What do you think?
Rate this book


271 pages, Paperback
First published January 1, 1955
ترجمة الدكتور جمال الأتاسي و الدكتور سامي الدروبي.
1 – العوامل البيولوجية : وهناك نظريتان تعليان من شأن هذه العوامل، أولها نظرية تنازع البقاء والمرتكزة على النظرة الداروينية للنشوء والارتقاء، وترى هذه النظرية أن كل فرد يحتاج للصراع من أجل البقاء، ولا يبقى إلا الأفضل عن طريق الاصطفاء الطبيعي، وهذه النظرية هي تجسيد للنظرية البرجوازية في السياسة، حيث تجعل من المنافسة مضمار هذا الصراع، ومن التنافس الحر آلية للانتخاب. أما النظرية الثانية فهي النظرية العرقية، وهي التي تنقل هذه الأفكار من مستوى الأفراد إلى مستوى الجماعات، وحسبها فإن بعض العروق أقدر من بعضها الآخر على تولية القيادة، وهنا يصبح الصراع بين العروق العليا والعروق الدنيا هو الصراع السياسي الأساسي، واقرب مثال هو الإعلاء من العرق الآري الذي نادى به النازيون في ثلاثينيات القرن الماضي.
2- العوامل النفسية : عكس الماركسيين الذي يولون العوامل دورا ثانويا في الكفاح السياسي، نجد أن الغربيون، وبحكم دور الفرد في هذه العملية يعطي أهمية كبرى للعوامل النفسية للأشخاص الذي يتصارعون من أجل السلطة. وقد تم تعريفها أول الأمر على أنها أخلاق تستمد من لاهوتيي القرون الوسطى، ترى أن شهوة السيطرة من الشهوات الانسانية الأساسيةـ إلى جانب الشهوة الجنسية وشهوة المعرفة، وتشهر بلذائذ الجسد والفكر والسلطة، وتعد هذه الأخيرة أساس الصراعات السياسية. ثم ذهب اللبراليون إلى تفسير أبسط من ذلك، فقالوا أن الأساس في الصراعات السياسية هو سعي كل فرد إلى أكبر قدر من المنافع بأصغر قدر من الجهد، وهذا هو مذهب جيريمي بنثهام في النفعية وخليفته جون ستيوارت مل، وجعلوا هذه قاعدة التنافس الاقتصادي والسياسي على حد السواء. غير أن تطور علم النفس، ورغبة في الوقوف في وجه أفكار ماركس، بدأ الغربيون يضخمون آراء فرويد ويعللون جميع النزاعات السياسية بكونها ناتجة عن عقد نفسية. كذلك يذهب آلفريد آدلر وهو أحد المنشقين ��ن فرويد إلى أن الوحشية والاستبداد كثيرا ما يكونان تعويضا مغاليا عن الشعور الأليم الذي يحسه أشخاص أوتوا قامات قصيرة أو جسما سيئ التكوين وضرب مثالا بالقيصر، نابليون، هتلر، ستالين، موسوليني وفرانكو، وي��هب أيضا إلى اعتبار الميول الاستبدادية ميول أساسية، وغريزة السيطرة هي المحرك الأساسي للإنسان كما يحلها محل "الليبيدو" الذي جاء به فرويد.
6 – العوامل الثقافية : لا يرى الماركسيون دورا للثقافة في الصراع السياسي، فالعقائد والتصورات الجماعية والمذاهب ليست إلا صورة تمثل الطبقات، فهي من المجتمع في بنيانه الفوقي، ولئن كان البنيان الفوقي يؤثر في القاعدة فهذا التأثير ثانوي ومحدود. أما الغربيون فيرون أن الصراعات السياسية صراعات بين عقائد قبل كل شيء، والمؤسسات تلعب فيه دورا كبيرا.