كاتب روائي وقاص مصري، من مواليد شبرا الخيمة عام 1986. يعمل بمجال التصميم والإخراج الفنّي للكتب. صدرت له المجموعة القصصيّة "طريق النعنـاع" 2011، ثـم أصـدر ثلاث روايـات، "بورتريـه" 2012، و"ليليان"، التي احتلّت قائمة أفضل 20 كتابًا مصريًا لعام 2013 وفقًا لاستفتاء أجرته جريدة الدستور، و"غياب" 2015، والتي يجرى تحويلها إلى عمل درامي. ويعد "فبراير 87" أحدث إصداراته.
على أن أعترف أنها أول قراءة متفحصة ومتمعنة للكاتب المبدع والصديق الجميل "محمد عبد القوى مصيلحي"، وذلك لتصادف بدء تفقد عالمه، فى قلب معمعة انشاء عالمى أنا، وكتابة مشروع رواية "النحاس"، بالإضافة لمشروع آخر فني، فضلا عن قرارى قطع قراءة "نادى السيارات" واستكمالها بعد "طريق النعناع"، من أجل بعض الإنتعاش. وكى أدخل فى الموضوع مباشرة، وبدءا بالغلاف والعنوان، فقد جاء الأول متسقًا مع الثانى بإضاءة خضراء هادئة محببة، وإن بدا الثانى غامضًا لا يشرح أى شئ، فقط تشعر معه برائحة منعشة مستمدة من ذاكرة مخيلتى قسم الروائح، وذلك كأى وصف حسي يظهر المذاقات والروائح والألوان وبالطبع الملمس.. أما الإهداء فكان شاعريا لفتاة أو سيدة مجهولة، ولنبدأ باستعراض قصص المجموعة:
1- ما بين ضفتى كتاب متهالك الصفحات : تبدأ المجموعة الصادرة عن دار "أكتب" عام 2011، بسرد ينقد المقولات والعبارات الرمزيو التى تبدو وكأن عطبا ما أصابها، مثل (الكلب الذى ينبح لا يعض)، بينما الطفل الذى يستدعيها قد عانى من معكوس مفهومها وفساد منطقها كثيرا، ليس كما يؤكد الجد الكادح.. الطفل الذى يبيع الكتب المتهالكة، بينما فقره المدقع نفسه، يصلح كمادة قصصية بائسة التفاصيل، لكن بين ضفتى هذه المجموعة، التى مازالت جديدة عندى وغير متهالكة. أمنحها 6 / 10. كلمات دلالية: بؤس الفقراء-عمالة الأطفال-الإنسانية 2- طريق النعناع : فى القصة الثانية من المجموعة التى أهدانى نسختها مشكورا الصديق محمد مصيلحى فى ربيع 2012، لكني لم أطالعها إلا فى خريف 2013 لإنشغالى كما أشرت، يبدو كاتبنا مهموما بالتفاصيل الحياتية العابرة فى توقيتها، الغائرة فى انسانيتها، شغوفا بها، فى هذه القصة يستخلص صفات الأولياء المباركين لبطلته الطفلة الملائكية (هناء)، استخلاصا لا يبدو متكلفا أو شديد التصنع، فالأطفال فى الحقيقة أحباب الله الذين يحرسهم بملائكة الحفظ، ولا يمقتهم أحد إلا كتاب أفلام الرعب ! ولو كنت قد حزنت بسبب طفل قصتنا الأولى، فستدمع عيناك حبا لهذه الطفلة الثانية "بندقة" أو .. قرص النعناع. راقنى أن القصة الصوفية هى القصة الرئيسة، لذا أمنحها 8 / 10 . كلمات دلالية: صوفية-روحية 3- ليلة فى القسم : بمناسبة تكرر ذكر محطة "الملك الصالح" أوضح مصادفة أو واحدة من أولى وظائف حياتى العملية كانت بالقرب من سينما (فاتن حمامة)، فكنت أتوجه لعملى يوميا من محطة الملك الصالح. وفى قصتنا الثالثة لا تدور الأحداث هذه المرة عن طفل، بل عن شاب فى مأزق مرورى قاهرى تقليدى، بسبب المدعو "كرامة"، وكليهما من الأشخاص ذوو التوجه المحشش المعادى لكمائن الشرطة، ورغم ذلك فالبطل يخشى النشالين بشدة، كما أنه مدخن – كالمؤلف – ويمقت أدخنة وروائح الحر الكريهة التى تضيق بها الشعب الهوائية البشرية، وهى من المتناقضات الظريفة، لكن وبعد الوصول لـ "كرامة" والحصول على مخدر الحشيش، يقع المحظور ويفقد البطل ماله، لكن لسبب ما يتلقى ما ظن أنه نجدة الهية، وسط وصف للشوارع والإتجاهات يؤكد سلوك المؤلف هذه الطرق، إن لم يكن قد تعرض لذات القصة بتحوير بسيط ! المفاجأة أن ما ظنه نجدة الهية يتحول فى لحظة الى كابوس، يهدده بقضاء ليلة أو أكثر فى المخفر، وهو الهاجس الذى تم استمداد عنوان القصة منه، ثم وبانقلاب مفاجئ يخرج البطل من الكابوس بضربة واحدة، ضربة صحيحة.. لأتلقى قصة كوميدية ماتعة بعد قصتى البؤس والمحبة الصوفية السابقتين.. أمنحها 7 / 10 . كلمات دلالية : كوميديا- مفارقات 4- البؤرة : البطل هنا حانى حد الهوس، محب حد الخلل النفسى، يخيل اليه أن حبيبته لابد وأن تكون طفلة بريئة، وهو يلمس ذلك الشعور فى أعماقه فى حديث ذات ينتهى به المقطع الأول من القصة.. المقطع الثانى تأكيد على الهيام الى درجة الجنون بفتاة، من مجرد صوتها واسمها فقط هى كل المعطيات المادية المتوفرة عنده، والواقع أن (ناهد السماحى) ذات الإسم الموسيقى كانت الملاك الذى يرسمه كل عاشق مراهق فى خياله، قبل أن يعرف معنى المسئولية، والذى رسمه البطل حرفيًا على الأوراق والجدران بغض النظر عن إمكانية عثوره عليها.. المقطع الثالث تعريف "البؤرة" كمكان تجمع البطل ورفاقه، ومزيد من الجوس فى عالم المدخنين، الذين يملكون مزية هامة، وهى أنهم يتعرفون على بعضهم البعض بسهولة، وفى المقطع الرابع أزمة انقطاع الكهرباء شديدة الواقعية، وفى الأخير المفاجأة الكبرى التى تخص "ناهد السماحى".. على أن البطل يشفى من ولعه الزائف .. أخيرًا.. أمنحها 7 / 10 . كلمات دلالية : عاطفة-شبه رومانسية-نهاية درامية جيدة 5 – سيدى الصيدلى : هذه قصة رائعة حقا من أدب الخطابات.. هناك ملاحظة، فقصة (طريق النعناع) تبدو رائعة جدا لكن بالنسبة لمؤلفها أو القارئ، أيهما أوقع، أما هذه القصة فأراهن أنها جذبت انتباه كل كاتب قرأها بشدة، فالكاتب يتميز بالحس النقدي الذى ينمو لديه ولو بدون دراسة مع مرور الوقت، هذا الحس أنبأنى بأنها أولى روائع المجموعة حقا.. لدينا رسائل تبث الى صيدلى، تلخص مأساة الفقر اللعين والمرض الألعن.. تلخصه جيدًا.. أهنئك . أمنحها 9 / 10 بلا تردد . كلمات دلالية : فن السرد-أدب الرسائل 6 – علاقة مع الشمس : بداية قوية للقصة تؤكد سعيك الحثيث يا صديقى كى تخلب لب قراءك بتنويعك لأجواء قصصك.. هذه المرة البداية مع واحدة من أعظم أغانى السيدة فيروز، وتحمل القصة عموما لمحة من النوستالجيا –الحنين الى الماضى- المثالية، والمواكبة لثرثرة الشيخ المسن.. هنا لمحة أخرى تواقة للإنسانية، لأصدقاء الأسفلت وملتحفى السماء، والباعة الذين لم يصادقوا سوى الشمس، التى تسلط لهبها على رءوسهم طيلة النهار أثناء جنى الرزق. لمحة تؤكد رقة الكاتب الكبيرة.. أمنحها 8 / 10 وأمنح انسانيتها 100 / 10 . كلمات دلالية : جهنم الحمراء تصير أنيس، وصديق لدود للكادحين-ملح الأرض-الباعة الجائلين 7 – أعراض مؤقتة : أعرف - بحكم صداقتنا - أن "مصيلحى" من عشاق احتساء القهوة، هنا بطله يتميز بنفس الصفة التى ستحدث التغير الجوهرى لحياته.. استوقفتني جملة (ابقوا فرجوني ساعتها على السجاجيد المتقطعة من كتر إيمانكم ) . طبعا المقصود سجاجيد الصلاة وليس الفرش، وهو تعبير قاس، رغم أن معناه سامى ولطيف؛ فلدي على سبيل المثال سجادة صلاة مصابة بمزقين مكان الأقدام بسبب صلاتى وشقيقاي، وهذا ليس مقياس إيمان فى نفس الوقت، إذ أن الإيمان أعظم من أن يمنح لكثير الصلاة فقط.. المهم أننا لدينا هنا أول قصة نفسية من طراز الخيال العلمى، وبطلها يعانى من عرض مدهش، يتلخص فى الشعور بنوع معين من مشاعر الآخرين، لكنى لا أعرف يا "مصيلحى" : هل تناله كل مشاعر الآخرين؟ وهل شعر بألم جبهة الطبيب الذى ضربه بالثقابة؟ . الأغرب أن مشاعره هذه تتطور الى ما يشبه الـ clairvoyance الإستبصار المستقبلى الفائق، وهى من طراز قصص الـ ESP أو خواص الادراك الحسى الفائق ESP Extrasensory Perception الذى نادرًا ما يتناوله كتاب الخيال العلمى لدينا، رغم ضيق الأفكار فى هذا المجال الغير مطروق عربيا من الكتابة، ورغم نفس هذا الضيق فى مساحة الأفكار الجديدة، إلا أن النطقة التى تناولها مصيلحى جديدة تماما، بحكم قراءاتى لكتاب الخيال العلمى العرب على أقل تقدير.. تبدأ القصة بداية دائرية، أى أن نهاية ما مر به البطل نقرأها قبل أن نعرف ما حدث، والحدث نفسه عبارة عن Flashback وهو مصطلح كان مقصورا على السينما لكن كما تعرفون، فالكتاب وظفوه فى الأدب المسرحى والشعر والرواية، وأعتقد أن القصة قد تدفقت الى عقل صديقى "مصيلحى" بسبب حادث ترك الغاز متسرب داخل المطبخ أثناء عمله لقهوته المفضلة، ذلك الحادث التقليدى المعتاد فى البيوت المصرية. أما صبغ القصة بشعور البطل بمشاعر وآلام الآخرين – الشعور بها حرفيًا – رفع من قيمتها الأدبية بشدة، وجعلها تستحق عندى 8 / 10 . كلمات دلالية : خيال علمى – نفسية – مشاعر - حادث 8 – سماح : آه ! .. هذه آهة استحسان وشعور غامر بالسعادة يا صديقى لتطور هذه القصة فى المستوى. لربما كان سببا وجيهًا أن أبقى الدرجة النهائية لهذه التحفة.. دوما أتجاهل الأخطاء النحوية والإملائية أو المطبعية التى كنت أمر بها، ولا أحسبها متعمدا ضمن الدرجات المنقوصة التى يخصمها رأيى المتواضع، إنما هنا .. وفى (سماح) لم أر أى شئ على الرغم مني.. أصاب حبي لهذه التحفة عيونى بعمى أدبى مؤقت، عن أى سوء قد يكون شابها.. فدوما تظل القصص الإنسانية هى لغة تواصل عالمية، فما يبكى برازيلى أثناء قراءته لـ ( مو يان )، يبكى استرالى يبكى بيروفي ويبكي قاهرى من مواليد (شبرا الخيمة) مثلى ! دوما يجرفنا حنيننا، ودوما يبهرنا القصاصين المهرة أمثالك بقدرتهم على جعلنا نمقت كل البشر فى قصة، ثم نشتاق الى أى لمحة بشرية فى القصة التى تليها مباشرة، القصة المليئة بالوحدة والخوف والبرود الإنسانى والقسوة والضعف المرسومين.. ودوما تظل الحياة طفلة صغيرة .. مثل سماح . أمنحها 10 / 10 ولو عرضت على المجموعة قبل الطبع، لرشحتها كى تكون القصة الرئيسة بلا جدال. كلمات دلالية : بعث الأمل-الحب البشرى-الإنسانية-الوحدة-دفء المشاعر-حب الناس 9 – عند خط الأفق : فى إطار التنويع المحمود والجهد المشبوب فى هذا العمل المضبوط، سنجد فى هذه القصة أسلوب سردى يسمى فى عالم السيناريو بـ ( القطع بالمزج )، وفيه ننتقل بسلاسة بين المشاهد، وكأنها مشهد واحد طويل، متداخلة فيه مشاعر رئيس التحرير، الذى يبدو وكأنه قرر مغادرة كل نظمه الحياتية الى الأبد، وأنه على وشك السعى وراء فكرة حالمة رمزية مهما كلفه الأمر.. المعنى العميق للقصة ذكرنى بعوالم ( باولو كويلو ) الجذابة، لكن المدلولات الدينية المحملة بها، والمتمثلة فيما يراه الديك وما يراه الحمار وفى ذكر جبل الأعراف، نفس الجبل أو السور الذى ألهم ( إدجار آلان بو ) لكتابة قصيدة عظيمة عنه، جعل للقصة سمتها المصري الأصيل، وهو سمت لا يتعلق بأهمية الدين فى حياتنا، بقدر ما يتعلق بجماليات توظيفه عبر القرون فى القصص والحكايات.. هذه القصص تكون من الصعوبة بمكان، حتى أنا نهاياتها تكون عسيرة، الكاتب هنا أدار الدفة كقبطان محنك وسط أمواج الكلمات المتلاطمة، فأمن لنا نهاية بديعة ظللت مأخوذا بها طويلا.. لتصبح ( عند خط الأفق ) صاحبة أقوى نهاية فى المجموعة، وأقوى أفق.. أمنحها 8 / 10 . الكلمات الدلالية : صوفية-رمزية-الحياة والموت-العبور-الإنتقال-الإختيار 10 – هدوء : تبدأ القصة بأسلوب حوارى خالص، وهو نمط لا يعتمد على السرد مطلقا، لكنك رغم هذا تكتشف أسماء الأبطال، وصلات قراباتهم، فتعرف أن البطل الحقيقي غائب فى حجرته، متوار عن المشهد.. البطل الذى هو شيخ فى منتصف السبعين من عمره.. على أن أعترف بصدمتي، بمجرد أن سمعهم الجد، صدمتى التى نسفت ( الهدوء ) نسفًا، لكن الصدمة لم تمنعنى من التساؤل: لماذا بدا الأبناء فى الحوار المطول وكأنهم يتسابقون من أجل إرضاء والدهم�� أم أن هذا جزء حيلتهم الدنيئة كيلا يثيروا غضبه؟ أمنحها 7 / 10 . كلمات دلالية : خداع-خبث-ملائكية-مثالية الشيوخ-حكمة المقتربين من الموت وشفافيتهم-طمع وجشع الأبناء 11 – مناظر : القصة القصيرة المكثفة عبر صفحتين فقط نوع آخر أيضا أجاده "مصيلحى".. قصة قصيرة حقيقية وممتازة الى أقصى حد، الجودة تتفجر منها والتضاد والإستعارة فى عبارة الكفيف الظريف تصرخ بالكوميديا الحريفة.. أمنحها 8 / 10 . كلمات دلالية : قصة قصيرة – المفاجأة 12 – جائعًا أو محترقًا : خيال علمى آخر، بدايته تجذب من مدخل السادية المتخيلة.. تتمتع الأحداث هنا بأصالة حقيقية، وتتسق مع النفس البشرية الأنانية اتساق يبلغ حد التطابق، ويشى المعنى بسوداوية حتمية، مع ارتفاع معدل الجريمة المستمر، وازدياد أعدادنا باضطراد، فوق الكوكب البائس محدود الموارد.. نحن أيها السادة برفقة رجل ميت، يجلس قبالة عد تنازلى من خمسة دقائق فقط قبل الموت، وبصحبة أفكار وذكريات تناسب ذكريات شيخ تسعينى.. حقا شاخ أبطالنا، بدءا من طفلين فى أول المجموعة، وحتى جدين هرمين قرب خواتيمها، مما يشعرك أنك قطعت أعمارا كاملة، فى أثناء مرور قطار هذه المجموعة سريعا.. ورغم ذلك تنتظرك واحدة من أقوى مفاجآت المجموعة، إن لم تكن أقواها على الإطلاق فى نهاية هذه القصة.. مفاجأة ما قبل النهاية.. أمنحها 8 / 10 . كلمات دلالية : رغبة شيخ أخيرة ! 13 – طفح الطين : ثالث ثالوث (الإفتقار للصحبة البشرية) إياه بعد "سماح" والقصة الماضية، وهو الثالوث الذى يحمل انجح وأنجع تيمات المجموعة طرًا ! هنا فانتازيا لا تخلو أيضا من صبغة انسانية، بحيث تبتعد قدر الإمكان عن نوعية (البوب آرت) – مثلما أكتب أنا مثلا – فيها تناص عجيب بين ما يراه البطل، الشيخ الثالث فى خواتيم هذه المجموعة الآسرة، وبين ما يتخيله فى صندوقه.. ففي الحالتين هو يراقب العوالم والبشر والأزمنة، ولا يراقبه العالم ولا البشر ولا الأزمنة. كما أن سطرًا بديعًا مثل (ويروى الحكايات للأطفال.. كي يأكل !) بدا مهيبًا.. ويلخص أزمة حكائين عظام، اندثروا فى طيات التاريخ لمجرد أنهم لم ينشروا كتبًا حصلت على جوائز دولية، وقصاصين شباب يواجهون نفس الخطر رغم توفر النشر والناشرين، الخطر المزدوج الخاص بكيفية الأكل من الكتابة، والخلود بالكتابات.. ورغم ذلك فهؤلاء وأولئك ظلوا يقصون من نبع خيالهم، فترشف منهم جداول مخيلات الصغار والقراء.. هنا لمحة ساخرة وذكية تخص (ناصر)، وتعقد مقارنة بين جنازتين.. جنازة عرفناها سار فيها الماضى (الكبار)، وجمازة مجهولة سار فيها المستقبل (الأطفال)، وإنه لكذلك أبدا هذا المستقبل .. مجهول وغامض .. أيضا رؤية (زعبولا) رجل (البيانولا) أو صندوق الدنيا لما يشبه الطين على جدراننا ووجوهنا الكالحة، وصف بليغ وكناية ممتازة عما وصلنا اليه من حال، أقرب لطفح الطين، بكل ما يعنيه هذا من مرارة وصدمة مقصودة.. قصة رائعة جدا، تصلح لخاتمة عظيمة لمجموعة قوية، استحقت مني ستة صفحات (فلوسكاب)، فمعذرة على الإطالة، وأتمنى للصديق الجميل، والكاتب المبدع "محمد مصيلحى" كل توفيق وتفوق، وأن يعذرنى مرتين، مرة لتأخرى فى قراءة هذا المشهد القصصى المتنوع الجميل حقيقة، ومرة عن احتمال تكرر هذا التأخر عندما أنتقل للون أدبى آخر، أتشوف وأتشوق لرؤية مدى إجادته فيه، وهو جنس الرواية بروايتيه (بورتريه) و (ليليان)، اللتين أنتظر قراءتهما بشغف كبير، لكن بعد مدة للأسف للإنشغال المتوصال.. وكل تحياتى وتوقيرى وأمنياتى الطيبة..
قصص الإلهام : سيدى الصيدلى – علاقة مع الشمس – أعراض مؤقتة – سماح – عند خط الأفق – جائعا أو محترقا – طفح الطين.
محمد عبد القوي مصيلحي قاص بدرجة مبدع .. بلغة سهلة سلسة يلمس داخلك مشاعر إنسانية بسيطة و يعزف على وتر الإحساس ولا ينفصل عن مجتمعه بهمومه و مشاكله فيطرق عليها و يحاول أن يطلق جرس إنذار في وجوهنا .. مجموعة من القصص تتفاوت في طولها و قصرها و تكتمل في معناها و قيمة إنسانيتنا داخلها .. تدخل إلى قصته الأولى فتتعاطف مع ذلك الطفل الذي أتي من نفس العالم الذي اتت منه طفلة ( يوسف إدريس ) في قصة (نظرة ) .. ثم يجعلك تدخل عالم سحري عجيب لا ينفصل عن الواقع و إن كان في مجمله واقع سحري أشبه بالخيال فيجعلك تشم رائحة النعناع و أنت تقرا .. و يخرج بك إلى عالم القاهرة المزدحم و شخصياته المرسومة بدقة فيجعلك تتوتر متعايشًا مع بطل القصة وقد تكالبت عليه كل المعوقات لتنهي يومه البائس بطريقة درامية مثيرة و ممتعة في الوقت ذاته ..تخرج منها إلى ذلك العالم الرومانسي المصري الأصيل الذي يتمثل في شاب آخر ربما يكون أنت يتشبث في حب وهمي عبر الأثير فيجد نفسه و قد سقط مستيقضًا على حقيقة عجيبة لم ينتبه لها رغم سهولة الوصول إليها ..نتركه في مفاجأته العجيبة لنحزن على ما يحدث في حياتنا دون أن ننتبه له .. تلك المآسي الحياتية التي يعيشها من حولنا دون أن ندري عنها إلا ما يقع أمامنا .. لكن الصيدلي لطبيعة مهنته يعرف القصة كاملة و يتعاطف معها و يجعلك تبكي معه عليها ..تخرج من الصيدلية لتصتدم بذلك الرجل العاشق للشمس و الذي يحيا معها حياته كلها من خلال مهنته التي تتعرف عليها في نهاية القصة .. وفي قصة متميزة نتعرف على أعراض غريبة تحدث لأحدهم بعد موت ابنته - بسببه - فيصل به الأمر إلى أبعد مما قد تتخيل ! ..نعود مرة آخرى إلى تلك المشاعر الإنسانية التي تتفجر من خلال تلك الفتاة "سماح" فنجد أنفسنا حولها ولا نستطيع أن نساعدها أو نقف بجانبها .. فقط نتعاطف معها و نعجب بها .. نتركها مع ساعتها الجميلة و نعرف عن مأساة ذلك الشاعر التائه في اعماق أحلامه بعد موت أمه التي تمثل كل حياته و كيف يتعامل مع واقعه الجديد من خلال الهروب عند خط الأفق ..يودعنا فنلتفت و ننصت إلى ذلك الهدوء فنسمع قصة إنسانية جديدة تجعل دموعنا تنساب دون إرادة منّا .. نتعايش مع ذلك العجوز و نبغض ابناءه دون أن نتصور أن أحدنا قد يكون أحدهم !.. نمسح دموعنا ثم نتوجه إلى غرفة الإعدام -حرقًا أو جوعًا - فتصدمنا تلك الفكرة العبقرية حيث نجد انفسنا في قصة من عالم الخيال العلمي - الإنساني كذلك - المتميزة .. نعيش ذلك الواقع مع ذلك العجوز و تصدمنا وقائع حاضره البغيضة حيث يصبح البشر كالذباب نتفنن في قتله و تعذيبه بمنتهى العبث.. و أخيرًا تنهال علينا أطنان من الطين لتغرقنا في ذلك الوحل - تلك الحياة - لنخرج من عالم الخيال إلى ارض الواقع و تصدمنا حقيقة أن الواقع و الفانتازيا يتكاملان دومًا .. رحلة ممتعة قضيتها مع مجموعة قوية لقاص متميز و كاتب مبدع
من أحب المجموعات القصصية وأقربهم إلى قلبي، أذكر أنني انتهيت منها كاملة في 3 ساعات تقريباً، جالساً فوق رصيف وقد قررت (التزويغ) من المعهد. لا أذكر عن قصصها الكثير، لكن قصة "طريق النعناع" داعبت قنواتي الدمعيه جيداً، كما أذكر القصة الأولى تلك التي تتحدث عن ولد صغير مع جوال.. سوف أعود لقراءتها مرة أخرى غالباً. تلك المجموعة -للأسف- غابت وسط موسم روايات غريب، سيء في أغلبه، تجاري، يلهث أصحابه وراء ملئ الصفحات مثل دراما التلفزيون، ويزن الناشرين الكتب بالكيلو، بينما يركض القارئ وراء غلاف "جامد جداً".. تلك المجموعة سوف ترى النور مرةً أخرى وتنال ماتستحق من إعجاب وتقدير. مجموعة برائحة النعناع هي لقلم يصر أن يكون مختلفاً، إضافة حقيقية وليس مجرد . واحد منهم.
وفي انتظار رواية (مصيلحي) القادمة، "غياب". مفاجأه هي.
مجموعة قصصية لا يمكن وصف روعتها اللغة بها شئ سحري يجعل النفس ترتبط بها وكأنها مراة تحكي احد تفاصيلك الخاصة وكأنك علي موعد ببعض ما يشابهك نفسيا .. بشكل يجعلك متشبث بالكتاب لحد ما تخلص اخر صفحة وتشعر برغبة في تكرار قرائتها الافكار جديدة وفيها روح تجعلك في حالة شغف ممتد لانهاء كل قصة الوصف ممتع..شيق..جذاب جدا تحية لصديقي واخي العزيز محمد وننتظر بشغف كل جديده:)
الحقيقة إنها مجموعة محيرة .. بعض القصص فعلا رائعة .. بعضها كوميدية جدا .. بعضها يبدو كمشهد من رواية .. بعضها فعلا يبدو ضعيف .. الخلاصة أنها مجموعة قصصية أقرب للمجلة القصصيرة
كل مره اقرأ عمل لمحمد عبد القوي نصيلحي،اتأكد من تميزه الملفت طريق النعناع،مجموعه قصصيه انسانيه جدا، الاحساس عالي و راقي، اسلوب ممتع و يصل للقلب مباشره اشكر الكاتب على لغته الرائعه و التعبير المبهر
استمتعت بقراءتها و اتوقع لهذا القلم المتميز نجاح باهر يليق باسلوبه الرائع