What do you think?
Rate this book


400 pages, Paperback
First published January 1, 2011
كثيرون كتبوا عن محفوظ و لكن محمد سلماوي يتميز عن الجميع بقربه الشديد من كاتبنا العظيم و خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة من حياته و فيها فوزه بجائزة نوبل و الإعتداء الآثم عليه و حتى وفاته و بين ذلك من لقاءات و زيارات و كلمات و تكريمات حضرها كلها سلماوي مع محفوظ سواء معه أو نائبا عنه و كذلك لقاءه الأسبوعي المنتظم به على مدار سنوات. كل ذلك جعل من مادة هذا الكتاب مادة خصبة و ثمينة لا يمكن مقارنتها بغيرها من الكتب عن أديب نوبل الوحيد بين الأدباء العرب.
لو كنت متشائما ما كتبت. إن عملية الكتابة في حد ذاتها هي فعل متفائل. لأنها تؤكد أن الكاتب يعتقد أن العالم رغم كل ما يمكن أن يكون به من مآس يمكن أن يكون أفضل مما هو عليه.
كان عبدالناصر أكثر من أنصف الفقراء. لقد أعطاهم الكثير. و ما لم يستطع تحقيقه أعطاه لهم أملا. لذلك فالناس لا تنساه أبدا. لأن الأمل لا يموت. و ربما كان هذا هو السبب الذي يجعل اسم عبدالناصر و صوره ترتفع في كل مظاهرة شعبية تخرج حتى بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على رحيله. إن لعبدالناصر حسابا أخر مع الجماهير. لا يعتمد على المعارك السياسية أو العسكرية التي خاضها و ما كسبه فيها و ما خسره.اشتمل الكتاب على أراء سياسية و أدبية و لقاءات مع زوار من أنحاء العالم لبيت محفوظ و حوارات ممتعة معهم عن السياسة و العلم و الحضارة و بالطبع الأدب و الثقافة.
التكامل بين النهضة العلمية و النهضة الأدبية هو الذي يصنع الحضارة. لكن كل حضارة لها جانب هو المميز لها. مثل الدين في العصور الوسطى أو العلم في العصر الحديث.و عن اعتزاز محفوظ بالقرآن الكريم و تأثيره عليه و ظهور ذلك في أحاديثه المتنوعة كما في أدبه و قصصه.
لكن كان من رأيي دائما أن يكون العالِم في معمله غير مقيد بأي قيود .. فيجب ألا نقف في وجه العلم بحجة المشروعية الأخلاقية. لأن لكل شيء جانب الشر و جانب الخير. و أن نمنع التقدم متصورين أننا بذلك نمنع الشر. فهذا غير صحيح لأننا سنفقد التقدم دون أن نتمكن من القضاء على الشر.
أسلوب الرواية الجديدة الذي يرى أن رواية القصص يجب أن يبتعد عن التسلسل التتابعي للأحداث ليس جديدا علينا. فهو لا يختلف كثيرا عن أسلوب القرآن الكريم في سرد القصة. حيث نجد في قصة مريم ما يرد في سورة ثم بعد عدة صور يرد جزء أخر و هكذا.و عندما يقوم نجيب محفوظ بترشيح كتب لنا فلا نملك إلا القراءة.
أول كتاب يحضرني هو بالطبع القرآن الكريم. أما بعد ذلك فأذكر لك مثلا ألف ليلة و ليلة باعتبارها من أهم القصص الروائي التي عرفها الإنسان. و قد كان لها تأثير كبير في الآداب العالمية كلها. ثم تأتي تراجيديات شكسبير التي جسدت المآساة الإنسانية كما لم يفعل أحد قبله و أو بعده. و أنا أذكرها كلها لأني لا أستطيع أن أفاضل بينها. ثم تأتي بعد ذلك مجموعة أعمال روائيي روسيا العظام في القرن التاسع عشر. تولستوي و دوستويفسكي و تشيكوف. و يليهم كتاب عظيم في الشعر الصوفي هو ديوان حافظ الشيرازي الذي كنت كلما انتهيت من قراءته بدأت فيه من جديد.في مقال جميل لسلماوي بعنوان العلم و التحديث في فكر نجيب محفوظ ضرب سلماوي أمثلة كثيرة للاتجاهات الفلسفية لأبطال روايات محفوظ و هي اتجاهات متباينة جدا مثل تأثير سقراط سبينوزا و شوبنهاور و هنري برجسون على كمال في الثلاثية. أو أرشميدس و نيوتن في حكاية بال بداية و لا نهاية. و يركز أيضا على دور العلم و العمل مقابل دور التدين و التصوف و أن طريق محفوظ دائما يكون بالمزج بينهم لا بوضعهم في مواقف متقابلة متضادة فهو دائما يرى أن العلم و الدين هما مقابل الجسد و الروح و لا وجود لمجتمع حقيقي و متقدم و واعٍ بدونهما معا.
رغم كل ما يجري حولنا. فإنني ملتزم بالتفاؤل حتى النهاية. لا أقول مع الفيلسوف كانط أن الخير سينتصر في العالم الآخر. فإنه يحرز نصرا كل يوم. بل لعل الشر أضعف مما نتصور بكثير. و أمامنا الدليل الذي لا يجحد. فلولا النصر الغالب للخير ما استطاعت شراذم من البشر الهائمة على وجهها عرضة للوحوش و الحشرات و الكوارث الطبيعية و الأوبئة و الخوف و الأنانية .. أقول لولا النصر الغالب للخير ما استطاعت البشرية أن تنمو و تتكاثر و تكون الأمم. و تكتشف و تبدع و تخترع و تغزو الفضاء و تعلن حقوق الإنسان. غاية ما في الأمر أن الشر عربيد ذو صخب و مرتفع الصوت. و أن الإنسان يتذكر ما يؤلمه أكثر مما يسره.