Jump to ratings and reviews
Rate this book

الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة

Rate this book
نبذة النيل والفرات:
"الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة" هو كتاب في نقد "علم الكلام"، والمذهب الأشعري منه خاصة، ينتهي فيه صاحبه إلى الحكم على آراء المتكلمين بالبطلان وبكونها لا تصلح لا لـ"الجمهور" ولا لـ"العلماء". وتخصيص المذهب الأشعري بالنقد هنا ليس بوصفه مذهباً خصماً لمذهب كلامي آخر يصدر عنه الناقد، بل لأنه كان يمثل قمة تطور علم الكلام جملة زمن ابن رشد، صحيح أن المذهب الأشعري مذكور بالاسم في كل مسألة من المسائل موضوع النقاش بوصفه الطرف المقصود أساساً.

ولكن صحيح أن هذا النقد يشمل المعتزلة، خصوم الأشاعر، بنفس الدرجة، سواء فيما أخذ هؤلاء عنهم مثل نظرية الجوهر الفرد، أو فيما فارقوهم فيه. ومع أن ابن رشد يستثني المعتزلة عند عرضه الموجز لطرق الاستدلال لدى الفرق الكلامية المشهورة في زمانه، لكون كتبهم لم تصل إلى الأندلس كما يقول، فإنه يجمع طريقتهم إلى طريقة الأشاعرة ويعتبرها من جنسها، وبالتالي فيما يصدق على الأشاعرة يصدق على المعتزلة في هذا المجال، أي أن طريقتهم في الاستدلال هي أصلاً طريقة المعتزلة، وقد وظفها الأشاعرة في نصرة عقائدهم، والعقائد عندما تتحول إلى "مذهب"، أو عندما يتعامل الناس معها، سواء أتباعها أو خصومها، بوصفها كذلك، فإن ذلك يعني أنها أصبحت منغمسة بصورة أو أخرى في الصراع الاجتماعي مما يجعل تاريخ تطورها مرتبطاً بـ"التاريخ" العام والسياسي منه خاصة، وبالتالي يكون لها تاريخها الخاص.

من هنا يبدو واضحاً أ، الشاغل الذي يؤطر تفكير ابن رشد في كتابه هذا لم يكن مجرد شاغل كلامي نظري، بل هو أساس شاغل اجتماعي سياسي يتمثل في "الأضرار" التي نجمت عما قامت به الفرق الكلامية من "التصريح للجمهور" بتأويلاتها، وما نتج عن ذلك من "شنآن وتباغض وحروب" وتمزيق للشرع وتفريق للناس "كل التفرق".

ويمكن القول بأن هذا الكتاب يندرج من جهة تصنيفه في عداد المؤلفات الرشدية الأصيلة التي لم تعرف مراجعة أو شروحاً أو إضافة، وهو يقدم مادة فكرية حيّة، فكان لا بد من قراءتها واستثمارها من جديد، وهذا ما اقتضى أن ترتب وتضبط هذه المادة من جديد في هذه الطبعة التي أعدت فيها إعداداً رصيناً، حيث استهل الكتاب بمدخل ومقدمة تحليلية ومرفقة بشروح للمشرف على مشروع إحياء مؤلفات ابن رشد دكتور محمد عابد الجابري، مضافاً إلى ذلك عمل المحقق الذي قام بتخريج حواشي الكتاب، مع مراعاة شروط القواعد التقنية من التحقيق والمقابلة بين النسخ المعتمدة لديه.

220 pages, Unknown Binding

First published March 1, 2001

17 people are currently reading
522 people want to read

About the author

ibn Rushd

205 books272 followers
Arabic version: ابن رشد
Commentaries of well known Arab philosopher, jurist, and physician Averroës or Averrhoës, also ibn Rushd, of Spain on Aristotle exerted a strong influence on medieval Christian theology.

Abu'l-Walid Ibn Rushd, better as Averroes, stands as a towering figure in the history of Islamic as that of west European thought. In the Islamic world, he played a decisive role in the defense of Greeks against the onslaughts of the Ash'arite (Mutakallimun), led by Abu Hamid al-Ghazali, and in the rehabilitation.

A common theme throughout his writings properly understood religion with no incompatibility. His contributions took many forms, ranging from his detailed, his defense against the attacks of those who condemned it as contrary to Islam and his construction of a form, cleansed as far as possible at the time of Neoplatonism.

After centuries of nearly total oblivion in west Europe, world recognition as early as the 13th century contributed to the rediscovery of the master. That instrumental discovery launched Scholasticism in Latin and the Renaissance of the 15th-century Europe in due course. Since the publication of [title:Averroes et l'averroisme] of Ernest Renan in 1852, notwithstanding very little attention to work of Averroes in English, French showed greater interest.

See more here.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
37 (43%)
4 stars
20 (23%)
3 stars
16 (18%)
2 stars
8 (9%)
1 star
4 (4%)
Displaying 1 - 9 of 9 reviews
Profile Image for Αβδυλλα Aωαςhι.
92 reviews69 followers
February 19, 2016
مراجعة كتاب “ الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة” لابن رشد الأندلسي

في هذا الكتاب يتعرض ابن رشد لتفصيل عقائد بعض المذاهب الفكرية الإسلامية و بالتحديد هي الأشعرية و المعتزلة مع إشارات طفيفة للصوفية ، لكن تبقى المسألة الرئيسية التي يتعرض لها هي النظم العقائدية للفرقتين الأوليين.

يبتدأ كعادته كتبه ببيان الهدف من هذا التقديم و هو بيان الأخطاء التي وقعت فيها تلك الملل فيما يخص العديد من المسائل العقائدية كرؤية الله و معجزات الأنبياء و العدل الإلهي و التجسيم و الجهة ، و حدوث العالم أو قدمه ، و ماهية الزمان ، و المعاد الروحي و الجسماني و علم الله بالجزئيات و غيرها من المسائل العديدة.

يفند ابن رشد عقائد الملتين المذكورتين ثم يقدم البديل الذي يراه ملائماً حسب ما توص له فكره و نظرته للكتاب و تفسيره و منحاه الخاص في فهم المحكم و المتشابه و تأويلهما. و لكن حسب رأيي أنه جانب الصواب في بعض الأحيان و في تعرضه لبعض المسائل كانت مقدماته التي بنى عليها النتائج ليست متينة كمسألة معجزة الأنبياء التي يرى فيها أن المعجزة الكونية للنبي كعصا موسى أو إشفاء المرضى لعيسى عليهما السلام لا تكفي لإثبات نبوته إنما يجب أن تقترنا بالمنهج الجديد الذي يقدمه الأنبياء، في حين كما نرى أن المنهج لا يأتي من النبي إلا بعد إثبات نبوته بواسطة تلك المعجزات الخارقة للعادة و لا يمكن أن تكون البداية عكسية (أي المنهج ثم المعجزات أو المنهج مع المعجزات)

يتبين من الكتاب طبعاً أن ابن رشد يكاد لا يوافق الأشعرية و المعتزلة أياً من آراءهم العقائدية و دائماً ما يكون له طرحه المستقل المبني كما ذكرنا على رؤيته الخاصة للمواضيع.

و من الأمور التي كررها في هذا الكتاب كما في كتابه “ فصل المقال في بيان ما للحكمة و الشريعة من الاتصال” هي معارضته للتصريح بالتأويل للجمهور و برؤيته بأن هناك نوعان من التأويل أو درجتان : درجة للجمهور و يكتفى بالقول لهم حسب رأي ابن رشد “ و ما يعلم تأويله إلا الله” و لا يصرح لهم بتفاصيل الأمور و تفسيرها الحقيقي خشيةً عليهم لأن مستوى أفهامهم لا يناسب ذلك الطرح مستشهداً بالحديث الشريف “ بعثنا معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم”.


و درجة ثانية هي خاصة بالعلماء أو أهل البرهان كما يسميهم و هم الذين باستطاعتهم أن ينفذوا إلى عمق المعنى و يفهمونه و لا يرون المعاني متناقضة و لا خشية عليهم لرسوخهم في العلم، و لكن السؤال الذي يطرح نفسه أو الاشكالية الكبرى التي تواجه هذه النظرة هي كيف يمكن للمتلقي ألا يتساءل وهو يسمع التنزيل / القرآن يتلو عليه بكرة و عشية، فلا بد له أن يسأل عن المعاني و التأويلات للأمور المبهمة التي لا يفهمها و لذلك فإنني أرى هنا أنني لا أتفق مع هذه النظرة لابن رشد مع تفهمي لموقفه الذي جعله يستنبط ذلك و هو الشقاقات و الاختلافات الكثيرة التي حدثت نتيجة التصريح بالتأويل و النفخ على الخلافات ، لكن الحل يكمن في إدارة الاختلافات أكثر من كونه بمنع الاختلافات خصوصاً إذا كان ذلك المنع مشكوك في قابليته للتحقق كما بينا ذلك.

عبدالله عواجي

١٩ شباط ٢٠١٦
Profile Image for Anaszaidan.
587 reviews862 followers
June 8, 2017
لا غرابة أن يتم تضخيم ابن رشد شرقا وغربا. فشروحاته لكتب أرسطو خدمت الكنيسة قديما. في حين أن توكيد ابن رشد لأهمية الفلسفة وعدم تعارضها مع الشريعة، كان المدخل للعلمانيين كي يأكدوا على تنحية الشريعة باعتبار أن كلا الطريقين مفض إلى الحكمة، تماما كي يجري فعل هذا عبر علم المقاصد الشرعية. ولكن هيهات لمن سلك طريق هذرمات الفلاسفة المشائين أن يصل إلى طريق واضح

ابن رشد في تلفيقاته الإسلامية يشبه نكتة السمك المذبوح وفق الشريعة الإسلامية. فهو يؤمن بنظرية الفيض ولكن بطريقة إسلامية، ويؤمن بحرية اختيار العبد لفعله (أي أنه مخير) ولكن وفق ما تمليه عقيدة الفلاسفة في تحكم الأجرام السماوية (العالم العلوي) بالبشر!

وله تفسيرات رعناء للقرآن يدرجها دوما في كتبه. ولكن القراء والكتّاب لم يريدوا أن يفهموا هذا عن ابن رشد. فمن يجله الغربي الذي لم يستطع حل بعض إشكالات كتابه المقدس إلا من خلال شروحات ابن رشد؛ صار مطلبا وطنيا وعروبيا لنا!

أخي القارئ،إذا لم تفهم جزءا من كلامي كالحديث عن العالم العلوي ونظرية الفيض فلا تلق بالا. فما يدرجه ابن رشد من هلوسات أرسطو لن يفيدك كثيرا ولا حتى قليلا.

ويكفيك دليل على هذا ما تفضل به أحد القراء لهذا الكتاب، فقد خرج بنتيجة مفادها أن القراءة في كتب العقائد غير مجدية!...كل هذا بسبب ابن رشد واستخدامه لعلم الكلام والفلسفات اليونانية.. فبالله عليكم، هل كان سيقول مثل هذا لو أنه قرأ سلسلة كتب عمر الأشقر في العقيدة؟!

شتان من يبني ويضيف للناس علما كالأشقر، وبين من يدور حول نفسه، ويحسب نفسه على شيء، وينافح ويرد وكأنه فهم حقيقة دينه.

ابن رشد قال كلاما متناقضا في كل كتبه، وكلاما غير مفهوم إلا بصعوبة، وهو ما يجعل العامي يحار فيقول: هل أنزل رب العباد كل هذا كي أؤمن به؟!

لذلك خرج ابن رشد بنظرية تقسيم الكلام في الاعتقاد بين نخبة عالمة وبين جمهور بسيط. وكأن علم العقيدة سر من أسرار العارفين الصوفيين!

وقد قرأت له كلامه في مسائل العقيدة، فوجدته لا يريد مفارقة تعقيدات الفلاسفة حتى في أبسط المسائل وأسهل المسائل العقدية كصفة العلم لله وغيرها.
. بل يقول في كتابه هذا بأن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها، تعالى الله عن ذلك.

وقد لاحظت بأن محمد عابد الجابري لا يبرز كثيرا هذه المسائل، ربما بسبب أنها ستهدم مشروعه في الانتصار لابن رشد خصوصا والفلسفة عموما

بقي أن أقول بأن العقيدة هي مفتاح وأساس دعوة غير المسلمين، بل وحتى اهتداء الضالين. ومن سمع بكيفية اهتداء علماء الأديان يجد أن أساسها وضوح العقيدة الإسلامية القائمة على النص الشرعي ولا شيء سواه..مقارنة بعقيدتهم التي دخلت في متاهات الفلاسفة!

كتابه هذا من أوضح وأبسط كتب ابن رشد. باقي كتبه كلها متاهات فلسفية، لمن يريد القراءة لابن رشد.ولكن لا أنصح غير المتخصص في القراءة..لأنها بكل بساطة لن تفيده.

دمتم موحدين، غير حائرين ولا مشائين!
Profile Image for Mohammed Yusuf.
338 reviews181 followers
March 18, 2013
بعد فراغي من الكتاب توصلت إلى أن قراءة كتب العقائد ليست من الفائدة الكبيرة بمكان والأسلم للمسلم عدم المرور عليها لما فيها من التشويش على الفطرة الإنسانية البسيطة .. وهي لا تتعدى كونها مسائلا خلافية جدلية
ولنفهم الصورة الكلية للكتاب ننطلق من دخول الفلسفة للكيان المسلم والتي حوطت فكر الأشعرية بنقدها وأخذها كمتجه عقلي و حوطت فكر ابن رشد بنفس الصورة لكن بأخذها تكامليا مع الشريعة وهو ما يعاب عليه فإن حكمة الله لا تقارن أو تفسر بسقف العلم التناقضي الفلسفي ولنعرف مدى أن العلم في عهد أرسطو تغير في عصرنا فغيض كثيرا من فلسفاته لندرك هشاشة ما بنى عليه ابن رشد كثيرا من حججه
أشفى الكتاب غليلي في عديد من المسائل و زاد حيرتي في غيرها إلا أنه خطوة كبيرة في تراث المثقف العربي ولمن يهتم يمكنه المرور عليها
Profile Image for بسام عبد العزيز.
974 reviews1,358 followers
December 3, 2016
قبل قراءتي لابن رشد كان لدى انطباع أنه مفكر عظيم.. فكل من يتحدث عنه يضفي عليه تلك الهالة الأسطورية عن كونه قد تصدى للأفكار العقائدية التقليدية وقام بالدفاع عن الفلسفة كوسيلة للوصول للحق..
كلام جميل لا غبار عليه..
لكن ما حدث أنني عندما قرأت له لم أجد اختلافًا كبيرًا بين ما يقوله وبين كل ما قاله الإسلاميون التقليديون (السلفيون) .. كل ما هنالك أنه فقط يقولها بعبارات أكثر تقعرًا ومختلفة قليلاً...
لنر أمثلة بسيطة:
في معرض حديثه عن الطريقة المثلى لإثبات وجود إله واحد قال ابن رشد الآتي:
"جميع الموجودات التي ههنا موافقة لوجود الإنسان (....) .. فأما كونها موافقة لوجود الإنسان فيحصل اليقين بذلك باعتبار موافقة الليل والنهار والشمس والقمر لوجود الإنسان وكذلك موافقة الأزمنة الأربعة له .. والمكان الذي هو أيضًا وهو الأرض.. وكذلك تظهر أيضًا موافقة كثير من الحيوات له والنبات والجماد وجزئيات كثيرة مثل الأمطار والأنهار والبحار وبالجملة الأرض والماء والنار والهواء.. وكذلك أيضًا تظهر العناية في أعضاء البدن وأعضاء الحيوان.. أعنى كونها موافقة لحياته ووجوده وبالجملة فمعرفة ذلك –أعنى منافع الموجودات- داخلة في هذا الجنس.. ولذلك وجب على من أراد أن يعرف الله تعالى المعرفة التامة أن يفحص عن منافع الموجودات"
هذه العبارات الجميلة عن أن الإنسان أهم كائنات الكون وأن العالم بأكمله مسخر للإنسان وحده أجدها عبارات إنشائية تخالفها الحقائق العلمية... ما الذي يقوله العلم؟ يقول العلم أن الأرض وجدت منذ خمس مليارات ونصف مليار سنة تقريبًا.. وأن الإنسان وجد فقط منذ أقل من مئتي ألف سنة.. هل نقول أن الأرض ظلت أكثر من خمس مليارات سنة تتحضر وتتجهز لقدوم الإنسان؟؟ أجناس ظهرت وأجناس انقرضت ومن اجل ماذا؟ من أجل الإنسان؟؟ ألم يكن الله قادرًا على خلق العالم ملائمًا للإنسان بشكل مباشر عوضًا عن الانتظار لأكثر من خمس مليارات سنة؟! بل ويخلق فيها كائنات ثم يجعلها تنقرض لدرجة أن بعض العلماء يقدر أن 99% من أجناس الأرض انقرضت قبل ظهور الإنسان! ما فائدة أن توجد ثم لا توجد كائنات لم يعاصرها الإنسان أصلًا؟؟ ثم من قال أن كل الموجودات توافق الإنسان؟؟ ماذا عن البكتريا والفيروسات التي تتسبب في الأمراض؟؟ هل وجودها أيضًا "موافقًا" للإنسان؟؟ أي إنسان يرغب في أن يصاب بالبرد بله مرض مميز كالإيدز؟!! لماذا لا نتوقف عن هذا الوهم المسمى بأفضلية الإنسان؟!
ثم ينتقل ابن رشد للحديث عن دلائل عدم وجود إلهين فيقول..
"ومعنى هذه الآية أنه لو كان فيهما آلهة قادرة على إيجاد العالم وخلقه غير الإله الموجود حتى تكون نسبته من هذا العالم نسبة الخالق له لوجب أن يكون على العرش معه. فكان يوجد موجودان متماثلان ينسبان إلى محل واحد نسبة واحدة فإن المثلين لا ينسبان إلى محل واحد نسبة واحدة لأنه إذا اتح��ت النسبة اتحد المنسوب.. أعنى لا يجتمعان في النسبة إلى محل واحد كما لا يحلان في محل واحد.. إذا كانا من شأنهما أن يقوما بالمحل"
كلام متقعر خلاصته ببساطة أن الله يجلس فوق العرش فمن المستحيل أن يكون هناك إلهين لأن العرش لا يمكن أن يحتله سوى إله واحد.. فأنت لا يمكنك أن تجلس على مقعد يجلس عليه شخص آخر.. أليس كذلك؟
بغض النظر عن الأسلوب شديد التقعر والتعقيد (في هذا المضمار أنا متأكد أن كلماتي أكثر وضوحًا وتعطي نفس المعنى) .. فالجملة تفترض وجود "مكان" للعرش و"مكان" لله.. هل معنى ذلك أن الله له كيان "محدد" ؟ له "جسد" فيزيائي مثلنا؟؟ .. أليس الله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ أليس الله متفردًا ليس كمثله شيء؟ كيف يقول ابن رشد أن العرش كيان مادي وأن الله "موجود فوقه"؟؟
ثم ماذا عن مكان هذا العرش من الكون؟ ألا يعني هذا أن العرش يحتل "جيزًا" لا يحتله الله؟؟ أين يوجد الكون أصلُا بالنسبة لله؟ هل الكون له حيزًا يشغله؟ لكن الكون لانهائي... يتمدد باطراد.. فأي مكان قد يتواجد فيه الله إذا كان الكون يحتل كل شيء؟؟ .. وإذا فرضنا أن الله له مكان مختلفًا .. ألا يعني هذا وجود "اثنين" وليس "واحد"؟ اقصد وجود "الله والكون" وليس وجود "الله"؟ فمادام الكون له مكانه والله له مكانه فالكون إذًا يصبح معادلًا لوجود الإله.. ما الذي فرق ابن رشد عن الفكر السلفي؟!! لا أعرف!
الطريف أن ابن رشد يعود لاحقًا فيقول :
"فإن قيل فما تقول في صفة الجسمية (...)؟ فنقول : إنه من البين من أمر الشرع أنها من الصفات المسكوت عنها"
سبحان الله!! إذًا فالجسمية لا تعرف عنها شيئًا ولكنك تستخدمها كدليل لعدم وجود جسمين في مكان واحد ؟!!! كيف يتفق هذا مع ذاك؟ لا أعرف!
بعد الحديث عن إثبات وجود الله ينتقل الحديث إلى إثبات النبوات.. فنجد ابن رشد يضع شرطًا غريبًا لمعرفة نبوة أي شخص من عدمها:
"أما الأصل الأول فيعلم بما ينذرون به من وجود الأشياء التي لم توجد بعد فتخرج إلى الوجود على الصفة التي أنذروا بها وفي الوقت الذي أنذروا وبما يؤمرون به من الأفعال وينبهون عليه من العلوم التي ليست تشبه المعارف والأعمال التي تدرك فتعلم"
هناك الكثير من الدجالين والعرافين الذين يدعون معرفة المستقبل.. وبعضهم تتصادف تنبؤاته مع الواقع.. هل نقول أن هؤلاء أنبياء أيضًا تبعًا للشرط السابق؟ ماذا عن أولئك العلماء الذين يتنبؤون بالزلازل.. لا ليست الزلازل.. درجات الحرارة؟ الكسوف والخسوف بكل دقة؟ هل نعتبرهم أيضًا أنبياء؟
أما عن الشريعة فكيف نعلم انها من الله ؟ نجد ابن رشد يقول شرطًا أكثر غرابة:
"قلنا يوقف على هذا من طرق: إحداها أن معرفة وضع الشرائع ليس تنال إلا بعد المعرفة بالله وبالسعادة الإنسانية والشقاء الإنساني وبالأمور الإرادية التي يتوصل بها إلى السعادة وهى الخيرات والحسنات وإما الأمور التي تعوق عن السعادة وتورث الشقاء الأخروي وهى الشرور والسيئات"
أليس هذا كل ما تدعو إليه الأديان السماوية منها و الموضوعة؟ لماذا لا نقول أن الهندوسية أو البوذية هي أيضًا شرائع من الله بنفس المنطق؟
ومع ذلك فمن حق ابن رشد أن يقول كيفما شاء.. لكن ما اندهشت منه فعلًا هو إصراره على حكر العلم على مجموعة خاصة من الناس.. فطوال صفحات الكتاب يرغي و يزبد عن أهمية حجب كل هذه المناقشات الدينية عن الناس.. وبالطبع فالمبرر المعتاد هو أن عقول الناس قاصرة عن الفهم.. أليس هذا بدعوة إلى وجود كهنوت؟ .. كيف يقول "مفكر" جمل مثل هذي:
"وإذا كان هذا هكذا فإذًا الذي يجب أن يعلم الجمهور من أمر هذه الصفات هو ما صرح به الشرع فقط وهو الاعتراف بوجودها دون تفصيل فيها هذا التفصيل فإنه ليس يمكن أن يحصل عند الجمهور في هذا يقين أصلًا"
الجملة تكررت بأكثر من شكل عدة مرات وجميعها تؤكد على فكرة واحدة.. لا نقول للجمهور أي شيء سوى ان هذا مذكور "هكذا".. فلا يحق لأحد من الجمهور أن يفكر في أي شيء.. وأن فكر في التساؤل فيجب أن تكون الإجابة دومًا "هكذا الأمر"... كيف يقول أي مفكر أن الناس ليس من حقها أن تتساءل؟
كان هناك أيضًا فصلًا يخص الجبر و الاختيار .. كنت أريد نقضه أيضًا.. لكنني أكثر كسلًا من أن أستمر...
الكتاب أكد انطباعي الأول عن ابن رشد بعد كتاب فصل المقال.. لا أعتقد أن ابن رشد كان بهذه العبقرية والاستثنائية التي يحاول البعض إضفائها عليه..
Profile Image for Tariq Al Refaie.
70 reviews35 followers
April 4, 2019
كتاب جيد … و أبدع ابن رشد في نقده لبعض الأدلة الكلامية
و لكن أيضا أعتب على الإمام شدة نقده اللاذع على الامام ابي حامد رحمة الله عليه … و أشعر ان هناك درجة من التعصب المذهبي للفلاسفة عند ابو وليد رحمه الله

بالمجمل الكتاب ليس بالبسيط السهل … ولا بالمعقد الممتنع … فيه بعض المحاور السهلة و فيه ماهو أعقد عليي من كتاب كامل! و أخص بالذكر ( القضاء و القدر، العدل و الجور)
Profile Image for Nasrudin.
23 reviews7 followers
September 7, 2014
تجاوزت غالب ماسود به صفحات الكتاب مؤلفه إذ كان من الجدل الكلامي مع الاشعرية
واكتفيت بتحصيل ماكان غرضي وغرضه كما صرح به أولا أن يكشف عن ظاهر الشرع في مسائل الاعتقاد
لست أوافقه في مسألتي المعجزة والمعاد مما ذكر وأرى ماسواهما حسنا وفيه تنبيه على حكمة الشارع ورجوعا إلى هدي القرآن.
Profile Image for Mostafa.
221 reviews84 followers
April 29, 2022
مراجعة طويلة، معلش.

قرأت أول ٥٠ صفحة من الكتاب فقط وتركته لضعفه. كلامي تحت مبني على هذا القدر من القراءة.

فكرة الكتاب تبدو مشابهة بعض الشيء للمنقذ من الضلال للغزالي، فإن ابن رشد هنا يستعرض عدة مناهج في إثبات مسألة ما، ثم ينقدها ويقدّم ما يرتضيه. شبيه بالغزالي الذي عرض عدة فرق تدعي وصلا بالحق وعرض ما عندهم وما لهم وعليهم وما هو طريقه المختار.

ابن رشد في هذا الكتاب يحاول ينقد مناهج الأشاعرة في الاستدلال. مع وثوقية كبيرة مزجها مع نقده، فكثير ما يقول صناعة الكلام جدلية وغير قادرة على الانفكاك عن مثل هذه الإشكالات التي يقدمها .. إلخ. والإشكالات التي يقدمها حلها بعبارتين ثلاث، فنقده لا يخلو من كونه سوء تصوير لبراهين المتكلمين، أو عدم فهم لآرائهم في مباحث الأمور العامة، وهو يحاول هنا إجبارهم على الرأي الأرسطي للمسألة، مع أن من الواضح أن هذا غير مسلّم عندهم ومُعتَرض عليه من المتكلمين. بعبارة أخرى، نقده يكاد ينحصر ما بين عدم فهم لمنهجهم وبين خلط منهجهم بمنهجه.

وحتى يتبين سوء الطريقة الثانية في النقد، هب أني أحاول أن أنقد مذهب ابن رشد. فأقول: هو يقول أن العالم قديم، وهذا كلام متناقض ﻷن العالم حادث بكل ما فيه من أعراض وجواهر، فكيف يكون قديما وكله حادث؟ هنا أنا أدخلت مقدمة أنا أسلّم بها، وهو لا يسلم بها، ﻷنقده وأخرجه بمنظر المتناقض. هذه طريقة حجاج سقيمة.

ولننقد كلامه في مسألة إثبات وجود الله تعالى مثلا:

يحاول أن يقول أن طريقة الأشاعرة مبنية على تقسيم العالم إلى أجسام وأعراض وأن الأجسام مكونة من أجزاء لا تتجزأ هي الجواهر الفردة، وهي حادثة، فتكون كل الأجسام والأعراض حادثة. هذا أول ما يستتفح به كلامه عن الأشاعرة، وكانت بداية غير مشجعة. في السياق التاريخي لا الغزالي ولا الجويني استخدموا الجوهر الفرد في برهان الحدوث. وهو لا شك عالم بهذا. فإيراده هذا القول، ثم بعدها يقول: والجوهر الفرد فيه إشكالات، وغير متيقن وجوده ولا يتم عليه دليل = إذن، دليلهم على حدوث العالم ووجود الله قائم على مقدمات غير معلومة — أقول هذا يقرب للتدليس.

ومثلا يقول: لو كان العالم حادثا وكان له محدث، فهذا المحدث لا نقدر أن نجعله حادثا ولا قديما، فيكون أمرا محالا، ولا يتم دليل المتكلمين. يقول: ”لكن يعرض في وجود هذا المحدِث شك ليس في قوة صناعة الكلام الانفصال عنه، وذلك أن هذا المحدث لسنا نقدر أن نجعله أزليا ولا محدَثا”. هذا كلامه ووثوقيته، وسبب الإلزام هذا أن الحدوث يؤدي للتسلسل والقديم يؤدي إلى إسناد الحادث إلى القديم وهو محال. وكلامه في تقرير هذا لف ودوران تافه، ولم يعالج الجواب الذي يعطيه الأشاعرة:

الإرادة خصصت وقوع هذا الفعل في هذا الزمان، وهذا أمر وجودي غير متجدد، والمفعول أمر وجودي حادث ومتجدد، والتعلق بين الإرادة والمفعول، وهو الفعل، نسبة ذهنية متجددة، إلا أنها لمّا كانت ذهنية لم يلزم أي محال. فهذه صورة فيها إرادة وفاعل قديم، ومفعول حادث، وفعل حادث. ولم يناقش هذه الفكرة التي يقدمها الأشاعرة.

وأكثَرَ من الكلام في أن هذا أمر صعب ويصعب تخيله ووو، فنقول: ثم كان ماذا؟. بل وهذا الأمر لازم على أصول الفلاسفة أيضا، أعني صدور الحادث عن القديم. بل هو لازم لكل أحد يقول هناك موجود قديم وهناك حوادث، ولا سبيل للخروج من هذه الصعوبة التي يدعيها إذن إلا بنفي القديم أو بنفي الحوادث. فسالفة “هذا أمر صعب” طريقة غريبة في الاستدلال. نعم هذه مسألة ليست باليسيرة، لكن هذه مسألة في دقائق الإلهيات، فلِم يجب أن تكون سهلة؟ ولسنا نكلّف الناس بمعرفة هذه الدقائق.

ومثال أن يخلط منهجه بمنهج الآخرين ليلزمهم قوله: أن المتكلمين لو قالوا أن الجوهر الفرد حادث، فهذا الحدوث قائم بماذا؟ إما يقوم بمعدوم وهو محال أو يقوم بحادث آخر ويتسلسل وهو خلف على مذهب المتكلمين. فيظن بذلك أنه عجّز المتكلمين في دليلهم، وهذا كلام ضعيف ﻷن الحدوث عندهم اعتباري، وهذا معروف. ما قرأ إن قدم الله تعالى صفة سلبية لأنه لو كان موجودا لتسلسل؟ ألا يدله هذا على أن الحدوث من جنس الصفات الاعتبارية هذه؟ أمر غريب. لعله حاول إلزامهم بهذا بناءً على أن الإمكان عنده وجودي، وأنه يطلب مادة قديمة يقوم بها هي الهيولى، لكن المتكلمون لا يسلمون بأن هذه مفاهيم ثبوتية بل كلها اعتبارية من قدم وحدوث ووجوب وإمكان. أنا أحاول أن أضع هذا الكلام في سياق زماني، باعتبار أن الغزالي والجويني لم يستخدموا هذه الألفاظ بالضرورة، لكنها سهلة الفهم من كتبهم. أما فيما وُجد بعد من كتب الكلام، فالأمر واضح جدا. والعجب، إذن، أن تستمر مثل هذه الاعتراضات في هذا الزمان ..

ثم حاول ابن رشد الاعتراض على طريقة الجويني التي قدمها في النظامية من مزج الإمكان في الاستدلال، حيث قال الجويني هذا العالم جائز، وكل جائز حادث يحتاج لمحدث. وإنما قلنا العالم حادث ﻷن كل شيء منه يصح أن يكون أكبر أو أصغر أو غيرها من الصفات. فكل جسم يمكن أن يكون أكبر مما هو عليه أو أصغر، ويمكن أن يكون أسود كما أنه يقبل أن يكون أبيض. بعبارة أخرى، يمكن أن يكون العالم هذا على صورة مختلفة مما هو عليه.

اعترض ابن رشد فقال: كيف تقولون أن هذه الأمور جائزة؟ بل هذا معلوم خلافه إما بالضرورة كما في الإنسان، فإنه لا يمكن إلا أن يكون على ما هو عليه، وإما غير معلوم أنه لِم كان الأمر كذلك، وعدم العلم هذا مثاله من يرى مصنوعا فلا يعرف الحكمة والغاية منه فيظن أن كل شيء منه قد يكون بطريقة مختلفة.

مثال: الواحد ممكن يرى سيارة ويجهل غايتها فيظن أنها كان يمكن أن تكون بلا باب، أو بلا محرك، وبلا تايرات\عجلات. وحينها يكون هذا جهلا في الغاية من السيارة.

قلت: هو هنا يخلط بين قبول الجسم من حيث هو جسم لمختلف الصفات، وبين تسميتنا للأشياء. يعني، نحن نضع لفظ “إنسان” بقبال الجسم الذي له الشكل المعهود، يدان رجلان رأس عينان .. إلخ. ثم يقول لنا بعدها: كيف تقولون يمكن أن يكون الشيء إنسانا وهو غير هذا؟ فإذن يستحيل أن يكون الإنسان على غير ما هو عليه. وهذا خلط، فيبدو أنه يحاول أن يُرجع المسألة إلى الاصطلاح، لأن الإنسان ليس إلا ذلك الشكل المعهود، فلا يمكن أن لا يكون على غير هذا الشكل. فنقول: هذا من حيث أننا اصطلحنا لفظ “إنسان” على هذا الشكل، فنعم لو تغير شكله، لن يكون “إنسان” على هذا المصطلح، لكن هذه مصطلحات وأسماء وألفاظ، وما دخلنا فيها يا حكيم؟! المسألة أن الجسم نفسه يقبل أن يكون على خلاف ما هو عليه. يمكن أن يكون جسم هذا الإنسان أطول مما هو عليه بمرات، أو أقصر، أو بخمسين يد، أو بأجنحة، فهو -من حيث أنه جسم- يقبل هذه الصفات. وهذه قضية تقرب للبداهة.

أما مسألة الغائية والحكمة والمثال المذكور، فكثير منه لا يسلم المتكلمون به، فالفعل ليس لغاية عندنا. لكن، نتبرع، ونقول إنه يجوز أن يكون للغاية الواحدة طريقان أو ثلاث طرق موصلة لها. فيجوز أن يكون العالم على غير ما هو عليه لتحقيق نفس الغاية، ولا يعجز ربك شيء. أو أن يكون الغاية شيء آخر، فيكون العالم على غير ما هو عليه.

فالحاصل أننا نتوصل إلى أن نظام العالم هذا يصح ارتفاعه ووجود غيره، بل كون صفات الأجسام صفات ممكنة أمر قريب من البديهي فعلا. ونقده ضعيف.

الآن ابن رشد يستعرض هذه الاعتراضات ليقول أن الطريق الكلامي ضعيف في إثبات مطلوبه ﻷنه لا العامة تفهم هذا الكلام، ولا الأدلة نفسها صحيحة، ولا الإشكالات التي توجه عليه يقدر علم الكلام على حلّها. والصراحة، أشوف هذه سوالف. أما مسألة عدم فهم العامة لها، فنقول: نفهّمهم، ونقرب لهم المسائل، وندعي أن كثيرا من هذه المسائل يمكن تقريبه جدا ﻷقل الناس ذكاءً. أما الاعتراضات التي قد تعرض فإنها لن تعرض في ذهنهم، ولو عرضت أمكن الترقي بفهمهم للحيث الذي يفهموا به هذه الاعتراضات وحلها. بعبارة أخرى: ليس ابن رشد وحده الذكي أو الذي يستطيع أن يتعلم، الكل يقدر.

طيب، أيش اقتراحه الأفضل لدليل وجود الله تعالى؟ قال: دليلان

دليل العناية، وخلاصته أن هذه السماوات والأرض حاصلة على هيئة تمكن الإنسان من الوجود والعيش والاسترزاق والمأكل والملبس .. إلخ. وهذا معلوم بالمشاهدة، وأن إذا كان هذا شأن هذه السماوات والأرض دل على أن لها خالقا صانعا جعلها على هذه الطريقة بالضرورة. فهو يدعي أن الكبرى ضرورية أولية، والصغرى من المشاهدات فتكون من الضروريات الست.

وهذا الدليل، بهذه الصورة واهٍ جدا. ﻷن الكبرى تُنازع ويُقال: ليس هذا بأمر ضروري. والذي يعضد عدم ضروريته أن كثيرا من علماء الطبيعيات حاليا ملحدون، وهم أعرف الناس بملائمة نظام الكون لوجود الإنسان، ولم يحصل لهم العلم بمعرفة الله تعالى، مع علمهم بالمقدمة الصغرى. فالمشاهدة حصلت لهم. فلم يبق إلا الكبرى محلا للإشكال، ولما كان كثير غير مذعن لهذه من علماء غير معاندين -فلا يُقال أنهم مسفسطين، ولا غافلين عن هذه الضروريات- دل ذلك على أنها غير ضرورية.

والاستدلال عليها إما يرجع إلى الطرق الكلامية حتى يتم الدليل، أو يبطل الدليل كله. فهذا سؤال قوي يعجز عن حله بطرقه الفلسفية، أو يعجز عن شرحه للجمهور. فما يحاول إلزامه للمتكلمين، هو غير منفك عنه.

ثم هذا الدليل معتَرض عليه بطريقة أخرى وهي أن الدليل يبحث عن سبب لحصول هذا النظام الملائم للإنسان، ويقول أن السبب هو الله تعالى. لِمَ لا نقول أن السبب هو أن هذا النظام واجب، فلا يكون إلا كذلك، فيكون تفسيره ذاته، ولا يطلب خالقا. وحينها يعجز ابن رشد عن الجواب بنفس الطريقة التي حاول تعجيز المتكلمين بها، أعني أنها ستبنى على مقدمات فيها صعوبة أو أن العامة لن تفهمها كما يدّعي. بل ابن رشد عاجز عن الانفكاك مطلقا عن هذا، فإنه نقد المتكلمين لأنهم قالوا يجوز أن يكون العالم على صورة غير هذه، ويكون النظام غير هذا النظام، فهو إذن يقول أن هذا النظام يجب حصوله ولا يجوز تبدله أو تغيره أو وجود غيره. فإن كان كذلك، لِم نطلب صانعا يا حكيم؟

فهذا الدليل الأول وهو شديد الضعف.

ثم يذكر دليل الاختراع وهو أن هذه الموجودات مخترعة، ولكل مخترَع مخترِع، وهو الله تعالى.

هذا دليل أكثر ضعفا من الأول بهذه الصورة، وهو يدعي أن العلم بالمقدمتين حاصل في فطر جميع الناس، فتكون هذه المقدمات ضرورية أولية. وهي ليست كذلك، لأننا نعلم أن كثيرا من الناس غير المعاندين غير حاصل لهم العلم بالمقدمة الأولى. والصغرى هذه لا يتم الاستدلال عليها إلا بالطرق الكلامية، أما ما ذكره فحرفيا سواليف. وأنا أورد كلامه هنا:

“وهذه الطريقة تنبني على أصلين موجودين بالقوة في جميع فطر الناس، أحدهما: أن هذه الموجودات مخترعة، وهذا معروف بنفسه في الحيوان والنبات ... فإنا نرى أجساما جمادية ثم تحدث فيها الحياة فنعلم قطعا أن ههنا موجِدا للحياة ومنعِما بها، وهو الله تبارك وتعالى. وأما السماوات فنعلم من قبل حركتها التي لا تفتر أنها مأمورة بالعناية بما ههنا ومسخرة لنا، والمسخر المأمور مخترَع من قِبل غيره ضرورة”

هذا كلام مضحك الصراحة. تخيل أن من يقول هذا الكلام هو هو الذي يحاول نقد البراهين الكلامية من إمكان وحدوث ويقول هذه أدلة خطابية؟

هذه الدليل يسقط بمجرد أن تذكر نظريات علمية تفسر الأمور التي يقولها، أو تذكر أي احتمال آخر، أو تعجزه بأن هذا النظام والحال واجب، بل هذا ما يقوله كثير من الناس “إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر”، أن الأمر على ما هو عليه عشان الدهر، النظام، “هي هيك”. ومهما أورد عليه شيء من هذه الاحتمالات لم ينفك عنها أمام الجمهور بطريقة مرضية عنده.

وأنا ما أعرف هل الاهتمام الحداثي بابن رشد لأن أدلته على وجود الله تعالى بهذا الضعف؟ بحيث يمكن للعلمانين ساعتها يقولوا: العلم الحديث لم يبق مجالا لله تعالى؟ ﻷن على طريقة ابن رشد هذا أمر سهل إبانته فعلا.

عموما، كلما تأملت في الطرق الكلامية زاد عندي اليقين بأنها هي الطريق الصحيح. وكلما نظرت في نقد الناقدين لهذه الطرق، زاد يقيني بأن الطرق الكلامية صحيحة، ﻷن لو كل نقد يوجه لهذه الطرق يكون هكذا، فهذا أدل شيء على أنها طرق صحيحة. وكلما نظرت في المناهج والاقتراحات البديلة لهؤلاء النقاد، زاد يقيني أن الطريق هو الطريق الكلامي. ومن عجب فعلا أن النقودات التي تأتي من المتكلمين لطرقهم وتدقيقاتهم هي أقوى بمراحل من نقد نقادهم.
Profile Image for Albaraa Radwan.
14 reviews7 followers
March 9, 2015
طبّل راسي ... بس تعبّى صح

خمس نجوم بدون نقاش
1 review
Want to read
May 15, 2019
ابن.رشد الفيلسوف القرطبي الامزيغي المغربي
This entire review has been hidden because of spoilers.
Displaying 1 - 9 of 9 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.