلة حميمة باسم عشتار إلهة الخصب، فيما جاء اسم الضريبة الدينية القديمة باسم العشور".
و ثم: "وجود شخصية تاريخية في التوراة، تحمل لقب صديق، . . .، فهو جابي الضرائب، . . .، [فإذن] أبو بكر الصديق لا لأنه صدق النبي، . . . ، و إنما لأنه أعاد تثبيت أسس الضريبة الدينية الزكاة". " . . .، و هذا اللقب الديني (الصديق) أطلق على النبي يوسف، ارتباطا بدوره في تحول مصر إلى مخزن هائل للحبوب بعد المجاعة و تنظيم الضرائب الدينية".
و بعدها: "هذا الجذر جاء من اسم إسرائيل، و هو يعقوب النبي، فهو اسم مؤلف من مقطعين ءسر- و ءيل أي إله العشور".
و هذا عدا ما لم أذكره بين كل فقرة من هذه الفقرات. و هذا أيضاً مجرد مثال واحد لكتاب يمتلئ بمثل هذا المنهجية المتأرجحة بين التاريخ و الأسطورة.
بداية العمل جيدة و أعطت العمل صبغة علمية و تاريخية معا. و مع توالي الصفحات و وصول البحث إلى الثقب الأسود وهو الفتنة الكبرى. فجعل المؤلف يميل بشكل مبالغ فيه إلى مرويات و يختار ما يميل إليه بدون أي موضوعية
العمل لمن يعرف و يحكم قلبه قبل عقله. فنحن نتحدث عن أعظم جيل في التاريخ البشري و ليس الإسلامي فقط. و رضي الله عنهم ورضوا عنه
بدا الكاتب بالحديث عن طقوس الحزن فى الحضارات القديمة وارتباط طقوس المناحة فى عاشوراء بها وهو ماكان يجب ان يشكل موضوع الكتاب الاساسى ولكنه سرعان ماعدل عن هذا الى كتابة تاريخ ماحدث فى كربلاء بل وذهب الى مناقشة تاريخ بعض الاشخاص ودورهم فى المذبحة ولعله بهذا افسد اتساق موضوع الكتاب ووحدته الموضوعية
كتاب سيء لكاتب عشقته كثيرا. خسرنا فاضل الربيعي الذي برع في قراءة الاسطورة العربية، ولم ينجح في تقديم نفسه كمؤرخ للاديان والعقائد. الربيعي ليس مؤرخا، ولا يملك أدوات دراسة الاديان. كتابه هذا لا يقدم أكثر من الاثارة (بالافكار وابرازها اخراجيا) لاغراض ترويجية. مناحتي عظيمة على كاتبي العزيز